هل حَلَّت الواقعيةُ بدلَ لغةِ فرضِ الامرِ الواقع؟ فعادَ المعنيونَ بتشكيلِ الحكومةِ الى قراءةِ الوقائعِ باولوياتٍ وطنية ؟ ام انها مناوراتٌ جديدةٌ وفقَ اجنداتٍ عديدةٍ ما زالت تتحكمُ بمسارِ اللبنانيين؟
سارَ الرئيسُ المكلفُ مصطفى اديب الى قصرِ بعبدا بموعدٍ ضمنَ المهل، وبلا التشكيلةِ الحكوميةِ التي شكلتها ايادٍ غيرُ خفية، مستمهلاً الوقتَ الذي يقتلُه العنادُ في طريقةِ التشكيل، بعدَ أن سمعَ ومَنْ خَلْفَهُ جيداً الكلامَ الواضحَ المبنيَ على اسسٍ منطقيةٍ لا طائفية، الرافضَ لطريقةِ التشكيل، حفاظاً على الوحدةِ الوطنية.
لقاءُ الرئيسِ المكلفِ معَ رئيسِ الجمهوريةِ انتهى بالكلمةِ الوحيدةِ الواضحةِ التي سمعها اللبنانيونَ من اديب: “ان شاء الله خير”، وان شاء الله ان يكونَ المعنيونَ قد استفادوا من التجربةِ الاولى ليسلُكوا الطريقَ الصحيح ، ولا يُضيِّعوا الفرصةَ المتاحةَ لتشكيلِ حكومةٍ فاعلة، لا تَحتملُ ولادتُها مخاضاً طويلا.
بعدَ زيارةِ اديب الى بعبدا، فعَّلَ رئيسُ الجمهوريةِ من مشاوراتِه معَ الكتلِ النيابيةِ بحثاً عن حلولٍ تُسهِّلُ عمليةَ التأليف، ونظَرت عينُ التينة بايجابيةٍ الى تفعيلِ المشاوراتِ التي تُعَدُّ المسارَ الالزاميَ وفقَ الآلياتِ والاعرافِ لتشكيلِ الحكومة، واستعجلت باريسُ اللبنانيينَ عبرَ مصادرِ الايليزيه التي سألت عن الحكومةِ ضمنَ المهلِ التي وعدَ الجميعُ باحترامِها. ولا شيءَ يستحقُ ان يُحترمَ في هذه المرحلةِ الحساسةِ من عمرِ الوطنِ أكثرُ من عقولِ اللبنانيينَ واوجاعِهم.
وجعٌ لبنانيٌ متجددٌ سُمِعَ انينُه من عكار، معَ تقديمِ الجيشِ اربعةً من رجالِهِ شهداءَ على مذبحِ محاربةِ الارهاب. ففي جبلِ البداوي كانت ملاحقةُ الارهابي خالد التلاوي وعصابتِه المرتبطةِ بجريمةِ كفتون، وبعدَ اشتباكٍ قُتلَ التلاوي وارتقى اربعةٌ من عناصرِ القوةِ المداهمةِ شهداء.
في المنطقةِ التي تشهدُ فصلاً جديداً من العارِ العربيِ الخائنِ لفلسطينَ واهلِها، تستعدُّ بعضُ مملكاتِ النفطِ ومشيخاتِها للتوقيعِ غداً على الاتفاقِ معَ الصهاينةِ في البيتِ الابيض، على انَ الزمنَ كفيلٌ باحالةِ مستقبلِهم السياسي الى اسودَ قاتم، بعدَ أنْ لم يَعتبروا من تاريخٍ طويلٍ لكلِّ المطبِّعينَ معَ الاحتلالِ على حسابِ فلسطين.
فلسطينُ التي لم تَرَ في هذه المرحلةِ سوى اَسوأِ انحطاطٍ عربي، وإنَّ أبشعَ رمزٍ له تُمثلُهُ الجامعةُ العربيةُ العاجزة..
المصدر: قناة المنار