ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الأربعاء 24-03-2021 في بيروت على استقبال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون السفير السعودي وسفيرة فرنسا، بعد فشل مساعي تشكيل الحكومة بطريقة دراماتيكيّة يوم أول أمس..
الأخبار
البخاري لعون: نعرف (قلّة) وفاء الحريري
تناولت جريدة الأخبار الشأن الداخلي وكتبت تقول “قرّر الرئيس ميشال عون الردّ على رئيس الحكومة المُكلّف، سعد الحريري، بحراك دبلوماسي يجمع فيه بين «راعية» المبادرة الحكومية، السفيرة الفرنسية، وممثل الدولة التي تحمل «فيتو» التعطيل تجاه لبنان في المنطقة، السفير السعودي. في اللقاءين، أكّد عون تسهيله تأليف الحكومة، بخلاف ما يُروّجه الحريري. إلا أنّ ذلك لا يُلغي التصعيد المُتعاظم بين الرئيسين، والذي ينسف أي محاولة لتأليف الحكومة قريباً.
ما تُعبّر عنه جهات دولية صديقة لرئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري، لجهة خشيتها من أن يكون الأخير غير راغبٍ في تأليف حكومة، يؤكّده الحريري في تصرفاته المُستمرة منذ تكليفه بالمنصب. مسارٌ يُفرّغ كلّ المبادرات التي أُطلقت من مضمونها، لأنّ الحريري بكلّ بساطة لا يُريد أن يُفاوض، ولا أن يُحصّل «العرض» الأفضل، بل أن يفرض شروطه. والغاية من ذلك أمران: إمّا جرّ رئاسة الجمهورية ــــ ومن خلفها التيار الوطني الحرّ ــــ إلى تنازلات كبيرة تُظهّر على شكل «انكسارٍ» للعهد وانقلاب عليه. وإمّا أنّه يُفخّخ كلّ المحاولات الإيجابية حتى لا تصل الأمور إلى خواتيمها، ولا تُؤلّف حكومة. والمعلومات السياسية تُشير إلى غلبة الخيار الثاني: سعد الحريري سيبقى يُعقّد تأليف الحكومة حتى ينال «كلمة السرّ» الدولية والإقليمية التي «تَسمح» له بإنهاء هذا الملف. يُضاف إلى الضغوط الخارجية، تعبيره علناً أمام الذين يلتقيهم بأنّه لن يتحوّل إلى الجهادي الذي يحمل كرة نار رفع الدعم وتحمّل ردّات الفعل الشعبية الغاضبة. ولكنّ الحريري أصبح مع التجربة «ماكراً» سياسياً، نجح في تصوير نفسه أمام الرأي العام اللبناني كالشخص الذي «يُحاول» أن يُنقذ البلد عبر إنجاز حكومة، فيما «الرئيس ميشال عون يُعرقل».
يبدو «عادياً» أن يكتب رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري بياناته حول نتائج لقاءاته السلبية مع الرئيس، قبل عقدها. ولا أحد يرتاب من تمسّك الحريري بـ«حقّ» تسمية المقاعد «المُخصّصة» للطائفة السنية والمسيحية، ويتشارك مع حركة أمل والحزب التقدّمي الاشتراكي بتسمية بقيّة الوزراء، فيما يُنادي بأنّه لا يقبل إلا حكومة «اختصاصيين» خالية من السياسيين. وحتى حين يقبل عون التنازل عن شرط الحصول على الثلث الضامن، يختلق الحريري فجأةً عقبة جديدة، وهي إصراره على مشاركة رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل في الحكومة، وإلا رفض تخصيص رئيس الجمهورية بأكثر من مقعدين وزاريين. كلّ تصرّفات سعد الحريري هي مُجرّد مناورات، لرفع مسؤولية التعطيل عن نفسه، وعن «الخارج» الذي يربط قراراته به. في لحظة مصيرية بتاريخ البلد، يظهر رئيس الحكومة المُكلّف كما لو أنّه لا يهتم سوى بالكرسي، حتى ولو كانت فوق مملكة مُدمّرة. وكلّ التسريبات الإيجابية التي سبقت «لقاء الاثنين»، دفنها اجتماع عون ــــ الحريري أول من أمس. لا وجود في قاموس السياسة لكلمة «انتهى»، ولكن حتى الساعة، كلّ المؤشرات تُشير إلى تعقيدات حكومية من الصعب أن تشهد حلحلة قريبة. ففي الأساس، الأزمة ليست ثلثاً ضامناً أو مقعداً وزارياً، بل أزمة نظام عميقة، حلّها بحاجةٍ إلى برنامج شامل.
لقاءات رئيس الجمهورية في قصر بعبدا، أمس، أتت تكملة لشدّ الحبال بينه وبين الحريري. أبرزها كان الاجتماع مع السفير السعودي في بيروت، وليد البخاري. اللقاء تمّ «بطلبٍ من الرئيس»، ما يعني أنّه في الأصول الدبلوماسية يجب على السفير أن يُلبّي الدعوة. ولكن، كان باستطاعة البُخاري أن يطلب تأجيل الموعد أيّاماً قليلة، حتى لا تُترجم الخطوة كرسالة سلبية بوجه الحريري. على العكس من ذلك، لبّى دعوة بعبدا قبل أقلّ من 24 ساعة على الحرب الكلامية بينها وبين الرئيس المُكلّف. يأتي ذلك بالتزامن مع عدم إخفاء السعودية «حقدها» على الحريري ورفض وليّ العهد محمد بن سلمان استقباله، ومع تداول معلومات في الأوساط السياسية أنّه حين التقى موفد عون مع البخاري سابقاً، أبلغه رئيس الجمهورية: «سمّوا (السعودية) بديلاً من سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة وأنا أوافق عليه». حتّى ولو عاد البخاري والتقى الحريري بعد فترة، لن يُلغي ذلك وقع زيارته لبعبدا. وتُفيد مصادر رئيس الجمهورية بأنّ أجواء الزيارة «كانت إيجابية. الدعوة وُجّهت مساء أول من أمس، وتمّت تلبيتها سريعاً». تحدّث عون والبخاري عن اتفاق الطائف، وكان الرئيس «حريصاً على إعلان التمسّك بالطائف، وأنّه يُمارس ما تبقى من صلاحياته كرئيس للجمهورية». وأوضح عون أنّه إذا «كان العهد سيُحمّل مسؤولية في الشارع، فهو في حاجة إلى تمثيل في الحكومة». الحريري كان أحد عناوين اللقاء، فقال عون للسفير السعودي إنّه كان يُعامل الرئيس المُكلّف «كابنٍ لي، لكن تبيّن أنّه من دون وفاء»، وبحسب المصادر أكّد البخاري هذه الصفة، قائلاً لعون: «عم تخبرنا نحن عن وفائه؟ نحن أكثر من يعرف ذلك»، من دون أن يتطرّقا إلى تسمية رئيس حكومة جديد.
وكان البخاري قد أعلن بعد انتهاء اللقاء تشديده على «الإسراع بتأليف حكومة قادرة على تلبية ما يتطلّع إليه الشعب اللبناني من أمن واستقرار ورخاء. كما ندعو جميع الأفرقاء السياسيين في لبنان إلى تغليب المصلحة الوطنية العليا من منطلق الحاجة المُلحّة للشروع الفوري بتنفيذ إصلاحات جذرية تعيد ثقة المجتمع الدولي بلبنان». إلا أنّ البخاري حافظ على تصعيده، بما ينسف «عبارات التشريفات» السابقة، مُتمسكاً بمضامين «قرارات مجلس الأمن 1701، 1680 و1559 والقرارات العربية والدولية ذات الصلة من أجل الحفاظ على استقرار لبنان واحترام سيادته ووحدته. ونُشدّد على أنّ اتفاق الطائف هو المؤتمن على الوحدة الوطنية وعلى السلم الأهلي في لبنان».
المحطة الدبلوماسية الثانية في بعبدا كانت مع السفيرة الفرنسية لدى لبنان، آن غرييو، التي تتمسّك بلادها بتعويم سعد الحريري في وجه فريق الرئاسة وحزب الله، وتعتبره «حصان طروادتها» ــــ هي والولايات المتحدة الأميركية ــــ للمرحلة المقبلة». سبب اللقاء أتى من منطلق أنّ فرنسا هي راعية المبادرة الحكومية… والحريري. أوضح عون أنّه يُسهّل تأليف الحكومة، فيما الحريري مُتمنّع. وأكّد عون «تمسّكه بالمبادرة الفرنسية كمشروع إنقاذي للبنان، والعمل للوصول إلى تأليف حكومة جديدة تواجه التحدّيات الراهنة على مختلف الأصعدة».
في المقابل، وكما دائماً، يخرج العازفون على وتر «الدفاع عن كرامة الطوائف» كلّما تعقّدت الأمور سياسياً. ومن هذا المنطلق، «هَبّ» رؤساء الحكومات السابقون إلى اجتماع «تضامني» مع موقع رئاسة الحكومة، وليس مع الحريري. وقد أذاع رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة بياناً يُدينون فيه «تجاوز فخامة الرئيس لأحكام الدستور، وكأنّ المقصود إحراج الرئيس المُكلّف لإخراجه»، مؤكّدين تمسّكهم «بالدستور نصّاً وروحاً وبوثيقة الوفاق الوطني في الطائف. وبالتالي، فإنّ كلّ محاولة للذهاب بالمسألة إلى تصعيد مذهبي وطائفي وإعادة إنتاج الصراع الطائفي هي مردودة سلفاً». دعم «نادي الرؤساء» مسوّدة الحريري التي تقدّم بها، «وتمسّكه بها ليس من باب التعنّت أو المغالبة، بل استجابة لما يُريده اللبنانيون وأشقّاء وأصدقاء لبنان في العالم». مديحٌ للحريري أتى ليؤكد عمله وفق خريطة طريق «الخارج» الذي لا يريد حلّاً لبنانياً. وقد دُعي الحريري إلى «الثبات على موقفه الوطني والدستوري الحازم والمنطلق ممّا يجهد اللبنانيون لتحقيقه، ولا سيما في ضرورة استعادة الدولة اللبنانية القادرة والعادلة لسلطتها الكاملة ولقرارها الحر».
اللواء
عون يشكو التأليف للسعودية والمملكة: لن نتدخل والحل بالطائف
رؤساء الحكومات يتهمون عون بالخروج على الأعراف والدستور.. ولبنان بند على قمّة الاتحاد الأوروبي غداً
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “حسب بيان رؤساء الحكومات السابقين، فإن «الكرة الآن عند رئيس الجمهورية، والأمر متروك له»، مع تسجيل «الأسف والاستغراب» من التصرفات والمواقف التي تخالف الدستور وتخرج عن «اللياقات والأعراف والأصول في التخاطب بين الرؤساء، وفي تشكيل الحكومات في لبنان»، وحسب فريق بعبدا، فالمشكلة لدى الرئيس المكلف، الذي يحاول ان يتجاوز رئيس الجمهورية، وفقاً لأوساط بعبدا وفريق التيار الوطني الحر، في تأليف الحكومة.
لذا استأثر هذا الافتراق في مسار التأليف، بالاهتمام الدبلوماسي ومسعى رئيس الجمهورية إلى القيام بدور دعائي، بوجه الرئيس المكلف سعد الحريري، وحمائي لادائه وسياساته، التي أعادت كرة التأليف إلى ما قبل نقطة الصفر، في ظل تولد أزمة ثقة بالغة الصعوبة، وانفلات الأجواء، لدرجة ان السلع الضرورية مهددة، وأن الدولار غير قابل للسيطرة، حتى من قبل المصرف المركزي، الذي أنشأ تطبيقاً للدخول إلى المنصة الالكترونية لعمليات الصرافة من قبل المصارف، على عودة حرق الاطارات وقطع الطرقات امام المصرف المركزي في الحمراء.
وقالت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أن الرئيس ميشال عون باشر سلسلة اتصالات مع جهات في إطار وضعها بحقيقة الأمور التي حصلت في ما خص الملف الحكومي فكان لقاؤه مع السفير السعودي في بيروت وليد بخاري والسفيرة الفرنسية آن غرييو.
وأشارت إلى أن البيان المكتوب الذي تلاه في تصريحه من بعبدا وهو الأمر الذي يحصل للمرة الأولى تضمن رسائل يجدر التوقف عندها. ولفتت إلى أنه عكس توجه المملكة للوقوف على مسافة واحدة من جميع الأفرقاء دون التدخل في الشؤون الداخلية. وقالت أن المهم متابعة الزيارة والاستفادة من المناخات للمساعدة في حلحلة الازمة الراهنة.
وأفادت أن السفير السعودي أبلغ رئيس الجمهورية وقوف المملكة العربية السعودية إلى جانب لبنان وجهوزيتها للمساعدة وأعربت عن اعتقادها أن الزيارة ساهمت في بعث رسائل إيجابية ولاسيما للرئيس عون بعد الكلام الذي قيل عن فتور في العلاقة مع المملكة. ووصفت اوساط مطلعة بأنها كانت إيجابية.
وأمام السفيرة الفرنسية كان تأكيد على المبادرة الفرنسية كمشروع انقاذي وليس كوسيلة للسلطة مشيرا إلى أنه سيتابع جهوده لمعالجة الموضوع الحكومي وفقا لما تقتضيه مصلحة لبنان ومقتضيات الوفاق الوطني. ولفتت المصادر إلى أن رئيس الجمهورية ينوي متابعة اتصالاته الديبلوماسية وقد يعقد لقاءات سياسية أيضا في إطار الملف الحكومي على أن تحركه يظهر تباعا ويعبر عن نفسه في الآتي من الأيام.
وعلمت «اللواء» ان السفيرة غرييو زارت الضاحية الجنوبية، والتقت النائب محمد رعد، قبل زيارة بعبدا، مع الإشارة إلى ان رعد عاد قبل أيام من زيارة رسمية إلى موسكو.
ووصفت مصادر سياسية تحرك رئيس الجمهورية ميشال عون بدعوة سفيرة فرنسا والسفير السعودي للاجتماع به في بعبدا، بأنها محاولة ممجوجة للرد على خطوة الرئيس المكلف سعد الحريري اللافته اول امس، بكشف مسلسل الرئاسة الاولى بتعطيل تشكيل الحكومة العتيدة عمدا وتجاوز الدستور والانقلاب على المبادرة الفرنسية وتفريغها من مضمونها وايهام الرأي العام بعدم وجود أي مقاطعة ديبلوماسية لرئيس الجمهورية.
واشارت المصادر إلى ان الكشف عن آلية دعوة السفيرين الى بعبدا تظهر بوضوح الاسلوب الهش في التعاطي مع السلك الديبلوماسي والممارسة الهزيلة بالرد على خطوة الحريري الموفقة التي كشفت اساليب الرئاسة بتعطيل تشكيل الحكومة الجديدة. وكشفت المصادر ان محاولات رئيس الجمهورية لتبرير موقفه من عرقلة تشكيل الحكومة لم تلق تجاوبا، وانما ووجه بتبلغه استياء فرنسيا على كل المستويات، جراء الخطوات والمواقف الاستفزازية الملحوظة من قبل الفريق الرئاسي، وهي المواقف والممارسات التي تتعارض مع مرتكزات المبادرة الفرنسية. والاهم نقل مشاعر الاستياء العارم من قبل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ووزير خارجيته، جراء عرقلة الرئاسة الاولى لمهمات تشكيل الحكومة العتيدة. اما فيما يتعلق باللقاء مع السفير السعودي للايحاء بحسن العلاقة بين بعبدا والمملكة، اوضحت المصادر ان سفير المملكة، حدد بوضوح موقف المملكة من العلاقة مع لبنان، وحرصها على متانتها، مذكرا بالدور السلبي لحزب الله بالتاثير على هذه العلاقة وضرورة منع النشاطات المسيئه التي يمارسها في العديد من الدول العربية انطلاقا من لبنان، ومشددا كذلك على ضرورة تشكيل حكومة جديدة باسرع وقت ممكن والالتزام بتطبيق اتفاق الطائف والحرص على السلم الاهلي والوفاق بين جميع اللبنانيين.
وفي بيت الوسط، استقبل الرئيس الحريري بعد ظهر أمس سفير الكويت عبد العال القناعي، وعرض معه آخر المستجدات السياسية والأوضاع العامة والعلاقات الثنائية بين البلدين.
وغداً، يُشارك الرئيس الأميركي جو بايدن في القمة التي يعقدها قادة دول الاتحاد الأوروبي غداً وبعد غد في بروكسل عبر تقنية الفيديو مخصصة للأزمة الصحية المتصلة بجائحة كورونا. وسيكون موضوع لبنان على طاولة البحث بناءً لطلب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للمساعدة على تشكيل حكومة وفق المبادرة الفرنسية.
وعلى وقع، اتهامات مستشار وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شنكر لحزب الله بإدخال لبنان في حرب كلفته مليارات الدولارات، وهو «لا يهتم بمعاناة الشعب»، واتهام النخبة السياسية الحاكمة بعدم «الاكتراث لحاجات الشعب»، محذراً من التركيز على المصالح الطائفية في لبنان، عقد اجتماع ضم المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله حسين الخليل ومسؤول وحدة الارتباط في حزب الله وفيق صفا، والنائب علي حسن خليل وأحمد بعلبكي عن حركة أمل، جرى حسب قناة المنار «التأكيد خلاله على تنسيق المواقف في كل الملفات وعلى متانة العلاقة بينهما، التي لن يقوى عليها أحد».
«دبلوماسية» بعبدا
إذا، دخل لبنان بعد سقوط الحل المطروح لأزمة تأليف الحكومة دائرة التعريب والتدويل للبحث في ازماته المتفاقمة، وبدأ رئيس الجمهورية مشاروات دبلوماسية لشرح موقفه من موضوع تشكيل الحكومة بعد فشل لقائه امس الاول بالرئيس الحريري، فالتقى امس وبدعوة منه، السفير بخاري والسفيرة الفرنسية، فيما زارته نائبة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان نجاة رشدي. وابدى الامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط «استعداد الجامعة العربية للقيام بأي شيء يُطلب منها لرأب الصدع الحالي وصولاً الى معادلة متوافق عليها تمكّن الرئيس المكلف من تشكيل حكومته من دون تعطيل، وفق المبادرة الفرنسية». وجرى مساء أمس الاول تواصل هاتفي بين البطريرك بشاره بطرس الراعي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس لبحث دور الامم المتحدة في إنقاذ لبنان عبر مؤتمر دولي.
وذكرت مصادر رسمية ان موعد زيارة السفير بخاري تحدد امس وبعد الدعوة التي وجهها عون ونقلها مستشاره الوزير السابق سليم جريصاتي الذي حضر لقاء الامس. واوضحت ان لقاءات عون تأتي من ضمن حركة ستشمل مزيداً من الدبلوماسيين والشخصيات السياسية، لشرح الوضع الحكومي وموقفه منها «حتى لا يُساء فهم موقفه ولا يقع احد ضحية معلومات مغلوطة». ووصفت المصادر لقاء عون وبخاري «بالجيد جداً والودي جداً»، وان السفير السعودي استمع بإصغاء لكلام عون واستفسر بعض المسائل منه، لكنه لم يبدِ موقفاً سوى ما اعلنه بعد اللقاء.
اما اللقاء مع السفيرة غرييو، فتركز ايضا على اسباب تعثر تشكيل الحكومة، واشارت السفيرة الى ضرورة تشكيل الحكومة كاولوية فرنسية وقالت ان فرنسا مستعدة للمساعدة في هذا الموضوع.
بخاري:عدم التدخل
وفيما غادرت غرييو القصر من دون تصريح، افادت مصار قصر بعبدا ان الرئيس عون شرح الوضع الحكومي ووضع غرييو بصورة الاشكالات التي رافقت عملية التأليف. واكد تمسكه بالمبادرة الفرنسية كمشروع انقاذي للبنان وليس كوسيلة سلطة. كما اكد عون متابعة جهوده لتأليف الحكومة وفقا لمصلحة لبنان والدستور والوفاق الوطني.
اما السفير بخاري فقال بعد لقاء عون: أنه زار قصر بعبدا لمناقشة المستجدات الراهنة في لبنان بناء على دعوة الرئيس عون. انّ المملكة لطالما أعلنت وقوفها وتضامنها مع الشعب اللبناني الشقيق الصامد في وجه الأزمات، والرؤية السعودية للبنان تنطلق من مرتكزات السياسة الخارجية للمملكة، التي تؤكد احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها. مشدّداً على أنّ «سيادة لبنان إنجاز تاريخي تحقق عبر نضالات الشعب اللبناني، ونحن نحترم هذه السيادة».
واضاف: أكدت للرئيس عون التزام المملكة بسيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه، وضرورة الاسراع بتأليف حكومة قادرة على تلبية ما يتطلع اليه الشعب اللبناني، وشددت على ضرورة تغليب المصلحة الوطنية العليا للشروع الفوري بتنفيذ إصلاحات جذرية تعيد ثقة المجتمع الدولي بلبنان. وأشار البخاري الى أنّ «إتفاق الطائف هو المؤتمن على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان. وأكد السفير السعودي على تنفيذ مضامين قرارات مجلس الامن 1701 و1559 والقرارات العربية، من اجل الحفاظ على استقرار لبنان. وختم: وأطلعت الرئيس عون على مبادرة السعودية للسلام في اليمن، ورحب فخامته بهذه المبادرة.
رشدي: لحكومة ذات صلاحيات
اما نجاة رشدي فأطلعت عون على المداولات التي دارت خلال احاطة مجلس الامن الدولي بمجريات قرار مجلس الامن الرقم 1701. وتطرق البحث خلال اللقاء الى استمرار الخروقات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية والتي كانت موضع ادانة في مجلس الامن. وتناول البحث ضرورة تشكيل حكومة جديدة لمواجهة التطورات الراهنة وتحديد الاولويات لاعادة النهوض بالبلاد.
ولاحقا اصدرت رشدي بيانا دعت فيه «القادة السياسيين اللبنانيين إلى التركيز بشكل عاجل على تشكيل حكومة تتمتع بالصلاحيات كخطوة أساسية لمعالجة أزمات البلاد المتعددة والخطيرة ولتطبيق الإصلاحات المطلوبة». وقالت: «يجب المضي قدماً بهذه الخطوة التي لم تعد قابلة للتأجيل بعد الآن». كما دعت رشدي «القادة اللبنانيين إلى ترك خلافاتهم جانباً وتحمل مسؤولياتهم» وإنهاء حالة الشلل القائم والاستماع إلى دعوات اللبنانيين اليائسة، وصولاً إلى توفير الحلول للشعب اللبناني».
وفي اطار الحركة الدبلوماسية العربية ايضاً، استقبل الرئيس المكلف سعد الحريري امس، سفير الكويت عبد العال القناعي، وعرض معه آخر المستجدات السياسية والأوضاع العامة والعلاقات الثنائية بين البلدين. وزار السفير القناعي ايضاً رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط في كليمنصو، بحضور النواب أكرم شهيب، وائل أبو فاعور، وهادي أبو الحسن، حيث جرى عرض مختلف التطورات والمستجدات الراهنة.
الجامعة العربية
في سياق المواكبة الخارجية هذه، دعت جامعة الدول العربية جميع الافرقاء السياسيين في لبنان إلى «إعلاء المصلحة الوطنية والعمل بشكل سريع على انهاء حال الانسداد السياسي الذي فاقم من معاناة الشعب اللبناني». وقال الأمين العام المساعد للجامعة السفير حسام زكي: بأن الأمين العام أحمد أبو الغيط يستشعر قلقاً كبيراً جراء ما تشهده الساحة السياسية من سجالات توحي بإنزلاق البلاد نحو وضع شديد التأزم ملامحه باتت واضحة للعيان. وأجدد استعداد الجامعة العربية للقيام بأي شيء يُطلب منها لرأب الصدع الحالي وصولاً الى معادلة متوافق عليها تمكّن الرئيس المكلف من تشكيل حكومته من دون تعطيل، وفق المبادرة الفرنسية التي ايدها مجلس الجامعة في اجتماعه الاخير في 3 آذار الحالي، حكومة تستطيع ان تعمل بمهارة الاختصاصيين على انقاذ لبنان من وضعه المأزوم الحالي، عبر تنفيذ إصلاحات ضرورية تلبي تطلعات ومطالب الشعب اللبناني.
