تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم السبت 4-1-2020 في بيروت العديد من الملفات، وركزت بشكل كبير على الجريمة الاميركية باغتيال الحاج قاسم سليمان والحاج ابو مهدي المهندس ورفاقهما، وما يتوقع ان يتبعها من رد إيراني حاسم وقاس، كما تناولت الصحف ملف تشكيل الحكومة في لبنان مع الدخول في مرحلة الاسماء التي باتت بمعظمها قيد التداول، ما يوحي بقرب إتمام عملية التأليف.
البناء:
ترامب يقرّر قتل سليماني والمهندس… ويراسل إيران طلباً للتفاوض… والعالم يحبس أنفاسَه للردّ } بايدن: أصبع ديناميت في برميل بارود } نتنياهو: نحن شركاء } ماكرون وغوتيريش: قلقون } الخامنئي: الانتقام } نصرالله: القصاص العادل } الأسد: في الوجدان } حردان: انتصار الدم
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة “البناء” اللبنانية ” يحبس العالم أنفاسه منذ فجر أمس، بانتظار كيف سيكون الرد الإيراني، وردّ محور المقاومة، على الاغتيال الذي نفّذته الاستخبارات الأميركية بقرار الرئيس دونالد ترامب، والذي أدى إلى استشهاد قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، ورئيس أركان جيوش محور المقاومة عملياً، ومعه أبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي وقائده الفعلي، أثناء استقبال المهندس لسليماني في مطار بغداد، في زيارة رسمية لسليماني أُخطرت بها الحكومة العراقية وكلّف رئيسها عادل عبد المهدي المهندس بالاستقبال.
القرار الأميركي الأقرب للغدر والقائم على انتهاك قواعد العمل الدبلوماسي والذي مثل عدواناً موصوفاً على العراق وسيادته وقواته المسلحة، فجّر في العراق غضباً اجتاح الأوساط السياسية والشعبية وينتظر أن يُترجم اليوم في جلسة لمجلس النواب العراقي بفتح الباب لمناقشة تشريع خاص ينهي الوجود الأميركي في العراق.
في واشنطن كانت ردود الأفعال بين قادة الحزب الديمقراطي تحذيراً من خطر التورّط في حرب، لخصها السناتور جو بايدن بقوله إن ترامب رمى أصبع ديناميت في برميل بارود، بينما قالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إن ترامب أدخل الأميركيين في نفق ربما ينتهي بحرب لا يريدها أحد في أميركا، وفعل ذلك وهو يدرك العواقب من دون اللجوء إلى الكونغرس، وفقاً للأصول التي ينص عليها الدستور. وبقيت أصوات الجمهوريين خجولة في مساندة ترامب لتبديد القلق في الرأي العام الأميركي، رغم الكلام الإسرائيلي الذي صدر على لسان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي امتدح الرئيس الأميركي معلناً فرحه بكون الأميركيين صاروا شركاء «إسرائيل» في مواجهة، ملمحاً إلى أنهم لن يستطيعوا الخروج منها، ما يمنح «إسرائيل» شعوراً أعلى بالأمن.
في العواصم الأوروبية والأمم المتحدة حديث عن مخاطر حرب عالمية، وقلق عبر عنه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون، وكان كلام ماكرون أن عالم أقل أمناً بعد مقتل سليماني بمثابة ردّ على كلام ترامب باعتبار العالم أشدّ أمناً بعد الاغتيال، وكل العالم ينتظر أي مستوى من المخاطر سيترتب على العملية، وأي التقديرات هي الأدق؟
الرئيس الأميركي بادر بعد العملية مرتين لإرسال رسائل إلى إيران، وفقاً لمصادر إيرانية رفيعة أكدت أن رسالة عبر السفارة السويسرية وصلت إلى طهران وأخرى عبر دولة خليجية، ومضمون الرسالتين واحد وهو أن ليس لدى واشنطن نية الحرب ولا السعي لتغيير النظام، وأنّه يمكن التوقف هنا في لعبة المواجهة، وكل شيء على الطاولة جاهز للتفاوض بما فيه إلغاء العقوبات. وقالت المصادر الإيرانية إن القيادة الإيرانية تعاملت بسخرية مع الرسائل الأميركية وأجابت بأن ما قبل اغتيال الشهيد قاسم سليماني غير ما بعده.
الإمام الخامنئي الذي ترأس للمرة الأولى المجلس الأعلى للأمن القومي وعد الأميركيين بردٍ قاسٍ وشديد، وتحدّث الكثير من القادة الإيرانيين عن الانتقام والثأر، دون تحديد شكل الرد ومكانه، لكنهم تحدثوا عن ضرورة استعداد الأميركيين لجمع أشلاء جثث قتلاهم، بينما لم يغب التحذير لـ»إسرائيل» من نتائج تورطها المؤكد في العملية، بينما قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي سيتحدث غداً بصورة مفصلة في تأبين الشهيدين سليماني والمهندس، أن القصاص العادل هو أمانة في أعناق المقاومين في أنحاء العالم، مطلقاً على سليمان لقب سيد شهداء محور المقاومة.
