رُفِعَت الرايات، وخَفقتِ القلوبُ وسالتِ العَبَرات، فمحرمٌ عاد، وعادتِ العِبْرَةُ كما العَبْرَةِ في اُمةٍ تَحيا بالحسينِ عليهِ السلام، وتَستمِدُّ من كربلاءَ كلَّ عونٍ على جَورِ الايام، وتُردِّدُ في كلِّ زمان: هيهاتَ منا الذلة..
فمعَ حلولِ محرمٍ الحرامِ تُفتحُ مراسمُ العزاءِ على امتدادِ العالمِ الاسلامي، ويُحيي اللبنانيونَ المناسبةَ بكثيرٍ من الصبرِ والاحتسابِ والتمسكِ بنهجِ الحسينِ عليه السلام، يَتحدَّونَ كلَّ حصار، ويَلعنونَ معَ الزمنِ كلَّ متجبرٍ ومتكبرٍ ومحاصِرٍ للمستضعفينَ والفقراء، لا سيما اللبنانيينَ الذين لن تَنطلِيَ عليهم شمعةُ السفيرةِ الاميركيةِ بمشروعٍ كهرومائي لبضعِ قرىً من هنا أو هناك، فيما تَمنعُ عن بلدِهم ساعاتٍ من الكهرباء، بحصارٍ تَفرِضُهُ وحكومتُها عليهم، وتَمنعُ عنهمُ الغازَ والكهرباءَ من مصرَ والاردن، وتُحرِّكُ المانعينَ لرفضِ الهباتِ الكهربائية، وليسَ آخرَها تلك الايرانية.
فيما اللبنانيونَ يَتقلَّبونَ في عَتمةٍ حالكةٍ ويَتجرَّعونَ كأسَ تداعياتِها من شُحٍّ في المياهِ وغلاءٍ في اسعارِ السلعِ والحاجيات، وجُلُّ ما يحتاجونَه قرارٌ رسميٌ جريء، محميٌ بالقوانينِ المحليةِ والدولية، بقَبولِ هِبَةِ الفيول الايرانية التي أعلنَ عنها الامينُ العامّ لحزبِ الله السيد حسن نصر الله..
السيدُ الذي يَفتتحُ اليومَ مراسمَ احياءِ عاشوراءَ في المجلسِ المركزي الذي يقيمُه حزبُ الله في الضاحيةِ الجنوبيةِ لبيروت، فتحَ في المجتمعِ السياسي الصهيوني والوِجدانِ العِبري جُرحاً لن تَستطيعَ اَن تَدمِلَهُ عنترياتُ قادتِهم ولا تَبجحاتُهم. فالمعادلةُ التي رسمَها سماحتُه في اعماقِ البحرِ اَغرقتِ الصهاينةَ بحالٍ من الارباكِ الشديد، وخَلَصَ سياسيوهم الى ضرورةِ تقديمِ التنازلاتِ للوصولِ الى تسوياتٍ معَ لبنان، فعشيةَ وصولِ الموفدِ الاميركي عاموس هوكشتاين تحدثت اوساطٌ صهيونيةٌ عن جوابٍ اسرائيليٍ مُعدّل، اعتبرَه مُحللوهُم تنازلاً كبيراً من اجلِ تَجنُّبِ حربٍ تَفرِضُها المقاومةُ ما لم يَتِمَّ التوصلُ الى اتفاق، على أنْ تجتمعَ حكومتُهمُ المصغرةُ الاحدَ لمناقشةِ التطورات..
المصدر: قناة المنار