كيف تشجّعنا الجمعيات الخيرية على التخلّي عن بعض نقودنا؟ الكاتبة والمحاضرة في علم النفس كلوديا هاموند توصلت إلى أن هناك طرقاً تتبعها تلك الجمعيات أكثر فاعلية من غيرها.
^ 1 لا تعتمد على الصور النمطية
في إعلان نموذجي يهدف لجذب متبرعين في أعقاب وقوع زلزال ما، كثيراً ما نرى أسرة تقف حزينة أمام منزلها المدمّر بينما تنتظر وصول المساعدة. ويميل الأطفال في مثل تلك الإعلانات إلى أن يكونوا جذّابين للغاية بابتساماتهم الساحرة وعيونهم الواسعة. والفكرة هي أنه لن يكون بإمكاننا مقاومة هؤلاء الأطفال الرائعين. بيد أن دراسات عدة تشير إلى أن هذه الصورة الكلاسيكية قد لا تكون مقنعة تماماً كما قد تتوقع.
فقد توصّلت الباحثة هنا زاغيفكا من «جامعة هولوي» في لندن إلى أن الناس أكثر ميلاً للتبرّع بعد وقوع كوارث طبيعية مما هم بعد حرب أهلية مثلاً، إذ يحكمون بأن الناس المتضررين من الكارثة الطبيعية ليس لهم يد فيها كما في الحرب الأهلية. ولكنهم أيضاً يتبرعون أكثر إذا ظهر الناس وهم يحاولون مساعدة أنفسهم بدلاً من الانتظار السلبي للمساعدة. لذا، فالدرس المستفاد هنا هو استخدام صور لعائلات تحاول بناء ملجأ لها، على سبيل المثال، بدلاً من الجلوس والانتظار على أمل وصول المساعدة.
^2 لا تركّز دائماً على قصص فردية
عندما تقع كارثة كبيرة، قد يكون من الصعب تخيّل ما يحدث على أرض الواقع تماماً، لذا فإن جامعي التبرعات كثيراً ما يروون لنا قصة شخص ما، لأن ذلك يساعدنا على التعاطف مع الناس في ورطتهم. تبدو تلك فكرة جيدة، لأننا نضع أنفسنا مكانهم، وندرك مدى فظاعة الحياة بالنسبة لهم، وبالتالي نتبرّع ببعض المال على أمل تخفيف آلامهم. بيد أننا نسمع الكثير من القصص الفردية الآن لدرجة أن الروايات المماثلة بدأت تفقد تأثيرها.
إن ما تحتاجه المنظمات غير الحكومية حقاً هو الحصول على تبرّعات متكرّرة من الناس الذين يصبحون ملتزمين بمنظمتهم، بدلاً من التبرّع لمرة واحدة بعد الاستماع إلى قصة فردية واحدة. لذا، فقد يكون أفضل للجمعيات الخيرية أحياناً أن تركز على الصورة الأكبر بدلاً من ذلك.
ما تحتاج الجمعيات الخيرية إلى فعله، إن كان ذلك في وسعها، هو معرفة ما إن كان المتبرعون المحتملون قد يتعاطفون مع الأفراد الذين يساعدونهم. وإن لم يكن الأمر كذلك، فإن التماس التعاطف مع مفاهيم مجردة أكثر، كمعالجة قضايا العدالة الاجتماعية، أو تحسين العالم، قد يكون أكثر فاعلية.
^3 اختر كلماتك بعناية
إن تغيير كلمة واحدة فقط قد يحدث فرقاً في التبرعات التي تجمعها جمعية خيرية. فقد أجرى الأخصائي النفسي نيكولاس غوجوين تجربة في 14 مخبزاً في منطقة بريتاني. ووضعت خلال تلك التجربة علبة قصديرية لجمع الأموال على كل منضدة، ووضع عليها ملصق يحتوي على معلومات عن جمعية خيرية تعمل في توغو في غرب أفريقيا. وكانت الملصقات على العلب متطابقة، باستثناء كلمة واحدة.
إذ كتب على ثلث الملصقات على العلب أن «التبرع = المحبة»، وعلى الثلث الثاني أن «التبرع = المساعدة»، أما الثلث الأخير فقد كتب عليه فقط كلمة «التبرع». وعندما أحصى علماء النفس الأموال، وجد أن العلب التي على ملصقها كلمة «محبة» احتوت على حوالي ضعفي الأموال التي احتوت عليها العلب التي كتب على ملصقها «مساعدة». ويشير الباحثون إلى أن كلمة الحب تثير مشاعر التضامن والتعاطف والدعم، وهو ما دفع الناس لأن يكونوا أكثر سخاء.
^4 اجعل التبرّعات علنية
كل منّا يرغب في تقديم نفسه على أنه طيب وكريم. في دراسة أجريت العام 2010، قدّم لمجموعة المشاركين فيها مبلغ من المال، وقيل لهم إن بإمكانهم الاحتفاظ بالمبلغ كاملاً أو اختيار تقاسمه مع إحدى الجمعيات الخيرية التي اختيرت من بين قائمة محدّدة.
وكان من الأرجح بشكل كبير أن يتبرّع المشاركون بالأموال إذا اعتقدوا أن الشخص الموجود على الشاشة أمامهم كان يراقبهم. هذا التوق لأن تظهر سخياً له تأثير مثير على مواقع العطاء الخيرية. ورغم أن بإمكان الناس اختيار عدم الكشف عن هوياتهم على هذه المواقع، فإن الأغلبية تكشف عن أسمائها للتباهي.
^5 لا تخبر المليونير أنه سيحصل على مقابل
عندما تطالب الجمعيات الخيرية بتبرعات كبيرة، تحاول أحياناً أن تقنع المانحين بأن ذلك سيكون جيداً بالنسبة لهم أو لشركاتهم، ربما، إذا كانوا يريدون التبرع بمبلغ كبير. وتشير دراسة للباحثة بوتا دتش ضمت 633 مليونيراً إلى أن هذا النهج قد يأتي بنتائج عكسية.
وتبين من النتائج، أن وضع الجمعيات الخيرية سيكون أفضل بطلب التبرع مباشرة من شخص ثري بدلاً من الإيحاء بأنه سيكسب شيئاً لقاء ذلك، وأنه نوع من الاستثمار. وإذا فعلت الأمر الأخير، فهناك خطر أن تضع المانح في إطار فكري مالي، وبالتالي ستجني الجمعية أموالاً أقل.
المصدر: بي بي سي