ركزت الصحف الصادرة في بيروت نهار السبت 23-2-2019 على موضوع الصلاحيات الدستورية وعلى ملفي النازحين والتنسيق مع سوريا، وجاءت افتتاحياتها على الشكل التالي:
الأخبار:
الرئيس عون بين حافتَي الواجبات والصلاحيات
كتبت الاخبار “ليست المرة الأولى يتخذ الرئيس ميشال عون موقفاً، ينظر إليه البعض على أنه يجتهد في تفسيره صلاحياته. أكثر من مرة أرسل إشارات إلى أنها ليست رمزية، ليست وهمية، أو أن بين أسلافه مَن لم يعتد على استخدامها، قبل اتفاق الطائف وبعده”.
عندما لجأ رئيس الجمهورية إلى المادة 59 من الدستور عام 2017 للحؤول دون تمديد ولاية مجلس النواب، سجّل سابقة، بعدما كان رفض في السنة نفسها توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة إلى انتخابات نيابية وفق القانون النافذ، وكانت كذلك سابقة. عندما قال في السنة نفسها إنه أعطى الأمر إلى الجيش لاقتلاع الإرهاب من الجرود الشرقية في ضوء الاستعداد الذي أطلعه عليه قائده العماد جوزف عون، سجّل أيضاً سابقة. عندما أمسك بمقبض تأليف الحكومة السنة المنصرمة بكلامه عن معاييره هو لهذا التأليف، ورفض أكثر من مسودة، سجّل كذلك سابقة.
لكن له أيضاً أكثر من سابقة خارج نطاق صلاحياته الدستورية المباشرة. بيد أنها ترتبط بدوره وموقعه، شأن انفتاحه على نظام الرئيس بشار الأسد وتكليفه أحد وزراء الحكومة السابقة التواصل الدوري مع رجالات النظام، وإصراره في السنتين المنصرمتين، في الداخل وعلى منابر أممية ومؤتمرات دولية وإقليمية، على إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم. هاتان المشكلتان انفجرتا في وجه ثانية حكومات العهد في أول جلسة تعقدها الخميس الفائت.
ما أفضت إليه الجلسة أفصح عن بضع ملاحظات:
أولاها، أن رئيس الحكومة سعد الحريري لم يشأ الدخول على خط السجال الساخن في مجلس الوزراء، ولا بعد ارفضاضه. لم يتدخّل في أي من بنود جدول الأعمال لدى مناقشتها، ولم ينبس ببنت شفة في الجدل الذي تلاها، فلم يعدُ انضمام الوزير جمال الجراح إلى وجهة نظر وزيري القوات اللبنانية سوى من باب رفع العتب. بدا الحريري في نظر وزراء شارد الذهن، متأثراً بـ«صدمة» قرار المجلس الدستوري إبطال نيابة عضو كتلته النيابية ديما الجمالي، مع أن موقفَي عون من موضوعي السجال هما أكثر ما يتناقض معه الحريري عليه، سواء برفضه العودة «الآمنة» التي يطلبها رئيس الجمهورية وأخيراً أبدلها الحريري بـ«العودة الطوعية»، أو بإزاء الاتصال بالدولة السورية ورئيسها. تناقض كهذا يبقى مكتوماً لا يريد الحريري – وإن بصفته رئيساً لمجلس الوزراء، متمسكاً بصلاحياته كاملة – أيّ اشتباك من حوله مع رئيس الجمهورية، من غير أن يتخلى أيّ منهما عن أحكامه المسبقة.
ذلك مغزى أنّ الرجلين يقدّمان نموذجاً جديداً – لكن على الطريقة اللبنانية – عن «المساكنة» او «التعايش» في سلطة إجرائية، مثقلة بتنافر أفرقائها بعضهم مع البعض الآخر، وتناقضات خياراتهم. بالتأكيد يدخل في صلب تبرير هذه «المساكنة» أنّ التباعد الأوسع في الملف الداخلي يقيم في تقويم كل من رئيسي الجمهورية والحكومة سلاح حزب الله، ورغبة الحريري في تجاهل الخوض فيه راهناً.
ثانيها، اقتصار الاشتباك على حزب القوات اللبنانية في جلسة الخميس، وتالياً ختم السجال والجلسة بالطريقة التي أرادها عون، قدّم برهاناً إضافياً على الحصانة الصلبة التي تتمتع بها تسوية 2016 بين عون والحريري، وثالثهما ثنائي حزب الله – حركة أمل. آخر مظاهرها تأليف الحكومة على النحو الذي جعل الأفرقاء الثلاثة هؤلاء هم الرابحون فيها.
في جانب رئيسي من الاتفاق المضمر الذي يغطي التسوية، إدراك الفريقين أن أياً منهما لن يصطف في خيارات الآخر، أو يؤيدها، أو يجامل بإزائها. إلا أنهما متفاهمان على عدم نقل تباينهما إلى داخل مجلس الوزراء، ولا وضع تعاونهما على محكه. لا يسع الحريري، أعتى مناوئي نظام الأسد، التخلي عن أي من أحكامه حيال الأسد ونظامه، في بيت الوسط كما في المؤتمرات والمنتديات وأمام كتلته النيابية، ولا يتردد في نعت النظام بـ«إرهابي». مع ذلك لم يشكُ مرة من تحرّك السفير السوري في بيروت، ولا استدعى السفير اللبناني في دمشق وحكومته هو بالذات عيّنته، ولا حادَثَ رئيس الجمهورية في إشهار إلغاء المجلس الأعلى اللبناني السوري وما انبثق منه من معاهدة واتفاقات، وإن باتت هذه كلها، واقعياً في حكم المعطلة تماماً.
ثالثها، يتصرّف رئيس الجمهورية وفق اقتناع أن واجباته الدستورية مكملة لصلاحياته الدستورية. فحوى ما أدلى به في مداخلته المسهبة، لا يدخل في عداد الصلاحيات الدستورية، بل في الواجبات الدستورية التي تنصّ عليها المادة 49 عندما تتحدّث عن الوظيفة الدستورية لرئيس الدولة، من دون أن تأتي هذه المادة على أي صلاحية. بذلك استمدت حجة الرئيس في ما تناوله، من أنه لا يمارس صلاحية ليست معطاة له، خصوصاً عندما يتحدث الدستور في المادة 65 عن أن مجلس الوزراء هو مَن يضع السياسة العامة للحكومة ورئيسها ينفّذها، بل يستخدم رئيس الجمهورية الواجب الدستوري الذي يحتّم عليه دق ناقوس الخطر عندما تتهدّد البلاد أخطار في وحدتها واستقرارها.
ذلك ما عناه مرتين: بقوله إنه يخشى «قضية سورية» على غرار «قضية فلسطينية» لا تزال بلا حل، وإنّ الأعداد الضخمة من النازحين السوريين بعد زوال معظم أسباب النزوح باتت في حاجة إلى معالجة فورية في معزل عما يقول به المجتمع الدولي.
رابعها، ليس ثمة أدنى إشارة إلى أن اندفاعة عون في الجلسة في مقابل انكفاء الحريري يشيان بخلاف محتمل. كلاهما يتفهّم وجهة نظر الآخر من دون أن يقتنع بها. متفقان على خطورة الوزر الذي بات يمثله النزوح السوري على الأوضاع الداخلية، واستمرار بقاء النازحين واستنزافهم القدرات اللبنانية، والحاجة الملحة إلى إعادتهم إلى بلادهم، بيد أنهما يختلفان على الوسيلة: رئيس الجمهورية يراها عبر التواصل الرسمي والمباشر مع نظام الأسد، ورئيس الحكومة يفضّلها عبر المجتمع الدولي الذي يشكك عون في صدقية ما يعلنه. في حسبان الحريري أن التواصل مع النظام – وإن لهدف محدّد هو النازحون – يقود حتماً إلى حوار سياسي.
كلا الرئيسين على طرف نقيض مما تتناوله القوات اللبنانية في مجلس الوزراء وخارجه: تصوّب على نظام الأسد أكثر منها تصويبها على سلامة النازحين وخوفها على أمنهم منه. على طرف نقيض منهما كذلك، تتوسل النازحين وسيلة لتسجيل موقف مناوئ للنظام، ورفض استعادة الاتصال به والحوار معه.
اللواء:
جلسة النازحين تفتح باب الصلاحيات: قراءتان للدستور تهدِّدان الحكومة؟
الراعي في بعبدا يدعم عون ويعارض الزواج المدني.. وباسيل يتّهم «القوات» بأصحاب «التفكير الصغير»
وكتبت صحيفة اللواء “أعادت مناقشات الجلسة الأولى لمجلس الوزراء في ضوء المداخلة الرئاسية التي تضمنت ما تضمنت من نقاط اشارت إليها «اللواء» في عددها أمس، وأشارت إلى انها احدثت تسميماً في الأجواء، أعادت البحث في الصلاحيات الدستورية، الأمر الذي يقتضي مصارحة بين الرؤساء الثلاثة حول المقاربة التي نصت عليها مواد الدستور، على نحو واضح، منعاً للعودة إلى «حدّ التجاوز» وتوليد حالات تشنج، يبدو أن المهمات الثقيلة المطروحة على عاتق الحكومة للخروج من مأزق المديوينة والركود الإقتصادي، وإصلاح بنى الإدارة والبنية التحتية، فضلا عن إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم”..
على هذا الصعيد، حسمت مصادر قريبة من الرئيس سعد الحريري الموقف بالقول ان نص الدستور واضح لجهة اناطة السلطة الاجرائية بمجلس الوزراء مجتمعا وهو الذي يرسم السياسة العامة للدولة في المجالات كافة.
.. بالمقابل اكدت مصادر سياسية مطلعة ان موقف الرئيس عون في مجلس الوزراء كان واضحا ومباشرا وهو لم يتعد فيه على اي صلاحية دستورية إنما كان ملتزما بالمادتين 49 و50 من الدستور وليس المقصود بالموقف ايضا اي التفرد خصوصا ان كلامه يتصل بحقيقة انعكاسات ملف النازحين السوريين على الوضع اللبناني.
واكدت المصادر ان رئيس الجمهورية صارح بأن هذا الملف يستدعي التنسيق مع سوريا التي تشهد امانا في اغلبية المناطق باستثناء البعض.
ولفتت المصادر الى ان البطريرك الماروني اشاد بالموقف الرئاسي وباستشهاده بزعماء من التاريخ وتعاطيهم مع القضايا.
واكدت المصادر ان مجلس الوزراء المقبل أمام اختبار اخر ولذلك لا بد من رصد بعض المواقف والاتصالات للتهدئة وفصل عمل الحكومة عن القضايا السياسية.
بالمقابل تخوفت مصادر وزارية مطلعة من ان تؤدي القراءات المتباينة، والاختلاف في فهم مواد الدستور، وتحميل المادة 49 أكثر مما تحتمل، في حين ان نص المادة 64 واضحة تماماً لجهة حصد صلاحية رسم سياسة الدولة في مجلس الوزراء، مشيراً إلى ان الأمر لا يتعلق بعودة النازحين، بل بالقرار بتطبيع العلاقات مع النظام في سوريا، وهو موضع خلاف.
وتلقى الرئيس عون جرعة دعم قوية من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، إذ كشف ان الحديث تطرق إلى ما دار في مجلس الوزراء واصفاً موقفه «بالمشرف».
