لم يتح اللقاء الذي جمع الخميس الحكومة الفرنسية والشركاء الاجتماعيين التوصل إلى تسوية حول مشروع إصلاح الأنظمة التقاعدية وفق ما أعلنت قيادة الكونفدرالية العامة للعمل، فيما اعتبر رئيس الوزراء أن المباحثات أتاحت “تقدما”. وكان الهدف من اللقاء الذي انعقد في اليوم الذي دخلت فيه التعبئة أسبوعها ،لتوصل إلى مخرج من الأزمة التي شلت إلى حد كبير وسائل النقل العام ولا سيما في منطقة باريس منذ 5 كانون الأول/ديسمبر.
ويحث على التهدئة قطاعا التجارة والسياحة اللذان يتأثران كثيرا بالتحرك لا سيما في فترة مهمة خلال موسم الأعياد والإجازات. وتتسبب التعبئة بتوتر كبير واختناقات مرورية هائلة، فيما يعبر الكثير من مستخدمي وسائل النقل العام عن شعورهم بالإرهاق من الوضع ويشعرون بالقلق أيضا بشأن ما إذا كانوا سيتمكنون من السفر بالقطار للانضمام إلى عائلاتهم للاحتفال بعيد الميلاد.
وأعلن أمين عام الكونفدرالية العامة للعمل فيليب مارتينيز فور خروجه من اللقاء الخميس، أن “لا شيء ملموسا (…) رئيس الوزراء لم يستمع إلى الشارع”. وقال إن النقابات المشاركة في الإضراب “طلبا لسحب مشروع إصلاح انظمة التقاعد تدعو إلى يوم جديد (…) من التظاهرات والإضراب العام في 9 كانون الثاني/يناير”.
ومن جانبه، أشاد لوران برجيه أمين عام الكونفدرالية الديموقراطية للعمل، وهي النقابة الأولى في فرنسا، بـ “جو بناء”، ولكنه لفت إلى ان ثمة “بندا صعبا” لا يزال عالقا بشأن “السن التوازني” الذي تريد الحكومة رفعه إلى 64 عاما بدلا من 62 عاما حاليا.
وتدعم هذه النقابة مبدأ إصلاح الأنظمة التقاعدية غير أنها تعترض على هذا البند الذي يدعو الفرنسيين إلى العمل لفترة اطول. وقال رئيس الوزراء الفرنسي ادوارد فيليب إن المباحثات أفضت إلى “تقدم”. مضيفا أنه سيجتمع مجددا مع الشركاء الاجتماعيين “في أول أيام كانون الثاني/يناير”.
تظاهرات يوم الخميس
وكان فيليب التقى النقابات وجمعيات أصحاب العمل فرادى الأربعاء، قبل يوم من اللقاء الذي كان معدا له الخميس. لكن الوضع ظل متعثرا بعد لقاءات الأربعاء. إذ عنونت صحيفة لو فيغارو الخميس “استمرار حوار الطرشان بين فيليب والنقابات”. وكتبت صحيفة ليبراسيون “إصلاح المعاشات التقاعدية متعثر”.
وكان اتحاد النقابات الداعية إلى التخلي عن مشروع إصلاح أنظمة التقاعد وافق على المضي قدما بتحركات النقابات الخميس المنضوية تحته حتى نهاية كانون الأول/ديسمبر. وأعلن عن تنظيم مسيرات في العديد من المدن وإن كان يتوقع أن تكون هذه المبادرات المحلية أقل ضخامة من تظاهرات 5 و17 كانون الأول/ديسمبر (على التوالي 806 آلاف و615 ألف شخص في جميع أنحاء فرنسا. وفقا لوزارة الداخلية، في حين قدرت المصادر النيابية أن الأعداد بلغت 1.5 و1.8 مليون) وفي باريس، ينظم موكب يربط بين محطتي قطار في فترة ما بعد الظهر.
ويعد نظام التقاعد موضوعا حساسا للغاية في فرنسا حيث يتمسك الفرنسيون بنظام يعرف عنه أنه أحد الأنظمة التي توفر أكبر الحماية للعاملين في العالم. ويهدف نظام النقاط الذي تريد الحكومة تطبيقه إلى دمج خطط التقاعد الحالية البالغ عددها 42 خطة، بما في ذلك الأنظمة الخاصة التي تسمح لسائقي القطارات بالتقاعد في وقت مبكر.
وتعد السلطات بنظام “أكثر عدلا”. في حين يخشى معارضو الإصلاح من النيل من حقوق المتقاعدين، مع تأخير سن التقاعد وتقليص المعاشات. ويعتمد منتقدو المشروع على ضعف شعبية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للخروج منتصرين من الصراع وعلى سياق اجتماعي متوتر منذ بدء تحرك “السترات الصفراء” قبل أكثر من عام، ولكن أيضا على الاستياء الذي تفاقم في المستشفيات وبين الطلاب والشرطيين والمزارعين.
ووعد الرئيس ماكرون في حملته الانتخابية بتعديل نظام التقاعد وجعل “تحول” البلاد أساسا لولايته التي تستمر خمس سنوات، لذلك يلعب دورا كبيرا في هذا الصراع، وبدون التحدث مباشرة، نقلت عنه الرئاسة قوله الأربعاء إنه “مستعد” “لتحسين” المشروع.
وفي اليوم الخامس عشر من الإضراب المفتوح، وعلى الرغم من حدوث تحسن طفيف مرتقب، تستمر معاناة مستخدمي وسائل النقل الباريسية وقطارات شركة السكك الحديد الوطنية التي ستعلن الخميس أي قطارات ستعمل بين 23 و26 كانون الأول/ديسمبر.
تشغل الشركة الخميس قطارين فائقي السرعة من أصل 5، و4 قطارات إلى المناطق من أصل 10 وقطارا من ضواحي منطقة باريس من أصل 4، وستبقى ستة من خطوط مترو الأنفاق
مغلقة.
على الطرق في منطقة باريس، كانت حركة المرور أقل كثافة مما كانت عليه في الأيام الأخيرة، مع وجود اختناقات مرورية على طول 320 كيلومترا “فقط” صباحا، وفقا لموقع ينشر معلومات عن حركة السير.
المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية