ركزت الصحف الصادرة في بيروت نهار الخميس في 25-4-2019 محلياً على موضوع الموازنة العامة للدولة، وفي الشأن الإقليمي على مسألة العقوبات الأميركية على ايران، وتناولت أيضاً ملفات عدة محلية وإقليمية، وجاءت افتتاحياتها على الشكل التالي.
الأخبار
بدائل مُتاحة لاقتراحات التقشّف
تؤخّر الحكومة إقرار موازنة 2019 إلى حين التوصّل إلى اتفاق نهائي على التدابير والإجراءات المُفترض أن تتخذها لخفض العجز في الموازنة (بلغ 6 مليارات دولار العام الماضي، أي ما يوازي نحو 10.5% من الناتج المحلي). إلّا أن التأخير الحاصل بإقرار الموازنة لم يحل دون تعبير قوى وشخصيات في السلطة علناً عمّا يدور في الكواليس. أول المبادرين كان وزير الاتصالات محمد شقير الذي نقل إلى رئيس الجمهورية ميشال عون ورقة أعدّتها بعض أحزاب السلطة والهيئات الاقتصادية بعنوان «مدخل إلى خفض العجز وضبط المالية العامة»، وتتضمّن اقتراحاً بخفض الرواتب والأجور، ولحقه وزير الخارجية جبران باسيل الذي دعا «موظّفي الدولة إلى القبول بتخفيض جزء من رواتبهم كي لا يخسروا كلّ رواتبهم والاقتصاد والليرة»، لينضمّ أخيراً وزير المال علي حسن خليل إلى دعاة خفض الأجور.
المشاورات التي شهدها منزل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري يوم 14 نيسان، وما لحقها من مشاورات متفرقة، تتضمّن تفصيلاً أوضح لسلسلة التدابير المطروحة وتشمل: تجميد 15% من رواتب العاملين في القطاع العام وإلغاء التقديمات والتعويضات وتخفيض المخصّصات الاجتماعية لهم بما يوفّر 1900 مليار ليرة من الإنفاق العام (نحو 1.26 مليار دولار)، بالإضافة إلى إلغاء دعم الكهرباء بعد توفيرها لأكثر من 20 ساعة يومياً، وخصخصة مرافق وخدمات عامّة.
جورج قرم: خفض 1% من الفائدة وتوفير 800 مليون دولار، أو تحويل الدَّيْن العام إلى دَيْن مستدام بفائدة 2%
كلّ هذه الإجراءات التي ستتحمّل فئات الدخل المحدود والمتدنّي والطبقات المتوسّطة كلفتها المؤلمة على حساب حقوقها ومكتسباتها واستهلاكها وقدرتها الشرائية ومستوى معيشتها، سيقابلها خفض 15% من مجمل قيمة الفوائد المترتبة على الدَّيْن العام بالليرة اللبنانية، ما قد يوفّر 838 مليار ليرة من الإنفاق العام (565 مليون دولار)، وزيادة الضريبة على الفوائد من 7 إلى 10% لثلاث سنوات فقط مع إعطاء المصارف حق إعادة حسم هذه القيمة من أرباحهم الخاضعة لضريبة الدخل. في الواقع، تشكّل هذه الاقتراحات تكراراً لـ«سلّة التدابير» نفسها، التي لطالما رددتها قوى السلطة في أعقاب كلّ أزمة مالية. إنها التدابير نفسها التي رُوِّج لها إبّان مؤتمرات «باريس 1 و2 و3، وها هي تتكرّر اليوم كمدخل لتخفيض العجز المالي باعتباره شرطاً أساسياً لفكّ أقفال أموال الدائنين في مؤتمر سيدر».
كمال حمدان: فرض ضريبة تصاعدية على فوائد الودائع المصرفية يوفّر للدولة دخلاً إضافياً لا يقلّ عن مليار دولار
في كلّ هذا السياق، تكرّس السلطة «العجز المالي» (الذي تعدّ المسؤولة الأولى عن تفاقمه) على أنه سبب كلّ المشكلات والحائل الأساسي أمام بناء الدولة وتطوير قدراتها للقيام بواجباتها الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، فيما هو في الواقع النتيجة المباشرة لسياسة الإبقاء على النموذج الاقتصادي الحالي لتحقيق النموّ بالدَّيْن والاستهلاك، والقائم على: 1- عملية «برطلة» المصارف بمعدّلات فائدة مرتفعة لقاء استقطاب الودائع وتثبيت سعر الصرف، وهو ما أدّى إلى نقل 77 مليار دولار من الإيرادات المحصّلة من الناس بين عامي 1993 و2017 إلى المصارف، لتسديد خدمة الدَّيْن العام، وهو ما يشكّل 36% من مجمل الإنفاق العام خلال ربع قرن. 2- التوظيف الزبائني في القطاع العام لامتصاص البطالة وشراء الولاءات بدلاً من بناء اقتصاد مُنتج وقطاع خاصّ مولّد للوظائف، وهو ما بلغت كلفته التراكمية نحو 65 مليار دولار بين عامي 1993 و2017، واستحوذ على 30% من مجمل الإنفاق العام خلال هذه الفترة (علماً أن الرواتب والمخصّصات والتقديمات تُحوَّل حالياً إلى أكثر من 310 آلاف عائلة).
سمير الضاهر: لمعالجة الخلل في هيكلية النظام الضريبي الذي تطغى عليه الضرائب غير المباشرة وغير التصاعدية
إذاً، تقضي اقتراحات الحكومة تخفيضاً لنفقات وزيادة لإيرادات ترتب آثاراً مؤذية سترتد على الفئات الأضعف، وهي تقدّمها على أنها «إصلاحات ضرورية للإنقاذ» مع إمكانية استنتاج هوية الفئة التي تحاول إنقاذها. أمّا الأسوأ، فهو أنها تقوم بكلّ ذلك من دون أي مجابهة شعبية تذكر! فهل المطلوب تعديل نمط إدارة المالية العامة أم تغيير النموذج الاقتصادي والاجتماعي القائم وتغيير القائمين عليه؟ ما هي مجالات التحسين المُمكنة في أداء المالية العامّة؟ هل تشمل إعادة هيكلة النظام الضريبي المُجحف اقتصادياً واجتماعياً، أم تفكيك نظام التوزيع الزبائني، أم مراكمة المزيد من الديون؟ في ما يأتي اقتراحات لمجموعة من الاقتصاديين يطرحونها بديلاً من «الأفكار» التقشفية لقوى السلطة:
تحويل الدَّيْن العام إلى دَيْن دائم بفائدة 2%
جورج قرم
* اقتصادي، وزير المال اللبناني الأسبق
ما تطرحه الحكومة لا يزال غير واضح. هناك معلومات يجري تناقلها عن خفض رواتب العاملين في القطاع العام، وهو إجراء مخالف للدستور، فضلاً عن الاتفاق مع المصارف التجارية على إقراض الخزينة العامّة بفائدة صفر في المئة لسنوات قليلة، وهو ما يعدّ أقل من الطموحات المُرتقبة لتصحيح المالية العامّة وخفض العجز في الموازنة.
اللافت أن حديث وزير المال علي حسن خليل عن خفض رواتب العاملين في الإدارات والمؤسّسات العامة، لم يطاول الرواتب في مصرف لبنان التي تعدّ الأعلى في الدولة، وكذلك رواتب لجنة الرقابة على المصارف ولجنة البورصة والأسواق المالية، والرواتب في مجلس الإنماء والإعمار والمجلس الأعلى للخصخصة، وغيرها من المجالس… فيما يمكن المجلس النيابي إصدار قانون يقضي بوضع حدّ أقصى لرواتب العاملين في القطاع العام ويخفّض الرواتب العليا إلى المستوى المُحدّد ومن دون المسّ برواتب باقي الموظّفين.
