“من المنتظر أن تعود جزر مضائق تيران للظهور بقوة على شاشة الاعلام والدبلوماسية في وقت وشيك كونها ستكون موضع تفاوض بين إسرائيل وأقوى دولة عربية صاحبة السيادة الأصلية عليها (السعودية)”، يعود الكلام الذي كتبه الصحفي الأردني المقرب من الدائرة الملكية “نصري المجالي” إلى العام 2012.
تحت عنوان: “جزر صنافير وتيران بوابة السلام السعودي – الإسرائيلي”، قال المجالي: “إن الجواب الذي غالباً ما تتهرب منه المصادر السعودية في ردها على سبب تأخر عقدها لسلام مع “إسرائيل” يتمحور حول الوضع النهائي لجزيرتي صنافير وتيران السعوديتين الواقعتين على مدخل خليج العقبة على البحر الأحمر”.
ويبدو أن وضع الجزيرتين السعوديتين قد عولج، وهو ما كشفت عنه رزمة الاتفاقات التي وقعها الملك السعودي مع الرئيس المصري يوم أمس الجمعة. صحيفة “عكاظ” السعودية قالت إن الملك السعودي حقق الحلم، فيما تحدثت صحيفة “الشرق الأوسط” عما وصفته بالاتفاقات التاريخية المتعلقة بإنشاء الجسر وترسيم الحدود البحرية بين السعودية ومصر والتي تشمل وضع الجزيرتين.
ماذا عن قصة الجسر الذي يصل السعودية بمصر؟
28 عاماً مرت على اقتراح إنشاء جسر بري يصل بين البلدين، جسر الملك فهد أو جسر الملك عبدالله أو حتى جسر الملك سلمان، التسميات مختلفة لمشروع واحد طرحته السعودية مراراً، ليطوى في كل مرة ملفه في أدراج وزارتي النقل المصرية والسعودية.
يربط الجسر بين منتجع شرم الشيخ في مصر و رأس حميد بتبوك شمال السعودية عبر جزيرة تيران.
الملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز كان أول من طرح الفكرة عام 1988، خلال القمة التي جمعته بالرئيس المصري حسني مبارك، ليتراجع الأخير عن الفكرة بعد أيام.
وفي العام 2007، أعادت وسائل الإعلام السعودية طرح المشروع، مجدداً جاء الرفض على لسان مبارك بحجة أنها ستؤدي إلى الاضرار بالمنشآت السياحية في شرم الشيخ. يومها عزا المحلل السياسي بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية عمرو الشوبكي موقف مبارك إلى أسباب أبرزها الضغوط الإسرائيلية والأميركية الهائلة للحيلولة دون تنفيذ المشروع، موضحاً أن “إسرائيل تعتبر إنشاء هذا الجسر خطراً على أمنها الإستراتيجي لأنه سيغير من الطبيعة الجغرافية والسكانية لسيناء. وهذا خط أحمر لدى إسرائيل لن تسمح لأحد بتجاوزه”.
وتزامنت تصريحات مبارك مع تهديدات نشرها موقع “ديبكا” الاستخباراتي والذي هدد بإمكان تفجر صراع مسلح، معتبراً أن تشييد الجسر ستكون له عواقب وخيمة على كيان العدو، مذكراً بأن “إسرائيل أعلنت الحرب عام 1967، عندما أغلق (الرئيس المصري الراحل جمال) عبد الناصر مضيق تيران أمام حركة السفن الإسرائيلية”.
بعد إسقاط الرئيس مبارك، تحديداً في العام 2012 عادت وسائل الإعلام السعودية للحديث عن “ربط السعودية ومصر بجسر الملك عبدالله” وفق ما عنونت “العربية نت”، ونقلت صحيفة “الوطن” عن مصدر في وزارة النقل السعودية أن العمل على المشروع سيبدأ مع منتصف العام 2013، بكلفة مبدئية تبلغ 3 مليارات دولار. الإذاعة الإسرائيلية علقت على المشروع يومها، ورأت فيه تهديداً استراتيجياً للكيان ومخالفة للاتفاقية التي وقعها مصر، والتي تنص على حرية الملاحة الاسرائيلية عبر مضيق تيران.
