بعد مرور 43 عاما على طرح مسألة إصلاح مجلس الأمن لأول مرة على جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، و17 عاما منذ أن أعرب قادة العالم عن دعمهم لما يُسمّى بـ “الإصلاح المبكر” للمجلس، و13 سنة منذ أن أطلقت الجمعية العامة عملية المفاوضات الحكومية الدولية، تعود هذه المسألة إلى الواجهة مع انطلاق المباحثات في الجمعية العامة لمناقشة “إصلاح مجلس الأمن”.
فالجمعية العامة هي الهيئة الوحيدة في الأمم المتحدة التي لها تفويض بالبحث عن حل لمسألة إصلاح مجلس الأمن. وأكد رئيس الجمعية العامة تشابا كوروشي، أن هذا العام الأمور مختلفة عمّا كانت عليه قبل 13 عاما: “العالم يتغيّر، والتحديات تتغيّر بسرعة كبيرة، تُكافح الدول مع التحديات التي تفرضها أزمات معقّدة ومتشابكة لم يسبق لها مثيل منذ عقود.”
وفي كلمته أمام الجمعية العامة خلال جلسة عامة في الجمعية العامة بشأن التمثيل العادل في مجلس الأمن وزيادة عدد أعضائه والمسائل الأخرى المتعلقة بمجلس الأمن فسّر تشابا كوروشي موقفه بالقول، إنّ البلدان تواجه صعوبات بسبب النزاعات والحروب وتغيّر المناخ وأزمات الغذاء والمياه والطاقة والديون غير المستدامة، وحالات الطوارئ الصحية.
ولفت كوروشي الى أنّ الحرب في أوكرانيا التي دخلت شهرها التاسع الآن، أدّت إلى تضخيم هذه الآثار، مما أدى إلى نزوح الملايين، وإرغام البلدان على اتخاذ خيارات غير مسبوقة لتلبية احتياجات مواطنيها.
وأوضح كوروتشي أنّه “من خلال كل ذلك، ظل مجلس الأمن – الضامن الرئيسي للسلم والأمن الدوليين، معطلا وغير قادر على تنفيذ ولايته بالكامل، وتتنامى المطالبات بإصلاحه. وأشار إلى أنه خلال الأسبوع رفيع المستوى، تحدث ثلث قادة العالم عن الحاجة الملحة لإصلاح مجلس الأمن أكثر من ضعف العدد في عام 2021.
وأكد رئيس الجمعية العامة على أهمية الاعتراف بأن تحقيق هذا الأمر يتعلق بمصداقية وأهمية الأمم المتحدة. وقال: “هناك خيار في متناول اليد: هل تواصل الجمعية العامة تكرارها السنوي للمواقف المعروفة، أم أنّه بفعل الأزمات، ستنتقل للعمل على إيجاد أرضية مشتركة وتحقيق اختراقات؟”. وحث أعضاء الجمعية العامة على اتخاذ خطوة جماعية.
وأعلن رئيس الجمعية العامة تعيين الممثل الدائم لدى الأمم المتحدة لدولة سلوفاكيا، ميخال مينار، والممثل الدائم لدى الأمم المتحدة لدولة الكويت، طارق البناي، كرئيسين مشاركين لقيادة عملية المفاوضات الحكومية الدولية.
وفي حديث مقتضب صحفيين أمام قاعة الجمعية العامة، بعد انتهاء الجلسة، أكّد كوروشي، ثقته الكاملة بالسيدين ملينار والبناي في اعتزامهما فهم وجهات نظر الدول الأعضاء، وتوجيه المفاوضات بحسن نية واحترام متبادل.
وردّا على سؤال بشأن كيفية تسريع عملية الإصلاح، قال كوروشي: “من المهم جدا أن تكون هناك عملية تشاورية مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، ولكن دعوني أتحدث عن سوء فهم يتعلق بأن الموقف الوحيد للدول الخمس هو الذي يجعل المفاوضات صعبة.”
وأوضح كوروشي أن المفاوضات السابقة لم تثمر قط عن أي نتيجة كان يمكن أخذها بعين الاعتبار من قبل الدول الخمس، واعتبر أن هناك مهمة كبيرة جدا منوطة بالجمعية العامة الآن. وقال:”هذا العام ولنرى كم سيستغرق الوقت، لوضع تسوية مقبولة ويمكن العمل بها بين 193 عضوا، لم نصل إلى هذه النقطة من قبل قط.”
في الوقت نفسه، شدد رئيس الجمعية العامة تشابا كوروشي، على أهمية ضمان عمل الدول الخمس بصفتها دول أعضاء في الجمعية العامة، ولكنها ستكون في المرحلة الثانية عندما يتم بلورة موقف موحد للجمعية العامة يتم التوصل إليه بالتشاور ويُعرض على مجلس الأمن بهدف المصادقة عليه.
المصدر: المنار