وردّاً على سؤال، حول «ثنائه على موقف رئيس الجمهورية بخصوص صلاحيات رئاسة الجمهورية، بالامس في مجلس الوزراء، فيما سياسيون ونواب انتقدوا هذا الموقف باعتباره تعديا على صلاحيات رئاسة مجلس الوزراء»، فقال: «انا اعرف ان الدستور واضح، والمادة 49 منه واضحة، ولطالما كنّا نردد ان رئيس الجمهورية يقسم يمين المحافظة على الدستور وسيادة الوطن ووحدة الشعب وشؤون الدولة اللبنانية. ولم توضع له لا شروط ولا اي قيد مع احد. وهو لم يعتدِ على احد. ونحن نشكر الله ان لدينا رئيسا، لأنه لو لم يكن لدينا رئيس لكان «فلت» البلد».
وكشف البطريرك الراعي انه عرض مع الرئيس عون موضوع الزواج المدني، مؤكداً: هذا الموضوع لم يطرح منذ اليوم، بل منذ ايام المغفور له الرئيس الياس الهراوي، عندما تم طرح النظام الاختياري بخصوصه. وكان لنا يومها موقف ككنيسة، وتقدمنا بوثيقة في هذا الموضوع. نحن لسنا ضد الزواج المدني بالمطلق. ونقول: اعطونا قانونا واحدا في لبنان او في العالم يحمل صفة: الاختياري. ان القوانين وفق ما درسنا جميعنا، من اول صفاته انه الزامي. وعندما يصدر قانون بصفة اختياري، فأنت تكون تعمل على «تشقيف» البلد وخلق مشاكل.
عودة إلى سجال الصلاحيات
وفيما تحول مجلس الوزراء إلى مسرح للصراعات السياسية، في ضوء ما جرى في جلسة أمس الأوّل من سجالات كادت ان تفجر الحكومة من الداخل، بات السؤال ملحاً: كيف سيتجاوز مجلس الوزراء مستقبلاً مثل هذه العواصف السياسية كي يتمكن من الولوج إلى القضايا الأخرى الملحة، والتي تكتسب الأولوية: اقتصادياً ومالياً ومعيشياً، وعلى مستوى الإصلاحات وايجاد الحلول لها؟
وإذا كان الجواب على السؤال يحتاج إلى قراءة متأنية للمواضيع التي فجرت الصراعات، وإعادة نظر في الحسابات بما يؤمن إعادة ترميم للعلاقات نظر في الحسابات بما يؤمن إعادة ترميم العلاقات بين القوى السياسية باتجاه تصليب التضامن الوزاري، فقد كان لافتاً للانتباه عودة سجالات الصلاحيات بين الرئاستين الأولى والثالثة، في ضوء ما قاله الرئيس ميشال عون في مجلس الوزراء عن صلاحياته الدستورية، وانه هو الذي يعرف مصلحة البلاد العليا، وهو الذي يحددها، ما دفع نواب في تيّار «المستقبل» وآخرون مثل اللواء اشرف ريفي، لأن يقولوا بأن صلاحيات رئيس الجمهورية لا تشتمل اتخاذ قرارات نيابة عن مجلس الوزراء مجتمعاً، وأعاد هؤلاء إلى الأذهان نص المادة 64 من الدستور التي تعتبر رئيس الحكومة مسؤولاً عن تنفيذ السياسة العامة التي يضعها مجلس الوزراء، بحسب تغريدة النائب محمّد الحجار على «تويتر».
وأكّد وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي في السياق لـ«اللواء» بأن من «يحدد المصلحة اللبنانية العليا هو رئيس البلاد، وإذا اختلفت وجهة نظره مع طرف آخر، حول موضوع النزوح السوري مثلاً، تصبح الورقة السياسية في هذا الموضوع قابلة للنقاش في مجلس الوزراء، مشيراً إلى ان رئيس الجمهورية لا يتعدى لا على صلاحيات رئيس الحكومة ولا على الحكومة مجتمعة».
ووصف جريصاتي الاعتراضات التي صدرت حول موقف عون بأنها «شكلية» والهدف منها تسجيل مواقف، مشيراً إلى ان لديه قناعة راسخة بأن كل مكونات البلد دخلت فترة ارتياح لأنه أصبحت لدينا مرجعية لبنانية.
وقال: «انا اعرف بالشخصي ان الرئيس سعد الحريري مرتاح لهذا الأمر».
وأوضحت مصادر «التيار الوطني الحر» ان الرئيس عون لم يكن يتحدث في مجلس الوزراء عن العلاقات اللبنانية – السورية، بل ان كلامه كان حصراً عن عودة النازحين السوريين إلى بلدهم، مشددة على ان المصلحة العليا للبنان هي الأساس مهما كانت السبل.
«القوات» تحمل التيار المسؤولية
في المقابل، أوضحت مصادر حزب «القوات اللبنانية» ان تصويب وزراء «القوات» كان اساساً على زيارة الوزير صالح الغريب لسوريا، من دون علم الحكومة، أو من دون أخذ قرار بذلك من مجلس الوزراء، وأن السجال حول الزيارة حصل قبل انعقاد الجلسة، لكن وزراء آخرين حاولوا حرف النقاش باتجاه إعادة التطبيع مع النظام السوري، وهذا ما نرفضه.
وأكدت الدائرة الإعلامية في حزب «القوات» في بيان بأن «القوات» مع عودة النازحين البارحة قبل اليوم واليوم قبل الغد، وسألت: «اذا كانت عودة النازحين مرتبطة بالنظام السوري فلماذا لم تتحق عودتهم بعد؟ ولماذا لم تنجح العلاقة السالكة بين رئيس الجمهورية والنظام في اعادتهم وهناك أحد الموفدين يزور سوريا اسبوعيا؟».
واعتبرت ان الحملة المبرمجة على «القوات» سببها وقوفها ضد عودة نفوذ الأسد وضد التطبيع مع النظام السوري، وأشارت إلى ان عودة النازحين من مسؤولية الحكومة مجتمعة، وهي مسؤولية وطنية، ومن غير المسموح استخدامها «فزاعة» أو ذريعة من أجل التطبيع مع نظام الأسد، وحمّلت «التيار الوطني الحر» مسؤولية الفوضى أو العشوائية التي رافقت التعامل مع ملف النازحين منذ العام 2011 لاعتبارات «شعبوية واسدية».
.. وباسيل يرد
وفيما لم تشأ اللجنة المركزية للاعلام في «التيار الوطني الحر» الرد على «القوات» أو التساجل معها من موقع الحرص على المصالحة، مكتفية بالقول المأثور: «واذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا»، ردّ رئيس التيار الوزير جبران باسيل، في خلال عشاء اقامته هيئة تنورين في التيار، وصف فيها «القوات» من دون ان يسميها «بالسياسات الصغيرة»، وقال «لو حصل واقمنا مخيمات على الحدود، مثلما اقترح علينا في العام 2011 لكان لبنان اليوم مسيجاً بالمخيمات بدلاً من ان يكون مسيجاً بجيشه.
ورأى ان «التفكير الصغير (وتقصد «القوات») هو ان نفكر ان لا بأس إذا بقي النازحون بضع سنوات إضافية طالما بعض السفراء راضين، اما التفكير الاستراتيجي فهو ان نواجه مهما تحملنا لأن هويتنا مهددة وليس فقط اقتصادنا».
الدورة الاستثنائية
وعلى صعيد آخر، تبدأ لجنة المال النيابية اعتبارا من الاثنين المقبل القبض على فضيحة التوظيف العشوائي الذي جرى في العام 2017 في عدد من الإدارات والوزارات لأسباب انتخابية، وبلغ عدد الذين تمّ توظيفهم خلافاً لقانون سلسلة الرتب والرواتب أكثر من خسمة آلاف موظف، في وقت أكّد فيه الرئيس نبيه برّي ان المجلس ملتزم بما بدأه مع جلسة الثقة بالاصلاح ومكافحة الفساد وعقد الجلسات الرقابية شهرياً.
ويغادر الرئيس برّي، وفق المعلومات إلى الأردن الأسبوع المقبل للمشاركة في المؤتمر البرلماني العربي في عمان، على ان يستقبله الملك عبد الله الثاني، ويعقد لقاءات مع كبار المسؤولين ومع عدد من المشاركين في المؤتمر محورها، وفق المعلومات، عودة سوريا إلى الجامعة العربية.
يُشار في هذا السياق، إلى صدور المرسوم الرقم 4374 القاضي بدعوة مجلس النواب إلى عقد استثنائي يبدأ من 22 شباط ويختتم بتاريخ 19/3/2019 مذيَّلاً بتوقيع رئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء.
الأسلحة السويسرية
وبالنسبة إلى جديد فضيحة الأسلحة السويسرية، كان بيان أصدرته السفارة السويسرية في لبنان، اكدت فيه المعلومات بأن وزارة الدولة للشؤون الاقتصادية أوقفت بالفعل تراخيص تصدير العتاد الحربي إلى لبنان، وعزت ذلك إلى ان «بعثة التدقيق السويسرية عجزت في شهر آذار 2018 عن تحديد مكان شحنة أسلحة سبق ان بيعت وارسلت الي لبنان». وأكّد بيان السفارة ان شحنة الأسلحة ارسلت ليس للحرس الجمهوري وان ايا من القوى المسلحة اللبنانية ليس لها أي علاقة بهذا التدقيق الذي تمّ، علماً انه سبق واتت بعثنا تدقيق في السابق في العامين 2013 و2015 استطاعتا إنجاز التدقيق المراد انجازا كاملا واحداها متعلقة بشحنة ارسلت إلى الحرس الجمهوري.
وبحسب المعلومات، فإن شحنة السلاح التي تحدث عنها بيان السفارة، هي عبارة عن 40 قطعة سلاح فردي اشتراها النائب غازي زعيتر في العام 2016 عندما كان وزيراً للاشغال العامة، لتأمين الحماية الشخصية له، ومواجهة التهديدات الأمنية التي كان يشكلها وجود الارهابيين في جرود السلسلة الشرقية، وقد أكّد الوزير زعيتر هذه المعلومات، في بيان أصدره لهذه الغاية وللرد على ما وصفه «بمعلومات مغلوطة متعلقة باختفاء قطع أسلحة حربية اشتراها من سويسرا».
وأوضح بيان زعيتر انه اشترى هذه الأسلحة اصولا وفق الأعراف الدولية المتبعة، وانه سدد كامل قيمتها من ماله الخاص دون المس بأموال الخزينة أو ترتيب أي أعباء عليها. وقال: ان الأسلحة موجودة لدى مرافقيه، وانه تمّ الاتصال بالسفارة السويسرية لاطلاعها على مكان وجود الأسلحة، لكنها رفضت الانتقال للكشف عليها، ولذا يقتضى التواصل معه لترتيب زيارة للكشف عليها والقيام بما هو مطلوب.
قرار «الدستوري»
وفي خصوص قرار المجلس الدستوري، الذي قى باكثرية أعضائه العشرة ابطال نيابة ديما جمالي واجراء انتخابات فرعية في طرابلس لملء مقعدها الذي بات شاغراً، فلم يطرأ أي جديد، باستثناء دفاع رئيس المجلس القاضي عصام سليمان عن القرار استناداً إلى إلغاء قلم قرصيتا (الضنية) بسبب مخالفة القانون، مشيراً إلى ان «العيوب التي شابت العملية الانتخابية تعود إلى عدم التقيّد بشكل عام بإجراءات قانون الانتخابات».
