ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء 30-06-2020 في بيروت على تداعيات قرار القاضي محمد مازح حول تصريحات السفيرة الأميركية دوروتي شيا، التي حضرت إلى وزارة الخارجية بموجب استدعاء رسمي.. بالاضافة الى استقالة مدير عام المالية ألان بيفاني، كتتويج للخلافات حول أرقام الخطة الحكومية المالية، التي كان بيفاني من أبرز واضعيها، وشكل حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف جبهة مالية سياسية إعلامية بوجهها..
الأخبار
الدولار بلا سقف… والسفيرة الأميركية بلا رادع
تناولت جريدة الأخبار الشأن الداخلي وكتبت تقول “أقفلت السوق السوداء أبوابها أمس على سعر صرف يوازي 8200 ليرة لبنانية للدولار الواحد. ومن غير المستبعد أن يصل إلى عشرة آلاف ليرة الشهر المقبل، في غياب أي سقف أو ضوابط من مصرف لبنان. لا بل أصبح حاكم المصرف المركزي رياض سلامة لاعبا رئيسيا في رفع سعر الدولار، وما المنصة الالكترونية التي ابتدعها بحجة ضبط سعر الدولار الا محفزا اضافيا لابقائه متفلتا. فبالأمس عمد سلامة الى رفع قيمة الدولار في المنصة الى 3850 ليرة بدلا من 3000، فاعتمدت المصارف هذا السعر للسحوبات النقدية من الودائع بالدولار. والواقع أن سلامة يحاول عبر قرارات مماثلة تغطية خسائره بالدولار من أموال المودعين عبر اجبارهم على سحبها بالليرة. فيما يقدم عملية «الاحتيال» هذه على أنها «إنجاز» لمصلحة المودعين، بعد رفع سعر الصرف الرسمي داخل المصرف من 1500 الى 3800 حاليا، مستغلا حاجة الناس الى المال مع تسارع الأزمة الاقتصادية وغلاء المعيشة. ويبدو أن جزءاً كبيراً من أصحاب الودائع استسلم لـ«هيركات» الحاكم، إذ بات الطموح اليوم سحب المبلغ الأكبر من المال المحتجز في المصارف ولو بخسارة، لكنه يبقى الحل الأفضل في ظل تبخر الدولارات وعجز الحكومة ومجلس النواب عن حماية ودائع المواطنين. رئيس الحكومة حسان دياب الذي يردد في مجالسه أن سلامة لا يتصل به ولا يضعه في صورة ما يقوم به، خضع لحكم المصرف والمصارف. والسلطة السياسية الممثلة في مجلس الوزراء أقرت ضمنا بعجزها عن اتخاذ أي قرارات عملية تساعد في وقف النزيف الاقتصادي أقله عبر تخفيف استيراد السلع، من أجل اراحة السوق الداخلية والحدّ من مضاربة التجار ومساهمتهم في رفع سعر الدولار بشكل جنوني. يترافق الفشل المالي والنقدي والاقتصادي مع فشل في تأمين أي تسهيلات وحوافز وبرامج دعم للمزارعين والصناعيين وأصحاب الحرف.
لا يحتاج الأمر لـ100 يوم أخرى من عمر الحكومة حتى يبنى على الشيء مقتضاه. الصورة بغاية الوضوح: الطبقة المهيمنة تنتصر مجددا، ليس بحماية أموالها وأعمالها وحسب، بل أيضا في تسليمها كليا للادارة الأميركية واعلانها دون مواربة التصاقها بالغرب وما يطلبه. وبالتالي، لم يعد مفاجئا الرضوخ للسفيرة الأميركية دوروثي شيا وتقديم مستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق سليم جريصاتي اعتذارا لها عما سماه «تداعيات» قرار القاضي محمد مازح، ولا استدعاء مجلس القضاء للقاضي مازح للاستماع اليه اليوم بذريعة تصريحه بلا إذن. اذ وجد «دعاة الحرية» قشة يتمسكون فيها لتبرير خضوعهم للادارة الأميركية. على الخطى نفسها، سار وزير الخارجية ناصيف حتي الذي استدعى شيا للوقوف على خاطرها، متلطيا خلف «قدسية حرية الاعلام وحق التعبير عن الرأي». طبعا لم يجد حتي ما يستدعي ولو الاشارة همسا الى تدخل السفيرة الوقح في الشؤون اللبنانية وتحريضها على حزب يمثل شريحة واسعة من المجتمع اللبناني. وهو ما شجع شيا على التمادي في وقاحتها خلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته عقب الاجتماع، فعمدت الى اسكات الصحافيين ومنعهم من طرح الأسئلة. وأعلنت أن «صفحة القرار القضائي الذي أصدره قاضي الأمور المستعجلة في صور قد طُويت، على أن يصبّ التركيز في الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها البلد». كما أشارت الى ايجابية الاجتماع والى أن «العلاقات الثنائية بين البلدين ستبقى ثابتة، والولايات المتحدة ستستمر في مساعدة لبنان ما دامت الحكومة اللبنانية تتخذ الخطوات الإصلاحية المطلوبة للخروج من أزمتها».
على صعيد آخر، وقع حادث امني خطير امس، قرب مستديرة شاتيلا في بيروت. إذ أصيب فتى في الـ15 من عمره برصاصة في رأسه، أثناء إشعال إطارات احتجاجاً على الاوضاع المعيشية. ولم يُعرف مصدر الطلق الناري، فيما نُقِل الفتى المصاب إلى المستشفى حيث لا يزال بحال حرجة.
اللواء
الإستقالات المالية تهدّد التفاوض مع الصندوق.. والوضع يقترب من الإنفجار
قتيل باشتباك بين الجيش والمحتجين.. ووقف إستيراد الأبقار بعد تهريبها إلى سوريا
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “بين اجتماع مجلس الدفاع الأعلى لبحث اقدام إسرائيل على التنقيب عن الغاز في البلوك رقم «9» المتنازع عليه مع لبنان، في وقت غرق البلد بأزمات المديونية، والانهيارات المالية والحصار المتفاقم على الخدمات والسلع الغذائية، والشح بالدولار، مع الارتفاع الجنوني، وعقد جلسة لمجلس الوزراء، مثقلة بالمشكلات، ولعل أبرزها، استقالة المدير العام لوزارة المالية، التي أعقبها بعقد مؤتمر صحفي يستشف منه ان الاستقالة جاءت على خلفية الخلاف المحتدم حول الأرقام بين مصرف لبنان ووزارة المال، التي وضعت خطة التعافي الاقتصادية باشراف مباشر من بيفاني نفسه.. موكداً ان «ارقام الحكومة، ومقاربتها هي الصحيحة» والتي سيفندها أكثر بعد قرار مجلس الوزراء، لجهة قبول الاستقالة أو التريث بها، في حوار تلفزيوني مساء اليوم.
