ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الخميس 02-07-2020 في بيروت على الشأن المعيشي الذي عاد بقوة إلى الواجهة، مترافقا بجمود يحكم المسارات الموازية..
الأخبار
لبنان في صلب الانهيار: الحكومة تتلهّى بجنس شركة التدقيق
تناولت جريدة الأخبار الشأن الداخلي وكتبت تقول “المظاهِر الكارثية للواقع الذي يعيشه اللبنانيون تؤكّد أن البلاد ليست في طريقها إلى الانهيار، بل هي في صلبه، وسطَ اشتداد المواجهة حول تموضع لبنان والحصار الذي يتعرّض له، فيما الحكومة عاجزة عن فعل أي شيء.
لبنان فقدَ توازنه. عبارة تختَصِر المشهد الذي انزلقت البلاد إليه، على المستويات كافة، وسطَ تصاعُد التحذيرات الخارجية، آخرها من وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان الذي شدّد أمس على أن «الوضع في لبنان مثير للقلق، والوضع الاجتماعي يزيد من مخاطِر العنف». وليسَ أدلّ على وصول المأزق إلى مستوى غير مسبوق، سوى مسارعة سفراء الدول في بيروت إلى عقد اجتماعات لافتة تقول مصادِر مطلعة أنها «تأتي في سياق التباحث في التوترات المتزايدة على الساحة اللبنانية وحجم الخطر، إلى جانِب ما يُمكن أن يعكسه من تأثيرات على دول محيطة»، إذ لم يسبِق للصراع حول تموضع لبنان أن اكتسب هذه الأبعاد الخطيرة منذ العام 2005، حيث استقبل السفير السعودي وليد البخاري، يومَ أمس، السفير الإماراتي حمد الشامسي والسفيرة الأميركية دوروثي شيا والسفير البريطاني كريستوفر رامبلينغ. تأتي لقاءات هؤلاء، على وقع تزايد مؤشرات البؤس الاجتماعي التي تحوّل الشوارع يومياً الى قنابل موقوتة، يُخشى انفجارها أمنياً، عدا عن التوجس من سعي طرف ما إلى توظيف الغضب الشعبي في حسابات سياسية.
ولم يُعد ممكناً قراءة التفاصيل اليومية التي يعيشها المواطنون من خارِج مسار الانهيار. المتاريس التي ترتِفع مقطّعة أوصال الطرقات اعتراضاً على الوضع المعيشي، مظهر من مظاهر الفوضى الأهلية التي دخلت فيها البلاد، ومن المرجّح أن تتوسع في المرحلة المقبلة. وهو ما لا يُمكن فصله أيضاً عن المسرح السياسي الذي يشهد معارك داخل الحكومة التي يتقاتل «أهلها» على كل الملفات «السيادية» والاقتصادية والمالية والاجتماعية، أو خارجها بين مختلف التيارات والأحزاب التي أعاد الصراع حول هوية لبنان إحياء مشاريعها التقسيمية أو المتآمرة على المقاومة، ولا سيما بعدَ رفع عنوان «التوجه الى الشرق» في معرض البحث لبدائل من الدولار الذي تستخدمه الولايات المتحدة الأميركية لتجويع لبنان مقابل السلاح، فضلاً عن المعارك الدائرة بين الحكومة والقطاع المصرفي والبرلمان.
مع ذلك، تقِف الدولة عاجزة عن فعل أي شيء. عاجزة عن حماية الناس ولقمة عيشهم وأمنهم الغذائي والاستشفائي والتعليمي، فيخرج المسؤولون فيها للتباكي على الماضي أو الإرث الثقيل الذي كانوا شركاء في صناعته، بدلاً من الذهاب الى اتخاذ قرارات صادمة تفتح ثغرة في جدار اليأس. ويُترجم هذا العجز إخفاقاً في اعتماد أرضية موحدة لأرقام الخسائر المالية أو توزيعها في معرض التفاوض مع صندوق النقد الدولي على برنامج تمويل إنقاذي أصبحَ بعيد المنال، وهو ما عبّرت عنه بصراحة وزيرة الدفاع زينة عكر حين قالت «إن المجتمع الدولي يُقفِل علينا كل شيء». مع ذلك، الحكومة تقف مكانها، لا تريد التحرك نحو خيارات جديدة مخافة إغضاب الغرب، لكنها في المقابل لم تقُم بالحد الأدنى المطلوب منها لإقناع هذا الغرب بمساعدتها، أقله حتى يكون لديها حجة لفتح أبواب جديدة وإدارة ظهرها لمن يريد إطباق الخناق على لبنان. حتى إن من بين وزرائها من يشارِك في الحصار عبرَ قرارات معيشية مجحفة، كما فعل وزير الاقتصاد راوول نعمة في موضوع الخبز، حيث وقّع أمس قرار رفع سعر الربطة 900 غرام لتصبح 2000 ليرة لبنانية، أو قرارات تؤكد القبول بالسطوة الأميركية كما حصل مع قرار القاضي محمد مازح وحالة الاستنفار الرسمية ضده مرضاة للسفيرة الأميركية دوروثي شيا.
أمس، حملَ الإخفاق على كل المستويات موجة جديدة من إقفال الطرقات ساحلاً وبقاعاً وشمالاً، اعتراضاً على الارتفاع الجنوني في سعر صرف العملة، وما يرتّبه من زيادة جنونية في الأسعار، ما جعل السكان ممنوعين من شراء حاجياتهم إلا وفق أعداد محددة من السلع إن وجدت، ولدى المحال التجارية التي باتَ بعضها يفضّل الإقفال راهناً، ما يعيد الى الأذهان أهوال الحرب الأهلية، في ظل التقنين وشح الفيول والمازوت وانقطاع في خدمات الاتصالات والإنترنت حتى في مؤسسات رسمية.
