تناولت الصحف الصادرة في بيروت نهار الخميس في 9-8-2018 العديد من الملفات المحلية والإقليمية، وجاءت افتتاحياتها على الشكل التالي.
الأخبار
الخارجية ترفض اعتماد سفير الكويت
ليا القزي
استغلت وزارة الخارجية، إرسال الكويت طلب ترشيح سفير جديد لها لدى لبنان، من أجل الردّ على عدم قبول الكويت إرسال طلب السفير اللبناني الجديد المُعيّن لديها. الردّ دبلوماسي، من دون أن يؤثر في العلاقات بين الجانبين، على المستويات كافة، وهو الأمر الذي يحرص عليه لبنان. وزارة الخارجية اللبنانية، لن تقبل طلب ترشيح مُساعد وزير الخارجية للشؤون المالية والإدارية جمال الغانم، حتّى يكون رئيساً للبعثة الدبلوماسية الكويتية لدى لبنان. قرار الوزير جبران باسيل، يأتي من خارج «أدبيات» الدبلوماسية اللبنانية. المراجع الكويتية أُبلغت بالأمر، ومنعاً لأي إحراج دبلوماسي، ستُبادر إلى سحب طلب ترشيح الغانم، والتمديد للسفير الحالي عبد العال القناعي.
خطوة باسيل تُعدّ «جريئة»، بعد أن كانت الكويت قد رفضت، منذ إنجاز التشكيلات الدبلوماسية في تموز 2017، استقبال طلب اعتماد السفير اللبناني المُعيّن لديها، ريّان سعيد. لم يضع لبنان شروطاً على هوية السفير الكويتي، أو انتمائه الديني، كما أنّه ترك «الحرية» للكويت بإرسال طلب الترشيح، مُحتفظاً لنفسه بحقّ القبول أو الرفض. في العادة، كانت هذه الطلبات تُقبل بسرعة قياسية، ولكن مرّ شهر تقريباً على تقديم طلب ترشيح الغانم، من دون قبوله لبنانياً.
ليس أمراً عابراً أن يُشهر لبنان «البطاقة الصفراء» بوجه دولة أخرى، فكيف إن كانت خليجية. كما أنّه ليس بسيطاً أن تتمكّن «الخارجية» من فرض خيارها على الطرف الثاني، من دون التسبّب بأزمة بين البلدين. ولكن، لم يكن بالإمكان قبول اعتماد سفير دولة، ترفض مُجرّد إرسال أوراق اعتماد سفير لبناني.
يُعيد تصرّف «الخارجية» للأذهان، يوم رفضت رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية تعيين موعد للسفير السعودي حتى يُقدّم أوراق اعتماده، بسبب تجميد السعودية تعيين السفير اللبناني لديها فوزي كبّارة. علماً أنّه في حالة السفيرين اللبنانيين لدى السعودية والإمارات، «استشرس» رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري لحلّ الملّفين، آخذاً الأمر على عاتقه، في حين أنّه في موضوع ريّان سعيد تطغى اللامبالاة، وتُرمى الكرة في ملعب رئيس مجلس النواب نبيه برّي، «الذي قال إنّه سيحلّها مع الكويتيين، بسبب علاقاته المميزة معهم. وإذا لم ينجح، فإنّ المخرج الوحيد هو في إجراء تبديل بين الكويت وبعثة دبلوماسية أخرى، أو طرح اسم آخر غير ريّان سعيد»، بحسب مصادر قصر بسترس.
ردّ وزارة الخارجية على ترشيح الكويت، للغانم، كسر «الأعراف» السائدة، ولكنّه كان ضرورياً لحفظ ماء وجه لبنان، بعد أن وضعت الكويت، وبطلب سعودي، «فيتو» على استقبال الدبلوماسي اللبناني، لأسباب طائفية ـــ سياسية، بين انتماء سعيد إلى الطائفة «الشيعية»، وربط كلّ أبناء هذه الطائفة بحزب الله وإيران. حُمّلت الكويت ما لا قدرة لها على احتماله، على رغم وجود نسبة كبيرة من المواطنين «الشيعة» فيها.
العلاقة بين لبنان والكويت، لم تكن يوماً سيئة، منذ استقلال البلدين حتى تاريخه. وعلى رغم تماهيها مع سياسات السعودية إقليمياً، إلا أنّ الكويت حاولت دائماً أن تلعب دور «الوسيط» خليجياً وعربياً، في محاولة منها لـ«حفظ رأسها»، وهي الواقعة في نقطة جغرافية حساسة بين العراق والسعودية. أتت ما عُرفت باسم «خلية العبدلي»، لتُثير موجة على وسائل التواصل الاجتماعي ضدّ إيران وحزب الله، وتُشكّل مادة للأصوات الدينية والسياسية الكويتية المحسوبة على الرياض، في تحريضها على هذا الفريق. وبما أنّ «التويتر» في الكويت، أحد صُنّاع الرأي العام، لم تستطع السلطات الكويتية إلا أنّ تسير بهذه الموجة.
خلال زيارة ميشال عون للكويت، في كانون الثاني الماضي، برز اتجاه إلى إيجاد حلّ للموقوفين في «خلية العبدلي». وكان من المفترض أن يكون الملّف الدبلوماسي على جدول البحث، إلا أنّه «شُطب» بطلب كويتي. ومن حينه، أُقفل على الموضوع في أدراج وزارة الخارجية. وعلى رغم «تطور» ما بدأ يُسجّل في العلاقة بين إيران والدول الخليجية، وأولى بوادره افتتاح مكتب رعاية المصالح الإيرانية في السعودية، إلا أنّ هذا الأمر لم ينسحب على الضغوط الخليجية المستمرة على لبنان.
في المقابل، يحرص لبنان الرسمي على أفضل العلاقات مع الكويت، لا سيّما بعد زيارة عون إليها، وإعادة تفعيل التعاون الاقتصادي الثنائي، والزيارة الأخيرة لرئيس مجلس الأمّة الكويتي مرزوق الغانم الذي أعلن، من قصر بعبدا، رفع الحظر على زيارة الكويتيين إلى لبنان قبل فترة. وربّما لذلك، أرادت «الخارجية» التكتّم على قرارها، وعدم تظهيره في الإعلام. وعلى العكس من ذلك، تتحدّث مصادرها عن «الدور الإيجابي» للكويت تجاه لبنان، وبأنّ «التعاون الدبلوماسي مع الكويت، هو في المرتبة الثانية، بين الدول الخليجية». وتقول المصادر إنّ هذا القرار اتُخذ، «حتى لا تنكسر هيبة الدولة ولردّ الاعتبار».