في سورية، قال الرئيس بشار الأسد إن القائد قاسم سليماني سيبقى في وجدان الشعب السوري لدوره في مساندة سورية وشعبها وجيشها في مواجهة الإرهاب، بينما أدانت الخارجية السورية عملية الاغتيال. من جهتها قوى المقاومة في المنطقة نعت الشهيدين سليماني والمهندس، وأصدرت الفصائل الفلسطينية بيانات ومواقف تستعيد دورهما في دعم المقاومة في فلسطين، كما فعلت الأحزاب الوطنية في لبنان. وكان للحزب السوري القومي الاجتماعي موقف أدان العملية الإجرامية ووضعها في سياق العدوان الأميركي المستمر على شعوب المنطقة وحقها في الحرية والسيادة، ودائماً ربطاً بمسيرة المقاومة نحو فلسطين، ووصف رئيس المجلس الأعلى في الحزب أسعد حردان استشهاد سليماني والمهندس بانتصار الدم على العدوان.
وأثارت جريمة اغتيال القائدين سليماني والمهندس جملة مواقف وردود أفعال مستنكرة، أبرزها من الحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب الله وحركة أمل ومن القوى والأحزاب الوطنية والفصائل الفلسطينية، واعتبر رئيس المجلس الأعلى في القومي النائب أسعد حردان في تصريح أن “الجريمة التي تجاوَزَتْ كونها حَدَثاً، تعكِسُ الضِّيق الذي يعانيه أعداء المقاومة من التأثير الاستراتيجي الذي حقّقتْه رموز المقاومة في ثقافة شعبنا ووعيه المتنامي بحقه وسيادته وكرامته وثرواته”. وحيّا حردان «الشهيدين على شهادتهما المُشَرّفة في موقع العِزّ المقاوم، وأصْدَقُ مشاعر المواساة والتضامن مع الشعب الإيراني الصديق وشعبنا في العراق الأبيّ»، وأكد أنّ «دم الشهادة سينتصر على العدوان لأنه العجين الذي لا يختمر إلا بالقُدوات والتضحيات والبطولات».
كما أكد الحزب السوري القومي الاجتماعي في بيان أنّ «العملية الإرهابية الأميركية تشكل عدواناً موصوفاً وانتهاكاً صارخاً لسيادة العراق، ومن خلالها تكون الإدارة الأميركية قد اتخذت قراراً متهوّراً يستدرج المنطقة والعالم إلى أتون مواجهة كبرى، قد لا يكون حلفاء أميركا وأتباعها بمنأى عنها».
ووضع الحزب عملية الاغتيال في سياق العدوان الأميركي ـ الصهيوني المتمادي الذي يستهدف تصفية المسألة الفلسطينية وانتهاك سيادة دولنا والهيمنة على ثروات أمتنا ومقدّراتها. مؤكداً أنّ مسيرة المقاومة مستمرة حتى الانتصار بدحر الارهاب وزوال الاحتلال والاستعمار، وإنّ بوصلة المقاومة ستظلّ وجهتها المركزية الاستراتيجية فلسطين».
وأبرق رئيس الجمهورية ميشال عون للرئيسين الايراني والعراقي معزياً باستشهاد سليماني والمهندس، كما أبرق رئيس مجلس النواب نبيه بري للقيادة الإيرانية معزياً. كما أدانت وزارة الخارجية اللبنانية عملية الاغتيال واعتبرتها انتهاكاً لسيادة العراق وتصعيداً خطيراً ضد إيران من شأنه زيادة التوتر في المنطقة، وأكدت أن لبنان يشجع دوماً تغليب منطق الحوار وضبط النفس والحكمة لحل المشاكل بدلاً من استعمال القوة والعنف في العلاقات الإقليمية والدولية كما دعت إلى تجنيب المنطقة تداعيات الاغتيال وإبعاد لبنان عن انعكاسات هذا الحادث الخطير لأنه أحوج ما يكون إلى الاستقرار الأمني والسياسي لتأمين خروجه من الازمة الاقتصادية والمالية الخانقة».
وأكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في برقية نعي للشهيدين سليماني والمهندس، أن “الشعب العراقي العزيز وفصائله المقاومة سيثبتون وفاءهم الكبير والصادق لهؤلاء القادة الشهداء وكل الشهداء ولأهدافهم النبيلة، ولن يسمحوا لهذه الدماء الطاهرة التي سفكت ظلماً وجوراً أن تذهب هدراً وإنما ستشكل كل ذكريات الجهاد والتضحيات مع هذين القائدين العظيمين وحافزاً قوياً لهم من أجل مواصلة المسير وحمل الراية وتحقيق الأهداف والآمال في عراق حر، عزيز، مستقل، قوي، مزدهر وخالٍ من الاحتلال والإرهاب».
إلى ذلك، تترقب الأوساط المحلية والإقليمية كلمة السيد نصرالله يوم غدٍ الذي يخصصها، بحسب ما علمت “البناء” للحديث عن اغتيال سليماني وتداعياته على المنطقة والمصالح الأميركية فيها والوجود الأميركي في غربي آسيا، كما سيكشف موقع ودور الشهيد سليماني في محور المقاومة وسجل الإنجازات التي تحققت على يديه، كما سيؤكد على أن الخسارة تعني كل محور المقاومة وأن كل ساحات هذا المحور معنية بالرد على هذا العدوان. كما سيشير السيد نصرالله الى أن العلاقات الأميركية الإيرانية خصوصاً والعلاقات الأميركية مع محور المقاومة عموماً دخلت عهداً جديداً بعد اغتيال سليماني إذ أصبحت مواجهة عسكرية مباشرة بعدما كانت مواجهة غير مباشرة منذ العام 1979.ولن يتطرق السيد نصرالله الى الشأنين السياسي والحكومي اللبناني بحسب معلومات “البناء”، علماً أن مصادر “البناء” رجحت ولادة الحكومة مطلع الأسبوع المقبل بعد تذليل العقد المتبقية لا سيما الدرزية والسنية وبعض الأسماء والحقائب المتعلقة بحصة التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية، فيما عقد لقاء ثانٍ أمس، بين الرئيس المكلف الدكتور حسان دياب ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل لوضع اللمسات الأخيرة على التشكيلة”.