في الحيثيات، قال بيفاني: اخترت ان استقيل، لانني أرفض ان أكون شريكاً أو شاهداً على الانهيار، ولم يعد الصبر يجدي اليوم، مشيراً إلى ان استقالته جاءت بعدما «استنفذت كل جهد لإنقاذ ما يمكن انقاذه». وتحضر استقالة بيفاني امام طاولة مجلس الوزراء للبحث في تداعياتها، وسط معلومات عن تولي المدير العام بالوكالة مهامه، لحين البت بالاستقالة، التي يبدو انه مصر عليها، لأن أحداً لا يستمع إلى ما يقوله. وكشف مصدر مطلع ان خلافاً وقع مع وزير المال، وان الخطة هي سبب الاستقالة.
على ان الأخطر، صعود الدولار صعوداً جنونياً على الرغم من الإجراءات التي تتخذ على مستوى المنصة الالكترونية وغيرها، إذ قفز فوق الـ8000 ليرة لبنانية لكل دولار.. الأمر الذي يُهدّد بانفجار الوضع، مع استمرار التحركات الاحتجاجية، إذ اعرب مصدر أمني عن مخاوفه من الاشتباك الذي وقع في محلة شاتيلا بين عناصر من الجيش «قبل الحاجز» وعدد من المتظاهرين، الذي رموا الحجارة على العناصر العسكرية.
وافيد عن وفاة الشاب الفلسطيني الذي اصيب بإطلاق النار، برصاص مجهول، وفقاً لبيان قيادة الجيش، التي أعلنت التدخل لضبط الوضع، وتحديد مطلق النار وتوقيفه. مجمل هذه المواضيع وسواها تحضر في اجتماعات بعبدا اليوم. و يسيق انعقاد جلسة مجلس الوزراء اجتماع المجلس الأعلى الدفاع الذي يبحث في موضوع الرغبة الاسرائيلية في التنقيب عن النفط في البلوك الرقم 9 وهي المنطقة المتنازع عليها والتعبئة العامة التي تنتهي الأحد المقبل فضلا عن الواقع الامني بشكل عام.
ومع فتح جميع القطاعات في البلاد ليس معروفا اذا كان هناك من تمديد للتعبئة العامة ام لا اذ انه لم يبق منها الا حظر التجول عند الثانية عشرة مساء. وقال عضو لجنة متابعة كورونا مستشار رئيس الجمهورية للشوون الصحية الدكتور وليد خوري لـ«اللواء» ان لبنان لا يزال تحت السيطرة في ما خص وباء كورونا داعيا الى عدم خسارة الأنجاز الذي حققه لبنان في مواجهة البلاد. ولفت خوري الى ان هناك متابعة لعملية الوافدين من الخارج بعد فتح المطار لجهة اجراء الفحوصات اللازمة كما مراقبة القادمين من الدول التي تشهد انتشارا للوباء مؤكدا ضرورة التزام هؤلاء بالحجر الصحي. وقال انه من جهة ثانية لا بد للمؤسسات والقطاعات التي فتحت الالتزام بالأجراءات الوقائية واحترام التباعد الاجتماعي.
وعُلم ان مجلس الوزراء سيتطرق الى مصير التدقيق المحاسبي الذي طلبه مجلس الوزراء قبل فترة في حسابات مصرف لبنان. إضافة الى موضوع ارتفاع سعر الدولار وإجراءات مصرف لبنان ونقابة الصيارفة للجم سعره ولجم الارتفاع في اسعار المواد الغذائية والاستهلاكية.
وحسب المعلومات، فإن الرئيس ميشال عون الذي استقبل امس وفداً من نقابة موظفي الخلوي طالبوه بإنقاذ القطاع ودفع مستحقاتهم، وعد بطرح هذا الموضوع في جلسة مجلس الوزراء اليوم. وأعطى رئيس الجمهورية توجيهاته الى الجهات المعنية لمتابعة مطالب وفد النقابة. كما ان وزير الاتصالات طلال حواط سيطرح ما لديه حول هذا الملف الحيوي، لا سيما الخطوات التي قطعها لوضع دفتر الشروط الجديد لتلزيم إدارة الشركتين.
وقد شكا وفد نقابة موظفي الخلوي للرئيس عون «من حال الشلل التي تعاني منها الشركات على كل الصعد، مما يسبب خسائر كبيرة وهدرا للمالية العامة بملايين الدولارات شهرياً، وهو احوج ما نكون اليه في هذه الظروف الصعبة».كما طالب «بتأمين ضمان استمرارية وديمومة عمل الموظفين وحقوقهم ومكتسباتهم، عبر إدخال عقد العمل الجماعي وملحقاته ضمن دفتر شروط أي مناقصة جديدة».
لكن وزير الاتصالات طلال حواط قال لـ«اللواء»: انه سيستمع الى ما سيطرحه الرئيس عون ويجيب بالمناسب، لكنه اكد انه يعمل بالسرعة اللازمة لإنجاز دفتر الشروط وهو بات جاهزاً تقريبا وخلال اسبوع او اكثر قليلاً سيرفعه الى هيئة المناقصات لإبداء الرأي ومن ثم يرفعه الى مجلس الوزراء.
وحول ما يُقال عن تدهور وضع القطاع؟ اجاب حواط: القطاع ماشي، لكن برزت مشكلة عدم توفير المازوت لبعض محطات الارسال وهذه مشكلة عامة وليست مشكلة القطاع فقط. ونحن نعمل على تأمين المازوت للمحطات لتعاود العمل. اضاف رداً على سؤال: بالنسبة لعملية التسلم والتسليم للشركتين، فمن المقرر ان تنهي قبل المهلة القانونية المحددة بستين يوماً بعد انتهاء عملية التدقيق المالي والاداري، واذا كان كل شيء صحيحاً تُعطى لهما براءة الذمة وهذه لا مشكلة فيها. وقال: انا اعمل وفق القانون حسب ما تقوله هيئة التشريع والاستشارت، وبالنسبة لحقوق الموظفين فمن هذه العين وهذه العين، ما يقوله القانون سيسري تنفيذه ولن تضيع حقوق الموظفين.
