حالة من الترقب الحذر تسود النيجر. البلاد التي شهدت انقلاباً في 26 تموز/يوليو، هو الخامس من نوعه منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960، تقف الآن أمام سيناريوهات متعددة بعد انتهاء المهلة التي منحتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إكواس” لقادة الانقلاب لإعادة السلطة للرئيس المخلوع محمد بازوم.
رمى الانقلابيون الممثلون بالـ «المجلس الوطني لحماية الوطن» والذي يترأسه الجنرال عمر عبد الرحمن تياني وهو القائد السابق للحرس الرئاسي، الكرة في ملعب “إكواس” والدول الغربية الداعمة لحكم بازوم، معلنين إغلاق المجال الجوي للبلاد، وفي ذلك تهديد معلن بالحرب في حال قيام أي دولة باتخاذ قرار المواجهة العسكرية وخرق المجال الجوي لنيامي.
هنا تجدر الإشارة إلى أن هؤلاء يمتلكون ايضاً دعماً من نظرائهم في مالي وبوركينا فاسو الذين وصلوا إلى السلطة ايضاً من خلال انقلابين في عامي 2020 و 2022، معلنين أن أي تدخل في النيجر “سيكون بمثابة إعلان حرب عليهما”. وإلى جانب هذين البلدين تأتي الجزائر التي أعلنت ايضاً رفضها للتدخل العسكري في النيجر.
تمديد المهلة؟
•النيجر🇳🇪
•فرنسا🇫🇷ذهب سفير فرنسا “سيلفان إتيه” إلى قاعة المؤتمرات بجامعة نيامي لحضور مؤتمر يهدف إلى تحسين صورة فرنسا لدى الشعب
ليحرجه تدخل الناشط “مايكول زودي” بأن الشعب ليس ساذجًا، ففرنسا ليست في النيجر إلا للنهب. غضب السفير وغادر بعدما تسبب بضجة
–
هذا الجيل مختلف يا فرنسا😁 pic.twitter.com/WyxDlqL3zP— Idriss C. Ayat 🇳🇪 (@AyatIdrissa) November 16, 2022
هذا الانقسام الافريقي بين داعم للرئيس المخلوع وآخر متضامن مع المجلس العسكري، واعلان المجلس العسكري عدم التنازل بل والتلويح بالرد الفوري دون إنذار على “أي عدوان أو محاولة عدوان”، مع الإعلان ايضاً عن إبطال اتفاقيّات التعاون مع فرنسا في “مجال الأمن والدفاع”، وهي الدولة التي لديها بين 1000 و1500 جندي في النيجر، كل ذلك إضافة إلى وجود تأييد شعبي نسبياً للمجلس العسكري عسكته تظاهرات ضمّت عشرات الآلاف في العاصمة، يرفع من احتمالات ” تمديد المهلة التي منحتها إكواس للنيجر”، كما أوصى وزير الخارجية الايطالي أنطونيو تاياني في مقابلة لصحيفة “لاستامبا”، مضيفاً أن “الطريقة الوحيدة هي الديبلوماسية”.
وبحسب خبراء فإن “هذا الخيار فيه مجازفة بأن يُنظر إليه باعتباره تنازلاً، لكن قادة الدول قد يحافظون على ماء وجوههم من خلال القول إن الجهود الدبلوماسية حققت بعض التقدم وإنهم يرغبون بإعطاء المجلس العسكري المزيد من الوقت”.
أما الخيار الثاني، بحسب هؤلاء، فهو محادثات تهدف إلى الاتفاق على جدول زمني لانتقال السلطة، “وقد يتضمن هذا الاتفاق إطلاق سراح الرئيس بازوم إضافة إلى المعتقلين السياسيين الآخرين، من أجل الحفاظ على استمرار المحادثات وربما لشراء المزيد من الوقت”. خصوصاً أن هذا كان مطلباً أساسياً لأولئك الذين أدانوا الانقلاب في أفريقيا وغيرها.
يُذكر أنه سبق لـ “إيكواس” أن وافقت على “عمليات انتقال إلى الديمقراطية” في مالي وبوركينا فاسو، واللتين استولى الجيش على السلطة فيهما في السنوات الأخيرة.
كرة الثلج
أما الحسابات بشأن المضي قدماً في الخيار العسكري فستكون الأصعب لأسباب عدة.
أولها أن النيجر تُعتبر من الناحية الجغرافية أكبر دولة في غرب أفريقيا، ثانياً، تواجه نيجيريا، التي تقود التوجه لإعادة الرئيس بازوم إلى الحكم، العديد من التحديات الأمنية في الداخل، وبالتالي فإن إرسال جزء كبير من الجيش إلى النيجر سيكون بمثابة مقامرة.
ثالثاً، إعلان كل من مالي وبوركينا فاسو إن التدخل العسكري في النيجر سيُنظر إليه باعتباره “إعلان حرب” وإنهم سيذهبون للدفاع عن رفاقهم قادة الانقلاب.
وبالتالي فإن الأمر يهدد بالتدحرج ككرة الثلج ليصبح حرباً إقليمية واسعة النطاق، خاصة إذا كان سكان النيجر يرفضون التدخل الأجنبي. وعلى الرغم من ذلك فإنه من الصعب معرفة كيف ستكون ردة فعلهم.
هذا وتشترك نيجيريا والنيجر في العديد من الروابط التاريخية والعرقية، حيث يتحدث الناس على جانبي الحدود اللغة نفسها، وبالتالي فإن هذا قد يجعل بعض الجنود النيجيريين مترددين في القتال إذا ما وصل الأمر لذلك.
يُذكر أنه وفي مقال له في صحيفة “واشنطن بوست” رأى الرئيس المخلوع المحتجز محمد بازوم أن “منطقة الساحل الأفريقي بأكملها يمكن أن تسقط تحت تأثير النفوذ الروسي عبر مجموعة فاغنر العسكرية”. وتتقاطع رؤية الأخير مع الرواية الأميركية للأحداث في تلك البلاد، إذ قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر إنه “لن يتفاجأ إن حاولت قوات فاغنر الروسية استغلال الوضع في النيجر”، على حد تعبيره.
المصدر: موقع المنار