وفي ظل عودة الحديث عن تطيير الحكومة، نظراً إلى غيابها النافر عن واقع ما يحدث، لا يزال مجلس الوزراء يعيش ارتدادات الجلسة الأخيرة، نتيجة الانقسام بشأن عمليات التدقيق المالي المقرّرة في مصرف لبنان، بعد أن اعترض وزراء حزب الله وحركة أمل على طلب الحكومة تكليف شركة «كرول» القيام بعمليات تدقيق جنائي في البنك المركزي لارتباطها بأجهزة أمنية إسرائيلية، في مقابل إصرار رئيسي الجمهورية والحكومة عليها، وسطَ توجيه اتهامات لرئيس مجلس النواب نبيه برّي بأنه يتحّجج بذلك منعاً لإجراء أي تحقيق جدي بشأن الخسائر. لكن حتّى وإن كان ذلك صحيحاً، يبقى من غير المفهوم تمسّك الرئيس ميشال عون بها، رغم كل التقارير التي وصلت الى المعنيين حول شبهات عمل الشركة. كما من غير المفهوم في المقابل عدم تقديم وزير المال غازي وزني لبديل جدي، يستطيع القيام بتحقيق جنائي في دفاتر مصرف لبنان، بدل الاكتفاء بترشيح شركات تتولى حصراً التدقيق المالي العادي، لا التحقيق الجنائي.
من جهة أخرى، أكد رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، أمس، أنه «لن يقفز من مركب الممانعة، وخاصة أن لا قيمة للمراكب الأخرى». وفي حديث تلفزيوني على قناة «الميادين»، قال إن «الأزمة التي يعيشها لبنان هي نتيجة تراكم سنين طويلة من النظام الاقتصادي القائم، والحصار الاقتصادي المفروض على لبنان هو لكونه دولة ممانعة». واعتبر أن «الضغط الأميركي على لبنان يتم اليوم من خلال صندوق النقد الدولي وشروطه»، موضحاً أن «السياسة المالية هي التي سببت الانهيار، لكن ثمة جهات تستثمر الوضع للضغط على المقاومة وسوريا». واعتبر فرنجية أن «الوقت اليوم هو للمعالجة، والبعض في فريق 8 آذار يريد تصفية حسابات على حساب المرحلة السابقة»، مشدداً أنه لن يتخلى عن حلفائه «ولا عن الحكومة، حتى ولو سأدفع الثمن إلى جانبهم، لكن لي رأيي في الموضوع الاقتصادي، فإن ما يحصل غير مقبول». وعن رئاسة الجمهورية، قال «يهمني أن يكون رئيس جمهورية لبنان حليفاً لمحور المقاومة، والظروف هي التي تقرر اسم الرئيس».
اللواء
يا أهل الحكم: اللي استحوا .. استقالوا!
مخاوف دولية من تجدُّد العنف.. وتجاذب رئاسي حول التدقيق المالي
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “حكومة «القرارات المثقوبة» إلى أين؟ لا يكفي ان تخبرونا ان الكهرباء اقتربت من الانطفاء.. وأن العتمة هي بديل الكهرباء، ليس في بيروت، التي تراهن الحكومة على السياحة الوافدة، ولو من اللبنانيين لإعادة الحياة لدورتها الاقتصادية، بل في كل لبنان. ولا يكفي ان يبلغ المستهلك اللبناني زيادة الـ500 ليرة على ربطة الخبز، وسط مخاوف من ان ليس هذا الاجراء الأخير، وانه يجري البحث بدعم سلع أساسية.. في وقت يختفي المازوت، وتحوم مخاوف حول أزمة غاز، فيما رفوف المخازن تبدو خاوية..
يا اهل الحكم: العبرة للنتائج، لما يحدث على الأرض، على أرض الواقع، تلاعب بلا حسيب أو رقيب بالأسعار، فلا تخبرونا لا بالبيانات، ولا بالتصريحات، ما انتم فاعلون.. اخبرونا ما حقيقة السلع، والاسعار، والأجور، والبطالة، والعمالة..
وثالثة الاثافي، وربما ليس آخرها، ما حصل في مطار بيروت الدولي، بعد إعادة افتتاحية بنسبة تشغيلية، لا تتعدّى الـ10٪، حيث شهد فوضى وخبريات، وصدامات، مع الإعلام.. وكأن الإعلامي أو الصحافي لا يجب ان يكون على أرض الحدث لتغطيته ونقله، بل بعيداً، يتلقى البيانات والتصريحات، على طريقة «شاهد ما شافشي حاجة»..
وعليه، تفاقم المشهد الاحتجاجي، أمس، كل طرقات بيروت وشوارعها اقفلت بالدواليب المحترقة، والمستوعبات المخصصة للنفايات، امتداداً إلى شارع الحمراء ليلاً، حيث دوت شعارات مناوئة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة في شارع الحمراء، وصولاً إلى اوتوستراد جل الديب، حيث وقعت صدامات مباشرة بين المحتجين على انهيار الدولار والاسعار والعناصر الأمنية والعسكرية، المرهقة ميدانياً، بين واجب الحفاظ على الأمن، والتعاطف مع حركة الشارع.. وفي الشمال، قطعت الطرقات، في دوار المرج، الميناء طرابلس، واوتوستراد المنية محلة بحنين..
وبين أبرز الشعارات السياسية المطالبة باستقالة الحكومة، بعد مرور خمسة أشهر على تأليفها.. لكن عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب أنور جمعة (المركزية) استبعد التغيير الحكومي و«ان البديل عن الحكومة الحالية ليس متوفراً على رغم كل ما يُثار حول وضعها»، موضحاً «ان لا تطورات تستدعي تغيير الحكومة»، وقال «ليس بالضرورة عند كل مطبّ الحديث عن تغيير الحكومة».
وسط ذلك، فماذا ستبحث حكومة الرئيس دياب في جلستها اليوم: هل تتخذ مزيداً من القرارات «الورقية» أم تراجع نفسها.. وتقرر ان تتحمل خطيئة تاريخية، ملعونة بأخذ البلد إلى الفوضى.. بدل الذهاب إلى الاستقالة، وفتح الطريق امام سلطة، قادرة على مخاطبة المجتمع الدولي، والانفتاح على العرب، والتوصل إلى آلية حلول مع صندوق النقد الدولي.. قبل «خراب البصرة»!.
