تناولت الصحف الصادرة في بيروت نهار الخميس في 27-12-2018 العديد من الملفات المحلية والإقليمية، وجاءت افتتاحياتها على الشكل التالي.
الأخبار
3 طائرات مدنية تنجو من كارثة: متى تنتهي «النزهة» الإسرائيلية في لبنان؟
فيما تشكيل الحكومة عاد إلى النقطة الصفر، بعد فشل المسعى الأخير الذي قاده اللواء عباس إبراهيم، وبعد الدخول في عطلة الأعياد، كان الطيران الإسرائيلي يحتل المشهد من خلال استباحته للأجواء اللبنانية. هذه المرة لم تخرق الطائرات الحربية سماء لبنان فحسب، بل كادت تسبب كارثة تطاول عدداً من الطائرات التي تقلع أو تهبط في مطار بيروت. وعليه، هل يمكن الاكتفاء ببيانات الشجب وإبلاغ الأمم المتحدة بالخروقات الإسرائيلية، كما جرت العادة؟ أم صار واجباً البحث جدياً في استراتيجية تمنع إسرائيل من «التنزه» في لبنان؟
بحره وجوّه مستباحان من العدو الإسرائيلي، الذي تسرح طائراته وتمرح في الأجواء اللبنانية، من دون أن يُسمع صوت يطالب الدولة بأن تتولى مسؤوليتها بالدفاع عن سيادتها، أو على الأقل السعي إلى تخطي الحظر الغربي الذي يمنع لبنان من الحصول على أسلحة دفاعية من روسيا أو من غيرها من الدول الصديقة.
ذلك أمر اعتاده اللبنانيون، لكن أول من أمس كادت الكارثة تقع فوق سماء لبنان. ثلاث طائرات مدنية احتمت بها الطائرات الإسرائيلية التي أطلقت صلية من الصواريخ من فوق لبنان باتجاه أهداف قرب دمشق. وقد أشارت مصادر مسؤولة إلى أن الاعتداء الإسرائيلي شكّل خطراً على طائرة تركية كانت قد أقلعت للتوّ من مطار بيروت، وكذلك على طائرتين: لبنانية وإنكليزية، كانتا تتجهان إلى المطار عينه.
وعلى الأثر، أجرى وزير الأشغال يوسف فنيانوس، اتصالاً بالرئيس سعد الحريري، وضعه خلاله في وقائع ما جرى، مشيراً إلى أن لبنان نجا بأعجوبة من كارثة إنسانية كادت تصيب ركاب طائرتين مدنيتين في الأجواء اللبنانية أثناء استباحة الطيران الإسرائيلي المعادي للأجواء اللبنانية في عدوانها على جنوب دمشق. وكان اتفاق على أن يتقدم لبنان بشكوى عاجلة إلى مجلس الأمن ضد إسرائيل وأخذ القرار الذي يحمي لبنان ومدنييه. وبالفعل، أعطى وزير الخارجية جبران باسيل تعليماته لمندوبة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة، لتقديم شكوى أمام مجلس الأمن «بالخروقات الإسرائيلية الخطيرة التي تهدد الاستقرار في المنطقة والتي شكلت خطراً على حركة الطائرات المدنية، وكادت تسبب كارثة جوية كبيرة».
كذلك أدانت وزارة الخارجية، في بيان، الغارات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت سوريا، مؤكدة حقها في الدفاع المشروع عن أرضها وسيادتها، ودعت المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى إدانة هذه الغارات واستعمال الطائرات الإسرائيلية الأجواء اللبنانية لشنّ هجمات على دولة شقيقة، في خرق واضح للقرار 1701.
وإذا كان ركاب الطائرات المدنية الثلاث قد نجَوا بأعجوبة هذه المرة، فمن يضمن تجنّب الكارثة في مرات لاحقة؟ ومن يردع إسرائيل عن الاستمرار في تعريض اللبنانيين والملاحة الجوية للخطر، في ظل الصمت الدولي عن خرق القرار 1701؟ وإلى متى ستبقى الدولة اللبنانية مصرّة على دفن رأسها في الرمال، مكتفية بتعداد الخروقات وإبلاغ الأمم المتحدة بها؟ وكيف سينفذ «القرار الذي يحمي لبنان ومدنييه»، والذي أشار فنيانونس إلى أنه تمّ الاتفاق بشأنه مع الحريري؟
الأخطر أن الكارثة التي نجا لبنان منها هذه المرة تبقى ممكنة الحدوث ما دام الطيران الإسرائيلي يستبيح الأجواء اللبنانية. وهذا يعني أن المطلوب أكثر من بيانات استنكار، خاصة أن حادثة إسقاط الدفاعات السورية لطائرة الروسية احتمت بها طائرة إسرائيلية كانت تغير على سوريا، لا تزال حاضرة في الأذهان.
وزارتا الدفاع والخارجية الروسيتان أكدتا أن الاعتداء الإسرائيلي شكّل خطراً على طائرات مدنية
وفي هذا السياق، اتهمت وزارة الخارجية الروسية إسرائيل بتكرار الأسلوب القديم في تنفيذ غارتها الأخيرة على سوريا تحت غطاء الطيران المدني. وجاء في البيان أنه «وفق المعلومات الواردة، نفذت 6 طائرات تابعة لسلاح الجوي الإسرائيلي من طراز F-16 غارات على محيط دمشق مساء يوم 25 ديسمبر، انطلاقاً من الأجواء اللبنانية». وتابعت: «من اللافت أن الطيران الإسرائيلي جدد تنفيذ الغارات على سوريا تحت غطاء طائرات مدنية كانت متجهة للهبوط في مطاري دمشق وبيروت». وشددت على أن ما حدث يمثل «خرقاً صارخاً لسيادة سوريا وقرارات مجلس الأمن الدولي، بما فيها القرار رقم 1701». من جهتها، رأت وزارة الدفاع الروسية أن «الاعتداء الإسرائيلي الاستفزازي شكّل خطراً محدقاً على طائرتين مدنيتين كانتا بصدد الهبوط في مطاري دمشق وبيروت».
الحكومة بلا أفق
في المسار الحكومي، لم يحصل أي تقدم منذ فرط عقد التأليف في نهاية الأسبوع الماضي. وإذا كانت الأعياد قد أتت لتبرّر زيادة الفتور، فإنه يُتوقع ألّا تحمل فترة ما بعد الأعياد أي جديد في الملف، الذي لم يعد عالقاً على موافقة الرئيس سعد الحريري على تمثيل النواب السُّنة المستقلين أو على الاسم الذي يمكن أن يمثّل هذه الكتلة، بل تحوّل الأمر إلى صراع غير معلن على الثلث المعطل، الذي يعتبره الوزير جبران باسيل حقاً لكتلة لبنان القوي.
وفيما تسعى قيادات التيار الوطني الحر وحزب الله إلى امتصاص التوتر الذي تشهده وسائل التواصل الاجتماعي بين مناصري الحزبين، كان النواب ينقلون عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري، تأكيده أنه «كان يجب أن تتشكل الحكومة قبل عيد الفطر المبارك، ولكن للأسف لم تتألف حتى الآن، ولا أريد أن أحمّل طرفاً معيناً مسؤولية ذلك». وقال: «لا حل إلا بالدولة المدنية»، مؤكداً أن «كل المصائب التي نعانيها ناجمة عن الطائفية والمذهبية اللتين تستشريان أكثر فأكثر». وكان رئيس الجمهورية ميشال عون، قد قال من بكركي أول من أمس إن «عدم التشكيل سببه معركة سياسية، ويبدو أن هناك تغييراً في التقاليد والأعراف»، وهو كلام اعتبره مراقبون موجهاً إلى حزب الله تحديداً.
البناء
الطائرات المعادية تستظلّ بالطيران المدني فوق لبنان للإغارة على سورية
الدفاعات الجوية السورية تثبت فعاليتها… وصاروخ حديث يربك «إسرائيل»
ثلثان معطّلان للحكومة يتنافسان… على حساب حقوق «الثامن من آذار»
فيما أراد الرئيس الأميركي تعويض صورة الانكفاء التي حملها قرار الانسحاب من سورية عبر زيارة الأعياد للقوات الأميركية في العراق وإطلاق مواقف تثير الغبار حول مواصلة الدور الأميركي العسكري، حاول رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو طمأنة الداخل «الإسرائيلي» بأنّ شيئاً لم يتغيّر مع الانسحاب الأميركي لجهة قدرة «إسرائيل» على مواصلة الغارات على سورية وعزمها على ذلك، فكان العدوان الجديد الذي رافقته جملة من الإشارات الفاضحة للعجز «الإسرائيلي»، فالطائرات التي أغارت على سورية لم تتجرّأ على دخول أجوائها رغم كونها من الجيل الأشدّ حداثة لطائرات الـ«أف 35» واستخدامها للجيل الأشدّ ذكاء بين الصواريخ الـ«جي بي 39»، واستخدام الأجواء اللبنانية جاء مصحوباً بخدعة كادت تتسبّب بكارثة بحق المدنيين، عبر التلطي وراء طائرتين مدنيتين فوق الأجواء اللبنانية لتفادي صواريخ الدفاع الجوي السوري، التي نجحت رغم الخديعة بإسقاط صواريخ الغارات، ولاحقت الطائرات المغيرة في سماء الجولان المحتلّ.
الروايات «الإسرائيلية المسرّبة» عبر «الواشنطن بوست» و»النيوزويك» الأميركيتين و»الجيروزاليم بوست» الإسرائيلية حاولت التحدّث عن عمل استخباري كبير يرتبط مرة بمحاولة اغتيال للجنرال قاسم سليماني ومرة بملاحقة قياديين كبار من حزب الله، لكنها تكشفت كلها عن مجموعة أكاذيب تشبه حملة الأنفاق على الحدود مع لبنان وتظهر حجم الضعف الذي يصيب كيان الاحتلال عشية دخوله الاستعداد للسباق الانتخابي، الذي يحتاج فيه نتنياهو إعادة إنتاج صورته كزعيم وحيد لكيان الاحتلال للفوز بكتلة وازنة تريحه في تشكيل الحكومة المقبلة.
موقع ديبكا فايل الذي تشرف عليه المخابرات «الإسرائيلية»، نقل كما موقع صحيفة «معاريف» والقناة الثانية، تحليلات ومعلومات تحدثت عن خطأ في التقدير قد يضع «إسرائيل» أمام حالة حرب غير محسوبة، وعن صواريخ سورية أرض أرض سقطت قرب حيفا وأشعلت حرائق لم يعلن عنها، وعن نجاح الجيش السوري بالمزاوجة بين الصواريخ الحديثة والقديمة لتوليف دفاع جوي فعّال، وعن مناخات سلبية في العلاقات مع موسكو لم تنجح محاولات ترميمها، ولا زالت تحول دون قدرة «إسرائيل» على الحركة في الأجواء السورية.
الأبرز هو الكلام «الإسرائيلي» عن صاروخ سوري حديث أربك جيش الاحتلال، قالت القناة العاشرة إنه صاروخ دفاع جوي قام بتفجير نفسه قبل أن تطاله صواريخ دفاعية إسرائيلية، وقال موقع ديبكا إنه صاروخ أرض أرض أصاب أهدافاً قرب حيفا، وتحدّث المعلّقون الإسرائيليون العسكريون عن كونه لغزاً محيّراً للقيادة العسكرية الإسرائيلية يؤخذ على محمل الجدّ.
لبنانياً، يطوي العام نهاياته بانتظار العام الجديد ولبنان بلا حكومة، حيث تمسّك فريق الرابع عشر من آذار وفريق رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر بالثلث المعطل، يجعل الحصة المتاحة لفريق الثامن من آذار سبعة وزراء فقط، هم الوزراء الشيعة الستة ووزير تيار المردة، ويصير المعروض على قوى الثامن من آذار الاختيار بين وزير ينتمي شكلاً لفريقهم ويكون فعلياً مكملاً لأحد الثلثين المعطلين لكلّ من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.
فريق الرابع عشر من آذار، وفقاً لمصدر في قوى الثامن من آذار نجح في البقاء بعيداً عن الأضواء وإشعال فتيل أزمة بين قوى الثامن من آذار وفريق رئيس الجمهورية، بعدما ظهر تمسّك فريق رئيس الجمهورية بالثلث المعطل سبباً لتعطيل التسوية التي قامت أصلاً على ترك حصة قوى الرابع عشر من آذار تنعم بالثلث المعطل، ومعه مقعد رئيس الحكومة، وحصة الطائفة التي يفترض أن يتمثل من ضمنها اللقاء التشاوري تقع بالكامل تحت سيطرة رئيس الحكومة، وبدا أنّ فريقي رئيس الجمهورية والثامن من آذار يتهرّبان من مطالبة رئيس الحكومة بتقديم الحق لأصحابه ويتغاضيان عن امتلاكه الثلث المعطل ويتلهّيان بتقاذف الاتهامات بينما رئيس الحكومة وفريقه ينامان على حرير ثلثهم المعطل وعطلة الأعياد والتفرّج على صفحات التواصل حيث الحرب الدائرة بين فريقي رئيس الجمهورية والثامن من آذار.
إقفال تام لخطوط التأليف والحريري في إجازة…
فيما أُقفِلت خطوط التواصل الحكومية ومرت عطلة الميلاد خالية من عيدية حكومية تُثلِج قلوب اللبنانيين وتحاكي آمالهم بتغيير وإصلاح مأمول في العهد الجديد ينتشلهم من تحت ركام الأزمات الاقتصادية والمعيشية والبيئية المتراكمة منذ عقود وعهود وحكومات متعاقبة، عاش المواطنون فرحة الأعياد بغصة ونغصة ممزوجة بقلق مخيف على مستقبلهم ومستقبل أجيالهم وعلى مصير حكومة معلقة على حبال مصالح بعض رجالات الإصلاح الجُدد وضوء أخضر خارجي.
وفيما أُغلقت أبواب القصور الرسمية على الحلول وأدّى فشل المبادرة الرئاسية الى تشظي القوى السياسية وخلط للأوراق الحكومية، بدا واضحاً الامتعاض والتعب على وجوه الرؤساء الثلاثة، فرئيس الجمهورية وجّه رسائله لمن يعنيهم الأمر ممن يختلقون أعرافاً جديدة كما قال في إشارة الى الشركاء الآخرين في الوطن، أما رئيس المجلس النيابي فتحدث عن قطبة مخفية خارجية في إجهاض التسوية في اللحظات الأخيرة ويقصد بحسب مراقبين رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، بينما لوحظ غياب أعضاء تكتل لبنان القوي وكتلة المستقبل عن لقاء الأربعاء النيابي الدوري في عين التينة، أما الرئيس المكلّف الذي خرج ممتعضاً من لقائه الأخير مع رئيس المجلس والمهاجر إلى الخارج في إجازة عائلية طويلة تمتد حتى مطلع العام المقبل فاستلحق تقديم التهاني لرئيس الجمهورية بعيد الميلاد أمس، بدلاً من أول من أمس بحسب البروتوكول والمعتاد. ما كشف بوضوح حالة الخلل والفتور في العلاقة البينية بين الرئاسات الثلاث، ما دفع بمصادر سياسية للقول: «انسوا الحكومة حتى اشعار آخر، فالفرصة الأخيرة لن تعوّض».
غابت الاتصالات خلال الأيام القليلة الماضية بشكل تام على خط تأليف الحكومة، وقد استعاضت الأطراف عن التواصل المباشر بالرسائل الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي. ففي حين يعتصم الرئيس سعد الحريري بالصمت ونأى تيار المستقبل بنفسه واختار سياسة الحياد فاسحاً المجال أمام التخبط والسجال في ساحة تحالف بعبدا ميرنا الشالوحي الضاحية، أقدم التيار الوطني الحر مدعوماً برئيس الجمهورية الى توجيه رسالة الى جميع الشركاء في الوطن تحت عنوان «لولا ميشال عون» عبر مقدّمة نشرة أخبار قناة الـ«او تي في» المسائية، تضمنت جملة من الأسئلة نسبتها الى لسان حال اللبنانيين اليوم وقالت: «لولا ميشال عون، أين كانت الوحدة الوطنية، يوم تكتل كثيرون في الداخل ضد المقاومة، فكان تفاهم السادس من شباط، ثم الموقف المشرف إبان حرب تموز؟ ولولا ميشال عون، أين كان سعد الحريري؟ وماذا كان يمكن أن يحصل، لولا التسوية الرئاسية أولاً، ولو لم ينتفض رئيس البلاد ثانياً، ويرفض قبول الاستقالة المفروضة خارج الحدود، قبل عودة رئيس الحكومة؟ ولولا ميشال عون، أين كان سليمان فرنجية؟ وماذا كان حلَّ بحيثيته السياسية المحلية، لولا تحالف الوطني الحر والمردة عام 2005، في مواجهة مدِّ سياسي إلغائي بعد الرابع عشر من آذار؟ ولولا ميشال عون أيضاً، أين كانت القوات اللبنانية، وهل كان بإمكانها أن تتمثل بهذا العدد من النواب، وأن تحلم بغير مقعد وزاري يتيم، كالذي تكرّم به المشكلون عليها بشخص جو سركيس عام 2005؟ ولولا ميشال عون، أين كان معظم أعضاء اللقاء التشاوري اليوم؟ هل كانوا يحلمون بالدخول إلى مجلس النواب أو بالعودة إليه، لولا فعل القانون النسبي الذي يعود الفضل الأول بإقراره، له ولجبران باسيل؟ حقاً، تخيلوا المشهد السياسي لولا ميشال عون، وما سبق غيض من فيض».
وأضافت: «لكن مهما يكن من أمر، وفيما محرّكات التأليف مطفأة حتى إشعار آخر، الأكيد أن ميشال عون لم يقم بكل ما قام به، لقاء رد جميل، فمواقف ميشال عون نابعة من خيارات لا رهانات، ومن اقتناعات لا مصالح».
وقد قالت أوساط في فريق المقاومة لـ«البناء» إن «حزب الله ليس مسؤولاً عن عرقلة تأليف الحكومة، فهو منذ اليوم الأول لتكليف الحريري أكد مراراً وتكراراً في الغرف المغلقة أنه لن يسير بحكومة من دون تمثيل حلفائه السنة، فلماذا نزل الحريري عند خاطر جميع القوى دون سنة المعارضة؟»، وإذ لفتت الى أن الخلاف الحكومي مع التيار الوطني الحر لن يؤثر على متانة العلاقة الاستراتيجية التي مرّت بامتحانات أصعب، لفتت الأوساط الى أن «الحزب يدعو ويحثّ جميع الأطراف الى استئناف التواصل والحوار لتذليل العقد المتبقية انقاذاً للوطن وبالتالي غير معني بتهمة عرقلة المبادرة الرئاسية التي تضمنت أن يكون ممثل اللقاء جواد عدره محسوباً على اللقاء وليس على أي جهة أخرى، كما أن الحزب لا يريد الانجرار الى أي سجالات سياسية وإعلامية مع أحد ويعمل على تهدئة الخطاب العالي السقف من كل الجهات».
«المستقبل»: باسيل عطّل التأليف
أما تيار المستقبل، فأكد مصدر مطلع في التيار لـ«البناء» أن «الأمور الى مزيد من التأزم والكرة خرجت من ملعب الحريري بعدما رموها إليه وعادت الى مثلث التيار الوطني الحر رئيس الجمهورية حزب الله سنة 8 آذار»، مشيراً الى أن «المبادرة الرئاسية كانت تشقّ طريقها الى التنفيذ بموافقة حزب الله والرئيس الحريري، فلماذا عرقلها باسيل بتمسكه بإعادة خلط الحقائب والثلث المعطل؟ وأضاف «إذا استمر باسيل على موقفه فستنهار التسوية كلياً ولن نرى حكومة في الأفق، فباسيل يريد ولاء الوزراء الـ 11 له بشكل كامل حتى ممن يحيطون بالرئيس عون كالوزير سليم جريصاتي». أما عن سبب تمسك باسيل ببعض الحقائب وبثلث معطل، أجاب المصدر المستقبلي: «للحفاظ على التوازن الطائفي في الحكومة عند أي حدث مفاجئ والإثبات للمسيحيين بأنه استردّ حق وصلاحيات رئيس الجمهورية في المؤسسات الدستورية الأساسية». وعن اتهام الرئيس الحريري وباسيل بعقد تسوية في السلطة على حساب الآخرين، أجاب: «الحريري عقد تسويات مع الجميع مع الرئيس عون ومع الرئيس نبيه بري والوزير وليد جنبلاط وليس مع طرف محدّد، وأي تسوية تصبّ في مصلحة البلد لا على البلد». وعن العلاقة مع الرئيس بري بعد اللقاء الأخير قال المصدر: «عندما أحس الحريري بضغط شديد بعد طروحات باسيل ذهب الى عين التينة طالباً المساعدة، إلا أن رئيس المجلس انفجر في وجهه رافضاً تبادل الحقائب حرصاً على الحكومة، لكن العلاقة مستقرة».
بري: أخشى قطبة مخفية خارجية
وقال بري بحسب زواره النواب إنه «قدّم كل ما يمكن من تسهيلات لتأليف الحكومة وانه لم ولن يندم على ما فعله في هذا الإطار»، مكرراً في لقاء الاربعاء انه «كان يجب ان تتشكل الحكومة قبل عيد الفطر، لكن للأسف لم تتألف حتى الآن، ولا أريد أن أحمل طرفاً معيناً مسؤولية ذلك». واشار الى ان «الاتصالات جامدة وأحداً لا يقوم بأي خطوة في ملف تشكيل الحكومة بعد كلّ هذه العقد». وأعلن وفق ما نقل عنه النواب «اننا قلنا للحريري منذ اليوم الأول إننا نريد 6 وزراء كثنائي شيعي، علماً أنه يحق لنا بـ8 وزراء وبضرورة تمثيل النواب السنّة ونخشى من قطبة مخفية لها علاقة بالخارج». ولفت الى ان «لا حل إلا بالدولة المدنية. فكل المصائب التي نعاني منها ناجمة عن الطائفية والمذهبية اللتين تستشريان أكثر فأكثر».
اعتداء إسرائيلي كاد يتسبّب بكارثة
غياب الحركة عن المسرح الحكومي، استبدل باستباحة اسرائيلية لسماء لبنان مستغلة الإرباك الحكومي الداخلي، فواصلت العبث بحدود لبنان البرية عبر مسرحية الأنفاق والجوية عبر استخدام الأجواء اللبنانية مجدداً لضرب سورية، حيث شنت طائراتها غارات جوية على الأراضي السورية أسقطت الدفاعات السورية معظمها. ونفت مصادر عسكرية مطلعة لـ«البناء» ان «تكون الغارات قد استهدفت مواقع عسكرية لحزب الله او إيرانية ولا حتى مطار دمشق»، موضحة أن «الطائرات دخلت من جنوب الدامور باتجاه السلسلة الشرقية من راشيا ونفّذت غاراتها التي كادت أن تتسبب بكارثة لولا تدارك الجيش السوري الذي التقطت إحداثياته طائرتين مدنيتين فوق الأجواء اللبنانية». وبحسب المصادر العسكرية فإن الخطر على الطائرتين كان من احتمالين اثنين: أن تتوجه صواريخ الدفاعات الجوية عن طريق الخطأ وتصيب الطائرتين كما حصل مع إسقاط الطائرة الروسية فوق اللاذقية، أو أن تعمد الطائرات الإسرائيلية عن طريق الخطأ الى اصابة الطائرتين».
وتساءل مراقبون: لماذا لم تخرج إدانة من فريق 14 آذار للاعتداءات الاسرائيلية؟ ولماذا يرفض فريق رئيس الحكومة السلاح الروسي أو الإيراني لحماية أجواء لبنان؟ وكان وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أعطى تعليماته إلى مندوبة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة لتقديم شكوى أمام مجلس الأمن بالخروقات الإسرائيلية الخطيرة التي تهدد الاستقرار في المنطقة. وعلى مقلب آخر، زعم الجيش الإسرائيلي انه اكتشف نفقاً خامساً جديداً يمتدّ من قرية عيتا الشعب اللبنانية واخترق الحدود مع «إسرائيل». وحمّلت «إسرائيل» الحكومة اللبنانية مسؤولية حفر الأنفاق وتداعيات هذه الأنشطة. وافادت «ألوكالة الوطنية للاعلام» ان الجيش الإسرائيلي فجّر إحدى الحفر التي استحدثها في خراج بلدة عيتا الشعب. وكان الجيش الاسرائيلي أعلن عبر مكبرات الصوت أنه سيقوم بالتفجير، كما تلقى بعض المواطنين اتصالات هاتفية من رقم خارجي وتسجيلات صوتية مصدرها «إسرائيل» ومفادها أن الجيش الإسرائيلي سيقوم بتفجير «نفق» في منطقة الحدب – عيتا الشعب. قال الناطق الرسمي باسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي في اتصال مع «الوكالة الوطنية»: «إن اليونيفيل موجودة على الأرض لضمان استتباب الوضع، وهي تعمل مع الأطراف لضمان الاستقرار».