أيضاً، هناك مصادر أخرى للإيرادات يمكن تناولها وتتمثّل برفع سعر إيجار المتر المربع للأملاك العمومية، الذي لم يعدّل منذ عام 1992 بالتوازي مع ارتفاع أسعار العقارات، فضلاً عن معالجة مسألة التعدّيات على الأملاك العمومية، ورفع الضريبة على القيمة المضافة إلى 15-18% على الكماليات وإلغائها عن الأساسيات المُستهلكة من الفئات الشعبية. وبالإضافة إلى ذلك، توحيد ضريبة الدخل ورفع معدّلاتها وجعلها تصاعدية، بدلاً من فرض ضرائب نوعية مختلفة على دخل الأفراد المتأتي من مصادر مختلفة (الراتب، إيجار أو بيع عقار، فائدة مصرفية…)، وهو ما يسمح برفع القيمة المحصّلة من هذه الضريبة نحو الضعفين أو ثلاثة أضعاف.
أمّا على صعيد النفقات، وبدلاً من إقراض الخزينة العامّة بفائدة صفر في المئة، أسوة بما حصل في أعقاب مؤتمر «باريس 2» عام 2002 حين أقرضت المصارف اللبنانية الخزينة العامة 4 مليارات دولارات بفائدة صفر في المئة لمدّة ثلاث سنوات، انصياعاً للملاحظات التي وجّهت إلى المصارف من الجهات الخارجية، خصوصاً أن المصارف كانت تُقرض الدولة بفائدة 12%، وتطالب الجهات المانحة بإقراضها بفائدة 5%. يمكن الحكومة أن تخفّض الفائدة على الدَّيْن العام، علماً أن خفض 1% من معدّل الفائدة يوفّر نحو 800 مليون دولار، فضلاً عن تحويل جزء من الدَّيْن العام إلى دَيْن مستدام لا يسدَّد، وبفائدة 2%، أسوة بكثير من الدول.
رفع السرية المصرفية للوصول إلى الثروات المخبّأة!
كمال حمدان
* اقتصادي، مدير تنفيدي في مؤسّسة البحوث والاستشارات
ثمة إجراءات متلازمة يفترض اتخاذها على صعيد النفقات والإيرادات وتقضي بإعادة هيكلة النظام الضريبي وترشيد النفقات العامّة. على صعيد الإيرادات، تقتضي هذه الإجراءات فرض ضريبة تصاعدية على فوائد الودائع الصرفية، خصوصاً أن 1% من مجمل الحسابات المصرفية تستحوذ على 52% من مجمل الودائع، مع ما يتطلّبه ذلك من تعديلات على قانون السرّية المصرفية بغية تجميع حسابات الشخص الواحد المتعدّدة في حساب واحد، وهو ما يوفّر للدولة دخلاً إضافياً لا يقلّ عن مليار دولار.
بالإضافة إلى التفاوض الجادّ والمسؤول مع المصارف بشأن اقتطاع استثنائي لنسبة وازنة من أرباحها لفترة تراوح بين 3 و5 سنوات، أو الاكتتاب بإصدارات وسندات خزينة طويلة الأجل. أمّا على صعيد النفقات، فيبرز موضوع ترشيد النفقات العامّة كمعطى أساسي، وهو ما يستوجب إلغاء تعويضات الرؤساء والنواب السابقين، وتقليص مخصّصات النواب والوزراء الحاليين وتعويضاتهم، بما في ذلك التقديمات التي يستفيدون منها. وإعادة النظر في أجور موظّفي الفئتين الأولى والثانية في المصالح المستقّلة والمؤسّسات العامة ومصرف لبنان وكبار الضباط، خصوصاً أن رواتب هذه الفئة من العاملين وتعويضاتها باتت تراوح بين 20 و75 ضعف الحدّ الأدنى للأجور، في مقابل سقف أعلى لا يتجاوز 9 أضعاف الحد الأدنى للأجور في بلدان الاتحاد الأوروبي.
وبالإضافة إلى ذلك، وضع كشف وتقييم مفصّلين لأوضاع المؤسّسات العامة والصناديق والهيئات والمجالس تمهيداً لاختصارها أو دمجها أو إلغائها تبعاً للحاجات الاقتصادية ومقتضيات الحدّ من الهدر. فضلاً عن إعادة النظر في منح تعليم أبناء الموظّفين في القطاع العام (نحو 350 مليون دولار عام 2018) التي تحكمها معايير متفاوتة وفق الإدارات والأسلاك، وإلغاء التعليم الخاصّ المجاني الذي يضمّ نحو 100 ألف تلميذ لدمجهم في التعليم الرسمي وتطويره.
وقف تبذير المال العام والانتقال إلى الضرائب الشخصية
إيلي يشوعي
* أستاذ جامعي في الاقتصاد، صناعي
ينطوي الإنفاق العام على تبذير غير مُبرّر، وبالتالي هناك ضرورة لوقف التبذير وليس التقشّف أو المسّ برواتب الموظّفين في القطاع العام كما تخطّط الحكومة.
من ناحية النفقات العامّة يجب إيقاف الإنفاق الإداري غير المبرّر عبر وضع سقف للمساعدات والتقديمات، وإعادة النظر بالمصاريف السريّة وتعويضات السفر، والتقديمات إلى الجمعيات الوهمية، وميزانيات المؤسّسات العامة والصناديق التي لا حاجة لها، وإيجارات المباني الحكومية، فضلاً عن نقل الخدمات العامة التي تديرها الدولة (كهرباء ومياه وصرف صحي واتصالات) بطريقة سلسة وفق عقود BOT إلى شركات عالمية من القطاع الخاص تحت إشراف وزارة للخصخصة ورقابة الأجهزة القضائية، بما يتيح تخفيض الإنفاق بنحو 50%. بالإضافة إلى تخفيض أرباح المدينين والمصارف المتأتية من الفائدة على الدَّيْن العام، التي يبلغ متوسطها 8%، وذلك من خلال خفض متوسّط معدّلات الفائدة إلى 5%، وهو ما يوفّر 2.4 مليار دولار سنوياً. ويمكن هذه الإجراءات مجتمعة أن توفّر نحو 5-6 مليارات دولار سنوياً من دون فرض أي ضرائب إضافية على الاستهلاك أو الفوائد المصرفية أو اللجوء إلى الخفض القسري للدَّيْن العام أو انتزاع حقوق الناس والاجتزاء من الرواتب. أمّا بالنسبة إلى الإيرادات، ففي ظل حالة الركود الاقتصادي لا يوجد أي إمكانية لزيادة الضرائب على الفوائد أو ضريبة القيمة المضافة أو فرض رسوم على المواد الاستهلاكية والوقود، وإنّما الانتقال إلى الضرائب الشخصية واستخدامها لتحقيق العدالة الاجتماعية وتحفيز النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى تحسين آلية إدارة الأملاك العمومية المعتدى عليها.
توحيد ضريبة الدخل وإنشاء صندوق التقاعد
سمير الضاهر
* اقتصادي، مستشار سابق في البنك الدولي
في المرحلة الأولى، على خطّة التصحيح المالي أن تطبّق القوانين لناحية إعادة الانتظام إلى المالية العامة وإقرار موازنة 2019 مع تدابير آنية تتفادى الأزمة الداهمة، وإنتاج موازنة 2020 ضمن المهل الدستورية، على أن تتضمّن تدابير ذات وقع على المدى المتوسّط، وتكون بمثابة فاتحة للإصلاح واستعادة صدقية الدولة، وذلك من خلال التعامل بحذر مع مشكلة المالية العامّة والركود الاقتصادي، ووضع سياسة حكيمة لتوزيع كلفة التصحيح المالي وفق إمكانية تحمّل كلّ فئة، وهو ما يقتضي عدم تحميل ذوي الدخل المالي المحدود المزيد من الأعباء وعدم خفض الرواتب في القطاع العام أو تسريح الموظّفين، وكذلك عدم المسّ بحقوق المدينين والمودعين وعدم فرض ضرائب قد تؤثّر بالاستثمار أو تحويل الأموال إلى لبنان.
