“مُنتدى مكافحة الأخبار المُزيَّفة” الذي عُقِد في السراي الحكومي يوم أمس الأربعاء، وشارك فيه ممثلون عن منظمات دولية وشخصيات إعلامية، لا يجب أن يبقى نظريات لطرح الأفكار دون آلية تطبيقية، لأن الوضع في لبنان لم يعُد يحتمل إعلاماً ضالَّاً مُضلِّلاً، خاصة أن الخبر لم يعُد محصوراً بالوسائل الإعلامية المكتوبة والمسموعة والمرئية، بل باتت كل صفحة على أي موقع تواصل إجتماعي وسيلة إعلامية، لا بل غَدَت هذه الصفحات، منصَّات لتبادل الإتهامات والحملات والشتائم، وصَبّ الزيت على نار الفِتَن، إما بابتداع الأخبار غير الصحيحة أو “وضع البهارات” عليها بما يخدم الغاية الخبيثة.
في جزئية من نقاشات هذا المُنتدى، وصفت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد حملات التضليل والشائعات التي تتناول الحكومة بالمُعيبة والمُميتة، والهدف منها جعل مهمة الإنقاذ أصعب من أن تتحقق، مؤكدة أهمية الرقابة الذاتية ومحاربة التضليل والأخبار المُزيَّفة.
وجاءت مُداخلة وزير الصحة حمد حسن – من خلال تجربته الميدانية – قيِّمة جداً، لأنها نموذج عن تعاطي بعض الإعلام مع أخبار جائحة كورونا وقال:
“أمن المجتمع مسؤولية الجميع..ولا نستطيع ترك الشائعات تهدم كل شيء..ويُمكن لذلك أن يُسبِّب الهلع والذعر لدى المواطن، فيُهدد كيانه وأعصابه في بيته، أو قد يصله الرعب عبر الشاشات، لأن هناك من هو غير مسؤول ويتسلى بخبرية من هنا وهناك، وتتحول الخبرية من عابرة الى خطر يجب مواجهته”.
الحكومة مُطالبة من جهتها بعدم جعل تفاصيل إجتماعاتها مادة إعلامية، لا في موضوع الخلاف على معامل الكهرباء، ولا مواعيد وصول بواخر الفيول، ولا مشكلة معالجة النفايات ولا في النقاشات مع صندوق النقد الدولي، لأن المواطن ينتظر أن يصِله الحدّ الأدنى من مقومات العيش ولا تهمَّه هكذا تفاصيل عبر الأخبار “المعلوكة” التي تستخدمها وسائل الإعلام المشبوهة أسلحة قاتلة لمُحاربة هذه الحكومة، لأن مِن ألذع وسائل الحصار هو بعض الإعلام الذي يؤيد وجهة نظر الظالم الأجنبي على المظلوم اللبناني.
والناس اختارت وسائل إعلامها، لأن هذه الوسائل قد فُرِزَت في العقول والضمائر، بين إعلامٍ تاجرٍ حتى في بيع الوطن للشياطين، وإعلام مُلتزِم أخلاقي وموضوعي، لا يُغطِّي التقصير والعيوب في الأداء ولا ينقل الكذبة، ولا يتبنَّى الإشاعة ولا ينشر الفتنة، خاصة أن الوسائل الإعلامية التي كانت تنكُر وجود حربٍ ناعمة أميركية على لبنان عبر التجويع باتت تعترف بوجود هذه الحرب.
الرهان كان وسيبقى على العقلاء، لأن درجة الإلتزام الوطني تنسحِب على القيادات السياسية كما على الجماهير الشعبية، تماماً كما تنسحِب العمالة للأسف على بعض القيادات والقواعد، ولو كان الإعلام هدفاً، عبر الوسائل المعروفة أو عبر وسائل التواصل يُفيد في تحصين الوطن ودعم مسيرة بناء دولة، فنحن سبَّاقون في هذا المجال، لكن أن تغدو بعض الأقلام خناجراً في صدورنا وفي خاصرة الوطن، فواجبنا تعميم الكلمة المسؤولة الطيِّبة والمُفيدة في مواجهة المخاطر الآتية على الجميع، لأن الفتنة بإجماع الحكماء والعقلاء يجب أن تكون ممنوعة، وحان الوقت لوضعِ حدٍّ للتفلُّت في زرع الفِتن سواء من كبار الإعلاميين أو صغار المُغرِّدين..
المصدر: موقع المنار