تناولت الصحف الصادرة في بيروت نهار السبت في 20-10-2018 العديد من الملفات المحلية والإقليمية، وجاءت افتتاحياتها على الشكل التالي.
الأخبار
السعودية تعترف: قتلْنا خاشقجي ووجدنا «كبش الفداء»
وأخيراً اعترفت الرياض بقتل جمال خاشقجي. اعتراف انتظر على ما يبدو اكتمال صيغة الصفقة الثلاثية مع واشنطن وأنقرة. السعودية بعد كل التسريبات عن طريقة قتل مواطنها في قنصلية بلاده، قالت ببساطة تامة إنه «توفّي نتيجة شجار» ناجم عن «مناقشات» في القنصلية. مسألة لن تعلّق عليها أنقرة وواشنطن إن كانتا حقاً شريكتين في «التسوية»، وليكون «السرّ» اليوم في الإجابة على سؤال: «بماذا وعد الملك سلمان أردوغان وترامب في مقابل حفظ رأس ولده واستقرار مملكته؟».
وعلى دماء خاشقجي وجثته المختفية، قدّم الملك السعودي شمّاعة ووضعها في قفص التحقيق والعزل. شماعة عنوانها العام الاستخبارات وعدد من قيادييها بالإضافة إلى الاسم البارز سعود القحطاني، المستشار في الديوان الملكي والمقرّب من وليد العهد.
في النتيجة، الجميع ينتظر ردّ الفعل التركي في ما يخص «التحقيق السعودي»، وقد لا تحتاج المسألة إلى أكثر من 48 ساعة ليظهر «تطابق» التحقيقيْن وتأكيد «الصفقة الكبرى»… وإمّا تفجير تركي لكل الرواية السعودية وعودة محمد بن سلمان إلى واجهة القتلة الواجب تنحيتهم.
فجر اليوم، ظهر «دخان» المَخرج المنتظر في قضية اختفاء جمال خاشقجي. اعتراف رسمي سعودي بقتل الصحافي «المنشق»، ثم جملة من الأوامر الملكية تضع الاستخبارات السعودية ورجالها في قفص الاتهام، وتبعد أصابع الاتهام عن ولي العهد محمد بن سلمان، عبر تكليفه بمعاقبة القتلة! الرياض، ببيان نقلاً عن «النائب العام» في المملكة، كشفت أن خاشقجي قتل في شجار مع الذين قابلوه في قنصلية بلاده في إسطنبول. ثم كرّت سبحة الإعفاءات لتطاول المستشار في الديوان الملكي سعود القحطاني ونائب رئيس الاستخبارات العامة أحمد عسيري ومساعديّ رئيس الاستخبارات العامة للموارد البشرية اللواء عبدالله بن خليفة الشايع ولشؤون الاستخبارات اللواء محمد بن صالح الرميح.
ما عمل عليه الرئيس دونالد ترامب من خلال تجنّب التصويب على ولي العهد محمد بن سلمان ظهر مع تكليف الملك لابنه بتشكيل لجنة وزارية برئاسته «لإعادة هيكلة رئاسة الاستخبارات العامة… وتحديد صلاحياتها والتسلسل الإداري والهرمي بما يكفل حسن سير العمل وتحديد المسؤوليات».
وما يعزّز من فرضية المخرج/ الصفقة ذات الغطاء الأميركي، اتصال الملك سلمان بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان واتفاقهما على «أهمية مواصلة العمل سوياً في تعاون تامّ». ثم جاء بيان وزارة الخارجية السعودية ليشير إلى أنّ «معلومات السلطات التركية حول مشتبه فيهم قادت للوصول إلى تفاصيل الحقيقة في شأن وفاة خاشقجي»، ولـ«نثمن تعاون تركيا المتميز والتي ساهمت جهودها بشكل هام في مسار التحقيقات».
الكرة من اليوم، إذاً، في ملعب أنقرة إذ بيدها نسف كل الرواية السعودية الضعيفة أصلاً، خصوصاً في ما يخص طريقة قتل خاشقجي وما سرّب عن تعذيبه والتنكيل بجثته. لكن اليومين الأخيرين كانا حافلين بتصريحات تركية رسمية تطلب «الابتعاد عن التسريبات السابقة» و«انتظار انتهاء التحقيق الرسمي». كما أن البيان السعودي لا يمكن وضعه في إطار إلقاء الحجة ورفع المسؤولية وعدم تنسيقه مع الجانب الأميركي (والتركي ضمناً)، وإلا سيشكّل فشلاً سياسياً مدوياً يضاف إلى الفشل الاستخباري والدبلوماسي بعد عملية قتل خاشقجي.
