بعدَ ان حوصرَ الانقلابيون وانكشفت نواياهم، ضحَّوا برهينتِهم السياسيةِ مصطفى أديب، وظنُّوا انهم قادرونَ على ارتهانِ البلدِ ليقامروا عليهِ في ناديهم – المسْتَثْمَرِ اصلاً من اصحابِ السموِّ والجلالةِ ومن سيِّدِهم الاميركي المتخبطِ خلفَ البحار. فبيانُ الاعتذارِ الذي اذاعَهُ السفيرُ مصطفى أديب من قصرِ بعبدا باسمِ منتدبيِهِ السياسيين، كانَ قد سمِعَه اللبنانيون بالامسِ وبكلِّ وضوحٍ من احدِ أعضاءِ نادي رؤساءِ الحكوماتِ السابقين – غيرِ الحائزِ ترخيصاً دستورياً.
وحرصاً على الوَحدةِ الوطنيةِ بدستوريتِها وميثاقيتِها كما قالَ قدّمَ اديب الاعتذار، فلْنَعُد الى الدستورِ والميثاق:
هل يقولانِ اِنَ رؤساءَ لحكوماتٍ فاشلةٍ مُخوَّلونَ احتكارَ تشكيلِ حكومةِ انقاذٍ واصلاح؟ وهل يقولانِ اِنَ رؤساءَ سابقينَ للحكومةِ يحقُ لهم تشكيلُ الحكومةِ مختصرينَ كلَّ المكوناتِ اللبنانية؟ وهل يقولانِ اِنه ممنوعٌ على رئيسِ الجمهوريةِ ومجلسِ النوابِ وكتلِه النيابيةِ المشاركةُ في عمليةِ التشكيل؟
ثُم فلنَعُد الى المبادرةِ الفرنسية: هل فيها ما يقولُ عن المداورةِ والمصادرةِ والتكنوقراط؟ واِنَ حقَّ تسميتِهم حصريٌ لعباقرةِ الحكوماتِ السابقين؟ وهل فيها الغاءٌ او تغييرٌ للقواعدِ السياسيةِ والدستوريةِ اللبنانية؟
انه تهديدُ ووعيدُ الملكِ السعودي ومحرِّكِه الاميركي، اللذينِ جوَّفا المبادرةَ الفرنسيةَ من داخلِها عبرَ ادواتِهما المحلية، حتى اَسقطوها بضربةِ اديب القاتلة، لابقاءِ التَأَزُّمِ في لبنانَ خدمةً لمشاريعِهم .
فليتعظ بعضُ اللبنانيين وليرحموا انفسَهم ووطنَهم، وليَكُفُّوا عن المكابرةِ والمضيِّ خلفَ الغرابِ السعودي الاميركي الذي لم يَدُلَّهُم يوماً الا على الخراب. اما الفرنسيُ فعليهِ ان يَعرفَ جيداً من هم المعطلونَ ومن هم المحرضون ؟
وعلى اللبنانيين ان يَطمئنوا بانَ ما عَجَزَت عنه الترساناتُ العسكريةُ لن تأخذَهُ العقوباتُ ولا التهويلاتُ ولا المناوراتُ السياسية، وانَ الحلولَ لن تكونَ الا باحترامِ القواعدِ الوطنيةِ لا بالاستقواءِ بعصا او جزرةٍ خارجية، وكما قالَ أديب: فلْنَحترم الوحدةَ الوطنيةَ وطُرُقَها الدستوريةَ والميثاقية، والتي لم تخرج عنها المبادرةُ الفرنسية.. مبادرةٌ من المفترضِ انها جاءت لانقاذِ بلدٍ لا اشخاصٍ ظنوا انهم اِن ركبوا سفينتَها انقذتهم من سِنيِّ فشلِهم المتراكم، وهم الذين لم يُفلحوا يوماً الا بايصالِ البلدِ الى الهاوية.
المصدر: المنار