طالما ترسخت صورة السيدة زينب بنت الامام علي(ع) بأنها ممن حفظ الاسلام بأدوارها التي لعبتها في أحداث عاشوراء من العام 61 للهجرة وما سبقها وما تلاها، إلا ان من أبرز هذه الادوار بلا منازع كان دورها الاعلامي في تبيين الحقائق ورفع صوت الحق الثائر على السلطان الجائر.
وهذه الميزة ربما تكرست بما لا يقبل الجدال عندما كانت السيدة زينب(ع) في مجلس الطاغية عبيد بن زياد وخاطبها كيف رأيتِ فعل الله بأخيك، فردت عليه بصوت الحق والنصر والبصيرة “ما رأيت إلا جميلا..”، وواصلت عليها السلام أداء هذا الدور الاعلامي في إظهار مظلومية أهل البيت(ع) وفضح ممارسات النظام الاموي الظالم.
والسيدة زينب هذه المنارة الرسالية والاعلامية المناصرة للحق، كيف يمكن الاستفادة منها في عصرنا الحاضر بمواجهة آلات الاعلام المضلل الذي تقوده الادارة الاميركية وادواتها في العالم والمنطقة لتشويه صورة الاسلام والمسلمين وأي نظام إسلامي معادي للكيان الصهيوني؟
لا شك ان تجربة السيدة زينب(ع) يجب ان تبقى حاضرة في الوجدان والتطبيق ايضا خاصة في ظل ما نعانيه من حصار وضغوط ظالمة تهدف لاثارة البلبلة ودفع الشعوب لتضييع البوصلة عن الحق، فنرى ان هناك من يحاول الايحاء ان العدو الاسرائيلي قد يصبح صديقا لشعوبنا وامتنا، فالاعداء والمتآمرون يحاولون قلب الحقائق واختراع أعداء وهميين للأمة، بالتالي يجب دائما التنبه واليقظة من الأساليب التي تتبع لتضليل الناس ولا سيما جيل الشباب لحرفهم عن المبادئ الاسلامية والقيم الاخلاقية الانسانية التي يتضمنها الدين الحنيف.
ولنا في هذا الاطار، المثال الحي عما يجري في التعاطي مع القضية الفلسطينية، حيث يحاول الاعلام المعادي او المتواطئ تبيض صورة الكيان الاسرائيلي وإدخاله الى كل بيت على انه محب لما يسمونه “السلام”، كما يجري عبر استغلال مباريات المونديال في قطر للايحاء ان تواجد الصهاينة واعلامهم في هذا البلد وبين شعوب المنطقة هو مسألة عادية وممكنة، وبالتالي نرى الاعلاميين من كيان العدو يصولون ويجولون في هذا البلد لمحاولة كسب ودّ او الحصول على حديث من مشجع عربي، والتسويق للتطبيع مع هذا الكيان السرطاني الغريب عن جسد الامة.
كما اننا نلمس اليوم الهجمة الاعلامية الشرسة على الجمهورية الاسلامية في ايران وتصويب الكثير من الحملات الاعلامية ضدها، لتشويه صورتها وإظهارها على غير حقيقتها، وبالتالي نجد وسائل اعلام اميركية واخرى عربية تدور في فلكها تعمل على الاضاءة على بعض المشاكل الداخلية بحيث يتم تضخيمها بهدف اثارة الفتن، والتغاضي عن النقاط الايجابية الكثيرة جدا على مختلف الصعد في مسيرة إيران منذ ما بعد الثورة الاسلامية في العام 1979.
وفيما يتعلق بالشأن اللبناني، نرى ان الدور الاعلامي المؤيد للحق والحقيقة كما أرادته السيدة زينب(ع) وكل الأحرار على مرّ الزمن، هو ضرورة وحاجة أيضا لإظهار الحقائق والتأكيد ان ما يعانيه الوطن اليوم يرتبط بشكل اساسي بالحصار الاميركي على لبنان، بالاضافة الى انتشار الفساد في جسد الدولة، وضرورة نشر التوعية لمواجهة كلا الامرين والتأكيد على بناء دولة القانون والمؤسسات مع حفظ عناصر القوة التي يملكها لبنان وعلى رأسها معادلة “الجيش والشعب والمقاومة”، كما يجب التنبه لعدم الانجراف مع التضليل الاعلامي المنمق والمظهّر بحُلل مختلفة والمتبع من قبل بعض وسائل الإعلام التقليدية او عبر الاعلام الجديد.
يبقى ان الدور الاعلامي الحر والثائر للسيدة زينب(ع) يشكل نموذجا يحتذى في كل زمان ومكان لنصرة القضايا المحقة بدون تفرقة بين فئة وفئة او بين انسان وانسان، فالشخصيات التاريخية البارزة من أمثال زينب(ع) هي مشاعل جامعة لهدي الامم.
المصدر: موقع المنار