فضت القوات السودانية الاثنين الاعتصام الذي يطالب بتسليم السلطة الى المدنيين في البلاد، ما أوقع 30 قتيلا على الأقل ومئات الجرحى، بحسب ما أعلنت لجنة الاطباء المركزية. وقد سمع إطلاق النار في العاصمة الخرطوم حيث ارتفعت سحب من الدخان الأسود، وانتشرت أعداد كبيرة من عناصر قوات التدخل السريع شبه العسكرية المدججة بالسلاح في الطرق الرئيسية في العاصمة.
ويتولى عناصر هذه القوات في سيارات رباعية الدفع وضعت عليها أسلحة رشاشة حراسة الجسور فوق النيل، ويتنقلون ضمن مواكب في أرجاء الخرطوم. ودانت الولايات المتحدة الاثنين القمع “الوحشي” ضد المحتجين المطالبين بتسليم قادة المجلس العسكري السلطة للمدنيين. ودان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش استخدام قوات الأمن القوة لمفرطة لفض الاعتصام، ودعا إلى إجراء تحقيق مستقل في الوفيات الناجمة عن أعمال العنف.
وقالت لجنة أطباء السودان المركزية في بيان “ارتفع عدد شهداء مجزرة القيادة العامة التي ارتكبها المجلس العسكري إلى أكثر من 30 شهيدا”، بالإضافة إلى “سقوط المئات من الجرحى والإصابات الحرجة”.
وكانت الحصيلة الأولى تشير إلى مقتل 13 شخصا وإصابة 116 آخرين. وأعلنت اللجنة المقربة من المتظاهرين أن بين القتلى طفل عمره 8 سنوات، داعية اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة “أطباء بلا حدود” الى تقديم “المساعدة العاجلة” لإغاثة المصابين.
وبعيدا عن التواجد الأمني الكثيف، بدت شوارع الخرطوم خالية تماما بعد ظهر الاثنين مع حركة سير متفرقة وعدد قليل من المارة خصوصا مع توقف المواصلات العامة، بحسب صحافي في وكالة فرانس برس.
مجزرة دموية
وظلت عدة شوارع مغلقة بفعل المتاريس التي أقامها المتظاهرون من الحجارة وجذوع الشجر والإطارات المشتعلة، رغم مغادرة أماكنهم. وأغلق العديد من المحلات والصيدليات والشركات في أنحاء المدينة. ونفى متحدث باسم المجلس العسكري أن يكون المجلس أقدم على فض الاعتصام في الخرطوم “بالقوة”. وقال قادة الاحتجاجات إن موقع الاعتصام الرئيسي تم فضه.
وأعلن تحالف “قوى إعلان الحرية والتغيير” أن “قوات الدعم السريع والجيش قامت بفض الاعتصام السلمي، ونؤكد أن منطقة القيادة الآن لا توجد بها إلا الأجساد الطاهرة”، واصفا ما تعرض له “الثوار المعتصمون” ب”مجزرة دموية”. وقالت لجنة أطباء السودان المركزية إن القوات الأمنية اطلقت النار داخل مستشفى اثناء مطاردة متظاهرين سلميين، كما أشارت الى تطويق مستشفى آخر ومنع المتطوعين من الوصول اليه.
وبدأ الاعتصام قرب مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم في السادس من نيسان/أبريل للمطالبة بإسقاط الرئيس عمر البشير. وأطاح الجيش في 11 نيسان/أبريل بالبشير الذي حكم السودان لمدة 30 عاما. وشكل الجيش مجلسا عسكريا انتقاليا يحكم منذ ذلك الوقت، لكن المعتصمين واصلوا تحركهم مطالبين بنقل السلطة الى المدنيين.
وقرب موقع الاعتصام، قال احد سكان المنطقة في شرق الخرطوم إنه شاهد قوات في “ملابس الشرطة” يحاولون طرد المتظاهرين. فيما قال آخر يعيش في حي بوري إنه “سمع صوت إطلاق النار ورأيت أعمدة الدخان تتصاعد من منطقة الاعتصام”. لكن المتحدث باسم المجلس العسكري الفريق شمس الدين كباشي قال لقناة “سكاي نيوز عربية” إن المجلس العسكري لم يفض الاعتصام بالقوة”. وتابع أن “الخيام في مكانها والشباب يتحركون بحرية”.
مواقف خارجية
وقال السفير البريطاني في الخرطوم عرفان صديق في تغريدة إنه سمع “إطلاق نار كثيف” من منزله. وتابع “أنا قلق للغاية إزاء التقارير… التي تتحدث عن مهاجمة القوى الأمنية الاعتصام وعن وقوع إصابات… لا مبرر لمثل هذا الهجوم. يجب أن يتوقف هذا الآن”.
بدورها قالت السفارة الأميركية في الخرطوم إن “الهجمات التي تقوم بها القوى الأمنية السودانية ضد المتظاهرين ومدنيين آخرين خطأ ويجب أن تتوقف”. واعتبرت أن “المسؤولية تقع على المجلس العسكري الانتقالي، المجلس غير قادر على قيادة شعب السودان بشكل مسؤول”.
وكتب تيبور نويج مساعد وزير الخارجية لشؤون أفريقيا على تويتر “لقد كان ذلك هجوما وحشيا ومنسقا قادته ميليشيا قوات الدعم السريع ويعكس أسوأ افعال نظام البشير” في اشارة إلى الرئيس المخلوع عمر البشير. بدوره، حض رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي موسى فكي على إجراء “تحقيق فوري وشفاف لمحاسبة كل اولئك المسؤولين”.
ودعت منظمة العفو الدولية المجتمع الدولي إلى استخدام “كافة أشكال الضغط السلمي، بما في ذلك فرض عقوبات تستهدف الأعضاء المسؤولين في السلطات الانتقالية السودانية عن هجوم صباح اليوم العنيف ضد المحتجين أثناء نومهم”. وأعلن تحالف “قوى إعلان الحرية والتغيير” الإثنين “وقف كافة الاتصالات السياسية مع المجلس الانقلابي ووقف التفاوض”، لأنه “لم يعد أهلا للتفاوض مع الشعب السوداني”.
وعلقت المفاوضات بين المجلس العسكري والمتظاهرين في 21 أيار/مايو بسبب عدم التوصل إلى اتفاق حول تشكيلة مجلس سيادة قرروا إنشاءه على أن يتألف من عسكريين ومدنيين ويتولى قيادة الفترة الانتقالية في السودان.
المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية