قدمت الجمهورية الإسلامية الإيرانية ردها خطياً على النص المقترح من قبل الاتحاد الاوروبي الأسبوع الماضي، معلنة أنه سيتم التوصل إلى اتفاق “إذا كان الرد الأمريكي يتسم بالواقعية والمرونة”، لکن الرئيس الأمريكي لم يعلن رأيه النهائي بعد بسبب ضغوط داخلية وضغط من قبل السلطات الصهيونية التي تحاول وراء عرقلة التوصل إلى اتفاق.
وبعد شهور من المفاوضات المكثفة في فيينا والدوحة، يبدو أن التوصل إلى اتفاق نهائي لاستئناف التنفيذ الكامل لخطة العمل المشترك الشاملة (الاتفاق النووي) في متناول اليد أكثر من أي وقت مضى، شريطة أن تقبل اميركا عمليًا متطلبات قبول اتفاق مستديم وموثوق.
ومرّ أسبوع على تقديم إيران ردها الخطي على المسودة الأوروبية، وخلال هذا الوقت لم يقدم الأمريكيون أي رد سوى فحص ودراسة آراء إيران بشأن المسودة.
تأخر واشنطن في اتخاذ القرار
من ناحية أخرى، قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس، إن واشنطن “تدرس تعليقات إيران على النص المقترح لإحياء الاتفاق النووي، وتتشاور مع الاتحاد الأوروبي وحلفائه الأوروبيين”، رافضاً التعليق على الموعد النهائي لاتخاذ القرار النهائي من قبل واشنطن”.
وصرّح أن “أميركا بحاجة إلى دراسة كاملة لمقترحات إيران، وأن هذا الأمر سيستغرق وقتًا ولم يحدد المسؤول الأمريكي أي موعد زمني لتقديم واشنطن رأيها حول الموضوع”.
يُذكر هناك ضغوط كبيرة في الولایات المتحدة الأمریکیة للحيلولة دون التوصل إلى الاتفاق النووي و جاء في تقرير أمريكي، إن إدارة الرئيس جو بايدن، “تواجه الآن عقبات يمكن أن تكون مستعصية لإحياء الاتفاق النووي مع إيران بعد التطورات الأخيرة”.
وذكر التقرير الذي نشرته وكالة ”أسوشيتد برس“ الأمريكية أن تلك التطورات “شملت الهجوم، على الكاتب سلمان رشدي“ كما شملت أيضا ”توجيه اتهام لمواطن إيراني بتهمة التآمر لقتل مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون، في الوقت الذي وصلت فيه مساعي إبرام اتفاق مع إيران إلى مرحلة حرجة”.
وأضافت الوكالة “قد يكون القرار قريبًا جدًا… لكن في الوقت الذي تزن فيه الولايات المتحدة وأوروبا رد إيران الأخير على اقتراح الاتحاد الأوروبي الموصوف بأنه العرض الغربي النهائي، تواجه الإدارة الأمريكية عقبات سياسية محلية جديدة قد تكون مستعصية أمام التوصل إلى اتفاق دائم مع إيران”.
ولفتت إلى أن “منتقدي الاتفاق في الكونغرس الذين تعهدوا منذ فترة طويلة بالعمل على منع الوصول إلى صفقة، صعدوا أخيرا من معارضتهم للمفاوضات مع دولة رفضت قيادتها إلغاء تهديدات القتل ضد رشدي أو بولتون”.
وانتقد مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق جون بولتون، سياسة الرئيس الحالي جو بايدن بشأن إيران فى مقال بعنوان “إيران عالقة في رؤية بايدن العمياء”بصحيفة “واشنطن بوست. وأضاف أن برنامج إيران النووي “ما هو إلا أحد أعراض المشكلة الحقيقية: النظام نفسه. هذا ما يجب على الولايات المتحدة التركيز على إنهائه”.
كما زعم السيناتور الجمهوري توم كوتون أن “زعماء إيران يطالبون بقتل سلمان رشدي منذ عقود، نعلم أنهم يحاولون اغتيال مسؤولين أمريكيين اليوم. يحتاج بايدن إلى إنهاء المفاوضات على الفور مع هذا النظام الإرهابي”.
وكتبت الأقلية الجمهورية في لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأمريكي، في تغريدة علی تویتر “حتى لو وافق بايدن على عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي الإيراني ، فلن يصوت الكونغرس على إلغاء الحظر وفي الواقع ، سيعمل الجمهوريون في الكونغرس على تعزيز العقوبات ضد إيران”.
