التأخير في تقديم الترشيحات لدى وزارة الداخلية، أسبابه خلط الأوراق في تحالفات البعض، خاصة بعد تعليق الرئيس سعد الحريري لنشاطه السياسي والإنتخابي ومعه تيار المستقبل، إضافة الى المعارك المُبكرة على الصوت التفضيلي، بين أطراف تجمعهم فقط الرفقة الإنتخابية بغياب أية برامج سوى تحقيق النصر عبر الحصول على الحاصل الإنتخابي، ولا تستحق الذكر تلك الشعارات السياسية المرفوعة السقف في الأمور الوطنية الكبرى من أبواق حاقدة، وهي كانت كذلك في الأعوام 2000 و 2006 و 2007 و 2017، سواء خلال تسطير الملاحم ضدّ العدو الإسرائيلي، أو خلال مواجهة الإرهاب التكفيري الذي لو قُيِّض له التغلغل في لبنان لكان هؤلاء طليعة دافعي أثمانه.
ومشكلة التحالفات بين الأفراد المستقلِّين، ترصدها عيون الناخبين بشيء من الريبة المُبرَّرة، لأن غياب البرامج تتمّ تغطيته بكلام سياسي مُستهلَك منذ العام 2005، وتأتي انتخابات العام 2022 لِتُضفي عليه المزيد من التفرقة لجماهير يائسة بائسة تحتاج حاضنات حزبية ذات برامج، لأن الفرد كائناً مَن كان، لا يستطيع عبر نسج تحالفات آنية إنتخابية توصله الى المجلس النيابي، أن يُحقق ما يُلزِم نفسه فيه، ما لم يكُن إبن مدرسة سياسية حزبية لديها خطط عمل من أهل الإختصاص ولديها أيضاً قدرة الكتلة النيابية على العمل لتحقيقها.
وفعلاً بدأ بعض الأفراد بالإعلان عن ترشيحاتهم، سواء عبر مواقع التواصل الإجتماعي أو وسائل الإعلام، مع تباين في الخطابات، بين شنّ الحملات المسعورة ضد العهد والمقاومة، وبين الوعود الإصلاحية الكلامية، ولعل الإفلاس في إيجاد الحلول للواقع اللبناني، قد بدأت ملامحه مع بداية الحراك في تشرين الأول من العام 2019، عندما امتطت أكتاف الناس المقهورين، بعض الأحزاب والجمعيات، مع ما تحمله في خلفياتها من ألاعيب السفارات في زرع الفوضى وحصاد الخيبة.
وبما أن الكل يُجمِع على محاربة الفساد، فإن هذه المسألة تلزمها لجان علمية توصِل الأمور الى خواتيمها، وخاتمتها القضاء، تماماً كما فعلت كتلة الوفاء للمقاومة في تحقيق برنامج انتخابات 2018. ولعل تسليم الملفات التي كوَّنتها اللجنة ذات الإختصاص برئاسة النائب حسن فضل الله، وسلَّمتها الى القضاء، إضافة الى مشاريع القوانين التي تمّ تقديمها من الكُتل النيابية الأخرى، هي التي حرَّكت ركود مكافحة الفساد، وليس التكسير والحرق والتدمير في أشنع اعتداءات على الأملاك العامة والخاصة على مدى أكثر من سنتين تحقيقاً لأهداف بعض السفارات.
أما عن الإصلاحات التي يعِد بها المرشحًون المُنفردون، والتي قد يكون فيها صدق المقصد لكنها لا ترتقي لمستوى القدرة على التحقيق دون وجود كتلة نيابية قوية، فإننا نذكر بالخير أحد المرشحين الذي قدِم من بلاد الإغتراب في السبعينات، وأعلن ترشُّحه للإنتخابات النيابية، ووزَّع بياناً في القرى ألصقت نسخ منه على أبواب الدكاكين والأماكن العامة، وتعهَّد فيه يومذاك بتحقيق حوالي 18 مطلباً معيشياً في حال فوزه، وأن يُرجم في الساحات ما لم يحقق وعوده للناس، لكنه لم يُوفَّق في الوصول الى المجلس، على أمل أن لا يلجأ البعض في العام 2022 الى استلهام خطاب السبعينات وبيع الناس سمكاً في البحر…
المصدر: موقع المنار