وشدد سليمان على أن «هذا القرار مدروس، لكن بعض وسائل الاعلام شرحت المخالفة دون التطرق الى القرار». ورأى أن «الحملة السياسية على المجلس الدستوري مرفوضة، فحين يصدر المجلس قرارا فهو ملزم ويجب ألا يقال إنه غدر أو نكد سياسي، وقال نحن نمنع اي تدخل سياسي، واكبر دليل هو ابطال نيابة جمالي وعدم اعلان فوز الطاعن طه ناجي».
وأسف «لكون الديموقراطية في البلد تحولت الى فولكور والسياسة في الحضيض».
كما أصدر أمين سر المجلس القاضي أحمد تقي الدين بياناً نفى فيه ان يكون قد تعرض قبل التصويت على قرار «الدستوري لضغوط من جهات لم يتم الإفصاح عنها، مؤكداً بأن هذا الاتهام باطل وغير صحيح، ويستند إلى تسريبات مغلوطة وكاذبة ومعيبة ولا صحة لها على الإطلاق، وتدل على سوء اخلاق الجهة التي سربتها بالشكل الوضيع الذي وردت فيه» حسب بيان تقي الدين.
تجدر الإشارة إلى ان قرار المجلس الدستوري تضمن أيضاً نص مخالفة القضاة الثلاثة: طارق زيادة وزغلول عطية وسهيل عبد الصمد، الذين عللوا سبب مخالفتهم للقرار لخمسة أسباب جاء في آخرها ان الأكثرية أوردت في قرارها ان الفارق في الكسر يكاد يساوي صفراً وهو 7 على مائة ألف مما يدعونا إلى عدم الأخذ بهذا الفارق المعادل للصفر.
البناء:
فنزويلا والسودان والجزائر تتقدّم كساحات أزمات بديلة بدلاً من سورية واليمن وأفغانستان
غبار سجالات يحجب الأسئلة الأساسية في خطة عمل الحكومة: العلاقة بسورية وقانون الانتخاب… والنهوض بالخدمات… ووقف الهدر
كتب المحرّر السياسيّ في الصحيفة”تحدّثت مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع عن حرب باردة تحكم العالم لعقد مقبل، في ظل العناد الأميركي والمكابرة على الاعتراف بالمعادلات الجديدة التي أفرزتها حروب العقدين الماضيين، حيث فشلت الحروب المباشرة في كل من العراق وأفغانستان، وحروب الوكالة في كل من سورية واليمن وأفغانستان، وظهر الدور الروسي والحضور الإيراني كقوتين صاعدتين يصعب تجاهلهما. ومعهما ظهرت من سورية معادلة الدولة الوطنية المستقلة القادرة، فظهرت بالمقابل فجأة مع نيات فتح سباق تسلح صاروخي أميركي بوجه روسيا، ومحاولات الحشد الدبلوماسي والمالي بوجه إيران، ساحات ساخنة تتبلور بالتدريج كمشاريع صالحة للاستعمال في خلق سيناريوات لأحداث إقليمية تشغل مناطق هامة في كل من أفريقيا وأميركا اللاتينية، بما يشير للتسليم الأميركي الجزئي بالفشل الكبير في آسيا، والاستعداد لتثبيت الحضور في القارتين الأميركية والأفريقية، حيث الأزمات التي تبشر بها الأحداث في كل من فنزويلا والسودان والجزائر، حيث تبدو اليد الأميركية واضحة في بعضها وغامضة أو غائبة في بعض آخر، جاهزة للحضور تدريجاً مع تصاعد سخونة الأحداث في البلدان التي تعتبر «بالصدفة» الأهم في مجالات النفط والغاز؟”.
في سورية، حيث يدير محور المقاومة وروسيا بعناية تفاصيل المواجهة في إدلب، وحيث تركيا تحاول التموضع بهدوء عند سقوف جديدة بعد وصولها إلى حائط المناورات المسدود، عاد الأميركيون للتحدث عن بقاء وحدات بالمئات أملاً بفتح باب التفاوض مع روسيا وسورية وإيران، بعدما فشلت كل مساعي التحرّش طلباً لهذا التفاوض وعرض الوجود الأميركي للمقايضة.
في لبنان لم تنجح الحكومة الجديدة بتظهير انطلاقة تتناسب مع الوعود التي أطلقتها في بيانها الوزاري ومع آمال اللبنانيين بمرحلة من الاستقرار توفر مناخاً مناسباً لإطلاق روح سياسية إيجابية تظلل عملاً حكومياً نوعياً في مواجهة تردي الخدمات العامة في ملفات الكهرباء والنفايات والصحة والتعليم، فيما الملفات السياسية غابت عن البيان الوزاري رغم كونها تقع في أولوية مهام الحكومة، كرسم مستقبل واضح للعلاقات اللبنانية السورية ومقاربة مسؤولة لقانون الانتخابات النيابية، بوضع نصوص اتفاق الطائف على طاولة خلوة وزارية تخرج برؤى تترجم ما نص عليه الطائف بمشاريع قوانين تسلك طريقها إلى مجلس النواب، كما تخرج بلجان وزارية تتوزّع الملفات الرئيسية لاهتمامات اللبنانيين في قضايا الخدمات وصيغ تعبر عن الجدية، بدلاً من الشعارات الإنشائية عن كيفية مكافحة الفساد ووقف الهدر، وبدلاً من كل ذلك الذي يستدعي مقاربات جدية، غرقت الحكومة ومعها الوسط السياسي في السجالات، التي يعرف اللبنانيون أنها غبار يُخفي العجز، وربما يخفي مساعي المحاصصات التي لم تنضج بعد، فلم ير البعض في مناقشة مسعى وزير شؤون النازحين لفتح ملف عودة النازحين بالتعاون مع الدولة السورية طريقاً لفتح ملف العلاقات بسورية كجزء عضوي من الدستور الذي بني على اتفاق الطائف، بل مدخل لسجالات عقيمة تهدف للعب الغرائزي المريض الذي لا يقدم ولا يؤخر في مصالح اللبنانيين سوى أنه يسدد فواتير البعض للخارج الذي يريد ربط ملف النازحين بمستقبل علاقاته مع سورية ورضاه عن الحل السياسي فيها. ومع سجال ممتدّ من مجلس الوزراء إلى خارجه، سجالات متمّمة مشابهة، حول قرار المجلس الدستوري في الطعون النيابية وخصوصاً قراره المستغرب حول مقعد النائب ديما جمالي في طرابلس، وسجال حول بواخر الكهرباء بين النائب بولا يعقوبيان والوزير جبران باسيل ونادر الحريري المدير السابق لمكتب رئيس الحكومة الذي هدّد الجميع بتحريكه قضائياً، ولم يعلم ما إذا كان سيسلك طريقه للقضاء، ومثلها جميعاً سجال حول أسلحة باعتها سويسرا للوزير السابق غازي زعيتر، ولا يفعل السجال للسجال إلا تعميم الغبار ليحجب الرؤية.