تبرز مسألة رواتب العاملين في القطاع العام ضمن المسائل الأساسية المفترض معالجتها، على أن لا تشمل تسريحهم، خصوصاً أن الاقتصاد يمرّ بحالة ركود، فضلاً عن وجود مشكلة في خلق فرص العمل، وإنّما تصحيح أوضاعهم عبر إعادة هيكلة القطاع العام وتقليص حجمه، بحيث تُرفَع سنّ التقاعد لنحو 5 سنوات ويُوقَف التوظيف إلّا في حالات سدّ الفراغات الناشئة عن التقاعد. وبالإضافة إلى تصحيح الشواذات الحاصلة في كلفة الرواتب العالية والتقديمات الباهظة وتلك المتعلّقة بنظام التقاعد للأسلاك العسكرية الذي أدخل خلال الحرب ويؤدّي إلى استفادة العسكريين من راتب تقاعدي وتعويض نهاية خدمة (3 أشهر عن كلّ سنة خدمة)، وإقرار نظام رواتب مختلف يطبّق على التوظيفات الجديدة. وأخيراً تأسيس صندوق للتقاعد، كما ينصّ القانون، بحيث تُحوَّل اقتطاعات الرواتب المحدّدة بنسبة 6% إليه، بدلاً من تحويلها إلى الخزينة العامة ودفع رواتب التقاعد من الخزينة كما يحصل راهناً، على أن تكون إدارة هذه الأموال واستثمارها في الأسواق المالية والأسهم والعملات والبترول والذهب لتحقيق عوائد مالية عليها، فضلاً عن تحويل نظام نهاية الخدمة في القطاع الخاص إلى نظام تقاعد أيضاً.
أمّا المسألة الأخرى الملحّة، فتتناول إصلاح النظام الضريبي دورياً، وذلك لمعالجة الخلل البنيوي في النظام الضريبي القائم والذي تطغى عليه الضرائب غير المباشرة وغير التصاعدية بنسبة 70-75% أي الضرائب المجحفة للطبقات غير الميسورة مثل الـTVA، في مقابل 25-30% للضرائب المباشرة على الدخل. وذلك من خلال فرض الضريبة الموحّدة على الدخل عبر احتساب كل مصادر الدخل التي يحصل عليها الفرد، سواء من راتب شهري أو إيجار شقة أو فائدة على وديعة مصرفية أو بيع عقار، وجمعها ضمن سلّة واحدة وفرض ضريبة تصاعدية عليها، بدلاً من النظام القائم بفرض ضريبة 7% على الدخل المتأتي من الفائدة المصرفية، و17% من الدخل الناتج من الأرباح الاستثمارية وضريبة تصاعدية تراوح بين 2 في المئة و20% على الدخل المتأتي من الراتب.
التصويب على المحميّين والمتهرّبين ضريبياً
سامي عطاالله
* اقتصادي، المدير التنفيذي للمركز اللبناني للدراسات
ما تقترحه قوى مشاركة في الحكومة من خفض للنفقات وزيادة الإيرادات يطرح مخاوف جدّية، فهو لا يوصل إلى بناء دولة ومؤسّسات، بل الحصول على أموال الجهات المانحة لتمويل مشاريع البنية التحتية بالمزيد من الدَّيْن وتحميل ذوي الدخل المحدود والمتدني الكلفة، في مقابل الإمعان بإعفاء رأس المال والأغنياء من موجباتهم. هذا ما يمكن ترجمته من الإجراءات والتدابير التي يجري تداولها على أنها خطّة الحكومة المرتقبة في موازنة 2019، والتي تقضي بخفض الرواتب في القطاع العام وفرض المزيد من الضرائب غير المباشرة على استهلاك الأسر والأفراد لتخفيض عجز الموازنة، في حين أن الإصلاح المنشود يقتضي التفكير بحلول أخرى.
على صعيد الإيرادات هناك حاجة لإعادة النظر بالتهرّب الضريبي والإعفاءات الضريبية القانونية لأنها تشكّل مصدر إيرادات مهمّ يمكن أن يغني الدولة عن ديون «سيدر» لتنفيذ مشاريع البنية التحتية. إذ إن هناك شركات ورساميل كبيرة مُعفاة من الضريبة قانوناً وشركات كبرى تتهرّب من موجب دفع الضريبة وتجري محاولات لإعفائها منها عبر قرارات استنسابية، وآخرها طرح ملف إعفاء 14 من كبار المكلّفين من الغرامات المترتبة عن عدم دفعهم الضرائب، والتي تصل إلى 115 مليون دولار. في الواقع، تُعَدّ جباية الضرائب متدنية في لبنان نسبة إلى حجم الاقتصاد، وتشكّل 13.6% من مجمل الناتج المحلّي، وهي نسبة أقل من المعدّل في البلدان الشبيهة بلبنان إنمائياً والذي يصل إلى 16.4%. فإذا رفع لبنان معدّل الجباية وطاول الشركات المتهرّبة أو المُعفاة، وصولاً إلى المعدّل في البلدان النظيرة، يمكنه زيادة إيراداته بنحو 1.25 مليار دولار سنوياً، أي 12 مليار دولار خلال عشر سنوات. وهو ما يوازي قيمة قروض سيدر. فضلاً عن أن تكليف هذه الشركات والرساميل معدّلات ضريبية عادلة يشكّل إشارة إيجابية لمسيرة الإصلاح بدلاً من تحميل الفقراء الثمن.
أمّا بالنسبة إلى النفقات، فهناك شبه إجماع على وجود مشكلة في القطاع العام وضرورة إعادة النظر في هيكليته، خصوصاً أن التمويل يصبّ في تمويل نظام الزبائنية السياسية. إلّا أن الحلّ لا يكون بخفض رواتب العاملين فيه بطريقة اعتباطية، بل تصحيح الرواتب العليا لكبار الموظّفين التي تفوق عشرات أضعاف الحدّ الأدنى للأجور في بعض المؤسسات والأسلاك، فضلاً عن إعادة هيكلة هذا القطاع وملء ملاكه وشواغره بالكفاءات المناسبة لتدعيمه وتعزيز دور الدولة وحضورها، وصولاً إلى إعادة النظر بآليات التوزيع التي تقتضي بناء قدرات الهيئات الرقابية والقضائية للإشراف على الصفقات والمشاريع والمشتريات العامة، خصوصاً أن لبنان يقبع في أدنى المراتب العالمية لناحية جودة البنية التحتية، التي ترتبط بنحو وثيق وفق دراسات عدّة بارتفاع معدّلات الهدر والفساد، فضلاً عن أن الطريقة التي أُقرَّت بموجبها خطة الكهرباء الأخيرة لا تبشّر بخير.
البناء
التايمز تتوقع حرباً اقتصادية آسيوية مع أميركا دفاعاً عن حق شراء النفط والغاز من إيران
وزير المال يُحيل الموازنة لتتمّ المناقشات في الحكومة وليس خارجها
الضغط لمقايضة الفوائد على المصارف بسندات خزينة يؤجّل التوافق
كتب المحرّر السياسي
الحدث الأميركي الطازج الذي كان مقدّراً له أن يعيش لشهور في الواجهة يتراجع بسرعة، بعدما بدا محدود الأثر في درجة التجاوب. فالدول المحورية في شراء النفط والغاز من إيران سارعت لإعلان عدم التقيّد بالطلبات الأميركية رغم التهديد بالعقوبات بعد إلغاء الاستثناءات. وكان لافتاً موقف تركيا والعراق وباكستان، ومعهما الهند والصين، بمثل ما كان لافتاً ما نشرته التايمز البريطانية عن مخاطر حرب اقتصادية آسيوية أميركية إذا أصرّت واشنطن على العقوبات ولم تغضّ النظر عن الخروق الكبيرة التي ستصيب قرارات حظر شراء النفط الإيراني. فقد نشرت صحيفة «التايمز» البريطانية تقريراً حول العقوبات الأميركية على إيران بعنوان «منع ترامب صادرات النفط الإيرانية قد يؤدي لانتقام آسيوي»، أشارت فيه إلى أن «قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنهاء الاستثناءات التي كانت بلاده قد وافقت عليها لبعض الدول لشراء النفط الإيراني تهدّد برد فعل انتقامي وحروب اقتصادية مع الدول الصاعدة في آسيا مثل الصين و الهند وهما تعتمدان بشكل كبير على النفط الإيراني القريب وزهيد الثمن».
وأوضحت التايمز أن «واشنطن منحت الاستثناء العام الماضي لدول عدة منها الهند والصين وتركيا و كوريا الجنوبية و اليابان و إيطاليا و اليونان و تايوان وخلال هذا العام قلصت الدول الثلاث الأخيرة وارداتها النفطية من إيران، بينما تشتري الدول الخمس الباقية ملايين البراميل من النفط يومياً من إيران»، مشيرةً إلى أن « إيران كانت تصدر خلال العام المنصرم مليوني برميل من النفط يومياً منها نحو 650 ألف برميل للصين، و500 ألف برميل للهند، و300 ألف برميل لكوريا الجنوبية، و165 ألف برميل لتركيا. وهو الأمر الذي يبرر الغضب الصيني من فرض عقوبات أميركية على صادرات النفط الإيراني.
لبنانياً، يتواصل السجال حول مشروع الموازنة بعد الكلام العلني لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالدعوة لمناقشة الموازنة في مجلس الوزراء، وتجاوب وزير المال علي حسن خليل مع طلب رئيس الجمهورية، وقد كان وزير المال قد أجّل إرسال مشروع الموازنة كما أعدّته وزارة المال بانتظار التعديلات التي سيتم إدخالها بنتيجة المشاورات التي كان يديرها رئيس الحكومة سعد الحريري والتي شهدت جولة أولى ولم تكتمل نتائجها بعد. وقالت مصادر متابعة إن كلام رئيس الجمهورية الموجه عملياً لكل من رئيس الحكومة ووزير المال كمسؤولين عن وضع الموازنة على طاولة مجلس الوزراء صار رسمياً موجهاً لرئيس الحكومة وحده، باعتباره لم يقم بعد بتحويل المشروع إلى الحكومة وتوزيعه على الوزراء لبدء مناقشته رسمياً.
المصادر المتابعة تعتقد من خلال جولات المناقشات السابقة أن الكثير من البنود وصلت إلى حيث يمكن للتوافق أن يتحقق، سواء في ما يخصّ رسم خط أحمر حول ذوي الدخل المحدود بعدم المساس بروابتهم وتعويضاتهم أو عدم فرض ضرائب تطالهم، أو ما يخصّ وقف زواريب ومزاريب الهدر والفوضى والعبث والتسيب، لكن النقطة العالقة لا تزال تتصل بكيفية التعامل مع المصارف التي تتطلع لربط مساهمتها بسندات خزينة بفائدة متدنية تقارب 1 ، بإعفائها من الضريبة على أرباحها، خصوصاً التي تتصل بسندات الخزينة وفيما قالت المصادر إنه من الصعب توقع تمرير طلب المصارف يواصل رئيس الحكومة السعي لتسويق موقف المصارف من خارج اللقاءات الحكومية الرسمية لمناقشة الموازنة أملاً بتحقيق تقدم يربط به إحالة الموازنة إلى مجلس الوزراء.
مجلس وزراء بلا موازنة!
على وقع السجال الرئاسي على خط بعبدا بيت الوسط الذي طبع عطلة عيد الفصح حول مشروع موازنة 2019، ينعقد مجلس الوزراء اليوم في بعبدا بجدول أعمال عادي لا يتضمّن الموازنة، علماً أن رئيس الجمهورية ميشال عون كان قد دعا المعنيين الى الإسراع في عرضها على المجلس لمناقشتها وإقرارها.
ما يُدلّل بحسب مصادر وزارية على أن لا اتفاق نهائي على بنود الموازنة بصيغتها النهائية كما أرسلها وزير المال علي حسن خليل الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء منذ يومين، ولا زالت تحتاج الى معاينة سياسية قبل طرحها على المجلس، علماً أن معلومات أشارت الى إمكانية طرحها من خارج جدول الأعمال كملحق، بيد أن رئيس الحكومة سعد الحريري يتريث بانتظار أجوبة نهائية من القوى السياسية حول ثلاثة نقاط: أماكن ونسب التخفيضات من رواتب وأجور وتعويضات وتقديمات موظفي القطاع العام ونسبة التخفيضات التي ستتحمّلها الأسلاك العسكرية في ظل رفض وزير الدفاع الياس بو صعب المسّ بها قبيل البدء بالتخفيض من مواقع أخرى لا سيما مكامن الهدر والفساد، أما النقطة الثالثة فهي حجم مشاركة قطاع المصارف ومصرف لبنان في خفض كلفة الدين العام.
ووفق مصادر «البناء» فإن اللجنة الخاصة التي شكلها حزب الله برئاسة الوزير محمد فنيش لدراسة الموازنة باتت جاهزة لعرض اقتراحاتها ومقاربتها للمشروع انطلاقاً من الثابتتين اللتين ذكرهما السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير أي عدم المس برواتب الموظفين المتدنية ورفض فرض ضرائب جديدة على الطبقات الشعبية الفقيرة، على أن يقدّم الحزب رؤيته عند طرح المشروع في مجلس الوزراء أو في أي اجتماع تمهيدي قبل الجلسة».
وبحسب معلومات «البناء» أيضاً فإن «المعلومات المسربة حول ورقة أعدّها رئيس الحكومة تتضمن سلسلة إجراءات تقشفية تطال شرائح الموظفين ذوي الدخل المحدود وضرائب على الطبقات الشعبية هي دقيقة، وكان هناك توجه حكومي في هذا الاتجاه، إلا أن ردة فعل الشارع العنيفة أجبرت فريق الحريري على التراجع»، لكن وزير المال عاد وطمأن أمس، إلى أن «مشروع الموازنة الذي رفعه لا يتضمّن بنوداً تمسّ بالرواتب ولا زيادات على البنزين»، مشيراً الى أن «لن يتم فرض الضرائب على الطبقات المتوسطة والفقيرة».
ولفتت مصادر نيابية لـ»البناء» الى «إجماع سياسي على عدم المسّ بالرواتب المتدنيّة والمتوسطة واقتصار التخفيضات على أجزاء من متممات الرواتب والتقديمات والإنفاق غير المجدي والعشوائي في ادارات ومؤسسات الدولة وتخفيض نسبة من الرواتب العالية لبعض الموظفين»، نافية أي توجّه لفرض سلة ضرائب جديدة كما يُقال وشككت المصادر بإمكانية إنجاز الموازنة في مجلسي الوزراء والنواب قبل 31 أيار المقبل، مشيرة الى «أنها تحتاج الى اسبوعين كحد أدنى في الحكومة ثم أسبوعين آخرين أو ثلاثة في لجنة المال والموازنة قبيل إحالتها الى الهيئة العامة لمناقشتها واقرارها»، موضحة أن «المجلس سيناقش قانون الموازنة وقانون قطع الحساب ايضاً، إذ إن الموازنة لن تمرّ بلا قطع الحساب، لضرورة انتظام المالية العامة».
وتشير المصادر الى شروط يضعها الرئيس سعد الحريري باسم القطاع المصرفي والشركات الكبرى بأنه مقابل مساهمة قطاع المصارف بنسبة معينة في تخفيض العجز يجب تضمين الموازنة إجراءات تقشفية في الرواتب والأجور والتقديمات الاجتماعية والصحية والمدرسية وغيرها، إلا أن المصادر شددت على ضرورة تحمّل المصارف نسبة كبيرة من سد العجز نظراً للارباح الكبيرة التي حققتها خلال أكثر من عشرين سنة عبر الهندسات المالية لمصرف لبنان فضلاً عن موازنات تضمنت إعفاءات لها من الضرائب والغرامات المالية». ممانعة قطاع المصارف للتوجّه الحكومي الجديد بإشراكه جدياً بخفض الإنفاق، كانت محل نقاش أمس في السراي بين الحريري وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
في المقابل تنفي مصادر سياسية في تيار المستقبل أي توجّه للرئيس الحريري بالمسّ برواتب الموظفين لا سيما المتدنية والمتوسطة أو أن يكون تراجع تحت ضغط الشارع، مؤكدة أن «الأمر لم يكن وارداً على الإطلاق»، مشيرة لـ»البناء» الى أن «كل الإشاعات مجرد إثارة إعلامية ومزايدات»، معتبرة أن «لا تباين بين عون والحريري في العناوين العريضة للموازنة»، موضحة أن «المساس برواتب القطاع العام المتدنية أو المتوسطة سيؤدي الى مفعول اقتصادي سلبي»، موضحة أن «رؤية الحريري تنطلق من ثابتتين: تخفيض الإنفاق من قمة الهرم في الرواتب ويتدرج نحو الأدنى، وفي المواضيع الأكثر جدوى كالكهرباء مليارا دولار سنوياً، وتخفيض الرواتب المرتفعة ووقف ازدواجية الرواتب وبدلات السفر والنقل وأثاث الإدارات والمؤسسات وايجارات المباني، إضافة تعزيز الانفاق الاستثماري عبر الحصول على ملياري دولار من مؤتمر سيدر، بمشاريع في الطاقة والمواصلات والنفايات اضافة الى مشاريع مناطقية، وبالتالي تحقيق توازن عبر تخفيض الإنفاق العام غير المجدي وتعزيز الإنفاق الاستثماري».
وشدّدت المصادر على أن «الحريري لن يدخل بسجال مع الرئيس عون ولن يتسبب بأزمة معه انطلاقاً من العلاقة الشخصية المميّزة التي تجمعهما فضلاً عن أن التجارب السابقة أثبتت أن أي توتر في العلاقة بين رئيسي الجمهورية والحكومة سيؤدي الى تعطيل الدولة والمؤسسات الدستورية، وبالتالي إفشال الحكومة ورئيسها والعهد، لذلك هناك علاقة تكاملية يجب أن تستمر لإنقاذ البلد من أزماته الخطيرة».
بري: المجلس سيواجه
وعشية جلسة مجلس الوزراء، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري في لقاء الأربعاء النيابي أن لا استهداف في الموازنة على الإطلاق للفئات الفقيرة وذوي الدخل المحدود والفئات المتوسطة، مشيراً الى أن كل ما يًقال أو ينشر في هذا الصدد يندرج في إطار التأويلات. وقال: إن المجلس النيابي خلال مناقشة الموازنة سيتصدّى لمثل هذه الطروحات والإجراءات، مع التأكيد مرة أخرى أن هذا الأمر غير مطروح. وشدد على ضرورة أن يساهم الجميع في إنقاذ البلد من الوضع الاقتصادي الصعب، مؤكداً أهمية تخفيض العجز لتجاوز هذا الوضع المتأزم. ونقل النواب عنه قوله إنه كان ينوي الدعوة الى جلسة استجواب في الثلاثين من الشهر الحالي، لكنه عدل عن ذلك لعدم وجود سوى استجواب واحد».
بوصعب على الحدود
في سياق آخر، جال وزير الدفاع الياس بو صعب، يرافقه قائد الجيش العماد جوزيف عون على الحدود الجنوبية، أكد خلالها بوصعب «اننا لن نتنازل عن أي شبر من أرضنا وسنتمسك بحقوقنا بكافة السبل من خلال التنسيق مع اليونيفيل والمجتمع الدولي».
وقال بعد اجتماع في مكتب قائد اليونيفيل ستيفانو دل كول في الناقورة «نتوجّه للمعنيين في الداخل والخارج للتعويل على الجيش»، مشيراً الى ان «العمليات في هذه المنطقة تنفذ بتنسيق عال جداً بين الجيش واليونيفيل، وليس من السهل على اللبنانيين أن يروا عسكرياً غير لبناني يدخل بين القرى، والأمور تعالج من خلال التنسيق بين الجيش وقوات اليونيفيل». وأوضح ان «لدى الجيش 5000 عنصر في هذه المنطقة، ولكن الحاجة هي لـ10000 عنصر والتعويل على الجيش هو الأساس». ورداً على سؤال عن سلاح «حزب الله»، قال وزير الدفاع: «لا أحد يطمح للقيام بمهمة نيابة عن الجيش وهو ما أقرّ به الأمين العام للحزب السيد نصرالله، وهذا يحتاج إلى استراتيجية دفاعية تبحث حين تذهب الأخطار الإسرائيلية».
إلا أن تصريحات بو صعب أثارت غضب القوات اللبنانية الذي سارع نوابها الى التصويب على وزير الدفاع، واعتبار كلامه خروجً عن سياسة النأي بالنفس في البيان الوزاري، علماً أن النأي بالنفس لا يشمل العدو الإسرائيلي. وهذا أمر متعارف عليه.
الهجوم القواتي المنسق استدعى رداً من بوصعب الذي أوضح أن «نواب القوات يُكتَب لهم الرد دون ان يعرفوا مضمونه، وقد وصلني بيان على الواتساب يراد نشره مقابل أموال في أحد المواقع»، أضاف: «إذا هدفهم جرّي إلى مكان أن أقول إني لستُ متمسكاً بالمقاومة ضد العدو الاسرائيلي هذا ليس من مصلحة لبنان، وهناك توافق على هذا الموضوع من كل اللبنانيين، وليس الإسرائيلي يحدد موقعه».
… وعند حردان في راشيا الفخار
وكانت للوزير بو صعب محطة أساسية ضمن جولته الجنوبية، حيث زار رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان في منزله في راشيا الفخار، وكان في استقباله إلى جانب حردان راعي أبرشية مرجعيون للروم الأرثوذكس المطران الياس كفوري، قائمقام حاصبيا أحمد كريدي وقائمقام مرجعيون وسام حايك وفاعليات دينية وحشد من الأهالي. وشكر النائب حردان للوزير بو صعب زيارته إلى الجنوب، الذي واجه الكثير من المعاناة أثناء الاحتلال الإسرائيلي قبل عام 2000 ، داعياً إلى الوقوف دائماً إلى جانب الجيش . وأكد بو صعب من جانبه أنّ الجنوب صمد في وجه الاحتلال، وسيقف إلى جانب الجيش وتسليحه لمواجهة أيّ عدوان على لبنان وحدوده .
وقدّم حردان درعاً إلى بو صعب عربون شكر ومحبة. تنشر البناء غداً تفاصيل زيارة الوزير بو صعب للنائب حردان الذي ألقى كلمة موسعة في اللقاء الحاشد في منزله في راشيا الفخار .
