خفضت شركات النفط العالمية المُدرَجَة (التي يتم تداول أسهمها في البورصة) إنتاجها من الخام بنسبة 2.4 في المئة منذ بداية العام، في خضم واحدة من أسوأ دورات التباطؤ التي يشهدها القطاع، وذلك في الوقت الذي تكافح فيه منظمة الدول المُصَدِرَة للنفط «أوبك» للاتفاق على أول خفض للإنتاج منذ 2008.
وأظهرت بيانات قدمها بنك «مورغان ستانلي» أن مجموع إنتاج 109 شركات مُدرَجَة تنتج أكثر من ثلث النفط العالمي انخفض في الربع الثالث من 2016 بواقع 838 ألف برميل يوميا، وذلك مقارنة مع مستواه قبل عام، ليصل إلى 33.88 مليون برميل يوميا.
وعلى سبيل المقارنة فقد أنتجت «أوبك» 33.64 مليون برميل يوميا في المتوسط في أكتوبر/تشرين الأول. وتسعى المنظمة جاهدة للاتفاق على تثبيت أو خفض مشترك للإنتاج لدعم أسعار النفط، قبل اجتماعها في 30 نوفمبر/تشرين الثاني في فيينا.
وتتضمن البيانات شركات النفط الوطنية في الصين وروسيا والبرازيل ومنتجون عالميون، مثل «إكسون موبيل» و»رويال داتش شل»، وكذلك شركات إنتاج النفط الصخري الأمريكي مثل «إيه.أو.جي ريسورسز» و»أوكسيدنتال بتروليوم».
ويكتسب خفض الإنتاج في شركات النفط أهمية خاصة، لاسيما في ضوء الزيادة في 2015، حين ارتفع الإنتاج في الربع الثالث بنحو 1.9 مليون برميل يوميا.
وقال مارتن راتس، محلل الأسهم لدى بنك «مورغان ستانلي» الاستثماري الأمريكي «من الواضح أننا نشهد تحولا كبيرا في اتجاه الإنتاج على أساس سنوي، من نمو قوي مؤخرا كما في العام الماضي إلى انخفاض حاد حاليا. هذا نتيجة تخفيضات قوية في الاستثمار.»
وقال ان مجموع النفقات الرأسمالية للشركات انخفض بأكثر من النصف، من 136 مليار دولار في الربع الثالث من 2014 إلى 58 مليار دولار في نفس الفترة من هذا العام.
وحذر مسؤولو شركات نفطية ووكالة الطاقة الدولية من أن الانخفاض الحاد في الاستثمارات العالمية في النفط والغاز قد ينجم عنه نقص في المعروض في نهاية العقد.
وعادة ما يستغرق تطوير حقول النفط الكبرى، مثل تنمية تلك الواقعة في المياه العميقة قبالة سواحل الولايات المتحدة والبرازيل وأفريقيا وجنوب شرق آسيا، ثلاث إلى خمس سنوات وتتكلف مليارات الدولارات.
وعَوَّض خفض التكاليف وزيادة الكفاءة جزئيا هبوط الإنتاج الناجم عن تراجع الاستثمار. وساعدت التطورات التكنولوجية أيضا في تعزيز إنتاج النفط الصخري الأمريكي من الحقول البرية.
وقال راتس «ستنحسر حدة هذه الانخفاضات بشكل مؤقت في 2017، مع دخول حقول جديدة حيز الإنتاج في كندا والبرازيل والاتحاد السوفيتي السابق، واستقرار إنتاج النفط الصخري الأمريكي.» وتابع «لكن ما لم تنتعش الاستثمارات في وقت قريب نسبيا، فإن من المرجح أن يعود هذا الاتجاه النزولي الحاد مجددا في 2018 وما يليه».
وقال فاتح بيرول، مدير وكالة الطاقة الدولية، أمس الخميس ان من المرجح أن تتراجع الاستثمارات الجديدة في إنتاج النفط للعام الثالث في 2017، في الوقت الذي تستمر فيه تخمة الإمدادات العالمية مما يذكي التقلبات في أسواق الخام.
وقال أمام مؤتمر للطاقة في طوكيو «تحليلاتنا تظهر أننا ندخل فترة تقلبات أكبر في أسعار النفط، لأسباب (منها) تراجع الاستثمارات النفطية العالمية لثلاث سنوات على التوالي في 2015 و2016، وعلى الأرجح في 2017 ».
وتابع «هذه هي المرة الأولي في تاريخ النفط التي تتراجع فيها الاستثمارات لثلاث سنوات على التوالي»، مضيفا أن هذا قد يسبب «صعوبات» في أسواق النفط العالمية في غضون سنوات قليلة.
وارتفعت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها في نحو شهر مع تزايد التوقعات بين المتعاملين والمستثمرين بأن «أوبك ستتفق» على خفض الإنتاج، لكن مراقبي الأسواق يعتقدون أن الاتفاق ربما يحشد إجماعا أقل مما ترغب فيه السعودية وشركاؤها.
وقال بيرول في مقابلة على هامش المؤتمر «تحليلاتنا تظهر أنه حين ترتفع الأسعار إلى 60 دولارا فإن ذلك يجعل قدرا كبيرا من النفط الصخري الأمريكي مربحا، وفي غضون تسعة إلى 12 شهرا قد نرى استجابة من النفط الصخري وغيره من مناطق الإنتاج المرتفع التكلفة…وقد يضع هذا ضغوطا نزولية على الأسعار من جديد.»
المصدر: رويترز