ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء 11-02-2020 في بيروت على استعداد حكومة الرئيس حسان دياب اليوم لنيل ثقة المجلس النيابي، على وقعِ مؤشرات مالية – سياسية – أمنية تشي بوقوف البلاد على شفا انهيار كبير..
الأخبار
«الثقة» مرهونة بالتخلّي عن سياسات الانهيار
تناولت جريدة الأخبار الشأن الداخلي وكتبت تقول “تستعدّ حكومة الرئيس حسان دياب اليوم لنيل ثقة المجلس النيابي. ثقة لن تكون لها قيمة، فيما لو لم تُقدم حكومة «مواجهة التحديات» على اتخاذ إجراءات استثنائية تبدأ بتغيير السياسات الاقتصادية – المالية القائمة منذ التسعينيات، وأودت بالبلاد الى الانهيار.
على وقعِ مؤشرات مالية – سياسية – أمنية تشي بوقوف البلاد على شفا انهيار كبير، تستعدّ حكومة الرئيس حسّان دياب لأول اختبار ثقة «شكلي»، تمهيداً للانتقال إلى اختبارات الثقة الفعلية التي لا يُمكن أن تنالها حكومة «مواجهة التحديات»، إلا في حالة وحيدة: الانتفاض على السياسات الاقتصادية المُعتمدة منذ التسعينيات. فنجاحها اليوم ليسَ مربوطاً بنجاح الإجراءات التي بدأ الجيش بتطبيقها منذ يوم أمس لتأمين انعقاد الجلسة، ولا في عدد النواب الذين سيصلون لتأمين النصاب ولا هو مرتبطاً بتخطي حجم الشارع المُنتفض اعتراضاً على هذه الحكومة، بل بقدرة دياب وحكومته على مقاطعة النموذج الاقتصادي الحالي القائم على خدمة الدائنين ورهن الاقتصاد لأصحاب المصارف وكبار المودعين، والاستمرار في إطلاق يد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للتحكم بالسياسات الاقتصادية والمالية، بذريعة استقلالية القرار النقدي. كل ما عدا ذلك لا يعدو كونه تسريعاً للانهيار، ومن دون القطع مع السابق، يُمكن القول بأن «لا ثقة بهذه الحكومة ولا من يثقون».
وإذا كانَ من الثابت أن هذه الحكومة ستحصَل على ثقة النواب، رغم ما يعتبره البعض «ثقة ناقصة»، فإن اقتناعاً يسود بظهور معارضة شرسة تحتَ قبّة البرلمان من كل القوى التي لم تشارك في الحكومة (ولا سيما تيار المُستقبل والقوات اللبنانية ونواب مستقلين) وسبق أن أكدت عدم منحها الثقة اعتراضاً على طريقة تأليفها وبيانها الوزاري. معارضة أخرى ستواجه الحكومة في محيط ساحة النجمة، من قبل متظاهرين بدأوا بالتوافد من مختلف المناطق إلى الطرقات المؤدية إلى مجلس النواب، بعد أن وُجّهت الدعوة إلى المشاركين في تظاهرات اليوم لمنع التئام الجلسة بأي ثمن، ولا سيما أن قرار السلطة جاء حاسماً لجهة عقدها، بحسب ما عكسته الجلسة الأخيرة لمجلس الدفاع الأعلى بالإعلان عن خيارات جديدة في التعامل مع المحتجّين.
وفي هذا الإطار، نفذت القوى الأمنية إجراءات مشدّدة في وسط بيروت منعاً لوصول المحتجين إلى الساحة، وتقرّر إخلاء وإقفال شارع المصارف كلياً طيلة فترة انعقاد الجلسة وحتى الانتهاء، كما المنطقة الممتدة من جامع زقاق البلاط حتى مبنى اللعازرية، ومن مبنى جريدة النهار حتى البنك الأهلي – شارع باب إدريس. كما سيتم إقفال وعزل الخط البحري عند التقاطعات المؤدّية إلى ساحة النجمة. وفي المقابل، علمت «الأخبار» أن الجيش اتخذ قراراً بفتح الطريق أمام النواب والوزراء وتأمينها عند دخولهم إلى الجلسة وخروجهم منها. ولهذا السبب بدأت قطعات الجيش، منذ مساء أمس، بتنفيذ الإجراءات، إذ نزل إلى المنطقة عدد من الضباط رفيعي المستوى لدرس التدابير على الأرض، وتقرر حضور القوة الأمنية نفسها التي حضرت يوم جلسة الموازنة مع زيادة في عديدها، نظراً إلى توافر المعلومات عن وجود عدد أكبر من المتظاهرين ونيّة لتطويق مجلس النواب ومنع من يصل إليه من الخروج.
أصوات الثقة التي ستحصل عليها حكومة دياب هي تقريباً أصوات التكليف نفسها، أي من «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» و«حركة أمل»، بإلإضافة إلى «المردة». وبينما سيقاطع الجلسةَ نواب «الكتائب» و«كتلة الوسط المستقل»، كما النواب أسامة سعد وشامل روكز ونهاد المشنوق وبولا يعقوبيان وميشال معوض وجهاد الصمد، سيحضر لحجب الثقة نواب «القوات» و«الحزب السوري القومي الاجتماعي» و«المستقبل» و«الحزب الاشتراكي». وفيما لم يحسم الرئيس سعد الحريري قرار المشاركة شخصياً في الجلسة، قال أمس في دردشة مع الصحافيين إن «كتلة المستقبل ستحضر ولكنها تتوجه إلى التصويت بلا ثقة»، مشيراً إلى أن « المشاركة ستكون لأجل قول الكتلة لكلمتها».
وفي تطوّر لافت عشية جلسة الثقة، برز موقف للمجلس الشرعي الإسلامي الذي اجتمع نهار السبت الماضي برئاسة مفتي الجمهورية عبداللطيف دريان، من دون أن يُبدي معارضة لحكومة دياب، مكتفياً بالقول إن موقفه مرتبط بـ«إثبات قدرتها على النهوض بأوضاع البلاد المتردية والخطيرة والتمسك بالدستور ومقتضيات اتفاق الطائف واستعادة ثقة اللبنانيين بالدولة»، مؤكداً «أن المجلس سيواكب هذه الالتزامات والتعهدات بدقة متناهية».
في سياق آخر، شنّ الحريري يومَ أمس هجوماً على التيار الوطني الحرّ فقال: «شو عملوا؟ يعطوني انجاز واحد عملوه للبلد وللاقتصاد»، وأضاف: «في ناس بتعطي One Way Ticket بس هي مش قدها». في المقابل ردّ عدد من نواب التيار على الحريري، ومن بينهم النائب حكمت ديب فقال: «سأعطيك إنجازاً واحداً : التيار خلصك من الفرّامة وإنجازات الاقتصاد خليهم إلك»، أما النائب جورج عطالله فردّ بالقول: «إذا مفكّر تستعطِف الناس بخبريّة تسكير بيتك السياسي منحِبّ نذكّرك إنو لو بدّنا كنّا عمِلنا متل حلفاءك وأهل بيتك الفسّادين وقت حبستك السعودية»!
اللواء
ثقة «الحكومة المكشوفة» بين نارين: مواجهة عون – الحريري وانتفاضة الشارع!
عظة «مار مارون» جرس إنذار كنسي.. واتصالات استثنائية للحؤول دون العنف
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “بات ناس الانتفاضة ليلتهم، في الخيم، تحسباً لما يُمكن ان يقدم عليها نشطاؤها في سياق كباش حادٍ، ومضنٍ، وربما طويل، مع الطبقة السياسية، التي ادركت خطورة ما جنت يداها، من ممارسات أدّت إلى انكماش اقتصادي، وندرة هائلة في العملة الصعبة، وحملت راعي أبرشية بيروت للموارنة، في عظة مار مارون المطران بولس عبد الساتر إلى مخاطبة الرؤساء الثلاثة ورهط من الوزراء والنواب والسياسيين بالدعوة إلى الاستقالة بشرف، ما لم يفلحوا في العمل، مع الثوار الحقيقيين، للخروج من الوضع الصعب، وتحمل المسؤولية.
والحال، وأيا كانت حصيلة ما سيؤول إليه يوم الثقة «اليتيم» أو يوم الثقة «بالحكومة الميتة» على الرغم من طموحات الوزراء الجدد، الراغبين في العمل، وتبديد الصورة، وإعطاء شحنة أمل، وتفاؤل بإمكان الخروج من نفق الأزمات المالية والنقدية، أو «إعطاء فرصة» وفقا لما يأمل وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتي.. فإن الموقف بدا ليل أمس، ان الحكومة محاصرة، كما البلد بين نارين: نار المواجهة السياسية بين التيار الوطني الحر وتيار «المستقبل» أو بين بعبدا و«بيت الوسط»، والرئيس ميشال عون، صاحب «وان تيكيت» عندما كان رئيساً لتكتل «الاصلاح والتغيير» والرئيس الحريري الذي قال في معرض تبرير نقل الاحتفال بذكرى 14 شباط (استشهاد الرئيس رفيق الحريري) إلى بيت الوسط، لتأكيد رسالة لمن «يحاول إقفال «بيت الوسط» لنظهر له بأن هذا البيت مفتوح لكل الناس».. مشيراً إلى ان «في ناس بتعطي وان واي تيكيت ومش قدها»، مضيفاً: «ليدلني أحد على إنجاز واحد قام به التيار الوطني الحر للاقتصاد الوطني منذ 30 عاماً». ولم يتأخر التيار الوطني الحر، فاتهم فريق الحريري بأنه «ادار البلد وأفلسه»، واصفاً ما صدر عن تيّار المستقبل بأنه «بيان إفلاس».
في يوم الفصل هذا، والحاسم في آن معاً، يجري التركيز على تجنّب التصعيد، الذي قد يؤدي إلى العنف، أو إشكالات من شأنها تعقيد الوضع، ودفعه إلى ما لا تحمد عقباه، وسط خشية كثرة من النواب من الوصول إلى ساحة النجمة لاعتبارات بعضها يتعلق بالحماية فالبعض الآخر بتجنب الصدامات.
المواجهة الثانية بعد الموازنة
وعلى وقع أصوات المنتفضين في الشارع: «لا ثقة»، والعزلة القسرية لمنطقة المجلس النيابي التي فرضتها الإجراءات الأمنية، لضمان وصول النواب إلى ساحة النجمة، تبدأ اليوم المواجهة الثانية بين السلطة والانتفاضة في الشارع، بالتزامن مع المبارزة الثانية بين الحكومة والنواب، ولا سيما المعارضين القدامى والجدد لنيل حكومة الرئيس حسان دياب الثقة، في صورة لا تشبه البروفه الأولى التي تجسدت بجلسة الموازنة.
فالشارع لم يكن مستنفراً بالحجم الذي استعد له أمس، وستتجلى اليوم بسلسلة تحركات واعتصامات وقطع طرقات، مدعوماً بدعوة إلى إضراب عام واقفال يشمل تعليق الدروس في الجامعات الرسمية والخاصة تحت شعار «لا ثقة»، بعدما كان سبقها تحضيرات وتعبئة شعبية تمثلت بسلسلة تظاهرات للحراك في عدد من المناطق رغم الطقس العاصف، مما يرجح ان تكون المواجهة اعنف واشد قساوة مما حصل في جلسة الموازنة.
اما الحكومة فستمثل اليوم بكامل أعضائها الذين سيحيطون برئيسها، والذي كان معدوماً في جلسة الموازنة، حيث جلس الرئيس دياب وحيداً في الصفوف الحكومية، فيما مسألة الحضور النيابي والنصاب القانوني يبقى رهن الإجراءات المتخذة في الخارج، ومن يكسر مَنْ في الكباش الحاصل بين السلطة والشارع، لكن اللافت، ان الكتل النيابية التي أعلنت انها ستحجب الثقة عن الحكومة، مثل كتلة «المستقبل» وكتلة «القوات اللبنانية» ستحضران الجلسة لتأمين الثقة للحكومة رغم معارضتها لها، بخلاف الشارع المنتفض الذي انسجم مع نفسه بحجب الثقة، وكذلك كتلة «الوسط المستقل» التي يرأسها الرئيس نجيب ميقاتي، التي أعلنت مقاطعة الجلسة والثقة، والموقف نفسه أعلنه عدد من النواب المستقلين، وكتلة الحزب السوري القومي الاجتماعي.
النصاب مؤمن بالمعارضة؟
وإذا كانت الثقة محسومة لصالح من سمى الرئيس دياب، ولو كان البعض خرج من هذا التكليف إلى عدم المشاركة وحجب الثقة، مثلما حصل مع الحزب القومي والنائبين شامل روكز ونعمة افرام، ولكن بشرط نجاح السلطة في تأمين النصاب، فإن هذا النصاب سيتأمن بفضل النواب المعارضين مدفوعين بشهية التصويب على الحكومة الجديدة، ولو تحت عنوان «عدم التعطيل»، رغم محاولات جرت على أكثر من جبهة لتقليص عدد طالبي الكلام، جوبهت الكتل المعارضة التي ترى في الجلسة فرصة للتركيز على الحكومة وعلى الطريقة التي جاءت بها إلى الحكم، مما يبقى سياق الجلسة التي حددها الرئيس نبيه برّي بيومين صباحية ومسائية رهن مجريات الأمور في الداخل والخارج، خصوصا بعد توسيع الرقعة الأمنية، وصعوبة خروج النواب في حال وصلوا وأمنوا النصاب، وسط محاصرة على محورين لمداخل المجلس، امنياً وسط منطقة معزولة تماماً ببلوكات الباطون والاسلاك الشائكة واستنفار القوى الأمنية والجيش، وشعبياً من خلال محاولات سيسعى إليها الحراك للتقدم إلى ساحة النجمة بهدف اسماع صوته إلى المجتمعين في الداخل (لا ثقة) ومحاولات لمنع النواب من الوصول إلى الساحة.
ولوحظ ان اعداداً لا بأس بها، بدأت بالتوافد مساء أمس إلى ساحة الشهداء، من مختلف المناطق اللبنانية، من طرابلس والبقاع والاقليم، ومن الجبل، وباتوا ليلتهم في الخيم استعداداً للجلسة اليوم التي يعتبرها الحراك بمثابة استحقاق مفصلي لانتفاضة 17 تشرين. ونظمت مسيرات سيّارة في شوارع العاصمة والضواحي، وصولاً إلى جونيه وصيدا، رفعت الإعلام اللبنانية، ودعت المواطنين إلى المشاركة في الاحتجاجات التي ستقام اليوم لمنع النواب من الوصول إلى المجلس، تحت شعار «لا ثقة».
ومن جهتها، أعلنت قيادة الجيش في بيان لمديرية التوجيه، ان وحدات من الجيش اتخذت إجراءات أمنية استثنائية في محيط مجلس النواب والطرقات الرئيسية والفرعية المؤدية إليه. ودعت القيادة المواطنين إلى التجاوب مع التدابير المتخذة وعدم الاقدام على قطع الطرقات انفاذاً للقانون والنظام العام وحفاظاً على الأمن والاستقرار، مع التأكيد على دورها في حماية مؤسسات الدولة والاستحقاقات الدستورية، كما على أحقية التظاهر والتجمع السلمي في الساحات العامة.
في كل الأحوال، وعلى افتراض تأمن النصاب، بأكثرية نصف عدد النواب زائداً واحداً، أي 65 نائباً، فإن الحكومة، تملك الأغلبية التي تتيح لها نيل الثقة، استناداً إلى عدد الأصوات التي نالها الرئيس دياب لدى تكليفه أي 69 صوتاً، لكن هذا الرقم تناقص لاعتبارات سياسية وشخصية لدى عدد من النواب المستقلين مثل النواب: جهاد الصمد، وجميل السيّد، ونواب كتلة الحزب القومي، بحيث يتقلص عدد مانحي الثقة إلى ما بين 63 و65 صوتاً، فيما يحجبها نواب «المستقبل» (19نائباً) اللقاء الديموقراطي (9 نواب) و«القوات اللبنانية» (15 نائباً) والنائب فؤاد مخزومي. علماً ان عدد المقاطعين للجلسة سيكون بدوره كبيراً، إذ انضمت كتلة الرئيس ميقاتي (4 نواب) إلى الغياب مع كتلة حزب الكتائب (3 نواب) مع كتلة الحزب القومي (3 نواب) والرئيس تمام سلام والنواب: ميشال المرّ (لأسباب صحية) اسامة سعد، نعمة افرام، شامل روكز، نهاد المشنوق، بولا يعقوبيان، وادي دمرجيان، الذي يتجه إلى عدم منح الثقة اذا حضر.
الحريري: هجوم على التيار
أما الحريري فقد أوضح في دردشة مع الصحافيين بعد ترؤسه عصر امس اجتماعا لـ«كتلة المستقبل» النيابية في «بيت الوسط»، ان إحياء ذكرى 14 شباط في «بيت الوسط» هذا العام هو «لتوجيه رسالة لكل من يحاول إقفال هذا البيت، وللتأكيد بأنه سيبقى مفتوحا لكل الناس»، وقال: «وحدها دماء رفيق الحريري هي التي استعادت السيادة للبنان».