الأخبار:
اغتيال سليماني والمهندس لا يؤخر تأليف الحكومة؟
تحت هذا العنوان كتبت صحيفة “الأخبار” اللبنانية “فرضت التطورات الآتية من صوب بلاد الرافدين تحدّيات جديدة وأسئلة كثيرة عن مدى تأثيرها على مسار التأليف الحكومي. فهل يستعجل محور المقاومة التأليف أم يُجري تعديلات على سقوفه بعدما أصيب في الصميم؟
في غمرة إشاعة مناخ إيجابي بأن التأليف الحكومي على بُعد أيامٍ قليلة، فتحَت البلاد عينيها على قلقٍ من المنتظر الآتي، وأبقتهما على العراق الذي وصلَ منه الخبر ــــ الصدمة: «الولايات المتحدة تغتال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس». فجأة، انحرف المركب اللبناني المثقوب مالياً واقتصادياً واجتماعياً عن مساره الداخلي، وأخذته الريبة من تطوّر تصعيدي بمثل هذا الحجم الى مكان آخر. إذ اعتادت بيروت، التي عاشت على مقولة «عراق قوي… لبنان مستقر»، تهيّب ما يحصل في بلاد الرافدين. واستهداف شخصيات بحجم سليماني والمهندس على أرض العراق يعني بالمعنى السياسي «سقوط الخطوط الحمر» وولادة فوضى عارمة بأشكال مُختلفة في المنطقة لن يكون لبنان بمنأى عنها. في ظل هذا الجو، صارت عملية التأليف أو أقلّه الحديث عنها ومتابعة مسارها ــــ يومَ أمس ــــ مجرّد تفصيل في المشهد القاتِم وسطَ تخوّف من اصطدام تكون كلفته كبيرة. لم يكُن أحد يهتمّ بما آلت إليه الأمور في ما يتعلّق بالمفاوضات الحكومية، وكأن الزمن توقّف بها عند الاجتماع الذي عُقد أول من أمس بين الرئيس المكلّف حسان دياب ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ووصِف بـ«الإيجابي الذي يحتاج الى تفاهمات إضافية حول بعض الأسماء والحقائب».
ولأنه غالباً ما «تُغيّم في الخارج وتُشتّي عندنا»، بدأت الأسئلة تتوالد عمّا إذا كانت المُستجدات سوف تسرّع تأليف الحكومة أم ستُعيدها الى المدّ والجزر في شأن الأسماء المرشّحة للتوزير والحقائب الخاضعة للتوازنات الطائفية والمذهبية؟ هل من مصلحة محور المقاومة في لبنان أن يُسهّل أكثر لدياب من أجل الإفراج عن حكومته أو يُجري تعديلات في سقوفه التفاوضية تدفعه الى التشدّد أكثر؟ الاتجاه حتى الآن يسير نحو «التعجيل في التأليف تداركاً للتطورات، فما يُمكن تحقيقه الآن، قد لا يعود مُمكناً في حال التصعيد وذهاب الأمور الى المجهول»، وفق ما ترجّح مصادر مطّلعة في فريق 8 آذار.
وتشير الى أن «العقد الموجودة حالياً يُمكن تذليلها، وقد قطع فريقنا مع الرئيس دياب شوطاً وتقدّماً كبيراً»، معتبرة أن «الملفات الداخلية، التي باتت تُعتبر صغيرة، مقارنة بالحدث الإقليمي والدولي، يجب الانتهاء منها، وخاصة أن لا ممانعة دولية لحكومة دياب، ولأن الردّ الذي توعّدت به إيران يفتح الباب على احتمالات شتّى». واعتبرت المصادر أنه «لم يعُد لدينا ترف الوقت ولا الدلع ولا الوقوف عند نقاط صغيرة كأسماء وحقائب، فالأمور لا تحتمل». وفيما غابت المعلومات والمعطيات الحكومية عند الأطراف المعنية، بقي الثابت الوحيد هو موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي تحدّث عن أن «الحكومة ستُبصر النور الأسبوع المُقبل»، رجّحت المصادر أن «يحصل ذلك يومَ الاثنين». وفسّرت المصادر هذا الكلام بـ«نية الرئيس عون التسهيل، ولا سيما أن النقاط الخلافية عالقة عند الأسماء والحقائب المسيحية بالدرجة الأولى، بسبب عدم الاتفاق على اسم وزير الخارجية ونائب رئيس الحكومة ووزير الدفاع، كما وزيرَي الطاقة والعدل».
كذلك «ثمة اختلاف بشأن توزيع حقائب مثل العمل والبيئة». وفيما حُسمت الحصة الشيعية لكل من «حزب الله» وحركة «أمل» (4 وزراء) بحصولهما على حقائب المال والصحة والزراعة، إضافة إلى الصناعة، قالت المصادر إن «أسماء الحصة السنية تشمل: الداخلية والاتصالات والتربية مبدئياً، منها من سمّاها دياب نفسه، وواحد بالتشاور مع النواب السنّة في فريق 8 آذار».
وبينما تداولت معلومات عن لقاء بين دياب وباسيل أمس، لم يجر تأكيده، قال رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد «نحن نتعاطى الآن مع الحكومة على أساس أنها تأتي حكومة لكل اللبنانيين، إذا أصر البعض على أن يتعامل معها على أساس أنها ليست حكومته ولا تمثله فنحن ليس لنا في هذه الحكومة أكثر مما لهم، ولكن سنتعاطى إيجاباً بما يحفظ وحدة وطننا وكرامة شعبنا ونحن لا نتبنى حكومات، إنما نشارك فقط خدمة لأهلنا»”.