البناء
العبادي يفقد ترشيحه لرئاسة الحكومة بعد إعلان التزامه بالعقوبات الأميركية على إيران
السعودية تسحب أموالها وطلابها ومرضاها من كندا بطلب أميركي وتتذرّع بـ «السيادة»
الحريري يجمّد مساعيه لتشكيل الحكومة… الرياض تدعو لانتظار الحكومة العراقية
كتب المحرّر السياسي
التجاذب الحاد بين واشنطن ومَن يقف بوجه غطرستها من الخصوم والحلفاء بات عنوان المشهد الدولي والإقليمي، حيث السعودية وأموالها عصا تستخدمها الإدارة الأميركية لمعاقبة مَن يعترض الطريق، هكذا الحكومة معطّلة في لبنان والعراق، وهكذا ذهبت السعودية لسحب أموالها وطلابها ومرضاها من كندا، والسبب الظاهري هو «الرد السيادي» على مواقف كندية تتهم حكام الرياض بانتهاك حقوق الإنسان وتدعو لإطلاق معتقلين يتم احتجازهم بدون توجيه تهم وإحالتهم إلى القضاء، بينما كان تقرير حقوق الإنسان الذي تصدره وزارة الخارجية الأميركية كل سنة في نسخته الأخيرة قبل ستة شهور، وفي عهد الرئيس دونالد ترامب، قد وجّه اتهامات أشد قسوة للحكم السعودي، ولم يلق الضجة التي أثارها الكلام الكندي، وابتلع السعوديون ألسنتهم في الرد مكتفين بالقول إن التقرير ظالم. وكان التقرير الأميركي قد خصص عشرات الصفحات للتحدّث عن انتهاكات السعودية لحقوق الإنسان بالحديث عن «عمليات القتل غير القانوني وعمليات الإعدام في غير الجرائم الأكثر خطورة ودون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، والتعذيب، والاعتقال والاحتجاز التعسفي للمحامين ونشطاء حقوق الإنسان والإصلاحيين المناهضين للحكومة والسجناء السياسيين، والتدخل التعسفي في الخصوصية».
ويبين التقرير أيضاً الطبيعة الهيكلية للعديد من انتهاكات حقوق الإنسان، مشيراً إلى حظر المملكة الواسع للحريات الأساسية مثل حرية التعبير «بما في ذلك التعبير على الإنترنت وتجريم التشهير وحريات التجمع السلمي وتكوين الجمعيات والحركة والدين». وأبرز التقرير أيضًا «افتقار المواطنين إلى الوسائل القانونية والقدرة على اختيار حكومتهم من خلال انتخابات حرة ونزيهة واستمرار انتشار العنف والتمييز بين الجنسين ضد المرأة».
مصادر على صلة بخفليات الأزمة الكندية السعودية ربطت بينها وبين التهديدات الأميركية لكندا بجعلها تندم لفرض رسوم موازية على البضائع الأميركية، وقيادة دعوات شعبية لمقاطعة البضائع الأميركية بعد فرض ضرائب أميركية على المستوردات الكندية من الحديد والصلب والألمنيوم، وردود رئيس وزراء كندا جانستن ترودو على كلمات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي تطاول فيها على كندا مهدداً.
في العراق تسببت الضغوط الأميركية على رئيس الحكومة حيدر العبادي لإعلان التزام حكومته بالعقوبات الأميركية على إيران باستبعاده من لائحة المرشحين لرئاسة الحكومة الجديدة، بعدما نتج عن تصريحاته بالالتزام بالعقوبات خروج العديد من النواب والكتل الصغيرة من تكتل النصر الذي يترأسه، وتصدّع هذا التكتل، وصدور تصريحات من كتل نيابية وازنة أهمها كتلة الفتح التي يترأسها هادي العامري تدعو لاستبعاد العبادي عن لائحة مرشحي رئاسة الحكومة المقبلة، والذي فجّر بوجه العبادي غضب العراقيين هو الحاجة العراقية لاستجرار الطاقة الكهربائية من إيران، خصوصاً لمناطق جنوب العراق وقد توقفت منذ شهور لالتزام العبادي بعدم تحويل المستحقات المتوجبة لإيران بداعي العقوبات الأميركية، بينما يرى العراقيون كيف يبادر الرئيس التركي رجب أردوغان العضو في حلف الأطلسي إلى إعلان التمسك باتفاقيات استجرار الغاز الطبيعي من إيران وإبلاغ الرئيس الأميركي بعزمه على عدم الانصياع للعقوبات الأميركية.
لبنانياً، كشفت مصادر متابعة للملف الحكومي عن معطيات تقول بتوقف مساعي الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري للتواصل مع الكتل النيابية المعنية وتقديم المزيد من التصورات والسعي لبلورة حلول للعقد التي تمنع تشكيل الحكومة الجديدة. وقالت المصادر إن الحريري يعلم وجود نصائح سعودية بالتريث، ريثما تتبلور العقوبات الأميركية على إيران وتظهر تأثيراتها، وأن إشارة الانطلاق لتشكيل الحكومة اللبنانية، هي تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، بمثل ما تمّ تمديد ولاية المجلس النيابي بصورة ربطت الانتخابات النيابية اللبنانية بمثيلتها العراقية. ففي العراق يتمركز الأميركيون والإيرانيون وجهاً لوجه، والحكومة العراقية الجديدة ستعبّر عن التوازن الحاكم طرفي الصراع الذي سيحكم ملفات المنطقة حتى وقت غير قصير.