الراعي وغوتيريس
وفي السياق، جرى مساء أمس الاول تواصل هاتفي بين البطريرك الكاردينال بشاره بطرس الراعي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس، أعرب فيه غوتيرس عن «اهتمامه الشديد بالوضع اللبناني وبضرورة تأليف حكومة والحفاظ على لبنان بعيدا عن الصراعات».
وشرح البطريرك الراعي «حال اللبنانيين وموقف الدولة وعجز الجماعة السياسية عن الجلوس معاً والاتفاق على مشروع إنقاذي، في وقت انتشر فيه الجوع والفقر وتدهورت العملة الوطنية وشارف البلد على الانهيار التام». وأبلغ البطريرك الراعي «الأمين العام أن اللبنانيين ينتظرون دوراً رائداً للأمم المتحدة، لا سيما وأن لبنان عضو مؤسس وفاعل في المنظمة الدولية منذ تأسيسها. وكان الاتصال مناسبة ليطلع البطريرك الراعي الأمين العام على الأسباب الموجبة التي دفعته إلى المطالبة بحياد لبنان وعقد مؤتمر دولي خاص بلبنان. وانتهت المكالمة باالاتفاق على إستمرارية التواصل بشأن المستجدات».
رؤساء الحكومة
وعقد رؤساء الحكومات السابقون فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وسعد الحريري وتمام سلام، لقاء مساء امس، في بيت الوسط، تم خلاله عرض لآخر المستجدات السياسية والأوضاع العامة في البلاد، لا سيما موضوع تشكيل الحكومة. وتلا الرئيس فؤاد السنيورة البيان الصادر عن الإجتماع وجاء فيه: نعبر عن إحترامنا للدستور وتمسكنا به وبالإتفاق الوطني في الطائف وأي محاولة لإعادة إنتاج الخلاف الطائفي مردودة بدليل التفاف الطوائف حول مبادرة البطريرك الراعي.
ونؤكد على موقفنا بالتوجه إلى خطوات من أجل أن تشكل حكومة مهمة محددة بعيداً عن الدخول في سياسات المحاور لتستطيع بذلك حل الأزمة الإقتصادية ونيل ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي. كما ونبدي أسفنا واستغرابنا من التصرفات والمواقف التي تخالف الدستور وتخرج عن الاطار المألوف واللياقات والاعراف في تشكيل الحكومات في لبنان وتجاوز الرئيس عون لأحكام الدستور وكأن المقصود إحراج الحريري لإخراجه.
وطالب رؤساء الحكومات السابقين بضرورة المُسارعة واتّخاذ الخطوات لتشكيل حكومة إنقاذية مُحدّدة من أصحاب الكفاءات تستطيع أن تعمل كفريق متضامن. كما وأثنوا على على ثبات الرئيس المكلف سعد الحريري على موقفه الوطني ولا سيما لضرورة استعادة الدولة لقرارها الحر والتمسك بمقتضيات السلم الاهلي والنظام الديموقراطي البرلماني. ولدى سؤال الرئيس السنيورة عن خيار الإستقالة من مجلس النواب، أجاب بأن الموضوع غير مطروح.
وفي وقت، اكتفى فيه قصر بعبدا بما صدر عنه امس الاول، استنكر تكتل «لبنان القوي» في بيان بعد اجتماعه الدوري الكترونياً برئاسة النائب جبران باسيل ما أسماه «الاسلوب الذي اعتمده رئيس الحكومة المكلّف في التعاطي مع رئاسة الجمهورية مخالفاً الأصول وابسط قواعد اللياقة، رافضاً كل ما ورد على لسان الحريري من مغالطات مستفزة لجهة اعتباره ان رئيس الجمهورية ليس شريكاً دستورياً في عملية تشكيل الحكومة، معتبرا ان كلام الحريري مرفوض شكلاً ومضموناً. وراى ان الحريري وبمجرّد ان طلب منه رئيس الجمهورية تقديم تشكيلة حكوميّة متكاملة، اعدّ العدّة للمعركة بورقة مكتوبة سلفاً قرأها في قصر بعبدا.
معيشيا، يحافظ الدولار والاسعار على ارتفاعها في انتظار انطلاق منصة مصرف لبنان في غضون ايام. ويعاود المجلس المركزي لمصرف لبنان اجتماعه اليوم الأربعاء وعلى جدول أعماله متابعة وضع الآلية لتعميم المصرف حول إنشاء المنصّة الإلكترونية لعمليات الصرافة حمايةً لسعر صرف الليرة والحدّ من الارتفاع الجنوني من دون مبرّر للدولار الأميركي. في السياق، ذكرت مصادر مصرفية، أن عمل المنصّة انطلق بدايةً من طلب المصارف ومؤسسات الصرافة الانتساب إلى المنصّة، فأُعطيت مهلة حتى ١٦نيسان المقبل للاشتراك تحت طائلة الشطب من قائمة الصرافين في لبنان. وكشفت المصادر أن «تحديد سعر صرف سيكون قريباً من السعر المتداول في السوق السوداء، وبالتالي في ضوء العرض والطلب يمكن لمصرف لبنان أن يحدّد سعر الصرف انخفاضاً أو ارتفاعاً، وإن حجم تدخل مصرف لبنان سيكون بين ٤ و٥ ملايين دولار يومياً، وهذا التدخل مرتبط بمدى تطبيق ترشيد السلع أو إلغاء الدعم،» موضحة أن «المنصّة الإلكترونية يمكن أن تبدأ بسعر صرف يتراوح بين ٩ و١٠ آلاف ليرة للدولار الواحد، ويمكن أن يرتفع هذا الرقم أو ينخفض بحسب العرض والطلب والذي يحظى برقابة مباشرة من مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف». أضافت: لم يتم لغاية الآن تحديد دور المصارف ومن أين ستأتي بالـ»كاش» وتحديداً بالدولار الأميركي لأن مصرف لبنان حصر عمليات التداول بالنقدي وليس بالحسابات المصرفية، كذلك لم يُعرَف حتى الآن مَن سيعتمد هذه المنصّة من تجار وصناعيين أو بعض الأفراد.