اسرائيل قدمت الأسباب الموجبة: لم نعد نتحمل والأعداء على باب الدار | مقامرة أميركا: اللعب باسم كلّ الوكلاء
ماذا يعني أن تتّخذ حكومة أكبر وأقوى دولة في العالم قراراً وتنفّذه عنوانه: اغتيال القائد العسكري العام لمحور المقاومة قاسم سليماني؟
منطقي أن يقفز الى الذهن، مباشرة، افتراض أن أميركا مستعدة للذهاب الى أبعد الحدود. وإذا ما جرت استعادة ضربة القائم قبل أيام، والتنكيل بعشرات المقاتلين في نقطة تخصّ مريدي سليماني، يمكن تثبيت الصورة بالقول إن أميركا تقول لإيران وحلفائها: اسمعوا، أنا مستعدة للذهاب الى أبعد مما تعتقدون، فاعقلوا!
هذا يعني، ببساطة، أن الرسالة وصلت. وهذا يعني أن الأميركيين تعبوا وملّوا من كل أنواع الرسائل الملتوية. هم لا يقفون كثيراً عند اتهامهم بالفشل. أصلاً، لا أحد يحاسبهم. لذلك، يمكنهم أن يجربوا مرة ومرتين وألف مرة، فإذا ما نجحوا احتفلوا، وإذا فشلوا تراجعوا ليعاودوا الكرّة من جديد. في حالة إيران ومحور المقاومة، تعب الأميركيون من كل محاولات الهدم. لا حروب إسرائيل نفعت في سحق عظام حزب الله أو حماس أو الجهاد الإسلامي في فلسطين ولبنان، ولا كل مجانين العالم مدعومين بكل استخبارات العالم وجيوشه نجحوا في إسقاط سوريا. ولا كل الفشل السياسي والاقتصادي والوجود العسكري نجح في إمساكهم بكل العراق، ولا كل همجية آل سعود وأقرانهم من أمراء الصحراء نفعت في تركيع اليمن. وفوق كل ذلك، يرفع هؤلاء الأعداء رؤوسهم، ويعملون للمزيد، يبذلون كل الجهود العسكرية والأمنية والاقتصادية والسياسية لتحقيق «معدلات عالية من نموّ القوة»، الأمر الذي يعرف الإسرائيليون ومعهم عرب أميركا معنى أن يتحوّل ذات صبيحة الى فعل متكامل…
بهذا المعنى، يمكن فهم خلفية القرار الأميركي باغتيال القائد سليماني، ومعه أبرز قادة المقاومة العراقية أبو مهدي المهندس. وبهذا المعنى، يمكن التعامل مع ما يحصل على أنها عملية «تصفية حساب بمفعول رجعي»، قامت بها الولايات المتحدة بالأصالة عن نفسها، وبالنيابة عن كل حلفائها في المنطقة، وعلى رأسهم إسرائيل والسعودية.
ولمن لا يعرف ما الذي كان يحصل خلال العامين الماضيين، يمكن أن ندلّه على خطاب استراتيجي ألقاه رئيس أركان جيش العدو الجنرال أفيف كوخافي، قبل نحو أسبوعين في هرتسيليا، قدم فيه ما يمكن وصفه اليوم، بـ«الأسباب الموجبة لعملية الاغتيال».
الجنرال الإسرائيلي اختصر المشهد الإقليمي لناحية المخاطر التي يشكّلها محور المقاومة بكل أطرافه. وهو أشار مراراً الى قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني، ودورها في رفد فصائل المقاومة بالعتاد النوعي، ليخلص إلى أن المطلوب توجيه ضربة ردعية لهذا الطرف. وهو ما يعيد الى الأذهان كلاماً تردّد مراراً وتكراراً في الآونة الأخيرة، عن رغبة أكيدة للعدو بتصفية اللواء سليماني.
قال كوخافي: «يوجد تغيير وتفاقم في التهديدات في كل المناطق التي تحيط بإسرائيل في الدائرة الأولى، وزيادة كبيرة في النشاطات السرية التي تركّز في الأساس على منع تعاظم قوة القدس في سوريا ومنع تهديد الصواريخ الدقيقة. سنواصل العمل في كل الدوائر وكل الدول». وانتقد بحسرة غياب ردود الفعل من دول الخليج والولايات المتحدة حيال الهجمات الإيرانية على منشآت النفط، مشيراً الى أنه «كان من الأفضل بكثير لو لم نكن وحدنا». وهو قال بعبارات واضحة وشفافة: «عندما تجتمع التكنولوجيا المتوفرة مع أفراد متطرفين وأعداء لدودين، لست بحاجة إلى صناعة عسكرية أو قوة سياسية لتعطيل الـ«GPS»، أو لامتلاك قدرة اختراق في السايبر. والصناعة العسكرية الإيرانية أكبر من كل الصناعات الأمنية في إسرائيل». كما كشف كوخافي أن قوة القدس في سوريا وحزب الله تمتلك أجهزة لتعطيل موجات الـ«spectrum»، وصواريخ الدفاع الجوي، و«نحن نبذل جهداً كبيراً لعدم السماح لأعدائنا بالتجهز بسلاح دقيق، وسنقوم بذلك بشكل سري وعلني وأيضاً بالمجازفة بمواجهة. وستكون هناك حالات تجازف فيها إسرائيل حتى عتبة المواجهة من أجل إحباط الصواريخ الدقيقة في الوقت المحدد»، وستواصل هذا النشاط لمنع تمركز «قوة القدس» في سوريا ومنع تهديد الصواريخ الدقيقة في كل أنحاء الشرق الأوسط.
