أعلنت الهيئة العامة في “تجمع العلماء المسلمين” في بيان ختامي تلاه رئيس هيئتها الإدارية الشيخ الدكتور حسان عبد الله، بعد اجتماعها الدوري، أنها “تباحثت في الأمور العامة، التي تهم الأمة الإسلامية عموما، والوضعِ في لبنان خصوصا”.
وأشار البيان إلى أن “الاجتماع بدأ بعرض الذكرى الأليمة لمجزرة صبرا وشاتيلا، التي نفذها العدو الصهيوني وذهب ضحيتها المئات من أبناء الشعب الفلسطيني واللبناني، وإلى الآن لم يقم ما يسمى بالمجتمعِ الدولي باتخاذ أي حكم في هذا الخصوص لا في محكمة الجنايات الدولية ولا في غيرها من مؤسسات ما يسمى بالعدل الدولي”.
ولفت إلى أن “هذه المجزرة التي ارتكبت عن سابق إصرار وتصميم وأدت إلى تدمير المخيمين، كان الهدف منها أن يصار إلى إنهاء المخيمات، بعد خروجِ القوات الفلسطينية من لبنان بعد الاجتياحِ الصهيوني عام 1982، والتي كان يراهن العدو الصهيوني بأن تتم السيطرة التامة على لبنان وإدخاله في اتفاقية سلام هي في الواقعِ استسلام مع العدوِ الصهيوني”، وقال: “ما حصل كان مغايرا لكل توقعاتهم، فقد انبرى من بين الشعب اللبناني فئة حملت السلاح وقاومت الاحتلال الصهيوني، واستطاعت بعد جهاد طويل أن تخرج هذا العدو من لبنان من دون قيد أو شرط، وكان الانتصار المؤزر في 25 أيار 2000”.
أضاف البيان: “إن استذكار مجزرة صبرا وشاتيلا يجعلنا ننظر الآن بكثير من الحذر لما يحصل في مخيم عين الحلوة، ونعتبر أن هذا ما يحصل هناك هو استمرار لمسلسل إنهاء المخيمات، فبعد مخيم تل الزعتر ومخيم الضبية ومخيم صبرا وشاتيلا، ثم مخيم نهر البارد، يأتي اليوم دور مخيم عينِ الحلوة، وهو أكبر مخيمات الشتات، والهدف من وراء تدميره إنهاء حق العودة من أجل ترتيب عملية التطبيعِ ما بين الدول العربية والكيان الصهيوني”.
وتابع: “إن العقبة التي تقف أمام إتمام الاستسلام للعدو الصهيوني ما زالت قضية اللاجئين الفلسطينيين، هم يريدون اليوم التخلص من مخيم عين الحلوة من أجل أن يدمجوا الشعب الفلسطيني الموجود في المخيم بعد تهجيره في داخل البيئة اللبنانية مقدمة لتوطينهم”.
وأعلن التجمع “رفضه عودة الاقتتال إلى مخيم عين الحلوة”، معتبرا إياه “محرّماً شرعاً ونطالب بتكريس الهدنة ، ونرفضُ التحجج بأي ذريعة للعودة إلى المعارك”.
وأكد أن “تسليم المطلوبين في عمليتيِ الاغتيال هو أمر واجب على الجهات التي ينتمون إليها”، معتبرا أن “عدم تسليمهم هو اشتراك في المؤامرة المحاكة على مخيم عين الحلوة، ومن يرفض التسليم يساهم من حيث يريد أو لا يريد بالمشروع الأكبر، وهو إنهاء المخيمات وإنهاء حق العودة”.
واعتبر أن “حل الإشكالات في داخل المخيم لا يكون من خلال اللجوء إلى السلاحِ، بل لا يجوز اللجوء والاحتكام إلى السلاح، ولا بد من الحوار ِكطريق وحيد من أجل الوصولِ إلى قواسمَ مشتركة تؤدي إلى حل المشاكل من دون تعريض حياةِ المواطنين وأملاكهم للخطر”.
وحذر “من أن يكون ما حصل في مخيم عين الحلوة هو من ضمن الصراعِ الفلسطيني – الفلسطيني للإمساكِ بزمام الأمور وبالسلطةِ في داخل فلسطين”، داعيا “عودة كلِ الفصائل الفلسطينية إلى خيار الشعب الفلسطيني الموحد، وهو المقاومة ضد العدو الصهيوني”.
وأشار إلى أن “الأمر الثاني الذي بحثته الهيئة العامة كان موضوع الشذوذ الجنسي، الأمر الذي تسعى إليه الدوائر المظلمة المتحكمة بالعالم، من أجل القضاء على البشرية”، وقال: “إن نشر الشذوذ الجنسيّ والميوعة اللاأخلاقية والإلحاد الهدف منه إبعاد الناس عن القيم والأخلاق وتدمير البشرية، فما يحصل لا يبعد أن يكون جزءا من مؤامرة تهدف إلى القضاء على التوسعِ والازدياد في عدد السكان في العالم، فبعدَ نشرِ فيروس كورونا وعدمِ التوصل إلى النتيجةِ المتوخاة، وهي قتل مئات الملايين من الناسِ، ابتدع الفكر الشرير مسألة نشر الشذوذ، حيث بذلك تنتهي الأسرة، وينتهي الإنجاب، وتنتهي مشكلة التوسع السكاني”.
وأعلن أن “النهي عن الشذوذ الجنسي ينطلق أولاً من الحكم الشرعي الذي يعتبر هذه الممارسة، ممارسة غير شرعية يعاقب من يقوم بها بأشد أنواعِ العقاب، والعقاب الذي وصل إلى هذا المستوى سببه الأزمة، أو المشكلة التي تخلقها هكذا أعمال”.
وأشار إلى أن “المسألة لا ترتبط فقط بالدين الإسلامي، بل محرمة في كلِ الأديان. وبالتالي، يجب أن تتضافر جهود علماء الدينِ على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم لمواجهة هذه الجريمة التي تُرتكبُ بحقِّ الإنسانية”.
ولفت إلى أن “الأمر الثالث الذي تمَ التباحث فيه في الهيئةِ العامةِ هو موضوعُ انتخاب رئيس للجمهورية”، وقال: “إن المسألة لم تعد تحتمل الإطالة أكثر، فالوضعُ في لبنان يزداد تدهورا، والأزمة الاقتصادية تتفاقم، والوضعُ الاجتماعي يزداد سوءا، والحل هو بانتظام عمل المؤسسات الدستورية، وبداية هذا الانتظام بانتخاب رئيسٍ للجمهورية”.
أضاف: “نحن لا نقول إن انتخاب رئيسِ الجمهوريةِ هو الحل، ولكنه قطعا هو مفتاح للحل. لذلك فإننا في تجمعِ العلماء المسلمين ندعو النواب جميعا إلى التجاوب مع دعوة دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري للحوار كطريق للوصول إلى التوافقِ على اسم أو أكثر يذهبون بعده إلى مجلس النواب من أجل أن يعقدوا جلسات متتالية ينتخب بعدها رئيس للجمهورية”.
واعتبر التجمع أن “الرئيس المقبل يجب أن يتحلى بمواصفات، أهمُها أن يكون قويا وطنيا سياديا لا يستمع ولا يذعن لإملاءات الآخر مهما كان هذا الآخر قوة عظمى أو قوة إقليمية، بل يقدم المصلحة الوطنيةَعلى المصالحِ الفئوية والشخصية والحزبية، وحتى الدوليِة ومصالحِ الخارج”.
وأشار إلى أن “الرئيس المقبل يجب أن يكون مؤمنا بأن حماية لبنان من أخطار العدو الصهيوني، وحماية ثروات لبنان الموعودةِ في البحر من خلال النفط والغاز الذي يعمل على استخراجه، وحماية الأراضي اللبنانية من الاعتداء عليها، كما يحصلُ الآن في تلالِ كفرشوبا ومزارعِ شبعا والقسم اللبناني من قرية الغجر”، وقال: “كلُ ذلك لا يمكن أن يتم، إلا من خلال أن يكون الرئيس مؤمناً بالثلاثيةِ الماسية الجيشِ والشعبِ والمقاومة، كطريق وحيدة لحماية لبنان وحفظ ثرواته”.
وأعلن أن “الشخص، الذي تتوافر فيه هذه الصفات، وهو قريب من الجميعِ ومستعد للحوار مع الجميعِ ويمكنه من خلال علاقته المميزة مع سوريا المساعدة في حل مشكلة النازحين السوريين، هو معالي الوزير السابق سليمان فرنجية، لذلك، فإننا ندعو النواب إلى انتخابه”.
وتناول موضوع النازحين السوريين، وقال: “إنهم أشقاؤنا، ونحن لا ننسى كيف استقبلنا شعب سوريا في بلادهم في عام 2006 أثناء العدوان الصهيوني، لكن الأمر الآن لم يعد من بابِ احتضان عائلات مهجرة بسببِ الحرب، بل أصبح نزوحا بسبب أوضاعٍ اقتصادية في بلادِهم قد لا تكون في بلادنا أحسن، وإن الأمرَ وصل إلى حد بات يشكل خطرا على الوضعِ الاقتصاديِّ في لبنان الذي ينهار شيئا فشيئا. لذلك، لا بد من عودة آمنة وكريمة للسوريين إلى بلادِهم من خلال توفير الرجوعِ الآمن، وأن تقوم المؤسسات الدولية بتوفير الدعم لهم في داخل بلادهم”.
وختم: “نطالب الدولة اللبنانية بأن تتحرك وبسرعة لإيفاد وزيرِ الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب مع وفد كبير من أجل مناقشة هذا الأمر مع الحكومة السورية والانتهاء من هذه الأزمة، وإلا فإن الخطر لن يحدق بلبنان فقط، بل قد يطاول البلاد الأخرى، وأوروبا ليست ببعيدة عن أخطارِ هذا النزوحِ من خلال عمليات التهريب التي تجري كل يوم من الأراضي اللبنانية”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام