ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الخميس 17-09-2020 في بيروت على وقوع الرئيس المكلف مصطفى أديب في شباك الخيارات الصعبة، بعدما نقلت اوساط مقربة منه عدم رغبته في الخروج عن موقف قيادات طائفته الذي يتمثل برؤساء الحكومات السابقين، وبالتوازي يقينه باستحالة النجاح في مهمته من دون مشاركة مكوّن رئيسيّ سياسي وطائفي، يمثله ثنائي حركة أمل وحزب الله، وهو يدرك أهمية الدعم الذي تقدّمه المبادرة الفرنسية لحكومته الموعودة والحاجة للحفاظ على التحرك ضمن ضوابط هذه المبادرة، وإذا كان الجمع بين هذه المنطلقات يظهر صعباً الى حد الاستحالة، فإن المأزق الأصعب يبدو بالنسبة لأديب في كيفية التصرّف تجاه هذا الانسداد.
الأخبار:
بيروت بلا «أطفائية»!
عدد الآليات العاملة في فوج إطفاء بيروت يوازي عدد تلك العاملة في فوج إطفاء بلدة برعشيت الجنوبية، وهو أقل تجهيزاً من فوج إطفاء الضاحية! الاهمال المزمن اللاحق بالفوج تكشّف عجزاً عن أداء مهماته في الكوارث الأخيرة التي ضربت العاصمة، ما اضطره الى الاستعانة بالبلديات المجاورة وبمناشدة أصحاب الصهاريج الخاصة لتقديم المساعدة. فيما المجلس البلدي لبيروت، الذي صرف مئات آلاف الدولارات على القرى الميلادية والرمضانية وعلى تزيين الشوارع، ضنّ على رجال الفوج بالتجهيزات اللازمة والآليات المطلوبة. عملياً تبدو العاصمة وكأنها «بلا اطفائية»!
في كارثة المرفأ، في الرابع من آب الماضي، استشهد عشرة من عناصر فوج إطفاء بيروت أثناء محاولتهم إطفاء الحريق الذي اندلع في العنبر 12 قبل وقوع الكارثة. شُيّع الشهداء العشرة كما يليق بهم. لكن ما لا يعرفه كثيرون أن الفوج اضطر يومها إلى استئجار سيارات لنقلهم إلى مساقط رؤوسهم لعدم توافر آليات مناسبة لديه، فيما لم تدفع بلدية بيروت، حتى اليوم، كل نفقات التشييع!
لماذا بلدية بيروت؟ لأن الفوج ليس جزءاً من مديرية الدفاع المدني، كما يعتقد كثر، بل جهاز مستقلّ – على غرار فوج حرس بيروت – تابع للبلدية… وهنا أصل المصيبة!
في مركز الفوج الرئيسي في الكرنتينا، أُنجزت ورشة إزالة الركام والأضرار الناجمة عن انفجار المرفأ بمساعدة عشرات المتطوعين والمتطوعات، وعاد كلّ شيء كما كان قبل الكارثة… لكن ما كان لم يكن جيداً في الأساس. في إحدى زوايا الباحة الرئيسية للمركز سيارات إطفاء وإسعاف لا تزال في مكانها منذ ما قبل الانفجار. إذ أنها «معطلة منذ سنوات… ولم تلبِّ بلدية بيروت طلب إصلاحها ولم تشترِ آليات بديلة»، بحسب أحد ضباط الفوج. ماذا ينقصكم؟ يجيب بأن السؤال الأجدى أن يُطرح: «ماذا لدينا في الأساس؟»، مستعرِضاً «رأسمال» الفوج الذي يُفترض أن يلبّي حاجات حوالى نصف سكان لبنان ممن يقيمون في عاصمته: «تتضمن تجهيزات الفوج 13 سيارة إطفاء، طراز أحدثها يعود إلى 2008، ست منها فقط قيد الاستعمال فيما البقية معطلة ومركونة تنتظر تصليحها.
وهناك ستة صهاريج مياه لإطفاء الحرائق، ثلاثة منها فقط تعمل، إلى جانب عدد من سيارات النقل من نوع «رابيد» المعطلة أيضاً. أما كل ما يملكه الفوج من سلالم آلية فلا يتعدّى الثلاثة، جميعها لا يعمل»! وإلى النقص في الآليات، لا يملك الفوج كواشف ضوئية ليلية وأجهزة إنارة وقوارير أوكسجين متطورة للأفراد أو أجهزة لاسلكية للتواصل بين العناصر أثناء تنفيذ المهمات.
وهنا أصل الفجيعة! فقبل خمس سنوات، استشهد العريفان في الفوج عادل سعادة ومحمد المولى خلال مهمة إطفاء حريق في مستودع تحت الأرض في منطقة مار الياس، لعدم توافر أجهزة التواصل اللاسلكي بين أفراد المهمة وأجهزة تنفس متطورة. يومها، نزل الشابان إلى المستودع الملتهب وضلّا طريق الخروج قبل أن ينفد الأوكسجين منهما ويقضيا اختناقاً تحت الأرض. الموت الذي وقع في 2015، لم يكلّف البلدية حتى الآن عناء معالجة أسبابه لمنع تكراره، في وقت لا تتوانى عن صرف ملايين الدولارات على القرية الميلادية وزينة رمضان والحفلات الترفيهية.
بالمقارنة، فإن فوج إطفاء الضاحية، مثلاً، مجهّز بعشر آليات إطفاء وصهريجين كبيرين بسعة 15 ألف ليتر لكل منهما وسلم للإنقاذ بارتفاع 42 متراً، فضلاً عن آليات دعم تتضمن جرافتين و«ونش» وأجهزة إنارة متنقلة ومضخات لسحب المياه من الأماكن المكشوفة وأربع عوامات. كما ينفرد الفوج، على مستوى أفواج إطفاء لبنان، بامتلاك دراجات مجهزة للإطفاء. وقد برز دوره في كارثة انفجار مرفأ بيروت عندما ساهم عشرات العناصر والآليات الحديثة في إطفاء الحرائق ورفع الركام وانتشال الضحايا.