وسط هذا المستوى العالي من الحافزية الإسرائيلية، لم يتعب الفلاسفة العسكريون في ابتداع المصطلحات التي توفر حلولاً لعقدة أن العدو غير قادر على شن حرب شاملة الآن. قالوا، في فترة سابقة، إن عدم حصول الحرب لا يمنع حصول «معارك بين الحروب». وعندما احتدمت المواجهات داخل دول الطوق، صاروا يتحدثون عن «مواجهة» أو «صدام» ما يمنع أحداً من الذهاب نحو الحروب. ومع فشل كل تجربة، ابتدع الفلاسفة إياهم الآن مبدأ «الأيام القتالية»، أي تلك التي تشير الى احتمال حصول مواجهة عسكرية تستمر لفترة زمنية وجيزة، ولا تستخدم فيها كل الأسلحة، وتنتهي بفرض وقائع جديدة أو قواعد لعبة جديدة.
عملياً، استنتج الأميركيون أن إسرائيل وبقية حلفائها لم يعودوا قادرين على القيام بالمهمة وحدهم. هي المرة الأولى التي تعرف فيها أميركا أنها معنية بالقيام بالعمل مباشرة. الآن، لن نسمع كلاماً عن أموال ودعم وبدل حماية وخلافه. الآن، أميركا تريد أن تحمي مصالحها، وتحمي حلفاءها الذين هم جزء من مصالحها. ولذلك، فإن فهم الواقع السياسي كان يقود الى أن الأميركيين ومعهم إسرائيل والسعودية في وارد القيام بأمور كثيرة لتحقيق أهدافهم. لكن، هل كان أحد يقدّر بأن يقدموا على ضربة كالتي حصلت أمس؟
لنضع جانباً كل التحليلات والتكهّنات. ولنتوجّه مباشرة صوب النتائج العملانية لما حصل. واشنطن تقول إنها مستعدة للعبة كبيرة جداً. وهي تحشد قواتها في البحر وفي قواعدها كافة، وتبعث برسائل نارية ودبلوماسية، قائلة إنها تريد «تأقلم إيران وأنصارها» مع الواقع الجديد. أي أن أميركا قالت، بعد اغتيال سليماني، إنها فرضت واقعاً جديداً على الأرض، وعلى إيران الإقرار به، وإذا ردّت إيران فستردّ أميركا بما هو أقسى…وعند هذه النقطة، يصبح الكلام مجرد هذيان!
الواضح أن الأميركيين، عندما اتخذوا القرار، اعتبروا أن إيران ليست في وضع يسمح لها بالمواجهة الشاملة. وبالتالي، يراهنون على أن الرد الإيراني سيكون موضعياً بما لا يدفع نحو مواجهات كبيرة. في هذه الحالة، ستتصرف أميركا على أساس أنه تم ردع إيران، وأن العراق سيكون ساحة خالية لها، وأن المعادلات التي تحكم الواقع في سوريا ولبنان ستتغير هي أيضاً.
ولأن الأميركيين يعرفون أن إيران ستردّ، عمدوا الى توجيه الضربات القاسية جداً للقول إنهم لا يناورون، وإنهم مستعدون للذهاب أبعد من ذلك. وهذا يعني، بحسب طريقة تفكيرهم، أن إيران ملزمة بحساب جديد. ولكن، هل فهم الأميركيون ما معنى أن يقوم مرشد الثورة الإيرانية بالتصدّي شخصياً لإدارة الملف من ألفه إلى يائه، وأن يضع في بيان مجلس الأمن القومي عبارة عن الرد الحتمي والقاسي، وأن يعمد مساعدون له الى التوضيح بأن الردّ لن يكون في ساحة محددة؟
ربما نجد عند الأميركيين والإسرائيليين، من يعتقد بأن بيانات طهران أو ردود فعل فصائل المقاومة تعبير عن غضب منطقي. وهنا، قد يكون مناسباً شرح جانب من الأمر:
ذات مرة، وصف صحافي غربي رجال حزب الله في لبنان بأنهم «مجانين الله». العبارة، كانت تخفي إعجابه، ليس بقدرات هؤلاء ولا بتعلمهم، بل في جرأتهم المحاطة بدرجة عالية من الحرفية والعلم. وميزة هذا النوع من «الجنون» أنه موجود في عقل قادة محور المقاومة. من السيد الخامنئي نفسه، الى الرئيس بشار الأسد في سوريا، الى السيد حسن نصر الله في بيروت، وصولاً الى قادة المقاومة في فلسطين واليمن. وهؤلاء، يحسبون الأمر من زاوية أن العقل يوجب الهدوء والتروّي، لكن الثبات يوجب الردّ على العدو بما هو أكثر إيلاماً. ولذلك، فإن المحسوم، عند هذا المحور، ليس أصل الرد فقط، بل الاستعداد أيضاً للذهاب أبعد مما تتصور أميركا نفسها. لأن الرد ليس هدفه الانتقام على الطريقة العشائرية، وإنما الردع. وهذا يعني، ببساطة، أنه مثلما قررت أميركا، بالنيابة عن كل أشرار العالم، أنه حان وقت الحساب مع قادة محور المقاومة، فإن من بيدهم الأمر عندنا قرروا، منذ وقت طويل، أنه وقت الحساب المفتوح مع قادة الشر في العالم. ومن يسعى الى الفوز، ينظر الى ما هو فوق الجباه لا إلى ما هو تحت النعال…
الرد على عملية الاغتيال هدفه القول للأميركيين وحلفائهم، وخصوصاً إسرائيل، إنه «لا يحق لكم الاستمرار في احتلالكم، ولن نسمح لكم بمواصلة عدوانكم، ولن نترككم من دون عقاب»!