وفي سياق حياتي، وعلى وقع انقطاع الكهرباء المتفاقم في بيروت، وصلت الصهاريج الإيرانية التي تحمل محروقات إلى حزب الله الذي وزعها.
444865 إصابة
صحياً، أعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 3851 إصابة جديدة، و42 حالة وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية، لترفع العدد التراكمي إلى 444865 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.
البناء
ترقّب نتائج الانتخابات «الإسرائيليّة»… مبادرة سعوديّة ناقصة حول اليمن… ومساعٍ للتعديل
تفويض أميركيّ لمفوّض السياسة الأوروبيّة بإدارة تفاوض سياسيّ لبنانيّ وحول لبنان
زيارات دبلوماسيّة فرنسيّة وسعوديّة إلى بعبدا… والقلق من انهيارات ماليّة وأمنيّة وصحيّة
صحيفة البناء كتبت تقول ” تتجه الأنظار نحو نتائج الانتخابات الرابعة للكنيست الإسرائيلي لجهة المستقبل السياسي لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي يخوض معركة وجوديّة يتوقف معها على فوزه مع حلفائه بنصاب 61 نائباً اللازم لتشكيل الحكومة بقاءه خارج السجن وليس فقط بقاءه في المشهد السياسيّ، وكان نتنياهو قد تعرّض خلال جولة مسائيّة في مدينة بئر السبع جنوب فلسطين المحتلة، لحثّ الناخبين على رفع مشاركتهم قبيل إقفال الصناديق لصاروخ فلسطينيّ سقط قريباً من موكبه، بينما كشفت استطلاعات أوليّة لتصويت الناخبين أدارته القناة الـ 13 العبريّة أن نتنياهو وحلفاءه سيحصلون على 54 مقعداً، بينما يحصل التحالف المناوئ له على 59 مقعداً، ما يبقي البحث في كيفية حصول كل من الفريقين على 61 نائباً مفتوحاً حتى ظهور النتائج النهائيّة خلال اليومين القادمين، انطلاقاً من الفوارق الضئيلة في الأصوات، بعدما سجلت مشاركة 61% من الناخبين، وهي نسبة منخفضة قياساً بسابقاتها وفقاً للقناة.
بالتوازي على المشهد الإقليميّ بدأ المبعوث الأمميّ الخاص باليمن، مارتن غريفيت، مساعي مكوكيّة بين صنعاء والرياض للوصول الى تفاهم على اتفاق لوقف النار، تفتح الباب للحل السياسيّ بعد مبادرة سعودية تدعو لوقف النار المشروط بتثبيته بين الفريقين اليمنيين لتوقف الغارات السعودية الإماراتية، وتتضمن المبادرة قبولاً جزئياً بطلب اليمنيين ربط موافقتهم على وقف النار بوقف العدوان وفك الحصار، خصوصاً فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة، فوضعت المبادرة استعداداً لفتح جزئي مشروط للمطار والميناء، وهو ما رفضه اليمنيون، وربطوا توقفهم عن غاراتهم على العمق السعوديّ بالاتفاق الشامل لوقف العدوان وفك الحصار، معتبرين أن الشق اليمني اليمني من الحرب صار مجرد امتداد للمواجهة اليمنيّة مع العدوان السعوديّ الإماراتيّ.
لبنانياً، تناقلت وسائل الإعلام المحليّة الكلام الصادر عن الدبلوماسيّ السابق ديفيد شينكر الذي وضع عنواناً للمستقبل السياسي للبنان وللحكومة، في إطار المواجهة مع حزب الله والتيار الوطني الحر، وتجاهلت البيان الرسمي الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية الذي يدعو جميع الأطراف السياسيّة الى التوافق للتغلب على خلافاتهم تسهيلاً لتشكيل حكومة تنجز الإصلاحات، وهو ما ربطته مصادر دبلوماسية بالمعلومات التي حملتها نتائج اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، لجهة دعوة الأحزاب السياسية اللبنانية للوصول الى اتفاق سياسيّ يفتح طريق الإنقاذ، ومنع الانهيار. وقالت المصادر الدبلوماسية إن مفوّض الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بات هو الحائز على التفويض الأميركي لإدارة التفاوض اللبناني والتفاوض حول لبنان، من ضمن المهمة التي يتولاها في ادارة التفاوض غير المباشر بين طهران وواشنطن، حول مستقبل الاتفاق على الملف النووي الإيراني، وتعتقد المصادر الدبلوماسية أن الدعسة الفرنسية التي ارتكبها الرئيس امانويل ماركون بالتعهّد بضم السعودية الى المفاوضات الأميركية الإيرانية حول الملف النووي كثمن لتسهيل سعودي لمهمة الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري ناقصة. وتعتقد المصادر أن حركة بوريل ستكون تحت عنواني حكومة سياسية أو انتخابات نيابية مبكرة بعد استطلاع رأي القيادات السياسية اللبنانية.
في بعبدا استقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون السفير السعودي وسفيرة فرنسا، في سياق تشاور يراد منه تخفيض منسوب القلق من انهيار وشيك، بعد فشل مساعي تشكيل الحكومة بطريقة دراماتيكيّة يوم أول أمس.
وبقي المشهد الداخليّ تحت تأثير ارتدادات اللقاء العاصف بين رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري وما أعقبه من حرب بيانات وكشف كل الأوراق الحكوميّة ما يُنذر بفترة فراغ حكوميّ طويل لن ينتهي إلا بتدخّل خارجيّ ينتهي بتسوية لا تبدو قريبة في ظل التجاذبات والخلافات والتصعيد على المستويين الإقليميّ والدوليّ.
وإزاء الفشل والاستعصاء السياسيّ في إنتاج حكومة جديدة، برز تحرّك دبلوماسي أوروبي – عربي – خليجي على الخط الحكومي، وشهد قصر بعبدا سلسلة زيارات دبلوماسية أبرزها السفير السعودي وليد البخاري والسفيرة الفرنسية آن غرييو في القصر.
