“تاسعة البهاء”.. كلمات نقشها الجنرال الشهيد بهاء أبو العطا قائد سرايا القدس في المنطقة الشمالية وعضو المجلس العسكري، على مدار عمل مقاوم انفرد به وترك لنفسه بصمة جعلت الاحتلال على مدار سنوات على “قدم ونصف” ، بعد أن جعل قرار إطلاق الصواريخ في تمام الساعة التاسعة مساءً قراراً للرد على أي انتهاك من قبل قوات الاحتلال ، أو طريقة لإحراج قادة الاحتلال بإنزالهم من المنصات ” وخاصة نتنياهو “، وترك الكلمة للفلسطينيين وليس لغيرهم .
قرار اتخذه الاحتلال باغتيال الجنرال بهاء أبو العطار قائد أركان المقاومة ، لإنهاء حياة بطل، في فجر الثلاثاء في الـ12 /11/ 2019 ، في غارة استهدفت منزله في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، حيث أن الغارة الإسرائيلية أسفرت عن استشهاد أبو العطا (42 عاما) المكنى بـ”أبو سليم”، وزوجته، وإصابة طفليه بجروح خطيرة .
وكانت “إسرائيل “خلال الشهور الأخيرة من اغتياله تحمله المسؤولية عن العمليات التي تنفذها سرايا القدس الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي كإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة، وعمليات القنص على السياج الأمني المحيط بقطاع غزة من الناحيتين الشرقية والشمالية.
نجاة من الاغتيال
وكان الجنرال أبو العطار قد نجا من محاولات اغتيال إسرائيلية عدة في السنوات الماضية، وأصيب بجروح في إحدى هذه المحاولات التي استهدفته في العام 2012.
وخلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة في العام 2014 نجا أبو العطا من محاولة اغتيال إسرائيلية، حين كان نائبا لقائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس دانيال منصور (أبو عبد الله)، الذي اغتالته إسرائيل في الثالث من أغسطس/آب من العام 2014.
ووفقا للتقارير |الاسرائيلية “وتصف إسرائيل أبو العطا بأنه “صانع المشكلات الذي لا يخضع لأحد”، وبأنه “كثير الحركة ولا يمكن توقع ما يريد”، وهو على اتصال مباشر مع الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة المقيم في العاصمة اللبنانية بيروت.
“أبو سليم” في عين الاحتلال
ظل اسم بهاء أبو العطا يتردد في نشرات الأخبار الصهيونية، فمع كل رشقة صواريخ كان يتردد اسم بهاء أبو العطا، مع كل عملية جهادية يتردد اسم بهاء أبو العطا، حتى أدرك الجميع أن الاحتلال يجهز لعملية غدر واغتيال القائد أبي سليم، وحين ذكر ذلك للشهيد أبي سليم، ضَحِك، ثم صَمَت.
لم يأبه كثيراً رحمه الله بهذه التهديدات، رغم أنه أخذها على محمل الجد، فواصل إذلال الاحتلال وقياداته، وأرغم من يسمى برئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو على الفرار والهرب خوفاً من صواريخ السرايا المباركة، وفي نفس الوقت بينما يهرب نتنياهو ويختبئ، رفعت الجماهير الفلسطينية الشهيد أبو العطا على الأكتاف احتفاءً به وتقديراً لمسيرته الجهادية.
ركّز العدو على القائد أبي سليم كثيراً، وصنفه بالقنبلة الموقوتة وأنه قائداً ليس عادياً، لا يقبل الاحتواء أو التنازل، كما وصفه بالرجل الفلسطيني الأكثر خطورة على الكيان، ولم يخفِ العدو ذلك بل وضعه بنفس قائمة الاغتيال التي تضمنت أخطر ثلاثة مطلوبين على الكيان، وهم الشهيد القائد بهاء أبو العطا، وقائد فيلق القدس الإيراني الشهيد قاسم سليماني، والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.
أفرد إعلام الاحتلال مزيداً من تقاريره التي تسلط الضوء على الشهيد أبو العطا ومكانته العسكرية وخطورته، وهيأ جمهوره أن عملية اغتيال أبو العطا لن تكون سهلة ولن تكون مجانية، حتى وصل الأمر إلى أن تتحدث بعض التقارير على أن “عملية اغتيال أبو العطا ستكون عملية ثأر شخصي بينه وبين نتنياهو الذي أذله أبو العطا كثيراً”.
بداية المعركة
فجر يوم الثلاثاء 12 نوفمبر 2019 م، حلّقت طائرات العدو الصهيوني باحثة عن الهدف الثمين، فأطلقت صواريخها على منزل الشهيد القائد بهاء أبو العطا في حي الشجاعية بمدينة غزة وارتقى برفقته زوجته وأصيب عدد من أبنائه، وتزامناً مع جريمة العدو يغزة، استهدف العدو العاصمة السورية دمشق في محاولة لاغتيال القائد الكبير أكرم العجوري مسؤول الدائرة العسكرية وعضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي من خلال قصف منزله إلا أنه بفضل الله تمكن من النجاة، وأدت محاولة اغتياله لاستشهاد نجله معاذ ومرافقه الشهيد عبد الله حسن.