الحريري لن يتصل بباسيل والحكومة مؤجّلة…
بات شبه مؤكد أن تأليف الحكومة مؤجل الى أجلٍ غير مُسمّى، هذه الأجواء التي خيّمت على المقار الرئاسية الثلاثة والتي يؤكدها العاملون على مسار التشكيل، إذ إن ليس الخارج من يتدخّل في المسار الحكومي فحسب، بل إن بعض الداخل يعمل على استدراج واستجرار تدخل الخارج الى مستنقع التأليف كما نقل زوار رئيس المجلس النيابي عنه أمس. وما شروط القوى السياسية إلا واجهة للتعطيل، فبينما حافظت بعبدا على موقفها من أزمة التأليف وتعمل لجنة دستورية – سياسية على درس كافة الخيارات المتاحة للتعامل مع الواقع الحكومي، بحسب ما علمت «البناء»، رغم أن الرئيس ميشال عون لا يزال متمسكاً بالتسوية الرئاسية ويسعى قدر الإمكان لإنجاح مهمة الرئيس المكلف، ولم يلحظ جدول مواعيد الرئيس المكلف أي لقاءات مع القوى السياسية خلال اليومين المقبلين بحسب معلومات «البناء»، رغم تأكيد أوساط بيت الوسط أن أبواب دارة سعد الحريري لم ولن تُوصد في وجه أحد، بل مفتوحة لمن يودّ زيارتها، لكن الرئيس المكلّف لن يُبادر للاتصال برئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، بحسب ما قالت الأوساط لـ»البناء»، «فهو لم يلتقِ بغيره من القوى كي يلتقيه»، فالحريري تضيف المصادر: «قام بأكثر من واجبه وتواصل مع كافة الكتل السياسية أكثر من مرة وعلى الآخرين مسؤولية أيضاً. وهو قدم أكثر من فكرة ورؤية لرئيس الجمهورية ولم تلقَ موافقته بسبب تمترس القوى السياسية خلف مطالبها وشروطها، فهل المطلوب أن يُقدِّم الحريري كل يوم مسودة الى رئيس الجمهورية؟ تجيب مصادر الحريري! وتضيف بأن «رئيس حكومة تصريف الأعمال لن يعتذر ومن يراهن على ذلك تحت ضغط خيارات تحرجه فتُخرِجه فلينتظر طويلاً»، مشددة على أن «تصعيد الأجواء لا يفيد والرئيس الحريري مستمرّ باعتماد سياسة الاحتواء والهدوء ولن ينجرّ الى السجالات»، ونفت الأوساط أن «يكون الحريري قد قصد فرنسا في إجازته الأخيرة التي استمرت يومين»، مشيرة الى أنه «ذهب في اجازة عائلية الى ايطاليا وما الهدف من إشاعة سفره الى فرنسا إلا اتهام السعودية بالتعطيل». كما لفتت الأوساط الى أن «حكومة الوفاق الوطني هي الخيار الأفضل لا الوحدة الوطنية التي تتطلب تمثيل جميع مكوّنات المجلس النيابي وهذا متعذّر».
هذا الأجواء إن دلّت على شيء، فعلى أن الرئيس المكلّف قد استسلم للواقع التعطيلي وشروط «حلفائه القدامى» ودخل في مرحلة انتظار وترقب للوضع الإقليمي للبناء على الشيء مقتضاه، ما يعني بأن طريق تشكيل الحكومة باتت بعيدة وطويلة، كما عبرت قناة المنار في مقدّمة نشرة أخبارها والتي أشارت إلى أن « القوات اللبنانية » تزيد في تمسّكها بمطالبها وأهمها الحقيبة السيادية كذلك بالنسبة للعقدة الاشتراكية».
«القوات»: لن نتنازل…
وما يؤكد ذلك، موقف «القوات» الذي أعلنه أمس، وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم الرياشي، مؤكداً أن «القوات لن تتنازل عن حقوقها وللتيار الوطني الحر الحرية ليقول ما يريد، ولكن ليس هو من يشكل إنما الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية»، مشيراً إلى أن لا تواصل مع الوزير باسيل وأن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري تبلغ أننا لن نركز على حقيبة محددة بين حقيبتي الدفاع أو الخارجية، وقلنا له اختر لنا أي واحدة منهما وذلك لنسهل تشكيل الحكومة». وأضاف رياشي: «أسمع من رئيس الجمهورية أن المصالحة المسيحية مقدسة وطلب مني أن أبلّغ رئيس حزب « القوات اللبنانية » سمير جعجع بأنه بإمكاننا الاختلاف في السياسة، لكن المصالحة باقية».
بري: العقد على حالها
وجدّد الرئيس بري أمام النواب في لقاء الأربعاء، تأكيد ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة نظراً الى الوضع الاقتصادي والمعيشي الضاغط وموجبات إطلاق عجلة الدولة وتفعيلها، قائلاً: «إذا دخل الفقر من النافذة خرج الإيمان من الباب». وعن الأسباب التي تحول دون ولادة الحكومة قال بري: «إن العقدة ما زالت هي هي، وتتعلق بالحصص والأحجام»، مضيفاً أن «التدخل الخارجي اذا وجد فإنه بسبب استجراره من الداخل، والمطلوب ان نعمل على إقناع الجميع، حتى أصدقائنا، بأننا نحن من نحلّ قضايانا الداخلية».
..والعونيون: يُعِدون العدّة للمواجهة!
أما التيار الوطني الحر فيبدو أنه بدأ يُعِد العدة للمواجهة المقبلة، لكن ليس للدفاع عن مؤسس التيار الرئيس ميشال عون، بل عن العهد الذي يشكل فرصة استثنائية لإنقاذ لبنان كما عبر الوزير باسيل، وقد توعّد رئيس التيار أمس الأول باللجوء الى حملة سياسية وشعبية ودبلوماسية إذا تطلب ذلك لتحرير التأليف من الاعتقال السياسي، ما أثار تساؤلات عدة في الأوساط السياسية حول مضمون خطة التحرك التي يُعدّها باسيل الذي استحضر مصطلحات وعناوين معركة خاضها ذات يوم في مرحلة اعتقال الحريري في السعودية، حيث جاب باسيل نصف الكرة الأرضية بحثاً عن رئيس حكومة لبنان لتحريره، فهل كلام باسيل اتهام مبطن للسعودية باعتقال الحكومة ومعها العهد؟ وهل يمكن رصد وزير الخارجية في يوم ما متنقلاً في عواصم العالم لحثِها على التدخل والضغط على السعودية لتحرير الحريري مرة أخرى والحكومة ولبنان؟ هذا على المستوى الدبلوماسي، فماذا عن التحرك الشعبي؟ هل سيدعو التيار اللبنانيين الى التظاهر في ساحة الشعب أمام القصر الجمهوري دعماً للعهد؟ وهل سنرى شارعاً مقابل شارع آخر قد يخرج بتظاهرات في بيت الوسط مؤيداً للحريري؟ أما على الصعيد السياسي فيبدو أن الرئيس عون يتجه الى توجيه رسالة الى المجلس النيابي وتحريك ورقة الأكثرية النيابية التي يتحصّن خلفها الرئيس المكلف بينما هذه الأكثرية صحيح أنها منحته أصواتها الـ112 لكن 74 نائباً منهم هم مؤيّدون للعهد وليس لرئيس الحكومة المكلف.