واستقبل الرئيس عون بحضور الوزير السابق سليم جريصاتي، السفير السعودي وعرض معه التطورات الراهنة والمستجدات الحكومية الاخيرة، إضافة الى شؤون تتصل بالعلاقات اللبنانية – السعودية وسبل تطويرها في المجالات كافة، فضلاً عن شؤون إقليميّة راهنة.
وشدّد البخاري بعد اللقاء على «التزام المملكة بسيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه»، كما دعا إلى «ضرورة الإسراع بتأليف حكومة قادرة على تلبية ما يتطلّع إليه الشعب اللبناني من أمن واستقرار ورخاء». وطالب «جميع الأفرقاء السياسيين في لبنان إلى تغليب المصلحة الوطنية العليا من منطلق الحاجة الملحّة للشروع الفوريّ بتنفيذ إصلاحات جذرية تعيد ثقة المجتمع الدولي بلبنان».
كما أكد السفير السعوديّ على «أهمية مضامين قرارات مجلس الأمن 1701، 1680 و1559 والقرارات العربية والدولية ذات الصلة من أجل الحفاظ على استقرار لبنان واحترام سيادته ووحدته». وشدّد بأن «اتفاق الطائف هو المؤتمن على الوحدة الوطنية وعلى السلم الأهلي في لبنان».
وحملت زيارة البخاري الى بعبدا إشارات ورسائل عدة أبرزها رسالة سلبية الى بيت الوسط لا سيما أن الزيارة جاءت غداة تصعيد الحريري باتجاه رئيس الجمهورية، في وقت لم يزُر السفير السعودي بيت الوسط منذ شهور عدة لا سيما بعد تكليف الحريري. لكن مصادر «البناء» لفتت إلى أن موقف البخاري ليس معزولاً عن سياسة بلاده بل بتوجيهات منها بدليل قراءته ورقة مكتوبة بعد اللقاء.
وفيما أشيع عن توجّه سعوديّ لتقديم مساعدة مالية للبنان لمنع الانهيار في لبنان، قللت المصادر من أهميّة الزيارة لجهة مساعدة لبنان مالياً، وأنها لا تتعدّى الطابع البروتوكولي.
وفي موازاة ذلك، دعت جامعة الدول العربية جميع الأفرقاء السياسيين في لبنان إلى «إعلاء المصلحة الوطنية والعمل بشكل سريع على إنهاء حال الانسداد السياسي الذي فاقم من معاناة الشعب اللبناني».
وسُجِل تواصل هاتفيّ بين البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس، أعرب فيه غوتيرس عن «اهتمامه الشديد بالوضع اللبنانيّ وبضرورة تأليف حكومة والحفاظ على لبنان بعيداً عن الصراعات». وأبلغ الراعي الأمين العام أن «اللبنانيين ينتظرون دورًا رائداً للأمم المتحدة، لا سيّما أن لبنان عضو مؤسس وفاعل في المنظمة الدوليّة منذ تأسيسها».
في المقابل زار سفير الكويت عبد العال القناعي بيت الوسط واجتمع إلى الحريري، وعرض معه المستجدّات السياسيّة.
وبعد التصعيد في مواقف الحريري الذي رافق زيارته بعبدا الأخيرة، استكمل نادي رؤساء الحكومات السابقين حملة التصعيد على رئيس الجمهورية، وذلك خلال لقاء عقدوه مساء أمس في دارة الحريري تمّ خلاله عرض لآخر المستجدّات السياسية والأوضاع العامة في البلاد.
وأبدى المجتمعون في بيان تلاه الرئيس فؤاد السنيورة أسفهم واستغرابهم «من التصرّفات والمواقف التي تخالف الدستور وتخرج عن الإطار المألوف واللياقات والأعراف في تشكيل الحكومات في لبنان وتجاوز الرئيس عون لأحكام الدستور وكأن المقصود إحراج الحريري لإخراجه». ولدى سؤال السنيورة عن خيار الاستقالة من مجلس النواب، أجاب بأن الموضوع غير مطروح.
وفي سياق ذلك، وفي ما تؤكد مصادر تيار المستقبل لـ»البناء» بأن الحريري لن يستسلم للشروط والضغوط التي تمارس عليه من قبل رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر ولن يخضع للابتزاز ولن يعتذر وسيبقى متمسكاً بالتكليف حتى تأليف حكومة وفق الشروط الفرنسيّة وطالما أنه محصّن بقرار الأغلبيّة النيابية التي سمّته في الاستشارات النيابية». أكد نائب رئيس تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش أن «ثمة سعياً حثيثاً من رئيس الجمهورية وفريقه لكسر الجرّة مع الرئيس الحريري». وأكد أن «الاعتذار غير مطروح من قبل الحريري». كاشفاً أن «خيارات تيار المستقبل مفتوحة ولدينا اجتماعات قريباً لاتخاذ القرارات المناسبة للفترة المقبلة».
في المقابل استنكر تكتل لبنان القوي «الاسلوب الذي اعتمده رئيس الحكومة المكلّف في التعاطي مع رئاسة الجمهورية مخالفاً الأصول وأبسط قواعد اللياقة، ويرفض كل ما ورد على لسان الحريري من مغالطات مستفزة لجهة اعتباره أن رئيس الجمهورية ليس شريكاً دستورياً في عملية تشكيل الحكومة، ويعتبر أن كلام الحريري مرفوض شكلاً ومضموناً».
وسأل التكتل في بيان بعد اجتماعه الدوري برئاسة النائب جبران باسيل: «ما المانع من تشكيل حكومة من عشرين أو 22 أو 24 وزيراً اذا كان ذلك يوفّر لها شروط الاختصاص، ويحترم القواعد المتفّق عليها. وبأي منطق يعطي رئيس الحكومة المكلّف جميع الطوائف حق تسمية الوزراء ويمنع ذلك عن المسيحيين وعن رئيس الجمهورية على قاعدة «كلّن بيسمّوا الاّ أنتو».
