تناولت الصحف الصادرة في بيروت نهار الخميس في 28-3-2019 العديد من الملفات المحلية والإقليمية، وجاءت افتتاحياتها على الشكل التالي.
البناء
موسكو ترسل طائرات حربية ومئات الخبراء إلى فنزويلا… وترامب يتعهّد بإخراجهم
غارات «إسرائيلية» ليلية شمال حلب… والدفاعات الجوية تسقط عدداً من الصواريخ
حملة قواتية عنيفة على رئيس الجمهورية… تبدأ بالكهرباء وتطال زيارة موسكو
كتب المحرر السياسي
سجلت روسيا خطوة نوعية مفاجئة للأميركيين في ترجمة تعاونها مع حكومة الرئيس نيكولاس مادورو في فنزويلا بالإعلان عن وصول طائرات حربية روسية ومئات الخبراء الروس إلى العاصمة الفنزويلية كاراكاس ضمن إطار ما وصفته موسكو بتطبيق بنود تفاهمات تقليدية بالتعاون العسكري بين الدولتين، وفيما شنّت واشنطن حملة متعدّدة المصادر على الموقف الروسي شارك فيها وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون، غرّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب متعهّداً بإخراج الروس من فنزويلا مهما كان الثمن، وردّت الناطقة بلسان الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على ترامب داعية إلى الإنسحاب الأميركي من سورية قبل التحدث عن التعاون القانوني بين روسيا وفنزويلا.
التوتر في العلاقات الدولية، الذي عبّرت عنه الأوضاع في فنزويلا والتعامل معها، شهد فصلاً آخر في جلسات مجلس الأمن الدولي المخصّصة لبحث الوضع في الجولان، حيث لم يقتصر الأمر على موقف الدولة السورية وتنديدها بالخطوة الأميركية المعاكسة للقانون الدولي والقرارات الأممية، بل سجلت الجلسة مواقف أوروبية عالية السقوف في تناول الاعتراف الأميركي بالسيادة «الإسرائيلية» على الجولان السوري المحتلّ، مؤكدة بطلان القرار الأميركي وفقدانه لأيّ قيمة قانونية، وليلاً كانت الطائرات «الإسرائيلية» تشنّ أولى الغارات الجوية على مواقع في سورية بعد توقف لأكثر من شهر، تخللته زيارة لرئيس حكومة الإحتلال بنيامين نتنياهو إلى موسكو، لم تنجح في بناء تفاهم حول كيفية التعامل مع ما تصفه تل أبيب بالتنامي في الحضور والنفوذ الإيراني في سورية، وتأتي الغارات على خلفية القرار الأميركي حول الجولان من جهة، والتصعيد المفتوح على جبهة غزة في ظلّ عجز «إسرائيلي» عن الذهاب إلى الحرب من جهة أخرى، وهو ما وصفته مصادر متابعة بالسعي «الإسرائيلي» لتسخين الأوضاع لما دون درجة الانفجار، حتى موعد الانتخابات بعد أسبوعين، بحيث لا تدخل حكومة نتنياهو في أيّ تهدئة تتسبّب بخسارة الإنتخابات ولا تذهب إلى تصعيد يورّطها في مواجهة لا تملك القدرة على الخروج منها إلا بالخسائر، ورجحت المصادر أن تكون الطائرات «الإسرائيلية» قد استخدمت المسارات الجوية المتاحة للطائرات الأميركية ضمن عمليات التنسيق الأميركية الروسية، بينما قالت مصادر في الشمال السوري إنّ الطائرات أطلقت صواريخها من فوق مدينة إدلب بعدما دخلت الأجواء السورية حيث تسيطر تركيا والجماعات المسلحة من فوق البحر.
المصادر العسكرية السورية تحدّثت عن إسقاط الدفاعات الجوية السورية لعدد من الصواريخ، وعن اقتصار الأضرار على الماديات، بينما قالت مصادر الجماعات المسلحة إنّ القصف استهدف مستودعات للسلاح قرب مطار حلب والمنطقة الصناعية.