وفي مجال التمكين الاقتصادي ايضاً وبخاصة الصناعي، اعلن وزير الصناعة عماد حب الله، انه «سيعيد النظر بالاتفاقيات الموقعة بين لبنان والخارج». وقال: «اننا تعرضنا للابتزاز من قبل بعض الدول التي تبتزنا اذا اتجهنا شرقا، او اذا خففنا الاستيراد». واكد أن «الاتفاقيات الموقعة بين لبنان والخارج لا تخدم لبنان. وانه لم يرَ اي اتفاقية تخدم لبنان، فنحن نستورد بقيمة ثمانية مليارات دولار من أوروبا، بينما نصدر بقيمة ثلاثمائة مليون دولار. وفي هذا الوقت لوحت نقابة تجار المواشي مجدداً بوقف الاستيراد، بسبب تمنع الدولة عن دعم المواشي المستوردة، والمعدة لاستهلاك لحومها، في حين تدعم الأبقار الحلوبة المستوردة التي يتم تهريب معظمها إلى سوريا علناً، ولا يستفيد المواطن اللبناني من هذا الدعم.
سياسياً، علمت «اللواء» ان اتصالات تجري لتطوير التنسيق بين أركان المعارضة وزار النائب وائل أبو فاعور الرئيس الحريري في بيت الوسط في هذا الإطار. وقال مصدر مطلع ان الاتجاه الآن هو لعقد اجتماع بين الرئيس الحريري والنائب وليد جنبلاط والدكتور سمير جعجع، لأنه لا يجوز ان يبقى التدهور سيّد الموقف والأطراف تتفرج على ما يجري. وغرد جنبلاط: «سنصمد بهدوء، وسنصمد امام تسخير القضاء، وتطويعه، سنصمد في مواجهة الاستيلاء على القرار الوطني اللبناني المستقل، لن نستسلم، وسنصمد أياً كانت الصعاب».
واتهم رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع السلطة بالفشل، داعياً إياها أن تحذو حذو بيفاني وتخرج.. معتبراً ان «التغيير بيد الشعب اللبناني من خلال انتخابات نيابية مبكرة». واعتبر ان الأزمة الحالية من صنع ايدينا نحن. وأعلن انه أجرى اتصالاً مع الرئيس سعد الحريري للاطمئنان عليه، بعد الحادث الأمني، وكان الاتصال ودياً، والخلاف التكتيكي بالأمور السياسية هو أمر طبيعي.
استقالة بيفاني
والجديد المالي – الاداري، استقالة المدير العام لوزارة المال اللبنانية آلان بيفاني، وهو العضو في فريق التفاوض مع صندوق النقد الدولي، محذراً من توجّه السلطات لإيجاد مخارج للانهيار الاقتصادي على حساب المواطنين، عوضاً عن المضي باصلاحات حقيقية. وبيفاني، الذي يتولى منصبه منذ عقدين، هو ثاني شخصية في فريق التفاوض مع صندوق النقد تقدّم استقالتها هذا الشهر اعتراضاً على أداء السلطات في خضم أزمة اقتصادية تُعدّ الأسوأ منذ عقود ودفعت نصف اللبنانيين تقريباً تحت خط الفقر.
وقال في مؤتمر صحافي عقده في مقر نادي الصحافة «اخترت أن أستقيل لأنني أرفض أن أكون شريكاً أو شاهداً على الانهيار، ولم يعد الصبر يجدي اليوم». وأوضح بيفاني، وهو من المساهمين الرئيسيين في إعداد خطة الحكومة الإنقاذية التي تقدمت على أساسها بطلب مساعدة صندوق النقد، «كانت هناك محاولة اصلاحية جدية.. ومع الأسف التركيبة السياسية والمالية نجحت بأن تفرملها وربما تؤدي الى تعثّرها». وحذّر المسؤولين من «تحويل دولارات المودعين إلى الليرات ومن تجميد ودائع الناس بشكل يُفقدها نسبة مرتفعة من قيمتها»، بعدما توقفت المصارف منذ أشهر عن تزويد المودعين أموالهم من حساباتهم بالدولار في حين يمكنهم سحبها بالليرة فقط.
واتهم بيفاني «من جنى الأرباح الطائلة على مدى سنوات طويلة من جيوب اللبنانيين» بأنه «ما زال يرفض أن يساهم ولو بجزء من تغطية الخسائر» بينما «يريدون أن يدفع الشعب» ثمنها، منبهاً «نحن مشرفون على مرحلة جديدة من الاستيلاء على أصول اللبنانيين بالمواربة». وبناء على خطة انقاذية، اقترحت إصلاحات على مستويات عدة بينها إعادة هيكلة الديون والمصارف، تعقد السلطات منذ أسابيع اجتماعات متلاحقة مع صندوق النقد، أملاً بالحصول على دعم بأكثر من 20 مليار دولار. ولم يُحرز أي اختراق بعد. وحمل بيفاني بشدة على أداء الطبقة الحاكمة. وقال «ندعي أننا نريد برنامجاً مع صندوق النقد الدولي إلا أننا نقوم بكل ما يمكن لافشال المشروع التغييري»، موضحاً أنه «إذا استمررنا بهذا الشكل، فتطور الأحداث هو الذي سيدفن الخطة».
وفي 18 حزيران، قدّم مستشار وزير المالية في فريق التفاوض مع صندوق النقد هنري شاوول استقالته في خطوة بررها بإدراكه «أن لا إرادة حقيقية للاصلاح أو لاعادة هيكلة القطاع المصرفي»، وفق الخطة الإنقاذية. ويتحدث محللون عن رضوخ الحكومة لضغوط مصرفية وسياسية واسعة لإسقاط بند اعادة هيكلة القطاع المصرفي، نظراً للخسائر المترتبة عليه. وفي لبنان البلد الصغير القائم على منطق المحاصصة والتسويات، تتداخل مصالح رجال المال والسلطة إلى حدّ كبير. وتعليقاً على سير التفاوض، قالت مديرة صندوق النقد كريستالينا جورجيفا الجمعة «لا نملك سبباً بعد للقول إن هناك اختراقاً» تم تحقيقه، مشددة على أنّ «جوهر الموضوع هو ما إذا كان يمكن تحقيق إجماع (…) في البلاد من شأنه المضي قدماً في رزمة اجراءات قاسية لكنها ضرورية». وفي أوّل ردّ فعل على بيان الاستقالة، لم تخفِ جمعية المصارف استياءها من تهجم بيفاني «من تهجم عدائي على القطاعات الاقتصادية العامة والقطاع المصرفي بوجه خاص»، باعتبارها «الركيزة الأساسية التي يقوم عليها الاقتصاد اللبناني».
وعلّقت وكالة «بلومبيرغ» على استقالة المدير العام لوزارة المالية آلان بيفاني من منصبه الذي يشغله منذ العام 2000، مشيرةً إلى أنّ فريق التفاوض مع صندوق النقد الدولي خسر مسؤولاً جديدًا، علمًا أنّه المسؤول الثاني في هذا الفريق الذي يترك مهامه في وقت يتخبّط فيه الإقتصاد اللبناني، بعد استقالة مستشار وزير المال هنري شاوول. وبحسب «بلومبيرغ» فإنّ مسؤولين لبنانيين يجرون محادثات مع ممثلي صندوق النقد الدولي بشأن برنامج قروض بقيمة 10 مليارات دولار، في أعقاب تعثر لبنان عن سداد سندات دولية في آذار الماضي. كما يسعى البرنامج إلى إعادة هيكلة ديون لبنان البالغة 90 مليار دولار.