وفي تفاصيل بيان «المصدر الرسمي» نقلاً النائب العام السعودي حول التحقيقات، فهو أكد أن «المناقشات التي تمت بين خاشقجي وبين الأشخاص الذين قابلوه أثناء تواجده في قنصلية المملكة في إسطنبول أدت إلى حدوث شجار واشتباك بالأيدي، وتفاقم الأمر مما أدى إلى وفاته ومحاولتهم التكتم على ما حدث والتغطية على ذلك». وأشار، بحسب وكالة الأنباء السعودية، إلى أن «التحقيقات مستمرة مع الموقوفين على ذمة القضية وعددهم حتى الآن 18 شخصاً جميعهم من الجنسية السعودية، تمهيداً للوصول إلى كافة الحقائق وإعلانها، ومحاسبة جميع المتورطين وتقديمهم للعدالة».
يأتي ذلك بعدما تزايدت، نهار أمس، المؤشرات إلى تغيّرات محتملة في منظومة الحكم في السعودية على خلفية قضية خاشقجي، أو على الأقل تبدلات موضعية ومرحلية تزيح ولي العهد الشاب من المشهد ريثما تنتهي الزوبعة المحيطة بالمملكة، وبعد أن بات التوصل إلى «تسوية» تحفظ ماء وجه الرياض مفتوحاً في ظلّ إعلان أنقرة أنها لم تسلّم أي دليل على مقتل خاشقجي إلى واشنطن، ودفع الدوائر المُقرّبة من ترامب نحو إيجاد مخرج ينقذ محمد بن سلمان من مأزقه.
ويتعارض «الأمر الملكي» فجر اليوم مع ما سرّبته وكالة «رويترز»، أمس، عن «مصدر سعودي على صلة بالديوان الملكي»، بأن الملك سلمان يسعى إلى تقييد صلاحيات نجله السادس، خصوصاً أن «مستشاري الملك شعروا بالإحباط في الفترة الأخيرة، وبدأوا يحذرونه من أخطار ترك سلطات ولي العهد بلا ضابط».
هذا الخيار والتسريبات المتتالية التي تضع ابن سلمان في موقع المذنب لم تكن مستساغة أميركياً. إذ، على رغم توعّد ترامب بعواقب «بالغة الشدة» بما يوحي بإمكانية رفع الغطاء عن ابن سلمان، إلا أن إدارته أبدت تمسّكاً بشخص محمد. تمسّك أوحى به، أمس، حديث مصدر مقرب من البيت الأبيض إلى صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية عن أن مستشار الرئيس وصهره، جاريد كوشنر، «يحثّه على الوقوف إلى جانب الأمير محمد»، انطلاقاً من قناعة بـ«قدرة ولي العهد على النجاة من الغضب الدائر كما تجاوز النقد في السابق». من هنا، عاد الحديث ليتركّز حول مساعي الدفع بـ«شمّاعة» إلى واجهة المشهد، من أجل إلصاق الجريمة بها، مع ما يتطلّبه الأمر من تخفيف من حدّة التسريبات التي تمحورت جميعها حول شخصيات مُقربّة من ابن سلمان.
هذه المساعي أعاد الرئيس الأميركي، أمس، التلميح إليها، بقوله إن وزير خارجيته، مايك بومبيو، «لم يتسلّم أو يطّلع أبداً على نص أو تسجيل مصوّر في شأن حادث القنصلية السعودية في إسطنبول». وهو ما يوافق ما كان أعلنه، في وقت سابق، وزير الخارجية التركي، مولود تشاويش أوغلو، من أن بلاده لم تُسلِّم بومبيو أو أي مسؤول أميركي آخر أي تسجيلات من هذا القبيل، قائلاً إن «مشاركتنا أي معلومة مع أي دولة أمر غير وارد».
توافق أنبأ بأن ثمة تفاهماً ضمنياً أميركياً – تركياً على منح السعودية الفرصة لترتيب «المخرج» المناسب من ورطتها، في «صفقة» تأتي على رأس أحد أزلام ابن سلمان، وهذا ما فعلته الرياض فجر اليوم. وتصدّر قائمة «أكباش الفداء» الناطق السابق باسم تحالف العدوان على اليمن، أحمد عسيري الذي يشغل منصب نائب رئيس الاستخبارات العامة السعودية راهناً، وهو الذي سبق أن طرحت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية اسمه في إطار حديثها عن «خطة سعودية لحلّ أزمة خاشقجي»، لافتةً إلى أن «شخصاً مُقرّباً من البيت الأبيض تمّ إبلاغه بفحوى الخطة (المذكورة)، وتم إعطاؤه اسم اللواء عسيري». ويعتقد واضعو الخطة أن اسم عسيري – كمسؤول عن جريمة القنصلية – سيلقى قبولاً، نظراً لأقدميته ورتبته، و«سعيه لإثبات نفسه استخباراتياً في قضية خاشقجي»، وفق ما نقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة.