لبنانياً، مع تأجيل اجتماع الحكومة والجلسة النيابية المخصّصة للأسئلة والاستجوابات النيابية للحكومة، بسبب الوضع الصحي لرئيس الحكومة سعد الحريري الذي خضع لعلمية جراحية في القلب ويمضي فترة نقاهة بعد العملية، اندلع الاشتباك السياسي الكبير بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، من بوابة ملف الكهرباء، الذي بدا مجرد ذريعة لفتح النار الذي سرعان ما تخطى التيار الوطني الحر وملف الكهرباء ليطال رئيس الجمهورية وزيارته إلى روسيا والتفاهمات التي صدرت فيها مواقف مشتركة روسية لبنانية، حول ملف النازحين، والإعلان الأميركي عن ضمّ الجولان لـ «السيادة الإسرائيلية»، وتأكيد نوايا التعاون في مجالات النفط والطاقة والسياحة والثقافة، والإهتمام المشترك بالوجود المسيحي في الشرق، وهو ما وصفته المصادر القواتية بنقل لبنان من المحور الغربي التقليدي إلى المحور الشرقي، وما يتخطى صلاحيات رئيس الجمهورية، واصفة دخول رئيس الحزب القوات سمير جعجع على خط ملف الكهرباء بالرسالة السياسية الموجهة إلى رئيس الجمهورية حول عدم الرضا الأميركي والغربي عن ما صدر من مواقف في موسكو.
سجال كهربائي على خط التيار – القوات
تتزاحم الأحداث والاستحقاقات المحلية بالتوازي مع التصعيد الاقليمي المتمثل بإعلان الرئيس الأميركي تأييد ضم الجولان السوري للكيان الاسرائيلي وما سيترتب عليه من تداعيات خطيرة على الحقوق اللبنانية لا سيما مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من قرية الغجر.
ففي حين بقي ملف النازحين السوريين في صدارة الاهتمام الرسمي بعد الزيارة الهامة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى روسيا ولقائه الرئيس الروسي فلادمير بوتين وسط ترقب لنتائجها على الصعد كافة، عاد الخلاف السياسي على ملف الكهرباء الى الواجهة، حيث سُجّل توتر كهربائي على خط التيار الوطني الحر – القوات اللبنانية، ما يُعرّض مجلس الوزراء المجمّدة جلساته مؤقتاً بسبب الوضع الصحي للرئيس سعد الحريري الى الانقسام حول خطة وزارة الطاقة والمياه الكهربائية، فيما علمت «البناء» أنّ خطة الكهرباء تواجه عراقيل ومحلّ رفض من عدة قوى سياسية وعلى رأسها القوات مقابل تأييد من فريق رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وتيار المستقبل.
وفيما عبّر رئيس القوات سمير جعجع عن رفضه للخطة، ردّ عضو تكتل «لبنان القوي» النائب إدي معلوف على جعجع وكتب على «تويتر»: «لا بالطب، ولا بالخيارات الإستراتيجية صاب، بالعدّ ما بتفهم عليه، بملف النازحين حدّث ولا حرج، وجاي ينظّر بالكهرباء»! فردّ نائب القوات جوزف اسحق بالقول عبر «تويتر» «من الـ2010 ونحنا ناطرين نظرياتكن والكهربا من سيّئ لأسوأ، والهدر بالكهربا يُشكّل 40 بالمئة من عجز الموازنة، هودي حساباتكن . نحنا حساباتنا شفافة ومنطقية، وحلنا انو ما نزيد الإنتاج قبل ما نوقف الهدر التقني وغير التقني حتى لا نخسر زيادة».
بدورها، ردّت وزيرة الطاقة ندى بستاني على جعجع عبر «تويتر»، وقالت: «تتوالى الهجمات الهدّامة على خطّة الكهرباء من قبل بعض الأفرقاء بغية التشويش وتكوين فكرة سلبيّة ومغالطة لدى الرأي العام. ليتهم يحصرون تعليقاتهم واستفساراتهم ضمن اللجنة الوزارية المختصة بدل ادّعاء بطولات وهميّة أمام الاعلام. تبقى يدنا ممدودة للتعاون البنّاء لحلّ يفرح كلّ اللبنانيين».
أزمة كهرباء جديدة؟
ووسط هذا السجال الكهربائي ومع التجميد المؤقت لعمل مجلسي الوزراء والنواب بسبب غياب رئيس الحكومة الموجود حالياً في باريس لفترة راحة تستمرّ أياماً عدة، يبدو أنّ البلاد أمام أزمة كهرباء جديدة بعد توقف معمل دير عمار أمس عن إنتاج الطاقة الكهربائية بسبب نفاذ الغاز أويل، كما توقف معمل الزهراني تدريجياً، علماً أنّ الاعتمادات وقعت منذ أيام في وزارة المال وصرفت أمس من مصرف لبنان، والأحوال الجوية قد لا تساعد في إفراغ حمولة السفن في اليومين المقبلين.
وبعد رفض بعض القوى السياسية المساعدة الإيرانية في الكهرباء، أعلن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، عزم روسيا تعزيز تعاونها الاقتصادي والتجاري مع لبنان، بما في ذلك توريد الغاز الطبيعي المسال إلى هذا البلد. وأشار إلى أنّ الشركات الروسية على استعداد لتوريد الغاز الطبيعي المسال إلى لبنان، والعمل على استكشاف الهيدروكربونات في الساحل اللبناني.
الموازنة في عين التينة
الى ذلك، استحوذ ملف الموازنة على اهتمامات عين التينة، حيث نقل نواب عن رئيس مجلس النواب نبيه بري قوله خلال لقاء الاربعاء «على الحكومة إحالة الموازنة في أسرع وقت والوضع الاقتصادي يستدعي مجموعة إجراءات قد لا تكون شعبية لكنها لن تطال الطبقات الفقيرة.
وأعلن عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي بزي، بعد اللقاء «انّ الرئيس بري اكد أنّ العرب وصلوا الى انحطاط كبير، والحلّ في المنطقة هو في المقاومة والمقاومة فقط». ولفت الى انّ «النواب أثاروا مع الرئيس بري الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وتمّ الاتفاق على ضرورة ان يكون هناك توافق وطني حول الإجراءات الواجب اتخاذها»، وقال: «الرئيس بري يعتبر انه يجب ألا يشعر أيّ إنسان بحالة اليأس، وهناك خطط لمعالجة المواضيع الاقتصادية».
وحملت مصادر نيابية الحكومة مسؤولية التأخير بإقرار الموازنة، داعية إياها للإسراع بإعداد مشروع الموازنة ودرسها واقرارها وارسالها الى المجلس النيابي، حرصاً على الانتظام المالي، وأوضحت المصادر لـ «البناء» أنّ «المجلس النيابي مستعدّ للبدء بمناقشة الموازنة والتصديق عليها فور وصولها الى المجلس لكن الكرة في ملعب الحكومة، مضيفة أنّ المجلس النيابي يستطيع وفق صلاحايته تخفيض أرقام الموازنة وتقليص الإنفاق لكنه لا يستطيع زيادتها، ولفتت الى أنّ «خفض العجز الى 1 في المئة من الناتج المحلي لا يكفي بل يجب خفضه أكثر»، واعتبرت أنّ «إجراء وزير المال علي حسن خليل تجميد صرف النفقات صحيح ولو أنه غير قانوني مئة في المئة لكنه يصبّ في إطار الحفاظ على المالية العامة ووسيلة ضغط على الحكومة باتجاه إقرار الموازنة، إذ أنّ الوزارات وإدارات الدولة سيبادرون الى عقد نفقات لم يتأمّن تمويلها لغياب الموازنة».
ولن يعقد مجلس الوزراء جلسة هذا الأسبوع ما يعني بحسب المصادر تأخير البت بخطة الكهرباء إذ أنّ جلسة لجنة الكهرباء تأجلت أيضاً وبالتالي ملف الموازنة وبند التعيينات، فضلاً عن إرجاء جلسة الأسئلة والأجوبة النيابية للحكومة ولجم الاندفاعة السياسية والوطنية لمكافحة الفاسد بسلاح الفتنة المذهبية، ما يعني عملياً دخول الحكومة في فترة تصريف أعمال مؤقت وبالتالي تجميد عمل الدولة، ما يطرح علامات استفهام عدة حول وجود ضغوط وتدخلات خارجية بمسار عمل الدولة بحسب مصادر عليمة. وإلا ما الذي يمنع إنجاز هذه الملفات على طاولة مجلس الوزراء طالما أعلنت جميع مكونات الحكومة عزمها على معالجة مشكلات البلد والعمل بالحكومة بروح التعاون وللمصلحة الوطنية؟
تحول استراتيجي في السياسة الخارجية!
