كشف تحليل غير مسبوق لكيفية نمو أمراض السرطان عن “قدرة غير محدودة” للأورام على التطور والبقاء، وتركت نتائج تتبع سرطانات الرئة فريق البحث في “دهشة ورهبة” من تلك القوة التي هم بصدد مواجهتها.
وخلص الباحثون إلى أن هناك حاجة إلى المزيد من التركيز على الوقاية، مستبعدين الوصول إلى علاج “شامل” للسرطان في وقت قريب.
وأشارت الجمعية البريطانية للسرطان إلى أن هذه الدراسة ألقت الضوء على أهمية الكشف المبكر عن الإصابة به، وأسفرت هذه الدراسة عن التحليل الأكثر عمقا لكيفية تطور الأورام السرطانية وأسباب انتشارها.
وتتغير أمراض السرطان وتتطور بمرور الوقت – فهي لا تنتمي إلى فئة الأمراض الثابتة غير القابلة للتغيير – إذ يمكن أن تصبح أكثر شراسة وتتحسن قدرتها على التغلب على جهاز المناعة والانتشار في جميع أجزاء الجسم.
وتبدأ الإصابة بظهور ورم واحد، وهو عبارة عن خلية تالفة، لكنه يتحول إلى ملايين الخلايا التي تحورت جميعها بطرق مختلفة إلى حدٍ ما.
وقال تشارلز سوانتون، من معهد فرانسيس كريك بكلية طب لندن إن هذا “لم يحدث من قبل بهذا الحجم، لقد أدهشتني القدرة الكبيرة على التكيف التي قد تكون لدى الأورام
واعتمدت الدراسة على خزعات أُخذت من 400 من مرضى سرطان الرئة – يتلقون العلاج في 13 مستشفى في المملكة المتحدة – من أجزاء مختلفة من سرطان الرئة في مراحل تطوره المختلفة.
وقال سوانتون :”لا أريد أن أبدو محبطا للغاية حيال هذا الأمر. لكني أعتقد أنه – بالوضع في الاعتبار الاحتمالات اللانهائية التي يمكن أن يكون عليها تطور الورم والعدد الهائل من الخلايا الذي يتكون في المراحل الأخيرة من المرض الذي يقدر بمئات المليارات منها – يكن الوصول شفاء جميع المرضى في المراحل المتأخرة مهمة شاقة”.
وأكد: “لا أعتقد أنه سيكون في مقدورنا التوصل إلى علاجات شاملة للمرض، إذا أردنا إحداث الأثر الأكبر على الإطلاق، فسوف نحتاج إلى التركيز على الوقاية، والكشف المبكر للإصابة، والكشف المبكر عن الانتكاسات أيضا”.
وتُعد السمنة، والتدخين والأنظمة الغذائية الضعيفة من أكثر العوامل التي تزيد من العرضة للإصابة بالسرطان. كما يُعد علاج الالتهابات في الجسم من طرق الوقاية من السرطان. فالالتهاب هو التفسير المحتمل لتلوث الهواء الذي يسبب سرطان الرئة، والتهاب الأمعاء أيضا يزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون.
ونُشر هذا التحليل في سبع دراسات منفصلة في مجلة نايتشر آند نايتشر ميديسين.
وأظهر البحث أن الخلايا السرطانية الأكثر شراسة في الأورام الأولية هي التي تكون مسؤولة في النهاية عن انتشار السرطان في جميع أنحاء الجسم.
الأورام التي تظهر مستويات مرتفعة من “الفوضى” الجينية، قد تكون هي المسؤولة عن انتكاسة المريض وعودة انتشار المرض في أجزاء أخرى من جسمه. يعني تحليل الدم بحثًا عن أجزاء من الحمض النووي للورم أن علامات عودته يمكن رصدها لمدة تصل إلى 200 يوم قبل الظهور في الأشعة المقطعية.
وقد تتعرض الآلة الخلوية التي تقرأ التعليمات الموجودة في حمضنا النووي داخل الخلايا السرطانية مما يجعلها أكثر شراسة.
ويأمل الباحثون في أن تساعد هذه النتائج في المستقبل على التنبؤ بكيفية انتشار الورم، مما يساعد على إعداد علاج يتناسب مع كل حالة.
وقال دايفيد كروسبي، رئيس قسم الوقاية والكشف المبكر لدى الجمعية البريطانية للسرطان، إن “النتائج المثيرة لدراسة TracerX تعزز فهمنا لأن السرطان مرض يتطور بمرور الوقت، مما يعني أن المراحل المتأخرة من المرض قد يكون من الصعب علاجها بنجاح”.
وأضاف: ” “يؤكد ذلك الأهمية الحاسمة لمزيد من البحث لمساعدتنا على اكتشاف السرطانات في المراحل الأولى من تطورها أو بالأحرى الوقاية من المرض من الأساس”.
المصدر: بي بي سي