مخاوف فرنسية من العنف
فرنسياً، وفي إشارة خطيرة عبر وزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان امام البرلمان الفرنسي «الجمعية الوطنية» ان الوضع في لبنان ينذر بالخطر في ظل وجود أزمة اقتصادية ومالية واجتماعية وإنسانية تتفاقم الآن بفعل مخاطر جائحة فيروس كورونا»، بحسب ما نقلت «رويترز». وأضاف «الأزمة الاجتماعية المتفاقمة… تخاطر بزيادة احتمالات تفجر أعمال العنف»، مشيرا للعنف بين فصائل دينية في الآونة الأخيرة.
وتابع أنه يتعين على الحكومة تنفيذ إصلاحات حتى يتسنى للمجتمع الدولي مد يد المساعدة للبنان مشيرا إلى أنه سيزور لبنان قريبا لإبلاغ السلطات بذلك بشكل واضح. وقال دبلوماسي غربي «ثمة خطر حقيقي أن يحدث انفجار» مضيفا أن ثلث مليون شخص فقدوا وظائفهم منذ تشرين الأول الماضي عندما تفجرت احتجاجات على الطبقة السياسية وأدت إلى استقالة الحكومة.
وذكر مسؤول كبير مطلع على المفاوضات مع صندوق النقد الدولي: «هم لا يتفاوضون على برنامج مع الصندوق»، مضيفاً: «لا يوجد توافق لبناني على التشخيص، لذا ما الذي يمكن ان يتفاوضوا عليه». وقال ناصر سعيدي وزير الاقتصاد السابق وهو من قيادات مصرف لبنان المركزي سابقا عن المحادثات مع صندوق النقد الدولي إنها «بلغت طريقا مسدودا»، مشيراً إلى انه لا يعقل ان يشكك نواب فاشلون في خبرات صندوق النقد.
وتقول أغلب المصادر التي اشترطت عدم الكشف عن هويتها إن الطبقة السياسية، التي يتكتل أفرادها وفق أسس طائفية وعائلية أبعد ما تكون عن الاتفاق على نهج مشترك، لا تزال تتشبث بمصالحها الخاصة بل أن الجدل بينها يصل إلى حد الاختلاف على ما إذا كان لبنان قد أفلس فعلا.
ويقول الدبلوماسي الغربي «إذا كان هذا الطريق (صندوق النقد) مغلقا فستغلق كل الطرق الأخرى. فهم بحاجة لتنفيذ إصلاحات حقيقية يمكن التحقق منها، كما يشترط الصندوق، حتى إذا لم تكن مثالية». ويضيف «لن يتقدم بلد أوروبي أو عربي خليجي ولا أميركا بالطبع لإنقاذ لبنان. يجب على القيادات اللبنانية أن تستجمع إرادتها لإنقاذ بلادها».
وعقد الوفد اللبناني المفاوض برئاسة وزير المال غازي وزني اجتماعه السادس عشر مع الصندوق، بمشاركة حاكم مصرف لبنان وفريق من البنك المركزي. وتناول البحث اليوم كيفية مقاربة خسائر النظام المالي وضرورة تنفيذ الحكومة الاصلاحات المطلوبة بأسرع وقت، على ان تستكمل المشاورات الاسبوع المقبل.
ولم يخف مارتن سيريزولا رئيس وفد الصندوق (IMF) المفاوض مع لبنان امتعاضه من المراوحة في المرحلة الأولى بعد 6 أسابيع من بدء المفاوضات. وبدا الوفد يتجه إلى إنهاء المفاوضات من جانب واحد، إذ نقل عن سيريزولا قوله: من غير الممكن الاستمرار على هذا النحو، نحن لا نلمس جدية في تنفيذ الخطة المالية، ولا جدية في الإصلاحات.. وبلا ذلك، نسأل ما معنى التفاوض..
وفي ظل استمرار التخبط في الارقام بين اعضاء الوفد اللبناني المفاوض لصندوق النقد حول خطة الحكومة الانقاذية، وغداة تسليمه تقرير اللجنة الى رئيس المجلس النيابي نبيه بري أكد رئيس لجنة المال والموازنة النيابية النائب ابراهيم كنعان في مؤتمر صحافي، ان «اكثر من اشاعة اطلقت حتى لا نقول كذبة ولا يجوز السكوت عنها وآخرها انني استقلت، وها انا امامكم فلا أهرب من مسؤولياتي وانا من مدرسة وطنية لا تستقيل».
وقال: «لم نغلط في عملنا البرلماني والرقابي خلال 11 سنة ولن نغلط اليوم». وقال ان «وظيفة المجلس النيابي مناقشة الخطة الحكومية لانها ترسم مستقبل لبنان لاجيال قادمة وتغير الكثير من المعطيات المالية والاقتصادية». اضاف: «نفتخر باتهامنا بمناقشة الخطة مع اصحاب الشأن وهذا لا يعني اننا اخذنا طرفا معهم او تبنينا مواقفهم، والماكينة التي تقول عكس ذلك تقلل من ذكاء اللبنانيين».
واعلن انه «تبين فارق 26 ألف مليار بين ما تطرحه الحكومة وحقيقة أرقام القروض المتعثرة». وتابع «ما من دولة اقتطعت من سندات الخزينة بالعملة الوطنية لان الدولة تسدد بموجبها للمستشفيات والجيش والمتعهدين والضمان الاجتماعي، وشطبهم يعني شطب مستحقات هذه الشرائح». واشار الى ان «الاكتتاب بصندوق الاموال المنهوبة كمن يبيع المودع سمكا في البحر»، وقال: «أمنوا الصندوق قبل الاكتتاب فيه».
وغرد الرئيس سعد الحريري عبر «تويتر» «من موقع الاختلاف السياسي، اسجّل لرئيس لجنة المال والموازنة الزميل ابراهيم كنعان الجهد الذي قام به مع لجنة تقصي الحقائق واحييه على مؤتمره الصحافي تعبيراً ومضموناً». اضاف «خطوة اولى متقدمة على طريق اعادة التوازن لموقف لبنان التفاوضي واعادة الثقة بنية حقيقية للمحافظة على نظامنا الاقتصادي الحرّ وحفظ اموال المودعين.عسى ان يعطي المجلس النيابي اللبنانيين املا في كبح الخطابات الخرقاء والخطط العشوائية والتخبط الاهوج»!
والسؤال: هل الإصلاحات المفترض القيام بها، والتي يشترط حصولها صندوق النقد الدولي، مستعصية؟ وإذا كان الجواب بالايجاب، فلا بأس اعلنوا ذلك صراحة.. وغادروا المكان.. لنرى ماذا سيحدث..
التدقيق المالي
وبقي موضوع التدقيق المالي المركز والمحاسبي في حسابات مصرف لبنان يتفاعل بعد تذكير رئيس الجمهورية به امس في مستهل جلسة مجلس الوزراء، في ظل أزمة بين الحكومة ومجلس النواب، لجهة الهوة بالأرقام..
وتعليقا على ما وزعته مصادر حزب الله وحركة امل بأن وزراءهم مع التدقيق المالي ورفضوا التعاقد مع شركة كرول بسبب ارتباطاتها مع اسرائيل وبأنهم اول من طالبوا بالتدقيق المالي، اكدت مصادر وزارية قريبة من بعبدا لـ«اللواء» بأنه عندما سئل وزير المال داخل مجلس الوزراء اول من امس عما اذا كانوا معترضين على كرول kroll اما على مبدأ التدقيق المالي المركز التشريحي الـ forensic audit فأجاب وزير المال حرفيا ان الجهة السياسية التي امثل لا تريد تدقيقا مركزا تشريحيا بل تكتفي بالتدقيق المالي. وقد اشارت المصادر الى ان الوزير سئل ثلاث مرات بشأن الموضوع نفسه ورد بالجواب نفسه ثلاث مرات بأنه لا يريد تدقيقا تشريحيا بل بالتدقيق المالي المحاسبي فقط او ما يعرف بالـaccounting audit.
واكدت ان هذا الكلام. كان واضحا في مجلس الوزراء وعلى مسمع الجميع ما يعني ان الفريق الذي يمثله الوزير وزني واضح برفض التدقيق المركز والتشربحي والقصة لا تتصل بكرول فقد كانت هي الحجة لرفض هذا التدقيق التشريحي الذي يعرف بأنه ارفع تدقيق يساهم وفق ما اكد رئيس الجمهورية خلال الجلسة في معرفة كيفية انفاق المال ما يسهل في كشف مواقع الفساد ومكامن الخسائر معلنا ان اليهود موجودون في كل شركات التدقيق المالية وهناك لبنانيون يهود ومشكلتنا مع اسرائيل وليس مع الطائفة اليهودية.
برّي.. والطوارئ
وناشدت كتلة التنمية والتحرير التي اجتمعت برئاسة الرئيس نبيه برّي الحكومة إلى المبادرة فوراً إلى تبني دعوته بإعلان حالة طوارئ مالية واقتصادية لمجابهة التداعيات الكارثية التي تحدق بلبنان.
وتوقفت الكتلة، وفقاً لبيانها، امام تردي الاوضاع المعيشية والاقتصادية والانهيار المريع لسعر صرف العملة الوطنية امام الدولار الاميركي وفقدان السلع والمواد الاولية من كهرباء ومحروقات ومشتقات نفطية وغذاء ودواء، على نحو يضع لبنان واللبنانين امام مرحلة هي الاخطر في تاريخة وعليه تدعو الكتلة الحكومة فوراً الى اعادة النظر بكافة الاجراءات التي اتخذتها لمقاربة هذه العناوين، لا سيما تلك المتعلقة بحماية العملة الوطنية وهي اجراءات اثبتت فشلها لا بل فاقمت الازمة وجعلت اللبنانيين رهائن للاسواق السوداء ولتجار الازمات.
وعشية جلسة حكومية في السراي، وغداة جلسة وزارية سادها تشنج بين الوزراء على خلفية اكثر من ملف ابرزها التدقيق في حسابات مصرف لبنان، وقد سألت خلالها نائب رئيس الحكومة وزيرة الدفاع زينة عكر «ماذا انتجنا خلال 5 اشهر»، قالت الاخيرة اليوم في لقاء مع إعلاميين، ان «المجتمع الدولي أقفل أبوابه أمام هذه الحكومة وأعتقد أنّ القرار سياسيّ ويقولون إنهم سيدعمون لبنان بعد الاصلاحات ونحن سننفذ الاصلاحات ولنرَ إذا سيلتزمون».
وأضافت عكر، «على الرغم من كل الكلام عن استقالات، الحكومة مستمرة بالعمل والانتاج ولا خلافات داخلها وعندما اصبح في مرحلة لا استطيع فيها العمل سأستقيل». وردا على سؤال حول العرقلة التي تتعرض لها الحكومة، قالت «الجميع يطالبنا بالاصلاحات ولكن الموضوع سياسي اكثر من اي شيء آخر، دورنا جميعا في لبنان السير بخطين متوازيين العمل على الخطة المالية بموازاة تنفيذ الاصلاحات ولا كلام غير ذلك».
وأسوا ما في المشهد، ان خلايا الأزمات تنتقل باجتماعاتها من أزمة إلى أزمة، فعلى سبيل المثال عُقد في وزارة المالية الاجتماع الخامس لخلية الأزمة الوزارية المكلّفة متابعة المواضيع المالية برئاسة وزير المالية د. غازي وزني وحضور وزراء الاقتصاد والتجارة راوول نعمه، والإعلام منال عبد الصمد، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ورئيس جمعية المصارف سليم صفير، ونائب نقيب الصرافين محمود حلاوي.
تمحور الاجتماع حول موضوع دعم السلع الغذائية المستوردة بهدف ضبط أسعارها في ظل تقلب سعر صرف الليرة مقابل الدولار. السؤال، كيف يؤثر دعم السلع على خفض سعر الدولار.. والانكى، في هذا المجال، انه بعد توقف القصابين عن استيراد الأبقار والماشية، وفقدان اللحوم من الأسواق جاء دور لحوم الدجاج، إذ امتدت مطامع التجار إلى علف الدواجن، لجهة رفع أسعارها، واختفائها من الأسواق أيضاً.
كهربائياً، أعلن وزير الطاقة ريمون غجر أنّه «سيحاول إعلان تسعيرة للمازوت أكثر من مرة في الأسبوع». وأضاف، في تصريح بعد اجتماع لجنة الأشغال النيابية: «كميات المازوت قليلة في السوق بسبب الطلب الزائد عليها والخوف من انقطاع المادة والتهريب». وأشار غجر إلى أنّ هناك طلبًا زائدًا على مادة المازوت ما يؤدي الى نفادها من الاسواق رغم أن الكميات المستوردة هي نفسها»، موضحًا أنّ «التقنين القاسي سيستمر حتى الاثنين». سياسياً، شدّد النائب السابق سليمان فرنجية على ان الهم الأساسي هو عدم الوصول إلى حرب أهلية، فنحن مقبلون على مرحلة خطيرة عنوانها الجوع..
فتح المطار
وسط هذه الاجواء، – استأنف مطار رفيق الحريري الدولي قبل ظهر أمس حركة الملاحة الجوية من والى لبنان. وفي هذا الإطار، كانت زيارة تفقدية الى المطار قام بها وزيرا الاشغال العامة والنقل ميشال نجار والصحة العامة حمد حسن، اطلعا خلالها على التدابير التي ستنفذ مع عودة العمل الى المطار والتي من شأنها تأمين سلامة الوافدين إلى لبنان. وأثناء الجولة، التي شملت قاعة وصول المسافرين، حصل اشكال بين عدد من الاعلاميين وعناصر من جهاز الامن في المطار بسسب الزحمة والتدافع وخاصة في المكان المخصص لإجراء فحوص pcr للوافدين. وناشد وزير الأشغال في تصريح كل وسائل الإعلام المحلية والعربية والاجنبية نقل الصورة الكبيرة وليس الدخول في التفاصيل لكي لا نعطي انطباعا لدى الراغبين بالعودة إلى لبنان باننا لسنا على مستوى المسؤولية، سواء بالرعاية الصحية او الأمور التي نطبقها على الأرض». الى ذلك، اوضح مصدر سوري مسؤول بان «الحدود السورية مع لبنان ستبقى مغلقة حتى اشعار اخر»، لافتا الى ان «الامر مثار درس لكن القرار بفتح الحدود لم يصدر بعد».
وحول اسباب التأخير فيما كان مرتقب ان تفتح بداية شهر تموز، اكد «وجود اسباب عدة تؤخر العملية بينها صحية ما يتعلق بفايروس كورونا لمنع انتشاره، واسباب اقتصادية متعلقة بمنع تهريب المواد الغذائية والضغط على الاسواق السورية التي تعاني من ارتفاع كبير بـالاسعار»، مشيرا الى ان «اغلاق الحدود حصن الليرة السورية من التأثر بتلاعب السوق السوداء كما هو حاصل في لبنان»، موضحا انه «في الفترة الاولى لتراجع الليرة اللبنانية انعكس الامر على الليرة السورية على مرحلتين بحيث كانت نهاية العام تسجل ٦٥٠ ليرة سورية مقابل الدولار ومن ثم وصلت الى ١٢٠٠ بداية العام وحاليا استقرت عند ٢٤٠٠ في السوق السوداء». ورفض التعليق ما اذا كان هناك اسباب سياسية او مطالب سورية لفتح الحدود السورية في وقت فتح لبنان المطار.
ووفقا لمعلومات فانه «كان من المرتقب ان تفتح الحدود السورية اللبنانية نهاية شهر حزيران وارسلت برقيات رسمية للنقاط الحدودية لاتخاذ الاجراءات الصحية اللازمة تحضيرا لفتح الحدود، ومنذ اغلاق الحدود قبل ثلاثة اشهر ونصف لم يعد من المواطنين السوريين الى سوريا الا في حالات خاصة وبصورة استثنائية وعدد من الطلاب السوريين فيما سمح للبنانيين بالعودة الى لبنان على دفعات عدة».
1788
صحياً، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية تسجيل 10 إصابات جديدة بفيروس كورونا المستجد، (كوفيد 19)، مما رفع العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 1788. وجاء في تقرير مستشفى رفيق الحريري ان 613 فحصاً، حصلت في الـ24 ساعة الماضية.. وبقي 11 حالة مصابة بالفيروس للمتابعة.
البناء
قمة بوتين أردوغان روحانيّ تؤكد وحدة سورية وسيادتها ورفض كل أشكال الحكم الذاتيّ
الشأن المعيشيّ يطغى على خطط الإصلاح والملفات السياسيّة.. وتصاعد حركة الشارع
التفاوض مع صندوق النقد شبه معلَّق… وتقرير اللجنة النيابيّة يُربك الحكومة وأرقامَها
صحيفة البناء كتبت تقول “أكدت مصادر متابعة لنتائج القمة الرئاسية الثلاثية لرعاة مسار أستانة الخاص بسورية، والتي شارك فيها عبر الفيديو الرؤساء الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب أردوغان والإيراني الشيخ حسن روحاني، أن ثلاثة نتائج حسمتها القمة، الأولى التأكيد على تحريك المسارين السياسي والعسكري بالتوازي، فيما يخصّ منطقة إدلب، بصورة تنهي الوضع القائم ضمن خطة زمنية سيضعها وزراء الخارجية والدفاع في كل من روسيا وتركيا، يرافقها مسعى روسي لعقد اجتماع سوري تركي دبلوماسي أمني، تحت عنوان إحياء اتفاق أضنة كإطار للعلاقات الثنائيّة عبر الحدود، والثانية إدانة العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على سورية والالتزام بزيادة مستوى الدعم المالي والاقتصادي للدولة السوريةـ خصوصاً من الجانبين الروسي والإيراني، والثالثة رفض سطو الجماعات الكردية المسلحة بدعم أميركي على الثروات النفطية السورية ومن خلالها رفض كل أشكال الحكم الذاتي. وقالت المصادر إن تزامناً في حلول لمنطقتي إدلب وشرق الفرات قد يكون هو المخرج الذي يضمن تعاوناً تركياً في تسهيل إنهاء الوضع في إدلب، خصوصاً أن تركيا بدت غير متمسكة بالبقاء بمقدار رغبتها بإنهاء الوضع في مناطق سيطرة الجماعات الكردية المسلحة، بما يوحي أن عمليات نقل المسلحين السوريين التابعين لها إلى ليبيا تحتل الأولوية على حساب البقاء في سورية، الذي تريد توظيفه في سياق السعي للتخلص من مخاطر نشوء كانتون كردي على حدودها.
