“لا وقتَ مُحدداً لها، ستتحدث عن نفسها وستسيرُ وَفقاً للمراحل المخطط لها”.. بِهذه العبارة دشنت المقاومة الإسلامية عمليتها العسكرية المشتركة مع الجيش السوري لتطهير جرود عرسال والقلمون من الإرهابيين.
فجرَ الحادي والعشرين من تموز عام 2017، انطلقت العملية من محورين وباتجاهات متعددة، الأول من بلدة فليطة السورية باتجاه مواقع “جبهة النصرة” في جردها في القلمون الغربي والثاني من جرود السلسلة الشرقية للبنان الواقعة جنوب جرد عرسال باتجاه مرتفعات وتحصينات إرهابيي النصرة شمال وشرق الجرد المذكور.
عمليةُ تطهير جرود عرسال لم تكن وليدة اللحظة. شهدت مرحلتَها الأولى عام 2015، حين نفّذ حزب الله والجيش السوري عملية واسعة، أدت إلى حصر وجود الإرهابيين في جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع.
ولاحقاً، تحرّك الجيش السوري والمقاومة من الجهة السورية للحدود، بهدف إبعاد الإرهابيين عن الأراضي اللبنانية قَدْرَ الإمكان، لا سيّما أن منطقة الجرود كانت المنطلق الأساس للسيارات المفخخة والقصف على البقاع والدخول إلى بلدة عرسال صيف 2014 واختطاف عسكريين لبنانيين استشهد منهم ثمانية أبطال في مشهدٍ إجرامي دامٍ لن يكون الشاهد الوحشي الوحيد على الجماعات الإرهابية.
فشلُ التفاوض مع الإرهابيين للخروج من الجرود سَرَّعَ عمليةَ المقاومة والجيش السوري. فوَّتَ هؤلاء الفرصة بسبب إصرار قائدهم أبو مالك التلي على وضع شروط تعجيزية كالانتقال بالسلاح إلى تركيا ومنها إلى إدلب السورية.
عقب ذلك، وبقرار حاسم دكّت مدفعيتا الجيش السوري وحزب الله مواقع الإرهابيين وتحصيناتهم في جرديْ فليطا وعرسال وانطلق الهجوم الأوّل متوّجاً بالسيطرة على تلّة البركان في فليطا وسهل الرهوة في عرسال وسط تقدّم سريع محاطٍ بتغطية نارية مميّزة، وسارت الأمور بشكل متوازٍ من الجانبين اللبناني والسوري كفكّي كماشة وذلك لعدم ترك مجال للإرهابيين للمراوغة، والذين دخلوا في خلافات داخلية وتزعزعٍ في النوايا نتيجة الضربات القاسية التي تعاون الجيش السوري والمقاومة على تسديدها لهم.
المعلومات الأمنية السابقة عن منابع الإرهاب في الجرود وثّقتها كاميرات المقاومين التي شهدت على مصانع تفخيخ السيارات ومخازن السلاح التي استعملها الإرهابيون في استهداف لبنان وسوريا، مدنيين وعسكريين، كما وثّقت كاميرات الإعلام الحربي حجم التحصين والتدشيم التي عزّز به التكفيريون مواقعهم بغية الحفاظ على مشروعهم التدميري، إلا أن رايات المقاومين ارتفعت في أعلى قمم الجرود.
الثالث من آب، وبعد أسبوعين على انطلاق العملية، أعلنت غرفة عمليات المقاومة الإسلامية تحقيق كل الأهداف المرسومة، حيث جرى تحرير جرود عرسال اللبنانية وجرود فليطا السورية التي كانت تحت سيطرة فروع تنظيم “القاعدة”، أبرزها “جبهة النصرة”، كما أثمرت العملية تحريراً لأسرى المقاومة لدى “النصرة” واستعادةً لأجساد الشهداء الذين سقطوا في معركة الدفاع عن لبنان وحريته وسيادته.
المصدر: موقع المنار