واعتبر التكتل أن «الهدف الرئيسي للحريري هو حصوله مع الداعمين له على النصف زائداً واحداً في الحكومة وليست المشكلة بالثلث الضامن الذي لم يطلبه أحد اصلاً ويسأل التكتل ما هو السبب الرئيسي لإصرار الحريري على هذه الأكثرية في الحكومة وما إذا كانت لإقرار الإصلاح وفي مقدمّته التدقيق الجنائي؟».
وفي ضوء التصعيد ورفع جدار المواقف بين بعبدا وبيت الوسط، لفتت مصادر «البناء» إلى أن «الوساطات على الخط الحكومي توقفت ولا مبادرات إقليمية ولا دولية ولا محلية والاتصالات مجمّدة وخطوط التواصل مقطوعة حتى إشعار آخر».
وحذّرت المصادر من «تفاقم الأزمات الحياتية والاقتصادية وارتفاع سعر صرف الدولار الذي لن يتوقف عند سقف معين في ظل الاهتراء السياسي وغياب حكومة فاعلة قادرة على البدء بمسيرة النهوض الاقتصادي والمالي عبر إنجاز الإصلاحات المطلوبة والتفاوض مع صندوق النقد الدولي». كما وحذّرت من استغلال بعض الجهات الاستخبارية والدخول على خط الفراغ والانقسام السياسي والفوضى الاجتماعية وتوتير الوضع الأمني والطائفي والمذهبي لكن المصادر أكدت حرص معظم القوى السياسية على الحد الأدنى من الاستقرار الأمني ريثما يتم الانفراج على المستوى الحكومي».
وفيما عكست عين التينة أجواء سلبية إزاء ما حصل الاثنين الماضي، أشارت أوساط قيادية في حركة أمل إلى أن «الرئيس نبيه بري كان يأمل أن تؤدي مساعي الأيام الأخيرة إلى اتفاق بين الرئيسين عون والحريري على تأليف حكومة لمعالجة الأزمات القائمة لا سيما ارتفاع سعر صرف الدولار ولمواجهة التحديات والاستحقاقات المقبلة لا سيما إنجاز الإصلاحات الضرورية للحصول على الدعم المالي الدولي، لكن للأسف شهدنا تشبثاً بالمواقف وخطوات خاطئة لا تصبّ في مصلحة البلد».
وعن الاجتماع الذي جمع النائب علي حسن خليل ومستشار رئيس المجلس النيابي أحمد بعلبكي والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل والحاج وفيق صفا، لفتت الأوساط إلى أن «اللقاء جاء في إطار التنسيق بين القيادتين ووحدة الصف والموقف في كافة الجوانب والملفات لا سيّما الموضوع الحكوميّ». ونفت الأوساط أن يكون الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قد وجّه رسالة إلى عين التينة أو حركة أمل «لكن لا يخلو الأمر من قراءة متباينة من زاوية مختلفة من الطرفين لبعض المسائل التي تشهد نقاشاً لتوحيد الموقف منها». ونفت الأوساط «كل الإشاعات التي تتحدث عن خلاف تكتيكي أو في النظرة من التحرّكات الشعبية في الشارع أو حيال أزمة الدولار والموقف من حاكم مصرف لبنان»، مؤكدة استمرار الاتفاق على الخطوط العامة بين القيادتين لا سيما رفض مبدأ الحياد الذي ينادي به البعض والتأكيد على حفظ دور ووجود المقاومة ووحدة وتماسك الجيش والقوى الأمنية وبناء الدولة في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها لبنان».
وعن موقف الرئيس بري حيال دعوة السيد نصرالله تفعيل عمل حكومة تصريف الأعمال لفتت الأوساط إلى أن «لا مقومات للحكومة لتفعيل عملها، وقبل بحث هذا الأمر على مستوى المجلس النيابي يحضر السؤال هل الحكومة نفسها والوزراء مستعدّون لتفعيل عملها؟ وبالتالي المشكلة في الحكومة نفسها وليست في مكان آخر».
ونفت مصادر رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب أي «موقف خاص صدر عن الرئيس المستقيل فلا تناغم أو غيره مع رؤساء الحكومات السابقين». وأكدت «حرص الرئيس على البقاء على مسافة واحدة من الجميع وهو يؤثر عدم الدخول في السجالات السياسية كعادته».
وإذ سجّل سعرُ صرف الدولار في السوق السوداء مساء أمس ما بين 13200 و13450 ليرة لبنانية للدولار الواحد. يعاود المجلس المركزي لمصرف لبنان اجتماعه اليوم وعلى جدول أعماله متابعة وضع الآلية لتعميم المصرف حول إنشاء المنصّة الإلكترونية لعمليات الصرافة حمايةً لسعر صرف الليرة والحدّ من الارتفاع الجنونيّ من دون مبرّر للدولار الأميركي. وأصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمس إعلامًا للمصارف حول آلية التدريب على استخدام المنصّة الإلكترونيّة لعمليات الصرافة.
ولا تزال نار أسعار السلع والمواد الغذائية تحرق جيوب المواطنين، وبعدما فشلت كافة الوسائل الرسمية والشعبية في ثني التجار والشركات المستوردة على وقف الاحتكار والتلاعب بالأسعار، انتشرت دعوة على مواقع التواصل الاجتماعي الى «أسبوع مقاطعة البيض والدجاج»، بعدما ارتفعت أسعار هذين المنتجين بشكل قياسي، وسجل سعر كرتونة البيض حوالي 40 ألف ليرة، أي أن سعر البيضة الواحدة، تجاوز الـ1000 ليرة، بعدما كانت 3 بيضات تُشرى بهذه الألف!
على صعيد آخر، استجوب المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، الضباط الأربعة الموقوفين في القضية. واستهلّ الجلسة صباحاً باستجواب الرائد في جهاز أمن الدولة جوزيف النداف، ثم العميد في مخابرات الجيش انطوان سلوم، ثم الرائدين في الأمن العام داوود فياض وشربل فواز، وذلك بحضور وكلاء الدفاع عنهم، وبحضور المحامي يوسف لحود عن نقابة المحامين في بيروت التي تمثل جهة الادعاء الشخصي، على أن يستكمل اليوم والجمعة المقبل استجواب باقي الموقوفين في هذا الملف.
المصدر: صحف