البناء
قضية الخاشقجي تلاحق ترامب… والقمة الروسية الألمانية الفرنسية التركية الأسبوع المقبل
نصرالله: لا تستعجلوا وضع المهل… هناك جدّية ولكن هناك عقبات
فرصة للعودة من فدرالية الطوائف إلى حكومة الوحدة… والعبرة بالنتائج
اضطر الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى رفع سقف تلويحه بالتهديد للحكم السعودي على خلفية تورّطه في مقتل جمال الخاشقجي، تحت ضغوط الداخل الأميركي، وبموازاة مناخ غربي عام، وما يجمعهما اعتبار المعاملة المميّزة لولي العهد السعودي من الرئيس ترامب، رغم ما وصفته الصحف الأميركية والأوروبية من تراكم مسيرة الفساد والإجرام في سلوك محمد بن سلمان، هو المسؤول عن التمادي في السلوك الإجرامي لولي العهد، وهو الذي أشعره بالتغطية الممنوحة له على شك أبيض ليفعل ما يشاء طالما أنه يدفع المال تلبية لطلب ترامب. وبدأت تظهر الحملة المرتبطة بكشف تفاصيل قضية الخاشقجي مدخلاً لفتح ملف العلاقة الأميركية السعودية بوجه ترامب عشية الانتخابات النصفية في الكونغرس، وعلاقتها بالتحضير للانتخابات الرئاسية وفرص الولاية الثانية التي يستعدّ ترامب لخوضها، والمعادلة التي رسمتها الواشنطن بوست كانت، علينا أن نختار بين قيم الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان والعلاقة بالحكم السعودي، فلا يمكن جمعهما تحت سقف واحد، متّهمة ترامب ببيع أميركا للسعودية فيما هو يدّعي شراء السعودية لحساب أميركا.
بالتوازي مع الارتباك الأميركي السعودي تتقدّم روسيا ومعها تركيا التي ثبتت انضباطها بالرؤية الروسية للوضع في سورية، نحو القمة الرباعية التي تضمّ روسيا وتركيا وألمانيا وفرنسا تحت عنوان ثلاثية الحلّ السياسي وإعادة الإعمار وعودة النازحين، بعدما ثبتت للأوروبيين الحاجة لعدم تجاهل الضغوط الأمنية التي تطال بلدانهم من جراء تموضع الجماعات الإرهابية الآتية من بلادهم إلى سورية ومخاطر عودتها القريبة، وكذلك الحاجة للانفتاح على المساعي الروسية لإعادة النازحين كقضية اقتصادية اجتماعية أمنية ضاغطة على أوروبا، والاستعداد لملاقاة فرص إعادة الإعمار التي تتيحها سورية، بعيداً عن الانضباط بالروزنامة الأميركية التي اختبرتها أوروبا في الملف النووي الإيراني وتعرّف عدم اكتراث واشنطن بالمصالح الأوروبية الأمنية والاقتصادية من خلال ما يُظهره العجز الأميركي عن إيجاد بدائل للتفاهم النووي، والمضي رغم ذلك برفع منسوب التوتر، لتخسر أوروبا أمنياً واقتصادياً، وتدخل منطقة الجوار الأوروبي في التصعيد.
لبنانياً، شهدت الساعات الأربع والعشرون الماضية تدخلاً وازناً من حزب الله لردّ الاعتبار لمفهوم حكومة الوحدة الوطنية على حساب مشروع حكومة تمكن تسميتها بالفدرالية الطوائفية، عبر تطويب كل مقاعد محسوبة لطائفة معينة لفريق سياسي وتوزيع الحصص الحكومية على أساسها، بينما يفترض أن تقوم حكومة الوحدة الوطنية على تعاون منصف بين المكونين السياسيين الرئيسيين لقوى الثامن والرابع عشر من آذار اللذين نالا نصيباً نيابياً متوازناً في الانتخابات الأخيرة بتمثيل وزاري متوازن كماً ونوعاً بينهما من جهة، وبالحرص على تمثيل القوى الجديدة التي حملتها الانتخابات وشكلت الإشارة التي حملتها صناديق الاقتراع، وأبرزها ظهور مكوّن نيابي وازن من خارج تيار المستقبل، وبالتمسك بالهوية اللاطائفية التي تمثلها القوى الواقعة خارج الحسابات الطائفية والتي يمثلها الحزب السوري القومي الإجتماعي كعلامة تمسك بجوهر اتفاق الطائف القائم على وعد الانتقال من التنظيم الطائفي المؤقت إلى صيغة لاطائفية. وشهدت الاتصالات بعد هذا التدخل الذي أيّده رئيس مجلس النواب نبيه بري خلطاً للأوراق، لا يمكن الجزم بحدود التغيير الذي سيدخله على التشكيلة الحكومية التي كانت قد قطعت ثلاثة أرباع الطريق نحو الولادة، لتعود وتظهر عقدة حقيبة العدل التي تتمسك القوات اللبنانية بسحبها من حصة رئيس الجمهورية الذي أبلغ عدم استعداده للتنازل عنها.
الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أكد مضمون الطلبات بتمثيل أطراف وبحث في حقائب دون الدخول في التفاصيل، حرصاً على عدم تحويل الأمر نوعاً من التحدّي أو إحراج أحد، ولترك الفرص للاتصالات لتذليل العقبات، مشيراً إلى جدية التقدّم الحاصل في الملف الحكومي بموازاة جدية العقبات التي تعطّل التشكيل، ناصحاً بعدم الوقوع بتحديد مهل تترتب على انتقائها بلا إنجاز التشكيل نتائج سلبية سياسية واقتصادية.