وفي ما يشبه بداية حملة على «التيار الوطني الحر» والعهد عموماً، اعتبر الحريري ان الذين يحاولون اقفال «بيت الوسط» هم أنفسهم الذين حاولوا اقفال بيت رفيق الحريري باغتياله، مضيفاً، في إشارة إلى كلام سابق للرئيس ميشال عون: «هناك ناس بتعطي وان واي تيكيت ومش قدها». وتابع: «ماذا فعل «التيار الوطني الحر»، فليدلني أحد على إنجاز واحد قام به التيار للاقتصاد الوطني منذ 30 عاماً».
ولاحقاً، اكمل المكتب السياسي لتيار «المستقبل» هجومه على التيار العوني، رداً على ما اسماه «الحملة المتجددة على الحريرية الوطنية» مشبهاً المرحلة بالظروف السياسية بالذي كانت عليه البلاد في تسعينات القرن الماضي من معارك عبثية الغائية وبخطاب عنصري وطائفي بغيض، واصفاً هؤلاء بالعبثيون العابثون بمصير الوطن والمواطن».
العظة المدوية
وخارج هذا السجال، وربما على مقربة من ساحة النجمة، بقيت عظة مار مارون لمطران بيروت للموارنة بولس عبد الساتر، محور الحدث السياسي، لا سيما وأنها توجهت مباشرة إلى الرؤساء الثلاثة: ميشال عون ونبيه برّي وحسان دياب، الذين كانوا في صدارة الحاضرين، مع عدد كبير من المسؤولين، فيما خاطبهم قائلاً: «أما ان تصلحوا الخلل في الأداء السياسي والاقتصادي والمالي والاجتماعي، وان تعملوا مع الثوار الحقيقيين على إيجاد ما يؤمن لكل مواطن عيشة كريمة، والا فالاستقالة اشرف».
علماً أن هؤلاء المسؤولين كانوا ينتظرون دعوة الاستقالة من الثوار خارج جدران الكنيسة في الجميزة، حيث تحسبوا لها بنشر أرتال من القوى الأمنية والعسكرية لحمايتهم، لكن «الهزة» جاءتهم من الداخل، ولم تكن مدرجة في حساباتهم، فتفاوتت ردّات الفعل ازاءها بين من اعتبر نفسه غير معني فصفق بحرارة، ومنهم من بلع الموسى فسكت، ومنهم من تجاهل بإعتباره لا يتحمل المسؤولية، ومنه من حاول قراءة رسائل مطران بيروت على طريقته، وبما يناسبه، لكن في الحقيقة كانت الرسالة واحدة، وهي الاستقالة لمن هو غير قادر أو عاجز عن الحل، وهي الرسالة التي اعتبرها كثيرون، ان الكنيسة المارونية اصطفت إلى جانب الانتفاضة، لا سيما وان البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي كان موجوداً في الفاتيكان، صلى في المناسبة على نية ثوار الانتفاضة.
واللافت ان العظة التي باتت وثيقة كنسية، بالنظر إلى انها توجهت مباشرة إلى الرؤساء وتجاهل الإعلام الرسمي ردود الفعل عليها، انتهت بعبارة شكلت بحد ذاتها «جرس إنذار»، أو «تهديد» بعد «الاستقالة أشرف».
استشهاد 3 عسكريين
على صعيد آخر، نعت قيادة الجيش – مديرية التوجيه، العسكريين الثلاثة الذين استشهدوا قبل ظهر الأحد في منطقة المشرفة – الهرمل، إثر تعرض آلية عسكرية لكمين مسلح وإطلاق نار أثناء ملاحقة سيارة مسروقة، وهم: الرقيب الأول علي اسماعيل والرقيب الأول أحمد حيدر أحمد والجندي حسن عز الدين. وقد شيعوا أمس، فيما توالت، المواقف المنددة بالتعرض للمؤسسة العسكرية على لسان المرجعيات السياسية والروحية، في حين استغربت مصادر سياسية عدم صدور أي موقف من بعبدا.