اللواء
سقوط المبادرة الرئاسية يُعيد أزمة التأليف إلى المربّع الأول
عون يصعِّد.. وبرّي قلق.. وحزب الله متمسِّك بموقفه
وسط التطورات الميدانية في الإقليم، بدءاً بالانسحاب الأميركي من الداخل السوري، والذي أطلق يد إسرائيل عسكرياً في سوريا، حيث تجددت الغارات الصاروخية على المواقع الإيرانية وحزب الله، قرب دمشق، والتي كادت ان تُهدّد الطيران المدني بكارثة إنسانية في الأجواء اللبنانية، بحسب تعبير وزير الاشغال يوسف فنيانوس، مروراً بالانتهاكات الإسرائيلية المستمرة في الجنوب، ولو كان غرضها الصراع على الحكومة الإسرائيلية، بعد حل الكنيست ايذاناً بانتخابات مبكرة في نيسان، ثم تحريك الشارع تحت عناوين اجتماعية واقتصادية لمحاربة الفساد والبطالة والهجرة، وان كان ضمن لعبة «عض الأصابع»، لم تعد مسألة تأليف الحكومة في لبنان سوى تفصيل صغير، لا يثير اهتمام أحد من الدول الكبرى، لا سيما بعد انفجار الخلافات بين المعنيين بالتشكيل، «قبل وصول اللقمة إلى الفم» كما يقول المثل الشائع، ما أعاد الوضع الحكومي إلى «عنق الزجاجة»، بسبب سقوط المبادرة الرئاسية لحل عقدة تمثيل سُنة 8 آذار، لاعتبارات ما تزال يشوبها الكثير من الالتباسات والغموض، خصوصاً وان أطرافها كانوا دائماً في «الخندق الواحد»، الأمر الذي حمل الرئيس نبيه برّي إلى الاعراب عن خشيته من «قطبة مخفية» لها علاقة بالخارج، في أول إشارة منه إلى علاقة العجز عن تأليف الحكومة، بالتطورات الإقليمية، وان كان لم يصل إلى حدّ اتهام الخارج بالتواطؤ لتعطيل الحكومة، في حين لم يتوان الرئيس ميشال عون، من بكركي، في يوم الميلاد، من تصعيد موقفه حيث اتهم البعض صراحة «بخلق تقاليد جديدة في تأليف الحكومة لم نألفها سابقاً، ونحتاج لبعض الوقت لإيجاد الحلول لها»، من دون ان يُحدّد من هو هذا البعض؟ وماذا يقصد؟ وان كان واضحاً ان المقصود هي الجهات التي كانت وراء نسف مبادرته الأخيرة لإخراج الحكومة من عقدة تمثيل «اللقاء التشاوري» لسُنة 8 آذار، وبالتالي إجهاض الأمل بولادة الحكومة في الميلاد، حيث «اختنقت فرحة العيد من قبل أصحاب القلوب الفارغة من الولاء للوطن والاخلاص للشعب»، بحسب تعبير البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظة الميلاد، وأمام الرئيس عون الذي كان حاضراً.
لا حراك ولا مبادرات
وكانت عطلة الميلاد، طغت على الحركة السياسية التي لم تشهد أي حراك ولو بالواسطة من اجل دفع عملية تشكيل الحكومة الى الامام، ولو خطوة تعالج احدى العقد المستحكمة بالتشكيل، وتبشّر بقرب الفرج على البلاد والعباد، لكن المبادرات تعطلت إن لم تكن قد اجهضت بالكامل حتى الآن على الاقل، ما يدفع بعض الاوساط السياسية المتابعة الى ترقب امر من اثنين: تفعيل مبادرة رئيس الجمهورية لمعالجة مسألة تمثيل «اللقاء التشاوري للنواب السُنة المستقلين» بعد تعديلها لجهة آلية اختيار من يمثل اللقاء، او طرح مبادرة جديدة تختلف فيها المعايير المعتمدة. وإما تفعيل الاتصالات واللقاءات لمعالجة مسألة تبديل الحقائب التي اقترحها رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل وتبنى بعضا منها الرئيس المكلف سعد الحريري، الذي لا يزال يلتزم الصمت في دارته في «بيت الوسط» من دون ان يجري أي لقاءات أو مشاورات في الإعلام.
وقالت مصادر سياسية مطلعة على أجواء بعبدا لـ«اللواء» ان أي شيء جديد لم يحصل، مع أي تطوّر، مرجحة ان تبقى الأمور جامدة، إلى ما بعد السنة الجديدة، ريثما يتم خرق ما في مكان ما. واللافت انه لم يصدر عن بعبدا أي إيضاح عن الجهات التي قصدها الرئيس عون بإنشاء تقاليد واعراف جديدة في تأليف الحكومة، الا ان مصادر متابعة ومطلعة على توجهات الرئيس عون اوضحت «ان الرئيس لم يقصد بالتأكيد حزب الله وحده انما اطرافا اخرى ايضا، واللبيب من الاشارة يفهم، ويعرفون انفسهم اذا ارادوا ان يفهموا». وقالت المصادر: ان الامور مجمدة الان الى الاسبوع المقبل على اقل تقدير لدى كل المرجعيات المعنية بتشكيل الحكومة، لعل شيئا ما يظهر بعد تهدئة النفوس والعقول».
ولفتت إلى ان الرئيس عون اكتفى بهذا الكلام حتى الآن ريثما تأخذ الأمور منحى اخر وتحصل حلحلة وليس واضحا ان بعبدا ستعطي اي شروحات في الوقت الحاضر على الاقل افساحا في المجال امام اتصالات اكثر هدوءا بعيدا عن التشنجات. واكتفت المصادر نفسها بالقول ان الاتصال الذي أجراه الرئيس المكلف سعد الحريري برئيس الجمهورية كان للمعايدة.
