ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الجمعة 23-10-2020 في بيروت على تسمية الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة، والمسار الذي سيسلكه التأليف في ظل التعقيدات السياسية..
الأخبار
سعد الحريري: انقلاب أم تفاهم؟
تناولت جريدة الأخبار الشأن الداخلي وكتبت تقول “عاد سعد الحريري إلى الواجهة من دون قناع. لم تكن استقالته استجابة لمطالب انتفاضة ١٧ تشرين، وليست عودته مطلباً شعبياً. عاد لأنه يعتبر أن رئاسة الوزراء حقّه الطبيعي. وعاد واعداً بأنه هو نفسه، من كان أحد أسباب الانهيار، يحمل مشروعاً للخروج من هذا الانهيار. لم يتضح بعد أيّ طريق سيسلك. هل يستكمل الانقلاب الذي بدأه مصطفى أديب، عبر محاولة فرض أعراف جديدة تتخطّى موازين القوى في مجلس النواب، أم يسعى إلى تفاهمات سياسية لتأليف حكومة اختصاصيين؟ لا يزال التنبّؤ بالأمر صعباً بانتظار متابعة كيفية التعامل مع التيار الوطني الحر. هل تختلف آلية العمل بين التكليف والتأليف، أم يصرّ على إقصائه فيكون له رئيس الجمهورية بالمرصاد؟
دار الدولاب وعاد سعد الحريري مكلّفاً تأليف الحكومة. عندما استقال في أواخر تشرين الأول 2019، بدت خطوته هروباً من تحمّل المسؤولية (وإن ألبسها لبوساً ثورياً). وعندما عاد أوحى أنه جاهز لتحمل المسؤولية. ما الذي تغيّر في هذا العام بالنسبة إليه؟ هل سيتمكن من يدّعي امتلاك مفتاح الخروج من الانهيار أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء؟ عندما استقال كان سعر الدولار 1780 ليرة، وعندما عاد احتفل الناس لأن الدولار تراجع إلى حدود الـ 7000 ليرة. إذا كان هو المنقذ حالياً، فهذا يعني أنه كان كذلك عندما استقال، وكان كذلك يوم رفض العودة، لكنه فضّل المساهمة بتعميق الانهيار، بعدما سبق أن كان واحداً من المؤسسين له.
عندما استقال منذ عام سنحت له الفرصة مجدداً للعودة متسلّحاً بالورقة الإصلاحية التي وافق عليها مجلس الوزراء قبل استقالته. لم يوافق على التكليف حينها بحجة عدم تأييده من قبل الفريقين المسيحيين الأكبر، لكنه عاد ووافق اليوم. يبدو واضحاً إذاً أن القرار كان متخذاً بترك السفينة تواجه الغرق. واليوم، ولما كادت تغرق، يُراد تعويمها. عند الاستقالة قيل إن القرار أو «النصيحة» أتت من جاريد كوشنير، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومستشاره. هل العودة اليوم محمية بـ«نصيحة» أخرى، مرتبطة بمفاوضات الترسيم وأجواء تهدئة إقليمية، من اليمن إلى بغداد مروراً بسوريا ولبنان؟ من يعرف الحريري يدرك أن إصراره على الحصول على التكليف ليس وليد بنات أفكاره. من دون إيعاز لا يمكنه المغامرة. والإيعاز لا يمكن أن يكون فرنسياً فقط، وإن أكثَر من التعبير عن الحرص على المبادرة الفرنسية.
اللافت أنه بالرغم من الانقسام السياسي الكبير، إلا أنه تمكّن من الحصول على 65 صوتاً، تمثل عملياً نصف عدد النواب حالياً زائد خمسة. كتلة القومي كانت المفاجأة، كما النائبين جهاد الصمد وعدنان طرابلسي. أيّدوا الحريري، كما فعل النائب جان طالوزيان، مخالفاً موقف كتلة القوات. كتلة الطاشناق لم تتأثر بكل الضغوط لثنيها عن قرارها، فأصرّت على السير بتسمية الحريري. كان للرئيس نبيه بري دور رئيسي في إقناع كتلتَي «القومي» والطاشناق بتسمية الحريري، رغم محاولة السفير السوري، علي عبد الكريم علي، إقناعهما بالعكس. المفارقة أن ما سبق أن أعلنه نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي تحقّق. تمكّن الحريري من الحصول على 22 صوتاً مسيحياً بالتمام والكمال. وهذه تقارب 40 في المئة من عدد النواب المسيحيين الذين شاركوا في الاستشارات.