البناء
مقتل وجرح عشرات الأتراك شمال سورية… والجيش يتقدّم… وغارات مشتركة مع الروس
الحضور النيابيّ والثقة حول حدَّي الـ 90 والـ60… ومواجهات الحراك على المداخل
القوميّ يحجب الثقة رداً على المحاصصة والغموض الاقتصاديّ وفي العلاقة بسورية
صحيفة البناء كتبت تقول “شهد يوم أمس، تطورات دراماتيكية على جبهات الشمال السوري حيث دخلت قوات تركية تضمّ عشرات الدبابات والمدرعات، ومئات العناصر من وحدات الكوماندوس وشاحنات محملة بالذخائر والأسلحة، شمال سورية، في محاولة لتغيّر وجهة المعارك التي يخوضها الجيش السورية بوجه جبهة النصرة والجماعات المتموضعة معها بغطاء عسكري وأمني تركي توفره التغطية المدفعية، وتصدّى الجيش السوري بقوة للتدخل التركيّ موقعاً العشرات بين قتلى وجرحى في صفوف القوات المتدخلة، اعترفت قيادة الجيش التركي منهم بثمانية قتلى، وشنّ الطيران الروسي والسوري غارات استهدفت إعاقة توغل الأرتال التركية، وضرب الجماعات السورية التابعة لتركية التي تمّ جلبها إلى ميادين المواجهة لتعزيز وضع جبهة النصرة المتداعية، لكن الجيش السوري نجح بمواصلة تقدّمه محرراً العديد من القرى والبلدات الواقعة على محور تلال العيش الاستراتيجية التي دخلها قبل يومين، فيما تشكل جبهة المواجهة السورية المحور العسكريّ الأول لمحور المقاومة، في ظل طغيان الطابع الشعبي على التحركات الفلسطينية بوجه صفقة القرن، وطغيان الطابع السياسي على التحرك العراقي لفرض الانسحاب الأميركي، بينما تتمثّل أهمية معارك الشمال السوري بكون تحريره يجعل سورية على عتبة التحرك لفتح ملف الانسحاب الأميركي من منطقة شرق الفرات، ويتيح لسورية فرصة لعب دور أكبر في مناهضة صفقة القرن، ولذلك صنّفت مصادر في محور المقاومة الحركة التركية في خانة تخديم تحت الطاولة لحساب المشروع الأميركي الإسرائيلي، أملاً بابتزاز محور المقاومة للحصول على امتيازات أمنية وسياسية في سورية، أكثر مما يمنحه اتفاق أضنة للعلاقات التركية السورية. وهو الإطار الذي ترتضيه سورية لهذه العلاقات ويلقى دعماً إيرانياً روسياً.
في لبنان تتجه الأنظار اليوم نحو ساحة النجمة، حيث تخوض جماعات الحراك الشعبي معركتها الفاصلة لإثبات قدرتها بعد فقدان الزخم الشعبيّ على استعادة هذا الزخم، أو استعادة قدرتها على التعطيل بالحد الأدنى، حيث يتمثل الاختبار الحاسم اليوم في مَن سيربح الجولة، مشروع تعطيل جلسة الثقة، أم إجراءات ضمان وصول النواب إلى مبنى مجلس النواب، بعدما أعلنت أغلب الكتل والمعارضة للحكومة خصوصاً نيتها الحضور، رغم أن بعضها لا يمانع من التواطؤ ضمناً مع محاولة التعطيل لإفشال الجلسة شرط عدم تحمّل مسؤولية ذلك، وهو ما توقعت مصادر نيابية أن يترجم بالتلكؤ في الحضور المبكر وربما سلوك طرق يمكن قطعها، لتظهير تأخير اكتمال النصاب كتعبير عن مأزق يواجه الحكومة مع