وأوضحت المصادر ان خلوة بكركي التي جمعت رئيس الجمهورية والبطريرك الماروني صبيحة الميلاد تناولت مواضيع ثلاثة هي: الحكومة والوضع الاقتصادي والملف الاجتماعي، وانه جرى استعراض للصعوبات التي واجهت ملف تأليف الحكومة والعراقيل التي وضعت امامه وملف مشاركة «اللقاء التشاوري» وما يحيط به. اما في الملف الاقتصادي فكانت هناك اكثر من علامة استفهام حول مستقبل الوضع الاقتصادي اذا بقيت الامور على ما هي عليه وحصلت شروحات. وفي الملف الإجتماعي كان هناك نقاش في هذا الملف ككل. ولفتت المصادر الى ان الخلوة خصصت لعرض الامور اكثر من الخوض في التفاصيل. وأكدت، من جهة ثانية، ان توقيع الرئيس عون مرسوم ترقية الضباط هو اجراء طبيعي مع نهاية العام، مع الإشارة إلى ان هذا الاجراء كان يتأخر سابقاً بعدما كانت تقوم حوله تسويات.
حزب الله وتجاوزات باسيل
أما مصادر «اللقاء التشاوري» فأوضحت من جهتها ان اي تحرك او اتصال لم يسجل لا خلال اليومين الماضيين ولا منذ تعطلت مبادرة تسمية اربعة شخصيات من اللقاء ليختار منها الرئيس عون اسماً، مشيرة الى ان المسألة باتت عند الرئيس عون في ماخص تفعيل مبادرته او تعديلها بالنسبة لتمثيل «اللقاء»، وعند الرئيس المكلف والوزير باسيل لجهة معالجة مسألة تبديل الحقائب التي اضافت تعقيدات اكبر من عقدة تمثيل «اللقاء التشاوري».
وعن سبب طرح الوزير باسيل لموضوع تبديل الحقائب الان، ذكرت مصادر متابعة للموضوع «انه بعدما اجرى التيار الحر مقاربة جديدة لتوزيع الحقائب ظهر لديه ان حقيبة الاعلام ليست حقيبة اساسية فطرح تبديلها بحقيبة اخرى مثل البيئة (التي خصص لها مؤتمر سيدرنحو مليار و400 مليون دولارلمعالجة مشكلة النفايات الصلبة) فطلب من الحريري باستبدالها بحقائب اخرى كالتربية او الصناعة او الزراعة، وهو ما لم يعجب لا الرئيس برّي ولا «حزب الله» الذي اندفع نحو توجيه رسالة شديدة اللهجة إلى رئيس الجمهورية، عبر سحب تسمية مرشّح «اللقاء التشاوري» جواد عدرة، لمنع ما وصفته مصادره «تجاوزات باسيل وضبط الامور»، معتبرة ان ما يقوم به بدأ يمس بالتحالف بين الطرفين.
وفي معلومات «اللواء» ان الثنائي الشيعي يحاول تجاوز سقطة وزير الخارجية الحكومية قدر الإمكان، وتبشر رغم قتامة المشهد السياسي بأن الأمل بتشكيل الحكومة ما زال موجوداً، ولكنها تستدرك كلامها الايجابي بالتاكيد وبشكل رسمي على لسان احد قيادييها على اصرارها على اعادة البحث مجددا في توزيع الحصص والحقائب اذا استمرت المماطلة وعرقلة التاليف، قائلة حرفيا «وليتحمل حينها الاصدقاء والحلفاء قبل الخصوم مسؤولية تصرفاتهم». وتعتبر المصادر ان انزعاج حزب الله من اداء باسيل لم يصل الى حد اتهامه بتجاوز الخطوط الاستراتيجية العريضة لتفاهم مار مخايل ، وتؤكد بان الحزب ما زال يراعي باسيل ولا يجاهر علنا باستيائه منه كرمى الرئيس عون لا اكثر ولا اقل.
وتكشف المصادر بان باسيل طلب مرارا وتكرارا من حزب الله ضمانات ولو بشكل سري بانتخابه خلفا لعون بعد انتهاء ولايته، وحين لم يجد التجاوب المطلوب، او بشكل اوضح حين سمع بانه من المبكر الحديث في مسالة الرئاسة، بما يوحي بعدم رغبة الحزب عمليا في تبنيه، بدا بتجاوز الخطوط الحمر السياسية تارة عبر استهداف حليف الحزب الرئيس بري وتارة اخرى في الانتخابات النيابية ومؤخرا في عرقلة تشكيل الحكومة للاحتفاظ بالثلث المعطل للي ذراع الحزب واجباره على انتخابه.