ولفتت الوكالة إلى أنّ إجمالي الخسائر التي تكبدتها الحكومة والمصارف والبنك المركزي تقدّر بـ69 مليار دولار، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف الناتج المحلي الإقتصادي المتوقع للعام 2020. توازيًا، تقترح المصارف اللبنانية أن تبيع الحكومة أصولها بقيمة 40 مليار دولار وتسدد لمصرف لبنان. وأشارت الوكالة إلى انخفاض سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي الذي يساوي 8 آلاف ليرة لبنانية في السوق السوداء، بالتوازي مع ارتفاع معدلات البطالة والفقر، فيما دفعت الإنقسامات شاوول إلى الاستقالة.
بالتزامن عُقد أمس في وزارة المالية الاجتماع الرابع لخلية الأزمة الوزارية المكلّفة متابعة المواضيع المالية برئاسة وزير المالية غازي وزني وحضور وزراء الدفاع الوطني زينة عكر، الاقتصاد والتجارة راوول نعمه، والإعلام منال عبد الصمد، والنائب الأول لحاكم مصرف لبنان د. وسيم منصوري، ومدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، ورئيس جمعية المصارف سليم صفير، ونائب نقيب الصرافين محمود حلاوي.
تمحور الاجتماع حول تقييم انطلاقة عمل المنصة الالكترونية التي تنظم التداول بين الصيارفة على أسعار العملة ، وضخ السيولة للمصارف واتخاذ الإجراءات المناسبة للاستقرار النقدي، والتي تأخرت عن موعد إعلانها. ولم يُشارك حاكم المصرف رياض سلامة لوجوده في زيارة إلى بعبدا، للتداول بالوضع المالي، مع الرئيس ميشال عون.
وبدأت أمس المصارف اللبنانية اعتماد سعر صرف جديد للسحوبات النقدية من الودائع بالدولار، وفق ما أفادت مصادر مصرفية، في خطوة تأتي بعد تسجيل سعر الصرف مستويات قياسية في السوق السوداء. ومنذ أشهر، لا يتمكن اللبنانيون من السحب من حساباتهم بالدولار، بينما يمكنهم السحب منها بالليرة اللبنانية فقط على وقع أزمة سيولة حادة وشحّ الدولار. وأكدت ثلاثة مصارف، تواصلت معها فرانس برس، تحديد سعر الصرف للسحوبات من الودائع بالدولار بـ3850 ليرة بدلاً من 3000، تطبيقاً لتعميمين صادرين عن مصرف لبنان، فيما سعر الصرف الرسمي مثبت على 1507 ليرات لكافة العمليات النقدية الأخرى. ومنذ أيلول، فرضت المصارف قيوداً مشددة على سحب الأموال خصوصاً بالدولار، ما أثار غضب المودعين الذين وجدوا أنفسهم عاجزين عن سحب أموالهم بعد تحديد سقوف تضاءلت تدريجياً. وبعد بدء تفشي فيروس كورونا المستجد في آذار، توقّفت المصارف كلياً عن تزويد زبائنها بالدولار بحجة عدم توفّره جراء اقفال المطار، الذي يعاود فتح أبوابه مطلع تموز.
وفي نيسان، طلب المصرف المركزي من المصارف تسديد سحوبات الزبائن من ودائعهم بالدولار بالليرة. وحددت المصارف سعر الصرف بثلاثة آلاف ليرة. ومع الإنهيار المتسارع، أطلق المصرف المركزي منصّة الكترونية بدأ العمل فيها الجمعة، في محاولة للجم سعر الصرف لدى الصرافين. وتحّدد نقابة الصرافين يومياً سعر بيع الدولار وشرائه. لكن تلك الإجراءات لم تتمكن من ضبط السوق السوداء حيث لامس سعر الصرف الإثنين الثمانية آلاف مقابل الدولار، وفق صرافين. وقال الأستاذ الجامعي والباحث الاقتصادي جاد شعبان لفرانس برس إن اعتماد المصارف سعر صرف جديد للسحوبات هو «مجرد طريقة لتعويض ما يدينون به للناس. لكن قيمة هذه الأموال عملياً تتراجع يومياً، لذا فهم نوعاً ما يخدعون الناس».
ورأى أن المصرف المركزي «يطبع الليرة فقط لتغطية أي نقص في العملات الأجنبية وهذا ما يشكل خطأ فادحاً». ويشهد لبنان أسوأ انهيار اقتصادي منذ عقود، تسبب بارتفاع معدّل التضخّم وجعل قرابة نصف السكّان تحت خط الفقر. ويعقد مسؤولون لبنانيون اجتماعات منذ أسابيع مع ممثلين عن صندوق النقد الدولي، أملاً بالحصول على دعم خارجي يقدّر بأكثر من 20 مليار دولار لاخراج لبنان من دوامة الانهيار المتمادي، من دون إحراز أي تقدّم. وقالت مديرة صندوق النقد كريستالينا جورجيفا الجمعة إنّ المحادثات مستمرة، لكنّ «جوهر الموضوع هو ما إذا كان يمكن تحقيق إجماع (…) في البلاد من شأنه المضي قدماً في رزمة اجراءات قاسية لكنها ضرورية».
وأضافت «لا نملك سبباً بعد للقول إن هناك اختراقاً» تم تحقيقه. وفي مؤشر على التخبّط داخل الإدارة اللبنانية، العاجزة حتى عن الاتفاق على أرقام موحّدة لحجم الخسائر المالية، أعلن مدير عام وزارة المالية آلان بيفاني الإثنين تقديم استقالته من منصبه. وقال لقناة الجديد التلفزيونية إن استقالته جاءت «اعتراضاً على طريقة تعاطي الحكم مجتمعاً مع الأزمة».
وبيفاني، الذي يتولى منصبه منذ عقدين، عضو في المجلس المركزي لمصرف لبنان وفي الفريق المفاوض مع صندوق النقد. وفي 18 حزيران، قدّم عضو لجنة التفاوض مع صندوق النقد هنري شاوول استقالته كمستشار في خطوة بررها بإدراكه «ألا ارادة حقيقية للاصلاح أو لإعادة هيكلة القطاع المصرفي»، رغم التزام الحكومة بهذا البند في خطتها الإنقاذية.