السفير السوري في بعبدا
على خط أزمة النازحين السوريين، استقبل رئيس الجمهورية سفير سورية في لبنان علي عبد الكريم علي وأجرى معه جولة أفق تناولت التطورات في المنطقة عموماً وفي سورية خصوصاً، في ضوء المستجدات الأخيرة. وتطرّق البحث الى اوضاع النازحين. الى ذلك وبعد إعلانها عن تقديم مكافآت مالية تصل قيمتها إلى 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تفيد هدف تجفيف مصادر تمويل حزب الله، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية أمس، عن فرض عقوبات على شخصين و3 كيانات تابعة للحزب، بحسب زعمها.
اللواء
«موازنة الأسرار» لن تحضر اليوم.. والحريري متفائل بصيف واعد
القطاع العام يتأهب.. وأبوصعب من الناقورة «يضع الاستراتيجية الدفاعية» بين الخطين الأزرق والأخضر
إذا كان القرار السياسي على مستويات رفيعة يقضي بتمرير «موازنة العام 2019» ومن ثم لكل حادث حديث، فإن جلسة مجلس الوزراء العادية، التي نقلت من السراي الكبير إلى بعبدا، ستشكل اختباراً، ولكن ليس صدامياً، بين مكونات الحكومة، سواء بين وزراء الكتل الكبيرة أو حتى الصغيرة، من زاوية خيارات معالجة المالية العامة للدولة وسط رهانات، بعضها يبدو خطيراً، وبعضها منخفض الخطورة، وسط عملية إعادة بناء» تصوّر دولة الرعاية في لبنان، ولو من باب القطاع العام.. سواء كانوا في الاسلاك المدنية أو الاسلاك العسكرية، في فئات وظيفية عليا أو دنيا، وصولاً إلى المتعاقدين والمياومين، والعاملين بالساعة.
لن تحضر موازنة الأسرار، الموزعة فذلكتها، وأرقامها، وأبوابها، وجداولها الموزعة على ألف صفحة، ولكنها لم توزع على الوزراء، فغابت عن جلسة خميس الأسرار، إلى أجل، يتفق عليه خلال الجلسة، في وقت قال فيه الرئيس سعد الحريري انه يتوقع صيفاً واعداً، بعدما رفعت المملكة العربية السعودية تحذير رعاياها من السفر إلى لبنان في شباط الماضي.
الموازنة على الهامش
وحتى ساعة متأخرة من الليل، لم يكن مشروع الموازنة بصيغته الجديدة المعدلة، والذي رفعه وزير المال علي حسن خليل إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، قد ادرج في ملحق خاص بجدول أعمال الجلسة التي ستعقد اليوم في بعبدا، كما لم يوزع المشروع على الوزراء، وثمة توقعات بأن يتم توزيعه على هامش الجلسة، وهذا يعني في نظر مصادر سياسية استمرار التباطؤ الذي يصل إلى حدّ التخبط حيال حسم الموقف من الموازنة المتقشفة بسبب عدم وجود توافق سياسي عزاه رئيس تيّار «المردة» سليمان فرنجية من الصيفي إلى «وجود قرارات غير شعبية يجب ان تتخذ»، فيما عزاه آخرون إلى عودة الخلاف حول الصلاحيات الرئاسية، بعد الموقف الذي أعلنه ميشال عون في بكركي صبيحة عيد الفصح، على الرغم من توضيحات بعبدا من ان الرئيس عون لم يكن يقصد لا الرئيس سعد الحريري ولا وزير المال.
ومع ذلك، علمت «اللواء» من مصادر وزارية أنه على الرغم من عدم توزيع ملحق على الوزراء بشأن مشروع الموازنة الا انه سيطرح وليس بالضرورة على شكل مادة مادة، لأن المشروع لم يصل بعد انما قد يكون هناك بحث عام كخطوط عريضة او مبادئ عامة لكن حتما سيتم تفرير موعد دراسة المشروع. وقالت المصادر ان الموازنة ستحضر على طاولة المجلس سواء بالورق اي كمشروع قانون او كونها موضوعا اساسيا للبحث. واكدت أن الرئيس عون سيتفق مع الرئيس مجلس الحريري قبيل اجتماع المجلس اليوم على وعد إنطلاق البحث التفصيلي بالموازنة على انه لم يعرف ما اذا كان الرئيس عون سيؤكد في الجلسة على ضرورة الاسراع في انجازها داخل الحكومة، والارجح انه سيفعل انطلاقا من الأسراع بها واحالتها على مجلس النواب قبل انتهاء الدورة العادية للمجلس. وفهم ان الحديث عن الموازنة في الجلسة اليوم لن يكون عاما انما تبادلا للآراء وربما الأستماع الى ما يملكه وزير المال.
اما بالنسبة لبعض بنود جدول أعمال الجلسة المثيرة للجدل، فقد توقعت المصادر ان تحصل نقاشات حول ثلاثة بنود تخالف مبدأ التقشف (البنود 21 و22 و23) وان تكون هناك ملاحظات لعدد من الوزراء لاسيما في مسائل رفع الحد الأدنى للأجور لموظفي مؤسسة المحفوظات ومرفأ طرابلس وسكك الحديد . وعلم ان هناك وزراء اعدوا دراسات في هذا الصدد تؤكد احقية حصول هؤلاء الموظفين على حقوقهم أسوة بزملائهم في القطاع العام الذين حصلوا على السلسلة معتبرين ان هناك تضخيما في طرح المسألة لأن، عدد موظفي سكك الحديد لا يتجاوز الـ 10 اشخاص وهؤلاء منفتحون على اي امر يتصل بتقاعدهم المبكر.
في المقابل، توقعت مصادر وزارية في «التيار الوطني الحر» عدم توزيع مشروع الموازنة العامة على الوزراء في جلسة المجلس اليوم، وتوزيعه الاسبوع المقبل، ليكون رئيس الحكومة انهى مشاوراته الختامية بشأن التخفيضات المرتقبة على الموازنة، مشيرة الى الاجماع بين هذه القوى على اعتماد اكبر قدر من التقشف، واوضحت ان ما يركز عليه وزراء «التيار الحر» هو عدم المس بذوي الدخل المحدود والفقراء، وضبط عائدات الجمارك والوضع في المرافئ، ووضع ضوابط على الانفاق المالي الذي يعتبر نوعا من الترف، ووضع معالجة جذرية للوضع المالي والاقتصادي. وأكّد وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش لـ«اللواء» في المناسبة، على وحدة موقف «التيار الوطني الحر» من كل المواضيع المرتبطة بالموازنة، والتي يعبر عنها رئيس التيار الوزير جبران باسيل، ونحن معه على نفس الموجة».
حزب الله جاهز للنقاش
وفي حين اشارت المعلومات الى اختلاف واحيانا تناقض في طروحات القوى السياسية حول الابواب التي يمكن المس بها من ضمن التخفيضات، ذكرت بعض المعلومات ان «حزب الله» لم يقدم بعد ملاحظاته ومقترحاته حول اجراءات التقشف وهو يدرسها عبر لجنة وزارية خاصة برئاسة الوزير محمد فنيش، مع ان الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله اعلن في اخر خطاب له ان الحزب سيكون جاهزا اعتبارا من يوم امس الاربعاء.
لكن الوزير فنيش نفى لـ«اللواء» ما تردد ان الحزب لم ينجز مقترحاته، وقال: صحيح كانت هناك لجنة من الحزب درست وانجزت المقترحات ونحن جاهزون لعرضها، لكن ليس عبر الاعلام بل في مجلس الوزراء او في لجنة وزارية مصغرة حسبما يقرر رئيسا الجمهورية والحكومة. كما نفى فنيش علمه ما اذا كان سيتم توزيع مشروع الموازنة في جلسة اليوم على الوزراء، وقال: نحن رهن ما يقرره الرئيسان ومجلس الوزراء. لكننا جاهزون لعرض مقترحاتنا وافكارنا ومستعدون للنقاش، واتصالاتنا مفتوحة مع كل الناس ونحن منفتحون على النقاش.