كما فرض حضوره في الكوارث المتنقلة بين المناطق من حرائق الشوف العام الماضي الى حرائق عاليه الأخيرة. فيما يمتلك فوج الاطفاء التابع لاتحاد بلديات بنت جبيل (مقره بلدة برعشيت) سبع آليات تتناسب مع طبيعة الأحراج والأحياء السكنية، ويمتلك فوج اطفاء صيدا أربع آليات إطفاء كبيرة، وآليتين من الحجم المتوسط وآلية صغيرة وخزانات وسيارة دعم وإنقاذ تضم أجهزة تنفس حديثة، وبدلات حديثة مجهزة للعناصر!
شبيب: الحق على البلدية
حادثة مار الياس وقعت في عهد محافظ بيروت السابق زياد شبيب الذي يحمّله عدد من عناصر الفوج مسؤولية التهميش والتقصير اللذين لحقا بالفوج طوال السنوات الست التي أمضاها في منصبه. فيما يرفض شبيب الاتّهامات ويحيلها إلى بلدية بيروت، مؤكداً لـ«الأخبار» أن «ضميري مرتاح لما قدمتُه للفوج ولما حاولت تقديمه. لكني لا أملك القرار في تأمين النواقص، لأن المجلس البلدي هو من يتولّى المشتريات». لا يكتفي شبيب باتهام البلدية بالتقصير، بل يلمح إلى شبهات فساد. فـ«محاولاتي لتأمين النواقص للفوج لم تصل إلى نتيجة بسبب البلدية. كنت أطلب من قائد الفوج دائماً أن يُطلع الأعضاء البلديين على حاجياته.
أحياناً وضعوا تصوّراً للشراء، ولكن عند التلزيم، وبدل طلب مشتريات ضمن الإمكانيات بكلفة مقبولة، كانت التكلفة تُزاد أضعافاً مضاعفة، كما حصل عندما تقرر إجراء تلزيم لشراء سيارات إسعاف. إذ لم تُستكمل العملية لأن المجلس رفع الكلفة لأسباب أجهلها». وعمّا إذا كان ذلك يعني خضوع التلزيم للمحاصصة والتنفيعات، يجيب شبيب: «كلو ممكن. معقول كتير». كما يلفت إلى أنه «بعد حادثة 2015، اقترحتُ على قوى الأمن الداخلي إشراك فوج الإطفاء في شبكة الاتصالات التابعة لها. وقد أبدى وزير الداخلية آنذاك نهاد المشنوق تجاوباً وكلّف أحد الضباط التنسيق مع قيادة الفوج والبلدية. لكنهم لم يصلوا إلى نتيجة».
مصدر في بلدية بيروت نفى لـ«الأخبار» اتهامات شبيب، مُعيداً سبب تأخر البتّ بالتلزيمات لتأمين أجهزة التواصل والإسعاف تحديداً، إلى «الإجراءات الروتينية الإدارية». فيما حمّل مصدر في الفوج مسؤولية التقصير للبلدية وشبيب معاً بعدما «أدّت الممارسات الكيدية والنكايات بين بعضهما بعضاً إلى تجميد ملفات مهمّة». وأكد صحة اتهامات شبيب لبعض أعضاء المجلس البلدي بـ«استغلال المنصب للمنفعة الشخصية»، أنه في عملية تلزيم شراء أجهزة اللاسلكي «وُضعت عدة دفاتر شروط على قياس جهات نافذة على علاقة ببعض الأعضاء، قبل أن يتم التوافق على تلزيمها لنجل أحد كبار المتعهدين وبكلفة عالية جداً. إلا أن التدخلات السياسية خرّبت ذلك التلزيم، لكنها لم تضغط لاستبداله بآخر شفاف».
محافظ بيروت مروان عبود قال لـ«الأخبار» إنه عندما زار مركز الكرنتينا، للمرة الأولى بعد الانفجار، «فوجئت بمستوى عدم تجهيزهم، ووعدتهم بتحسين ظروفهم». وأكد أن «طلبي الأول من الدول التي تسألنا عن نوع المساعدات التي نحتاجها هو تعزيز إمكانيات فوج إطفاء بيروت. الجانب الفرنسي تجاوب ثم أبدت إيطاليا نيّتها إرسال تجهيزات».
13 سيارة إطفاء ست منها فقط قيد الاستعمال وثلاثة سلالم آلية كلها لا تعمل
عبود نفّذ منتصف الشهر الماضي وعده لأهالي الشهداء بإقرار تثبيتهم المؤجّل منذ بداية عام 2019، بسبب عراقيل إدارية وأخذ وردّ بين شبيب وقيادة الفوج من جهة وشبيب والمراقب العام في البلدية من جهة أخرى. 354 متطوعاً إطفائياً ومهنياً وسائقاً ومسعفاً، من بينهم ستة شهداء قضوا في انفجار المرفأ، انضموا إلى ملاك الفوج ليصبح عديده ألفاً وأربعة عناصر من بينهم 30 مسعفة (استشهدت منهنّ سحر فارس).