كيف انقلب الحريري على التزاماته مع بري!
يبدو أنّ الأجواء الإيجابية التي رافقت مفاوضات ربع الساعة الأخير قد تبدّدت، وبالتالي انهارت مهلة الـ 48 ساعة المحدّدة لولادة الحكومة، فلا حكومة في عطلة نهاية الأسبوع كما كان متوقعاً، فعادت العقد الى مربّعها الأوّل وما إن تُحلّ عقدة حتى تظهر أخرى، هذا حال مفاوضات الأيام القليلة الماضية، إذ إن شياطين الحصص والحقائب الكامنة ظهرت أخيراً في التفاصيل، غير أنّ «عقدة المعايير» التي تحدّث عنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله هي أمّ العقد، هذا ما برز في الساعات الأخيرة على سطح التفاوض الحكومي، فلا حكومة من دون سنة المعارضة أو اللقاء التشاوري والحزب السوري القومي الاجتماعي، بحسب ما قالت لـ»البناء» مصادر مطلعة في فريق 8 آذار.
فرسائل السيد نصرالله الى المعنيين بتأليف الحكومة لم تكن بعيدة عن هذا المناخ، حيث أعاد في خطابه أمس، باسم الثنائي الشيعي العقدة السنية الى الواجهة في «اللحظة الحرجة» بعدما حاول الرئيس المكلف سعد الحريري الانقلاب على وعوده والتزاماته التي قطعها لرئيس المجلس النيابي نبيه بري منذ اللقاء الأول بينهما بعد تكليفه لتشكيل حكومة جديدة، وفق ما أشارت مصادر مطلعة لــ»البناء»، وتظهر وقائع ذاك اللقاء أن الحريري سأل بري آنذاك عن مطالب الثنائي الشيعي في الحكومة فأكد بري على ستة وزراء لأمل وحزب الله من بينهم حقيبة سيادية «المالية» وأخرى خدمية «الصحة» الى جانب وزارة لتيار المردة ووزارة لسنة المعارضة وأخرى للحزب القومي، أي 6 وزراء شيعة و2 مسيحيين وواحد سني أي ما يعادل 9 وزراء. وعاد معاون السيد نصرالله الحاج حسين الخليل وأكد على هذه المطالب خلال لقاء جمعه مع الحريري بعد التكليف بحضور الحاج وفيق صفا. كما أكد على ذلك رئيس كتلة الوفاء للمقاومة الحاج محمد رعد خلال اللقاء مع الرئيس المكلف في مجلس النواب أثناء الاستشارات النيابية. وتضيف المصادر أنه ومذ ذاك الحين لم يتلقّ الحزب والحركة إجابات من الحريري.
ومع تكاثر العقد على الرئيس المكلف وحراجة ودقة الظروف الإقليمية حينها حاذر الثنائي الشيعي إحراج الحريري ما فسّره الأخير على أنه تنازل مسبق من أمل وحزب الله عن حلفائهم من السنّة والقومي. لكن وبعد أن بدأت العقد تُذلل الواحدة تلو الأخرى عادوا ليبحثوا أمر العقد القديمة المستجدة، وتساءلت المصادر: هل من العدل أن يمثل 45 نائباً 8 آذار بـ 7 وزراء و44 نائباً 14 آذار بـ 12 وزيراً؟ كما تساءلت: لماذا يريد الرئيس الحريري الاستئثار بالحصة السنية في الحكومة وهو لم ينل سوى 17 نائباً سنياً مقابل 10 نواب من السنة خارج المستقبل؟ ولفتت المصادر الى أنّ الحريري نال ستة وزراء من بينهم رئاسة الحكومة ووزير مسيحي، فلماذا يريد إنكار حصة السنة الآخرين؟ وأشارت الى أنّ الرئيس المكلّف أمام حلّين إما تمثيل سنة اللقاء التشاوري والحزب القومي وإما ستبقى الحكومة معلقة على هذا التمثيل.
ورأت أوساط مطلعة في طيات كلام السيد نصرالله رسالة الى بيت الوسط بضرورة مراعاة تمثيل بعض القوى الحليفة، ولا يمكن القبول بنسف نتائج الانتخابات النيابية. ما دفع الأوساط الى القول بأن لا حكومة في المدى المنظور وأنّ الأمر يحتاج الى جولة مفاوضات أخرى لإنضاج الظروف الصحيحة للولادة. وأفادت مصادر مقرّبة من حزب الله لـ»البناء» الى أنّ هناك مساعي جدية مع الرئيس المكلف لعدم تجاوز هذا التمثيل ما سيؤخر ولادة الحكومة بعض الوقت، وقالت مصادر أخرى إنّ الأمور تتجه الى أن يبادر رئيس الجمهورية الى توزير النائب فيصل كرامي من حصته الوزير السني .
