تحل اليوم السبت 5 آب/اغسطس الذكرى السنوية الاولى لمعركة “وحدة الساحات” التي خاضتها المقاومة الفلسطينية ولا سيما سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي بمواجهة العدو الاسرائيلي، حيث لقنته دروسا قاسية مؤكدة فشل مخططاته بتفكيك وفصل الساحات بعضها عن بعض أو الاستفراد بساحة دون غيرها، وبالرغم من التضحيات الكبرى التي قدمتها المقاومة والشعب الفلسطيني خاصة على صعيد ارتقاء القادة الشهداء في هذه المعركة وعلى رأسهم الشهيد تيسير الجعبري، إلا انه بالمحصلة تم التأكيد معادلات الردع وعلى صوابية نهج المقاومة وسقوط رهانات العدو ومشاريعه.
فشل خطة العدو
وبالمناسبة، أكدت حركة الجهاد الإسلامي أن “المعركة جاءت لتعبّر للعالم كله عن وحدة فلسطين أرضاً وقضيةً ومقاومة ولإحباط مشاريع العدو الهادفة إلى التغوّل على ساحة دون أخرى”، وقالت إن “سرايا القدس حافظت في هذه المعركة على ترابط ساحات المقاومة في الضفة وغزة والأرض المحتلة عام 1948، ومختلف الامتدادات الجغرافية المشتبكة مع العدو”، وشددت على ان “المعركة أحبطت مشروع الاستفراد بساحة دون غيرها، الأمر الذي أضاف هاجسا جديدا للاحتلال، وأربك حساباته التي جاءت في غير مكانها، خاصة بعد أن بدأت تظهر ملامح الوحدة في مختلف ساحات محور المقاومة”.
ولفتت الحركة الى ان “المعركة جددت التأكيد على صوابية نهج المقاومة الذي يقف بالمرصاد لكل مؤامرات التسوية والتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني، وأثبتت بما لا يدع مجالا للشك، أن المقاومة هي السبيل الوحيد لردع العدو واسترداد المقدسات، وليس المفاوضات واللقاءات و الاتفاقيات الانهزامية”.
وأوضحت الحركة ان “معركة وحدة الساحات أفشلت مخططات الاحتلال في تحييد المقاومة بغزة وإفقادها مصداقيتها ومحاولة إظهارها عاجزة أمام شعبها وأمتها، وغير قادرة على إنفاذ تهديداتها، ونسفت سعي العدو إلى إضعاف الحاضنة الشعبية ، كما أفشلت محاولاته لتعزيز ثقة الشارع الصهيوني بقيادته السياسية والعسكرية الهشة، التي خاضت جولات انتخابات متتالية لم تفلح في ترميم صورة تلك القيادات الإرهابية”.
وأشارت الحركة الى ان “وحدة الساحات أثبتت أن الوحدة الفلسطينية وتصويب البوصلة نحو هدف تحرير فلسطين والمقدسات، أحد أهم واجبات المقاومة، مسنودة بحاضنتها الشعبية، خاصة بعد أن تبددت أوهام العدو في تشتيت وحدة شعبنا من خلال الاستفراد بحركة الجهاد الإسلامي عسكريا”، واكدت ان “هذه المعركة لم تكن إلا محطة من محطات جهاد شعبنا ومقاومتنا وواحدة من المعارك الممتدة التي لن تضع أوزارها حتى تحرير فلسطين كل فلسطين، وتطهير القدس والمسجد الأقصى وكافة المقدسات من دنس الاحتلال”.
معركة وحدة الساحات
حوالي الساعة الخامسة من عصر يوم الخامس من شهر آب/أغسطس من العام 2022، اغتال كيان الاحتلال قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس (الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي) تيسير الجعبري، بغارة جوية استهدفت شقة سكنية في الطابق السابع من مبنى “برج فلسطين” الواقع في شارع الشهداء غربي غزة.
وبتوقيت حركة الجهاد الإسلامي “تاسعة البهاء” (نسبة للتوقيت الذي كان يعتمده الشهيد القائد بهاء أبو العطا)، أطلقت سرايا القدس الرشقات الصاروخية رداً على الاغتيال معلنةّ بدء معركة “وحدة الساحات”.