في مقابل عقدة التثبيت التي حلّتها دماء شهداء المرفأ، تبقى عقدة نظام التقاعد. فقد شهد عهد شبيب، قبل أربع سنوات، بدء تطبيق نظام التقاعد لموظفي بلدية بيروت (من ضمنهم عناصر فوج الإطفاء والحرس). النظام الذي أُقرّ عام 2000، ميّز بين الموظفين المدنيين وعناصر الحرس والفوج لناحية سنّ التقاعد، في حين كان السائد سابقاً عوض التقاعد منح من يُنهي خدماته تعويض صرف نهاية الخدمة. النظام الحالي حدّد سن تقاعد الحرس والإطفاء بـ56 عاماً في مقابل 64 للموظفين الآخرين. لكنه اشترط للحصول على الحد الأقصى من المعاش التقاعدي (85 في المئة) أن يخدم الموظف 40 عاماً متواصلة. وبرغم أن أجور عناصر الفوج من الإطفائيين إلى القادة تُعتبر مقبولة قياساً إلى فئات وظيفية أخرى (الأجور ابتداء من مليونين و200 ألف ليرة)، إلّا أن سن التقاعد اعتبر شرطاً تعجيزياً للحرس والإطفاء الذين يستحيل عليهم تحقيق سقف الأربعين عاماً عندما يكون سن تقاعدهم 56 إلا إذا التحقوا بالفوج وهم ما دون الـ 18 عاماً!
بلدية بيروت تدرس
لم تنتهِ بلدية بيروت من دراسة مطالب عناصر الفوج منذ سنوات. تعديل نظام تقاعد عناصر الإطفاء بدأت دراسته منذ حوالى سنتين. وفق عضو بلدي، فإن الملف «يحتاج إلى دراسة قانونية ومالية. فنحن مؤتمنون على أموال الناس. وحالياً، لا يوجد تراخيص بناء أو تحصيل إيرادات». المطلب الثاني قيد الدرس، ترقية الضباط وإدخالهم في الملاك. في عام 2018، قرر المجلس البلدي «تعديل ملاك فوج بيروت وترقية كافة عديد الفوج المستحقين للترقية وعددهم 306 من ضباط ورتباء وأفراد». لكن شبيب «رفض ترقية الجميع بحجة أن ملاك الفوج لا يحتمل ذلك، فلحقت الترقية بالبعض وحُرم منها آخرون». أما بالنسبة إلى مطلب تعزيز التجهيزات والآليات، فقد لفت العضو إلى أن البلدية الحالية بعيد انتخابها عام 2016 «طلبت شراء معدات مناسبة للفوج، لكن كان على المحافظ أن يوقّع على المعاملة لتمشي»!
بلدية بيروت لم تدفع نفقات تشييع الشهداء!
ينفّذ عناصر فوج إطفاء بيروت اليوم تحرّكاً احتجاجياً أمام بلدية بيروت بالتزامن مع انعقاد جلسة لمجلس بلديتها عصراً. التحرّك يأتي بعد مرور شهر ونصف شهر على انفجار مرفأ بيروت الذي أدى إلى استشهاد عشرة من عناصر الفوج خلال عمليات إطفاء الحريق، و«لأن بلدية بيروت التي يتبع لها الفوج لم تكن بمستوى يليق بالتضحيات التي قدمناها» وفق أحد منظّمي التحرك. الاعتصام يأتي احتجاجاً على مماطلة المجلس البلدي في التوقيع على صرف بقية نفقات مراسم دفن شهداء الفوج! وفي التفاصيل، أن المجلس البلدي حوّل 20 مليون ليرة سلفة لقيادة الفوج لدفع نفقات المراسم، لكنها لم تكن كافية لتغطية مصاريف الجنازات العشر. وبحسب مصدر في الفوج، «قدّمنا طلباً إلى البلدية لصرف مبلغ عشرة ملايين ليرة لإتمام دفع النفقات. ومنذ أسابيع لا يزال الطلب مُدرجاً على طاولة المجلس البلدي، في انتظار التوقيع».
الاعتصام يأتي أيضاً للمطالبة بتنفيذ قرار البلدية الصادر عام 2018 والقاضي بترقية كافة عديد الفوج كافة، وللبتّ في صيانة آليات الفوج بعد تأخر وصول المساعدات التي تعهدت بعض الدول الغربية بإرسالها عقب انفجار المرفأ. علماً أن وفداً من الفوج التقى مرتين رئيس البلدية جمال عيتاني الذي أكد «عدم قدرة البلدية على تحمّل كلفة إصلاح الآليات المعطلة».
اللواء:
«عرقنة» تأليف الحكومة .. اتهامات في الداخل وتجاذبات في الخارج!
من المكابرة بمكان عدم الاعتراف بأن تأليف الحكومة يمر بأزمة، وهذه الازمة غير مسبوقة، حتى في خضم الأحداث الكبرى، التي عصفت بالبلد منذ العام 2005 مروراً بالعام 2006 إلى فترة اتفاق الدوحة، والفراغ الرئاسي بعد العام 2014، والأزمة هذه تتجاوز الحقائب والوزارات والتسميات، ومَنْ يسمون إلى انعدام الثقة بين مكونات التسوية التي اوصلت الرئيس ميشال عون إلى سدة الرئاسة الأولى.
وبعبارة صريحة بين تيّار المستقبل الذي يقوده الرئيس سعد الحريري وكتلته النيابية والتيار الوطني الحر الذي يقف على رأسه النائب جبران باسيل، وصولاً إلى الثنائي الشيعي: حزب الله، حليف التيار الحر، وحركة «أمل» همزة الوصل مع تيّار المستقبل، والحزب التقدمي الاشتراكي، ومكونات أخرى في معسكر 14 آذار «القديم».
المشهد الحكومي في لبنان، اقترب من مشهد تأليف الحكومات في العراق، سواء على مستوى من يؤلف الحكومة، أو اختيار الوزراء أو الثقة وسحب الثقة، فضلاً إلى الحركة الاحتجاجية في الشارع.
وانعدام الثقة بين المكونات، استند إلى تداعيات 17 ت1، والكورونا، واخفاق حكومة حسان دياب، وصولاً إلى انفجار مرفأ بيروت، وحجم الهريان والفساد الذي كشفه واكتشفه على أرض الواقع الرئيس ايمانويل ماكرون، واطلق مبادرة لإنقاذ ما يمكن انقاذه، وصولاً إلى تسمية السفير اللبناني في المانيا مصطفى أديب لتأليف «حكومة مهمة» من اخصائيين.
وأمس غرد الرئيس الحريري إن وزارة المال وغيرها من الحقائب الوزارية ليست حقا حصريا لأي طائفة في البلاد، في إشارة إلى قضية تمثل جوهر خلاف حول تشكيل الحكومة الجديدة.
وذكر الحريري على تويتر أن رفض فكرة تداول السيطرة على الوزارات يحبط «الفرصة الأخيرة لإنقاذ لبنان واللبنانيين»، في إشارة إلى مساع فرنسية لحمل الزعماء اللبنانيين على تشكيل حكومة جديدة وتبني إصلاحات.
وكشفت هذه «التغريدة» عن خلاف مستحكم مع الفريق الذي يتمسك بإبقاء حقيبة المال من حصته، أي فريق «الثنائي الشيعي»، وتتهمه التغريدة بأنه «يحبط الفرصة الأخيرة لإنقاذ لبنان واللبنانيين».
لكن «الثنائي» الذي لم يذهب إلى «التغريدة» بنشط في الاتصالات وما وراءها، إلى تحميل الرئيس الحريري بصورة شخصية بعرقلة المبادرة الفرنسية «والساعي إلى تخريب البلد» والمغرد خارج المبادرة الفرنسية لمصلحة «تنفيذ تعالمي وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو».. (راجع ص 2)
يتهم الثنائي، حسب قيادي بارز فيه الحريري بأنه يتحرك إلى «الانتقام من جبران باسيل والعهد» غير عابئ بالعلاقة مع الرئيس نبيه برّي.
ويلوح الثنائي باللجوء إلى الشارع، رفضاً لما يسميه فرض خيارات عليه، ويكشف القيادي ان الرئيس عون كان يتجه للذهاب باتجاه «البصم» على التشكيلة، لو لم يُبادر أحد لتنبيهه إلى خطورة التوقيع هذا.
الأليزيه: الوقت لم يفت
والثابت، ان الاليزيه لم يسلم بالوقائع اللبنانية، التي رست على اعتبار المبادرة الفرنسية بحكم الميتة، واعتذار أديب يعني ان الوقت حان لدفنها.
فبعد اجتماع خلية الأزمة الذي رأسه الرئيس ماكرون شخصياً تقرر: الاتصال بالرئيس اللبناني المكلف تشكيل الحكومة، وثنيه عن الذهاب إلى خيار الاعتذار، وإطلاق دفعة جديدة من الاتصالات، بالتفاهم مع الأطراف المعنية، ومنها اتصالات تجريها باريس مباشرة مع الأطراف اللبنانية، ومنها الاجتماع، الذي عقد بين مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله النائب السابق عمار الموسوي والسفير الفرنسي في بيروت برونو فوشيه، والذي لم ينتهِ لما يريده الجانب الفرنسي.، من نظرية موقف الثنائي الشيعي، مع ان الاجتماع عقد بناءً لطلب فوشيه، وعلى الارجح بناءً لجهة رسمية شيعية.
وقال مسؤول في الرئاسة الفرنسية أمس «لم يفت الأوان. على الجميع الاضطلاع بالمسؤولية والتصرف في النهاية بما يخدم مصلحة لبنان وحده»، مضيفا أنه يتعين على الساسة دعم جهود رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب.
ويسعى أديب لتشكيل حكومة للبدء في تنفيذ خارطة طريق فرنسية. وقالت مصادر إنه سعى لتغيير السيطرة على الوزارات، وكثير منها تتولاها نفس الفصائل منذ سنوات.
وقال النائب السابق وليد جنبلاط على «تويتر» «يبدو أن البعض لم يفهم أو لا يريد أن يفهم بأن المبادرة الفرنسية هي آخر فرصة لإنقاذ لبنان ومنع زواله كما قال وزير خارجيتها بكل وضوح».
وكان جنبلاط يشير إلى تصريحات وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان الذي قال الشهر الماضي إن لبنان قد يكون مآله الزوال إذا لم تنفذ الإصلاحات اللازمة.
وقال سيمون أبي رميا النائب عن التيار الوطني الحر على تويتر «لدينا فرصة تاريخية من خلال المبادرة التي أطلقها الرئيس إيمانويل ماكرون، ونحن أمام 24 ساعة مفصلية فإما ينتصر منطق العقل ونتجه إلى تشكيل حكومة جديدة، وإما ينتصر منطق التعنت والتصلّب ويعتذر الرئيس أديب وندخل بعدها في مرحلة جديدة».
إصرار على الخرق
ولاحظت مصادر سياسية متابعة لعملية تشكيل الحكومة الجديدة ان هناك اصرارا من الجانب الفرنسي على تحقيق اختراق جدي في مسار عملية التشكيل العالقة بمطالبة الثنائي الشيعي بوزارة المال مقابل رفض معظم الاطراف السياسية الاخرى هذا الاستثناء الذي يطيح اعتماد مبدا المداورة في توزيع الحقائب الوزارية الذي يشكل الركيزة الأساس وعنوان الحكومة العتيدة ويفتح الباب لمطالبة باقي الاطراف بوزارات اخرى كوزارة الطاقة وغيرها، مايؤدي حتما الى ولادة حكومة محاصصة مستنسخة عن الحكومات السابقة وتحديدا الحكومة المستقيلة تفتقر الى القدرة على القيام بالاصلاحات المطلوبة او كسب الثقة الشعبية المفقودة واعادة الانفتاح على العب والمجتمع الدولي. واشارت إلى ان تمديد مهلة تشكيل الحكومة لفترة محدودة، يدل على إعطاء كل الاطراف مهلة جديدة للاتفاق فيما بينهم،بالرغم من السقوف المرتفعة التي تبناها البعض، باعتبار ان الهدف النهائي هو التوصل الى تشكيل حكومة جديدة تتولى القيام بالمهمات الجسيمة التي تتراكم يوما بعد يوم وتثقل حياة المواطن اللبناني وتؤشر لمخاطر غير محمودة وتداعيات سلبية خطيرة في حال لم يتم التوصل الى تشكيل الحكومة العتيدة.
واستغربت المصادر كيفية تحول الالتزام والاتفاق الذي تعهد به جميع الاطراف امام الرئيس الفرنسي لتشكيل حكومة انقاذ مصغرة من اخصائيين استنادا إلى الورقة الفرنسية، تتولى القيام بالاصلاحات المطلوبة بين ليلة وضحاها إلى حكومة محاصصة ومطالب تخالف كليا التعهدات المقطوعة وتنقلب على وعود التسهيلات لاجراء الاصلاحات البنيوية والهيكلية المطلوبة وتعيد تكريس الأمر الواقع، بما يعطي انطباعا بأن هناك محاولة مكشوفة لتوظيف مسار تشكيل الحكومة الجديدةوتسهيل ولادتها على أساس المبادرة الفرنسية في حصول الراعي الايراني لحزب الله على الأثمان السياسية من الجانب الفرنسي ولا سيما بالملفات الاستراتيجية التي تهم ايران مع الغرب وباستطاعة فرنسا القيام بدور مساعد فيها بالرغم من الموقف الاميركي المعادي لطهران بهذا الخصوص. وتعتقد المصادر ان رفع سقف مطلب الثنائي الشيعي بتشكيل الحكومة على هذا النحو قد دخل عمليا في هذا المنحى الاقليمي بالرغم من محاولات اظهاره تحت مسميات وعناوين تتعلق بالتركيبة الطائفية والمذهبية الداخلية، وهو ماكان يمكن تخطيه بسهولة لو كان كذلك، في حين يلاحظ ان التشدد بالشروط والمطالب هدفه افتعال مشكلة بوجه المبادرة الفرنسية تتجاوز لبنان والهدف فتح باب التفاوض الفرنسي مع الجانب الايراني لاطلاق سراح تشكيل الحكومة اللبنانية،ويبقى تقدير الاثمان التي يرغب الايرانيون بتحصيلها مقابل ذلك.
البناء:
الرئيس المكلّف اليوم في بعبدا… والسفير الفرنسيّ في الضاحية… وإبراهيم على الخط
ماذا سيختار أديب بين دعوات الحريري للاعتذار والسنيورة للاعتكاف وماكرون للتريّث؟
الثنائيّ: متمسكون بالماليّة وبتسمية وزرائنا… والمداورة دُسَّت من خارج المبادرة الفرنسيّة
وقع الرئيس المكلف مصطفى أديب في شباك الخيارات الصعبة، بعدما نقلت اوساط مقربة منه عدم رغبته في الخروج عن موقف قيادات طائفته الذي يتمثل برؤساء الحكومات السابقين، وبالتوازي يقينه باستحالة النجاح في مهمته من دون مشاركة مكوّن رئيسيّ سياسي وطائفي، يمثله ثنائي حركة أمل وحزب الله، وهو يدرك أهمية الدعم الذي تقدّمه المبادرة الفرنسية لحكومته الموعودة والحاجة للحفاظ على التحرك ضمن ضوابط هذه المبادرة، وإذا كان الجمع بين هذه المنطلقات يظهر صعباً الى حد الاستحالة، فإن المأزق الأصعب يبدو بالنسبة لأديب في كيفية التصرّف تجاه هذا الانسداد.
فالفرنسيون الذين حددوا مهلة الخمسة عشر يوماً يشجعونه على منح المزيد من الوقت وبذل المزيد من المساعي، خصوصاً أنهم ليسوا متأكدين من صواب التمسك بالمداورة، ولا بدقة ما قيل لهم عن عدم وجود اتفاق في الطائف على التوقيع الثالث، بعدما سمع سفيرهم من الرئيس السابق لمجلس النواب حسين الحسيني ما يدعم مطالبة الثنائي، وبالمقابل فإن الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة يضغط على الرئيس المكلف للاعتكاف بدلاً من الاعتذار، تفادياً لفتح الباب لاستشارات نيابية جديدة تتيح تسمية مرشح متشدّد من فريق الثامن من آذار تتجه نحو سياسات راديكالية على المستويات المختلفة الخارجية والداخلية، وربما القضائيّة، ولترك الباب مفتوحاً على فرص الضغط على رئيس الجمهورية خارجياً لتوقيع مرسوم تشكيل الحكومة، لتذهب الى مجلس النواب، ولو كان نيل الثقة صعباً او مستحيلاً، فالحكومة تتحوّل على أقل تقدير الى حكومة تصريف أعمال، تخلف حكومة الرئيس حسان دياب، بينما ضغط الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري فيذهب باتجاه الدعوة للاعتذار، أملاً بفتح باب مشاورات سياسية داخلية وخارجية تتيح له العودة إلى رئاسة الحكومة، وفق نسخة منقحة من المبادرة الفرنسية عنوانها حكومة وحدة وطنية، تكون متاحة فيها تلبية مطلب الثنائي في ظل رئاسته للحكومة، ويمكن خلال المباحثات تذليل عقدة العلاقة مع رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر.
بالمقابل بات ثابتاً أن رئيس الجمهورية إذا تلقى من الرئيس المكلف تشكيلة مقترحة للحكومة الجديدة فسيأخذ وقته لدراستها، ولن يقبل عرض التوقيع او اعتذار الرئيس المكلف، رافضاً أي محاولة لتكريس عرف جديد يهمش موقع رئيس الجمهورية كشريك كامل في تشكيل الحكومة، والثابت أن حكومة يعرف رئيس الجمهورية انها تفتقد شرط الميثاقية بمقاطعة مكون سياسي وطائفي رئيسي لها، لن تنال توقيعه بعد الدرس؛ أما على ضفة الثنائي فقد استقبل مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله عمار الموسوي السفير الفرنسي في لبنان برنار فوشيه، مؤكداً له موقف الثنائي المتمسك بوزارة المال وبتسمية ممثليه في الحكومة، بعدما بات مكشوفاً أن الحكومة برئيسها وأعضائها تمثل فريقاً سياسياً يسقط نظرية استقلالها وحيادها، موضحاً للسفير الفرنسي ان نظرية المداورة تم إسقاطها على المسار الحكومي لإفشال المبادرة الفرنسية التي لم تنص في أي من بنودها التسعة على المداورة، ولو حصل ذلك لرفضها الثنائي كما رفض الانتخابات النيابية المبكرة، التي كانت بنداً من المبادرة وحذفها الرئيس ماكرون عندما وجد أنها موضوع خلافي، وبقي ليلاً بصيص أمل ضئيل بمساعي التواصل يمثله ما يقوم به المدير العالم للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، بحركة اتصالات على جبهات بعبدا وبيت الوسط والرئيس المكلف وعين التينة والضاحية.
لقاء فوشيه – الموسوي
ساعات حاسمة تنتظر الملف الحكومي وسط ترقب لما سيحمله الرئيس المكلف مصطفى أديب في جعبته خلال زيارته اليوم إلى بعبدا للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون. وتتوزع الفرضيات بين أن يودِع أديب لدى عون تشكيلة نهائية للحكومة تشمل أسماء الوزراء وتوزيع الحقائب، وبين أن يقدّم الرئيس المكلف اعتذاره لعون، وفيما تضاءلت الآمال بانفراج حكومي، بقي بصيص أمل معلقاً على الفرضية الثالثة وهي التوصل إلى حلٍ في ربع الساعة الأخير في ضوء المساعي الفرنسية العاجلة التي تفعلت يوم أمس على كافة الخطوط قادها السفير الفرنسي في بيروت برنار فوشيه الذي زار الضاحية الجنوبية واجتمع بمسؤول العلاقات الدولية في حزب الله السيد عمار الموسوي.
وأشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى أن «اللقاء جاء بناء على طلب من السفارة الفرنسية التي أرادت استيضاح بعض الأمور التي تتعلّق بالملف الحكومي».
ولفتت إلى أن «السفير الفرنسي أكد خلال اللقاء أن فرنسا ليس لديها مشروع سياسي أبعد وأوسع من أن تكون للبنانيين حكومة جامعة تحظى بتوافق الجميع تركز جهودها على إصلاح الوضع الاقتصادي والمالي وتحقيق الاستقرار الداخلي في ضوء ما قاله الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون مع القيادات السياسية في قصر الصنوبر»، وأكد حزب الله بدوره للفرنسيين أنه حريص على انجاح المبادرة الفرنسية وأنه ليس ضد مبدأ المداورة شرط أن يأتي ذلك ضمن آلية معينة وأن لا يقتصر على وزارة المالية ويستثني أموراً أخرى، لا سيما أن اتفاق الطائف لم ينص على طائفة رئيس الجمهورية ولا رئيس الحكومة ولا رئيس المجلس النيابي ولا حاكم مصرف لبنان ولا قائد الجيش وغيرها من مناصب الفئة الأولى، بل كلها أعراف والأعراف أقوى من النص.
وتساءل الحزب عن سبب حصر المداورة بهذه الحقيبة؟ وإذا كانت مراحل معينة لها ظروفها السياسية انتقلت المالية لطوائف أخرى فإنها عادت إلى الطائفة الشيعية في عهدين رئاسيين الرئيس ميشال سليمان والرئيس ميشال عون»، وسأل السفير الفرنسي عن مدى تمسك الرئيس نبيه بري بالمالية فأكد الحزب تأييده لموقف رئيس المجلس بأمرين: إسناد المالية للطائفة الشيعية وتسمية أمل وحزب الله لكل الوزراء الشيعة وإلا لن يوافقا على الحكومة».
وتساءلت أوساط متابعة عن سبب عدم إرسال فرنسا أي مسؤول فرنسي إلى لبنان لا سيما أننا على عتبة انتهاء المهلة التي حددها الرئيس امانويل ماكرون لتأليف الحكومة مع علمها بحجم التعقيدات التي تواجه مسألة التأليف، إذ كانت متوقعة زيارة مدير المخابرات الفرنسية برنار أيميه الى بيروت لتذليل العقبات إلا أنها لم تحصل حتى الآن! ما دفع بالأوساط للتساؤل هل فقدت باريس الأمل بنجاح المبادرة الفرنسية بعد دخول الأميركيين على خط التأليف لفرملة الحكومة؟
أديب طلب مهلة إضافيّة
وفيما كان متوقعاً أن يزور الرئيس المكلف بعبدا أمس، أشارت المعلومات إلى أن تأجيل الموعد جاء بناء على اتصال هاتفي بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وأديب أبلغه فيه نيته الاعتذار، فردّ ماكرون طالباً منه التريث حتى الغد (اليوم)، فحصل اتصال بين رئيس الجمهورية وأديب الذي طلب منحه فرصة إضافية لانتظار المساعي الفرنسية الأخيرة على خط التأليف.
وأفادت معلومات إلى أن فرنسا قد تمدّد مهلة تشكيل الحكومة يومين إضافيين بحيث لا تتعدى الفترة عطلة نهاية الأسبوع الحالي.
وأشارت أجواء بعبدا الى أن رئيس الجمهورية لا يزال ينتظر أن يقدم له الرئيس المكلف تشكيلة أو على الأقل تصورًا لتوزيع الحقائب والأسماء. ولفتت إلى أنّ الرئيس المكلّف توجّه الى بعبدا مرتين بدعوة من عون الذي حثه على تقديم تشكيلة وزارية وشجّعه وذهب أبعد من ذلك من خلال إجراء مشاورات مع الكتل النيابية لتسهيل عملية التأليف. وأظهرت هذه المشاورات بحسب مصادر بعبدا أن «الأكثرية الساحقة من الكتل رفضت أن يتولى أحد غيرها تسمية وزراء يمثلونها وسألت على أي أساس نعطي ثقة لحكومة لم يكن لنا رأي فيها». وأضافت: «الرئيس عون اتصل بأديب ليطلعه على حصيلة المشاورات ويتباحث معه في المخارج الممكنة وللمساعدة على ولادة الحكومة التي لا يجوز أن تتأخر، لكن أديب اعتذر عن عدم الحضور اليوم طالباً مزيداً من الوقت».
وأشارت المصادر إلى أنّ الرئيس عون يؤيد المداورة في الحقائب من منطلق عدم تكريس أي حقيبة لأي فريق». ولفتت مصادر أخرى الى أنّ «أديب لا يريد أي مواجهة مع الطائفة الشيعية وهو بذلك يتمايز عن سعد الحريري الذي رغم معرفته بصعوبة انتزاع حقيبة المال من الشيعة يطالب بالمداورة إرضاءً للسعودية وللأميركيين».
عين التينة
ونفت مصادر مطلعة على موقف عين التينة لـ«البناء» أن «يكون الرئيس بري تلقى عرضاً أو مقايضة بين المالية والداخلية او الخارجية او الدفاع»، مؤكدة رفضها «كل العروض المقدمة في الحكومة، مع تمسك الثنائي بحقيبة المالية وبتسمية وزرائه»، فيما أفادت قناة الـ»او تي في» أن ما سرّب من أن رئيس الجمهورية ميشال عون هو من رفض إعطاء الخارجية او الدفاع للشيعة غير صحيح».
لكن مصادر عين التينة تعوّل على حصول خرق إيجابي خارجي خلال الساعات الـ 24 المقبلة الفاصلة عن زيارة أديب الى بعبدا. وأشارت أوساط الثنائي لـ«البناء» إلى أنّ «باب الحوار مفتوح في أي وقت والرئيس بري مستعدّ لتسهيل عملية التأليف تحت سقف الثوابت التي أعلنها سابقاً، ولا تنازل عن المالية والأمر غير خاضع للتفاوض». وأكدت الأوساط حرص الطرفين على نجاح المبادرة الفرنسية مع تأكيدهما على التمسك بالمسلمات الوطنية مع رهانهما على تقديم الإيجابيات المشتركة بين الجميع من أجل إنقاذ لبنان من أزماته.
وتتساءل الأوساط: هل سمع أحدٌ من الحاضرين في لقاءات قصر الصنوبر ذكر الرئيس الفرنسي موضوع المداورة في الحقائب؟ وهل ورد هذا الأمر في البنود الـ16 التي تضمّنتها خريطة طريق الإنقاذ الفرنسية؟ مشددة على أن المبادرة الفرنسية لم تتحدث عن مداورة ولم تغُص في آليات تنفيذ المبادرة ما يؤكد وجود عرقلة داخلية، مذكرة ببيان الرئيس بري منذ أيام بأنّ العرقلة داخلية وليست خارجية.
الحريري يصعّد
وقد عكس موقف الرئيس سعد الحريري تصعيداً وأجواءً تشاؤمية وصعوبة في التوصل إلى حل لعقدة المالية، وفي أول تصريح مباشر للحريري في موضوع التأليف أشار عبر «تويتر» الى أن «وزارة المال وسائر الحقائب الوزارية ليست حقاً حصرياً لأي طائفة، ورفض المداورة إحباط وانتهاك موصوف بحق الفرصة الأخيرة لإنقاذ لبنان واللبنانيين». كلام الحريري يُعدّ رسالة سلبية الى ثنائي أمل وحزب الله على حساب محاولته إرضاء الأميركيين والسعوديين، إلا أن موقف رئيس المستقبل كشف تدخله بعملية التأليف وأكد الاتهامات ضده بأنه هو من يؤلف الحكومة وليس الرئيس المكلف مصطفى أديب وكشف أيضاً من يقف خلف الحريري أي الرئيس فؤاد السنيورة.
وبحسب المطلعين فإن السنيورة أبدى خشيته من أنّ يؤدي التدقيق الجنائي لحسابات مصرف لبنان الذي يدفع به الفرنسيون وورد في البنود الإصلاحية في الورقة الفرنسية، إلى كشف الكثير من الارتكابات المالية التي حصلت إبان الحكومات الماضية التي ترأسها والحكومات التي ترأسها سعد الحريري، لذلك يعمل على انتزاع المالية من يد بري ووضعها بيد وزير مقرّب منه، ما يعني أن الحكومة المرتقبة في حال ولدت بلا موافقة الكتل السياسية فإنها ستعيد إنتاج حكومات السنيورة السابقة.
الفرضيات
وتتراوح الفرضيات المتوقعة بين تقديم أديب تشكيلته لرئيس الجمهورية من دون تعديل ولا الأخذ بعين الاعتبار مطالب الكتل النيابية؛ وبالتالي رمي الكرة في ملعب رئاسة الجمهورية، وإذا لم يوقعها يتجه أديب إلى تقديم اعتذاره.
أما الفرضية الثانية أن يوقّع عون ويرمي الكرة إلى البرلمان لتحدّد الكتل موقفها في استحقاق الثقة وبالتالي التخلّص من حمل الضغوط الفرنسية، لا سيّما أنّ المعلومات تتوقع صدور قرار عقوبات جديدة ستطال 3 أشخاص مقربين من الرئيس عون. إلا أنّ مصادر مطلعة تجزم بأن رئيس الجمهورية لن يوقّع مرسوم حكومة لا يوافق عليها ثنائي أمل وحزب الله وفريق 8 آذار لأن من شأن ذلك تفجير البلد، خصوصاً أنّ عون يدرك بأن تشكيلة أديب بصيغتها الحالية لن تنال ثقة المجلس النيابي وبالتالي ستتحوّل إلى حكومة تصريف أعمال حتى نهاية العهد الرئاسي الحالي، لذلك لن يدخل عون بهذه المخاطرة ويقضي على ما تبقى من عهده بحكومة تصريف أعمال وبتوازنات معينة لا سلطة له عليها.
أما الفرضية الثالثة فأن يتدخل الفرنسيون للضغط على الرئيس سعد الحريري لتليين موقف «نادي رؤساء الحكومات السابقين» والقبول بإيلاء وزارة المالية لمن يسمّيه الرئيس نبيه بري. وفي سياق ذلك نُقل عن الرئيس المكلف قوله في أحد الاجتماعات إنّه لا يريد الدخول في مناكفات سياسية، وعندما قبل التكليف كان يتوقع تسهيلاً وطريقاً مفتوحاً للتأليف وليس طريقاً مليئاً بالعقد، وسأل أديب: هل يتوفر 61 نائباً في مجلس النواب يمنحون حكومته الثقة؟
أما الفرضية الرابعة والمرجّحة حتى الساعة هي أن يتجه أديب إلى الاعتذار وتوجه رئيس الجمهورية والأغلبية النيابية إلى خيار تعويم حكومة حسان دياب وتكليفها تصريف الأعمال بمفهومه الموسّع تحت عنوان «الضرورات تبيح المحظورات» والدعوة لعقد جلسة حكومية مطلع الأسبوع المقبل للعودة إلى معالجة الأزمات التي يواجهها البلد قدر الإمكان، إلى أن تتوفر مناخات توافقية جديدة للدعوة إلى استشارات نيابية ثانية في بعبدا.
أسف فرنسيّ
وسبق اجتماع الضاحية، موقف فرنسي أقرب إلى بيان نعي للمبادرة الفرنسية ولجهود تأليف الحكومة، إذ أعربت الرئاسة الفرنسية عن «أسفها» لعدم التزام السياسيين اللبنانيين بتعهدات خلال زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى بيروت، لتشكيل الحكومة «خلال 15 يوماً»، بحسب ما قال مسؤول في الرئاسة الفرنسية لوكالة عالمية.
لكن المسؤول الفرنسي أكد أنه «لم يفت الأوان بعد. على الجميع الاضطلاع بمسؤولياتهم والتصرف في نهاية الأمر بما يصب في مصلحة لبنان وحده، من خلال إتاحة الفرصة لمصطفى أديب لتشكيل حكومة بما يلائم خطورة الوضع».
وفي أعقاب الضغوط الفرنسية السياسية لتأليف الحكومة، برزت ضغوط مالية أيضاً عبر عنها مسؤول فرنسي كبير خلال محادثات أجريت في باريس في العاشر من أيلول بين مسؤولين فرنسيين كبار ووفد من جمعية مصارف لبنان، حيث حذر من «أنه قد يكون من الصعب على البنوك في لبنان التمسك بمبدأ ضرورة ألا يخسر المودعون أيّاً من ودائعهم، حسبما جاء في محضر اجتماع حددت فيه فرنسا خطوات لمساعدة القطاع المصرفي المصاب بالشلل».
صرخة سجناء رومية
وأطلق السجناء في مبنى المحكومين في سجن رومية صرخة إلى الامين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله ورئيس المجلس النيابي نبيه بري لإطلاق سراحهم بعد تفشي فيروس كورونا في السجن.
ومنح السجناء المعنيين مهلة أسبوع لإطلاق سراحهم، ولوّحوا بـ»نهر دم» داخل السجن في حال لم تتمّ الاستجابة لطلباتهم.
وأشارت مصادر نيابية لـ«البناء» الى أن البحث قائم بحل لهذه المشكلة ومنها نقل السجناء إلى مستشفى ضهر الباشق الذي لا يبعد كثيراً عن سجن رومية، وتوفير شروط التباعد الاجتماعي والسلامة العامة لهم، لكن هذا الحل دونه مخاطر أمنية بحسب المصادر منها أن يعمد السجناء الى الفرار. كما اشارت إلى أن العمل جار أيضاً على إيجاد آلية قانونية لتسريع إطلاق سراح عدد منهم.
لكن وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم أشارت الى أن «مشكلة الاكتظاظ في السجون مزمنة والإجراءات الوقائية من كورونا التي اتخذت نجحت».
المصدر: صحف