ولادتها، بينما قالت المصادر النيابية إن الإجراءات المتخذة وتقديرات حجم الحشود التي بدأ تجميعها من ليلة أمس، تتيح توقّع أرجحية حضور عدد من النواب على حدود الـ90 نائباً يزيدون أو ينقصون قليلاً، رغم كون مجموع الكتل التي صرّحت عن نيتها بالحضور يتخطى مجموع نوابها الـ 110 نواب، أما عن الثقة فتوقعت المصادر أن يدور عدد النواب الحاضرين الذين يمنحون الثقة حول حد الـ 60 نائباً بزيادة أو نقصان نائبين أو ثلاثة، بعدما بات واضحاً أن قوى الرابع عشر من آذار ستحضر وتحجب الثقة وقوى الثامن من آذار ستحضر وتمنح الثقة، وحفظت وضعية الفريقين بعض التمايزات لنواب سيغيب بعضهم خصوصاً من فريق 14 آذار أو سيحجب الثقة بعضهم الآخر بالغياب أو حضوراً خصوصاً من فريق 8 آذار، وتميّز القوميّون بموقفهم الذي سيجد تعبيره بحضور جلسة مناقشة البيان الوزاري، والغياب عن التصويت بعد حجب الثقة، تعبير عن الاحتجاج على سياسة المحاصصة التي حكمت تركيب الحكومة، ورد على غياب الوضوح في البيان الوزاري تجاه كيفية التعاطي مع الملفات الاقتصادية، خصوصاً تجاه الإملاءات التي تفرضها طلبات الجهات الدولية، وبصورة أخص ضبابية الموقف من العلاقة اللبنانية السورية التي يعتبرها القوميون مفتاحاً للوضوح في السياسة الحكومية تجاه كيفية التصدّي للتحديات السياسية والاقتصادية، سواء في حل المشكلات وفي مقدّمتها قضية النازحين السوريين، أو في التأسيس للاقتصاد الإنتاجي ومدخله فتح الأسواق أمام المنتجات الزراعية والصناعية وتطوير دور لبنان الاقتصادي وتخفيض فاتورته النفطية، والعنوان هو سورية والعراق والبوابة هي سورية.
وعشيّة جلسة الثقة، أعلن الحزب السوري القومي الاجتماعي عدم منح الثقة للحكومة. وخلال اجتماع عقدته قيادة القومي والكتلة القومية الاجتماعية، في مركز الحزب، لفتت الى أن الجهة السياسية التي بقوة «الفيتو» استأثرتْ بإدارة تشكيل الحكومة، كان يجب أن لا تذهب بعيداً في تجاوز الدستور، خصوصاً في هذا الظرف الدقيق الذي يمرّ به لبنان، حيث الحاجة ملحّة إلى حكومة تتمثل فيها كلّ القوى الراغبة في تحمّل المسؤوليات الوطنية والمساهمة في إنقاذ البلد من آتون أزماته المالية والاقتصادية والاجتماعية. وأشارت الى أنه «في الحكومة التي تشكّلتْ حلفاءُ مصير ورفاقُ درب على طريق المقاومة، نخوض معاً معركة الدفاع عن خيارات لبنان وثوابته ووحدته الوطنية وسِلمه الأهلي».
واعتبر الحزب أنّ الاستئثار العدديّ والجهويّ لم يكن مبرّراً، لا بل هو أسلوب يضرّ ويُفسد، في لحظة وطنية أحوجُ ما نكون فيها إلى مواقف تساهم في الحدّ من الانقسامات الطائفية والمذهبية ومن تفاقم الأزمات الاقتصادية الاجتماعية، وفي وقت يحتاج لبنان إلى خطوات إنقاذية، لمعالجة كلّ الأزمات ولإنهاض مؤسسات الدولة لكي تتحمّل مسؤولياتها تجاه المواطنين وحياتهم العزيزة الكريمة.
