لم يعترف بالهزيمةِ الا بعدَ اَن عَرَّفَ العالمَ على الحقيقةِ الامريكية. فَحَوَّلَ الرئيسُ المهزومُ دونالد ترامب باحاتِ الكونغرس الى ساحاتِ حرب، ازدحمت فيها الرسائلُ النارية، فأوقعت اربعة قتلى، ومعهم مُسمى الديمقراطيةِ الاميركية.
كجمهورياتِ الموزِ كانت واشنطن بالامس، لم ينجُ ترامب بمغامراتِه، ولم يَحْمِهِ الزجاجُ المصفحُ الذي اطلَّ من خلفِه من السقوط ، فكانَ مشهدُ النهايةِ لاكثرِ حقبةٍ رئاسيةٍ جدلية، لكنه مشهدُ البدايةِ للمتغيرِ الذي يصيبُ عمقَ الهيبةِ الاميركية.
اقرَّ الكونغرس رئاسةَ جو بايدن، فوصلَ مصاباً بسهامٍ سياسيةٍ بليغة ، وسط مجتمعٍ مأزومٍ ومُشظاً، وفي ظلِّ وقائعَ دوليةٍ جديدةٍ ، وتطوراتٍ اصابتِ المنظومةَ الاميركيةَ وكلَّ دُعاتِها المُبَشِّرين بديمقراطيتهم المُزيَّفة عبر الحديدِ والنارِ، والعقوباتِ وافتعالِ الازمات .
في الجسدِ اللبناني المسجَّى على لهيبِ الازمات، تبقى اصاباتُ كورونا اليومَ اخطرَ الهزات. عدادُ الاصاباتِ يقتربُ من الخمسةِ آلافٍ، فيما لم يُصِبِ الاقفالُ العامُّ في أَوَّلِ أيامِه جُلَّ مبتغاه، فبقيت الساحاتُ مزدحمةً والاسواق، وكذلك طوارئُ المستشفياتِ وعناياتُها الفائقة. ومعَ فائقِ الاحترامِ للاجراءاتِ الحكوميةِ وللمواطنين، فانها تجربةٌ لا تُبشِّرُ بالخير، وتَفرِضُ على المعنيينَ مزيداً من الجدية، وعلى المواطنينَ ولو القليلَ من المسؤولية.
في السؤالِ عن الاحوالِ السياسيةِ وتطوراتِها، لا جوابَ سوى زيارةِ رئيسِ الجمهوريةِ البروتوكولية الى بكركي للتهنئةِ بالاعياد، والتي لم تَغِب عنها الاوضاعُ العامة. واِن تكتَّمَ الرئيسُ عون عن ذكرِها فهي تبوحُ بنفسِها، اي الحكومةُ العالقةُ عندَ الثقةِ المفقودةِ معَ الرئيسِ الـمُكلَّف. البطريركُ الراعي حاولَ ايجادَ مسارٍ لجمعِ الرئيسينِ عون والحريري في بكركي، ولانَ المشكلةَ ليست باللقاءات – وهي كثيرةٌ بينَ الرئيسين – بل بالطروحاتِ التي لم تَشهد جديداً، استوى المشهدُ على زيارةٍ لرئيسِ الجمهوريةِ انتهت الى التحليلِ بابعادِها، واخرى قريبةٍ للرئيسِ المكلفِ الى بكركي، وليسَ الى بعبدا.
ولانه ليسَ هناكَ مجالٌ لتضييعِ الوقتِ معَ الازمةِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والصحيةِ المتفاقمة، كانت دعوةُ كتلةِ الوفاءِ للمقاومة الرئيسَ المكلفَ الى اعادةِ تحريكِ عجلةِ التأليفِ الحكوميةِ للوصولِ الى الصيغةِ التي يمكنُ ان تعززَ الاستقرارَ والثقة، للنهوضِ بالاعباءِ المترتبة..
المصدر: قناة المنار