بالنتيجة، حصل الحريري على تسمية 65 نائباً، فيما لم يسمّ 54 نائباً أحداً. وهؤلاء نصفهم على الأقل لا يعترضون على عودة الحريري إلى السراي، وأبرزهم حزب الله. وبعد أن أبلغ الرئيس ميشال عون الحريري بنتيجة الاستشارات، بحضور بري، خرج الأخير، رافضاً استمرار التشاؤم على خلفية الخلاف الكبير بين الحريري والنائب جبران باسيل. قال إن «الجو تفاؤلي بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري». أضاف: «سيكون هناك تقارب بين تيارَي المستقبل والوطني الحر». أما الحريري، فقد خرج ببيان مقتضب وضع فيه الخطوط العريضة لمرحلة التأليف. وتحدّث عن «تشكيل حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين، مهمتها تطبيق الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية الواردة في ورقة المبادرة الفرنسية، التي التزمت الكتل الرئيسية في البرلمان بدعم الحكومة لتطبيقها». كما أبدى عزمه «العمل على وقف الانهيار الذي يتهدد اقتصادنا ومجتمعنا وأمننا، وعلى إعادة إعمار ما دمّره انفجار المرفأ الرهيب في بيروت»، معلناً أنه سينكبّ على «تشكيل الحكومة بسرعة، لأن الوقت داهم، والفرصة أمام بلدنا الحبيب هي الوحيدة والأخيرة».
لكن هل سيكون بالإمكان تشكيل حكومة بسرعة؟ ما حمله التكليف من عقد يؤكد أن التأليف لن يكون سهلاً. أمامه عقبات كبيرة، أولاها كيفية التعامل مع الحالة العونية في تلك المرحلة، وثانيتها كيفية التوصل إلى اتفاق على برنامج الحكومة.
باسيل كان رأى أن «هذا التكليف مشوب بضعف ونقص تمثيلي يتمثل بهزالة الأرقام وغياب الدعم من المكوّنات المسيحية الكبرى، ومن يحاول التغاضي عنه يحاول إعادتنا إلى الوصاية السورية وهذا لن يحصل».
ما قاله باسيل من بعبدا يرسم خارطة طريق مرحلة التأليف: «التيار مع حكومة إصلاح من اختصاصيين برئيسها ووزرائها وجو المبادرة الفرنسية كذلك، ولذلك فإن تسمية شخص سياسي بامتياز، أدت إلى عدم تسمية التيار لأحد». خلاصة قوله بأن التيار الذي انحنى أمام عاصفة التكليف سيقف في المرصاد في مرحلة التأليف. وهذا استكمال لموقف رئيس الجمهورية، الذي أعاد التذكير، في مؤتمره الصحافي أول من أمس، أن التأليف يمرّ من بعبدا، وإذا كانت الاستشارات ملزمة، فإن توقيعه هو ملزم لمن يودّ تأليف حكومة.
مشاورات التأليف بدأها الحريري أمس. استعاض عن الزيارات لرؤساء الحكومات السابقين باتصالات هاتفية، على أن يُفتح المجلس النيابي اليوم ليجري الرئيس المكلّف الاستشارات مع الكتل النيابية، تمهيداً لبدء التواصل الفعلي لتشكيل الحكومة. هنا لا تزال الأمور ضبابية. أمام الحريري خيار من اثنين، إما يسعى إلى تنفيذ الانقلاب الذي فشل مصطفى أديب في تنفيذه، فيذهب باتجاه المواجهة من الخاصرة الرخوة لفريق 8 آذار، أي التيار الوطني الحر، ومن خلفه رئيس الجمهورية، فيرفض التفاوض معهما أو التنسيق معهما بشأن الأسماء والبرنامج، وإما يسير بتفاهم كامل مع الكتل النيابية الممثلة في المجلس النيابية، تمهيداً لنيل حكومته الثقة، والبدء بالعمل للخروج من الانهيار كما أعلن.
إذا اعتمد المسار الأول فلن يكون مستبعداً أن يكون مصيره كمصير مصطفى أديب، الذي أثبتت الوقائع أن طرحه لحكومة يختار أعضاءها بنفسه ليس قابلاً للحياة، وستكون أمامه عقبتان كفيلتان بتطييره، الأولى عدم توقيع رئيس الجمهورية على أيّ تشكيلة لا يوافق على أسمائها، أو لا تكون له الحصة الأوزن في أسماء المسيحيين فيها، والثانية ثقة المجلس النيابي، التي لن تتمكن حكومة الحريري من الحصول عليها، إذا لم تكن الأكثرية مشاركة فيها بما تراه مناسباً.
مع ذلك، فإن الحريري إذا ذهب في خيار المواجهة، فلن يكون أعزلَ. هو يعتمد على مجموعة من العوامل التي يعتبر أنها تصبّ في مصلحته: رهان على ضغط فرنسي أو أميركي على عون للسير بتشكيلة يقدمها، «قدرته» على خفض سعر صرف الدولار، تمسك الجميع بالمبادرة الفرنسية، العقوبات الأميركية، والفكرة التي ردّدها في قصر بعبدا: أنا الفرصة الأخيرة.
في المقابل، إذا غامر الحريري بالرهان على تلك الخطوات، فإن الفريق الآخر لن يكون مكبّل اليدين، دستورياً وسياسياً. يكفي أن رئيس الجمهورية شريك في التأليف وفي التوقيع، ومن دونه لا شرعية لأي حكومة. ولذلك، فإن مصادر معنية تؤكد أن لا مجال لتكرار تجربة مصطفى أديب. وعندما طرح الحريري نفسه مرشحاً طبيعياً كان يدرك أن لاءات أديب لا يمكن أن تؤسس لإطلاق مسار جدي لتشكيل الحكومة. لذلك كان بديهياً أن يكون الحريري قد تجاوزها عندما طرح ترشيحه. هذا ما حصل بالنسبة إلى الحصة الشيعية التي اتفق على أن يسميها ثنائي حزب الله وأمل، وهذا ما حصل مع وليد جنبلاط الذي وعده بحقيبتين إحداهما وازنة. وحده التيار الوطني الحر تعامل معه الحريري كأنه غير موجود. لكن إذا كان الأمر شخصياً مع جبران باسيل، فهل يمكن أن يبقى كذلك عند اختيار الوزراء المسيحيين؟ مصادر معنية تجزم أن ما يصح على غير التيار يصح على التيار أيضاً. ولذلك، فإنه لا بد أن يكون حاضراً في مفاوضات التأليف بغضّ النظر عن الآلية. ذلك أمر لا يحتمله الحريري على الأرجح، لكن في مطلق الأحوال فإن رئيس الجمهورية سيكون له بالمرصاد. البداية اليوم من مجلس النواب. فهل سينجح بري في جمع الحريري وباسيل، لتكون حكومة الحريري الرابعة نسخة «مزيدة ومنقّحة» عن حكومة حسان دياب؟
اللواء
الحريري يتقدّم إلى «حكومة المهمة».. وبري على خط «لغم باسيل»
مشاورات التأليف تقنية في ساحة النجمة اليوم.. و3 شروط أميركية للدعم مع عصا العقوبات
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “يبدأ اليوم الرئيس المكلف سعد الحريري اختبار «مكامن» الكتل النيابية، التي سمته، وتلك التي لم تسمه، في تأليف «حكومة مهمة» لستة اشهر، من اختصاصيين، غير حزبيين، وفقا لمندرجات المبادرة الفرنسية، من اجل امرين: وقف الانهيار واعادة اعمار بيروت بعد انفجار 4 آب الماضي.
ومن قصر بعبدا، وبعد تسميته، في لقاء جمعه الى الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، ذكر الرئيس الحريري بأن الكتل التزمت في قصر الصنوبر، باللقاء مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، في 2 ايلول الماضي بتطبيق المبادرة الانقاذية، وبدعم تأليف حكومة مهمة. واعلن الرئيس الحريري انه عازم على الإلتزام بوعده للبنانيين بالعمل على وقف الانهيار، وبأقصى سرعة، فالوقت داهم، والفرصة المتاحة هي الوحيدة والأخيرة.
ولاحظت مصادر مطلعة ان الرئيس الحريري بعدما نجح في فرض تسمية رئيس الحكومة المكلف من دون التنسيق والتشاور المسبق مع النائب جبران باسيل كما كان يحدث في حكومتي العهد الاولى والثانية وما ادى اليه هذا الخلاف الحاد من جفاء وانقطاع التواصل بينهما، ولدى لقاء الرؤساء الثلاثة لابلاغ الرئيس الحريري بنتائج الاستشارات النيابية الملزمة وعدد النواب الذين ايدوه، تدخل بري لتبريد الاجواء واقترح إعادة التواصل بين الحريري وباسيل لتسهيل وتسريع خطى تشكيل الحكومة الجديدة ومباشرة مهماتها لإنقاذ البلد، على ان يشكل لقاء الحريري بكتلة لبنان القوي برئاسة باسيل في المشاورات غير الملزمة التي يجريها الرئيس المكلف اليوم بالمجلس النيابي اول خطوة على الطريق، على ان يليها بعد ذلك لقاءات اخرى بين الطرفين في وقت لاحق، لاعادة العلاقات بينهما الى طبيعتها.
وقد عبر بري لدى مغادرته بعبدا عن فحوى الوساطة التي قام بها بالاشارة إلى ان تشكيل الحكومة يسير بأسرع ما توقع البعض، ووصف الأجواء بين عون والحريري بالايجابية في حين عبر رئيس الحكومة المكلف في وقت لاحق عن هذه الايجابية، بالقول انه اذا كانت مصلحة البلد تتطلب تفاهم الجميع ، فمن المفيد تقديم هذه المصلحة على ما عداها. وفي هذا الكلام يعكس الحريري ما قاله بري عن الايجابية التي طبعت اللقاء الثلاثي ومدلولاته.
اما الاهم بعد ماحصل فهو موضوع تأليف الحكومة ومدى الوقت الذي تستغرقه في ظل المواقف التي رافقت عملية تسمية رئيسها والمسار الذي ستسلكه لاحقا، بينما يلاحظ من كلام رئيس المجلس النيابي عن توجه ملحوظ لتسريع عملية التشكيل واشارة الحريري في كلمته التي ألقاها في بعبدا إلى ضرورة تسريع ولادة الحكومة، حدوث تفاهم بين الرؤساء الثلاثة يقضي بتسريع عملية التشكيل لان اطالة أمد التشكيل وتقطيع الوقت سدى، لن يكون في مصلحة لبنان التي تتطلب سرعة قصوى لكسب الوقت ومباشرةالتفاوض مع المؤسسات والصناديق المالية الدولية فورا واتخاذ الخطوات المطلوبة لحل الازمة المالية والاقتصادية التي يواجهها لبنان حاليا.
والحكومة التي يعتزم الرئيس الحريري تأليفها وهي الرابعة منذ 2009، سبقتها مشاورات واتصالات، لبنانية ودولية، لا سيما فرنسية وبريطانية، بهدف انتزاع تأييد فعلي لبرنامج الحكومة التي ستؤلف لوقف الانهيار الاقتصادية والنقدي، والمالي، والذي اصاب كل اوجه الحياة في هذا البلد. ولاحظت مصادر سياسية مطلعة ان الطبقة السياسية امام الاختبار الأخير، بعد الفرصة التي منحت لها، لاختبار قدرتها على وقف انهيار البلد، الذي سببت سياساتها ونزاعاتها، وضعه على سكة الازمات القاتلة، الى الدرجة التي يعيشها اللبنانيين.
واشارت المصادر الى التغريدة ذات الدلالة، وهي اول موقف دولي من التكليف، التي اعتبر فيها المنسق الخاص للامم المتحدة يان كوبيش، انه لا يمكن الاستمرار بتسييرالامور او انقاذ البلد بدون حكومة فعالة، وداعمة للاصلاح. وخاطب المسؤولين: لا تنتظروا المعجزات من الخارج (في اشارة الى الانتخابات الاميركية) والدول المانحة، فالانقاذ يجب ان يبدأ في لبنان.
وضمن مسار السرعة لا التسرع، حددت دوائر المجلس النيابي موعداً للاستشارات النيابية غير الملزمة للرئيس الحريري مع الكتل النيابية بدءاً من الواحدة والربع بعد ظهر اليوم وحتى الخامسة إلا ربعا، فيما إكتفى الرئيس الحريري بالتشاور فوراً هاتفيا مع رؤساء الحكومات السابقين بمن فيهم حسان دياب، «لدواع امنية بدل الجولة التقليدية عليهم وتمنوا له التوفيق»، حسب بيان عن مكتب الحريري، لتبدأ مسيرة تاليف الحكومة التي تراوحت التقديرات بين ان تكون سهلة بدعم من القوى التي سمت الحريري ومتعسرة بسبب مواقف بعض الكتل الاخرى من شكل الحكومة وتوزيع الحقائب فيها عدا عن برنامجها، لا سيما موقف كتلة التيار الوطني الحر التي دعا رئيسها النائب جبران باسيل من بعبدا بعد الاستشارات «الى تشكيل حكومة تكنو- سياسية»، خلافاً لما اعلنه الحريري. وقال: تكليف الحريري هو امر مفهوم ومقبول ميثاقيا ولو فيه خروج عن المبادرة الفرنسية، ويضعنا امام قواعد تأليف ميثاقية في حكومة تكنوسياسية في مهمة ومهلة محددتين. هذه القواعد نتحدث عنها في مرحلة التأليف مع بدء الاستشارات النيابية مع الرئيس المكلف، وننتظر ان يبلغنا بنواياه في معايير التأليف وكيف ستكون محددة وموحدة مع كل الأطراف والمكونات، وعندها نحدد موقفنا من عملية التأليف».
الاستشارات الملزمة
على مدى ساعات اربع، وفي مشهدية، غير مسبوقة في قصر بعبدا، غيّر من رونقها الرمادي الرئيس نبيه بري، اذ اضفى اجواء ايجابية، تركت صدى طيباً في الشارع البيروتي، انتهت الاستشارات النيابية الملزمة التي بدأت عند التاسعة من صباح امس، وانتهت قرابة الواحدة والنصف بتسمية الرئيس الحريري رئيساً مكلفاً لتأليف حكومة جديدة بـ65 صوتا، خرقته مفاجآت، ابرزها ان الـ53 نائباً، الذين امتنعوا عن التسمية لسبب او لآخر، لم يسموا اي مرشح آخر.. لم تلامس الاصوات سقف السبعين، بعد استقالة 8 نواب، لكنها بالتسميات التي اقدمت عليها كتلة الارمن وكتلة فرنجية والنواب المتمردون على كتلهم مثل: (ميشال ضاهر، وجان طالوزيان)، وحتى النائب اسعد حردان رئيس الكتلة القومية في المجلس النيابي، وجهاد الصمد، فضلا عن عودة النائب نهاد المشنوق الى «سربه» من باب الوفاء، ومغادرة النائب عدنان طرابلسي «سربه التشاوري» من باب الحسابات البيروتية، في الشارع، والانتخابات المقبلة.
وبقي النواب جميل السيد، وفؤاد مخزومي، واسامة سعد خارج دائرة «التسميات»، ولكل حساباته، واعتباراته.. فيما سجل غياب كل من النائب ميشال المر (بداعي المرض) والنائب طلال ارسلان، لاسباب لم يفصح عنها.
وبمعزل عن الحسابت الرقمية، فالرئيس الحريري، قطع اولى خطوات العودة الى السراي الكبير، بدعم سلامي واسع (24 نائباً سنياً من اصل 27 سمّوه) ونصف النواب الشيعة (كامل اعضاء كتلة التنمية والتحرير) حتى ان حزب الله، الذي اضطرته الاعتبارات السياسية، كعدم ترك حليفه التيار الوطني الحر وحيداً، فضلا عن استمرار ربط النزاع بين حزب الله وتيار «المستقبل» ورئيسه الى التأييد الدرزي شبه الكامل (باستثناء ارسلان) مع تسجيل دعم مسيحي، تخطى المتوقع، بعد انضمام نواب من الاشرفية وزحلة الى تسمية الرئيس الحريري.
وظهرت اولى بادرات التنسيق الايجابية، بتراجع سعر صرف الدولار، اذ سجّل سعر صرف الدولار انخفاضاً ملحوظا في السوق السوداء، اذ بلغ مساء امس 7.150 ليرة لبنانية للمبيع و7050 ليرة للشراء. والامر الذي توقف عنده المراقبون ماقاله النائب محمد رعد باسم كتلة الوفاء للمقاومة من ان «التفاهم الوطني هو الممر الإلزامي، لحفظ لبنان وحماية سيادته ومصالحه، ونجاح العملية السياسية، وتحقق مصالح اللبنانيين يتوقفان على هذا التفاهم».
وقد حضر الرئيس المكلّف الى قصر بعبدا حيث عقدت خلوة ثلاثية ضمّت الرؤساء عون ونبيه بري والحريري، قال بعدها بري: الجو تفاؤلي بين الرئيسين عون والحريري، والتشكيل سيحصل في وقت اسرع من المتوقع، وسيكون هناك تقارب بين تياري «المستقبل» والتيار الوطني.
ومن دون ان اي تردَّد، كرر الرئيس المكلف من قصر بعبدا، بعد دقائق من تكليفه انه يسعى الى «حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين».. ولم ينسَ الاشارة الى انه سينكب «على تشكيل الحكومة بسرعة، والفرصة هي الوحيدة والأخيرة». داعياً الى التفاهم مع الجميع، ما دامت مصلحة البلاد تقتضي ذلك..
وخرج التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل من معمعة الاستشارات الملزمة، ويده على سلاحه، كما يقال، فلا توقيع على مراسيم التأليف (في اشارة الى موقف رئيس الجمهورية) ما لم تكن الحكومة ميثاقية.
هنا بيت القصيد الخلافي، الذي سيكون على طاولة المتابعة، وإن بدت الاجواء المحيطة تكبر لدرجة تحول دون تعطيل عملية التأليف، كما تعطلت عملية التكليف.. ورجح مصدر قريب من تكتل لبنان القوي، مشاركة النائب باسيل مع وفد من التكتل في الاستشارات اليوم في مجلس النواب.
الموقف الاميركي
ولم يتأخر الموقف الاميركي من التطور السياسي الجديد، الذي قضى بتكليف الرئيس الحريري رسمياً تأليف الحكومة. فسارع مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الادنى ديفيد شنكر (المكلف من ادارته رعاية مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل) رداً على سؤال صحفي: «نقف مع الشعب اللبناني(…) ولا زلنا نصر على ضرورة أن تنفذ أي حكومة جديدة إصلاحات، وتتبنى الشفافية وتحارب الفساد». وأضاف: «هذا ما قالت الولايات المتحدة تكراراً إنها شروطها للحصول على دعمها». وكلف الرئيس اللبناني ميشال عون الخميس الحريري تشكيل الحكومة الجديدة. ومن المتوقع أن يواجه هذا الأخير مهمة صعبة.
الا ان شنكر، فرَّق بين دعم الحكومة الاصلاحية، والمضي بفرض عقوبات ضد حزب الله وحلفائه، والمتورطين بالفساد. وقال: سنواصل العقوبات بغض النظر عن ترسيم الحدود (بين لبنان واسرائيل) وبغض النظر عن تشكيل الحكومة. وفي حديث لمحطة TV5 الفرنسية اعرب رئيس حزب الكتائب سامي الجميل عن اسفه للعودة الى النهج التحاصصي القائم علىتقاسم السلطة، والحصص بين المنظومة السياسية التي اثبتت عجزها عن ادارة البلد.
الشارع: تأييد واعتراض
على الارض، انقسم الشارع، بين مبتهج من تكليف الرئيس الحريري ومعترض. ففي الطريق الجديدة، احتفل مناصرون على طريقتهم بالحدث، وكذلك في طرابلس، والشمال والبقاع. وعند مدخل صيدا الجنوبي، رفعت يافطة تهنئة لمناسبة التكليف. فيما انطلقت عصراً، مسيرة سيّارة لمناصري تيار «المستقبل»، ابتهاجا بالتكليف، جابت شوارع المدينة، ورفع المشاركون الأعلام اللبنانية وصور الرئيس المكلّف. وكان قد سبق انطلاق المسيرة، تجمع لمناصري «المستقبل» في محلة زاروب النجاصة في محيط وسط المدينة.
وفي المقلب الآخر، تجمّع عدد من المحتجين على تكليف الحريري أمس عند جسر جل الديب، مُطلقين شعار «عن حقك دافع»، ومُطالبين بـ«إسقاط المنظومة الحاكمة بأكملها وبشكل نهائي»، وسط انتشار للجيش وقوى الامن الداخلي في المنطقة، في وقت أفادت غرفة التحكم المروري عن قطع السير على تقاطع الصيفي بالاتجاهين. وكذلك قطعت الطريق، ولكن القوى الامنية اعادت فتحها لاحقاً.
انتقاد التقصير بتحقيقات المرفأ
وانتقدت منظمة هيومن رايتش موتش عدم تمكن السلطات اللبنانية من التوصل الى نتائج مصداقية في التحقيقات المتعلقة بانفجار مرفأ بيروت، على الرغم من شهرين على وقوعه. وعزت العجز الى ما اسمته «التدخلات السياسية التي صاحبها تقصير متجذر في النظام القضائي» جعلت على ما يبدو من المستحيل اجراء تحقيق موثوق، ومحايد»، وطالبت بتحقيق بقيادة الامم المتحدة لتحديد المسؤوليات.
67029
صحياً، اعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 1450 اصابة جديدة بالكورونا و16 حالة وفاة خلال الساعات الـ24 الماضية، ليرتفع العدد التراكمي الى 67029 اصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط الماضي.
المصدر: صحف