طي صفحة القرار المؤسف
دبلوماسياً، طويت صفحة «القرار القضائي» والكلام للسفيرة الأميركية دوروثي شيا، وكانت تتحدث بعد لقاء وزير الخارجية ناصيف حتي، حيث بدا من كلامها ان الموضوع الذي بحث، كان القرار القضائي الذي صدر عن قاضي الأمور المستعجلة في صور محمّد مازح، لمنعها من الإدلاء بتصريحات، أو منع وسائل الإعلام من نشرها.
والاغرب، ان الوزيرة وصفت اللقاء بالايجابي، ووصفت القرار بأنه لصرف الأنظار عن الأزمة الحقيقية المتمثلة بتدهور الوضع الاقتصادي في لبنان، متعهدة «بتقديم كل ما يعود بالنفع على شعبي بلدينا»، انطلاقاً من «العلاقة الثنائية القوية». الا ان فصول الموقف لم تنته، إذ استدعى مجلس القضاء الأعلى القاضي مازح للاستماع إليه حول خلفيات قراره، لكن القاضي رفض الحضور، معلناً عن تقديم استقالته من القضاء اليوم.. ما لم يحدث أمر بوقف هذا المسار..
1 تموز.. انفراج أو ضغوط؟
وفي الوقت، الذي ينتظر فيه إعادة فتح مطار بيروت الدولي، لإعادة ربط لبنان بالعالم، واستقبال ألوف اللبنانيين الراغبين بقضاء فصل الصيف في لبنان، فضلاً عن اختبار مدى قدرة البلد على جذب السيّاح، تحدثت مصادر دبلوماسية عن ان استئناف الملاحة الجوية من شأنه ان يتيح المجال لاستئناف حركة الموفدين إلى لبنان، في سياق نقل رسائل لمن يعنيه الأمر، سواء السلطات اللبنانية أو القوى الحزبية المعنية.. لجهة كيفية التعامل مع المتغيّرات الإقليمية، والعودة إلى سياسة الحياد، و«النأي بالنفس» عن الصراعات الدائرة..
على صعيد التحرّك، بات قطع الطرقات لبنان مشهدا يوميا، اعتصامات متنقلة في أكثر من منطقة احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية، والارتفاع الجنوني للدولار الأميركي، الذي تخطى عصرا عتبة الـ 8000 ليرة لبنانية، واستنكاراً للغلاء الفاحش الذي بات يثقل كاهل اللبنانيين.
وأفادت «غرفة التحكم المروري» بأن الطرقات المقطوعة في الشمال: ساحة عبد الحميد كرامي، كفرشلان الضنية، البداوي قرب مسجد صلاح الدين، الاكومي، التبانة تحت جسر المشاة، بولفار طرابلس قرب بنك عودة. وأفيد لاحقا عن قطع طريق البلمند عند اوتوستراد طرابلس بيروت.
كما تم إقفال طريق عام المنية العبدة عند جسر النهر البارد في المحمرة احتجاجا على تردي الاوضاع المعيشية. وأوردت «غرفة التحكم» عن قطع السير على طريق عام مرياطة زغرتا. كذلك قطع محتجون على الاوضاع المعيشية وارتفاع أسعار المواد الغذائية طريق ضهر العين – نزلة وادي الهاب ومستديرة طلعة البحصاص – الكورة.
1745
صحياً، وقبل ساعات قليلة من إعادة فتح مطار بيروت الدولي، اعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 5 إصابات كورونا جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 1745، مما يعني تراجعاً ملحوظاً في الإصابات، في بدايات شهر الصيف. وجاء في تقرير مستشفى الحريري الجامعي ان 11 مصاباً بالكورونا، يتعالجون في المستشفى.. وان عدد الفحوصات التي جرت داخل المختبرات خلال الـ24 ساعة بلغ 260 فحصاً.
البناء
عون يترأس مجلس الدفاع اليوم: لن نفرّط بسيادتنا… وخلال شهر سنبدأ التنقيب في البلوك 9
شيا طوت صفحة تصريحاتها الاستفزازيّة… ومازح فتح الباب لصفحة قضائيّة
الدولار فوق عتبة الـ 8000 ليرة… وجمعيّة المصارف تحتفل باستقالة بيفاني
صحيفة البناء كتبت تقول “سيطر قرار وزارة الطاقة في كيان الاحتلال بتلزيم البلوكات المحاذية للمياه الإقليمية اللبنانية للتنقيب عن النفط والغاز الحدث الأول بامتياز، مع تأكيدات الخبراء والمختصين، بأن التلزيم الذي تفادى الاستفزاز والتورّط في مواجهة عبر تحييد التلزيم عن المناطق التي تدخل في المياه الإقليميّة اللبنانيّة وينازعه عليها كيان الاحتلال، يحمل مخاطر حقيقيّة على الثروات اللبنانية، سواء لجهة صعوبة التحقق من احترام عمليات التنقيب لمياه لبنان الإقليمية في ظل غياب ترسيم تقني وقانوني للحدود المائية، خصوصاً أن المنطقة موضع القلق اللبناني تمثل شريطاً رقيقاً عرضه بين 200 متر وواحد كلم يمتد على عمق يتراوح بين 15 و45 كلم في داخل البحر، بالإضافة إلى أن خزانات الغاز والنفط الجيولوجية في المنطقة كما تشير الدراسات متداخلة ويسهل سحب كميات تجارية وافرة من الحصة اللبنانية تحت سطح البحر، من دون أن يكون التحقق من ذلك ممكناً.
الموقف الرسمي اللبناني صدر عن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي أكد أن لبنان لن يفرط بذرة من سيادته على ثرواته السيادية، معلناً بدء التنقيب في البلوك 9 المستهدف خلال شهر، ويترأس عون اليوم اجتماعاً للمجلس الأعلى للدفاع، سيكون الموضوع على جدول أعماله، بينما يتوقع أن يصدر موقف حكومي رسمي في ختام الجلسة التي تعقدها الحكومة.
في الشأنين العدلي الدبلوماسي والمالي الإداري، تواصلت تداعيات قرار القاضي محمد مازح حول تصريحات السفيرة الأميركية دوروتي شيا، التي حضرت إلى وزارة الخارجية بموجب استدعاء رسمي، خرجت في نهايته لتطوي صفحة تصريحاتها الاستفزازية، وتتحدث عن أولوية التعاون في الملفات الاقتصاديّة، بعدما كانت تعمدت أول أمس الظهور الإعلامي لمواصلة حملتها، والتحدث بتعجرف مع الحكومة، سخرت خلاله من وزيرة الإعلام التي نفت تقديم اعتذار للسفيرة، التي ردّت بالقول إن الوزيرة لا تعرف شيئاً، وبخلاف هذه الصورة بدت السفيرة بتصريحات أمس بصورة من يسعى لطي الصفحة وتفادي الخوض في سجال، بينما أحبطت محاولات فرض معادلة خاسر خاسر على جبهة شيا مازح، بعدما سرت شائعات عن استدعاء مازح أمام التفتيش القضائي أسوة باستدعاء السفيرة إلى الخارجيّة، وكان لتلويح مازح بالاستقالة ولحملة التضامن الواسعة التي لقيها موقفه، دورٌ في وضع الأمور في نصابها حيث يتوقع أن يستمع إليه مجلس القضاء الأعلى للاطلاع منه على حيثيات حكمه، ومحاولة رسم إطار قانوني للتعامل مع القضايا المشابهة.
على جبهة موازية في الملفات المالية الإدارية نتيجة معاكسة، حيث شكلت استقالة مدير عام المالية ألان بيفاني، كتتويج للخلافات حول أرقام الخطة الحكومية المالية، التي كان بيفاني من أبرز واضعيها، وشكل حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف جبهة مالية سياسية إعلامية بوجهها، وتعتبر استقالة بيفاني التي احتفلت بها جمعية المصارف ببيان علني، إضعافاً للتوازنات التي كان الحفاظ عليها داخل المؤسسات المالية بمثابة ضمانة لعدم سيطرة كارتلات المصارف على القرار، وينتظر أن يناقش مجلس الوزراء الاستقالة، كما يتوقع ان تكون لرئيس الجمهورية مقاربة للموضوع، بصورة أبقت مصير الاستقالة مفتوحا على ردها وتراجع بيفاني عنها، مع ضمانات بالتضامن الحكومي دفاعاً عن موقف الحكومة، أمام هجمة جمعية المصارف خصوصاً لتحميل الدولة النصيب الرئيسي من خسائر الأزمة، عبر الدعوة لتسييل الثروات السيادية للدولة، وبيع أصولها وعقاراتها، لتمويل المصارف، بينما تحمّل خطة الحكومة المصارف نسبة رئيسية من الخسائر لقاء سوء إدارتها للودائع، وتحقيقها أرباحاً غير مشروعة في محطات الأزمة وصولا للانهيار، وتفرض عليها بموجب ذلك تحمل نسبة من الخسائر توازي مسؤوليتها، تسدد من رأسمال المصارف وملكياتها.
وفي أول موقف رسمي لبناني على قرار العدو الإسرائيلي التنقيب عن النفط والغاز في المنطقة المتنازع عليها مع لبنان قرب «البلوك الرقم 9»، أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن «هذه المسألة في غاية الخطورة وستزيد الأوضاع تعقيداً»، مؤكداً أن «لبنان لن يسمح بالتعدّي على مياهه الإقليمية المعترف بها دولياً لا سيما المنطقة الاقتصادية الخالصة في جنوبه حيث «بلوكات» النفط والغاز وخصوصا «البلوك رقم 9» الذي سوف يبدأ التنقيب فيه خلال أشهر».
ولفت خبراء استراتيجيّون وعسكريون لـ»البناء» الى أن «قرار كيان الاحتلال يندرج ضمن احتمالين: جس نبض الدولة اللبنانية لاستكشاف حدود الاستفادة من فرصة استغلال الأوضاع السياسيّة والداخلية اللبنانية لسرقة الغاز والنفط اللبناني، أو دفع الدولة اللبنانية للتنازل والقبول باستئناف المفاوضات من موقع ضعيف بوساطة أميركية أملاً بالحصول على تنازلات لبنانية». ويشير الخبراء الى «أن الحرب بين لبنان والعدو الإسرائيلي تبقى فرضية قائمة لكن احتمالها ضعيف لاسباب عدة»، معتبرين أن «استمرار العدو الإسرائيلي في قراره والبدء بالتنقيب وسرقة الثروة اللبنانية سيؤدي الى ردة فعل من الدولة اللبنانية والمقاومة». وأكدت مصادر مطلعة على موقف المقاومة لـ»البناء» أن حزب الله لا يزال على موقفه الذي أعلنه أمينه العام السيد حسن نصرالله بأن المقاومة ستردّ على أي اعتداء على حدودنا البحرية النفطية.
وفي سياق ذلك، دعا رئيس الجمهورية المجلس الأعلى للدفاع الى اجتماع بعد ظهر اليوم قبيل جلسة مجلس الوزراء، وذلك للبحث في الأوضاع الأمنية والتطورات الأخيرة على الحدود الجنوبية وحالة التعبئة العامة. وتوقعت مصادر «البناء» أن يخرج المجلس برسائل بالغة الدلالة للإسرائيليين والأميركيين بأن لبنان لن يتنازل عن حقوقه وسيدافع عنها بالوسائل كافة بما فيها المقاومة العسكرية والشعبية المشروعة.
وفي سياق ذلك، شوهد مرور قافلة عسكرية كبيرة تابعة للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفل) على طريق صيدا – بيروت مؤلفة من عشرات الآليات العسكرية ومحملة بعناصر مسلحة وأسلحة وعتاد مقبلة من الجنوب الى بيروت ولم تعرف أسباب انتقالها وإذا ما كان ذلك مرتبطاً بمستجدات الوضع على الحدود بعد قرار العدو بدء التنقيب عن النفط والحديث المستجدّ عن مخاطر اندلاع حرب عسكرية بين العدو الإسرائيلي وحزب الله! وتفاعل قرار قاضي الأمور المستعجلة محمد مازح بحق السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا على المستويات الديبلوماسية والقضائية والسياسية والاعلامية والشعبية.
واستدعى وزير الخارجية ناصيف حتي أمس، السفيرة شيا التي حضرت الى مبنى وزارة الخارجية في قصر بسترس وسط إجراءات أمنية مشددة ولافتة اتخذها جهاز الأمن في السفارة. وبحسب المعلومات فقد أبلغ الوزير حتي السفيرة شيا بأن الوضع الراهن بغنى عن تصريحات تثير البلبلة. كما تطرّق الطرفان بحسب المعلومات الى القرار القضائي الذي صدر أخيراً. وشدّد حتّي على حرية الإعلام وحق التعبير اللذين هما حقان مقدسان. كما ناقشا بشكل صريح المستجدات الحالية على الساحة المحلية. وتناولا ايضاً العلاقات الثنائية التي تجمع البلدين والشعبين اللبناني والأميركي وشدّدا على أهمية التعاون بين الحكومتين في المجالات كافة وذلك دعماً للبنان للخروج من الازمة الاقتصادية التي يعاني منها.
وقالت شيا بعد اللقاء: «كان الاجتماع إيجابياً واتفقنا على طي صفحة القرار المؤسف الذي جاء لتحييد الانتباه عن الأزمة الاقتصادية وطوينا الصفحة للتمكن من التركيز على الأزمة الفعلية والولايات المتحدة ستستمر في مساعدة لبنان وتبقى الى جانبه وعلاقتنا الثنائية قوية ومتينة». وأكدت أن «العلاقات بين البلدين قوية جداً وستكون ذات فائدة على البلدين والشعبين».
