رأى نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش أن لا خيار أمام اللبنانيين لإخراج البلد من حالة المُراوحة والدخول في مرحلة الحلول والمعالجات الجديّة سوى التلاقي والتفاهم.
وخلال خطبة الجمعة، قال الشيخ دعموش إن حزب الله دعا منذ البداية للتوافق من موقع الحريص على البلد واستقراره ومستقبله، ولأننا مقتنعون بأنّنا بالحوار والتفاهم مع كل المُخلصين قادرون أن نبني بلدنا وأن نُنجز داخليًا استحقاق الرئاسة وأن نصنع مستقبلاً مُزدهرًا اقتصاديًا للبنان على الرغم من كل ما يُعانيه، ولكن يجب أن تتوافر الإرادة الصادقة والمخلصة والنوايا الطيبة، وأن نكون أقوياء وشجعان نعتمد على أنفسنا وعقولنا وتجاربنا، وأن لا ننتظر الخارج لأنّه يفتش عن مصالحه ولن يكون أحرص على مصلحة لبنان من اللبنانيين المخلصين أنفسهم.
ولفت إلى أن اللبنانيين الذين لا يتفاعلون مع دعوات الحوار ويُراهنون على تدخلات الخارج لإنتاج حلّ لأزمة انتخاب الرئيس يُضيّعون الوقت، ويُدخلون البلد في نفق مسدود لا سبيل للخروج منه إلا بالتوافق.
وأضاف: “إذا أردنا أن ننتظر الأمريكي وحلفاءَه ليُقدّموا لنا الحلول فلن نحصل على شيء، ولن يكون بلدنا مُزدهرًا في المستقبل، لأنّ الأميركي لا يعنيه أن يكون لبنان بلدًا قويًا ومستقرًا ومزدهرًا، وليس مستعجلًا على إنتخاب رئيس للجمهورية، وما يعنيه هو كيف يؤمّن مصالحه ومصالح الكيان الصهيوني في المنطقة”.
وأكد أنّ التوافق الداخلي هو أسرع وأقصر الطرق لإنجاز الاستحقاق الرئاسي وإخراجه من أزماته، أما الرهان على الخارج وانتظار تطورات المنطقة لإنتاجِ رئيسٍ وإنقاذ البلد فهو رهان على سراب وانتظار للمجهول.
نص الخطبة
لا زلنا في اجواء شهادة السيدة الزهراء(ع) وعلى مقربة من مناسبة ولادتها في العشرين من شهر جمادى الثاني الذي اعلنه الامام الخميني(قده) يوما عالميا للمرأة المسلمة، لان الزهراء(ع) تمثل المرأة المسلمة الكاملة التي كانت كل ابعاد شخصيتها ابعاد مثالية ونموذجية، فهي الى جانب كل صفاتها وخصائصها الكمالية التي تحدثنا عن بعضها في الخطب السابقة، كانت نموذج وعنوان ومثال المرأة المحجبة المتسترة العفيفة الشريفة.
وهناك العديد من الروايات والوقائع التاريخية التي تدل على مدى تقيد الزهراء (ع) بحجابها، وقد ذكرنا العديد منها في بعض الخطب السابقة. فهي(ع) لم تكن تظهر على الرجال او تختلط بالرجال او تُسمع صوتها للرجال غير المحارم الا عند الضرورة او عندما كانت تخرج لتؤدي دورها الرسالي في المجتمع، بل كانت تتحرج حتى من رؤية الرجل الأعمى فضلا عن البصير.
ومن اوصاف حجابها، انها كانت تغطي رأسها بخمار (منديل) يصل إلى نصف يدها، وكانت عندما تمشي تطأ على حجابها من طول عباءتها .
وهناك مجموعة من المسائل يجب ان نلتفت اليها في موضوع الحجاب:
اولا: ان الحجاب ليس عادة اجتماعية ناشئة من تقاليد واعراف بائدة وعصور متخلفة كما يروج الغرب والمتغربون الذين تأثروا بالمظاهر الغربية.