وفي إطار ذلك، لفت عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي معن حمية إلى أنّ مواقف المسؤولين تؤكد على الاتجاه نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية تضمّ جميع القوى، ولذلك فإنّ المطلوب ترجمة هذه المواقف، للوصول فعلاً الى حكومة وحدة وطنية تتمثل فيها جميع القوى، خصوصاً القوى اللاطائفية. وقال في تصريح: المصلحة الوطنية للبنان، بأن يكون الحزب القومي والقوى الفاعلة مشاركين في الحكومة الجديدة، ما يعطيها دفعاً للقيام بمسؤولياتها ويضفي عليها صفة حكومة الوحدة الوطنية.
أما في ما خصّ معركة الحقائب فعلمت «البناء» أنّ «حقيبة الأشغال ستبقى مع تيار المردة وسط إصرار من ثنائي أمل وحزب الله على أن تبقى مع المردة، لكن لم يُحسم حتى الآن بقاء الوزير الحالي يوسف فنيانوس لهذه الحقيبة أم لا حيث طلب التيار الوطني الحر باستبدال فنيانونس باسم آخر إن كانت ستؤول للمردة، غير أنّ هذا الأمر لا يزال محلّ نقاش لدى الوزير سليمان فرنجية، أما حصة حزب الله فاستقرت على وزارات الصحة والصناعة ووزارة دولة، أما وزارة العدل فيبدو أنها ستبقى مع رئيس الجمهورية إذ أكدت مصادره معطوفة على مصادر التيار الوطني الحر أنّ الرئيس لن ولم يتنازل عن العدل لأسباب عدة، أما التربية والزراعة فستؤولان للحزب الاشتراكي، أما الشؤون الاجتماعية والثقافة للقوات ويدور البحث عن منحها حقيبة أخرى غير الثقافة كتعويض عن العدل الى جانب نائب رئيس مجلس الوزراء.
تراجع موجة التفاؤل وتصلّب القوات في مواقفها ورفع سقفها دفعت برئيس التيار الحر الوزير جبران باسيل الى زيارة بيت الوسط على عجل لإبلاغ الرئيس المكلف رفض الرئيس ميشال عون القاطع التنازل عن العدل للقوات ورمى باسيل الكرة الى ملعب الرئيس المكلف والقوات وبرأ ذمته بقوله بعد اللقاء مع الحريري: «قدّمنا كلّ التسهيلات والتنازلات لتسهيل ولادة الحكومة، إنّ الأمور إيجابية جداً. وأعتقد اننا على الطريق الصحيح لتأليف حكومة بمعايير العدالة والتمثيل الصحيح لإنتاج حكومة وحدة وطنية لا تستثني أحداً». ما دفع الحريري لاستدعاء الوزير ملحم الرياشي لإبلاغه الموقف العوني المستجدّ، وتحميله رسالة الى رئيس القوات سمير جعجع، غير أنّ اتصالاً حصل بين جعجع والحريري أعاد الرياشي الى بيت الوسط حاملاً رسالة من جعجع، وأوضح الرياشي في تصريح من « بيت الوسط »، أنّ «البعض يعمل على الإساءة إلى جهد الحريري والانقلاب على التسوية، خصوصاً بعد تزايد نقاط الالتقاء في التشكيل إلى حدود حسمها».
ونقلت قناة «أم تي في» المحسوبة على القوات عن مصادر معنية بالتأليف أنّ «فحوى الاجتماع بين الحريري وباسيل كان سلبياً، وأنّ الرئيس عون أعاد النظر بإعطاء «القوات اللبنانية» وزارة العدل. ورأت المصادر أنّ «الأمور تشير الى العودة الى الوراء والأجواء ملبّدة مع ظهور عقدة تمثيل السنة المستقلين».
ويبدو بحسب أوساط مراقبة أنّ الحريري أعياه التعب من شروط معراب وبات يفكر جدياً مع الرئيس عون بالسير بحكومة من دون القوات وتوزيع حصتها على الأحزاب والقوى المسيحية الأخرى كحزب الكتائب وعلى الأحزاب والقوى الوطنية والقومية، رغم تأكيد مصادر المستقبل وربما إعلامياً فقط على أنّ الرئيس المكلف لن يسير بحكومة بلا القوات، وربطت الأوساط بين تراجع شروط القوات وأزمة السعودية التي تحوّلت عالمية بعد اغتيال الإعلامي جمال الخاشقجي، ما منح الحريري هامشاً واسعاً للتخلص من حمل القوات الزائد في مركبه الحكومي. وهذا ما أوحته النقاشات التي دارت بين الحريري والرياشي خلال الأيام القليلة الماضية بحسب مطلعين. غير أنّ مصادر مستقبلية تلفت لـ»البناء» الى أنه رغم الهامش الذي يملكه الحريري وحرية حركته الحكومية، غير أنه ليس بوارد أن يضع نفسه بمواجهة السعودية في أيّ حكومة تستبعد القوات، لذلك يصرّ على تمثيلها وتلبية مطالبها بالتعاون مع التيار الحر.