مصادر التيار الوطني الحر أوضحت لـ»البناء» أن «قيادة التيار لا تهدّد بالشارع ولا بخطوات تصعيدية ولا خطة واضحة في هذا المجال، بل ما قاله رئيس التيار مجرد تحذير من تراكم الأمور وحصول ردات فعل عفوية من قبل الشعب»، وهذا ما حذّر منه الرئيس نبيه بري أمام زواره أمس، بحسب معلومات «البناء»، حيث كان هناك إجماع لدى النواب الحاضرين على خطورة التحركات في الشارع نتيجة الاوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة». كما نفت أوساط التيار العوني أي توجه لدى باسيل الى الخارج، «إذ ليس من أخلاق التيار اللجوء الى الخارج بمشكلة داخلية والأمر يختلف اليوم عما حصل في أزمة 4 تشرين»، وتضيف: «قد يعمد عون الى مخاطبة المجلس النيابي والدعوة الى مشاورات وطنية لبحث الخطوات اللازمة للخروج من الازمة». وترى المصادر العونية «أن حديث الحريري المتكرر عن أن أبوابه مفتوحة مجرد كلام، بل نريد ترجمة ذلك وأن يقوم بواجبه كرئيس مكلّف فمن مهمته المبادرة للاتصال بالقوى السياسية»، مشيرة الى أن «باسيل لن يبادر الى الاتصال بالحريري لأنه ليس مهمته، وأي اتصال في هذا السياق سيُفسر على أن باسيل هو العقدة»، موضحة أن «باسيل ينتظر دعوة الحريري وسيلبي الدعوة. وهذا ما نصح به عون الحريري في اللقاء الأخير». وتؤكد المصادر بأن العقد باتت معروفة عند القوات والاشتراكي»، داعية الحريري الى الضرب بيده على الطاولة وعدم الرضوخ لجعجع وجبنلاط وتمثيلهما بحسب أحجامهما»، وتوضح «بأننا قدمنا الكثير من التنازلات منها إسقاط الفيتو على تولي القوات حقيبة سيادية، لكن ليس من حصتنا بل إذا أراد الحريري ذلك فليعطِها من حصته».
وردّد المكتب الإعلامي لباسيل على «تصريحات ومقالات وتحليلات تصدر في الإعلام لا أساس لها من الصحة تَنسب الى رئيس التيار خططاً حول معركة رئاسة الجمهورية، ومنها ما نشر اليوم في إطار حملة مكشوفة المصدر والأهداف بهدف ضرب عهد العماد عون». واذ اشار الى ان «هذه الأجواء الواهمة تتركز حول عرقلة تشكيل الحكومة، وحول قيام حملة رئاسية، وحول حصول انتخابات رئاسية مبكّرة واتهام رئيس الجمهورية ورئيس التيار بها»، أوضح أنّ «هذه الحملات تهدف من خلال تسويقها وبالتالي من نتائجها الى ضرب العهد وأذيّته، وبالتالي لا يمكن اتهام رئيس الجمهورية او التيار ورئيسه بها الاّ إذا وصلت الهلوسة السياسية بالبعض درجة اتهام الإنسان بإطلاق النار على نفسه، فيما يعلم الجميع اننا نحن لسنا في مرحلة انتحار سياسي، بل في مرحلة إنجاز سياسي». وقال: «سنكمل مسيرتنا الداعمة للعهد ليس من أجل الرئيس عون فقط بل من أجل لبنان وجميع اللبنانيين إيماناً منا بأن عهد الرئيس عون يشكل فرصة استثنائية للبنان لن تتكرّر ولن نسمح بتفويتها».
كرامي: الحكومة تصريف وقت وسمسرات
على صعيد أزمة الكهرباء، وإذ بدأت باخرة «إسراء سلطان» بإنتاج الطاقة الكهربائية بعدما وصلت إلى شاطئ الذوق من الجيّة مساء الإثنين الفائت وبلغ إنتاج الكهرباء خلال الساعات الأخيرة حوالي 120 إلى 150 ميغاوات عبر الشبكة الكهربائية في معمل الذوق، انتفضت مدينة طرابلس على نواب المدينة لا سيما تيار المستقبل والرئيس الحريري لاستثناء طرابلس المتكرّر من الخدمات الأساسية للمواطن لا سيما الكهرباء، وانتقد رئيس «تيار الكرامة» النائب فيصل كرامي التمييز في هذا الأمر غامزاً من قناة التيار الحر وتيار المستقبل وتساءل: «ماذا فعلت طرابلس ضد الدولة اللبنانية؟ وما هو ذنب الطرابلسيين تجاه الدولة؟ حتى بالحكي تتعرّض طرابلس لأكبر حرمان ولأشد ظلم شهدته في تاريخها، وخصوصاً حالياً في الكهرباء، اضافة الى باقي المصائب التي تعيشها المدينة». وتابع: «العجيب أن وزيراً في الحكومة قرّر تغيير اسم الباخرة عائشة، وبرر بأنه طلب منه تغيير الاسم، وهذا كلام خطير وأبعاده الطائفية والمذهبية غير خافية على احد، وتبرير الوزير بهذا الشكل كفيل أن يشعل فتنة، ولا يجوز أن يمرّ من دون توضيح او نفي، حتى لو أدى الأمر الى محاسبة الوزير من الجهة السياسية التي ينتمي اليها». وقال: «الحكومة ليست تصريف أعمال، بل هي حكومة تصريف وقت وسمسرات وتشريع الغلط، وفي النهاية الوصول الى تصريف البلد». محذراً الحكومة من «أن الناس ذاهبون الى الشارع».
ومن جهتها، أعلنت كتلة «التنمية والتحرير» التي اجتمعت برئاسة بري، تكليف لجنة من أعضائها للمتابعة مع وزارة الطاقة لزيادة التغذية في الجنوب وزيادة قدرة معمل الزهراني على التغذية في مناطق الجنوب.
وعلقت مصادر مراقبة على تشدد وزارات الدولة تجاه أصحاب المولدات الخاصة، بأن هذا يؤشر الى أن أزمة الكهرباء قد يطول أمدها ولاحظت أيضاً أن حكومة تصريف الأعمال بدأت تصرف الأعمال وتلمئ الفراغ الحكومي بـ»تصريف الضرورة» ما يعني أيضاً بأن ولادة الحكومة العتيدة قد يتأخر لأشهر.
الجمهورية
عون والحريري: لا توافق..
برِّي: عجّلوا بالتأليف.. ومبادرات الحل مفقودة
تزداد الصورة الاقليمية اهتزازاً، ومعها تتزايد الخشية من تطورات دراماتيكية من شأنها ان تدفع بالمنطقة نحو «خريف ساخن»، تتبدى نذرها من الجبهة الاسرائيلية بالحديث عن سيناريوهات حربية محتملة ضد ايران وحول الجبهة السورية وتضع لبنان على منصة الاستهداف، وكذلك من تطورات الملف الاميركي الايراني، التي تطرّق باب الاشتباك الكبير وفق ما تؤشّر اليه المواقف الحربية المتبادلة بين الطرفين، والتي أسست لها سلة العقوبات الاخيرة التي فرضتها واشنطن على طهران وما رافقها من تهديدات. وامّا على الضفة اللبنانية، فالتأليف مصطدم بحائط مسدود، وإن كان ثمة من يتحدث عن جهود تبذل من قبل مستويات سياسية، لفتح ثغرة في هذا الجدار، ولكن من دون ان تتمكن هذه الجهود حتى الآن من بناء مساحة مشتركة بين القوى المتقاتلة على الجبنة الحكومية.
حكومياً، يبدو أنه لم يعد سرًّا أنّ مأزق التأليف يقع على خط رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري. ويؤشر الى انتهاء زمن «الكلام المعسول» الذي حكم التخاطب بين الرئاستين مع اللحظة الاولى لبدء دوران عجلة التأليف قبل اسابيع، والانتقال الى التخاطب من فوق السطوح بكلام مباشر وصريح وحاد في إلقاء مسؤولية تعطيل التأليف في هذا الاتجاه او ذاك.
والمثير في هذا السياق، هو الخشية المتزادية من استفحال هذا المأزق اكثر، في ظل عودة الحديث عن عامل خارجي «شغّال» على خط التأليف، وهو امر يقاربه الاطراف الداخليون كفرضية وليس كأمر واقع وحقيقة ملموسة. الا انّ اللافت للانتباه في هذا السياق الاشارة البالغة الدلالة التي أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري امام «نواب الاربعاء» امس، بأنّ «العقدة التي تعيق تشكيل الحكومة، ما زالت هي هي وتتعلّق بالحصص والأحجام. وان التدخل الخارجي اذا ما وجد فإنه بسبب استجراره من الداخل، والمطلوب ان نعمل على إقناع الجميع حتى أصدقائنا بأننا نحن من نحلّ قضايانا الداخلية».
إتصالات
في هذه الاجواء، برز في الساعات الماضية حراك متجدد بدأه الحريري، قالت مصادر مواكبة لملف التأليف انّ هذا الحراك لم تفصح عن ماهيته، وفي اي اتجاه سيدور، وهو على الرغم من كونه حراكاً خجولاً حتى الآن، فإنه قد يمهد للقاء قريب بين الحريري وبين رئيس الجمهورية، خصوصاً ان الرئيس المكلف، وكما تكشف المصادر، أوفد في الساعات الاخيرة الوزير غطاس الخوري الى قصر بعبدا، من دون ان ترشح اي معطيات حول نقاط البحث التي تمّ بحثها في القصر الجمهوري. وتبعاً لذلك، لم تستبعد المصادر قيام الحريري بجولة جديدة من الاتصالات مع «القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي. في وقت لم تنقطع فيه اتصالات الحريري ببري بشكل شبه مستمر، إن هاتفياً او عبر الوزير علي حسن خليل.
الرئيسان لا يبادران
وقالت مصادر وزارية معنية بالتأليف لـ«الجمهورية»: انّ المسؤولية يتقاسمها الشريكان في التأليف، أي رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، فكلاهما يقاربان هذا الملف، كلّ من زاويته، ولا يبادران في اتجاه اي حلحلة، وكلاهما يرمي المسؤولية على الآخر. وفي النهاية كلاهما محشوران فلا رئيس الجمهورية يستطيع ان يحتمل ان يبقى عهده مشلولاً حكومياً، وتبعاً لذلك لا يستطيع ان ينأى بنفسه عن واجب القيام بمبادرة تنتشل الحكومة من حقل التعقيدات العالقة فيه، ولا الرئيس المكلّف يستطيع ان يبقى مُستنكفاً عن التحرّك الفاعل الجدي والمجدي والمبادرة الى طرح افكار وحلول ومخارج تكسر حلقة التعطيل، وتدفع في اتجاه التأليف.
الّا انّ هذه الصورة لا يبدو انها ستنقشع، بالنظر الى التباين الذي تبدّى في الآونة الاخيرة، فمصادر بارزة في تيار المستقبل اكدت لـ«الجمهورية»: ان الرئيس المكلف لا يعتبر الكرة في ملعبه، فهو ماض في العمل من اجل توليد حكومته، ضمن سقف صلاحياته الدستورية، وسبق له ان أعدّ صيغاً عديدة لحكومته، تراعي الشراكة والوحدة الوطنية والتوازن، ولكنها لم تلق التجاوب المطلوب معها.
اما في المقابل، فأشار مطلعون على اجواء بعبدا، الى انّ رئيس الجمهورية ما زال ينتظر ان يبادر الرئيس المكلف، وفق المسلمات التي طرحها عون، الى تأليف حكومة وحدة وطنية وطنية تقوم على احترام نتائج الانتخابات ولا احتكار للتمثيل الطائفي من قبل اي طرف، والا يأخذ اي طرف زيادة عن حجمه.
بعبدا
وفي سياق متصل، استغربت اوساط قريبة من بعبدا «محاولات الربط بين التعثر في مهمة تشكيل الحكومة والحديث عن فتح الإستحقاق الرئاسي قبل اربع سنوات وثلاثة أشهر على نهاية العهد، واعتبار الوزير جبران باسيل في مقدمة السباق الى الاستحقاق الرئاسي». وقالت المصادر لـ«الجمهورية»: هذا الربط المستغرب، هو محاولة للتغطية على العقبات الحقيقية التي ما زالت تحول دون تشكيل الحكومة نتيجة الطروحات التي رفضها رئيس الجمهورية وفي محاولة يائسة لاستدراجه اليها. واوضحت المصادر «انّ حديث الرئيس عن كون باسيل موجوداً في السباق الرئاسي كان رداً على سؤال وجّه اليه عن سبب الحملة التي يتعرض لها باسيل واحتمال ربطها بالإستحقاق الرئاسي المقبل البعيد المدى، ولا علاقة للموضوع بملف تشكيل الحكومة. واستذكرت المصادر المرحلة التي بدأت فيها عملية نسج مثل هذه الروايات قبل الإنتخابات النيابية في 6 ايار الماضي، عند الحديث عن مجريات المعركة الإنتخابية في دائرة الشمال الثالثة التي تنافس فيها من سمّوا في حينه ثلاثة من المرشحين للرئاسة، وهم الى باسيل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وقد يكون أبطال تلك الرواية قد رغبوا بتجديدها اليوم.
وقالت: انّ مثل هذه السيناريوهات تعزز المخاوف من حجم الحملة التي تستهدف العهد في هذه المرحلة بالذات، ومحاولة الحديث عن عقدة غير موجودة والزَجّ بها في اطار المساعي القائمة لتذليل العقبات التي تحول دون تشكيل الحكومة العتيدة، والتغطية على العقبات الحقيقية التي تعيق هذه المهمة.
روايتان
في هذه الاجواء، تتداول الاوساط السياسية روايتين حول مسار التأليف. الأولى، تلقي المسؤولية على الرئيس المكلف باعتباره لم يضع معياراً معيناً من بداية مراحل التأليف واشتغل على اساسها، فلكان بذلك قد وفّر الكثير من الوقت، وجَنّب التأليف حالة المد والجزر التي سادته. وبحسب الرواية، فإنّ التباطؤ الذي شاب حركة الرئيس المكلف منذ اسابيع لم يكن مُستساغاً لدى شركائه في التأليف، وخصوصاً لدى رئيس الجمهورية، اضافة الى تبنّيه وجهة نظر القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي».
واللافت في هذه الرواية لحظها انّ اللقاء الاخير بين عون والحريري لم يكن سلبياً بل على العكس، شهد تقدماً على خط التأليف، بعدما طرح الرئيس المكلف على رئيس الجمهورية صيغة جديدة لحكومته، يمكن القول انها حظيت بشبه توافق عليها، حتى على حجم كل طرف، وخَلت من ثلث معطّل لطرف بعينه في الحكومة، الّا ان بعض النقاط بقيت عالقة وتتطلب معالجة، وان الحريري أخذ على عاتقه في هذا اللقاء معالجة عقدتي تمثيل القوات والاشتراكي، الا ان هذه المعالجة لم تحصل.
وتشير هذه الرواية الى ان الامور ليست عالقة في نقطة الصفر خلافاً لِما يقال، بل ان ثمة تقدماً حصل، والخلاف لم يعد عميقا لا على الاحجام، ولا على مسألة الحقائب، خصوصا الخدماتية، الا انّ النقطة العالقة ما زالت على موضوع إسناد حقيبة سيادية لـ«القوات»، وهو الامر الذي ينتظر ان تقتنع القوات باستحالة إسناد اي حقيبة سيادية لها، سواء أكانت الخارجية او الدفاع، فالتيار لن يتخلى عن الخارجية. ثم ان الدفاع، وكما هو غير مقبول لـ«حزب الله» ألّا تُسند اليه، فمن غير المقبول ايضاً ألا تسند لـ«القوات»، وهذا الامر ينسحب على الخارجية. ما يعني انّ مشكلة إسناد حقيبة لـ«القوات» لا علاقة لها بالحصص، انما هي مشكلة سياسية، مرتبطة بموانع داخلية كثيرة.
الرواية الثانية
في المقابل تبرز رواية مناقضة للرواية الاولى، وفيها تأكيد انّ الامور وصلت الى الحائط المسدود، ولا يمكن الحديث عن اي اختراق ممكن في ظل الوضع الحالي، وذلك بسبب شروط العهد، لناحية رفض إعطاء «القوات» حقيبة سيادية، واكثر من 3 وزراء، ورفض إعطاء الحزب الاشتراكي اكثر من وزيرين، وتمسّك فريق رئيس الجمهورية بالثلث المعطل. وبحسب الرواية، فإنه امام هذه المطالب، لم تجد «القوات» والاشتراكي الا رفض القبول بهذا التمثيل الناقص، الذي لن يدخلا الحكومة ابداً على اساسه، فضلاً عن الرئيس المكلف، لن يؤلف حكومة بمعزل عن «القوات» والاشتراكي، حفظاً للتوازن، وخصوصاً في ظل ما بدأ يَتمظهر في فريق العهد وبعض القوى السياسية عن توجّه لإعادة فتح العلاقة مع النظام السوري. وتقول الرواية انّ هذه الشروط هي التي عطّلت التأليف حتى الآن، والحل بسيط وهو العودة عن هذه الشروط، التي ان بقي العهد متمسّكاً بها، ستبقى الامور على ما هي عليه. فـ«القوات» لن تتراجع عن مطلبها ولا الاشتراكي، وكذلك الرئيس الحريري الذي يبدو حاسماً في موقفه انه لا يؤلف حكومة في ظل هذه الشروط.
مرجع سياسي
هاتان الروايتان، إضافة الى الوقائع السياسية التي تحكم خط التأليف، عزّزت الخشية لدى مرجع سياسي كبير من تعليق لبنان على خط الازمة ولأمد طويل. وقال المرجع لـ«الجمهورية»: أسوأ ما نشهده هو الشراكة في التعطيل تحت السقوف العالية، ليس هناك عض اصابع، بل هناك عملية قضم اصابع وقطعها، ما يؤشّر الى انّ الامور على خط التأليف لا تؤشّر الى انها تتجه نحو الحسم السريع، بل الى الدخول في نفق طويل، خطورته انه يفاقم اولاً الازمات الداخلية على اختلافها وخصوصاً على المستوى الاقتصادي والمعيشي. وانه ثانياً، وعلى الرغم من عدم وجود تدخل خارجي ملموس، فإنّ هذا النفق قد يوصِل البلد الى لحظة تجده منضبطاً على الساعة الخارجية، والفراغ الحكومي قد يفتح الباب لأن يكون لبنان جزءاً من حالة المنطقة والفوضى الموجودة فيها.