الحجاب فريضة الهية اوجبها الله على المرأة البالغة، كما اوجب بقية الفرائض، هو مثل الصلاة والصوم والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدق والامانة وسائر الواجبات .
هو واجب على المرأة المسلمة المكلفة بنص القرآن الكريم حيث يقول الله تعالى في الآية 31 من سورة النور:(وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ) وفي الآية 59 من سورة الأحزاب: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) فان هاتين الآيتين تدلان بشكل واضح على وجوب ستر المرأة لرأسها وكامل جسدها، حيث ان جملة: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) تدل على وجوب ستر الرأس الى الصدر لان كلمة خمرهن جمع خمار، والخمار هو غطاء الراس، وجملة: (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ) تدل على وجوب ستر سائر الجسد لأن كلمة جلابيبهن هي جمع جلباب، والجلباب هو الثوب الواسع الفضفاض غير الشفاف الذي يستر ما تحته.
وعلى هذا الاساس فإنّ أيّ لباس واسع فضفاض غير شفّاف يستر مفاتن المرأة ولا يبرز جسدها بطريقة تثير الغريزة هو لباس شرعيّ، بمعزل عن الشكل او اللون لان الإسلام لا يحدّد شكلاً أو لوناً معيَّناً للزيّ الشرعي، فكلّ ما ينسجم مع الضوابط والعناوين العامّة هو لباس شرعيّ، لكن افضل اللباس الشرعي هو العباءة. وما دامت العباءة فضفاضةً وساترةً لجسد المرأة، فهي مطلوبة مهما كان شكلها او اسمها، عباءة زنيبية او عباءة فاطمية، قصتها عراقية او ايرانية او غير ذلك لا يهم طالما تندرج تحت الضوابط العامة.
اذن الحجاب واجب بنص القران، ولا احد يستطيع ان يقول انه ليس هناك من دليل على الحجاب والستر الشرعي في القران، فالقران واضح وصريح في ذلك، ومن يشكك في ذلك انما يحاول التهرب من هذا الواجب الالهي.
الحجاب واجب كوجوب الصلاة والصوم وسائر الواجبات، ومن يرفض وجوب الحجاب او يؤول الايات الدالة على وجوبه هو كمن يرفض وجوب الصلاة او يؤول ويفسر ايات الصلاة على مزاجه ليتهرب من اداء الصلاة .
هل يستطيع احد الا جاهل باللغة العربية ان يقول ان قوله تعالى (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ الَّليْلِ) او (أَقِمِ الصّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ) او (أَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) او قوله تعالى (فأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۚ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا) لا يدل على وجوب الصلاة؟!، ابدا ، كذلك لا يستطيع الا جاهل ان يقول ان ايتي الحجاب لا تدلان على وجوب الحجاب.
فرض الحجاب في القران على المرأة واضح كوضوح فرض الصلاة والصوم والحج والزكاة وغير ذلك من الواجبات، اذن لا معنى للتشكيك. هذا اولا.
ثانيا: القناعة ليست شرطا في الحجاب، بعض الفتيات لا يتحجبن او يخلعن الحجاب لانهن لسنا مقتنعات بالحجاب، البعض عندما تسألها لما لا تتحجبين؟ تقول:انا غير مقتنعة! او بعد لم اقتنع! من قال ان الفتاة او المرأة يجب ان تقتنع حتى تتحجب ، الحجاب هو فريضة سواء اقتنعت المرأة ام لم تقتنع، فلو فرضنا ان انسانا لم يقتنع بالصلاة اوبالصوم فهل معنى ذلك ان يترك الصلاة والصوم فلا يصلي ولا يصوم؟ او اذا لم يقتنع بوجوب الصدق او الامانة ان يكذب ويحتال ويأكل اموال الناس ولا يؤدي الامانة؟!.
