يرزح الجيش الأوكراني حالياً تحت وطأة الخسائر الكبيرة في الأفراد والمعدات اثر “الهجوم المضاد” الذي تشنّه ضد القوات الروسية منذ 10 أيام (بدأ الهجوم في 4 حزيران/يونيو). هذه المعطيات ذكرها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تصريحاته الأخيرة للتأكيد على تقدم قواته بالرغم من الدعم الغربي الضخم لكييف. وفي السياق، عكست تصريحات الأمين العام لحلف الناتو الأجواء نفسها، إذ أعلن الأخير أن الجيش الأوكراني بحاجة إلى مزيد من الامدادات.
وفي التفاصيل، فقد قال الأمين العام لحلف “الناتو” ينس ستولتنبرغ، في تعليقه على الهجوم الأوكراني المضاد، أن الأخير “أصبح اختباراً”.
وبعد اجتماع مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، أعلن ستولتنبرغ أن دول الحلف أرسلت “عشرات المليارات من الدولارات” من المساعدات العسكرية والمالية إلى أوكرانيا.
كما أكد أنه في قمة فيلنيوس المقبلة، “ستوسع دول الناتو مساعدتها لكييف وتتخذ إجراءات لتعزيز قدرتها على الدفاع”، في حين أغفل الأمين العام الضمانات الأمنية لأوكرانيا وآفاق انضمامها إلى “الناتو”.
واكتفى بالقول إنه ناقش مع بايدن “مسألة زيادة الإنفاق الدفاعي لدول الناتو إلى حد أدنى قدره 2% من الناتج المحلي الإجمالي”.
يأتي ذلك في وقت قال فيه منسق الاتصالات الاستراتيجية بالبيت الأبيض، جون كيربي، في وقت سابق، إن “الولايات المتحدة لا تنكر بدء الهجوم الأوكراني، لكنها لن تقيِّمه”، موصياً بتوجيه الأسئلة إلى وزارة الدفاع الأوكرانية.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أعلن من جهته أن نظام كييف “لم يحرز أي تقدم في الهجوم المضاد، كما تعاني القوات الأوكرانية من خسائر فادحة في الأفراد والمعدات”، موضحاً أن
“خسائر القوات الأوكرانية تتراوح بين 25% و30% من حجم المعدات العسكرية التي تم تسليمها إليهم من الغرب”.
هذا وحذرت وزارة الدفاع الروسية، مراراً ، الدول الغربية من إمداد أوكرانيا بالأسلحة، وتوعدت بسحقها على الأراضي الأوكرانية.
الدفاع الروسية: ضربات دقيقة من البحر والجو
على صعيد التطورات الميدانية، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن القوات المسلحة الروسية شنّت الليلة الماضية ضربات جماعية بأسلحة دقيقة بعيدة المدى من البحر والجو أصابت مواقع تمركز احتياطيات القوات المسلحة الأوكرانية.
وفي التقرير اليومي للوزارة اليوم الأربعاء، فإنه “خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية واصلت وحدات من القوات المسلحة الأوكرانية القيام بعمليات هجومية في اتجاه جنوب دونيتسك وزابوروجيه ودونيتسك، ولا زالت تتكبد خسائر فادحة في الأفراد والمعدات”.
على مرتفع فريمفسكي، “تم صد هجمتين من سرايا المشاة الآلية التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية”، وفي منطقة قرية بريتشيستوفكا بجمهورية دونيتسك الشعبية، “تم صد هجومين للعدو بنجاح”، بحسب الدفاع الأوكرانية.
أما في مناطق قريتي روفنوبول بجمهورية دونيتسك الشعبية، وليفادنويه بمنطقة زابوروجيه، ومزرعة أكتوبر الحكومية، فقد دمرت القوات الروسية 5 دبابات. كما صدت القوات الروسية هجوما في اتجاه زابوروجيه من وحدات لواء الهجوم الجبلي رقم 128 في منطقة زيربيانكي بمنطقة زابوروجيه.
وبلغ إجمالي خسائر الجيش الأوكراني، بحسب الدفاع الروسية، في اتجاهي جنوب دونيتسك وزابوروجيه أكثر من 800 جنديا و20 دبابة و4 مدرعات قتالية، ومدفعان صناعة أمريكية من طراز M777، ومدفعي هاوتزر Msta-B، وD-30، إضافة إلى راجمة من طراز “غراد”.
إضافة إلى ذلك، تم تدمير مستودع ذخيرة تابع للواء الآلي رقم 65، بالقرب من قرية نوفواندريفكا، بمنطقة زابوروجيه.
في اتجاه دونيتسك، نجحت الأعمال القتالية النشطة لمجموعة قوات “الجنوب” من صد هجومين للعدو في اتجاه قريتي بيرفومايسكويه وبيتريفسكويه بجمهورية دونيتسك الشعبية.
وخلال المعارك بلغت خسائر القوات الأوكرانية أكثر من 205 جنديا، وتم تدمير مدرعتين قتاليتين و7 مركبات ومدفع هاوتزر D-20. وتم تدمير مستودعات الذخيرة لألوية المشاة رقم 45 و57 التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية.
في اتجاه كوبيانسك، “تم صد 3 مجموعات استطلاع وتخريب أوكرانية بفضل الضربات الهجومية وطيران الجيش ونيران المدفعية والعمليات النشطة لوحدات مجموعة قوات “الغرب، حيث بلغت خسائر العدو ما يصل إلى 30 جنديا، وتدمير مدرعة قتالية، ومركبتين، إضافة إلى مدفع M109 Paladin صناعة أمريكية، وKrab بولندي”.
في اتجاه كراسنوليمان “أصابت نيران المدفعية وأنظمة قاذفات اللهب الثقيلة والطائرات العملياتية والتكتيكية لمجموعة “المركز” عددا من الأهداف في وحدات القوات المسلحة الأوكرانية في جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك الشعبيتين، حيث تمت تصفية مجموعة الاستطلاع والتخريب الأوكرانية في منطقة غريغوروفكا بجمهورية دونيتسك الشعبية. وألحقت القوات الروسية بالعدو خسائر تصل إلى أكثر من 60 جنديا أوكرانيا، وتدمير مدرعة قتالية، وشاحنتين صغيرتين، ومدفع “غفوزديكا”، ومدفع D-20، وراجمة “غراد”.
في منطقة خيرسون، نتيجة لأضرار النيران، “بلغت خسائر العدو 50 جنديا، وتدمير 9 مركبات، ومدفع هاوتزر “أكاتسيا””، بحسب تقرير الدفاع الروسية.
روسيا تلحق خسائر فادحة بالقوات الأوكرانية… الأسلحة والتكتيكات
هذا أدى استئناف العمليات القتالية في جبهات المعارك بين القوات الروسية والأوكرانية، وفي المقام الأول في منطقة زاباروجيا، إلى إعادة الاهتمام بالجانب التقني للصراع مرة أخرى.
وفي تقريره الذي نشرته صحيفة “إيزفستيا” الروسية، يقول أندري فرولوف إن “محاولات اختراق الدفاعات الروسية في منطقة أوزيروفو ألحقت خسائر فادحة بالقوات الأوكرانية، تمثلت في فقدان ما لا يقل عن دبابتين من طراز ليوبارد وحوالي 13 مركبة مشاة قتالية من طراز “إم 2 برادلي”، مما يدل على استخدام القوات الروسية أحدث الأسلحة مثل الصواريخ الموجهة والقنابل الجويّة أثناء صد الهجوم المضاد الأوكراني”.
وتزايد الاستخدام الروسي للأسلحة العالية الدقة مقارنةً بالصراعات السابقة، فقد استخدم الجيش الأحمر في الحرب الوطنية العظمى القاذفات التي يتم التحكّم بها عن طريق طائرات “توبوليف تي بي 3″، وفي أفغانستان بدأ استخدام الأسلحة الموجهة بشكل أكثر نشاطًا، وفي أوكرانيا أطلق الطائرات الهجومية من طراز “سو25″، و139 صاروخ جو أرض من طراز “إكس 25 إم إل” و”إكس 27 إل”، استهدفت 127 هدفًا.
وفي سوريا، استخدمت موسكو لأول مرة العديد من الأسلحة الموجهة، مثل صواريخ كروز من طراز “إكس 555″ و”إكس 101” و”إكس 35 يو”، وصواريخ كاليبر والنظام الدفاعي الصاروخي “باستيون” وصواريخ “إسكندر إم” والقنابل القابلة للتعديل، فضلا عن العديد من الأنظمة الأخرى.
وشهد استخدام الأسلحة العالية الدقة نقلة نوعية، فلأول مرة في التاريخ العسكري الروسي، استُخدمت الأسلحة لتنفيذ مهام إستراتيجية تتمثل في تدمير الإمكانات الصناعية العسكرية للعدو. وقد استخدمت صواريخ من مختلف الأنواع على نطاق واسع لأول مرة، ضربت -في آن واحد- أهدافًا تقع على مسافة مئات الكيلومترات من بعضها.
فضلا عن ذلك، استخدمت روسيا ذخائر “التسكع” التكتيكية (كاميكازي) التي تعد بمثابة الاكتشاف الرئيسي في هذا الصراع، والعامل الذي لم تكن قوات أوكرانيا وحلف شمال الأطلسي جاهزين له.
ومع استخدام صواريخ كروز البعيدة المدى في الجو والبحر والبر، بلغت روسيا مستوى الولايات المتحدة، وهو أمر كان يصعب تخيله من قبل. وبناءً على التقديرات الأوكرانية منذ 24 فبراير/شباط من العام الماضي، تجاوز العدد الإجمالي للصواريخ التي أطلقتها روسيا 4 آلاف صاروخ.
وخلال مايو/أيار الماضي وحده، أطلقت روسيا 160 صاروخ كروز، وهو ما أدى إلى تدمير واستنفاد ذخيرة الدفاع الجوي الأوكرانية وإلحاق ضرراً بأنظمة الصواريخ المضادة للطائرات والمجمعات التي وفرتها دول الناتو.
ومن خلال الضربات الجويّة، دمّرت القوات الروسية المجمع الصناعي العسكري الأوكراني بالكامل تقريبًا، بالإضافة إلى عدد كبير من المطارات ومعدات الطيران الموجودة هناك.
واستخدمت روسيا صاروخ “كينجال” الذي تفوق سرعته سرعة الصوت، لتدمير أهداف أكثر قيمة وتحصينا. وقد أدى الاستخدام المكثف لذخائر التسكع التكتيكية إلى خفض عدد المركبات المدرعة والمدفعية الأوكرانية.
وعليه، بات واضحًا -بحسب الصحيفة- أن الدفاع الجوي الأوكراني والغربي لم يكن مستعدا لمواجهة مثل هذا التهديد. وقد تزايد استخدام ذخائر التسكع التكتيكية من قبل القوات الروسية، مما سهّل ضرب أهداف مهمة مثل الدبابات أو قطع المدفعية والمركبات الفردية التي يقودها أفراد عسكريون من القوات المسلحة الأوكرانية.
وشهد عام 2023 استخداما مكثّفا للقنابل الموجهة من قبل طيران الخطوط الأمامية لقوات الفضاء الروسية، كما شهدت القوات العسكرية الروسية ثورة حقيقية في استخدام الأسلحة العالية الدقة وتسميتها وكميتها.
ورغم استخدام العديد من الأسلحة لأول مرة، فإن نتائجها كانت واضحة. فقد غيّرت ذخائر التسكع التكتيكية والقنابل الموجهة ملامح الأعمال القتالية إلى أقصى حد، وكان استخدامها اكتشافًا مزعجًا للقوات الأوكرانية لم تستطع التصدي له حتى اليوم، بحسب الصحيفة الروسية.
المصدر: روسيا اليوم+مواقع إخبارية