تتواصل عمليات الإغاثة ورفع الأنقاض في كل من جنوب تركيا وشمال سوريا لليوم الرابع على التوالي، اثر المأساة التي سببها زلزال مدمر (بلغت قوته 7.7 درجات)، أعقبه آخر بعد ساعات بقوة 7.6 درجات وعشرات الهزات الارتدادية. ومع مرور الوقت، يتكشف حجم الكارثة الإنسانية، خصوصاً مع ارتفاع مستمر في أعداد الضحايا والمصابين ومع تضاؤل الأمل في العثور على ناجين. هذا وتستمر المساعدات على اختلافها بالوصول إلى البلدين المنكوبين، مع استمرار البعض في تسييس الكارثة. وفي هذا السياق، أكد المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون أنه “يجب التأكد من عدم وجود أي عوائق سياسية أمام وصول المساعدات”، قائلاً إن “الاستجابة الطارئة لضحايا الزلزال يجب أن لا تتعرض للتسييس”.
تركيا
أعلن نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي أن “عدد الضحايا جراء الزلزال بلغ 17134 والمصابين 66000″، لافتاً إلى أن “أكثر من 1300 هزة ارتدادية حدثت حتى الآن بعد وقوع الزلزال”. وقال أوقطاي أن “113 ألف شخص يعملون في المناطق المنكوبة في كل المجالات”، مشيراً إلى أن “الظروف الجوية عطلت عملنا وأعاقت تحليق المروحيات لإيصال المساعدات في بعض المناطق”.
يأتي ذلك عقب إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من غازي عنتاب ارتفاع عدد ضحايا الزلزال إلى 14014 قتيلاً و63794 مصاباً. وأشار الرئيس التركي إلى “محاولات لاستغلال كارثة الزلزال لمصالح سياسية”، مؤكداً أنه “سنصدر اليوم قانون إعلان حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر وسيتم تمريره في البرلمان”.
وسبق أن ذكرت إدارة الكوارث والطوارئ التركية “آفاد”، ارتفاع عدد ضحايا الزلزال إلى 12 ألفا و873 قتيلاً، و62 ألفاً و937 مصاباً، حتى صباح الخميس. وقالت “آفاد” في بيان إن المناطق المنكوبة شهدت 1117 هزة ارتدادية.
كما أشارت إلى إجلاء 28 ألفا و44 شخصاً من الولايات المتضررة جراء الزلازل، مؤكدة استمرار جهود البحث والإنقاذ بمشاركة أكثر من 24 ألف شخص من فرق محلية ودولية، بينهم 5 آلاف و709 عناصر من البلدان الأخرى. وأرسلت “آفاد” ووزارة العائلة والخدمات الاجتماعية والهلال الأحمر التركي 137 ألف و929 خيمة، ومليون و255 ألف بطانية إلى المناطق المنكوبة. وتواصل الجهات الإغاثية تقديم الطعام للمتضررين من خلال أكثر من 160 مطبخاً متنقلاً.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان صرّح أن بلاده “ستتعافى من تداعيات الزلزال المدمر في وقت قصير”. ونقلت وكالة “الأناضول” عن أردوغان قوله خلال تفقده مناطق متضررة من في قضاء إسكندرون “لا تقلقوا، سوف نتعافى كما تعافينا سابقاً من الزلازل في كل هذه الأماكن. بالطبع، أولئك الذين لقوا حتفهم باقون في قلوبنا، هم جزء منا”.
فرق الإنقاذ تسابق الزمن
إلى ذلك، صرّح وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو خلال مؤتمر صحفي له في أنقرة الخميس، أن “6479 منقذاً من 56 دولة يشاركون الآن في عمليات البحث والإنقاذ، كما سترسل 19 دولة أخرى متخصصيها في غضون 24 ساعة”.
هذا وتواصل فرق البحث والإنقاذ انتشال المصابين من تحت الأنقاض المدمرة، وفي هذا الإطار، نجحت الفرق في إنقاذ المواطن يلماز تشيتين (36 عاما) في ولاية أدي يامان، بعد 77 ساعة على وقوع الزلزال. كما تمكنت فرق الإنقاذ أيضاً من انتشال شقيقين أحياء في أدي يمان بعد مرور 72 ساعة على بقائهما تحت الأنقاض. وفي ولاية ديار بكر استطاعت الفرق إنقاذ مواطن وزوجته، أما وفي ولاية هطاي، تمكنت الفرق من إنقاذ 3 أشخاص، بينهم طفل رضيع، بعد 69 ساعة من وقوع الزلزال، إضافة إلى إنقاذ 4 أشخاص، طفلة تبلغ 5 أعوام مع أمها، إضافة إلى فتاة وأبيها، بعد مرور 72 ساعة، وذلك في الولاية نفسها.
أما في ولاية غازي عنتاب فأنقذت الفرق شابة تبلغ من العمر 17 عاما. هذا وأعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية “آفاد” الخميس، إتمام عملية البحث والإنقاذ في شانلي أورفة إحدى الولايات العشر المتضررة من الزلزال. وفي السياق، أنقذت فرق البحث والإنقاذ الأذربيجانية 37 شخصاً بينهم 8 أطفال، كانوا عالقين تحت أنقاض المباني في ولاية قهرمان مرعش مركز الزلزال، وانتشال جثث 145 شخصاً. وذكرت وزارة حالات الطوارئ الأذربيجانية في بيان الخميس، أن فرقها تواصل عملية البحث والإنقاذ في قهرمان مرعش.
وأظهر فيديو قيام عمال الإنقاذ بإنقاذ شخصين بالغين وطفلة تبلغ 5 سنوات من العمر بعد أن قضوا 73 ساعة تحت الأنقاض في قهرمان مرعش.
سوريا
في سوريا، ارتفعت حصيلة الضحايا (مناطق سيطرة النظام والمجموعات المسلحة) إلى 2802 قتيل وأكثر من 5000 إصابة. وفي تصريح لوسائل إعلام أفاد وزير الصحة في النظام السوري حسن الغباش أن “عدد ضحايا الزلزال ارتفع إلى 1262 وفاة و2285 إصابة وذلك في حصيلة غير نهائية”.
كما ذكرت وكالة “سانا”، أن عدد الضحايا في محافظات حلب واللاذقية وحماه وطرطوس بلغ 1262، والجرحى 2285. من جانبه، أوضح الدفاع المدني السوري ( الخوذ البيضاء) في بيان أن حصيلة ضحايا الزلزال في شمال غربي سوريا ارتفع لأكثر من 1540 وفاة، و2750 إصابة.
وأشار إلى أن العدد مرشح للارتفاع بشكل كبير بسبب وجود مئات العوائل تحت أنقاض الأبنية المدمرة.
هذا وانتشر مقطع فيديو، يظهر تمكن رجال الإنقاذ في سوريا من سحب طفل على قيد الحياة من أحضان والده المتوفى. ويظهر الفيديو رجال الإنقاذ وهم يسحبون جثة رجل من بين الأنقاض وهو يمسك بطفله. وكانت المفاجأة عندما تبين أن الطفل نجا بفعل حماية الأب له.
They pulled the dead father out from under the rubble and pulled his son alive from his arms.#زلزال_سوريا #زلزال_شرق_المتوسط #earthquakesyria #earthquake pic.twitter.com/dDOfPzAFT8
— Daily Middle East (@middleast_daily) February 9, 2023
مدة الهزات الارتدادية قد تصل لسنة كاملة
من جهته، قال مدير عام مركز رصد الزلازل في سوريا رائد أحمد إن “الهزات الارتدادية التي تحدث تعني تجاوز الخطورة”، مبيناً أن “هذه الهزات قد تستمر لسنة كاملة وسيحصل خلالها أكثر من 30 ألف حدث عابر”. ونفى أحمد ما جرى تداوله بأن الهزات الارتدادية تنذر بزلزال أكبر. وأضاف “الهزة حدثت وتركزت في هذه المنطقة معنى ذلك أنه أصبح لدينا خلل وحتى يستقر هذا الخلل يتطلب منا وقت؛ وهنا لا داعي لتصعيد الظروف وتهيئة الناس لأشياء أخرى لا أحد يعلم بها”، موضحاً أنه “بشكل علمي لا يمكننا أن نرفض مطلقا ألا يحدث هزة أرضية أو زلزال وهذا أيضا لا يمكننا تأكيده حالياً”.