الى ذلك شكلت زيارة الرئيس عون الى روسيا نقطة تحوّل في السياسة الخارجية للبنان الذي عُرف خلال العقود الأخيرة بأنه موقع شبه متقدّم للغرب في الشرق، وقد لا يكون لبنان انتقل الى المحور الشرقي بحسب ما تقول مصادر مطلعة لـ «البناء»، لكنه بقرار حاسم وحازم من رئيس الدولة طرق باب جديد تموضع خلال بموقع وسطي بين الشرق والغرب وهذا ما لم يحصل منذ الاستقلال، ووصفت المصادر الزيارة بالتحوّل التاريخي والاستراتيجي إذا ما استتبِعت بتنفيذ ما اتفق عليه بين الرئيسين عون وبوتين خلال المحادثات، من العلاقات الاقتصادية وقدوم الشركات الروسية للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الاقليمية الى شركات الاستثمار والدعم الروسي بمسألة النازحين الى التعاون السياسي عبر عقد مؤتمر برلماني في لبنان يضمن سورية وروسيا وإيران والأردن وتركيا وأوروبا لحلّ أزمة النزوح.
وأوضحت المصادر في هذا السياق، «أننا قد لا نشهد خطوات نوعية بملف النازحين لكن الزيارة تساهم الى حدّ كبير في دعم مبادرة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم لإعادة النازحين». أما عن ردة الفعل الأميركية على لبنان على الخطوة الرئاسية فأكدت المصادر أنّ «الولايات المتحدة سخرت كلّ إمكاناتها للضغط على لبنان ولم تنجح ولبنان بدأ يخرج من هاجس الخوف الأميركي وقد جاء حدثان باتجاه الخروج من فلك الارادة الأميركية: الاول فشل زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الى لبنان، والثانية زيارة عون الى روسيا، مستبعدة تأثير الضغوط المالية على لبنان، إذ أن أميركا تدرك بأنّ مزيداً من الضغط على لبنان يعني انتقاله أكثر الى المحور الشرقي».
وفي وقت تُغلف بعض القوى المحلية لا سيما القوات اللبنانية وتيار المستقبل عرقلتها لعودة النازحين باتهام الدولة السورية برفض عودة مواطنيها المهجرين من الحرب، أكد السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم أنّ «هناك تسهيلاً بكلّ معنى التسهيل لعودة النازح السوري الى بلاده من الجانب السوري»، مشيراً الى أنّ «الذين عليهم ملفات أمنية في لبنان أعدادهم ليست كبيرة». وفي حديث تلفزيوني أوضح علي عبد الكريم أنّ «دعم اللاجئ في سورية يكون عشرة أضعاف كقيمة ومردود على الأرض من الدعم في بلاد اللجوء»، معتبراً أنّ «كرامة السوريين تتأمّن بدعمهم وبالدفع لهم من داخل سورية»، مشيراً الى انّ «الخمسين دولار في سورية هي أكبر من الف دولار يتقاضاها النازح في لبنان». وأشار الى انّ «نسبة كبيرة من الذين كانوا محكومين بالخدمة الإحتياطية تمّ اعفاؤهم ومن ثم عادوا بأعداد قليلة»، مشيراً الى انّ «السوري عند عودته يعطى فترة داخل البلاد فلا يقتاد مباشرة من الحدود الى الخدمة».
بدوره، دعا وزير الخارجية جبران باسيل من العاصمة التشيكية البرلمانات الأوروبية «للتحرك أكثر مما تقوم به الحكومات ولا سيما لشرح مخاطر الإستمرار في تمويل النازحين في البلدان المقيمين فيها»، مشيراً إلى أنّ «كلفة عودتهم إلى بلادهم هي أقلّ بكثير مما ينفقه الأوروبيون لإدارة النزوح ».
