لليوم الرابع على التوالي، يتواصل القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم ومناطق أخرى. فبالرغم من الدعوات الدولية المتكررة لوقف إطلاق النار والتحذير من تدحرج الأحداث نحو حرب أهلية، يبقى خيار التهدئة مستبعداً إلى حد ما من قبل طرفي الصراع، وما يدلل على ذلك رفض الجيش الهدنة التي أعلنتها قوات “الدعم السريع” لمدة 24 ساعة “لإجلاء المدنيين والجرحى”، قائلاً إن الأخيرة تشير إلى أن ” التمرد يهدف للتغطية على الهزيمة الساحقة التي سيتلقاها خلال ساعات”، معلناً أن الكلمة الآن للميدان. ويتقاطع ذلك مع ما نقله مصدر دبلوماسي بأن المبعوث الأممي إلى السودان فولكر بيرتس أبلغ مجلس الأمن الدولي أنه “لا مؤشرات على استعداد الأطراف المتقاتلة لإبرام هدنة”.
وفي التفاصيل، فقد أعلنت قوات “الدعم السريع” بقيادة محمد حمدان دقلو، موافقتها على وقف إطلاق النار لمدة 24 ساعة. وفي تغريدة على “تويتر”، أوضحت القوات أن إعلان الهدنة جاء بناء على “الاتصال المباشر مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، وجهود الدول الشقيقة والصديقة”.
بسم الله الرحمن الرحيم
قيادة #قوات_الدعم_السريعبناءًا على الاتصال المباشر مع السيد انتوني بلنكن وزير الخارجية الاميركي وجهود الدول الشقيقة والصديقة التي اجرت اتصالات مماثلة دعتنا خلالها الى وقف مؤقت لإطلاق النار من اجل فتح مسارات أمنه لعبور المدنيين pic.twitter.com/mJdGsvaG0P
— Rapid Support Forces – قوات الدعم السريع (@RSFSudan) April 18, 2023
وأكدت القوات التزامها “التوجيهات التي صدرت في هذا الصدد اعتباراً من فجر أمس”، مشيراً إلى “عدم التزام الطرف الآخر بالهدنة فيما لا تزال طائراته توجه ضرباتها داخل المناطق المأهولة بالسكان في تجاوز سافر لأسس ومبادئ القانون الدولي والإنساني، وننتظر ردا من بلينكن لحسم خروقات الطرف الآخر”، حسب “الدعم السريع”.
من جهته، أعلن قائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، في تغريدة على “تويتر”، أنه تواصل مع نظرائه في الإمارات والسعودية وبريطانيا بشأن الوضع في السودان.
الجيش عن الهدنة: لا علم لنا
بدورها، أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة أنه “لا علم لنا بأي تنسيق مع الوسطاء والمجتمع الدولي حول هدنة، وإعلان التمرد لهدنة 24 ساعة يهدف للتغطية على الهزيمة الساحقة التي سيتلقاها خلال ساعات”، مضيفاً “دخلنا مرحلة حاسمة وجهودنا منصبة نحو تحقيق غاياتها على المستوى العملياتي مكتب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة”.
استمرار المعارك
وفي تفاصيل الميدان، فقد تواصلت الاشتباكات في العاصمة السودانية الخرطوم ومدينة أم درمان التابعة لها، وسط تحليق لطائرات الجيش السوداني فوق أجواء المدينتين. وقالت وسائل إعلام سودانية إن الطيران الحربي حلّق في سماء “خرطوم بحري”، مستهدفاً مقار قوات الدعم السريع.
كذلك، تجددت الاشتباكات العنيفة بمحيط القصر الرئاسي وسط العاصمة، واستهدف الطيران مقرّ إقامة قائد قوات الدعم السريع قرب مطار الخرطوم الدولي. وأعلن الناطق باسم الجيش السوداني أن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان “أصدر عفوا عمن يضع السلاح من الدعم السريع”. من جانبها، قالت قوات الدعم السريع إن” ثورة جديدة انطلقت ومستمرة لبلوغ غاياتها وفي مقدمتها تشكيل حكومة مدنية”.
هذا ولا يزال الالاف من المدنيين عالقين في منازلهم بالعاصمة، دون حتى مياه للشرب أو أدنى الاحتياجات اليومية من مأكل وعناية طبية، لاسيما بعد فشل الحفاظ على وقف لإطلاق النار وفتح مسارات آمنة.
إلى ذلك، أعلنت لجنة أطباء السودان خروج معظم مستشفيات العاصمة ومرافقها الصحية من الخدمة. وقالت لجنة أطباء السودان إن عدد القتلى المدنيين جراء الاشتباكات ارتفع إلى 144، وجاء في بيان للجنة أطباء “ارتفاع عدد المصابين من المدنيين والعسكريين إلى 1409”.
وفي وقت سابق، قال الممثل الخاص للأمم المتحدة للسودان فولكر بيرثيس، إن أكثر من 180 مدنياً قتلوا وأصيب أكثر من 1800 شخص جراء الاشتباكات بين قوات الأمن في السودان.
دعوات للحوار رغم استبعاد أي هدنة
وبخصوص جهود وقف القتال، حضّ وزراء خارجية دول مجموعة السبع الثلاثاء طرفي النزاع في السودان على “وقف الأعمال العدائية فورا”، والعودة إلى طاولة المفاوضات بعد اشتباكات أودت بحياة نحو 200 شخص.
وقال الوزراء في بيان بعد يومين من المحادثات “نحض طرفي النزاع على وقف الأعمال العدائية فورا دون شروط مسبقة”، محذرين من أن القتال “يهدد أمن وسلامة المدنيين السودانيين ويقوض جهود استعادة الانتقال الديمقراطي في السودان”.
ودعوا في البيان “إلى نبذ العنف والعودة إلى المفاوضات واتخاذ خطوات فعالة لخفض التوترات وضمان سلامة جميع المدنيين والدبلوماسيين والعاملين في المجال الإنساني”.
وحذّرت الأمم المتحدة من أن كل تصعيد إضافي في السودان ستكون له تداعيات كارثية.
وفي السياق، قال مسؤول في مفوضية الاتحاد الأفريقي للجزيرة إن الاتحاد الأفريقي يسعى بالتنسيق مع شركائه لأن يكون الحل سودانيا وداخل القارة. وبالتوازي مع هذه الدعوات، قال مصدر دبلوماسي إن المبعوث الأممي إلى السودان فولكر بيرتس أبلغ مجلس الأمن الدولي بأنه “لا مؤشرات على استعداد الأطراف المتقاتلة لإبرام هدنة”.
“مصر للطيران”: استمرار تعليق الحركات الجوية مع السودان
أصدرت شركة “مصر للطيران” الحكومية بيانا أكدت فيه استمرار تعليق الحركة الجوية مع السودان. وجاء في البيان أنه “نظرا لاستمرار حالة عدم الاستقرار الأمني بدولة السودان الشقيق، تعلن مصر للطيران توقف رحلاتها من وإلى مطار الخرطوم لحين إشعار آخر على أن يتم موافاتكم بأحدث المستجدات تباعاً”.
وأهابت مصر للطيران “بعملائها الكرام المسافرين من وإلى مطار الخرطوم على متن رحلاتها الجوية مراجعة حجوزاتهم من خلال الاتصال بمركز خدمة اتصالات مصر للطيران”.
المصدر: موقع المنار