في ايام قليلة وقعت عدة جرائم قتل مروعة في العديد من المناطق اللبنانية من الشمال الى الجنوب… كثرة الجرائم ليست امرا مستجدا حيث تتصاعد معدلاتها في العقد الاخير، واسبابها تتنوع من الاسباب الشخصية الى المالية الى النفسية، ويُفاقمها انتشار السلاح الفردي وتعاطي وترويج المخدرات، والبطالة والاسباب الاجتماعية والتربوية، وكلها اسباب تنامت اكثر في الفترة الاخيرة.
لكن الوتيرة التي شهدتها جرائم القتل وتحرك وكشف الشبكات الاجرامية في الايام الماضية اثارت القلق الجدي من الانفلات الامني. فاذا كانت اغلب الجرائم فردية وبدوافع شخصية او مادية فإن تساؤلات تثار حول تصاعد وتيرة الجرائم بشكل غير مسبوق، وما اذا كان هناك تحريك منظم لبعض العصابات لارباك الوضع الامني والمجتمعي في فترة التأزم السياسي والمالي والدستوري، لا سيما ان الواقع الامني من جهة اخرى يشهد كشف شبكات ارهابية.
ويعاد هنا الى الاذهان كلام باربرا ليف مساعدة وزير الخارجية الاميركية التي توقعت تطورات امنية كارثية، والادوار الاميركية في ضرب امن واستقرار الدول في المنطقة معروفة ومشهودة ، وفي تحريك عصابات الاجرام والتحريض حول العالم.
بات الجيش وقوى الامن المتعددة على تسابق مع عصابات القتل والسرقة ويصدرون بشكل شبه يومي بيانات حول توقيف عصابات اجرامية. ويقول وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال بسام مولوي ان الوضع الامني لا يزال مضبوطا ، وسط ذلك، فإننا نعاني من الوضع الاقتصادي ومشكلات النزوح السوري. ويضيف إن جرائم القتل في لبنان هي اقل من السابق في حين أن نسبة السرقات ترتفع، وقوى الامن تقوم بواجباتها بكل وطنية رغم الازمة الاقتصادية.
بدوره وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم قال منذ ايام أن “الجيش يرصد أي نشاط لخلايا إرهابية على الأراضي اللبنانية، وكشف أخيرا خلية إرهابية في منطقة طرابلس ونفذ عملية نوعية أسفرت عن توقيف عدد من الرؤوس فيها”.
وكانت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي اعلنت الشهر الماضي انها تمكّنت من تنفيذ عمليات نوعية استباقية دقيقة خلال صيف عام 2022 (اعتباراً من شهر تموز لغاية شهر تشرين الأول)، أسفرت عن رصد وتحديد وتوقيف ثماني خلايا إرهابية في مختلف المناطق اللبنانية (البقاع – بيروت – الشمال – الجنوب – جبل لبنان) ينتمي أعضاؤها إلى تنظيم داعش الإرهابي”. وتابع بيانها أنه “تبين أن من ضمن أهداف هذه الخلية تجنيد أشخاص في لبنان وتنفيذ ضربات أمنية في الداخل اللبناني تطال تجمعات بشرية، لإيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا عبر عمليات انتحارية أحادية أو مزدوجة”.
وهنا نذكر الاشكاليات بين المؤسسات الامنية والقضائية التي تطرح علامات استفهام حول تاثيرها على الوضع الامني وما قاله المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان “ربما هناك من يريد ضرب الأمن في لبنان”. جاء ذلك بعد ان التقى النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات وتم البحث في مضمون المذكرة التي أصدرها اللواء عثمان لعناصر الضابطة العدلية حول كيفية التعاطي مع الجرائم المشهودة، في ظل اعتكاف القضاة وامتناع النيابات العامة في المناطق عن تلقي الاتصالات من القوى الأمنية وإعطاء الإشارة اللازمة.
اما المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم فقال أنّ الأمن في لبنان ممسوك ومتماسك لكنه اشار في تصريح ان القرار الدولي يرفض عودة النازحين إلى سوريا، مبديا الخشية من توطينهم لاحقا، وهذا يعني برأيه أننا نشهد على عملية تجهيز قنبلة ستنفجر لاحقا في لبنان، ولن يدفع أحد ثمن ارتداداتها وشظاياها سوى الشعبين اللبناني والسوري.
في ظل هذا الوضع المقلق يأتي توقع تزايد الانهيار المالي والنقدي والاجتماعي في الفترة المقبلة بحسب بعض الخبراء، وإن صحت التوقعات تعود المخاوف الجدية من انفلات الامن المجتمعي بعد انفلات الامن الغذائي، ولا شك ان المخططات الاميركية تسعى للمزيد من الانهيارات المالية والاقتصادية في لبنان سعيا لفوضى مجتمعية وامنية خطيرة.
المصدر: موقع المنار