اللواء
خلاف عوني – قواتي حول خطّة الكهرباء – يهدِّد التضامن ووقف الهدر
باسيل يتجه لتغيير الحاكم الأرمني.. وكفُّ يد مُحاميَّين عامَّين عن الإشارة للضابطة العدلية
من أين تبدأ الحكومة مشوار الألف ميل، بعد التعيينات العسكرية، التي مرّت وفقاً لاقتراحات ممثلي الكتل والطوائف داخل مجلس الوزراء، في إصلاح الخلل الفاضح، سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص، حيث دقت جمعية الصناعيين أمس ناقوس الخطر ودعت لإعلان حالة الطوارئ والتأهب لإنقاذ القطاع.. في وقت نقل نواب لقاء الأربعاء النيابي عن الرئيس نبيه برّي دعوته للإسراع بإقرار موازنة مخفضة، واحالتها بأسرع وقت إلى المجلس النيابي، ومقاربة معالجة صحيحة للاقتصاد، عبر إجراءات تحول دون الوصول إلى ما لا تحمد عقباه..
وتنظر مصادر وزارية إلى أوّل جلسة لمجلس الوزراء، بعد عودة الرئيس سعد الحريري من باريس باعتبارها كاشفة إلى كيفية اختبار مكونات الحكومة قدرتها على معالجة البنود الملحة، كقضية الكهرباء، التي احيلت خطتها إلى لجنة وزارية، وتتراوح المعالجة بين الإسراع بالتنفيذ أو العودة إلى العتمة، وسط خلاف بين التيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية» التي تتعرض لحملة عونية على خلفية المعارضة «القواتية» لخطة الوزيرة ندى البستاني للمعالجة بإجراءات مؤقتة ودائمة لمعضلة الهدر في الكهرباء وتوفير الكهرباء 24/24.
استراحة قسرية
وباستثناء لقاء الأربعاء النيابي، حيث أعاد الرئيس نبيه برّي الاعتبار إلى أولوية إقرار الموازنة التي غابت عن التداول رغم المهلة التي حددها المجلس النيابي لنفسه بثلاثة أشهر في آخر جلسة عقدها، لم يسجل أمس، أي نشاط رئاسي بفعل الاستراحة التي فرضتها عودة الرئيس ميشال عون في الخامسة فجراً من موسكو، واستمرار خضوع الرئيس سعد الحريري لفترة نقاهة في باريس من عملية التمييل في شرايين القلب التي أجراها في العاصمة الفرنسية، مما حتّم تأجيل جلسة مجلس الوزراء إلى الأسبوع المقبل، وكذلك تأجيل جلسة الأسئلة والأجوبة التي كانت أرجئت من الجمعة إلى موعد آخر يُحدّد لاحقاً.
لكن الاستراحة القسرية لم تحجب التوتر السياسي الذي عاد إلى الواجهة بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، على خلفية تحفظ «القوات» على خطة الكهرباء التي وضعتها وزيرة الطاقة ندى البستاني، في حين كانت العاصمة بيروت، ومعها معظم المناطق اللبنانية تعيش في شبه عتمة شاملة، بسبب توقف معملي دير عمار في الشمال والزهراني في الجنوب، بشكل كامل أو جزئي، وأدى إلى تقنين قاس تجاوز الـ12 ساعة تغذية في اليوم، عزت مؤسسة كهرباء لبنان سببه إلى سوء الأحوال الجوية الذي منع بواخر «الفيول اويل» من تفريغ حمولتها إلى المعملين المذكورين، على الرغم من توقيع وزير المال علي حسن خليل للاعتمادات المالية المطلوبة للمؤسسة منذ يومين.
وبحسب المعلومات، فإنه من المحتمل ان تصل ساعات التقنين إلى عشر ساعات في حال توقف معمل الزهراني كلياً مساء اليوم، وقد يمتد إلى بداية الأسبوع المقبل، علماً ان مؤسسة الكهرباء طلبت فتح اعتمادات جديدة لتأمين الفيول لسفينتي إنتاج في معمل الزوق، لكي تتمكنا من الاستمرار في الإنتاج حتى منتصف نيسان المقبل.
أولوية الموازنة
وعليه، بات حل مشكلة الكهرباء التي تشكّل ثلث عجز الموازنة، أولوية بالتزامن مع إقرار الموازنة، وهو ما أكّد عليه الرئيس برّي خلال اتصال هاتفي اجراه مع الرئيس عون، متمنياً لو كانت أقرّت قبل تأليف الحكومة، حيث كنا امام فرصة ذهبية لإنجاز هذا الاستحقاق». بحسب ما أبلغ نواب الأربعاء، لافتاً نظر هؤلاء إلى ان وزير المال أنجز مشروع الموازنة، ويجب على مجلس الوزراء الإسراع في اقراره واحالته بأسرع وقت الى مجلس النواب الذي سينكب على درسه في لجنة المال قبل اقراره في الهيئة العامة».