في لبنان تقدّم الشأن المعيشي إلى الواجهة، ليس بتأثير تفاقم الأوضاع فقط، أو المخاطر التي تنذر بها وحسب، بل لأن الجمود يحكم المسارات الموازية، التي كانت موضع رهان في السابق، فوفقاً لمصادر مالية متابعة للخطة الحكومية، فإن الخطة فقدت الكثير من زخمها بعد التباينات في الأرقام بين الحكومة ومصرف لبنان وجمعية المصارف، وتحول هذا التناقض إلى أزمة مع خروج تقرير لجنة المال والموازنة النيابية بأرقام في منتصف الطريق بين الحكومة والمصارف، بصورة تعني ضمناً إسقاط أرقام الحكومة، وقالت المصادر إن الحكومة تواجه بالتوازي تجميد التفاوض عملياً مع صندوق النقد الدولي، الذي يتذرّع وفده المفاوض بالتباينات كسبب للعجز عن المضي قدماً، كما يتذرع بتفكك الوفد المفاوض مع استقالة المستشار هنري شاوول ومن بعده مدير عام المالية ألان بيفاني، كتعبير عن مشهد مرتبك في الوضع الحكومي في المفاوضات، بصورة جعلت مفاوضي الصندوق يتحدثون بلغة فوقية عنوانها «رتبوا أموركم وبعدها تعالوا لنكمل التفاوض».
على الصعيد المعيشيّ رغم السلة الاستهلاكية التي يتم تمويلها على سعرين للدولار، هما 1500 ليرة للمشتقات النفطية والخبز والدواء، و3800 ليرة للمواد الغذائية والاستهلاكية الأساسية، فإن التجار يقومون بالتسعير على أساس سعر الدولار في السوق السوداء الذي بلغ الـ 9000 ليرة أمس، مع خلو الكثير من المحال التجارية من البضائع وقيام أصحابها بتقنين بيعها للمواطنين، بحيث لا يستطيع المواطن شراء أكثر من كميّة محددة من كل صنف، تختلف من تاجر لآخر، ويطال ذلك السلع الأساسية وغيرها، من الرز والسكر والبن وحليب الأطفال وصولا للتبغ الأجنبي والمحلي، الذي بات يباع بكوتا لا تزيد عن أربع علب للمشتري الواحد، بينما طغت زيادة سعر الخبز التي مضى بتنفيذها وزير الاقتصاد رغم ما أشيع عن طلب تجميدها من قبل رئيس الحكومة، ما طرح تساؤلات حول أداء الوزير الذي دعا الناس من قبل للامتناع عن شراء البيض لفرض تخفيض الأسعار بدلاً من القيام بواجبه كوزير بفرض الالتزام بالأسعار الرسمية، وتجلّى التصاعد في الغضب الشعبي، تحت تأثير غلاء الرغيف وانفلات سعر الصرف، وأزمات فقدان المواد من الأسواق، بتجمّعات احتجاجيّة متفرقة في العديد من المناطق، وبقطع طرقات بعضها تقليديّ ومنظم، وبعضها الآخر دخل حديثا على الخريطة ويشكل تعبيراً عفوياً عن الغضب الذي زاد مفاعيله الوضع الذي يزداد سوءاً لتزويد المناطق بالكهرباء في ظل أزمة فيول، قال وزير الطاقة إنها في طريق الحل.
وفيما تتصاعد الاحتجاجات الشعبية على تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية من ارتفاع سعر صرف الدولار وأسعار المواد الغذائية الأساسية والتقنين الظالم في الكهرباء والمحروقات وغيرها من الأزمات الخانقة، جاء قرار وزير الاقتصاد راوول نعمة برفع سعر ربط الخبز الى 2000 ليرة ليزيد الطين بلة ويرفع من سخط وغضب المواطنين الذين نزلوا الى الشوارع وقطعوا الطرقات في مختلف المناطق اللبنانية ما أدى الى زحمة سير خانقة واشكالات بين المواطنين من المحتجين والمارة، فاختلط حابل المحتجين الحقيقيين مع نابل طابور المستغلين، ولم يعد بالإمكان التمييز بينهم ما يجعل الشارع مفتوحاً على الاحتمالات كافة لا سيما استغلال جهات خارجية للغضب الشعبي لإحداث توترات وفتن طائفية ومذهبية.
وبرز تحذير وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان أمس، من أنّ «الوضع في لبنان أصبح مزعجاً»، وأكد أن «تفاقم الوضع الاجتماعي ينذر بالعنف». وقال لو دريان: «على الحكومة اللبنانية تنفيذ إصلاحات حتى يتسنى للمجتمع الدولي مد يد المساعدة».