نصرالله
هذا الوضع الحكومي، سيكون أحد فصول الخطاب الذي سيلقيه الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله في الاحتفال الكبير الذي يقيمه الحزب مساء الثلاثاء المقبل في الضاحية الجنوبية بمناسبة «عيد الانتصار»، حيث سيؤكد نصرالله على التعجيل في تشكيل الحكومة، وفق معايير موحدة وتحت عنوان الوحدة الوطنية وتمثيل كل المكونات.
وقالت مصادر الحزب لـ«الجمهورية» انّ نصرالله سيشدد بداية على معاني الانتصار والتشديد على العبر التي استفيدت منه، اضافة الى التأكيد على الوحدة الوطنية ومعانيها وضرورتها. الى جانب الوضع الاقليمي، سواء المتصل بالتهديدات الاسرائيلية حيث سيوجّه نصرالله رسالة في اتجاهات مختلفة بأننا كما تمكنّا من الانتصار على اسرائيل في حرب تموز نستطيع الانتصار عليها في اوقات اخرى، وان قوة «حزب الله» هي افضل واكبر بكل المقاييس مما كانت عليه في اي وقت آخر. وانّ استعداداته دائمة لمواجهة اي عدوان اسرائيلي. كما سيتطرق نصرالله الى الميدان السوري من خلال التأكيد على انتصار محور المقاومة، مع الاشارة الى انّ بقاء عناصر الحزب في سوريا او سحبها منه يتمّ بالتنسيق مع الرئيس بشار الاسد. مع الاشارة ايضاً الى انّ ما جرى ويجري من إعادة انتشار لمقاتلي الحزب في سوريا، سواء إعادة بعضهم الى لبنان، او انتقال آخرين بدلاء عنهم، او انتقالهم في سوريا الى أماكن أخرى ما هي سوى أمور روتينية لا أكثر ولا أقل.
اللواء
المأزق الحكومي يُذهِل الرؤساء: ماذا يجري وإلام؟
فريق العهد ينفي ربط التعطيل بمعركة الرئاسة المقبلة.. و«تشريع الضرورة» يتقدَّم
مع بدء العدّ التنازلي لاجتماعات نيويورك التي يساهم فيها لبنان، على مستوى رئيس الجمهورية، والاستعدادات القائمة في مجلس الأمن الدولي تمديد انتداب قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل) الأسبوع المقبل لفترة عمل جديدة، بعد وصول القائد الجديد لهذه القوة الجنرال ستيفانو دل كول، والذي أعلن انه بعد صدور القرار1701 عام 2006، جاء من أجل «التوصل إلى وقف دائم لاطلاق النار» بعد 12 سنة من الهدوء المستتب..
مع بدأ العد التنازلي هذا، بدا التسابق على اشده بين الإستحقاق الدولي المشار إليه والمحاولات المؤجلة للتغلب على العقد التي تحول دون تأليف الحكومة، والتي «مازالت هي هي، وتتعلق بالحصص والاحجام» على حدّ تعبير الرئيس نبيه برّي، الذي لاحظ انه «إذا وجد التدخل «الخارجي» فإنه بسبب استجراره من الداخل».
وتساءلت مصادر دبلوماسية: الا يُشكّل تأخير تأليف الحكومة إلى أيلول، رسالة غير إيجابية تجاه دول العالم، حيث كان المأمول مطالبة المجتمع الدولي من خلال حكومة تحصل على ثقة المجلس النيابي، وتتحرك من أجل توفير مظلة دولية لإعادة النازحين السوريين، وتحريك مساعدات مؤتمر سيّدر، ووقف الاعتداءات الإسرائيلية اليومية في الجنوب والنهوض بورشة إعادة بناء البنى التحتية، وتحريك الاقتصاد.
على أن الأخطر، وسط هذا السباق، الذهول الذي يُبديه الرؤساء المعنيون بالمأزق الحكومي. وما يلمسه زوّار هؤلاء عن ذهول، يدفع بهم للتساؤل عن الأسباب التي تحول دون تأليف الحكومة، وسط تساؤلات أيضاً عن المدى الذي يُمكن ان يمكث فيه هذا المأزق؟
حكوميا لم تستبعد اوساط مطلعة ان يشهد الملف الحكومي بعض الحركة في الساعات الثماني والاربعين المقبلة لأن الجمود الذي حصل يستدعي قيام حركة وقد لا يعني ذلك انها ستؤدي الى تشكيل الحكومة. ولفتت الى ان الاجتماع الثلاثي الذي ضم الوزيرين ملحم رياشي وغطاس خوري والنائب وائل ابو فاعور كان البداية لها.كما رأت ان كلام الرئيس المكلف سعد الحريري امس حمل في طياته بعض الاشارات. ورأت ان الجو اكثر مريحا.
ونفت المصادر ما تردد عن دور فرنسي في الملف الحكومي مؤكدة انه في الزيارة الاخيرة للسفير الفرنسي الى قصر بعبدا تم التطرق الى زيارة الرئيس الفرنسي الى لبنان اما في الملف الحكومي فاستفسر السفير عن الملف وقال له الرئيس عون ان هناك جهودا تبذل وقال السفير انه من المهم ان تشكل الحكومة لترجمة القرارات بشأن دعم لبنان.
فريق العهد
والأبرز، على صعيد التشنجات استنفار فريق العهد، دفاعاً عن الرئاسة الأولى، وللرد على ما وصفته مصادر الرئاسة الأولى وجود جو يتعزز في البلاد عن ان أحد أسباب تعطيل الحكومة هو معركة رئاسة الجمهورية.
وقالت ان البعض ذهب الى حد تسمية الوزير جبران باسيل وكأنه الرئيس البديل او من تتحضر المعارك لأجله مستغربة لجوء البعض الى التركيز على هذه النقطة متجاهلين اسباب وعقد اخرى أساسية تقف وراء عدم تشكيل الحكومة خصوصا ان موضوع رئاسة الجمهورية طرح حتى ما قبل الانتخابات النيابية ولاسيما في معرض الحديث عن الاقضية الاربعة في دائرة الشمال الثالثة البترون الكورة زغرتا وبشري حيث وصفت يومها بأنها مواجهة مرتبطة بالاستحقاق الرئاسي لأنها تضم 3 اسماء مرشحة للرئاسة وهم الوزير جبران باسيل والنائب السابق سليمان فرنجية والدكتور سمير جعجع ما يعني ان الحديث عن الاستحقاق الرئاسي افتعل منذ تلك الايام وبالتالي فان التأخير في تشكيل الحكومة لا يتعلق بالحديث عن الرئاسة.
وقالت الاوساط نفسها: اللافت ان الجهات نفسها التي صورت في حينه معركة الدائرة الثالثة انها معركة رئاسية والفائز فيها مرشح رئاسي قوي هي نفسها التي تربط بين موضوع الحكومة والاستحقاق الرئاسي الذي لا يزال له اكثر من 4 سنوات و3 اشهر.كذلك استغربت كيف توجه الانتقادات الى دور رئيس الجمهورية بشكل او بآخر في ما يتعلق بالترابط بين الحكومة والرئاسة سائلة كيف يمكن لرئيس الجمهورية الذي لا يزال في بداية عهده ان يعرقل تشكيل الحكومة لسبب الاستحقاق الرئاسي الذي لا يزال بعيد المدىِ وخلصت الى الاعتقاد بأن رمي موضوع الاستحقاق الرئاسي في سوق اسباب تعطيل تشكيل الحكومة هدفه صرف الانظار عن العقد الأساسية وهو حلقة من حلقات استهداف العهد ومحاولة لذر الرماد في العيون.
وصدر عن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بيان جاء فيه: «إن الذين يقفون وراء الحملات المعادية للعهد من سياسيين وإعلاميين معروفة هويتهم السياسية وإفلاسهم الفكري. أما نحن سنكمل مسيرتنا الداعمة للعهد، ليس من أجل الرئيس عون فقط، بل من اجل لبنان وجميع اللبنانيين، إيمانا منا بأن عهد الرئيس عون يشكل فرصة إستثنائية للبنان لن تتكرر ولن نسمح بتفويتها». وفي سياق متصل بأزمة التأليف، قالت مصادرنيابية شاركت في لقاء الاربعاء لـ«اللواء»: ان كل هذه الامور دفعت رئيس المجلس نبيه بري مجدداً لطرح فكرة عقد جلسة تشريعية من باب «تشريع الضرورة»، اذا تأخر تشكيل الحكومة، لدرس واقرار الاقتراحات والمشاريع التي انتهت اللجان النيابية من درسها واحالتها الى الهيئة العامة.
واوضحت المصادر ان احد النواب طرح على الرئيس بري امكانية الدعوة لعقد جلسة نيابية للتشاور في مجمل التطورات ومنها الوضع الحكومي والخطوات الممكن ان تدفع باتجاه تسريع التشكيل، لكن بري استمع ولم يُعلّق تحاشيا لأي تفسير خاطيء، لكنه ابدى ارتياحه لانطلاق عمل اللجان النيابية بوتيرة سريعة ومنتجة، ولحماس النواب وخاصة الجدد منهم لجلسات التشريع. وفي الموضوع الحكومي، ابلغ الرئيس بري ان اخر كلام سمعه من الرئيس الحريري منذ مدة انه متفائل بقرب التشكيل وان الامورماشية، لكننا لم نلمس شيئا على ارض الواقع.
وفي هذا المجال قال عضوكتلة التحرير والتنمية النائب الدكتورميشال موسى لـ«اللواء» ان الرئيس بري لم يحدد موعداً للمهلة التي سيعطيها لاتصالات تشكيل الحكومة، لكنه اصر على انه لا يجوز تعطيل المجلس خاصة مع وجود عدد كبير من الاقتراحات والمشاريع المهمة. واكد رداعلى سؤال حول ما تردد عن انزعاج الرئيس المكلف سعد الحريري وتفضيل بعض الكتل عدم انعقادالجلسة حتى لا تفسر على انها موجهة ضد الحريري؟ قال موسى: ان الجلسة اذا انعقدت لن تكون موجهة لا بوجه الرئيس المكلف ولا ضد اي طرف، لكن هناك ايضا مشكلة عدم جوازتعطيل مجلس النواب ومصالح الدولة والمواطنين فترة طويلة بانتظار تشكيل الحكومة، وليس هناك ما يمنع من عقدجلسة لتشريع الضرورة بوجود حكومة تصريف اعمال اذا اقتضت المصلحة ذلك.
وقال الوزير ملحم الرياشي: «يمكن للوزير جبران باسيل أن يلتقي يوميا برئيس الجمهورية، وما حدث أثناء لقائي بالرئيس هو أنه أخبرني، بما معناه، رغبته بتسمية نائب رئيس حكومة وأنا أبلغته أن لا مشكلة إطلاقا بهذا الأمر لدى الدكتور جعجع»، مضيفاانه «من المعيب أن لا نتمثل وفقا لحجمنا ولن نتنازل عن حقنا، وللتيار «الوطني الحر» الحرية ليقول ما يريد ولكن ليس هو من يشكل إنما الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية». واشار في حوار مع محطة mtv ليل أمس الى ان رئيس الحكومة «تبلغ اننا لن نركز على حقيبة محددة بين حقيبتي الدفاع أو الخارجية، وقلنا له إختر لنا أي واحدة منهما وذلك لنسهل تشكيل الحكومة»، لافتا الى ان هناك «إعلان نوايا صادق والدليل أن الوجدان المسيحي تصالح، ووحدة الحالة التي نشأت بين «القوات» و»التيار» أعادت التوازن الى الساحة المسيحية وملتزمون بعدم تحويل الإختلاف الى خلاف».
والكهرباء والمولدات
حياتياً، وفي الوقت الذي بدأت فيه الباخرة «اسراء سلطان»، منذ التاسعة من مساء أمس الأوّل إنتاج الطاقة الكهربائية بعدما وصلت إلى شاطئ الذوق من الجية مساء الاثنين الماضي، استمرت عقد تأمين التيار الكهربائي على حالها، فبعد إصرار أصحاب المولدات على رفض تركيب العدادات، والالتزام بالأسعار الشهرية التي تحددها وزارة الطاقة، على ان تبدأ مصلحة حماية المستهلك، بتنفيذها اعتبار من مطلع ت1 المقبل.
المصدر: صحف