شمشون الجبار أسطورة قابلة للتعديل. يمكن إضافة قليل من الحكمة والعقل، ثم دع للخالق أن يتصرّف في خلقه بما يريد!
اللواء:
قوّة أميركية إلى عوكر لحماية السفارة
تداعيات إغتيال سليماني تداهم تشكيلة دياب.. وطيران معادٍ فوق مدن الجنوب
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة “اللواء” اللبنانية ” … أقفل الأسبوع الأول من السنة الجديدة حكومياً على عبارة «إلَّا إذا…» في إشارة إلى أن الموعد الذي ضربه الرئيس ميشال عون لولادة حكومة الرئيس حسان دياب، الأسبوع المقبل «وبوجوه جديدة من الإخصائيين» على طريقها الصحيح «إلَّا إذا طرأ أمر ليس في الحسبان» على حدّ تعبير مصادر مطلعة، في إشارة، غير قابلة للتأويل، إلى الحدث الخطير، الذي تمثل بتنفيذ أوامر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، ونائب رئيس (الحشد الشعبي العراقي) أبو مهدي المهندس، فجر أمس في مطار بغداد الدولي، (الخبر في مكان آخر).
وإذا كانت الدوائر القريبة من فريق بعبدا تربط بين احداث العراق في سياق تاريخي، وارتداداتها اللبنانية، متخوفة من تأثير سلبي، فإن ما سيعلنه الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله عند الثانية والنصف من بعد ظهر غد الأحد، في الحفل التأبيني لسليماني والمهندس في الضاحية الجنوبية لبيروت، سيترك تأثيراته على مجريات المشهد اللبناني، الذي يُمكن ان يكون جزءاً من مشهد المواجهة في المنطقة..
التشكيلة
حكومياً، اتجهت الأنظار إلى حلحلة ما تبقى من إشكالات، على ان يتم إعلان الحكومة دون تأخير.
وكشفت مصادر مطلعة ان الصيغة رست على:
مسلمون:
أـ سُنَّة: 1- الرئيس حسان دياب.
2 – طارق المجذوب (للتربية والشباب والرياضة).
3 – العميد المتقاعد طلال اللادقي (للداخلية)، لكن هناك اعتراض من جهة حزبية فاعلة.
4 – عثمان سلطان (للاتصالات).
ب- شيعة: 1- غازي وزنة (المالية).
2- عبد الحليم فضل الله (صناعة)
3- علي حيدر (زراعة)
4- الطبيب قاسم رضا (للصحة)
ج- دروز: رمزي مشرفية (بيئة وشؤون اجتماعية).
مسيحيون:
أ- موارنة: 1- ناصيف حتي (الخارجية) مقرّب من الحراك المدني
2- فيليب زيادة (الطاقة) وهو أميركي من أصل لبناني، عينه الوزير جبران باسيل قنصلاً في لاس فيغاس (Las Viges)
3- القاضي هنري خوري (للعدل)
4- زياد مكاري عن المردة (للأشغال)
ب- ارثوذكس: 1- النقيبة أمل حداد، نائب رئيس مجلس الوزراء، بعدما اعتذر وديع عبسي لأسباب صحية.
2- جان صرّاف (للاقتصاد)
3- ميشال منسى (وزير للدفاع)
ج- الكاثوليك: 1- منال مسلم (زحلة) (بيئة وتنمية ادارية).
2- بترا خوري (للعمل)
د- أرمن أرثوذكس: مارتين اوهانيان (اعلام وثقافة).
علماً ان حزب الطاشناق قد يُصرّ على السياحة، وهو يسلّم الاسم النهائي خلال ساعات.
وكان الرئيس المكلف الدكتور حسان دياب واصل لقاءاته لتذليل العقد الحكومية، وكان آخر هذه اللقاءات اللقاء المطوّل مع الخليلين، أي الوزير علي حسن خليل والحاج حسن الخليل، بهدف اطلاعهما على نتائج اللقاء الذي عقده مع الوزير جبران باسيل الخميس، والذي وصف بالايجابي، لجهة تذليل بعض العقد امام التمثيل المسيحي، فيما بقيت عقد اخرى تتصل ايضا بالتمثيل الدرزي، حيث عُلم ان الحزب التقدمي الاشتراكي رفض عرض حقيبتي البيئة والتنمية الادارية بعدما كان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قد طلب حقيبة وازنة كالاشغال او الصناعة. وعليه توقعت المصادر المتابعة معالجة هذه العقدة العالقة خلال عطلة نهاية الاسبوع على امل صدور التشكيلة النهائية الاسبوع المقبل.
ولهذا الغرض عقد أمس اجتماع بين رئيس الحزب الديموقراطي النائب طلال ارسلان ورئيس حزب التوحيد العربي الوزير الاسبق وئام وهاب، «حيث أكدا على ضرورة تمثيل الطائفة الدرزية بمقعدين وزاريين و بإسناد حقيبة وزارية وازنة للدروز،وعلى تطابق مواقفهم ووجهات نظرهم حيال القضاياالداخلية والخارجية».
ويبدو ان لقاء الرئيس دياب بالخليلين كان في جزء منه للبحث في معالجة التمثيل الدرزي من حيث امكانية تبديل بعض الحقائب بين القوى السياسية وبين الطوائف.