وحذرت مصادر مطلعة من اتجاه الوضع في الشارع الى مزيد من التأزم مع ارتفع أسعار المواد الغذائية والخبز وتقنين المحروقات، مشيرة لـ«البناء» الى أن «السياسة الأميركية مستمرة في سياساتها التدميرية للبنان لخنقه الى الحد الأقصى في موازاة ضخ طروحات تفاوضية بملفي النفط وفلسطين»، مضيفة أن «سياسة العقوبات الاميركية بلغت ذروتها لاخضاع لبنان، فهي تستخدم كل أنواع الضغوط المالية والاقتصادية والسياسية والاعلامية لتجويع الشعب ليخرج الى الشارع ثم تعمل على استغلال مطالبه في المفاوضات»، محذرة من «مخطط أميركي لتكرار مشهد 17 تشرين الماضي»، وتساءلت المصادر: ماذا تنظر الحكومة؟ هل يمكن المراهنة على صندوق النقد الدولي بعد موقف رئيسته الأخير الذي نعى المفاوضات؟ ولماذا لم تضع الحكومة خيارات بديلة كالتوجه شرقاً لا سيما العروض الصينية والايرانية وتعمل على تنفيذها سريعاً قبل حدوث الانهيار الأخير؟
وقد أفادت معلومات «البناء» أن «بواخر وسفن ايرانية تستعد للانطلاق الى لبنان محملة بالمواد الغذائية والمحروقات وغيرها، على أن تصل الى لبنان خلال أسبوعين وذلك في اطار الدعم الايراني للبنان لكسر الحصار المفروض عليه من قبل الاميركيين»، مشيرة الى «اتصالات لتلقف هذه المساعدات على المستوى الرسمي».
وأشارت مصادر «البناء» الى أن «المفاوضات مع صندوق النقد وصلت الى طريق مسدود لا سيما بعد استقالة مدير عام المالية ألان بيفاني والخلافات الحادة بين الحكومة من جهة ومصرف لبنان وقطاع المصارف من جهة ثانية بدعم من لجنة المال التي أنهت تقريرها وسلمته الى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ما ينذر بتوقف المفاوضات، مستبعدة أن يقرر الصندوق مساعدة لبنان في ظل هذا الخلاف والانقسام حول الأرقام والتخبط الرسمي وعدم إنجاز الإصلاحات اللازمة حتى الآن».
وأعاد صندوق النقد مطالبة الحكومة في جلسته السادسة عشرة مع الوفد اللبناني المفاوض أمس، بتنفيذ الاصلاحات المطلوبة في اسرع وقت ممكن. ووفق المعلومات فإنّ الجلسة شهدت امتعاضًا من قبل رئيس وفد الصندوق المفاوض مع لبنان الذي أبلغ الوفد اللبناني انه وبعد 6 اسابيع من التفاوض، لم نحرز أي تقدم ولم نتمكن من الانتقال الى المرحلة الثانية. واضاف: «ما فيكن تكفوا هيك»، لا جدية في تنفيذ الخطة المالية، ولا جدية في الاصلاحات، ومن دون جدية لا معنى للمفاوضات».
وأشارت مصادر نيابية لـ«البناء» الى «أن تقرير لجنة المال بات بعهدة الرئيس بري وسيحتفظ به ولن يتم اعلانه او مناقشته في الهيئة العامة بانتظار أن تسلمه اللجنة للحكومة لكي تجري الأخيرة مقارنة بين التقريرين وتقرر كيفية التعامل معه، فإما أن تأخذ بتقرير لجنة المال وإما تضيف تعديلات على خطتها أو تقريرها».
واذا لم يقبل وزير المال غازي وزني استقالة مدير عام وزارة المالية التي بقيت معلقة على قرار الحكومة النهائي التي أرجأته الى جلسة لاحقة، كشف وزني انه حاول على مدى ساعة إقناع بيفاني بالتراجع عن استقالته يوم تقدم بها، وقال: «لا خلاف سياسياً ولا تباين في وجهات النظر المالية، وهو صديق وأكنّ له كل الاحترام، علما ان استقالته ستؤثر في عامل الثقة في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي».
وإذ فشلت الجهود الحكومية في اقناع وزير الاقتصاد بالتراجع عن قرار، لم تعلن الحكومة موقفاً رسمياً أزاء قرار رفع سعر ربطة الخبز، كما لم تنطق القوى السياسية الممثلة في المجلس النيابي ببنت شفا، ما يدعو للتساؤل عن وجود اتفاق ضمني على رفع سعر ربطة الخبز! باستثناء تصريح عضو كتلة التنمية والتحرير النائب الدكتور قاسم هاشم على مواقع التواصل بقوله: «لم يكن ينقص اللبنانيين إلا الوصول الى رغيف الخبز بقرار ارتجالي لوزير الاقتصاد برفع سعر الربطة الى 2000 ليرة… كيف لا اذا كان بعض المعنيين بقضايا الناس يعيشون في عالم آخر بعيداً عن واقع الفقر والجوع الذي يعيشه اللبنانيون، فأي سياسة هذه التي يحكمها الارتجال والفوقية من بعض هذه الحكومة. فالناس هم الاساس ماذا انتم فاعلون بقراراتكم الخنفشارية وهل هي بداية الارتجال».
ووصفت كتلة التنمية والتحرير المرحلة الحالية بالأخطر في تاريخ لبنان، ودعت في بيان عقب اجتماعها برئاسة الرئيس بري في عين التينة، الحكومة فوراً الى «إعادة النظر بكافة الاجراءات التي اتخذتها لمقاربة هذه العناوين، لا سيما تلك المتعلقة بحماية العملة الوطنية وهي إجراءات أثبتت فشلها لا بل فاقمت الازمة وجعلت اللبنانيين رهائن للاسواق السوداء ولتجار الازمات». واعتبر أن «الحكومة معنية بوضع الخطط الاصلاحية وتشخيص مسببات الازمة هي ايضا معنية كما كل القوى السياسية والكتل البرلمانية بتحمل المسؤولية كاملة لجهة اتخاذ الإجراءات السريعة والفورية لإنقاذ لبنان والحؤول دون الانزلاق نحو هاوية الانهيار الشامل». كما دعت الحكومة الى تبني دعوة الرئيس نبيه بري بإعلان حالة طوارئ مالية واقتصادية لمجابهة التداعيات الكارثية التي تحدق بلبنان».
وجددت الكتلة موقفها المبدئي الرافض لأي تنازل او مقايضة على اي من حقوق لبنان السيادية على كامل ترابه ومياهه وثرواته في البر والبحر واحتفاظه بحقه في الدفاع عن هذه الحقوق بكل الوسائل المتاحة.
