تناولت الصحف الصادرة في بيروت نهار الخميس في 1-11-2018 العديد من الملفات المحلية والإقليمية، وجاءت افتتاحياتها على الشكل التالي.
البناء
تركيا تكسر الجرّة مع السعودية: فشل التعاون القضائي… وجثة الخاشقجي قُطِّعَت ودُمِّرت بقرار
اليمن في مبادرة أميركية: خلال 30 يوماً وقف الصواريخ مقابل وقف العدوان
عون يؤيّد الحريري في «العقدة السنية»… ورسالة لحزب الله: «تكتيك يضرب الاستراتيجية»
بينما أعاد الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني تأكيد قدرة بلاده وحكومته على تخطّي العقوبات الأميركية، مستنداً إلى ما وصفه بحجم الالتزامات التي تملكها الحكومة الإيرانية لمواصلة شراء النفط والغاز من إيران رغم العقوبات، جاء إقرار مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون بخروق كبيرة في العقوبات أعادها للجوار الجغرافي متجاهلاً الموقف الأوروبي، تعبيراً عن مساحة اهتمام وتأثير أقل من التقديرات التي جرى الترويج لها سابقاً، سترافق قضية العقوبات في الفترة المقبلة.
القضيتان الأهم البارزتان في المشهد الإقليمي كانتا، ما أعلنه المدعي العام التركي من كسر جرة التعاون القضائي مع السعودية، معتبراً أن لا شيء ذا قيمة يوفره هذا التعاون، كاشفاً عن أسئلة بقيت بلا أجوبة، وعن امتلاك التحقيق التركي أدلة عن قرار سعودي وراء قتل جمال الخاشقجي نفذته مجموعة حكومية أمنية قامت بالقتل خنقاً، وفق خطة، تبعها تقطيع الجثة وتدميرها، ويتوقع أن يشكل الكلام التركي مدخلاً لردود أفعال دولية وغربية خصوصاً، من مستوى تعزيز الدعوات لتحقيق دولي أو اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية من جهة، وتزخيم الدعوات المتصاعدة للعقوبات على السعودية خصوصاً لجهة وقف توريد السلاح إلى الرياض.
القضية الثانية التي تصدّرت الأحداث الإقليمية لم تكن منفصلة عن الأولى فهي تأتي على قاعدة قرار أميركي بالتموضع خارج الحرب على اليمن، ووقف تزويد السعودية والإمارات بالأسلحة والذخائر اللازمة لمواصلة الحرب. وهو ما عبر عنه وزير الدفاع الأميركي جو ماتيس، بالدعوة لوقف الحرب خلال ثلاثين يوماً، وفقاً لمعادلة وقف قصف الصواريخ على السعودية مقابل وقف العدوان السعودي الإماراتي على اليمن. وما يعنيه ذلك من نجاح معادلة الردع التي أرادها اليمنيون من وراء صواريخهم، ودليل موازٍ على فشل الحرب في تحقيق أهدافها بفرض شروط الاستسلام على اليمنيين.
لبنانياً، كانت المواقف التي أطلقها رئيس الجمهورية ميشال عون في الذكرى الثانية لانتخابه محور الاهتمام السياسي والإعلامي، وقد تطرّق لقضايا سلاح المقاومة والنازحين السوريين وخطر توطين اللاجئين الفلسطينيين، في ظل الضعف المتزايد في الموقع العربي مع حملات التطبيع، كما تناول محاربة الفساد وقضايا اقتصادية ومالية، لكن الأهم كان ما قاله رئيس الجمهورية عن العقدة التي يراوح عندها تشكيل الحكومة، وهي قضية تمثيل النواب السنة المنتمين لقوى الثامن من آذار، حيث أيّد رئيس الجمهورية موقف الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري برفض تمثيلهم باعتبارهم أفراداً وليسوا كتلة، مضيفاً إعلان دعمه للحريري تحت عنوان رفض إضعاف رئيس الحكومة، بفرض تمثيل معارض له في طائفته، معتبراً ما قاله رسالة، بدا أنها موجهة بوضوح لحليفه الأقرب حزب الله، مضيفاً أن التمسك بمطلب تمثيل هؤلاء النواب تكتيك يضرب الاستراتيجية.
مصادر متابعة لعلاقة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر بحزب الله، توقعت أن تشهد الساعات المقبلة تواصلاً على مستوى عالٍ بين حزب الله ورئيس الجمهورية لتبادل الآراء وتنقية الأجواء وإعادة صياغة المواقف بين استكشاف فرص التفاهمات أو كيفية تنظيم الخلاف، مذكرة بأن العلاقة بين الرئيس وحزب الله شهدت تباينات سابقة لم تُفسِد عمق العلاقة الاستراتيجية بينهما، ومنها ما كان قبل شهور حول قانون الانتخابات النيابية، وتمّ تنظيم الخلاف وصولاً لصياغة التفاهم.
عون: لا نريد إضعاف الحريري والتكتيك يضرب الاستراتيجية…
يبدو أن عقدة تمثيل المعارضة السنية تحوّلت أزمة حكومية مفتوحة وزادت المشهد الحكومي غموضاً وتعقيداً مع ما أوحاه كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن مسألة تمثيل اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين، ما ظهر بأنّ العقدة الأخيرة أمام ولادة الحكومة عالقة بين مثلث بعبدا – بيت الوسط -حارة حريك، ففي حين كان رفض رئيس الجمهورية تمثيلهم من حصته معروفاً، فغير المتوقع كان إسناد عوني لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بقوله: «لقد تبيّن أخيراً مسألة تمثيل السنة المستقلين. إنّ العراقيل غير مبرّرة، واستعمال التأخير كتكتيك سياسي يضرب الاستراتيجية الوطنية التي نحن في أمسّ الحاجة اليها، ويفتح ثغرة في الوحدة الوطنية خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة». وقال: «هم أفراد وليسوا كتلة. لقد تجمّعوا أخيراً وطالبوا بتمثيلهم، نحن يهمّنا أن يكون رئيس الحكومة قوياً لأنّ المسؤولية الملقاة على عاتقه كبيرة». وأضاف: «أضع الجميع امام مسؤولياتهم، فالجميع ضحّى في مكان ما وتنازل، ونأمل ان تحلّ العقدة الأخيرة في القريب العاجل». ونفى عون توجّهه والرئيس المكلف الى خيار حكومة الأمر الواقع، وقال: «الوضع ليس سهلاً، وأنا أقدّره جيداً، ولو رضيَ الجميع بأحجامهم لما حصلت أيّ مشكلة».
تأزُّم الوضع على المحاور الثلاثة دفع بوزير الخارجية جبران باسيل موفداً من الرئيس عون الى إجراء مروحة لقاءات واسعة، حيث تنقل بين بيت الوسط والضاحية الجنوبية في محاولة لإيجاد مخرج للأزمة المستجدّة، وأكدت مصادر «البناء» أن «باسيل وفور خروجه من بيت الوسط توجّه الى حارة حريك حيث التقى مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا للتشاور في العقدة المستجدّة وعرض كلّ طرف وجهة نظره من هذا الأمر، إلا انه وبحسب المصادر لم يتوصلا إلى حلّ لهذه العقدة»، غير أنّ مصادر حزب الله تؤكد لـ«البناء» أن «الحزب لا يزال على موقفه من تمثيل سنة المعارضة، وهذا حقهم وفي الوقت نفسه موقف مبدئي والتزام من قبلنا». كما أكدت مصادر عين التينة أن «الرئيس نبيه بري يدعم وجهة نظر النواب السنة. وهو كان قد أبلغ الرئيس المكلف بهذا الأمر منذ بداية التكليف»، لكن مصادر «البناء» أكدت بأن اعتبارات عدة تحول دون أخذ الرئيس بري مبادرة تمثيل السنة من حصته، كما فعل في السابق حيث وزّر النائب فيصل كرامي من حصته، غير أن مصادر أشارت لــ«البناء» الى أنّ رفض الرئيس عون تمثيل اللقاء التشاوري من حصته مردّه الى أنّ ذلك سيفقده الثلث الضامن الذي خاض لأجله حرب شهور ضروس مع رئيس الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس القوات سمير جعجع ومع الرئيس الحريري أيضاً فليس مستعدّاً لأن يتنازل عن المقعد الـ11 الآن للنواب السنة». وبناء على المواقف المستجدّة يوم أمس أعربت أوساط سياسية عن قلقها من أنّ باب الحلول أغلق ودخلنا في أزمة مستعصية على الحلّ، فإما يتنازل أحد الأطراف وإما لا حكومة حتى إشعار آخر…
وكان باسيل قد التقى الحريري في بيت الوسط، حيث غادر من دون الإدلاء بتصريح، لكن المعلومات تحدثت عن أنّ رئيس التيار الوطني الحر ناقش والحريري مسألة العقدة السنية وأبلغ الحريري باسيل رفضه توزير سنّة 8 آذار من حصته، في المقابل نقل باسيل للحريري مطلباً من الرئيس عون يقضي بإعادة توزيع المذاهب ضمن التشكيلة المقترحة لا سيما ما يتعلّق بالموارنة بعدما طلبت القوات التمثّل بمارونيين وأرثوذكسي وأرمني كاثوليكي وطالب عون تمثيل القوات بماروني واحد»، فقالت أوساط بيت الوسط «إنّ في هذه الحالة يبدو أنّهم «لا يريدون حكومة».
وقد تم التداول في كواليس التفاوض بأكثر من مخرج للعقدة السنية، سقطت جميعها، منها أن تبقى حصة الحريري ستة وزراء، وبوزيرين مسيحيين بدلاً من وزير واحد وينال عون وزيرين سنيين واحداً محسوباً عليه والآخر لسنة المعارضة إضافة الى وزير مسيحي وآخر درزي، لكن هذا كان محلّ رفض من بعبدا، أما الطرح الآخر فيقضي بتسمية سنّي لا يستفز الحريري من ضمن حصة الرئيس عون على إلا يكون من كتلة النائب طوني فرنجية». غير أنّ أوساط بيت الوسط أكدت أنّ «الحريري لن يقبل بتمثيل أي أحد من سنّة 8 آذار تحت أيّ ظرف من الظروف وأي ضغط على الرئيس المكلّف في هذا الإطار سيدفعه الى خارج التأليف».
وتوجّه الحريري الى رئيس الجمهورية على «تويتر»، قائلاً: «فخامة الرئيس العماد ميشال عون سنتان معاً على طريق استعادة الثقة بالدولة، ومعك لن نتراجع عن مسيرة النهوض بلبنان. نسأل الله أن يُنعم عليك بالصحة لتبقى عنواناً لوحدة جميع اللبنانيين.» وردّ عون على الحريري: «بالتفاهم والتضامن نستطيع أن نحقق الكثير، وسنبقى معاً ما دمنا نخدم معاً مصلحة لبنان ونحفظ وحدة اللبنانيين».
وعلى وقع ارتفاع حرارة المواقف وعودة المفاوضات الى المربع الأول، عمد تيار المستقبل إلى التلويح بالشارع عبر تظاهرات لمناصريه رداً على ما أسماه تطويق 8 آذار للحريري بشروطهم الجديدة، قبل أن تسارع مصادر بيت الوسط الى نفي ذلك، لكن عضو اللقاء التشاوري حذّر المستقبل من اللجوء الى الشارع مشيراً خلال حديث تلفزيوني الى أن مقابل الشارع هناك شارع آخر، مؤكداً بأن لا حكومة من دون تمثيل اللقاء في الحكومة، واضعاً الكرة في ملعب الرئيس المكلف معتبراً أن حصتنا ليست منّة من أحد وعلى الرئيسين عون والحريري إيجاد تسوية للعقدة السنية كما حصل في العقدتين المسيحية والدرزية.
على ضفة عين التينة، نقل النواب عن الرئيس بري بعد لقاء الأربعاء قوله: «إنني تكلمت مع مَن يجب أن أتكلم معهم في هذا الموضوع، ولم يبق لنا سوى الدعاء للإسراع في تشكيل الحكومة». ودق بري جرس الإنذار مرة أخرى حول الوضع الاقتصادي وتداعياته اجتماعياً ومعيشياً وعلى البلاد عموماً، داعياً الى «التبصر وعدم السقوط في فخاخ العناوين التي تبدو صغيرة امام الابتلاء الذي يصيب الأمة على مستوى المنطقة وما تشهده من تطورات خطيرة». ونقل النواب ايضاً أن بري كان يعتزم الدعوة الى جلسة تشريعية، وقد تم توزيع جدول اعمالها على النواب، لكنه يفضل التريث في ظل الوضع والظروف الآنية.
وكان الرئيس عون أطلق سلسلة مواقف في حوار إعلامي مفتوح ومباشر عبر محطات التلفزة والإذاعة، في الذكرى الثانية لانتخابه، أكد خلاله «ضرورة ملء الفراغ في المؤسسات، وهناك من يعمل على مقاومة ذلك»، مطالباً الحكومة المقبلة بـ «العمل»، وقال: «هناك حاجة إلى تشريعات في مجلس النواب، وهناك ما يقع على مسؤولة الحكومة. أما وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد فيجب أن نضع بتصرفه أجهزة رقابية».
ورداً على سؤال عن أزمة الكهرباء، قال: «بالنسبة إلى الكهرباء هناك مشاريع تحتاج الى سنتين، والمشكلة أن هناك فراغاً في الوقت يجب أن يملأ بانتظار إنشاء محطات الإنتاج. ونأمل من مجلس الوزراء الجديد أن يقوم بتسهيل العمل».
وتحدث الرئيس عون عن الإنجازات التي حققها، وقال: «أخذنا قرار فتح تلزيم لجميع المتعهدين، ومنعنا الاتفاقات بالتراضي. لقد سبق وتحدثت في افطار رمضاني عن مكافحة الفساد وموضوع النازحين السوريين والوضع الاقتصادي، والأمر الأول الذي قمنا به هو تلزيم النفط، الذي يشكل ثروة للبنان، كما وضعنا خطة ماكينزي الاقتصادية». عن الوضعين المالي والاقتصادي والمخاطر حولهما، قال: «لستُ قلقاً حالياً، ولكن إذا أكملنا هكذا فالخطر أكبر. إن الوضع الاقتصادي سيئ لكنه موروث، ولم يحصل الآن». وعن العقوبات الاميركية على «حزب الله» وبيئته، قال: «كل لبنان سيتأثر بها، المصارف أحياناً لا تقبل ودائع إذا كان لديها شكوك». ووصف هذه العقوبات بـ «الاستعمار المالي لأنها تحدّ من تصرف أي شخص بأمواله». وعن رؤية العهد للإصلاح المالي، قال: «بقي البلد 12 سنة بلا موازنة، فهذا امر لم يكن مقبولاً. في عام 2011، فرض تكتلنا أن يحصل قطع حساب، فوجدنا انه لم يحصل منذ عام 1996».
وتحدّث عن «تخطي الوزراء موازناتهم»، وقال: «تجري مساءلتهم عن ذلك، وسنرى القضاء ماذا سيفعل. وفي حال تطبيق القوانين، يمكننا مساءلة من كان مسؤولاً في السابق في القضايا المالية». وفي أزمة النازحين طالب «المؤسسات التي تهتم بالنازحين بأن تقدّم المساعدات إليهم في سورية، وليس في لبنان»، وقال: «سنصل إلى مرحلة نعالج فيها مسألة النازحين بالتفاهم مع سورية، وبمعزل عن المؤسسات الدولية. وإن الوفود الدولية التي تزورنا تشكرنا بأجمل الكلام على استقبالنا للنازحين، ولكن عندما نطلب منها مساعدتنا على إعادتهم إلى بلدهم، تتراجع ويتبدّل موقفها». أضاف: «سورية هي في مجلس الأمن وفي الأمم المتحدة، والكل أكد بقاء الرئيس بشار الاسد، ونحن لدينا مصالح معها». وأشار إلى أن «المبادرة الروسية في مجال عودة النازحين السوريين تعرقلت»، لافتاً إلى ان «الامين العام للامم المتحدة لا يمكنه اتخاذ القرار وحده»، متسائلاً: «هل يمكنه التأثير على اميركا؟». وعن احتمال لقائه بالرئيس الاسد قال «هذا مرهون بالامور»، وقال: «هناك من يتهمنا بالعنصرية، لكن لا نستطيع ان نتحمل أكثر مما نتحمل وهناك آلاف ممن عادوا الى سورية، ولم يتعرضوا لضربة كف».
وعن موقفه من المقاومة، قال: «السبب في نشوء المقاومة كان الاحتلال الإسرائيلي، والتهديد الاسرائيلي ما زال قائماً، وهناك قسم من أرض لبنان ما زال محتلاً». وجدّد دفاعه عن «وجود المقاومة»، بالقول: «إن شرعة الأمم المتحدة تسمح بذلك». وعن دعوة سورية لحضور القمة الاقتصادية المتوقع عقدها في لبنان، قال: «لا شيء مضموناً، فالجامعة العربية هي مَن توجّه الدعوات».
اللواء
عون يرد تحية الغزل للحريري: العُقدة السنيِّة مختَلقَة وغير مبررة
عُقدة تمثيل سُنَّة 8 آذار في «البازار الإقليمي».. وبري ينتظر معجزة السماء!
«بلغ» العهد مرور الذكرى الثانية لانتخاب الرئيس ميشال عون رئيساً للجمهورية، من دون حكومة العهد الأولى، في ما يشبه الغصة، لكن الفرصة، بعد يوم على لقاء بعبدا التشاور بين الرئيسين عون والمكلف سعد الحريري، لم تكن تبدو متاحة، على الرغم من الزيارة التي قام بها إلى بيت الوسط وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، والذي حرص على تقديم بعض الاقتراحات، علّه يصل إلى تسوية، تسبق إطلالة الرئيس عون، عبر شاشات التلفزة، في حوار اعلامي، بدا فاتراً، ولم يغص في اجابات ولا حتى في أسئلة، تتناول عمق المأزق، وتداعياته الخطيرة، في ضوء «حركة البنك الدولي» الذي دفع بالرئيس نبيه برّي إلى دق جرسه حول الوضع الاقتصادي الخطير، معتبراً انه قام بما عليه، وتكلم مع من يجب ان يتكلم معهم في ملف تشكيل الحكومة، وما آلت إليه الأمور حتى الآن.. مكتفياً بالدعاء، في اشارة توحي بوصول المحاولات الجارية إلى حائط مسدود، فالرئيس المكلف ماضٍ برفضه سنة 8 آذار الذين لديهم ستة نواب موزعين على كتل ممثلة في الوزارة ككتلة التنمية والتحرير (النائب قاسم هاشم)، والوفاء للمقاومة (النائب الوليد سكرية)، واللقاء الوطني (النائب فيصل كرامي) إلخ.. وحزب الله ماضٍ في تمسكه بتوزير نائب من حلفائه. في حين ان النائب كرامي أكّد انه «لن تكون هناك حكومة من دون النواب السنة المستقلين»، محذراً من خلخلة في الشارع..
وإذا كانت عقدة تمثيل سنة 8 آذار في الحكومة دخلت في «البازار الاقليمي» على خلفية العقوبات الأميركية تجاه إيران بدءاً من مطلع الأسبوع المقبل، فإن الغزل الظاهر بين الرئيسين عون والحريري يُشير إلى ان لا تفريط في «الانجاز الحكومي» الذي تحقق إلى الآن، وان كان تعرض لفرملة تطول أو تقصر على همزة الاتصالات الجارية.
عون: خلاف مع حزب الله حول العقدة السنية
وألمح عون إلى ان الخلافات بشأن الحكومة «ليست سهلة» مشيراً إلى انه على خلاف مع حليفه حزب الله حول عقبة تمثيل النواب السنة. وقال الرئيس عون في حوار اعلامي نقلته شاشات التلفزة لمناسبة الذكرى الثانية لانتخابه رئيساً للجمهورية: إن العراقيل التي «يتم اختلاقها ليست في مكانها وغير مبررة». وتحدث عن مطلب السنة المدعومين من حزب الله وقال «هذا الأمر سبب تأخيرا وهذا التأخير هو نوع من التكتكة السياسية التي تضرب استراتيجتنا الكبيرة». وقال عون إن السنة المدعومين من حزب الله «هم أفراد وليسوا كتلة. نحن نمثل الكتل ضمن معايير معينة، لقد تجمعوا أخيرا وطالبوا بتمثيلهم». واستبعد الحريري التنازل عن أحد مقاعده الوزارية، وكان أحد الحلول الوسط أن يسمي عون أحد السنة المتحالفين مع حزب الله ضمن مجموعة من الوزراء الذين يسميهم الرئيس. وقال عون «نحن يهمنا أن يكون رئيس الحكومة قويا وليس إضعافه لأن المسؤولية الملقاة على عاتقه كبيرة».
ورأى عون «اننا بلد ديمقراطي متعدد أكثر من اللازم، والحكومة يجب ان تكون وفق معايير محددة من دون تهميش لا طائفة ولا مجموعة، ولو رضي الجميع بأحجامهم لما حصلت أي مشكلة». ورداً على سؤال عمّا إذا كان في الإمكان بذل مساعي مع حلفائه، ولا سيما «حزب الله» لحل عقدة تمثيل السنة المستقلين، اجاب: «الوضع ليس سهلاً، وأنا اقدره جيداً، اما حكومة الأمر الواقع فلا اعتقد انها تحترم». ولوحظ ان الرئيس عون، لم يكن يرغب في ان يدخل الحوار معه في موضوع «العقدة السنية»، لكنه حينما طرح عليه السؤال، اكتفى بإجابة مختصرة عليه، غير ان مصادر مطلعة في قصر بعبدا، قالت ان الرئيس سيجري تقييمه في ما خص هذه العقدة المستجدة، لدرس كل خطوة يمكن اتخاذها وانعكاساتها، لا سيما في ما يتعلق بالتوازن داخل الحكومة، ولم تستبعد ان تحصل في لحظة معينة تسوية في الملف الحكومي تعيد الأمور إلى نصابها.
وأعلنت هذه المصادر لـ«اللواء» ان هناك إصراراً لدى الرئيس عون بأن يتم تشكيل الحكومة، وفق المعايير التي وضعت، لافتة الانتباه إلى ان أي تغيير في التركيبة الحكومية، ولا سيما لجهة التوزيع الطائفي يعني الوقوع في مشكلة. وأكدت انه يعمل على تسهيل ولادة الحكومة وفق المعايير التي وضعت من عدالة التمثيل والانصاف، كما كان عليه الحال في العقدتين الدرزية و«القواتية». وشددت على ان المهم المحافظة على المعايير، مشيرة الى ان توسيع عدد الحكومة ليصبح 32 وزيرا هو كلام اعلامي فحسب. وكررت القول ان تشكيل الحكومة مسؤولية رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري والى انه في لقائهما امس الأول رفض الرئيس المكلف ان يكون السني المستقل من حصته.
واذ افادت ان ما من موعد مدرج اليوم للسنة المستقلين في قصر بعبدا لكن تردد ان اي موعد قد يكون بعيدا عن الاعلام. ورأت ان هناك محاولة لايجاد الحلول تفاديا لوصول الحكومة الى مكان مأزوم.
باسيل في «بيت الوسط»
غير ان الوزير باسيل، اختصر من بعبدا محصلة الاتصالات التي أجراها أمس، بقوله للصحافيين: «لا جديد»، وهو كان اطلع الرئيس عون على نتائج لقائه بعد الظهر مع الرئيس الحريري في «بيت الوسط» بعيداً عن الإعلام، وايضاً مع الحاج حسين الخليل الذي زاره بعد «بيت الوسط»، حيث تردّد انه اقترح على الرئيس المكلف حلاً للعقدة السنية تقضي بتسمية الوزير السني من قبل الرئيس عون، على ان لا يكون مستفزاً للرئيس الحريري، وان لا يكون من كتلة «المردة»، أي استبعاد عضوي الكتلة النائبين فيصل كرامي وجهاد الصمد، لكنه علم ان الرئيس الحريري أصرّ على موقفه الرافض لتوزير أي أحد من نواب سنة 8 آذار.
وترددت أيضاً معلومات مفادها ان الوزير باسيل أبلغ الرئيس الحريري رفض الرئيس عون التوزيع الطائفي للوزراء الذين سمتهم «القوات اللبنانية» وإعادة النظر بتوزيع المذاهب ولا سيما بالنسبة إلى الوزيرين المارونيين وان تتضمن حصة «القوات» مارونياً واحداً. وردت مصادر «بيت الوسط» على هذا الطلب بالقول: «يبدو انهم لا يريدون حكومة».
لكن مصادر «التيار الوطني الحر» نفت لـ«اللواء» هذه المعلومات، مشيرة إلى ان «الاجتماع في «بيت الوسط» تركز على إيجاد حل للعقدة السنية – الشيعية، أي إصرار الثنائي الشيعي على تمثيل سنة المعارضة بوزير في الحكومة، ولم يتطرق إلى مسألة تبديل المذاهب في التشكيلة الحكومية». اما مصادر «القوات اللبنانية» فعلقت على الموضوع عبر «اللواء»، مؤكدة ان كل ما يتم التداول به عبر الإعلام نحن غير معنيين به، وقد تبلغنا بشكل رسمي من الرئيس المكلف نتيجة مشاوراته المكثفة معنا ومع رئيس الجمهورية قراراً واضح المعالم بأن «القوات» تتمثل بمارونيين وثالث روم أرثوذكس والرابع أرمن كاثوليك.
ولفتت المصادر إلى انه قطع عهد ووعد للقوات بأن هذه خاتمة الأمور ان لجهة الحقائب أم لجهة التوزيع المذهبي، معتبرة كل كلام خلاف ذلك نحن غير معنيين به، الا إذا كان هناك من يريد ان ينقل التعطيل مجدداً إلى المربع المسيحي، بعدما لمس ان هذا التعطيل عندما توضح انه هو معني به مباشرة يريد إزاحة الصورة عنه من أجل إعادة التعقيد إلى المربع المسيحي، وان لا تفسير لهذا الأمر غير ذلك».
أجواء سلبية في «بيت الوسط»
في هذا الوقت، كانت الأجواء السلبية وغير المريحة قد خيمت بشكل واضح وملحوظ على أجواء «بيت الوسط» وباستثناء زيارة الوزير باسيل، فإنه لم تسجل أية حركة تتصل بمشاورات تأليف الحكومة، وكأن محركات التأليف اطفئت أو أخذت بعض الاستراحة.
ولاحظ المتابعون لمجريات الأمور، استياءً كبيراً لدى الرئيس الحريري حول ما سمي «بالعقدة السنية»، من خلال تمسك «حزب الله» بتمثيل أحد النواب السنة المعارضين لتيار «المستقبل»، وهناك كان تأكيد جازم من قبل مصادر الحريري بعدم قبوله على الاطلاق بأن يترأس حكومة تتضمن إسماً من نواب السنة المعارضين تحت اي ظرف من الظروف، والا فليتم البحث عن رئيس للحكومة اخر، مشيرة الى ان الكرة ليست في ملعب الرئيس الحريري.
ولفتت المصادر الى ان الرأي العام اصبح على اطلاع واضح ان من يعرقل التأليف هو «حزب الله» الذي يبدو انه لا يريد حكومة، واكدت المصادر ان قرار الرئيس الحريري في هذا الاطار حاسم وليس هناك من امكانية لتراجعه عن موقفه وانه ليس في صدد تقديم اي تنازلات جديدة، خصوصا ان موقفه من مسألة توزير سنة نواب المعارضة كان واضحا منذ البداية من خلال ابلاغه الامر الى رئيس الجمهورية والى عدد من المعنيين، كذلك من خلال مواقفه التي اعلن عنها مرارا وتكرارا في الاعلام فيما يخص هذا الموضوع.
عين التينة: لم يبق سوى الدعاء
ويبدو ان الأجواء السلبية نفسها انعكست بدورها على أجواء عين التينة، حيث رفض الرئيس نبيه برّي الدخول مع نواب الأربعاء في نقاش حول مسألة توزير نواب سنة 8 آذار، قائلاً للنواب: «دعوني من هذا الموضوع، لقد تكلمت مع من يجب ان اتكلم معهم في شأن الحكومة، ولم يبق لنا سوى الدعاء للإسراع في تشكيلها». ولوحظ ان الرئيس برّي الذي كان يعتزم الدعوة إلى جلسة تشريعية الشهر المقبل، وقد تمّ توزيع جدول أعمالها على النواب، يفضل التريث في توجيه الدعوة، في ظل الوضع والظروف الآنية، والتي تتسم بحساسية معينة.
ولاحقاً، ترأس بري في عين التينة، الاجتماع الدوري لكتلة «التنمية والتحرير» التي اعلنت في بيان ان الرئيس بري وضع «النواب في أجواء ملف تشكيل الحكومة، وعدم الرغبة في تحديد موعد لجلسة تشريعية نظرا الى الأجواء السائدة حكوميا.
«غزل تويتري»
وعشية بدء السنة الثالثة لولاية الرئيس عون في رئاسة الجمهورية، لفت انتباه المراقبين «الغزل» التويتري الذي دارت وقائعه مساء أمس بين الرئيسين عون والحريري، إذ غرد الثاني عبر حسابه على موقع «تويتر» قائلاً: «سنتان معاً على طريق استعادة الثقة بالدولة، ومعك لن نتراجع عن مسيرة النهوض بلبنان، نسأل الله ان ينعم عليك بالصحة لتبقى عنواناً لوحدة جميع اللبنانيين». ورد الرئيس عون على تغريدة الحريري بتغريدة قال فيها: «بالتفاهم والتضامن نستطيع ان نحقق الكثير، وسنبقى معاً ما دمنا نخدم معاً مصلحة لبنان ونحفظ وحدة اللبنانيين».
