منذ ساعات الصباح الأولى توافدت الحشود الشعبية إلى محيط القصر الجمهوري في بعبدا، وسط تعزيزات أمنية مشددة، استعداداً لمشاركة شعبية حاشدة من كل المناطق اللبنانية لوداع الرئيس الثالث عشر للجمهورية العماد ميشال عون.
وفي تمام الساعة الواحدة والنصف ظهراً، بدأت مراسم مغادرة الرئيس عون قصر بعبدا بعد أن كان ذلك مقرراً في تمام الساعة الحادية عشر ظهراً، وذلك “بسبب كثافة الحشود المتوافدة إلى القصر، مما يسمح باكتمال المشهد الشعبي”، حسبما أكد مراسل المنار. وبدأت المراسم، بمغادرة الرئيس مكتبه في القصر، منتقلاً بعدها إلى الباحة الخارجية وقيامه بمصافحة المدراء العامين والمستشارين في قصر بعبدا. الرئيس عون وبعد تحية العلم اللبناني على وقع عزف الجيش لحن التعظيم والنشيد الوطني، إضافة إلى استعراض كتيبة من الحرس الجمهوري، ألقى كلمة أمام الحشود معلناً “توقيع مرسوم استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي“.
وتابع الرئيس عون “تركت ورائي وضعاً بحاجة إلى نضال للانتهاء منه”، لافتاً إلى أن “القضاء لم يعد يحصّل حقوق الناس، وحاكم المصرف المركزي لم نستطع ايصاله للمحكمة فمن يحميه؟ ومن هو شريكه؟ كلهم في المنظومة الحاكمة منذ 32 سنة اوصلونا إلى ما وصلنا اليه”، ومؤكداً أن “الدولة لا يمكن أن تقوم إلا على عامودين: الأمن والقضاء، قمنا بتدقيق مالي ولكن لم يتمّ البت فيه في القضاء”. وأضاف عون في السياق نفسه أن “البلد مسروق وعلينا أن نقوم بالكثير من العمل والكثير من الجهد لكي نقتلع الفساد من جذوره”، مشيراً إلى أن “مؤسسات الدولة مهترئة لأنّ القيّمين عليها خائفون من عصاً تهدّدهم”.
وعن انجاز اتفاق الترسيم الذي ختم به الرئيس عون عهده، قال “عملنا على ترسيم الحدود البحرية الجنوبية لأنّنا نعلم أنّه لا يمكن للبنان أن يقوم من أزمته إلا من خلال استخراج النفط والغاز”، مضيفاً “قاموا بمحاربتنا طوال هذه الفترة لأنّنا عملنا على الإصلاح… ولأنّ الإصلاح يضرّ بهم وبمصالحهم، عرقلوا إقرار القوانين التي تحافظ على حقوق اللبنانيين”.
وبعد انتهاء كلمته، غادر موكب الرئيس عون قصر بعبدا إلى منزله في منطقة الرابية.
يُذكر أن برنامج مراسم مغادرة الرئيس للقصر الجمهوري تضمن أولاً خروج الرئيس عون من مكتبه لوداع كبار الموظفين والمستشارين، ثم تأدية كتيبة من الحرس الجمهوري التحية للرئيس، وعزف موسيقى الجيش والنشيد الوطني وموسيقى عرض حرس الشرف، ثم يتوجه الرئيس إلى منصة خاصة أمام المواطنين ويلقي كلمة في المناسبة، ليغادر من بعدها الرئيس في السيارة الرئاسية قصر بعبدا وسط جموع المودعين متوجهاً الى الرابية.
وفي السياق، لفتت مراسلة المنار إلى أن العماد عون يغادر القصر الرئاسي كما دخله منذ ستة أعوام وسط احتفالات وحشود شعبية، وهي صورة لم يشهدها القصر من قبل، مضيفة أن “الرئيس يسلم العهد إلى الفراغ، الذي يأمل المعنيون أن لا يكون طويلاً”، متابعة أن “الرئيس عون خرج بالنسبة لمناصريه من القصر منتصراً، وأنه بالرغم من مغادرته لموقعه الرئاسي إلا أنه لن يغادر موقعه السياسي كأب روحي للتيار الوطني الحر”. وعن الكلمة الوداعية للرئيس، قالت مراسلة المنار إن الكلمة ستحمل بعداً وجدانياً، وبعداً سياسياً يعلن فيه الرئيس عن ملامح المرحلة المقبلة إذ سيؤكد بقاءه إلى جانب الشعب اللبناني.
هذا وقد أعرب العديد من المواطنين المحتشدين أمام وداخل “قصر الشعب” عن “مشاعر الافتخار بما استطاع الرئيس عون تحقيقه في ولايته رغم الحصار الاقتصادي والأزمة المستفحلة التي تعيشها البلاد”.
وعند وصوله إلى منزل الرئيس في الرابية، أعلن باسيل في تصريحات للصحفيين أن “رسالة الرئيس عون لمجلس النواب تعبر بشكل كافي عن المرحلة المقبلة وهي بمثابة تنبيه للمقبل في الأيام”، لافتأً إلى أن “الكرة الآن في ملعب مجلس النواب ومن يصمون آذانهم ويراهنون على الفراغ”.
وأكد باسيل أن “حماية انجاز الترسيم تتم بعمل وتعاون بين رئيس وحكومة ومجلس نيابي”، موضحاً أن “ما حدث أظهر كيف تكون الدولة صاحبة قرار وكيف تكون المقاومة عامل قوة للدولة، وكيف يتكاملان مع بعضهما البعض”، في إشارة إلى الدولة والمقاومة.
المصدر: موقع المنار