تجدر الإشارة هنا، إلى ان وزارة الخزانة الأميركية أعلنت أمس، عن فرض عقوبات جديدة على شخصين و3 كيانات تابعة لحزب الله، ونقلت وكالة «رويترز» عن موقع وزارة الخزانة الأميركية على الانترنيت، بأن العقوبات استهدفت شخصين أحدهما بلجيكي والآخر لبناني، بالإضافة إلى ثلاثة كيانات منها اثنان في بلجيكا والثالث في بريطانيا. وكانت واشنطن أعلنت يوم الاثنين الماضي عن إطلاق مبادرة ترمي إلى «تجفيف» تمويل «حزب الله»، وتقديم مكافآت مالية تصل قيمتها إلى 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تفيد في تحقيق تلك الغاية.
برّي: لا استهداف للفقراء
وعشية جلسة مجلس الوزراء، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري في لقاء الأربعاء النيابي أن لا استهداف في الموازنة على الإطلاق للفئات الفقيرة وذوي الدخل المحدود والفئات المتوسطة، مشيراً الى أن كل ما يقال أو ينشر في هذا الصدد يندرج في إطار التأويلات. وقال: ان المجلس النيابي خلال مناقشة الموازنة سيتصدى لمثل هذه الطروحات والإجراءات، مع التأكيد مرة أخرى ان هذا الأمر غير مطروح. وشدد على ضرورة أن يساهم الجميع في إنقاذ البلد من الوضع الاقتصادي الصعب، مؤكداً أهمية تخفيض العجز لتجاوز هذا الوضع المتأزم. ونقل النواب قوله أنه كان ينوي الدعوة الى جلسة استجواب في الثلاثين من الشهر الجاري لكنه عدل عن ذلك لعدم وجود سوى استجواب واحد (تردّد انه يعود للنائب بولا يعقوبيان).
من جهته، أكد الوزير خليل أن مشروع الموازنة الذي رفعه لا يتضمن بنوداً تمسّ بالرواتب ولا زيادات على البنزين، مشيرا الى ان «لن يتم فرض الضرائب على الطبقات المتوسطة والفقيرة». وأكّد جهوزيته للدفاع عن الموازنة إذا طرحت في الجلسة اليوم، وفي أي وقت، لكنه لاحظ ان أي موازنة تطرح على النقاش يفترض الأخذ بملاحظات الأفرقاء على الطاولة، ومن الطبيعي ان يكون هناك تعديلات إذا لزم الأمر. وإعتبر خليل ان كل النقاش حول الاجتماعات المالية التي تحصل مبالغ فيه ولا معنى حقيقي له، فرئيس الحكومة قام باتصالات وهو سيستكملها، ولم يقل سابقا ان هناك إطاراً بعمل عليه، بل هو سيستكمل المشاورات بشكل ثنائي وموسع وعندما تنضج الامور يحدد موعدا مع رئيس الجمهورية، مشيرا الى ان كل النقاش الذي يدور الان يعقد الامور ويخلق اشكالات وهمية. وقال: «إذا اقرت الاقتراحات كما طرحناها فأنا مرتاح لنسبة العجز التي سنحققها من خلال الموازنة، والاهم من العجز هو اننا دخلنا في اجراءات اصلاحية ومن يحاول تقزيمها او يصغرها في جوانب معينة يكون مخطئاً».
بوصعب على الحدود
تزامناً، لفت الانتباه، الجولة التي قام بها وزير الدفاع الياس بوصعب برفقة قائد الجيش العماد جوزف عون، على الحدود الجنوبية، وقيادة قوات الطوارئ الدولية «اليونيفل»، وتفقده بواسطة طوافة عسكرية الخط الأزرق، بقصد التركيز على الدور الذي يقوم به الجيش اللبناني على الحدود والاضاءة على المهام المكلف بها، والتي سيكلف بها مستقبلاً، ولا سيما في حال التخفيف التدريجي من وجود «اليونيفل» في الجنوب، بحسب ما نقل بوصعب عن قائد «اليونيفل» الجنرال دل كول الذي كشف عن خطة وضعتها الأمم المتحدة لتوسيع انتشار الجيش أكثر على الحدود، وحتى في البحر، لكن الوزير لاحظ ان هذا الموضوع يتطلب امكانات، والجيش ليس لديه هذه الإمكانات في الوقت الحاضر.
وقال ان الجيش موجود هنا بخمسة آلاف عنصر في جنوب قطاع جنوب الليطاني، لكن الحاجة هي إلى عشرة آلاف عنصر، شاكراً «لليونيفل» جهودها ولا سيما لجهة توثيقها الخروقات الإسرائيلية. وشملت جولة بوصعب إلى الناقورة، كلا من مارون الراس ومدينة بنت جبيل وبلدات عين ابل ورميش ومرجعيون وراشيا الفخار والعديسة، وجديدة مرجعيون، والتقى خلال هذه الجولة النائبين أسعد حردان وحسن فضل الله، مؤكدا عدم التنازل عن أي شبر من الأراضي اللبنانية، ومشددا على التمسك بحقوقنا بكل السبل من خلال التنسيق مع «اليونيفل» والمجتمع الدولي، معلناً انه لا يوجد أي مؤشر إلى ان هناك حرباً إسرائيلية على لبنان، والأمن مستقر والجيش منتشر.
وردا على سؤال، أوضح بوصعب ان سلاح حزب الله يبحث في الاستراتيجية الدفاعية حين تزول الاخطار الإسرائيلية، ولا أحد يطمح للقيام بمهمة نيابة عن الجيش، وهو اقرّ به الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله، مشيرا إلى ان الجيش بحاجة لأن يلتف الجميع حوله، مؤكدا انه الوحيد الذي يجب ان يحمل سلاحاً بوجه العدو الإسرائيلي، وفق استراتيجية دفاعية واضحة يوافق عليها الجميع.
«ندوة العمل الانساني»
من ناحية ثانية، أكّد الرئيس الحريري في ندوة للعمل الإنساني الذي نظمها مركز الملك سلمان للاغاثة، في فندق «الفورسيزن» مع السفارة السعودية في بيروت، ان هناك رغبة حقيقية لدى قيادة المملكة العربية السعودية بتعميق العلاقات مع للبنان.
وقال: «المملكة كانت السباقة دائما بالاهتمام المتواصل بقضايا لبنان ومشاكله وما يتعرض له من اعتداءات اسرائيلية على مر السنوات». وتوجه الى المستشار في الديوان الملكي السعودي الوزير عبد الله بن عبد العزيز الربيعة بالقول «زيارتكم للبنان هذه الايام ليست حدثا غريبا، بل تأتي في إطار العلاقات المميزة بين المملكة ولبنان منذ عشرات السنوات ودليل الى استمرار هذه العلاقة التي نحرص على ديمومتها». اضاف: «ندرك حرصكم على تحصين لبنان من الحروب التي تعصف بالكثير من الدول، ولبنان له الحصة الكبيرة من محبة قادة المملكة».
وإذ أعلن انه يسعى لسلسلة اتفاقيات سيتم توقيعها مع المملكة في المستقبل، أكّد ان القرار السعودي برفع حظر السفر إلى لبنان ساهم في زيادة عدد الوافدين ويمهد لصيف واحد، مشيرا إلى ان المملكة كانت دائماً صديقة وسباقة في مساعدة لبنان في كل المحن التي مرّ بها، ومهما قال البعض، فإن المملكة ما زالت تقف إلى جانب لبنان دون تمييز بين اللبنانيين، وهي عندما ارادت المساعدة لم تفرق بين صديق وحليف وحتى من لا يحب المملكة».