وفي موازاة ذلك، نفذ عدد من الناشطين اعتصاماً أمام وزارة الخارجية احتجاجاً على التدخل الأميركي في الشؤون الداخليّة اللبنانيّة وسط انتشار أمني كثيف. ويستدعي مجلس القضاء الأعلى القاضي مازح اليوم لاستيضاحه خلفيات وحيثيات قراره بحق السفيرة الأميركية. وفيما نُقل عن مازح أنه لن يلبي الاستدعاء وهو سيتقدّم باستقالته قبيل موعد الاستدعاء، أفادت معلومات مؤكدة بأن توجه مجلس القضاء الأعلى هو لعدم اتخاذ أي إجراء عقابي بحق القاضي مازح. ما يعني أن الأخير لن يقدّم استقالته وسيتابع عمله في السلك القضائي كالمعتاد بحسب ما نقل عنه.
وأشارت أوساط سياسية لـ»البناء» الى اتصالات وجهود رسميّة لتطويق ذيول التصعيد القضائي والدبلوماسي بين لبنان والولايات المتحدة وذلك ضمن ضوابط أربعة: تفادي تفاعل الاشتباك الدبلوماسي الاعلامي السياسي بين لبنان والولايات المتحدة، الحفاظ على هيبة القضاء عبر حماية القرار القضائي والقاضي الذي اتخذه، إفهام السفيرة الأميركية بأن تصاريحها الفتنويّة أدّت الى امتعاض شعبي لبناني عارم وخرق القواعد والأصول الدبلوماسية، توجيه رسالة سياسية للأميركيين مع تفادي أي معركة معها لا تخدم مصالح لبنان في هذا الظرف الدقيق، وبالتالي انتهى الأمر على قاعدة بلا غالب ولا مغلوب. لكن الأمر فضح مرتزقة الأميركيين الذين دافعوا عن السفيرة الاميركية أكثر من السفيرة نفسها.
وعلّقت السفارة الإيرانية في لبنان، عبر تويتر، على التصريحات الأخيرة للسفيرة الأميركية بالقول: «كلما ثرثرت أكثر، بهدلت نفسها وبلادها أكثر. وهي لا يحق لها أن تنال من بلد آخر، من خلال الأراجيف التي تختلقها».
ورأى الحزب السوري القومي الاجتماعي أنّ المواقف الأخيرة لسفيرة الولايات المتحدة الأميركية في لبنان بما تضمّنته من تحريض فتنوي على شرائح لبنانية، ومن تدخل سافر في شؤون لبنان الداخلية، هي مواقف مُدانة بكل المعايير السياسية والدبلوماسية والأخلاقية، وتشكل انتهاكاً صارخاً للقوانين والاتفاقيات الدولية التي تحكم العمل الدبلوماسي.
وشدّد الحزب في بيان على ضرورة أن تتخذ الدولة اللبنانية الإجراءات والتدابير كافة، لإلزام السفيرة الأميركية التقيّد باتفاقية فيينا للعمل الدبلوماسي، ووضع حدّ لتدخّلاتها السافرة في شؤون لبنان، ولتحريضها الفتنويّ على قوى وشرائح لبنانية، لأنّ هذا التدخل وهذا التحريض يشكلان تهديداً للوحدة الوطنية والسلم الأهلي، وإساءة لكرامة الدولة وسيادتها.
ولفت الحزب إلى أنّ السيادة الوطنية والكرامة الوطنية، تُحتّمان على جميع القوى، أن تكون في موقع الدفاع عن السيادة والكرامة، فلا تبقيان مجرّد شعار للاستهلاك. وما هو مؤسف بل جارح أنّ البعض في لبنان ممن ينام ويصحو على شعار السيادة واستقلالية القضاء، لم يجد حرجاً في «تأييد» مواقف السفيرة الأميركية من بوابة الهجوم على قرار أصدره قاضي الأمور المستعجلة في صور، من ضمن عمل القضاء اللبناني وسيادته واستقلاليّته، بالاستناد الى القانون الذي يحمي مصالح الدولة وحقوق الأفراد.
واعتبر أنّ استسهال البعض مهاجمة قرار قضائي، من دون سلوك المسارات القانونية التي تتيح الطعن بالقرار، إنما يستهدف إضعاف القضاء والمسّ بهيبته واستقلاليته، تماماً مثلما استهدفت السفيرة الأميركية في تصريحاتها توهين الاقتصاد اللبناني، في سياق السياسات التي تستهدف إضعاف البلد برمّته.
واستمر مسلسل قطع الطرقات في عدد من المناطق لا سيّما التي تخضع لسيطرة القوات والكتائب وما تخلله من مشهد إذلال المواطنين على الطرقات من بعض الاشخاص الذين يدعون أنهم ثوار، ما أثار امتعاض وسخط أغلب المواطنين المارّين على الطرقات. فضلاً عن الاعتداء على الجيش اللبناني الذي سقط منه عشرات الجرحى في مواجهات السبت الماضي. واتهمت مصادر مطلعة السفارة الأميركية بتجنيد بعض الأشخاص لقطع الطرقات مستغلين الظروف الاقتصادية الصعبة والمطالب الحياتية المحقة، وذلك بهدف إثارة توترات أمنية ونقمة على الحكومة وتحميل مسؤولية الأوضاع لحزب الله. ولفتت الى أن التلاعب بالدولار قرار أميركي بتنفيذ من سلامة وبعض المسؤولين الآخرين للضغط على لبنان لاجبار حزب الله والموقف الرسمي للتنازل في الملفات السيادية. ولفت إعلان وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي تخوفه من انفلات أمني نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي. وفي حديث لـ»الحدث»، لفت إلى أن «أكثر من مليون ونصف مليون لبناني تحت مستوى الفقر». وأسف فهمي لأن «الشائعات حول ندرة المواد الغذائيّة تزيد من تعقيد الوضع».
وتوقعت المصادر المذكورة أن تصل المساعدات الايرانية الى لبنان في غضون أسابيع قليلة، وذلك لكسر عقوبات قانون قيصر على الشعب اللبناني. وفي ذروة التعقيد الداخلي والظروف الاقتصادية والنقدية الصعبة، فجر مدير عام وزارة المال ألان بيفاني قنبلة تمثلت بإعلان استقالته من منصبه في وزارة المال وتقديم كتاب استقالته الى وزير المال غازي وزني. كاشفاً عن أسباب الاستقالة وعن أسرار بعض الملفات المالية.