خلفيات الاغتيال والمعركة
أراد الاحتلال مع تنامي كتائب سرايا القدس في مناطق شمال الضفة الغربية المحتلّة وبالأخص جنين وما حققته من عمليات استهدفت جنود الاحتلال خلال سنة واحدة، أن يعزل غزّة عن الضفة الغربية. واعتقل أحد كوارد حركة الجهاد الإسلامي في الضفة بسّام السعدي الى جانب إهماله للوضع الصحي المتدهور للأسير المضرب عن الطعام خليل العواودة.
على إثر هذه الأحداث، أعلنت سرايا القدس حالة الاستنفار العام في صفوفها، فرفع الاحتلال مستويات التأهب وفرض حظر تجوال في مستوطنات غلاف غزّة التي بقيت شوارعها خالية من المستوطنين، وشلّت الحركة فيها لحوالي 4 أيام، فتعالت انتقادات الجمهور للمستويات السياسية والعسكرية والأمنية.
ظنّ الاحتلال باغتيال القائد الجعبري أنه سيعيد الى جيشه صورة الردع التي شوّهتها سرايا القدس، ويوجّه ضربة استباقية في إطار “حملة عسكرية” هدفت الى شطب حركة الجهاد الإسلامي وتأليب حاضنتها الشعبية وعزلها في الساحة الفلسطينية.
مسار العدوان والمعركة
لكنّ الحركة وجناحها العسكرية صمدا أمام عدوان الاحتلال، على الرغم من اغتيال جيش الاحتلال في اليوم التالي من العدوان لقائد المنطقة الجنوبية في سرايا القدس خالد منصور في غارات جوية على رفح جنوب القطاع.
كثّفت سرايا القدس من رشقاتها الصاروخية رداً على اغتيال القائد منصور، وأظهرت زخماً عسكرياً وإدارة ميدانية للمعركة، فقد تواصلت الرشقات الصاروخية والمدفعية طيلة 56 ساعة، وكانت كامل الأراضي الفلسطينية المحتلّة تحت مرمى نيران سرايا القدس. وتركزّت الضربات على مستوطنات غلاف غزّة التي قصفت جميعها بالتزامن (58 مستوطنة)، بالإضافة الى استهداف المواقع العسكرية على طول الحدود مع قطاع غزّة.
توقفت المعركة بعد وساطات عربية ولا سيما الوساطة المصرية، التي توصّلت الى “اتفاق” بين حركة الجهاد الإسلامي وكيان الاحتلال ينصّ بالافراج عن الأسيرين عواودة والسعدي وفتح المعابر، نفّذ الاحتلال الشروط لكنه نقض ببند الافراج عن السّعدي.
ارتكب الاحتلال خلال أيام العدوان المجازر بحق الشعب الفلسطيني لا سميا في الغارات على المناطق الشمالية والجنوبية ومنها مجزرة “مقبرة الفالوجة”، التي راح ضحيتها 49 شهيداً من بينهم 17 طفلاً بالإضافة الى مئات الجرحى. فيما حاول الاحتلال من خلال الرقابة العسكرية على الاعلام التعميم على الخسائر المادية والأضرار التي ألحقتها صواريخ سرايا القدس بالعديد من مواقعه، لكنّه بعد أيام قليلة من المعركة بدأ بالكشف عن قتل حوالي 13 اسرائيلياً زعم انه قضوا في حوادث سير.
لم يحقق الاحتلال هدفه الرئيسي من العدوان (تقويض شعبية الحركة والمقاومة) فقد أقامت “الجهاد الإسلامي” مهرجانات تأبين شهدائها جراء العدوان بالتزامن في العديد من الساحات (غزّة، جنين، بيروت، دمشق)، حضرتها الجماهير الغفيرة وقد مثّلت استفتاءً شعبياً واضحاً على نهج الحركة وخيار المقاومة.
المصدر: موقع المنار + فلسطين اليوم