بقي السجال على خط صلاحيات الرئاسة الأولى والثالثة محدوداً ولم يتفجّر، رغم مزايدات بعض نواب المستقبل وانزعاجهم مما أسموه كيفية إدارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لجلسة مجلس الوزراء أول امس الخميس، فيما لم يصدر أي موقف عن الرئيس سعد الحريري يوحي انه منزعج من كلام وموقف الرئيس عون، لا سيما ان رئيس الجمهورية بحسب الدستور هو الذي يحدد المصلحة العليا وأقسم يمين المحافظة على سيادة الوطن.
وفيما حاول حزب القوات أخذ كلام الرئيس عون الى منحى آخر، زار البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بعبدا، داعماً الرئيس عون ومشيداً بموقفه وواصفاً إياه بالممتاز جداً والمشرّف، وشدّد البطريرك على ان «رئيس الجمهورية هو حامي الدستور وحامي الشعب». وقال الراعي: «الدستور واضح والمادة 49 واضحة ورئيس الجمهورية يُقسم اليمين أنه يحافظ على الدستور وسيادة الوطن ووحدة الشعب وشؤون الدولة وهو لا يتعدّى على أحد وفي غياب الرئيس «يفرط» البلد». وعن ملف النازحين، قال الراعي: «إذا أردنا انتظار الحل السياسي للأزمة السورية لتأمين عودة النازحين إلى بلدهم، فسيحصل بنا ما حصل في الملف الفلسطيني».
في المقابل، بقيت القوات على موقفها من التنسيق مع الحكومة السورية، ووفق مصادرها لـ»البناء»، فإنّ سورية لا تريد عودة النازحين، لا سيما أنّ المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم كلف من قبل الرئيس عون التواصل مع السوريين من أجل لذلك، لكن العودة بقيت ضئيلة جداً وهذا لا يعني سوى أنّ النظام لا يريد عودتهم. ولفتت المصادر الى انّ العلاقة بين رئيس الجمهورية والوزير جبران باسيل جيدة جداً مع الحكومة السورية، وهناك وزير سابق من التيار الوطني الحر كان يزور دمشق أسبوعياً، ومع ذلك لم يحلّ هذا الملف. واعتبرت المصادر انّ حلّ الأزمة يكمن في عودة النازحين المؤيدين للنظام أولاً، على ان يجري العمل في مرحلة ثانية على دفع المجتمع الدولي لإعادة المعارضين من خلال توفير المساعدات لهم في مناطقهم لتشجيعهم على العودة.
وشدّدت مصادر التيار الوطني الحر لـ»البناء» على أنّ «النأي بالنفس الذي جرى الاتفاق عليه في البيان الوزاري هو عما يحصل في سورية، وليس عن مليون ونصف مليون نازح سوري يستضيفهم لبنان». ولفتت المصادر الى أنّ سياسة حزب القوات تجاه هذا الملفّ، لا تأخذ بعيد الاعتبار تداعيات هذا الملف الاقتصادي والمالي على لبنان، مشددة على انه فيما الدول العربية تتجه بأغلبيتها الكبرى إلى إعادة تطبيع علاقاتها مع سورية، وتتواصل معها بشكل مباشر وغير مباشر، وفقاً لمصالحها المرتقبة بعد حين، فإنّ بعض القوى السياسية تضرّ بمواقفها مصلحة لبنان، مضيفة مَن يدّعي أنه يريد عودة النازحين الى سورية الأمس قبل اليوم، عليه أن يتعاطى بمسؤولية بعيداً عن الكيديات. وأشارت المصادر الى أنّ التيار الوطني الحر لن يخضع للضغوط وسيبذل كلّ الجهود لعودة النازحين الآمنة، كما ورد في البيان الوزاري.
وأشار التيار الوطني الحر في بيان الى أنه ومن موقع الحرص على المصالحة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وتطوير التفاهم بيننا، لن نساجل، ولا نجد حاجة لتذكير اللبنانيين بالمواقف المتقدّمة للتيار الوطني الحر لدرجة اتهامه بالعنصرية بموضوع النازحين في مقابل تخاذل الآخرين. ونكتفي بالقول المأثور «إذا ابتُليتم بالمعاصي فاستتروا»… بموضوع النازحين وداعش والنصرة وغيره وغيره.
وكان عضو كتلة المستقبل محمد الحجار علّق في تغريدة له على كلام الرئيس عون في جلسة مجلس الوزراء قائلاً: «ربما من المفيد التذكير بنص المادة 64 المعدّلة بالقانون الدستوري الصادر في 1990/9/21: رئيس مجلس الوزراء هو رئيس الحكومة يمثلها ويتكلم باسمها ويعتبر مسؤولاً عن تنفيذ السياسة العامة التي يضعها مجلس الوزراء».
وعلى خط 8 آذار، بدأت مصادر هذا الفريق كلامها لـ»البناء» بالتأكيد على ضرورة احترام الجميع للدستور ووثيقة الوفاق الوطني والالتزام بهما، وهو الذي يقول بالعلاقات المميّزة مع سورية، وهذا يحتم على كلّ القوى السياسية التعاطي بإيجابية لجهة ضرورة التواصل مع سورية بعيداً عن المصالح الشخصية والتجاذبات السياسية. فالتعاون مع سورية لمعالجة مشكلة النازحين السوريين أمر يفيد لبنان أكثر مما يفيد دمشق، مشدّدة على أنّ مواصلة بعض الفرقاء سياسة كيل الاتهامات ورفضهم التنسيق مع سورية مردّه تجاوبهم وتبعيتهم للقرار الأميركي الذي لا يزال يرفض عودة النازحين، بدليل أنّ الرئيس الاميركي دونالد ترامب فرمل إعادة الانفتاح العربي على سورية. ولفتت المصادر إلى أنّ ملف النازحين وطني ووجودي بامتياز وعلى الجميع التعاطي معه من هذا المنظار، معتبرة أنّ الضجيج الذي يفتعله حزب القوات يثير الشبهات وعلامات الاستفهام.
وسأل نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أمس، «لماذا لا يعود النازحون الى سورية بطريقة آمنة وفي آن معاً بطريقة مستقرة؟ لأنه يوجد قرار دولي ترعاه أميركا يمنع عودة النازحين السوريين إلى سورية ليقولوا للعالم إنّ سورية غير مستقرة وإنّ سورية لا يمكن أن تعود لواقعها الطبيعي والدليل وجود النازحين في لبنان. بعد أن عجزوا عن استخدام الأوراق المباشرة وفشلوا في استخدام داعش والنصرة والقوات المختلفة بالمال الخليجي والتآمر الإقليمي الدولي وفشلوا في سورية من أن يركعوا النظام، لم تعد لديهم الا ورقة واحدة يريدون استخدامها في الحلّ السياسي وهو وجود النازحين في لبنان ليقولوا بعد ذلك إنه من أجل أن نعيد النازحين ونعترف أن سورية عادت إلى طبيعتها».
وتابع: «إذاً، عدم عودة النازحين ليس لأنه لا يوجد مكان في سورية، بدليل أن عشرات الآلاف عادوا الى سورية وهم يعيشون بشكل طبيعي. وحسب معلوماتنا هناك قرار من الدولة السورية ممنوع أن يعود نازح إلى خيمة في سورية بل يعود الى بيت أو إلى مكان مسقوف ومرتّب تمهيداً لمكان أفضل لكن لا عودة إلى خيم. وهذا أمر مهمّ جداً خصوصاً مع تحسّن الحياة في سورية يوماً بعد يوم. إذاً، لماذا يقف البعض في لبنان ضدّ عودة النازحين؟ مع العلم أنّ أميركا بكلّ إجراءاتها في مسألة النازحين وفي غيرها هي التي تخرّب على لبنان وتريد بقاءه بالحدّ الأدنى من القدرة التي لا تمكنه من أن يستقلّ بنفسه وتريده أن يبقى عاجزاً عن أن يأخذ خياراته التي يريدها. لكن الحمد لله توجد قوة سياسية في لبنان قرّرت أن ترسّخ الحرية والاستقرار وخصوصية لبنان، وهي تعمل من أجل أن يقف لبنان على رجليه بصرف النظر عن أولئك الذين يريدون تثبيط العزائم ومنع لبنان من الاستقرار».
وأردف: «أنا أريد أن أسأل هؤلاء الناس الذين لا يريدون عودة النازحين: إذا كنتم تتحدثون عن مرجعية لموقفكم قولوا لنا ما هي مرجعيتكم؟ إذا كانت مرجعيتكم الدستور اللبناني، فإنّ الدستور يتحدث عن علاقات مميّزة مع سورية، طبّقوا الدستور اللبناني في العلاقات المميّزة مع سورية، إذا كنتم تتحدثون عن مصلحة لبنان، بالتأكيد مصلحة لبنان أن يعود النازحون الى بلدهم، ولدينا وضع اقتصادي واجتماعي صعب جداً لا يتحمّل ما هو موجود في لبنان من مواطنين لبنانيين، فكيف بهذه الإضافة الكبيرة، واذا كنتم تتحدّثون عن العلاقة مع سورية بأنّ هذه العلاقة ممنوعة، قولوا لنا لماذا هذه العلاقة ممنوعة مع سورية؟ فهل يحق للأوروبي أن يبني علاقات مع سورية، وأن تفتح الإمارات سفارة في سورية، ويحق للبحرين أن تقول بأنّ سفارتها لم تغادر سورية؟ كلّ هؤلاء يحق لهم ونحن لا يحق لنا؟ ونحن مصلحتنا مع سورية، مصلحتنا الاقتصادية أن تفتح الطريق بيننا وبينهم، مصلحتنا السياسية أن نكون معهم لمواجهة التحديات، مصلحتنا الأخلاقية أن نحمي بلدنا وهم يحمون بلدهم ونكون معهم ويكونون معنا».
