لم يكن قرارُ تمديدِ التعبئةِ العامة، قرارَ الحكومةِ وحدَها هذه المرة، بل شاركت بفرضِه ممارساتٌ مجتمعيةٌ اعادت رفعَ عدّادِ الاصاباتِ اليومَ الى خمسين، جُلُّهم من المخالِطينَ لامرأةٍ عائدةٍ من السعودية، لم تَحجُر نفسَها، فاصابت اثنينِ واربعينَ شخصاً من ابناءِ بلدتِها برجا. فتخيلوا لو انَ شخصاً واحداً مصاباً، تسببَ يومياً بعدوىً مماثلة، كيفَ سيكونُ حالُ اللبنانيينَ بعدَ اسبوعٍ واحد؟ وايُ مصيرٍ نذهبُ اليه بانفسِنا بعدَ طولِ صبرٍ وانتباهٍ جعلَ لبنانَ نموذجاً مقدَّراً عالمياً بطريقةِ مكافحتِه لهذه الجائحة؟. فالوقتُ لا يسمحُ بالعودةِ الى الوراء، وكذلك الظروف، ونحنُ العالقونَ بينَ جائحتين: كورونا والعقوباتِ الاميركيةِ التي تفتكُ باقتصادِ لبنانَ وشعبِه، فيما البعضُ اللبنانيُ مصابٌ بداءٍ سياسيٍ مزمنٍ هو متلازمةُ ستوكهولم، اي التعاطفُ والولاءُ بل الدفاعُ عن المتسببِ الاولِ بعذاباتِ اهلِه الاقتصاديةِ وتداعياتِها الاجتماعية..
في اجتماعِ الحكومةِ في بعبدا كانَ القرارُ بتمديدِ التعبئةِ العامةِ حتى الخامسِ من الشهرِ المقبل، فيما التبعاتُ الملقاةُ على عاتقِ الحكمِ والحكومةِ بخصوصِ الازمةِ الاقتصاديةِ مرفوضةٌ ولا يمكنُ السكوتُ عنها كما قالَ رئيسُ الجمهوريةِ العماد ميشال عون، اما رئيسُ الحكومةِ التي تعاني منذُ اليومِ الاولِ من الاستهدافِ السياسي كما قال ، فقد تفهمَ صرخةَ الناسِ وتحركَهم، لكنْ ضمنَ ضابطةِ التحركِ السلميِ البعيدِ عن قطعِ الطرقاتِ والاعتداءِ على الممتلاكِ العامةِ والخاصة. اما ما تمتلكُه الحكومةُ من اجراءاتٍ للتخفيفِ من معاناةِ الناس، فانها ستُثمرُ قريباً تراجعاً ملحوظاً باسعارِ السلعِ الغذائيةِ بناءً على الاجراءاتِ الحكومية.
ما تجريهِ الحكومةُ من مفاوضاتٍ معَ صندوقِ النقدِ الدولي، كان محلَ نقاشٍ في القصرِ الجمهوري بحثاً عن توحيدِ الارقامِ وفقَ مقاربةٍ واحدةٍ بينَ وزارةِ الماليةِ والمصرفِ المركزي تسهيلاً للمفاوضات.
اما المعوِّقاتُ التي تحولُ دونَ تحقيقِ الحكومةِ للانتاجيةِ المطلوبةِ في هذه المرحلة، فهي معوقاتٌ بمعظمِها مفتعلةٌ بحسبِ كتلةِ الوفاءِ للمقاومة، ويرادُ مقايضةُ ازالتِها بالاذعانِ للتبعيةِ والخضوعِ لسياساتِ الادارةِ الاميركية..
المصدر: قناة المنار