في الوقت الذي تُعد فيه الطفولة من أهم المراحل العمرية في حياة الإنسان، توصلت دراسة حديثة إلى أن التعرض إلى الإساءة في مرحلة الطفولة يؤثر بشكل كبير على بنية الدماغ ويزيد من حدة الاكتئاب في مرحلة عمرية لاحقة. فكيف ذلك؟
تعتبر الطفولة من أهم المراحل العمرية في حياة الإنسان، إذ لا تبدأ فقط الملامح الأولى لشخصيته في التشكل بل أيضاً نظرته العامة للحياة. وتتفاوت طرق عيش هذه المرحلة بأشكال مختلفة من شخص إلى آخر، وذلك حسب عدة ظروف منها الأسرة والمحيط والمجتمع.
ويعاني البعض في فترة الطفولة من التعرض إلى الإساءة بأشكال عديدة، وهو ما يترك بداخله أثراً يصعب تجاوزه، بل يمكن أن يُصاحب الشخص طيلة حياته ويسبب له مشاكل نفسية وجسدية خطيرة للغاية.
وفي هذا الشأن، توصلت دراسة حديثة إلى أن التعرض للإساءة في فترة الطفولة قد يؤدي إلى تغييرات في بنية الدماغ، والتي قد تجعل الاكتئاب أكثر حدة في مرحلة عمرية لاحقة، وفق ما أشار إليه الموقع العلمي المتخصص “نيوز ساينس”.
واعتمدت نتائج هذه الدراسة، التي جرت في جامعة “مونستر” الألمانية على فحص أدمغة 110 من الأشخاص البالغين (تتراوح أعمارهم بين 18-60)، والذين تم نقلهم إلى المستشفى بسبب تعرضهم إلى اضطراب اكتئابي حاد. وقام المشرفون باستفسار المرضى حول تعرضهم للإهمال أو سوء الإساءة عاطفيا أو جنسيا أثناء فترة طفولتهم.
وأفادت الدراسة أن الأشخاص، الذين عانوا من الإساءة في فترة طفولتهم كان الفص الجزيري لديهم صغيرا (منطقة في الدماغ تساعد على تنظيم الوعي الذاتي والعاطفة)، وأصبحوا أكثر عرضة للإصابة بنكسة.
وفي نفس السياق، نقل موقع “usnews” الأمريكي عن المشرف على الدراسة نيلز أوبل قوله “هذا يشير إلى آلية معينة، وهي أن صدمة الطفولة تؤدي إلى تغييرات في بنية الدماغ، وتؤدي إلى تكرارا الاكتئاب ونتائج أسوأ”، وأضاف: “نتائجنا تعزز فكرة أن المرضى الذين يعانون من الاكتئاب السريري وتعرضوا لسوء المعاملة في فترة الطفولة، يمكن تميزهم عن أولئك الذين لم يعانوا من هذه الصدمة في وقت مبكر في الحياة”.
من جانب آخر، أكد نفس المتحدث أن نتائج الدراسة “قد تترجم في يوم من الأيام إلى عناية خاصة ورعاية وعلاج يمكن أن يحسن من الحالة الصحية للمرضى”، وأضاف أن الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب وتعرضوا للإساءة في فترة طفولتهم ربما يحتاجون إلى علاج خاص، على حد وصف المشرف على الدراسة نيلز أوبل
المصدر: DW