وختم: «لماذا تقفون ضدّ هذا الموقف؟ لا يوجد سبب إلا التبعية للقرار الأميركي الذي يقول ممنوع العودة، أما التنظير فليس هناك أي مبرر أو دليل مقنع. نحن من أنصار فكرة ألا يكون لبنان لا معبراً ولا مقراً للاعتداء على سورية، والإجراءات التي نتحدث عنها في عودة النازحين وفي التعاون مع النظام السوري جزء لا يتجزأ من عدم التدخل في المشكلة الآتية على المستوى العالمي في مواجهة سورية، لدينا أدلة ولدينا منطق، أما الآخرون فليس لديهم أدلة ولا منطق الا أنه توجد أوامر خارجية تُعطى لهم. نحن سنعمل بما فيه مصلحة لبنان مهما كانت الصرخات مرتفعة، نحن مستمرون وليبق النقيق على الضفاف».
الاجتماع الأوّل للجنة المال…
وتعقد لجنة المال بدءاً من يوم الاثنين أول اجتماعاتها مع مجلس الخدمة والتفتيش المركزي للبحث في مخالفة قرار منع التوظيف. وأشارت مصادر نيابية في لجنة المال لـ»البناء» إلى أنّ النقاش سيتناول بالتفصيل إدخال قرابة 5 آلاف متعاقد الى الإدارة خلال السنتين الماضيتين، فحل مشكلة التوظيف العشوائي صعبة ويجب درس ملف كلّ موظف على حدة بالتوازي مع قدرة مالية الدولة، مشيرة الى انّ اللجنة ستجتمع من الاثنين الى الخميس من الأسبوع المقبل من أجل الانتهاء من الملف وإحالته الى رئاسة المجلس النيابي، اذ من المرجح أن يحيله رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى الهيئة العامة للبحث في الامر في ظلّ ما تردّد عن نية تشكيل لجان تحقيق.
وكان التفتيش المركزي أشار وفق مصادره الى أنه قام بمهمته في هذا الشأن على أكمل وجه، والموضوع اليوم أصبح في عهد المجلس النيابي المخوّل اتخاذ الإجراءات المناسبة لجهة محاسبة كلّ من خالف القانون 46.
وشدّد رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمس، على انّ المجلس النيابي ملتزم بما بدأه مع جلسة الثقة بالإصلاح ومكافحة الفساد، وعقد الجلسات الرقابية شهرياً. وأكد خلال استقباله المدير الإقليمي للبنك الدولي ساروج كومار جاه أهمية ان تكون مشاريع ومساهمات البنك الدولي ذات جدوى وأهمية عالية لحاجات لبنان، لا مجال للترف في أيّ بند.
ويغادر الرئيس بري الى الأردن الأسبوع المقبل للمشاركة في المؤتمر البرلماني العربي في عمّان، على ان يستقبله الملك عبدالله ويعقد لقاءات مع كبار المسؤولين، ومع عدد من المشاركين محورها وفق المعلومات عودة سورية الى الجامعة العربية.
من ناحية أخرى، تفاعلت مسالة الأسلحة السويسرية على خط السفارة السويسرية ووزير الأشغال السابق النائب غازي زعيتر. وأعلنت سويسرا أنها لن تبيع إلى المسؤولين اللبنانيين أو حتى الجيش اللبناني، السلاح قبل معرفة مصير أسلحة مختفية باعتها الى زعيتر. وأكدت سفارتها في لبنان أن لا علاقة للجيش اللبناني ولا للحرس الجمهوري بموضوع فقدان قطع السلاح، ونحن تعاونّا سابقاً مع الحرس الجمهوري وعلاقتنا ممتازة به وبالجيش»، مركّزةً على أنّ القرار الذي اتخذته وزارة الدولة للشؤون الاقتصادية السويسرية والقاضي بتوقيف تراخيص تصدير العتاد الحربي إلى لبنان. جاء بعد أن عجزت بعثة التدقيق السويسرية في شهر آذار 2018 عن تحديد مكان شحنة أسلحة سبق أن بيعت وأرسلت الى لبنان. وأوضحت القائمة بالأعمال السويسرية، ردًّا على قول النائب زعيتر إنّ البعثة السويسرية رفضت التوجّه إلى بعلبك – الهرمل للكشف على الأسلحة السويسرية، «أنّنا لم نرفض التوجه إلى أيّ منطقة في لبنان».
وكان زعيتر أكد في بيان أصدره مكتبه أنه وتبياناً للحقيقة وتوضيحاً للرأي العام، أنه نظراً للتهديدات الأمنية الخطيرة التي كان يواجهها الوطن لا سيما الاعتداءات الإرهابية على الحدود الشرقية المحاذية لمحافظة بعلبك والهرمل، تمّت مراسلة الجهات المعنية في سويسرا لشراء 40 قطعة سلاح فردي لتأمين الحماية الشخصية للنائب زعيتر في أماكن سكنه في كلّ من بيروت وبعلبك والهرمل، وقد وافقت هذه الجهات أصولاً ووفق الأعراف الدولية المتبعة على تسليمها للنائب غازي زعيتر في العام 2016، وبعد أن سدّد هذا الأخير كامل قيمتها من ماله الخاص دون العمل بأموال الخزينة او ترتيب أية أعباء عليها.
وشدّد على أنّ الأسلحة السويسرية التي جرى الحديث عنها موجودة وهي موزّعة على مرافقيه بين منزله في بيروت ومنزليه في بعلبك والهرمل، مشيراً الى أنه «عندما تواصل معه الملحق العسكري السويسري في بيروت العام الماضي للكشف على الأسلحة، كشف على تسعة أسلحة كانت بحوزة مرافقيه في بيروت، إلا أنه لم يشأ الانتقال إلى البقاع بذريعة ضيق الوقت، وفي المرة الثانية رفض الفريق السويسري الانتقال إلى البقاع للكشف على الأسلحة». شدّد زعيتر على أنّ «الأسلحة المخصصة للحماية الشخصية موجودة، وما على الجهة السويسرية المعنية إلا التواصل معنا لترتيب زيارة للكشف عليها والقيام بما هو مطلوب».
المصدر: صحف