الموقف الإسرائيلي يفسره الأهمية الاستراتيجية للجزيرتينن تقع تيران وصنافير شمال البحر الأحمر وعند مدخل خليج العقبة، تبعد الأولى عن شرم الشيخ حوال 4 أميال، وإلى الشرق منها وعلى بعد 2 ميل تقع صنافير .. وتعود اهميتهما إلى: وقوعهما عند مدخل خليج العقبة ما يجعل الخليج شبه مغلق جغرافياً، ويجعلهما تتحكمان بالملاحة الدولية في خليج العقبة.
بعد توقيع معاهدة “كامب ديفيد” عام 1979، تنازلت مصر الجزيرتين لصالح سيطرة قوات دولية متعددة الجنسيات عليهما، وبحسب البروتوكول العسكري للمعاهدة وُضعت كل من جزيرة صنافير وجزيرة تيران ضمن المنطقة (ج) المدنية التي لا يحق لمصر بتواجد عسكري فيها مطلقاً. ولم يعد يحق للمواطنيين السعوديين والمصريين زيارة الجزيرة إلا بالتنسيق مع القوات الدولية المتواجدة بالجزيرة، كما مُنعت السفن الحربية المصرية والسعودية من الاقتراب من الجزيرة دون إذن من القوات الدولية. حتى أن السفن السياحية المصرية القادمة من شرم الشيخ كانت تكتفي بالطواف حول الجزيرة او بجانبها دون النزول إلى الجزيرة.
في زيارته إلى مصر، أعلن الملك السعودي إنشاء المشروع الذي حُكم عليه سابقاً بالإعدام. الفكرة التي أطلقها فهد بن عبدالعزيز، وسعى إلى تنفيذها شقيقه الراحل عبدالله، باتت تحمل إسم: جسر الملك سلمان، مصداقاً للمثل الشعبي: “يقشرها عبد الله ويأكلها سلمان”! أعلن الملك السعودي عن إنشاء الجسر ووصفه الخطوة بأنها “تاريخية” لناحية” الربط البري بين القارتين الآسيوية والإفريقية”.
التطبيل الإعلامي بالخطوة، قابله صمت مطبق في “إسرائيل”. أياً من المواقف أو التعليقات لم تخرج من الأراضي المحتلة، والتهديد بخطوة كان ينظر إليها على أنها تشكل خطراً على أمن كيان الإحتلال، تحوّل إلى إشادة بالمرحلة الجديدة في الحرب على الإرهاب التي دشنها الملك السعودي والرئيس المصري من خلال الاتفاقيات التي أُعلنت بالأمس، وفق تعبير موقع “ديبكا” نفسه.
ما الذي يدفع الإحتلال إلى القبول بالمشروع الذي يبقي أمنه الملاحي مكشوفاً؟ بصيغة أدق ماذا قبض الإسرائيلي ثمن قبوله بتمرير المشروع؟
على مدار السنوات الأخيرة، وفي الأشهر الماضية تحديداً قدمت السعودية لكيان العدو الكثير، أنفقت المملكة المليارات لتمويل الحرب ضد سورية، غضت الطرف كلياً عن عمليات القتل المستمرة في فلسطين، ورفعت الغطاء السياسي علناً هذه المرة عن لبنان، أما الأهم فهو تصنيفها لـ “حزب الله” منظمة إرهابية وممارستها الضغوط على الأنظمة العربية لمجاراة قرارها.
التقديمات الكبرى، رافقتها تقديمات متعلقة بوضع الجزيرتين… في إجابة مختصرة يوضح المغرد السعودي “مجتهد” أن “جسر السعودية-مصر مشروع قديم لم ينفذ بسبب اشتراط إسرائيل:
١) مراقبة كل مراحل التشييد
٢) المشاركة في إدارته
الجديد أن السعودية و مصر وافقا عليها”