ظن العدو الصهيوني حينها أن رد سرايا القدس على اغتيال الشهيد القائد الكبير بهاء أبو العطا، ومحاولة اغتيال القائد الكبير أكرم العجوري، سيقتصر على رشقات صاروخية تستهدف مغتصبات غلاف غزة، كما حدث خلال جولات التصعيد المعتادة التي خاضتها المقاومة رداً على الاعتداءات الصهيونية، إلا أن قيادة السرايا في الداخل والخارج اتخذت قراراً برد فوري وغير محدود يكون بحجم الجريمة التي ارتكبها العدو.
فكانت الإشارة للوحدة الصاروخية والمدفعية بالرد على الجريمة، وتوالت رشقات صواريخ البراق والبدر والجراد المكثفة صوب المدن والمغتصبات الصهيونية، ودوي صافرات الإنذار لم يتوقف في المدن والمغتصبات التي طالتها صواريخ المقاومة، وقد اعترف العدو بفشله الذريع في اعتراضها مما أدى لوقوع عشرات الإصابات وأضرار مادية فادحة في المنازل والممتلكات الصهيونية.
مفاجأة المعركة
ولم تتوقف مفاجآت سرايا القدس كما عودت أبناء شعبنا الفلسطيني في كل معركة تخوضها مع العدو، عندما كشف أبو حمزة الناطق باسم سرايا القدس عن صاروخ براق (120) المطور الذي أدخل الخدمة العسكرية خلال معركة صيحة الفجر، وكان له الأثر الكبير في هذه المعركة وكان له دور في صفع كيان الاحتلال وإحداث أضراراً مادية كبيرة في جبهته الداخلية جراء استهداف مدينة الخضيرة المحتلة مما أحدث دمارً كبيراً وأضراراً فادحة في الممتلكات الصهيونية.
وجاء الكشف عن صاروخ براق (120) المطور الذي أجري عليه تحسينات كبيرة جعلته صاحب قدرة تدميرية أقوى ودقة أعلى، ضمن إحدى مفاجآت صناعات سرايا القدس العسكرية، والتي صنعت بأيدي مهندسي وحدة التصنيع الحربي، رغم الحصار المفروض على قطاع غزة.
وجاءت هذه البشرى التي بثتها سرايا القدس، لتسجل تطوراً مستمراً في صناعاتها في المجال العسكري رغم الحصار وقلة الإمكانيات، والتي كان منها صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى بالإضافة الى صناعات ما زالت سرايا القدس تخبئ في جعبتها الكثير الذي سيفاجئ العدو ويبهر العالم.
وتحدى أبو حمزة الناطق باسم سرايا القدس، الإرهابي نتنياهو وفريقه الأمني الذي تباهى متفاخراً باغتيال الشهيد القائد بهاء أبو العطا أن يمتلك الجرأة ليسمح لرقابته العسكرية أن تقوم بالكشف عن أسماء وصور القواعد العسكرية والإستراتيجية التي وصلت إليها نيران وحداتنا الصاروخية.
وأمام الضربات الصاروخية المركزة التي أطلقتها سرايا القدس وإصابتها أهدافها بدقة، بدأ العدو الصهيوني يستجدي الوسطاء لإنهاء المعركة بأي ثمن، حينها فرضت السرايا شروطها على العدو الذي خرّ صاغراً لشروط المقاومة التي حققت نصراً مؤزراً.
وارتقى خلال معركة صيحة الفجر التي استمرت لثلاثة أيام، (16) شهيداً من سرايا القدس أبرزهم الشهيد القائد الكبير بهاء أبو العطا قائد أركان المقاومة في فلسطين، والشهداء: معاذ العجوري “دمشق” – عبد الله حسن “دمشق” – زكي غنام “لواء الشمال” – “ابراهيم الضابوس “لواء الشمال” – عبد السلام أحمد “لواء الشمال” – عبد الله البلبيسي “لواء الشمال” – خالد فراج “لواء الوسطى” – علاء اشتيوي “لواء غزة” – سهيل قنيطة “لواء غزة” – مؤمن قدوم “لواء غزة” – محمود حتحت “لواء غزة” – يوسف أبو كميل “لواء غزة” – رائد السرساوي “لواء غزة” – محمد شراب “لواء خانيونس” – هيثم البكري “لواء خانيونس” ).
ستبقى المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها سرايا القدس كابوساً يلاحق قادة العدو ومغتصبيه، وما زال الحساب مع العدو مفتوحاً، وستخرج لهم السرايا بعزيمة أقوى وقوة أكبر بعد كل جولة، فقد أثبتت للجميع خلال معركة صيحة الفجر التي أبدعت فيها سرايا القدس من خلال قدراتها الصاروخية بعدما أسدلت الستار عن صاروخ براق (120) الذي كان له دور كبير في إحداث توازن رعب في المعركة، وما زالت سرايا القدس تخبئ في جعبتها الكثير الذي سيفاجئ العدو ويبهر العالم.
المصدر: فلسطين اليوم