خليل موسى موسى – دمشق
في تموز العام 2006 وخلال العدوان الاسرائيلي على لبنان، برزت واقعة أصبحت مثالاً عن أهمية الصورة في مرافقة الحدث، حيث أعلن يومها سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عبر شاشة قناة المنار إصابة البارجة الصهيونية “ساعر5” رافقتها صورة توضّح ما يقوله “أنظروا إليها وهي تحترق”.
هذه الواقعة أصبحت واحداُ من أهم الأمثلة التي يتخذها أكثر المخرجين إبداعاً للتعبير عن أهمية الصورة في عرض الحدث، ومن هنا انطلق المخرج السوري نجدت اسماعيل أنزور في حديثه الخاص لموقع قناة المنار، حيث استعرض أمثلة رديفة منها تدمير الميركافا وغيرها من إنجازات المقاومة عام 2006 ليدخل في استعراض وضع الدراما السورية وأهمية الصورة وضرورة إتقان انتقائها لتكون جزءا من المواجهة.
أهمية الصورة وتوظيفها في إدارة أي معركة..
يقول أنزور أن الصورة كفيلة بالتعبير بكل لغات العالم، ولا حاجة لإضافة أي عبارات تحتها، ولا بد من إرفاقها في أي حدث لتقديم وإيصال الحقيقة.
وفي دخول مباشر للحديث عن الحرب التي تواجهها سورية، شدد أنزور على الأهمية الكبيرة للصورة في الفن والدراما، وذكر كيف راح يعمل على الصورة من خلال انتقائها بشكل مدروس، حيث اجتزأ الحوار وأرفق الصور المناسبة له، ليتمكن من إيصال الرسائل التي لا بد من تثبيتها في أذهان المجتمعات.
الجزء البصري هو جزء من أي معركة ويجب من أن تكون حاضرة، ولا بد من امتلاكها، باعتبارها مرافقة وموازية للسلاح في المعركة بأهميتها، وبامتلاكها يمكن الوصول إلى حتمية النصر، فالدراما والأعلام جزء من المعركة.
تقييم أنزور للدراما السورية وما قدمته خلال الحرب على البلاد..
المخرج نجدت اسماعيل أنزور عبر حديثه لموقع المنار، لم يبخَس التجارب الدرامية حقها عبر ما قدمته خلال هذه الحرب على البلاد، ولكن وصفها أنها كانت خجولة ولم ترتق إلى حجم الحدث، لذا برأيه لا بد من إعادة النظر في كل ما تم تقديمه وبأسباب الأزمة، ويرى أيضاً أنه لا بد من إدخال العنصر الدرامي في تحليل وعرض هذه الأزمة كي تصل عاطفياً ونفسياً إلى كل الناس.
فالدراما في حال أخذت شكلها الصحيح ووظفت لتعرض آلاف القصص والصور التي حدثت خلال الحرب، يمكنها أن تخلق مناعة لدى المجتمع في وجه مثل هذه الأزمات.
آثار الحرب على الدراما السورية…
لخّصَ أنزور آثار الأزمة بحصار اقتصادي وسياسي وحصار فني وعسكري بشكل عام، وخصّص أنزور أن الدور الأساسي كان للسعودية وقطر في حصار الدراما السورية، لمنع انتشارها وتطورها من خلال خلق الأعمال الهجينة التي تصوَّر خارج المجتمع السوري والتي تقدم أفكاراً لا تنتمي لهذا المجتمع بشكل أو بآخر كمحاولة لإجهاض الدراما السورية، ولا ينكر أنهم نجحوا إلى حد كبير في محاولة الإجهاض هذه، مستدركاً بالقول، “إن الدراما السورية بدأت تستعيد عافيتها شيئاً فشيئاً ولكنها بحاجة لدعم كبير، وبحاجة لفك الحصار”.
كما يؤكد انه من الخطأ انتظار الخليجيين ليطلقوا العنان للدراما السورية مجدداً، ويقول “نحن أبناء الدراما السورية ونحن مسؤولون عن تطورها” داعياً إلى إعطاء فرص للأجيال الجديدة لاستلام دفة القيادة في الدراما، من خلال المهرجانات والأفلام القصيرة وصناعة وتأهيل الكوادر الفنية الجديدة في السينما والمسلسلات.