إلا ان برّي اشترط تخفيض العجز في الموازنة بنسبة تزيد على الواحد في المائة وهو ما نص عليه البيان الوزاري للحكومة، وقال انه إذا لم يتم تخفيض العجز، فإن ذلك يعني ان البلد ستكون بوضع غير جيد. ونقل النواب عن الرئيس بري ان «جلسة الاسئلة والأجوبة المقررة غداً الجمعة كما جلسة مجلس الوزراء ستؤجل بسبب الوضع الصحي للرئيس الحريري». كما نقلوا عنه انه «يجري لقاءات واتصالات شملت وزير الاقتصاد ولجنة الاقتصاد النيابية وحاكم مصرف لبنان وخبراء اقتصاديين من اجل مقاربة موضوعية للوضع الاقتصادي الصعب والدقيق وإنقاذ البلاد من خلال إجراءات تحول دون الوصول الى ما لا تحمد عقباه، وان لا تكون هذه الإجراءات على حساب الاستقرار المعيشي لذوي الدخل المحدود».
وفي ما يتعلق بالقرار الاميركي باعتبار الجولان جزءا من الكيان الإسرائيلي وردود الفعل عليه استعار الرئيس بري من الأديب ميخائيل نعمة القول: «سئل الجبل من اين علوك فأجاب من الوادي»، وهذه هي الحال بالنسبة للعرب الذي اوصلوا الوضع الى ما هو عليه.
توتر سياسي حول الكهرباء
غير أن مصادر سياسية متابعة، رأت ان حل مشكلة الكهرباء يحتاج إلى توافق سياسي، لا يبدو انه متوافر حتى الساعة، نظراً لتحفظ «القوات اللبنانية» ومعها فريق وزاري آخر، على الخطة التي وضعتها الوزيرة البستاني، ما اعتبر رفضاً لها، وهو ما أعاد وتيرة التساجل «التويتري» بين نواب «القوات» و«التيار الوطني الحر»، وفي الوقت نفسه ساهم في خلق اجواء توتر سياسي بين الطرفين، يخشى ان يترك انعكاسات على أداء الحكومة، وتالياً على إقرار الخطة.
وسارعت الوزيرة البستاني للرد على انتقاد «القوات» للخطة، معتبرة بأن الهجوم على الخطة هدفه التشويش عليها، وتمنت عبر «تويتر» لو تمّ حصر التعليقات والاستفسارات ضمن اللجنة الوزارية المختصة، بل ادعاء بطولات وهمية امام الإعلام، لكنها أعلنت ان يدها ستبقى ممدودة للتعاون البناء لحل يفرح كل اللبنانيين».
ولاحقاً، أصدرت وزارة الطاقة بياناً توضيحياً، أكدت فيه ان «الخطة المحدثة المعروضة على مجلس الوزراء لا تتضمن حلولاً مؤقتة، وإنما حلولاً متكاملة تدمج بين تأمين الكهرباء في المديين القصير والبعيد معاً، وان خفض الهدر يشكل العامل الأوّل للخطة، وقد بوشر العمل على تقليصه منذ تشكيل الحكومة، وحتى قبل طرح الخطة على مجلس الوزراء لاقرارها. ودعا البيان كل الأفرقاء إلى الحوار الإيجابي والبناء من أجل تأمين الكهرباء للجميع.
ومن جهتها، شددت أوساط بارزة في «القوات» على ان «معراب» لم ترفض خطة الكهرباء، بل انها تناقش مضمونها، ولم تقل انها لا تريد هذه الخطة، وتريد في المقابل خطة أخرى، وأكدت لـ«اللواء» انه يجب ان تكون هناك انطلاقة لكل خطة، من أين تبدأ وكيف تنتهي، لذلك يجب البدء من مشكلة معالجة الهدر الذي يفوق الخمسين في المائة.