من جهتها، أفادت مصادر بيت الوسط لقناة الـ»او تي في» أنّ القوات أبلغت الرئيس المكلّف رفضها المشاركة في الحكومة بلا ثلاث حقائب بينها العدل. وبدوره، أبلغ الحريري القوات عدم السير بحكومة من دونها، حسب المصادر. وكان الحريري استقبل عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور ، الذي قال في دردشة مع الإعلاميين إنّ « وزارة التربية والتعليم العالي لا تزال مع الاشتراكي ، ولا حقيبة عدل للقوات». وقال السيد نصرالله خلال كلمة له في مناسبة الاحتفال باليوبيل الفضي لمدارس المهدي: «الواضح أنّ التعقيد الحكومي هو تعقيد داخلي، والحديث عن الأحجام والحقوق، هناك أمور متعلقة بالحقائب وبتوزير بعض الجهات لا زالت عالقة، ومحاولة تصوير انّ حزب الله يشكل الحكومة ويوزع الحقائب خاطئة ولا تستند لوقائع». وتطرّق للمرة الأولى الى قضية اختفاء الإعلامي السعودي جمال الخاشقجي، وقال: «هذا الحدث يكبر وإدارة ترامب محشورة جداً، والحكام السعوديون في وضع لا يُحسَدون عليه، وهناك مناخ باتجاه عقوبات ومقاطعة دبلوماسية. والأهمّ هو تداعيات هذا الملف، والكلام عن عناصر مارقة لا يمكن أن يمرّ».
أضاف: «أقول لحكام السعودية إنّ اليوم هو الوقت المناسب لاتخاذ موقف جريء وشجاع لوقف الحرب على اليمن، ووقف إطلاق النار على كلّ الجبهات والإذن لليمنيين بالذهاب الى الحلّ السياسي والمصالحة الوطنية. الغطاء الدولي والعالمي لحربهم على اليمن بدأ ينهار خصوصاً بعد هذه الحادثة، وصورة المملكة في العالم في وضع لم يسبق له مثيل من السوء منذ مئة سنة».
اللواء
إنقلاب على التسوية أم إنقلاب على التكليف؟
ليل الإنتكاسة الطويل: العدل لعون وإحراج «للقوات» ونصر الله لتوزير الحلفاء السنّة
بين «التحفظ المبدئي» على تحديد مواعيد التأليف، وان مشاورات تأليف الحكومة تسير في الاتجاه الصحيح، وتأكيد أوساط الرئيس المكلف سعد الحريري ان الجهود تنصب على ولادة الحكومة خلال الأيام القليلة المقبلة، بمعنى ما قبل نهاية الأسبوع أو في أوائل الأسبوع المقبل.. ولئن كانت «القوات اللبنانية» ممثلة بوزير الإعلام بالوكالة ملحم رياشي حذّرت من الانقلاب على التسوية، لجهة تراجع التيار الوطني الحر عن الموافقة على ان تكون وزارة العدل من حصتها.. كشفت الأوساط المقربة من التيار ان الاتفاق بين الرئيس الحريري والتيار أنجز، وان الرئيس المكلف يُصرّ على إنجاز التشكيل، ويمهد لتدوير ما تبقي من زوايا. وحصرت هذه الأوساط ان التدوير يتناول: التمثيل السني من خارج تيّار المستقبل، ومشاركة الأقليات المسيحية، والمشاركة الواقعية «للقوات اللبنانية».. وفي الإطار، توقف متابعون عند ما أعلنه الوزير رياشي من بيت الوسط، من ان البعض يعمل على الإساءة إلى جهد الرئيس الحريري والانقلاب على التسوية. وكشف عن اتصال جرى بين الحريري وجعجع معلناً: علينا اعتماد معيارات واحدة، بأن نعتمد العيارات الملائمة..
وكان البارز ما أعلنه نائب طرابلس فيصل كرامي انه من حق سنة 8 آذار التمثيل في حكومة وحدة وطنية.. معتبراً ان العقدة هي عند الرئيس المكلف، معتبراً ان دعم حزب الله هو لرفع الظلامة، وانتهى انه لن تكون حكومة من دون تمثيل هذا الفريق (أي سنة 8 آذار) في الحكومة. ووسط تصاعد غبار المعلومات والمعلومات المضادة، واشترط التيار الحر ان يبعد الوزير يوسف فنيانوس عن وزارة الاشغال، في حال وافق التيار على ابقائها مع المردة، والكلام عن ان بعبدا، قبل ان تنفي، طلبت من الرئيس المكلف استبعاد «القوات» وضم كتائبيين للحكومة، في إطار التمثيل المسيحي، الأمر الذي جعل «القوات» تبلغ الرئيس الحريري رفضها المشاركة بلا ثلاثة حقائب بينها وزارة العدل.. وهنا، يطرح السؤال: ماذا وراء انتكاسة الليل الطويل: هل انقلاب على التسوية ووضع الرئيس المكلف في الزاوية، واضعاف حجمه داخل الحكومة التي يرأسها، أم هي انتكاسة تمهد الطريق أم انقلاب تحالف حزب الله والتيار الوطني الحر على تكليف الرئيس الحريري؟
عودة إلى المربع الأوّل
على ان السؤال الكبير الذي طرح نفسه بقوة مساء أمس، في أعقاب التطورات المفاجئة، هو هل عادت مفاوضات تشكيل الحكومة إلى المربع الأوّل، بعد ان اختلطت المعايير وتضاربت الحصص والطموحات؟ وبالتالي: هل تبخرت كل أجواء التفاؤل التي ربطت مهلة التأليف بساعات، واحياناً بأيام، بعد ان ازدادت الأمور المعقدة اصلاً تعقيداً، بحسب ما كان أكّد أمس الأوّل رئيس «المردة» سليمان فرنجية؟ والاهم من ذلك، انه إذا كان تشكيل الحكومة من دون تمثيل «القوات اللبنانية» مستحيلاً، وفق ما يُؤكّد الرئيس المكلف، فكيف يمكن ان يتابع مفاوضاته، ويشكل حكومته، إذا اعتذرت «القوات» عن المشاركة في الحكومة؟ وبالتالي هل أصبحت الحكومة في مهب الريح، ولم يعد هناك من مجال أو فرصة لولادتها لا اليوم ولا غداً، ولا ربما في الأشهر المقبلة، وفق ما ألمح أمس الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله، حين نصح المعنيين بالتأليف ان لا يضعوا مهلاً زمنية، طالما ان هناك اموراً ما زالت عالقة؟
صحيح ان السيّد نصر الله، أكّد ان هناك تفاؤلاً كبيراً وايجابيات مهمة وتقدماً حصل على مستوى تشكيل الحكومة، لكنه لفت في المقابل، إلى أمور لم تنجز بعد، ومنها عدم حصول بعض الجهات على حقها في التمثيل الحكومي، في إشارة واضحة إلى مسألة تمثيل النواب السنة من خارج تيّار «المستقبل» وإلى حسم مسألة وزارة الاشغال لتيار «المردة»، داعياً إلى ضرورة ان لا يكون تشكيل الحكومة معركة «تكسير رأس» و«تصفية حسابات» و«فرض احجام على حساب البلد»، في إشارة ثانية إلى حليفه فرنجية، وإلى تأييده لوجهة نظر «التيار الوطني الحر» من طموحات «القوات» في التشكيلة الحكومية.
كل ذلك، يعني في السياسة، ان موجة التفاؤل انحسرت أو كادت، بفعل عدم حسم مسألة حقيبة الاشغال «للمردة»، وعودة الحديث مجدداً إلى توزير سنة 8 آذار، وإلى انه بات مؤكداً ان حصة «القوات» ليس من بينها حقيبة العدلية، بعد ان عاد الرئيس ميشال عون إلى الاحتفاظ بها من حصته، لاعتبارات عدّة شرحتها اوساطه.
غير ان مصادر متابعة لملف التأليف في «بيت الوسط»، ردّت على هذه الأجواء المتشائمة، بالدعوة إلى الروية والهدوء وعدم بث الاخبار والشائعات، وبالتأكيد على استمرار أجواء التفاؤل، الا انها رفضت الخوض في تفاصيل مشاورات الربع ساعة الأخير، والتي تتم خصوصاً من قبل الرئيس الحريري، لأن الأفكار والاقتراحات بشأن توزيع الحقائب لا تزال تحتاج إلى مزيد من التشاور من أجل بلورتها واتضاح الصورة الكاملة لها، مشيرة إلى ان الآفاق ليست مغلقة، والجميع منفتح لإيجاد الحلول وتذليل كل العقد وتقديم التنازلات المتوازنة، والسير لإيجاد تسوية ترضي الجميع على «قاعدة لا غالب ولا مغلوب»، لأن لا مصلحة لأحد بتأخير الولادة الحكومية أكثر من ذلك.
اما الرئيس الحريري نفسه، فقد نقل عنه تلفزيون «المستقبل» قوله ان «التكتم الذي يحيط بالمشاورات حالياً هو بهدف انجاحها والوصول بالتشكيلة الحكومية إلى بر الأمان». ولفتت اوساطه، إلى انه لن يمل أو يكل من أجل الوصول إلى تشكيل حكومة متجانسة متقاربة، من دون ان تكون فيها مشاكسات، معتبرة ان خسارة لبنان خمسة أشهر في مفاوضات التأليف أفضل بكثير من تشكيل حكومة فاشلة لا يمكنها تحقيق أي من الاستحقاقات الدولية والمطالب الحياتية والاجتماعية والاقتصادية للبلد والناس».
ومن جهتها، أوضحت مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة في دوائر قصر بعبدا لـ«اللواء» ان ما طرأ من تفاصيل خلال انجاز اللمسات الاخيرة يعمل على معالجته وهو ما قد بؤخر اعلان الحكومة لكن المؤكد ان هذه الحكومة ستولد وان الرئيس ميشال عون يضغط في هذا الإتجاه مكررا مواصلة دعم جهود رئيس الحكومة المكلف. وعلم انه في اخر المعطيات ان رئيس الجمهورية سيحتفظ بوزارة العدل وهو ما ابلغه الوزير جبران باسيل الى الحريري عندما زاره في «بيت الوسط» امس، رغم ان الحريري كان عرض هذه الحقيبة على «القوات» قبل أيام.