وأوضحت أن بياناً وزارياً يغيب عنه الحزم في المعالجات، ويطغى عليه أسلوب المسايرة، هو محلّ تساؤل، خصوصاً حول هوية السياسات الاقتصادية الاجتماعية التي ستنتهجها الحكومة الجديدة لإحداث تَحَوّل، في وقت لم نلاحظ في البيان ما يؤشر الى هذا التحوّل، ولا هو يقطع الشك باليقين، حول عدم الخضوع لإملاءات ووصفات البنك وصندوق النقد الدوليين، واشتراطات «سيدر» و»ماكنزي»؟
في غضون ذلك، أطلق رئيس الحكومة السابق سعد الحريري سلسلة مواقف بارزة، صوّب خلالها السهام باتجاه التيار الوطني الحر في محاولة لافتعال معارك سياسيّة وهميّة مع حليفه السابق في التسوية الرئاسية بهدف استنهاض قواعد المستقبل عشية إحياء ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري، بحسب مصادر التيار الوطني الحر، التي أشارت لـ»البناء» الى أن «الحريري أدرك تراجع شعبيته وتخليَ قوى اقليمية ودولية ولبنانية عنه ويحاول تحميل مسؤولية فشله في ادارة الحكم وعجزه عن تحقيق انجازات اقتصادية ومالية الى التيار»، متسائلة: «من الذي منع الحريري من تحقيق إنجازات؟ وهل قدم مشاريع إصلاحية جدية على طاولة مجلس الوزراء ومنع رئيس الجمهورية او وزراء التيار إدراجها على جدول الاعمال والتصويت عليها؟ وإذا كنا نعطل له مشاريعه وخططه الإصلاحية والإنقاذية فلماذا استمر في رئاسة الحكومة على مدى حكومتين وفي الدفاع عن حكومته الى الرمق الإخير ولم يقدم استقالته قبيل انطلاق الاحتجاجات الشعبية في الشارع في 17 تشرين الماضي؟». فيما رأت أوساط سياسية لـ»البناء» أن «السجالات والاتهامات التي دارت أمس، بين المستقبل والتيار الوطني والمواجهة الآتية بينهما أسقطت التسوية السياسية بينهما وبات من الصعب العودة الى التفاهم الذي أُنجز في العام 2016»، وفيما تحدّثت المعلومات عن إعداد جبهة معارضة للحكومة والعهد معاً تضم الى جانب المستقبل كلاً من القوات والاشتراكي والكتائب وبالتالي إحياء لفريق 14 آذار، استبعد أمين السر السابق لهذا الفريق فارس سعيد إعادة تجميع فريق 14 آذار ضمن أهداف وسياسات موحّدة، مشيراً الى «تباينات بين أطراف هذا الفريق ومصالح متضاربة».
وسأل الحريري في دردشة مع الصحافيين بعد اجتماع كتلة المستقبل: «شو عملوا التيار الوطني الحر؟ يعطوني إنجاز واحد عملوا للبلد وللاقتصاد». وقال «في ناس بتعطي one way ticket وهني مش قدّها». وأشار الحريري الى أنه قرّر نقل الاحتفال في ذكرى 14 شباط الى بيت الوسط لتكون الرسالة الى مَن يحاول تسكير بيت الوسط و»هم أنفسهم الذين حاولوا إنهاء رفيق الحريري».
في المقابل، ردّ عضو لبنان القوي النائب حكمت ديب على الحريري قائلاً «سأعطيك إنجازاً واحداً: التيار خلصك من الفرّامة وإنجازات الاقتصاد خلّيهم إلك». واستتبع الردّ حرب بيانات بين التيارين الأزرق والبرتقالي، فردّ المكتب السياسي للمستقبل ببيان مطوّل منتقداً ما أسماه «الحملة المتجددة على الحريرية الوطنية»، ومصوباً على «العونية السياسية والعسكرية» بإشارته الى حرب الإلغاء، ومدافعاً عن «الحريرية السياسية» ومنظومته المالية والاقتصادية. فيما ردّ التيار الوطني واصفاً بيان المستقبل بأنه «بيان إفلاس، هدفه شدّ العصب لمناسبة 14 شباط، واختلاق معارك وهميّة، حول إلغاء الحريرية، في حين ليس هناك مَن يعمل إطلاقاً على إلغائها، سوى مَن يتفوّه بكلام تحريضي كهذا، فيه حقد غير مبرّر، على مكوّن لبناني بكامله، يظنّ أنه لا يزال قادراً على استضعافه كما فعل سابقاً».
الى ذلك بقي خطر التوطين في ضوء إعلان صفقة القرن ومشاريع التطبيع التي تحصل بين الكيان الإسرائيلي المحتل وبعض الدول العربية، محل ترقب وحذر في لبنان، لا سيما ما كشفته مصادر نيابية عن أن رجل أعمال أردني – فلسطيني يُجري دراسة عن 50 ألف فلسطيني لتوطينهم في لبنان. فيما رأت مصادر أخرى أن «الأميركيين والإسرائيليين وحلفاءهم في المنطقة ذاهبون إلى مزيد من التصعيد»، متوقعة «عقوبات أميركية ستعلن قريباً في حق سياسيين ستزيد الضغط على الحكومة، وستقوي مطالبات الشارع، وتكون حافزاً إضافياً لاعتراض الناس، والهدف من ذلك التوطين، النفط وإبقاء النازحين».
المصدر: صحف