ومن بين الحلول أيضا لإنقاذ الدراما السورية لدى المخرج أنزور، تغيير الخطاب الدرامي، إعادة تشكيل الدراما، وتقديم أعمال درامية مميزة لا يستطيع الآخر أن يقدمها على الشاشة.
فهو مع الأفكار الجريئة التي تقدم، ولكن مع بقاء الضوابط الاجتماعية، فالدراما بدأت اليوم تعاني الانفلات الذي لا بد من ضبطه.
الفنانون الذين غادرو سورية!!..
من ضمن مشكلات الدراما أيضاً، مغادرة العديد من الفنانين السوريين، فيؤكد أنزور أنهم ما زالوا محافظين على مستواهم الفني، لكن ينتقد أهمية وقيمة الأعمال التي يقدمونها في الخارج من حيث الموضوع، فهي لا تنتمي إلى البيئة الحقيقية للمقاومة والبيئة الوطنية التي كانوا حريصين عليها سابقاً ككوادر للدراما، وشبّه أنزور هذه الأعمال الجديدة أنها أشبه بالأعمال المكسيكية المترجمة، وهذه الخامات السورية المشاركة في هكذا أعمال يتم استغلالها لنشر هذه المسلسلات.
وحول ما يتعلق بعودة الفنانين الذين خرجوا، نفى قطعياً إمكانية عودة من وقف منهم مع التنظيمات التكفيرية وقال “أرواحهم ستبقى هائمة”، أما من خرج لأسباب اقتصادية أو قلق، فالأمر متاح ولا أحد يقرر ذلك إلا الشعب السوري، ومعيار نهوض الفنان وتقبله من جديد يعود للشارع ، فالحكومة لديها قوانين وأنظمة من لا يخترقها لا يوجد سبب لمحاسبته، ولا أحد يمنعه من العودة إلى بلده، كما يؤكد المخرج السوري نجدت أنزور.
حلول إضافية يطرحها المخرج أنزور..
القنوات الخاصة والمُعلِن المحلي كبديل لحل موضوع الحصار الاقتصادي، كما الانتشار على الانترنت، وأيضا تخفيف سلطة الحكومة على الدراما، من شأنه أن يعطي الشفافية والحيّز الأوسع للنهوض بالدراما، ولا بد من إنتاج البيئة المناسبة لإنتاج المسلسلات، إعادة تشكيل الخطاب الدرامي وبنفس الوقت إعطاء البيئة الخصبة الحقيقية الشفافة في التعامل مع الانتاج، إضافة لرفع سعر الساعة الدرامية.
كما لا بد من التخلص من الأعمال السطحية التي تنتجها أو تمولها دول خليجية لكي يتم تنقية الدراما من جديد، وبالتالي يتم الخلاص من كل ما له يد في تفتيت المجتمع من الداخل وهذا ما يتعلق بكل الأعمال التي خَدشت الحياء العام وهبطت بالمستوى الأخلاقي.
وقارن في النهاية بين انتاج الحلقة الواحدة من أي عمل درامي سوري ينتج خارج سورية وداخلها، ففي الداخل تكلفة الحلقة الواحدة تصل حوالي 20 ألف دولار بتمويل محلي، بينما في الخارج تصل إلى أكثر من مئة ألف دولار للحلقة الواحدة بتمويل خليجي. وهذا من أسباب هبوط المستوى في الدراما ولا بد من تعويضه عبر القنوات التلفزيونية الخاصة ليس فقط الحكومية برأي أنزور.
ختاما في هذه الحديث الخاص للمخرج السوري نجدت أنزور، لخّص كل ما يدور حول الدراما السورية، من مشكلات وطرح لها الحلول بشكل موضوعي وشفاف بما يتناسب مع حجم المسؤولية تجاه الحدث من أزمة، وانتصارٍ لاحق لها، حققه الجيش السوري والمقاومة والحلفاء، كما أكد. داعياً إلى تحقيق كل هذه الحلول للعودة بالارتقاء الدرامي السوري مجدداً.
المصدر: موقع المنار