وهنا فندت مصادر مطلعة على موقف عون اسباب هذا الاحتفاظ ِ وقالت المصادر ان الرئيس عون لم يتراجع عن مساعدته في تسهيل التشكيل انما برز اصرار على التمسك بالعدل من «القوات»، كما ان مطالب «القوات» تبدلت اكثر من مره لجهة الاصرار على حقيبة سيادية ومرة على وزارتبن خدماتيتين ومرة على امور اخرى مثل مشاركة وزيرين مارونيين واخرين اورثوذكسيين رافضة ما تحصل عليه اطراف اخرى مشاركة في الحكومة اي وزارة الدولة.
واذ نفت المصادر المواكبة ان تكون عقدة الاشغال لا تزال مشكلة توقفت عند مطلب الوزراء السنة لقوى الثامن من اذار والتي اشار اليها السيد نصرالله ولفتت الى ان الموضوع يناقش. وقالت ان ما يتم تداوله عن امكانية ان يكون الوزير السني من هذه القوى من حصة الرئيس عون غير صحيح ولم يحصل شيء بعد. الى ذلك نفت مصادر مقربة من قصر بعبدا ان يكون الرئيس عون قد طلب من الرئيس الحريري تعيين وزيرين كتائبيين مكان وزيرين قواتيين كما اوردت محطة ال ام تي في في مقدمة نشرتها مؤكدة ان الخبر غير صحيح جملة وتفصيلا ومختلق من بدايته الى نهايته.
وجزمت بعض المصادر القول ان هناك نسبة من العنصر النسائي ستتمثل في هذه الحكومة وعلم ان هناك سيدة مرشحة من حصة الرئيس عون، موضحة ان هناك معطيات تتبدل واخرى تستجد في اللحظات الاخيرة وعروضا تتبدل ولذلك لا بد من الانتظار الدقائق والثواني لأن لها دورها.
وكانت أوساط بعبدا، شرحت بإسهاب أسباب حرص الرئيس عون على الاحتفاظ بالعدلية من حصته، على الرغم من انه كان نقل عنه أمس الأوّل عدم وقوفه حجر عثرة امام التأليف، سواء في ما خص وزارة العدل وغيرها، مشيرة إلى ان ذلك كان قبل إصرار الفريق الآخر على هذه الوزارة، وقبل المواقف التي أعلنت حيال وزارة الاشغال في إشارة إلى موقف فرنجية برفض المشاركة في الحكومة، إذا أخذت هذه الحقيبة من حصته.
وعزت المصادر أسباب تمسك رئيس الجمهورية بحقيبة العدلية، إلى قناعة لديه بأن العدل وزارة أساسية، وفي حكومة الوحدة الوطنية يفترض بها ان تكون من حصة الرئيس الذي حلف اليمين على القوانين واحترامها، ووزارة العدل هي من تطبق القوانين لانها المعنية بشكل مباشر بقضايا الناس ومشاكلهم، وهناك متابعة دقيقة لمكافحة الفساد والإصلاح وهو الشعار الذي اطلقه الرئيس عون. واوضحت المصادر ان من يتولى هذه الوزارة يفترض به ان يكون شخصية على مسافة واحدة من الجميع.
وفي تقدير مصادر سياسية، انه إزاء هذا التطور في المواقف، لم يعد متاحاً امام الرئيس المكلف سوى ان يعرض على «القوات» حقيبة العمل بدلاً من العدلية، الا ان أي مصدر لم يوضح ما إذا كان هذا العرض قدم فعلاً إلى «القوات»، خلال لقاء الرئيس الحريري بالوزير ملحم رياشي، علماً أن الأجواء التي رافقت زيارة الوزير القواتي «لبيت الوسط» لم تكن مريحة، إذ ان رياشي كان يهم بالمغادرة لكنه عاد للقاء الحريري، بعد اتصال اجراه الرئيس المكلف برئيس حزب «القوات» سمير جعجع، ثم صرّح الرياشي متهماً البعض دون ان يسميه، بالعمل على الإساءة إلى جهد الرئيس الحريري والانقلاب على التسوية خصوصاً بعد تزايد نقاط الالتقاء في التشكيل إلى حدود حسمها، موضحاً بأن الاتصال الذي حصل بين الحريري وجعجع كان لتنسيق المواقف.
وكان الرئيس الحريري التقى قبل ذلك بعضو اللقاء الديمقراطي النائب وائل أبو فاعور، الذي غادر «بيت الوسط» مؤكداً ان «التربية لا تزال للحزب الاشتراكي ولا عدل للقوات»، واستضاف ظهراً الوزير باسيل إلى مائدة غداء، ثم وفداً من حزب «الطاشناق» الأرمني برئاسة النائب هاغوب بقرادونيان الذي كشف انه ستضم الحكومة وزيرين ارمنيين.
المصدر: صحف