بري: لست نادماً
أما الرئيس برّي، فأوضح امام «لقاء الأربعاء النيابي»: انه قدم كل ما يمكن من تسهيلات لتأليف الحكومة وانه لم ولن يندم على ما فعله في هذا الإطار، وانه «كان يجب ان تتشكل الحكومة قبل عيد الفطر ، لكن للأسف لم تتألف حتى الآن، ولا اريد ان احمل طرفا معينا مسؤولية ذلك». واشار الى ان «الإتصالات جامدة وأحد لا يقوم بأي خطوة في ملف تشكيل الحكومة بعد كلّ هذه العقد». وأعلن وفق ما نقل عنه النواب «اننا قلنا للرئيس الحريري منذ اليوم الأول إننا نريد 6 وزراء كثنائي شيعي علماً أنه يحق لنا بـ8 وزراء وبضرورة تمثيل النواب السنّة ونخشى من قطبة مخفية لها علاقة بالخارج». واكد بري ان «لا حل إلا بالدولة المدنية فكل المصائب التي نعاني منها ناجمة عن الطائفية والمذهبية اللتين تستشريان أكثر فأكثر».
تظاهرة الحراك المدني
في غضون ذلك، بدأت تطرأ خلافات على منظمي الحراك المدني، بالنسبة إلى التظاهرات في الشارع، مما انعكس على ضآلة التحرّك الذي شهدته ساحة الشهداء عصر أمس، حيث اقتصر على مجموعة من الناشطين الذين تجمعوا امام نصب الشهداء في وسط بيروت استعداداً للقيام بتظاهرة شبيهة بتظاهرة الأحد الماضي التي كانت أكثر كثافة، لكن عدد المشاركين لم يتجاز بضع عشرات الذين أكدوا استمرار التحرّك الأحد المقبل، وواكبهم الجيش اللبناني، الذي كان حذرهم صباحاً بأنه سيتخذ إجراءات لحماية الممتلكات وحفظ الأمن، ومنعهم من قيام عناصر بالاندساس في صفوفهم.
وبالفعل انتهت التظاهرة بسلام من دون حصول أي احتكاك برجال الأمن، بعد ان انتقلت من ساحة الشهداء إلى مرفأ بيروت، لتنفيذ اعتصام رمزي للمطالبة بممارسة أعمال الرقابة ومنع التهريب، وقطع المتظاهرون الطريق عند جادة شفيق الوزان باتجاه شارل حلو، ما تسبب بزحمة سير كثيفة، ثم عاد المتظاهرون من المرفأ إلى ساحة رياض الصلح، عبر شارع المصارف، قبالة السراي، مطالبين بتشكيل الحكومة وتفعيل الرقابة والحد من اليد العاملة الأجنبية ووقف التهريب ووقف العجز الاقتصادي.
شكوى ضد إسرائيل
وفيما كانت الحدود الجنوبية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة، تشهد المزيد من الانتهاكات الإسرائيلية حيث تصدى الجيش اللبناني لمحاولات من جنود الاحتلال لاختراق الخط الازرق، أثناء طمر عشرات الجرافات الإسرائيلية للانفاق التي قالت إسرائيل انه تمّ اكتشافها على الحدود بالباطون المسلح، بالإضافة إلى تفجير نفق قيل انه يمتد من قرية عيتا الشعب ويخترق الحدود، كادت الأجواء اللبنانية عُرضة لكارثة إنسانية كادت تصيب ركاب طائرتين مدنيتين بسبب الغارات الاسرائيلة التي استهدفت ليل أمس الأوّل مواقع في العمق السوري للحرس الثوري الإيراني ولـ«حزب الله»، الا ان العناية الالهية جنّبت الطائرات اللبنانية التي عادة ما تعبر الأجواء السورية إلى دول الخليج وإلى بيروت الاستباحة الإسرائيلية، فلم تكن في هذه الاثناء فوق الأجواء اللبنانية سوى طائرة عراقية كانت تنقل حجاجاً من النجف الأشرف وطائرة ثانية تركية في مدار الصواريخ الإسرائيلية والسورية.
وقال وزير الأشغال يوسف فنيانوس لـ«اللواء» ان الجانب الروسي تحدث عن مخاطر على الطيران المدني فوق الاجواء اللبنانية من احتمال حصول رد صاروخي سوري على الطيران المعادي الذي كان يقصف من فوق الاراضي اللبنانية، وهو خطر حقيقي كان يهدد الطيران المدني الذي كان يحلق وقت حصول الغارات.
واوضح ان الطائرتين اللتين كانتا تحلقان فوق مطار بيروت واحدة عراقية والثانية تركية، وانه ابلغ الرئيس سعد الحريري بالموضوع فتقرر رفع شكوى الى مجلس الامن نظرا للمخاطر التي يشكلها خرق الطيران المعادي للاجواء اللبنانية على حركة الطيران المدني. وفي ضوء ما حصل، أدانت وزارة الخارجية اللبنانيّة الغارات الجوية الإسرائيلية، وأكدت على حق سوريا في الدفاع المشروع عن أرضها وسيادتها، ودعت الوزارة المجتمع الدولي ومجلس الأمن لإدانة هذه الغارات ولإستعمال الطائرات الإسرائيلية الاجواء اللبنانية لشن هجمات على دولة شقيقة، في خرق واضح للقرار 1701.
وأعطى وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل تعليماته إلى مندوبة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة لتقديم شكوى أمام مجلس الامن بالخروقات الإسرائيلية الخطيرة التي تهدّد الإستقرار في المنطقة، والتي شكلت خطراً على حركة الطائرات المدنية وكادت تتسبب بكارثة جوية كبيرة.
المصدر: صحف