وقال بيفاني في مؤتمر صحافي: «اخترت أن أستقيل لأنني أرفض أن أكون شريكاً أو شاهداً على الانهيار، ولم يعُد الصبر يجدي اليوم». وقال «بعد أن وصلنا الى طريق مسدود وارتفعت نسبة المخاطر الى مستوى لم يعد من الممكن التعامل معه بصمت تقدمت باستقالتي طالباً إعفائي من كل المهام الموكلة اليّ ويبدو أن النظام استخدم شتى الأنواع لضرب الخطة الحكوميّة، وأظهروا بأننا فاسدون، ولكن ستكون للقضاء الكلمة الفصل لهذه الاتهامات الرخيصة»، لافتاً الى انه بات شبه المؤكد ان المشروع الذي يُفرض على اللبنانيين سيأخذ منهم مرة أخرى قدرتهم الشرائية وسينتقلون لمزيد من الفقر وارتفاع البطالة وزيادة الانكماش الاقتصادي وكان من المفترض أن نكون اليوم منهمكين في عملية استرداد ما أخذ من الناس».
واضاف: «اليوم تأكّد أنّ أرقامنا ومقاربتنا صحيحة ولقد انهمكوا بتقصي حقائق الخسائر. والمفارقة أن ذلك حصل ونحن ما زلنا من دون تدقيق محاسبيّ»، مؤكداً أن «قوى ظل» سعت لإجهاض ما أقوم به وانكشف من يهرب من المسؤولية ومن يقف وراء الفساد ونحن مشرفون على مرحلة جديدة من الاستيلاء على أصول اللبنانيين بالمواربة، مع نتيجة معروفة مسبقاً وهي سحق الطبقة غير الميسورة وتحميل فئات الدخل الأدنى والمتوسط الأكلاف الباهظة وفي حال الاستمرار في تأجيل الحلول ستتضاعف نسب البطالة وعلينا مصارحة الناس أن هذه المرة كانت الفرصة حقيقية إذ إن لبنان أنتج خطة مقبولة».
وأشار خبراء ماليون لـ»البناء» الى أن «استقالة بيفاني وتصريحاته تدلّ على كباش قويّ بين الدولة ممثلة بالحكومة من جهة ومصرف لبنان والمصارف من جهة ثانية»، مشيرين الى أن «ألان بيفاني يُشهد له بكفاءته وخبرته ونزاهته وتؤشر ايضاً الى أن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي أصبحت بخطر إن لم تكن قد أجهضت وتوقفت أو لن تحقق نتائج مستقبلية جدية».
وتشير مصادر رسمية لـ»البناء» الى وجود خلاف بين الحكومة والمصرف المركزي وجمعية المصارف في مقاربة أرقام الخسائر المالية لكل من الفئات الثلاث، وتباين في آلية الاحتساب، موضحة أن «الوفد الحكومي اكتشف فجوة مالية كبيرة في مصرف لبنان جرى إخفاؤها والتغطية عليها بأرقام وحسابات غير علمية ومموّهة، كما اكتشف فريق الحكومة عبر جردة التدقيق وجود ديون للدولة لم تدرج على جدول الديون، كما ترفض المصارف اعتبار خسائرها بمثابة إفلاس بل مجرد تعثر». أما التباين بين الحكومة ولجنة المال والموازنة فيكمن بحسب المصادر في أن «الحكومة تلحظ 66 ألف مليار ليرة ديون تستحق حتى العام 2043 فيما تقدر لجنة المال الديون بـ 16 ألف مليار فقط، لاعتبارها بأن هذه المبالغ يمكن تشغيلها والاستفادة من أرباحها، والتباين الآخر هو تقدير الحكومة ديون المصارف المتعثرة بـ 76 ألف مليار ليرة بينما تقول المصارف ولجنة المال إن المصارف تملك ضمانات تتمثل بأصول وعقارات واستثمارات يمكن بيعها لتحصيل ديونها المتعثرة وتقليص خسائرها كما يشمل الخلاف حول سعر صرف الدولار في احتساب الخسائر».
وتذكر المصادر الرسمية قول المسؤول الفرنسي بيار دوكان عن أرقام الحكومة بأنه «للمرة الأولى نرى ورقة حسابات تتضمن أرقاماً دقيقة». وتحضر استقالة بيفاني على طاولة مجلس الوزراء الذي يعقد جلسة بعد ظهر اليوم في بعبدا ستناقش الوضع المالي الاقتصادي. وكان سعر صرف الدولار ارتفع أمس، في السوق السوداء، حيث تراوح بين 8200 و8300 ليرة لبنانية للدولار الواحد. بعدما بلغ صباح أمس، ما بين 7800 ليرة و7900 ليرة للدولار الواحد. فيما أعلنت نقابة الصرافين تسعير سعر صرف الدولار بهامش متحرّك بين الشراء بسعر 3850 حدا أدنى، والبيع بسعر 3900 حداً أقصى. وأعلن مصرف لبنان في بيان أنّه تم تحديد سعر التداول في العملات بين الدولار الاميركي والليرة اللبنانية لدى الصرافين عبر التطبيق الالكتروني «Sayrafa» على سعر 3850/3900 ليرة للدولار الواحد.
وأشار الخبير المالي والاقتصادي د. وليد أبو سليمان الى «أن ارتفاع سعر الصرف الى هذه المعدلات متوقع بسبب السياسات الخاطئة وعدم التعامل الجدّي مع الأزمة»، موضحاً لـ»البناء» أنه اذا لم تحدث صدمة ايجابية على الصعيد السياسي فإن الدولار سيرتفع أكثر ولن يستطيع أحد ضبطه في ظل فقدان الثقة الداخلية والخارجية بلبنان وسلطته السياسية وزيادة الطلب الذي يصل الى ثلاثة أضعاف»، محذراً من قرار المصارف زيادة سعر الصرف الى 3850 ل.ل ما يعني زيادة 30 في المئة من الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية في السوق ما يؤدي الى تضخم وفقدان اضافي في قيمة العملة الوطنية».
وعُقد في وزارة المال امس، الاجتماع الرابع لخليّة الأزمة الوزارية المكلّفة متابعة المواضيع المالية برئاسة وزير المال غازي وزني، وحضور عدد من الوزراء ونواب حاكم مصرف لبنان ومدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، ورئيس جمعية المصارف سليم صفير، ونائب نقيب الصرافين محمود حلاوي. وتمحور الاجتماع حول تقييم انطلاقة عمل المنصّة الإلكترونية التي تنظم التداول بين الصيارفة على أسعار العملة، وضخّ السيولة للمصارف واتخاذ الإجراءات المناسبة للاستقرار النقدي. علماً أن ابو سليمان يشير الى أن المنصة الالكترونية لم تستطع ضبط سعر الصرف. وكان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة زار بعبدا وبحث مع رئيس الجمهورية في الإجراءات التي يتّخذها المصرف لمعالجة الوضع النقدي في البلاد.
المصدر: صحف