الكيان الصهيوني يحاول التعطيل
أفاد موقع “أكسيوس” نقلاً عن مسؤول صهیوني أن رئيس الوزراء الصهیوني يائير لابيد “بعث برسالة إلى البيت الأبيض الخميس الماضي أكد فيها أن النص الذي اقترحه الاتحاد الأوروبي لإحياء الاتفاق النووي يتجاوز معايير الاتفاق النووي لعام 2015 ولا يتطابق أيضا مع الخطوط الحمراء لإدارة جو بايدن”.
وقال لابيد أيضا في لقاء مع رئيس اللجنة الفرعية لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجلس النواب الأميركي النائب تيد دويتش، والسفير الأميركي في الکیان الصهیوني، توم نيدز “حان وقت مغادرة طاولة المفاوضات لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، وأي عمل آخر هو رسالة ضعف”.
وأضاف لابيد أنه “في الوقت الحالي نحتاج فقط إلى الحديث عن إجراءات لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية”.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير إن يائير لابيد أخبر “دويتش” و” نيدز” أن مسودة الاتفاق التي قدمها الاتحاد الأوروبي “تضمنت تنازلات لإيران أكثر من الاتفاق النووي لعام 2015 ولم تلتزم بمبادئ إدارة جو بايدن نفسها”.
وأشار لابيد إلى البند الذي، حسب قوله، “تم تضمينه في مسودة الاتفاق التي قدمها الاتحاد الأوروبي من أجل اغلاق ملف أسئلة الوكالة الدولية للطاقة النووية”، قائلاً إنه “بناءً على هذا البند في مسودة الاتفاق، ستدعم الولايات المتحدة والقوى العالمية الأخرى الأطراف في الاتفاق، إغلاق التحقيق الجاري للوكالة الدولية للطاقة الذرية في الأنشطة النووية الإيرانية المشتبه بها”.
وأضاف أن “إسرائيل” لا تلتزم بأي اتفاق نووي مع إيران وستفعل “كل ما تراه ضروريًا لمنع إيران من حيازة أسلحة نووية ومنع طهران من استخدام قوات بالوكالة في المنطقة، وأميركا تعرف ذلك وتدركه”.
في غضون ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، ردًا على سؤال حول رسالة لابيد، إنه “لا شك في أن لدينا اختلافًا تكتيكيًا مع حلفائنا الإسرائيليين فيما يتعلق بإحياء الاتفاق النووي، لكننا نتفق على أنه لا ينبغي لإيران أبدًا امتلاك أسلحة نووية”.
وأضاف برايس أن “معارضة “إسرائيل” لإحياء الاتفاق النووي ليس لها أي تأثير على جهود حكومة بايدن في هذا الصدد”،مضيفاً أنه في رأي الحكومة الأميركية، “إذا تم إحياء الاتفاق النووي، فلن تتمكن إيران من الحصول على الأسلحة النووية، والدبلوماسية لإحياء الاتفاق النووي هي الطريقة الأكثر فعالية لتحقيق هذا الهدف”.
ایران سوف تدخل مرحلة جديدة في فيينا إذا ما تم احترام “خطوطها الحمراء”
تؤشر التحركات والتعليقات التي قدمها مسؤولون إيرانيون إلى إرادتهم التوصل إلى اتفاق نهائي. أشار وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حسين أميرعبد اللهيان، إلى “حسن نية إيران وجديتها في التوصل إلى اتفاق جيد ومستديم”، وصرّح “بعد تلقي وجهات نظر اميركا، سندخل مرحلة جديدة في فيينا لو تم ضمان استفادة إيران الاقتصادية من الاتفاق واحترام خطوطنا الحمراء”.
ولطالما أكدت إيران أن العودة إلی الاتفاق تتطلب شروطا لضمان مقومات الاستدامة والاستمرار، واحترام كل الأطراف لالتزاماتها، وضمان عدم الانسحاب منه، ووضع نظام لتدقيق إلغاء الحظر، ووجود ضمانات سياسية وقانونية بين الأعضاء تحمي الاتفاق، تحت إشراف الأمم المتحدة.
وبذل فريق التفاوض الإيراني جهوده لحماية المصالح المالية والاقتصادية للبلاد والشعب الإيراني خلال المفاوضات وحاول إعادة المفاوضات، کما بذل جهوده لإقناع الولايات المتحدة بقبول الشروط والغاء جميع انواع الحظر الذي يعرقل الانتفاع الاقتصادي لايران وإزالة جميع العراقيل أمام الاقتصاد الإيراني في مجالات النفط والبتروكيماويات والتجارة الخارجیة.
هذا ويرى المراقبون أن “تأخر واشنطن في اتخاذ القرار بشأن الإتفاق يدل علی ضعف إرادة الحكومة لإغلاق ملف المفاوضات”.
المصدر: ارنا