المواجهة تتصدر على التأليف
استأثرت تطورات المشهد الإقليمي، بعد اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني ومعه نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس، في بغداد، بمتابعة شديدة الدقة من المسؤولين اللبنانيين، وغلب حتى على السعي لتأليف الحكومة العتيدة، خوفاً من ان يعكس أي تدهور عسكري وأمني، في ظل المواجهة الايرانية - الأميركية المتوقعة، على الوضع في المنطقة ككل، الأمر الذي قد يعطل هذا السعي ومعه الاستقرار السياسي والأمني، إلى جانب الاقتصادي والاجتماعي، وحتى النفطي.
وبينت نقاشات ومداولات الساعات التي تلت الحدث العراقي ان المسؤولين اللبنانيين متوجسون من انعكاسات سياسية على استقرار الوضع اللبناني، مع ترقب لما سيكون عليه موقف «حزب الله» أو ردة فعله، باعتباره الذراع الإيرانية الأقوى على شاطئ البحر المتوسط، لكن هذه النقاشات أفضت إلى قناعة بضرورة إنهاء الملف الحكومي، كعامل أساسي في تحصين الوضع الداخلي حيال ما هو مرتقب اقليميا، وهو المحظور الذي قد يقع، خاصة في ضوء إعلان المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني، الذي حضره للمرة الأولى المرشد الأعلى علي خامنئي، بأن «انتقاماً عنيفاً ينتظر المجرمين قتلة الجنرال سليماني».
وفي اعتقاد المعطيات الواردة إلى المسؤولين، ان عملية شطب قائد لواء القدس تختلف كلياً عن سابقاتها من عمليات الاغتيال التي استهدفت قادة في المحور الإيراني، فمقتل عماد مغنية بقرار اسرائيلي- أميركي مشترك هو استهداف مباشر لحزب الله بصفته لاعباً اساسياً من ضمن هذا المحور، من دون ان يعني الدولة، فيما اغتيال سليماني تنظر إليه طهران على انه من فعل دولة قررت قتل قيادي رفيع في دولة أخرى، وهو يعني في التفكير الإيراني تغييراً في قواعد اللعبة تستتبعه مفاعيل، من مثل ان الرد سيكون ايرانياً صرفاً ومباشراً، وهو الأمر الذي قد يعني تحييد لبنان مرحلياً من العاصفة المتوقعة، بمعنى ان الرد الإيراني المباشر قد يعني ان «حزب الله» لن يكون له دور في هذه المرحلة من الانتقام.
ورصدت جهات داخلية وخارجية بارتياح غياب أي استنفار للحزب عند الحدود الجنوبية، فيما رفعت قوات الاحتلال من جهوزيتها.
ومهما كان من شأن هذا التحليل، فإن المسؤولين يترقبون باهتمام ما سوف يقوله الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله، بعد ظهر غد الأحد، خلال مراسم تأبين سليماني والمهندس في الضاحية الجنوبية، علماً ان التعزية التي ارسلها السيّد نصر الله للمرشد خامنئي اعتبرت ان «القصاص العادل من قتلته المجرمين، سيكون مسؤولية وامانة وفعل كل المقاومين والمجاهدين على امتداد العالم، الأمر الذي أوحى باستعداد الحزب لأن يكون له دور في الرد، بخلاف ما تنظر إليه طهران، الا ان الحزب حرص على نفي سقوط لبنانيين في الغارة الأميركية على طريق مطار بغداد.
اما ردّ الفعل الرسمي، فقد اقتصر على برقيات تعزية ارسلها الرئيس ميشال عون إلى كل من الرئيس الإيراني حسن روحاني مديناً ومعزياً بجريمة اغتيال اللواء سليماني، والرئيس العراقي برهم صالح مديناً ومعزياً باغتيال المهندس، وكذلك فعل الرئيس نبيه برّي، في حين دانت الخارجية اللبنانية «عملية الاغتيال» واعتبرتها انتهاكاً لسيادة العراق وتصعيداً خطيراً ضد إيران من شأنه زيادة التوتر في المنطقة.
لكن كان لافتاً على هذا الصعيد، البيان الذي أصدرته السفارة الأميركية في بيروت، والذي دعت فيه رعاياها في لبنان للبقاء في حالة تأهب، والحفاظ على مستوى عال من اليقظة والوعي، وذكرهم بالاجراءات الواجب اتخاذها، ومنها ان يكون لديهم خطة طوارئ للحالات الطارئة.
وتركت التعزية التي بعث بها الرئيس ميشال عون إلى نظيره الإيراني حسن روحاني تأثيراً سلبياً لدى الأوساط الإسلامية، نظراً للحساسية في ما خص اللواء سليماني.
قوة أميركية إلى عوكر
وليلاً، بث الموقع الالكتروني لمحطة الحرة التابعة للخارجية الأميركية ان الولايات المتحدة وضعت قوة عسكرية قوامها المئات في حالة تأهب، للتوجه إلى لبنان لحماية السفارة الأميركية في بيروت، وفق ما قال مسؤول عسكري أميركي.
وأضاف المسؤول لوكالة اسشيوتد برس أن القوة المتمركزة في إيطاليا، وضعت في حالة تأهب كخطوة ضمن عدد من الإجراءات العسكرية لحماية المصالح الأميركية في الشرق الأوسط.
وأوضح المسؤول، طالبا عدم الكشف عن هويته، أن وزارة الدفاع الأميركية، قد ترسل ما بين 130 و 700 جندي إلى بيروت.
