عادَ التهليلُ للتدويل، ونُصبت المنابرُ وأُقيمت المراتب، والمشكلةُ اَنهم انفسَهم عندَ كلِّ ازمةٍ او استحقاق، يُعيدونَ شريطَ الايامِ اللبنانيةِ نفسِها والخطابَ ذاتَه، ويتوقعونَ نتيجةً مختلفة.
ورغمَ كلِّ الظروفِ المختلفةِ والتطوراتِ في لبنانَ والمنطقة، يطالبونَ بالتدويل، فكأنهم في كوكبٍ آخر، فهل هو انفصامٌ سياسيٌ عن الواقع ؟ او هلوساتُ الوجعِ السياسيِّ الذي يعانيهِ هؤلاء ؟ امّا اوجاعُ الناسِ فليست من اولوياتِهم، والاَولى عندَهم محاولةُ تسجيلِ نِقاطٍ سياسيةٍ في الوقتِ بدلِ الضائع، لكنْ من دونِ جدوى.
ومن دونِ جدوىً باتَ الرهانُ على ايِّ تطورٍ سياسيٍّ في الوقتِ الراهن، فالمشكلةُ الحكوميةُ على حالِها، وكذلكَ التراشقُ السياسيُ والاعلامي، وكلُّ المحاولاتِ والمبادراتِ تغرقُ في الوادي العميقِ بينَ بعبدا ووادي ابو جميل، والجملُ اللبنانيُ بلا حِملٍ ينزلقُ أكثرَ فأكثرَ الى وادي الازماتِ الاقتصاديةِ والماليةِ والاجتماعية.
اقليمياً الأزمةُ التي افتعلتها الولاياتُ المتحدةُ الاميركيةُ ومعها حلفاؤها الثلاثةُ – فرنسا، المانيا ، بريطانيا – معَ ايران يجبُ اَن تَحُلَّها بنفسِها، واَن تلتزمَ بالاتفاقِ النووي لكي تلتزمَ به الجمهوريةُ الاسلاميةُ الايرانية، هذا ما حسَمَهُ الامامُ السيدُ علي الخامنئي الذي رفضَ لغةَ الاستعلاءِ والغطرسةِ الاميركية، مؤكداً انَ ما يمنعُ ايران من امتلاكِ السلاحِ النووي ليس المهرجَ الصهيونيَ وانما مبادئُها الاسلامية..
متمسكاً بمبادئِ الثورةِ الاسلاميةِ وحاملاً رايةَ الثورةِ الفلسطينية، رحَلَ المفكرُ والمناضلُ اللبنانيُ والعربيُ انيس النقاش. رحلَ ابنُ بيروتَ العروبة الذي ما اضاعَ بوصلةَ فلسطين، رحلَ من دمشقَ التي لم يَخذِلْها يومَ الحربِ الكونيةِ عليها، فبقيَ صوتَ الحقِّ مدافعاً عن المقاومةِ وعرينِها وايرانَ وثورتِها وفلسطينَ وقدسِها. رحلَ انيس النقاش بعدَ ان نقَشَ اسمَه على حجارةِ فلسطين، فكانَ ثائراً اممياً لاجلِها ومفكراً ثورياً باسمِ قضيتِها.
ستَفتقِدُهُ حلقاتُ الفكرِ واطلالاتُ التحليل، وستَحفظُه ذاكرةُ المجاهدينَ اللبنانيينَ والفلسطينيين. نعاهُ حزبُ الله وكلُّ فصائلِ المقاومةِ الفلسطينيةِ والاحزابِ العربيةِ والشخصياتِ القوميةِ وكلُّ من آمنَ بالقضية، وسيَحتضنُه ترابُ بيروتَ غداً ويبكيهِ ترابُ فلسطين..