من جهته، أكد الربيعة، «ان السعودية تقدر الدور الذي يقوم به لبنان في استضافة عدد كبير من النازحين السوريين، والظروف تقتضي تضافر الجهود لتخفيف العبء عن المجتمع المضيف». وقال «العمل الاغاثي من مسؤولية الجميع، ويجب المساهمة في العودة الآمنة ودعم المجتمعات الحاضنة لهؤلاء النازحين».
وعلى هامش الندوة، تمّ توقيع اتفاقيات بين مركز الملك سلمان وكل من الهيئة العليا للاغاثة لمشروع تغطية الاحتياج الغذائي للاسر اللبنانية، وتجهيز مركز غسيل الكلي في مستشفى طرابلس الحكومة، ودعم جمعية سبل السلام الاسعافية في عكار، ووقعت ثلاث اتفاقيات مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لمشروع مساعدة الأسر السورية الأكثر تضرراً لمدة ستة أشهر، ومع منظمة الهجرة الدولية لتغطية حاجة الأسر السورية تحت خط الفقر لمدة عام، ومع «الاونروا» لتغطية الاحتياجات الطبية وعلاج السرطان والتصلب اللويجي للمرضى في المخيمات الفلسطينية. ووقع الدكتور الربيعة مع رئيس جمعية المقاصد الإسلامية في بيروت الدكتور فيصل سنو عقداً لإعادة تأهيل مركز الأمير نايف لغسل الكلي وتحديثه وتشغيله في مستشفى المقاصد.
يُشار إلى ان سفير الإمارات في لبنان حمد الشامسي لفت إلى أن «صيف لبنان سيكون عامرا بالخليجيين والسعودية رفعت حظر سفر مواطنيها إلى لبنان والامارت تدرس هذا الموضوع مع الجهات المعنية»، موضحاً أن «فريق من هيئة الطيران المدني الاماراتي زار مطار بيروت الدولي وسبقه زيارة للمدير العام للطيران المدني الذي التقى لوزير الاشغال ومدير عام هيئة الطيران المدني اللبناني». وأشار الشامسي إلى أن «ما يهمنا هو استقرار لبنان في ظل الظروف الصعبة التي تعصف بالمنطقة ولا يجب أن تترك الساحة لجهات لا تحب استقرار هذا البلد ولديها أجندات خاصة».
فرنجية في الصيفي
في الاثناء، كشفت زيارة رئيس «المردة» سليمان فرنجية لبيت الكتائب المركزي في الصيفي، واللقاء الموسع الذي حصل رئيس الحزب النائب سامي الجميل، عن استمرار التباين في وجهات النظر حيال الأمور السياسية، مع إمكان التعاون بين الطرفين في الموضوع الاقتصادي، وهو ما أكّد عليه كل من فرنجية والجميل الذي أعلن الاستعداد للتعاون مع «المردة» في الاقتصاد لمنع التعدّي على حقوق النّاس، لكنه ألمح إلى ان التطورات يمكنها ان توصلنا إلى تموضع استراتيجي بين الطرفين. وأضاف ممازحاً: «نحاول ان نشد سليمان بيك ليكون في صفنا أي في المعارضة». اما فرنجية فأعلن عن استمرار التنسيق مع الكتائب كي نخرج من الجو الاقتصادي والاجتماعي الذي نحن فيه، لافتاً إلى ان الشيخ سامي يعلم اننا في السياسة في موقعين مختلفين، لكن الأهم عند المسيحيين اللبنانيين هو ان يكون الاختلاف ديمقراطياً. وأعلن ان المصالحة مع «القوات» لن تعود إلى الوراء.
تسريب المحاضر
وفي أوّل تعليق على تسريب محاضر اجتماعات واشنطن للوفد النيابي- الوزاري الرسمي الذي زار مؤخرا العاصمة الأميركية، طالب عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب مروان حمادة من وزارة الخارجية تعليق عمل السفير في واشنطن غابي عيسى، معتبرا ان عمل السفير لا يليق بتمثيل لبنان لدى دولة كبرى، ونبّه الوزراء والنواب والمسؤولين إلى ان يحتاطوا لمن يحضر لقاءاتهم ويسجل اقوالهم. وأشار حمادة إلى انه «يبدو ان الدبلوماسية الصفراء تجاوزت كل ألوان الصحافة، فإذا بسفيرنا بواشنطن يمعن في تسريب المحاضر التي هي في الأساس مخصصة لترفع إلى وزارة الخارجية، ومنها إلى رئاستي الجمهورية ومجلس الوزراء».
ومن جهتها، كشفت أوساط «القوات اللبنانية» انها لن تتجاوز ما جرى من تسريب، وهي إلى جانب إثارة الموضوع على مستوى مواقف وزرائها ونوابها، أوكلت إلى فريق قانونيين في الحزب اعداد سؤال للحكومة لطرحه على وزير الخارجية وإثارة القضية في لجنة الشؤون الخارجية، وفي أوّل جلسة تشريعية لمساءلة الوزير جبران باسيل حول حقيقة ما جرى. تجدر الإشارة إلى أن وزارة الخارجية لم تصدر بياناً رسمياً تستنكر فيه التسريب، وتحذر من يقف خلفه، واكتفت بفتح تحقيق داخلي، علماً ان الصحيفة التي نشرت محاضر اجتماعات واشنطن عمدت مجددا أمس إلى نشر المزيد من هذه المحاضر.
القطاع النقابي .. تأهب للمواجهة
واللافت، يوم أمس، وعلى الرغم من عطلة الفصحين الجامعية والمدرسية، فإن روابط المعلمين، سواء المحسوبة على الإطار الرسمي أو خارجه، تداعت للإستنفار، مع اقتراب موعد وضع موازنة العام 2019 على طاولة مجلس الوزراء، والاتجاهات الجدية لإعادة النظر برواتب العاملين في القطاع العام، سواء الحاليين أو المحالين إلى التقاعد.. الهيئة الإدارية لروابط أساتذة التعليم الثانوي الرسمي أجمعت وحذرت في بيان «المسؤولين كافة من أي مس بالرواتب والتقديمات الاجتماعية التي هي حق مكتسب ناضل من أجله الأساتذة على مدى سنوات لغاية إقرار سلسلة الرتب والرواتب»، ورفضت بشدة «التراجع عن أي جزء منها وبأي نسبة كانت مهما انخفضت قيمتها»، ودعت إلى جمعيات عمومية.
هيئة التنسيق النقابية اجتمعت، بمشاركة رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية ودعت المسؤولين إلى التفعيل والتفتيش عن الأمور في مزاريب الهدر والفساد. وأكدت الهيئة أن خفض النفقات قد يؤدي إلى إنفجار إجتماعي إذا كان على حساب أكثرية اللبنانيين والحل يجب أن يتم من جيوب الفاسدين والسارقين المملوءة من الأموال والرواتب والتعويضات الخيالية وعلى المتهربين من دفع الرسوم الضريبية عن مؤسساتهم الخاصة لمدى سنوات طويلة وتصل قيمتها إلى ملايين الدولارات، وانتهت: ساعة الحقيقة دقت ملعون لا يسمعها.
«التيار النقابي المستقل» نفذ ظهر امس اعتصاما أمام تعاونية موظفي الدولة في الدورة، شارك فيه أساتذة في القطاع الثانوي، ومنخرطون في الهيئات والروابط النقابية، تحت عنوان «متابعة حقوق الموظفين والفقراء ومتوسطي الحال». ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها: «استعيدوا المال من قطاع الكهرباء، ومن المخصصات العائدة للجمعيات الوهمية والزبائنية، لا من رواتب الفقراء والطبقات المتوسطة. خذوا المال من التهرب الضريبي: 7،2% من الناتج المحلي الإجمالي، أي 11 مليار دولار على عشر سنوات = قروض سيدر. خذوها من الهدر في مرفأ بيروت = 450 مليون دولار سنويا». (راجع ص 6)
المصدر: صحف