القناعة ليست شرطا، هناك العديد من الاشياء التي يقوم بها الانسان وليس مقتنعا بها لان فيها مصلحة ومنفعة او لانها تحفظ كرامته وشرفه او لانها تجنبه العقاب والحساب، هناك الكثير من القوانين لا يقتنع بها الانسان لكنها مفروضة علية من الدولة والسلطة ويلتزم بها ، لانه يخاف من الجزاء. فالحجاب هو واجب الهي يعاقب الله على خلعه او التهاون فيه كما يعاقب على ترك الصلاة والتهاون فيها. فلا يصح ان يقول احد انه غير مقتنع، لان هناك الكثير من الاشياء لا يقتنع بها نتيجة عدم ادراكه لاسرارها ولكنه يقوم بها.
ثالثا: الحجاب لا يشل حركة المرأة وعمل المرأة، ولا يعني أن تعتزل المرأة المجتمع ولا تخرج من بيتها، ولا تنخرط ولا تشارك بادوار عامة
الزهراء (ع) وابنتها الحوراء زينب (ع) والعديد من نساء صدر الاسلام شاركن في أدوار كبيرة تتعلق بالشأن العام وشاركن حتى في الحروب وقدمن خدمات جليلة للاسلام وللمسلمين وللمجاهدين .
المرأة في لبنان قدمت الكثير للمقاومة ولا تزال المرأة المؤمنة تقوم بأدور عظيمة في المجتمع وفي دعم المقاومة والمشاركة في مؤسساتها المختلفة.
الكثير من الفتيات المؤمنات المحجبات يمارسن نشاطهن بشكل عادي من دون ان يمنعهن الحجاب من ذلك يذهبن الى الثانويات والجامعات ويتعلمن ويمارسن اعمالا حرة، طبيبات ومهندسات وممرضات وموظفات في شركات مختلفة ويدرن محلات تجارية ويمارسن ادوار كبيرة وهن محجبات وملتزمات.
فالحجاب ابدا لا يعني العزلة والانزواء والمكوث في البيت وشل دور المرأة في الحياة
الغرب الذي يرفض الحجاب انما يرفضه ليس لانه يعتقد بان الحجاب يشل حركة المرأة، هو يعرف بان الحجاب لا يمنع المرأة المسلمة من ان يكون لها دور عام وفي مختلف المجالات، ويعرف بان المرأة المسلمة المحجبة حتى في الغرب تمارس اعمالا مختلفة وفي مختلف المجالات، الغرب يرفض الحجاب لانه يريد ان تتحلل المراة من كل القيود الاخلاقية وان تتحول الى مجرد مصدر للذة وعنصر لاثارة الغرائز واشباع الشهوات، يريدها ان تتحول الى مجرد سلعة رخيصة للاغراء وجذب الزبائن وتسويق المنتجات وغير ذلك، ولذلك نجد ان معظم الاعلانات والدعايات وعمليات الترويج والتسويق تعتمد على النساء المتبرجات السافرات شبه العاريات من اجل جذب الزبائن، هل هكذا نحفظ كرامة المراة وشرفها وأنوثتها؟! هل هكذا تكون حرية المرأة هل هكذا نحفظ حقوق المرأة ؟؟
اليوم الذين ينادون بنزع الحجاب وحرية المرأة وحقوق المرأة يروجون للمثلية والشذوذ الجنسي والانقلاب على الفطرة والطبيعة البشرية . الستر والحشمة والعفة والحياء والخجل من لوازم الفطرة البشريّة، بينما التهتُّك والميوعة والانحلال وعدم الحياء خلاف الفطرة والطبيعة البشرية.
ما يدعو اليه الغرب والمتغربون ليس حرية وانما عبودية للشهوات والغرائز والخروج عن الطبيعة البشرية.
رابعا: ان بعض الذين يقتنعون بالحجاب ويحسبن على المحجبات حجابهن لا يشبه حجاب الزهراء(ع) ، فهل مثلا لبس البنطلون او الملابس القصيرة والضيقة التي ترتديها بعض النساء او الفتيات يشبه حجاب سيدة نساء العالمين صلوات الله عليها!؟
هناك من يروج لموديلات كثيرة من اللباس المعتدل الغريب الذي يلفت الانتباه و لا مع الحجاب الشرعي.
بعض لباس المحجبات الذي نراه اليوم هو تشويه للحجاب وللمراة المحجبة ويتنافى مع الاتزان والحشمة التي ينبغي ان تتحلى بها الفتاة المحجبة.