ونقل زوار الرئيس بري لـ«البناء» ابلاغه من التقاهم رفضه «خيار استقالة الحكومة في الوقت الراهن لتعذر وجود البديل لا سيما أن المرحلة تقتضي وجود حكومة تدير الازمة وتملأ الفراغ الحكومي والسياسي بالحد الأدنى وتعمل على معالجة الأزمات بما تسمح الإمكانات والظروف»، كما دعا الجميع لـ«التضامن والتكاتف وتعزيز الوحدة الوطنية لدفع محاولات العبث بالسلم الاهلي والاستقرار الامني وردع المخططات العدوانية الاسرائيلية الجديدة المتمثلة بالتحضير للقرصنة على ثروتنا النفطية والغازية على الحدود مع فلسطين المحتلة».
في المقابل أشارت مصادر حكومية لـ«البناء» الى أن «الاستقالة ليست واردة عند الرئيس حسان دياب مهما حاول البعض ممارسة الضغوط وكال الاتهامات وزوّر الحقائق ورمى مسؤولية سنوات من الفساد والسياسات الخاطئة على رأس الحكومة»، مضيفة أن «الحكومة لم ولن تتنصّل من مسؤولياتها ولذلك ستبقى في ميدان المواجهة ضد الأزمات الحياتية انطلاقاً من واجبها الوطني».
وفيما يعقد مجلس الوزراء اليوم جلسة في السرايا الحكومية، برز تصريح نائب رئيس الحكومة وزيرة الدفاع زينة عكر في لقاء مع إعلاميين، أن «المجتمع الدولي أقفل أبوابه أمام هذه الحكومة وأعتقد أنّ القرار سياسيّ ويقولون إنهم سيدعمون لبنان بعد الإصلاحات ونحن سننفذ الاصلاحات ولنرَ إذا كانوا سيلتزمون». وأضافت عكر: «على الرغم من كل الكلام عن استقالات، الحكومة مستمرة بالعمل والانتاج ولا خلافات داخلها وعندما اصبح في مرحلة لا استطيع فيها العمل سأستقيل». ورداً على سؤال حول العرقلة التي تتعرض لها الحكومة، قالت «الجميع يطالبنا بالإصلاحات ولكن الموضوع سياسي اكثر من اي شيء آخر، دورنا جميعا في لبنان السير بخطين متوازيين العمل على الخطة المالية بموازاة تنفيذ الإصلاحات. ولا كلام غير ذلك».
وبعد الاشتباك الدبلوماسي بين لبنان والولايات المتحدة الذي انتهى بتسوية لا غالب ولا مغلوب، قضت باستدعاء السفيرة الاميركية دوروثي شيا الى وزارة الخارجية مقابل استدعاء القاضي محمد مازح الى مجلس القضاء الأعلى واعلان استقالته، برزت أمس زيارة شيا الى السفير السعودي وليد بخاري. حيث تمّ خلال اللقاء البحث في المستجدات السياسية إضافة الى قضايا ذات اهتمام مشترك. وتوقفت مصادر مراقبة عند هذا اللقاء الذي أعقب حراكاً وتصاريح تصعيدية للسفيرة الاميركية ضد حزب الله وحركة دبلوماسية لافتة للسفير السعودي! ما يدعو للتساؤل عما يحضر للساحة الداخلية من مخططات وأحداث مقبلة! وتزامن هذا التصعيد مع الحراك في الشارع وقطع الطرقات.
ولليوم الثاني على التوالي، استمرّ مسلسل قطع الطرقات وإحراق الإطارات وحاويات النفايات، في عدد من مناطق العاصمة بيروت ومختلف المناطق اللبنانية، احتجاجاً على الاوضاع المعيشية والاقتصادية المتردية وارتفاع سعر صرف الدولار. وعمد عدد من المحتجين الى قطع مسلكي اوتوستراد طرابلس عكار في محلة باب التبانة بالإطارات والعوائق، مما دفع بعض المواطنين الذين يسلكون الاوتوستراد الى الاعتراض، وما لبث ان تطور الامر الى اشتباك بالايدي، ثم اطلاق نار في الهواء، وقد تدخلت عناصر الجيش اللبناني وأعادت فتح الأوتوستراد فيما فر مطلق النار الى جهة مجهولة.
وبرزت سلسلة تصريحات لرئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية في حوار على قناة الميادين، مشيراً الى أن «الأزمة التي نشهدها اليوم في لبنان هي نتاج سنوات طويلة من النظام الريعي وتراكمات للسياسات الاقتصادية المنتهجة منذ عقود وخاصة في ظل الحصار المفروض على دول محور الممانعة».
وقال: «نحن مع الدولة المدنية ضمن إطار الوفاق الوطني وأي طرح يخل بهذا الوفاق هو غير مناسب في المرحلة الحالية»، وأضاف: «إذا أردنا إنجاز أي تعديل في الطائف يجب أن يتم ذلك بالتوافق وليس بالتحدي». وأكد فرنجية أن «همّنا الأساسي ألا نصل إلى حرب أهلية فنحن مقبلون على مرحلة خطيرة عنوانها الجوع وعلينا تجاوزها من دون التخلي عن الثوابت»، وتابع: «على المسؤولين التحلي بوعي كبير وبمسؤولية وطنية لتلافي خطر الاقتتال الداخلي». واضاف: «لن أبدّل مواقفي السياسية، فموقفي ثابت مع محور المقاومة ولكنني أرفض أن تملى عليّ تصرفاتي». وشدد فرنجية على أنه يرفض المنافسة السلبية ويؤمن بالإيجابية في التعاطي»، وقال: «علينا أن نستوعب الجميع. فالوقت ليس للانتقام بل للمعالجة». وأعلن أنه «لن يتخلى عن حلفائه حتى لو دفع ثمن ذلك إلى جانبهم»، وأضاف: «يهمني أن يكون رئيس جمهورية لبنان حليفاً لمحور المقاومة والظروف هي التي تقرر اسم الرئيس».
المصدر: صحف