وكان البنتاغون أعلن أن كتيبة من فرقة الـ82 المجوقلة، (والكتيبة تراوح ما بين 3000 إلى 4000) عنصر ستتوجه في الساعات المقبلة إلى الشرق الاوسط، وستنتشر في الكويت لرفع قدرات القوات الأميركية وجهوزيتها ضد التهديدات الإيرانية.
استهداف المصارف
وفي آخر تجليات الحراك الشعبي، إعلان جمعية المصارف عن اقفال جميع فروع المصارف العاملة في منطقة عكار حتى اشعار آخر، شجباً للهجوم الذي تعرض له فرع «بنك لبنان والمهجر» في بلدة حلبا، وما تخلله من تهديد لحياة وسلامة الموظفين والزبائن.
واعتبر بيان الجمعية ما تتعرض له فروع المصارف في بعض المناطق من تعديات وانتهاكات تخالف القوانين وتتعارض مع كل التحركات والطروحات الإصلاحية المشروعة.
وكانت مجموعة من الحراك، اعتصمت داخل فرع المصرف المذكور لمدة عشر ساعات لمساعدة أحد المواطنين على تحصيل أمواله من المصرف كاملة، بعد ان كانت الإدارة امتنعت عن اعطائه الا جزءاً بسيطاً منها، وانتهى الاعتصام باصابة هذا المواطن بوعكة صحية ادخلته إلى مركز «يوسف الطبي» في حلبا، وتعهدت الإدارة بدفع كامل المبلغ إليه، ووقع على التعهد كل من إدارة البنك وشخصين من الحراك ومختار بلدة تبنين زاهر الكسار، ولكن بعد إصابة عنصرين من الدفاع المدني لنقل المصابين من جرّاء التدافع والرشق بالحجارة بين المعتصمين والقوى الأمنية.
وفي صيدا تكرر المشهد نفسه داخل فرع مصرف BBAC حيث حصل هرج ومرج نتيجة تلاسن المحتجين مع عدد من الموظفين لمطالبتهم تسهيل معاملات المواطنين.
وسبق حادثة حلبا قطع العديد من الطرق الرئيسية في محافظة عكار بالاطارات المشتعلة والعوائق الحديدية، وإعلان العصيان المدني احتجاجاً على عدم الاكتراث لمطالب الحراك الشعبي.
اما في بيروت، وتحسباً لتحركات المحتجين ضد المصارف، اتخذت قوة من مكافحة الشغب في قوى الأمن الداخلي تدابير أمنية امام أحد المصارف في الحمرا بعد الدعوة إلى التظاهر هناك تحت شعار «مش دافعين»، الا إذا الفرع اقفل أبوابه.
وحفل أمس، في بيروت، بعمليات قطع الطرقات رغم الطقس العاصف والماطر بغزارة، فيما استمرت الاعتصامات امام المصارف، وسجلت حالة كر وفر منذ الصباح بين المتظاهرين والقوى الأمنية، التي عملت على إعادة فتح الطرقات وازالة العوائق في مناطق: المزرعة وقصقص والحمرا.
وأفادت غرفة التحكم المروري عن إعادة فتح السير على اوتوستراد نهر الكلب والطريق البحرية بعدما كان اقفلهما المحتجون، وتدخلت قوة من الجيش التي أوقفت 4 أشخاص واقتادتهم إلى ثكنة شكري غانم في الفياضية، وتم تكليف عدد من المحامين لمتابعة قضيتهم واخلاء سبيلهم، علماً ان قيادة الجيش أفادت عن إصابة 5 عسكريين أثناء رشق عناصر الدورية بالحجارة من قبل المحتجين.
الى ذلك قال وزير الاقتصاد اللبناني السابق ناصر سعيدي لرويترز يوم الجمعة إن لبنان في حاجة إلى حزمة إنقاذ مالي تتراوح بين 20 ملياراً و25 مليار دولار، بما في ذلك دعم من صندوق النقد الدولي، للخروج من أزمته المالية.
وقال سعيدي إن الوقت يوشك أن ينفد، وإن دعما بقيمة 11 مليار دولار سبق أن تعهد به مانحون أجانب يشكل الآن تقريبا نصف المبلغ اللازم لتحقيق انتعاش.
وأضاف سعيدي في مقابلة «خطورة الوضع الحالي أننا نقترب من انهيار اقتصادي من المحتمل أن يخفض الناتج المحلي الإجمالي (للعام 2020) بواقع عشرة في المئة».
وفي السياق، اقترح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على جمعية المصارف في اللقاء الأخير ان تعمد المصارف إلى تسييل ما تمتلك من عقارات لاستيفاء الديون مقابل ودائع الزبائن.
كما ناقش اللقاء ما يقال عن امتلاك المصارف في الخارج من مليارات يمكن استعادتها، وهنا رأى الحاكم أن حسابات المصارف لدى المصارف المراسلة يقابلها من جهة التزامات المصارف اللبنانية وهي من جهة ثانية مربوطة باعتمادات مستندية لتمويل التجارة الخارجية كما سبق واوضحه في لجنة المال والموازنة. ورأى جانب جمعية المصارف ان الأقاويل التي تروّج لها بعض الجهات السياسية إنما تهدف لحرف الانظار عما آلت اليه سياساتهم من فساد وإنفاق وهدر للمال العام، وان بعض مجتمع السياسة يستسهل رمي الكرة في ملعب المصارف التي مولت الإنفاق العام ولم تقرره. يطلقون الإشاعات ويمعنون في تضخيمها وتصديقها كانها حقائق علما أن الارقام تُظهر عكس ما يذهبون اليه”.
المصدر: الصحف اللبنانية