وفي تقدير مصادر سياسية، ان هذا الغزل المتبادل بين الرئيسين، فيما كان العهد يطوي العام الثاني من الولاية، من دون حكومة، عكس متانة التسوية السياسية الحالية، وتفاهماً يفترض ان تكون ترجمته حلاً معيناً للعقدة السنية لا تغضب الحريري، بدأت مؤشراته من خلال كلام عون بأنه «يهمه ان يكون رئيس الحكومة قوياً»، واشارته إلى ان لا تحدث مسألة تمثيل السنة من خارج تيّار المستقبل «ثغرة في الوحدة الوطنية»، فضلاً عن لفتته اتجاه الحريري، رداً على سؤال حول سر الكيمياء بينهما، عندما قال: ان نوايا الحريري طيبة لبناء لبنان، رغم اننا نختلف حياناً في الرأي، لكنه الأقوى في طائفته، علماً ان عدد نوابه انخفض في الانتخابات الأخيرة.
وتناول الحوار الإعلامي الذي أجري مع عون عبر محطات التلفزة والاذاعة، مختلف الأوضاع الراهنة والمحطات التي مرّت بها الولاية على مدى السنتين الماضيتين، والتي اتسمت بأنها لم تكن على قدر طموح اللبنانيين، على حدّ ما خصلت إليها «عينة» من المواطنين أخذت عشوائياً وبثت خلال الحوار، حيث ردّ عليها الرئيس معترفاً بأن هناك قضايا لا امكانات لتنفيذها بالنسبة لتأمين الخدمات للناس، وأخرى فيها تقصير، لكنه وعد بالعمل على معالجته، على الرغم من قناعته بأن هناك من يعمل على مقاومة ذلك، لافتاً الحاجة إلى تشريعات في مجلس النواب، آملاً من الحكومة المقبلة تسهيل العمل بالنسبة لازمة الكهرباء.
وكشف انه يحضر لمؤتمر في مطلع السنة المقبلة يتعلق بالقضاء، معتبراً ان هذا الأمر يعطينا فرصة لإصلاح القوانين، لافتاً إلى انه ليس قلقاً من الوضعين الاقتصادي والمالي، ولكن إذا اكملنا هكذا فالخطر أكبر، مشيراً إلى ان الوضع الاقتصادي سيئ لكنه موروث، ووصف العقوبات الأميركية على «حزب الله» بالاستعمار المالي لأنها تحد من تصرف أي شخص بامواله، معتبراً ان كل لبنان سيتأثر بها. وطالب المؤسسات التي تهتم بالنازحين بان تقدّم المساعدات لهم في سوريا وليس في لبنان، متوقعاً ان نصل إلى مرحلة نعالج فيها مسألة النازحين بالتفاهم مع سوريا وبمعزل عن المؤسسات الدولية، الا انه كشف بأن المبادرة الروسية في هذا السياق تعرقلت.
وقال ان احتمال لقائه بالرئيس الأسد مرهونة بالأمور مجدداً دفاعه عن وجود المقاومة، بقوله ان شرعة الأمم المتحدة تسمح بذلك، ووعد خيراً اللبنانيين بالعمل على تحقيق كل حاجاتهم رغم ان الموارد قليلة، لكنه لاحظ ان المسألة ليست سهلة والتحديات كبيرة. وأعلن انه «سيطالب بمحكمة خاصة للجرائم المالية». وختم متوجهاً إلى اللبنانيين بالقول: «وصلت بدعمكم ومحبتكم وثقتكم. لن اصدمكم، فستبقى الثقة بيني وبينكم، وهذا من خلال الوعود التي اعطيتكم اياها».
أزمة الكهرباء
إلى ذلك، توقعت بعض المصادر ان تحدث أزمة في توزيع التيار الكهربائي على المناطق، تبعاً للخلل الحاصل لدى مؤسسة كهرباء لبنان على صعيد حاجتها الى مادة الفيول، بسبب نقص في التمويل، وهو الامر الذي ردّت عليه وزارة المال، بالتأكيد على ان أي زيادة في موازنة وزارة الطاقة تحتاج إلى قانون، وعليها ان تصرف من الاعتمادات الملحوظة لها في الموازنة.
المصدر: صحف