أعلن العسكريّون الانقلابيّون في النيجر مساء الثلاثاء، تعيين علي الأمين زين رئيساً للوزراء، فيما قالت مساعدة وزير الخارجيّة الأميركي، فيكتوريا نولاند، إنّها التقت القادة العسكريين في النيجر، إنّما من دون إحراز تقدّم فوري على مسار إنهاء الانقلاب. تزامناً مع ذلك، ومع انتهاء المهلة التي حددتها مجموعة «إيكواس» للعسكريين لتسليم السلطة، مهددةً بالتدخل عسكرياً في حال عدم التزامهم بها، برزت المزيد من الأصوات التي تدعو إلى حل سلمي دبلوماسي للأزمة، بعيداً عن الخيار العسكري الذي كان يتم التلويح به.
في السياق، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، لإذاعة «آر.إف.آي» الفرنسية في مقابلة، اليوم الثلاثاء، إن “الدبلوماسية هي أفضل طريقة لحل الوضع في النيجر”، مضيفاً أن الولايات المتحدة تدعم مبادرة زعماء غرب أفريقيا لعقد قمة، الخميس، لبحث الوضع في النيجر.
وأحجم بلينكن عن التعليق على احتمال انسحاب الجنود الأميركيين من هناك. يُشار إلى أنّ قادة «”الجماعة الاقتصاديّة لدول غرب إفريقيا” (إيكواس) يعقدون اجتماعاً جديداً الخميس، للبحث بالوضع في النيجر، بعد أسبوعين على الانقلاب الذي أطاح الرئيس، محمد بازوم، وغداة انتهاء المهلة التي حدّدتها المنظّمة للانقلابيّين.
هذا وأفادت وسائل الإعلام أن المجلس العسكري في النيجر رفض استقبال وفد “إيكواس” في ظل الظروف الحالية لاعتبارات أمنية. وقالت وزارة الخارجية في النيجر في رسالة موجّهة إلى ممثلية المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا في نيامي “السياق الحالي من غضب السكان واستيائهم بعد العقوبات التي فرضتها “إيكواس”، لا يسمح باستقبال الوفد المذكور في أجواء هادئة وآمنة”.
تعيينات جديدة
وفي التفاصيل، قال العقيد أحمدو عبد الرحمن، في بيان تُلي عبر التلفزيون الوطني النيجري، مساء أمس “عُيّن علي الأمين زين رئيساً للوزراء”. يُشار إلى أنّه عام 2002، وبمجرّد وصوله إلى السلطة، كان الرئيس الأسبق، مامادو تانغا، قد عيّن علي الأمين زين وزيراً للمال، لمعالجة وضع اقتصادي ومالي فوضوي. وشغل زين منصب وزير المال إلى أن أُطيح تانغا في انقلاب عام 2010، نفّذه القائد العسكري سالو دجيبو، قبل تنظيم انتخابات رئاسيّة فاز بها محمدو إيسوفو، سلف محمد بازوم الذي أطيح من السلطة في 26 تمّوز/يوليو المنصرم.
وزين خبيرٌ اقتصادي شغل أيضاً منصب ممثّل «مصرف التنمية الإفريقي»، في تشاد وساحل العاج والغابون. وأضاف عبد الرحمن أنّ “اللفتنانت كولونيل، حبيب عثمان، عُيّن أيضاً قائداً للحرس الرئاسي النيجري”.
زيارة نولاند: رفض العرض الأميركي
توازياً مع ذلك، قالت نولاند في تصريح من نيامي، إنها التقت خلال أكثر من ساعتين كبار القادة العسكريين في النيجر، موضحةً “هذه المحادثات كانت في منتهى الصراحة واتّسمت أحيانا بالصعوبة»، مضيف “كانت هذه أول محادثات تعرض فيها الولايات المتحدة مساعيها الخيّرة، في حال وُجدت رغبة لدى الأشخاص المسؤولين عن هذا الوضع للعودة إلى الانتظام الدستوري”، على حدّ تعبيرها، لافتةً إلى أنّ العرض الأميركي لم “يلقَ قبولًا”.
كذلك، ذكرت نولاند أنها التقت الجنرال، موسى سالو بارمو، الذي عيّن رئيساً جديداً لهيئة الأركان، وقادة آخرين، كاشفةً أن المجموعة العسكرية لم تستجب لطلبها لقاء قائدها الجنرال، عبد الرحمن تياني، كما لم تستجب لطلبها لقاء الرئيس المحتجز بازوم، علماً بأن مسؤولين أميركيين تواصلوا هاتفياً مع الأخير.
وقالت نولاند إنها عرضت “عدداً من الخيارات” لإنهاء الانقلاب. وأكّدت أنها أوضحت “العواقب على العلاقات مع الولايات المتحدة، إذا لم يعمد الانقلابيون إلى إعادة السلطة لبازوم، أو إذا اقتدوا بدول الجوار في التعاون مع مجموعة (فاغنر) الروسية”. وتابعت “آمل بأن يبقوا المجال مفتوحاً أمام الدبلوماسية. قدّمنا ذاك الاقتراح. سنرى”.
الدبلوماسية ممكنة؟
ورغم رفض الانقلابيين مطالب المنظمة بتسليم السلطة، فيبدو أن خيار الحوار ما زال مطروحاً، وقد تشارك فيه الولايات المتحدة، بحسب مصادر مطلعة. في السياق، أعلن رئيس وزراء النيجر، حمودو محمدو، أمس، أن الانقلابيين العسكريين طلبوا من وفد “الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا” العودة إلى نيامي، في مقابلة أجرتها معه شبكة “تي في 5 موند”.
وكان وفد دول غرب إفريقيا قد وصل، مساء الخميس الماضي، إلى نيامي سعياً لإيجاد مخرج للأزمة، غير أنه غادر بعد بضع ساعات، من دون أن يلتقي أي من قادة المجموعة العسكرية، التي نفذت الانقلاب، أو الرئيس المخلوع بازوم.
بدوره، اعتبر المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، أمس، أن إنهاء الانقلاب في النيجر بالسبل الدبلوماسية لا يزال ممكناً. كما أعلنت الأمم المتحدة أن ممثل أمينها العام لغرب إفريقيا ومنطقة الساحل، ليوناردو سانتوس سيماو، موجود حالياً في أبوجا لإجراء حوار مع الأطراف الإقليميين المعنيين. ورفضت أصوات إفريقية عدة في الأيام الأخيرة الخيار العسكري، فيما نبه وزير خارجية مالي، عبدالله ديوب، إلى أن التدخل العسكري يمكن أن يشكل “كارثة”.
المصدر: مواقع إخبارية