لذلك اليوم مسؤولية الأهل والأزواج التشدد في المواصفات والضوابط المتعلقة بالزي الشرعي من أجل رونق الحجاب الشرعي وتحصين مجتمعنا من عوامل الفساد والانحراف.
مسؤولية الآباء والأمهات صيانة الأولاد من الإنحراف الخلقي والإجتماعي خصوصا في ظل البيئة الفاسدة وانفتاح الاجيال على استخدام وسائل التواصل.
الآباء والأمهات مسؤولون عن ملاحقة بناتهم بالتربية الصحيحة على الاخلاق والقيم والالتزام بالحجاب الشرعي ، بأن يشجعوا بناتهم على ارتداء العباء لصون شرفهن وكرامتهن، والتجار تجار الألبسة وأصحاب المحلات يجب بدورهم أن يروجوا للعباءة وللألبسة الشرعية وللزي الإسلامي الحقيقي.. أما الألسبة التي تروج وتنشر الثقافة الغربية, أو ارتداؤها يساهم في نشر التقاليد والعادات والثقافات الغربية المعادية فلا يجوز لبسها, ولا يجوز للتجار وأصحاب المحلات استيرادها ولا بيعها وشراؤها والترويج لها، ولذلك على التجار وأصحاب المحلات أن يحسنوا اختيار الموديلات الشرعية المطابقة للمواصفات الشرعية عند استيراد أو تصنيع أو شراء الألبسة حتى يساهموا في نشر الفضيلة والعفة واللباس الشرعي والزي الشرعي الذي أراده الله من خلاله حماية شرف المرأة.
المسؤولية كبيرة، ويوم القيامة سنقف بين يدي الله ونسأل عن ذلك .
اليوم لا خيار امامنا لتحصين مجتمعنا من الانحلال الاخلاقي والاجتماعي سوى متابعة اولادنا بالتربية الصحيحة على القيم والاخلاق، كما لا خيار امام اللبنانيين لاخراج البلد من حالة المراوحة والدخول في مرحلة الحلول والمعالجات الجدية سوى التلاقي والتفاهم .
حزب الله دعا منذ البداية للتوافق من موقع الحريص على البلد واستقراره ومستقبله، ولاننا مقتنعون باننا بالحوار والتفاهم مع كل المخلصين قادرون ان نبني بلدنا وان ننجز داخليا استحقاق الرئاسة وان نصنع مستقبلا مزدهرا اقتصاديا للبنان على الرغم من كل ما يعانيه، ولكن يجب ان تتوافر الإرادة الصادقة والمخلصة والنوايا الطيبة، وان نكون أقوياء وشجعان نعتمد على انفسنا وعقولنا وتجاربنا، وان لا ننتظر الخارج لان الخارج انما يفتش عن مصالحه ولن يكون احرص على مصلحة لبنان من اللبنانيين المخلصين أنفسهم.
ولذلك اللبنانيون الذين لا يتفاعلون مع دعوات الحوار ويراهنون على تدخلات الخارج لانتاج حل لازمة إنتخاب الرئيس انما يضيعون الوقت ويدخلون البلد في نفق مسدود لا سبيل للخروج منه الا بالتوافق.
إذا أردنا أن ننتظر الأمريكي وحلفائَه ليقدموا لنا الحلول فلن نحصل على شيء، ولن يكون بلدنا مزدهرا في المستقبل ، لأن الأمريكي لا يعنيه أن يكون لبنان بلدا قويًا ومستقرا ومزدهرًا، وليس مستعجلًا على إنتخاب رئيس للجمهورية، وما يعنيه هو كيف يؤمن مصالحه ومصالح الكيان الصهيوني في المنطقة .
ولذلك التوافق الداخلي هو اسرع واقصر الطرق لانجاز الاستحقاق الرئاسي واخراج البلد من ازماته، اما الرهان على الخارج وانتظار تطورات المنطقة لانتاجِ الرئيسٍ وانقاذ البلد فهو رهان على سراب وانتظار للمجهول.
المصدر: بريد الموقع