حسين شعيتو
في الأيام القليلة الماضية عقدت إيران وروسيا إتفاقاً يقضي بإنشاء مصنع للمسيّرات في الداخل الروسي بإشراف وتصنيع إيراني وذلك بعد تجربة المسيرات الإيرانية الناجحة التي استخدمتها روسيا في حرب أوكرانيا وفشل سلاح الردع الغربي ومنظومات الصواريخ المتطورة الأمريكية منها والأوروبية في التعامل معها أو إسقاطها قبل الوصول إلى أهدافها بحسب ما ذكرته وكالة الأخبار الروسية مؤخرا.
من وجهة نظر أمريكية وبعد حصول الجيش الروسي على صواريخ كاملة من منظومات “ناسماز” أمريكية الصنع وهي المسؤولة عن حماية البيت الأبيض الإعلان عن فحص ودراسة هذه الصواريخ للحصول على تكنولوجيا المعلومات الخاصة بها وكيفية التصنيع والمميزات التي تحملها أعلن الكونغرس الأمريكي حينها أن حرب تكنولوجيا المعلومات من أولويات الجيش الأمريكي في أي حرب وأنه في صدد إرسال فريق خبراء أمريكي إلى الأراضي الأوكرانية لإعداد دراسات عن انواع الأسلحة التي يستخدمها الجيش الروسي مؤخرا في الحرب خصوصا أن الأخير دخل عميقاً في الحرب ويستخدم أسلحة متطورة وجديدة حسب قولهم.
بالفعل بدأت هذه الإختبارات في منتصف الشهر الفائت على مسيّرات “شاهد” الإيرانية التي استخدمها الجيش الروسي مؤخرا واعتمد عليها بنسبة كبيرة في مواجهة أسلحة الردع العائدة “للناتو” وواشنطن التي تملكها أوكرانيا وأعلن رئيس الوفد حينها وهو ضابط في الاستخبارات الأمريكية لصحيفة “بولتيكو” أن الجيش الأمريكي في صدد الحصول على تكنولوجيا المعلومات الخاصة بالمسيرات الإيرانية بهدف التعامل معها في المستقبل القريب.
وفي السياق نفسه كشفت وسائل إعلام أمريكية وأهمها قناة “سي أن أن” عن ما أسمته بالمفاجأة المدوية مطلع العام الحالي وهو أن فريق الخبراء الذي زار أوكرانيا أرسل تقارير تفيد بأن ٨٥% من صناعة هذه المسيرات هو أمريكي المنشأ وأن محركاتها تعود للشركة النرويجية المسؤولة عن تصنيع منظومات “ناسماز” الأمريكية وتلك التي تساهم في تصنيع صواريخ “باتريوت” التي يهدد الجيش الأمريكي بأنه سيزود الجيش الأوكراني بها خلال الشهر الحالي.
ساهمت هذه التقارير في إحداث بلبلة كبيرة داخل الكونغرس ومجلس النواب الأمريكيًين وقد صدر عن الحزب الجمهوري الفائز في أغلبية مقاعد المجلس الأمريكي في الانتخابات النصفية الأخيرة تصريحات تنذر بخطورة تفوق إيران في الحرب المعلوماتية وتوصل الأخيرة إلى الحصول على هذه الكمية من المكونات والمحركات رغم العقوبات الإقتصادية والسياسية الخانقة التي تفرضها أمريكا منذ ٤٠ عام على طهران وأعلن البيت الأبيض تزامناً عن قوانين تنصّ على مراقبة وتقييد بيع جميع انواع المسيرات حتى تلك الصغيرة الخاصة بالتصوير ووجه طلب رسمي إلى الشركات النرويجية يقضي بإرسال حركة بيع المحركات للشركات العامة والخاصة بشكل شهري تباعاً.
على المقلب الآخر يرى خبراء عسكريون أن “الحرس الثوري” الإيراني تعمّد إرسال هذا النوع من المسيرات إلى روسيا بشكل خاص كرسالة عسكرية وتكنولوجية للبيت الأبيض بالإضافة إلى أن طهران استطاعت طوال الفترة السابقة الالتفاف على العقوبات الأمريكية عبر شراء مختلف انواع المسيرات وبكميات كبيرة عبر وكلاء ورجال أعمال وشركات في مختلف الدول ليتم بعدها تفكيكها ودراستها ومن ثم تحويلها إلى مسيرات عسكرية بصناعة إيرانية وتكاليف مادية أقلّ.
نجحت إيران إذاً وعلى الساحة الأوكرانية ودون خوض أي حرب عسكرية مباشرة في خلط أوراق الجيش الأمريكي وحلف الناتو وترجمة تفوقها في حرب تكنولوجيا المعلومات التي تعتبر من أهم أنواع الحروب الباردة في خلق توازنات الردع وقلب موازين اي جبهة عسكرية وزادت من حدة الحرب النفسية ومخلّفة وراءها تساؤلات عديدة في الداخل الأمريكي كان أهمها ما ذكره الكاتب “جون هنري” في صحيفة “بولتيكو” والذي كتب أن ” هذا ما عرفناه عن المسيّرات بوقت متأخر فماذا عن مختلف انواع الأسلحة المتطورة والجديدة التي ربما حصلت عليها إيران من الطرف الروسي بعد ما أغتنمها الأخير في حديقة أوكرانيا؟”.
المصدر: صحف