وأشارت إلى أن «الركيزة الأساسية لأي خطة لمعالجة الكهرباء تحديد المرحلة الانتقالية بأقرب وقت ممكن، والعمل بشكل ثابت على الحلول والخيارات الثابتة، وليس وفق الحلول الموقتة التي ما زلنا نعمل بها منذ 2013، بعدما تحولت الحلول الموقتة إلى حلول دائمة لدى البعض»، لافتة إلى أن «القوات تريد الذهاب فوراً إلى الحلول الدائمة والاستغناء عن الحلول الموقتة، على أن يكون كل شيء من خلال إدارة المناقصات».
إلى ذلك، اعربت مصادر وزارية لـ«اللواء» عن اعتقادها أنه مع عودة الحكومة الى الانعقاد مجددا الاسبوع المقبل، فإن اختبارا جديدا يواجهها ويتصل بمقاربة البنود الاصلاحية التي يراد ان تقر سريعا بفعل عدة أسباب، ومن هنا رأت ان اي خلاف حول اي بند قد يعني حكما دق ناقوس الخطر، مشيرة الى ان البداية تكون مع ملف الكهرباء المحال الى لجنة وزارية.
واكدت المصادر ان الملف الاقتصادي الذي تحول الى اكثر من ضاغط واصبحت الحاجة الى مقاومة فيه كما ذكر الرئيس ميشال عون فإنه من دون شك قد يحضر في اجتماعات المعنيين وسط اتجاه الى اجراءات قد تتخذ من أجل سلامة الوضع، واستذكرت المصادر ما اشار اليه الرئيس عون في اطلاق حملة النهوض الاقتصادي . واوضحت ان الرئيس عون يتابع مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامه الوضعين المالي والنقدي في البلاد من خلال اجتماع اسبوعي معه وان تطمينات الحاكم تبعث بالراحة على ان المواكبة لها تكون من خلال سلة تدابير تحت عنوان مكافحة الفساد والسير بالاصلاح اللازم.
عودة النازحين
وفي هذه الغضون، رأت مصادر سياسية، ان المحادثات التي أجراها الرئيس عون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي تناولت بشكل أساسي ملف النازحين السوريين، لا بدّ ان تعيد تصويب الموقف الرسمي اللبناني من الملف، في ضوء الموقف الروسي من المبادرة التي سبق ان طرحتها موسكو لإعادة النازحين في قمّة هلسنكي التي جمعت الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع الرئيس الروسي في منتصف تموز الماضي، والتي أعقبها تعيين لبنان لأعضاء اللجنة المشتركة الروسية- اللبنانية لمتابعة المبادرة والتي بقيت شبه مجمدة في انتظار تحقيق الكثير من الأهداف للانطلاق بها بشكّل فعلي. وفي هذا الإطار، علمت «اللواء» ان الرئيس عون سمع من الرئيس بوتين وغيره من المسؤولين الروس، ان المبادرة الروسية تحتاج إلى تمويل من قبل المجتمع الدولي، إضافة إلى قرارات وتسهيلات من قبل النظام السوري، مثل إصدار عفو عام وحل موضوع التجنيد الاجباري، وان موسكو تعمل مع النظام السوري لتنفيذ هذين القرارين من أجل تحريك المبادرة.
تعيينات نواب الحاكم
وسط ذلك، تداولت أوساط معنية في خلفية المعلومات المسربة عن خلاف بين رئيس تيّار الوطن الحر الوزير جبران باسيل وحزب الطاشناق، إذ يقترح باسيل اسم كاثوليكي من خارج الطاشناق خلافاً للعرف المعمول به (MTV) وهو غريس ايراديان، مقابل إصرار الطاشناق على إبقاء هاروت صاموئيليان في موقعه كنائب الحاكم رياض سلامة، مع اتجاه كل من الرئيسين برّي والحريري للتجديد لكل من رائد شرف الدين ومحمّد بعاصيري وتوجه النائب السابق وليد جنبلاط لاستبدال النائب الدرزي للحاكم سعد العنداري بالمصرفي فادي فليحان.
في سياق قضائي، ذكرت مصادر قضائية ان النائب العام الاستثنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون اعطت تعليمات لمدعين عامين بعدم إعطاء أية إشارة للضابطة العدلية (القوى الأمنية المنفذة لأوامر القضاة) خلال المناوبة، على ان يستمرا بمزاولة عمليهما الآخر، بشكل اعتيادي، إجراءات لا يعود لها اتخاذها.
المصدر: صحف