بقي قرار البرلمان الأوروبي في ما يتعلق بالنازحين السوريين في لبنان في واجهة الاهتمام الرسمي، لما يشكله من اعتداء على السيادة اللبنانية وتدخّل في الشؤون الداخلية اللبنانية وعبث بتركيبته الداخلية وأمنه واستقراره، في ظل صمت الحكومة اللبنانية التي لم تقم بأي إجراء أو خطوة ديبلوماسية باتجاه الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ولا حتى عقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء لبحث الملف.
سيرتدّ سلباً على المجتمعات الاوروبية
وحذّر خبراء في الشؤون الأمنية والعسكرية عبر “البناء” من دمج مليوني نازح سوري في المجتمع اللبناني ما يحمل مخاطر أمنية كبيرة لا سيما في حال أوقفت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي مساعداتهم للنازحين وعمدت بعض الأجهزة الاستخبارية الى تسليح بعض المجموعات أو الخلايا الإرهابية وتكليفهم بمهمات أمنية لخلق فتن في لبنان، وتوقع الخبراء إعادة نشاط الهجرة غير الشرعية للنازحين السوريين الى أوروبا عبر البحر المتوسط. وحذر الخبراء الدول الأوروبية من أن قرارهم سيرتدّ سلباً على المجتمعات الاوروبية.
أمر قبيح وشنيع
وأكد رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين ان ما فعله الاوروبيون حول موضوع النازحيين السوريين في لبنان هو امر قبيح وشنيع.
واعتبر السيد صفي الدين خلال افتتاحه مجمع الامام الحسين عليه السلام في منطقة دوحة الحص في خلدة أن كل توجيهات الاوروبيين التي يوجهوها الى لبنان هي ساقطة، فأصل الايمان بالسيادة والوطن والكرامة يجب ان يرفض هذا النمط من الحديث مع اللبنانيين.
من هو هذا البرلمان الذي يريد أن يتحكّم بقراراتنا المحلية الداخلية اللبنانية؟
وأجمعت المواقف السياسية على استنكار القرار الأوروبي والتحذير من مخاطره. ولفت نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم إلى أن “البرلمان الأوروبي طالعنا بقرار يلزم لبنان بإبقاء النازحين السوريين فيه، فمن هو هذا البرلمان الذي يريد أن يتحكّم بقراراتنا المحلية الداخلية اللبنانية، ومن هو هذا البرلمان الذي يمنع النازحين أن يعودوا إلى بلدانهم، ويفرضون علينا أن نقبل بالنازحين مع كل الظروف الصعبة والمعقدة لهم ولنا، وفي الوقت الذي يقبل النظام السوري بأن يستقبل النازحين، علماً أن هؤلاء يعطونهم الأموال في بلدنا، ويشجعونهم على عدم العودة بحجة الوضع الأمني، وعليه فإننا نقول لهم، توقفوا عن دفع المال بهذا السياق، وادفعوا الأموال لمن يعود بإرادته، وعندها ستجدون أن الغالبية من النازحين حاضرين للعودة إذا تأمنت لهم معيشتهم هناك”.
ودعا الشيخ قاسم الحكومة الى أن “تخطو خطوة جريئة، وأن تشكّل وفداً رسمياً، وتخاطب وتلتقي مع المسؤولين السوريين، وتضع برنامجاً، وتضع في لبنان قيوداً تحمي هذا المجتمع والبلد، وبالتالي يكون للبنانيين حقوقهم، وللسوريين حقوقهم، ونساعد على الإعادة الآمنة الطوعية التي تكون منسقة مع الدولة السورية”.
قرار مرفوض
في مقابلة لبرنامج مع الحدث على شاشة قناة المنار، اكد الوزير السابق محمد فنيش أن قرار الاتحاد الأوروبي بخصوص إبقاء النازحين السوريين في لبنان قرار مرفوض لأنه يتعارض مع مصلحة لبنان وسوريا وشعبيهما.
مخالف لسيادة لبنان
وأشار رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، الى أنّ القرار “مخالف لسيادة لبنان”. ولفت في تصريح عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى “أننا إذ نرفضه رفضًا قاطعًا، ندعو الدولة الى استكمال العمل الجدّي لتأمين عودة اللاجئين إلى بلادهم”.
القرار مجحف
بدوره، أكّد المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل، أنّ “القرار مجحف بشكلٍ متوازٍ بحق لبنان واللبنانيين وبحق سورية والسوريين، لكونه يضع عبئًا نأت على حمله قارة مثل أوروبا وتريد أن تلقي بثقله على لبنان”.
ولفت إلى أنّ القرار “يحرّم السوريين من العودة إلى أرضهم وبلدهم ويريد أن يضعهم في ظروف هي أشبه بالإقامة الجبرية على الأراضي اللبنانية، لكي يضمن عدم تفكيرهم بالتوجه للبلدان الأوروبية عبر المتوسط”، مشددًا على أنّه “بئس القرار أن تضع مؤسسة التشريع الأوروبية اللبنانيين والسوريين، أمام خيارات كلها ساقطة بمفهوم السيادة الوطنية والقوانين الدولية”.
ابتزاز لبنان مرفوض
كما اعتبر رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ان «في القرار سلبية مرفوضة وهي متعلقة بموضوع إبقاء النازحين في لبنان، فبأي حق يطلب ذلك وهو قرار سيادي لبناني، وبأي سلطة يفرض على لبنان ما لا يقبله على دول الاتحاد الأوروبي، فسقف الهجرة لا يتخطى الـ30 الفاً لكل اوروبا بينما في لبنان 2 مليون نازح”، متسائلاً: “هل يتجرأ البرلمان الأوروبي على الحديث مع تركيا باللهجة نفسها؟”.
ورأى باسيل أن “ابتزاز لبنان بوقف المساعدة والتمويل لأزمة النزوح فهو مرفوض وما يربّحونا جميلة فمساهمة لبنان من خلال خسارته 50 مليار دولار هي أكثر بأربع مرات من كل مساهمات الدولة المانحة والتي بلغت 12 مليار دولار”، متمنياً أن تتخذ الدول الأوروبية مثل هذا القرار فهو سيساهم اما بعودة النازحين الى بلادهم او التوجه لأوروبا وعندها “ما يطلبوا منا نكون خفر سواحل” لمنع توجّه قوارب المهاجرين باتجاه أوروبا.
النزوح أزمة إنهاكية
وشدّد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في خطبة الجمعة على أن “لبنان يعيش بالتلاقي والتضامن والحوار، والمطلوب أن نحدث خرقاً وطنياً لأن السكوت والحياد السياسي وترك لبنان بغيبوبة، والإصرار على القطيعة السياسية، لا يمكن أن نسمّيه إلا خيانة، لأن البلد ينزلق باتجاه الأسفل أكثر، ومع ذلك فإننا في وضعنا الحالي تجاوزنا مرحلة لبنان يكون أو لا يكون”.
واعتبر أن “داتا النزوح ضرورة وطنية، والنزوح أزمة إنهاكية لبنية البلد وتركيبته وأسواقه ويده العاملة، واليد الأجنبية تجتاح كل شيء، وما يجري كارثة في حق اليد اللبنانية وأصحاب العمل، فيما اللعبة الدولية تعمل على تغيير وجه لبنان الديموغرافي والاجتماعي”. ووجّه المفتي قبلان خطابه للقوى السياسية والحكومة اللبنانية معاً بالقول: “إن الاتحاد الأوروبي يتآمر على لبنان بخصوص النازحين، والبرلمان الأوروبي يتعامل مع لبنان كمنفى للاجئين، ويقود حملة دولية لوصم لبنان بالعدائية والكراهية والعنصرية، بخلفية إبقاء النازحين بعيداً عن حدائق أوروبا، وأثبتت أوروبا في هذا المجال أنها نازية وفاشية وطاغية، وذات استبداد لا نهاية له». وأكد قبلان أن «المطلوب حماية لبنان من لعبة الأمم، وطريق بيروت – دمشق وسيلة إنقاذية استراتيجية، وكذلك العلاقة فوق العادة مع دمشق ضرورة حيوية لسورية ولبنان”.
لا تسمن ولا تغني ولا تبرئ ذمّة البعض
بدوره رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان غرّد عبر “تويتر” قائلاً: “المواقف المندّدة بقرار البرلمان الأوروبي المتعلق بالنازحين السوريين في لبنان لا تسمن ولا تغني ولا تبرئ ذمّة البعض من تقصيرهم منذ البداية في مواجهة هذا الواقع أو العمل الجدّي على معالجته وتغييره بالتعاون مع الاحزاب والكتل النيابية الاوروبية التي عارضته وعلى رأسهم thierry mariani وزملاؤه في التجمّع الوطني، ولا سيما رئيسه Jordan Bardella”. وختم: “الى اللقاء في تشرين الأول في ستراسبورغ للقاء موسّع في البرلمان الاوروبي حول هذه القضية”.
معطيات هامة
وفي سياق ذلك، أفادت قناة “أن بي أن” نقلًا عن مصادر مطلعة، بأنّ سفير الاتحاد الأوروبي لدى لبنان رالف طراف كشف أمام المجلس الأوروبي معطيات هامة في ملف النزوح، منها على سبيل المثال أنّ ليس كل النازحين السوريين في لبنان بحاجة إلى الحماية السياسية، التي تعتمدها مفوضية اللاجئين حيال إعطاء صفة “لاجئ”، ومن هؤلاء السوريين عمال موسميون أو مهاجرون اقتصاديون، وبالتالي لا يجب اعتبارهم لاجئين ولا حق لهم في المساعدات التي حصلوا عليها، لافتة إلى أنّ “الشروط الأممية لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم، تكاد تكون غير قابلة للتحقيق”.
وانتقد السفير طراف السياسة الفرنسية في لبنان، “والتفرد الفرنسي بالملف اللبناني، واصفًا الدور الفرنسي بأنّه يسير بمعزل عن موقف الاتحاد الأوروبي، وهو ما جعله يستبعد أن يصل الفرنسيون في لبنان الى النتائج المرجوة، رغم كل الجهود التي تبذل بغية إنجاح مسعى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون”.
المصدر: موقع المنار + وكالات