سوريا تتلقى مساعدات… وايران في صدارة المتبرعين
وصلت إلى مطار دمشق الدولي اليوم الخميس طائرتان إماراتيتان وطائرة إيرانية محملة بالمساعدات الإنسانية لمتضرري الزلزال.
وقال السفير الإيراني في دمشق مهدي سبحاني إن “الطائرة الإيرانية تحمل 45 طناً من المساعدات التي تشمل بطانيات وخيماً ومواد غذائية، يحتاجها أهالي المناطق المتضررة من الزلزال”، لافتاً إلى أن “هذه هي الدفعة الخامسة من المساعدات الإغاثية التي تقدمها إيران للشعب السوري”. وأشار سبحاني إلى أن “طائرة مساعدات سادسة ستصل إلى مطار اللاذقية اليوم وسابعة محملة بالمساعدات الطبية ستصل إلى مطار دمشق لاحقاً”. وأكد سبحاني أن “من يدعون الدفاع عن حقوق الإنسان عليهم أن يثبتوا مصداقيتهم ويسارعوا إلى دعم الشعب السوري، فلا وقت اليوم لتسييس الأمور”.
بدورها، أعلنت جمعية الصليب الأحمر الصيني أنها أرسلت الخميس فريقاً من عمال الإنقاذ مع دفعة أولى من الإمدادات الطبية إلى سورية. وذكرت “وكالة شينخوا” أن الجمعية أرسلت الإمدادات التي تكفي احتياجات نحو 5 آلاف شخص، بناء على طلب من السفارة السورية في بكين. وكانت الجمعية أعلنت في وقت سابق التبرع بمبلغ 200 ألف دولار أمريكي لمنظمة الهلال الأحمر كمساعدات إنسانية طارئة.
وكانت وصلت أمس مساعدات عديدة من بلدان كفنزويلا والعراق والأردن ومصر وايران والامارات والهند.
مكالمات مجانية
أعلنت شركة الاتصالات الألمانية “تليفونيكا ألمانيا” أن المكالمات إلى تركيا وسوريا ستكون مجانية حتى 17 فبراير/شباط، على خلفية الزلازل التي ضربت البلدين. وقالت الشركة في بيان الخميس، إن ميزة التجوال داخل تركيا ستكون مجانية أيضا خلال الفترة المحددة.
ولفتت أن هدفها من هذه الخطوة هو “المساعدة في بقاء الناس على تواصل مع أقربائهم وأحبائهم، ودعم فرق الإنقاذ العاملة على الأرض”.
فريق دعم فلسطيني
وانطلق فريق دعم ومساعدة فلسطيني، الخميس، من رام الله وسط الضفة الغربية تجاه تركيا وسوريا لمساعدة المتضررين من الزلزال. ويتكون الفريق الفلسطيني من 73 شخصاً، يضمّ أطباء وعناصر دفاع مدني ومسعفين من جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.
بدوره قال مدير الوكالة الفلسطينية للتعاون الدولي (بيكا) السفير عماد الزهيري، للأناضول، إن الفريق “سيقوم بمهمات التدخل والاستجابة العاجلة، ويضم خبراء في مجال الإنقاذ، وهو مدرب على العمل في مناطق الكوارث”. ولفت الزهيري إلى أن أن الفريق “ينقسم بين تركيا وسوريا”.
المصدر: موقع المنار
