منذ إعلان التهدئة المزعومة قبل أكثر من شهرين، تصاعدت وتيرة التحركات الدولية فيما يخص الملف اليمني… كيف بدأت هذه التحركات، وماذا حققت طيلة هذه الفترة؟ وكيف استكملت هذه التحركات العدوان على اليمنيين؟
أتت التحركات الدولية المتفاعلة إزاء الملف اليمني في سياق رسم سيناريوهات وتكتيكات جديده لمحاولة تحقيق اهداف العدوان على اليمن بعد الفشل الذريع الذي أصيب به قوى العدوان منذ أكثر من عام.
باكورة التحركات الدولية تمثلت بزيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى السعودية، في الواحد والعشرين من نيسان/أبريل الماضي، حيث التقى يومها بالملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز. كتبت الصحف السعودية الكثير عن القمة السعودية-الأميركية، لكن ماذا أفرزت القمة؟ النتائج ظهرت سريعاً: احتلال حضرموت بصورة مباشرة، وعودة القوات الأميركية إلى قاعدة العند الجوية، وتوزيع بعض عناصر القاعدة وداعش المتواجدة في الجنوب إلى جبهات المواجهات ضد الجيش واللجان الشعبية.
بعد ذلك بأسابيع كانت السعودية على موعد مع زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري. أجرى الوزير الأميركي لقاءات مع عدة مسؤولين سعوديين كمان أن لقاءاته شملت الأجهزة الأمنية. ومن نتائج زيارة كيري كان تحريك الورقة الاقتصادية بمحاولة رفع الدولار ورفع الاسعار وتحريك بعض الخلايا الأمنية الإجرامية وكذا تحريك بعض الاوراق الجديدة السياسية والإعلامية التي مهمتها شن حملات إعلامية ضد أنصار الله بواسطة الشائعات والأكاذيب والسعي لخلخلة الجبهة الداخلية الصامدة، والتي لم تتزعزع إزاء موقفها الرافض للعدوان.
لاحقاً، عملت الولايات المتحدة الأميركية على إدخال ورقة دولية جديدة كانت تدخرها إلى هذه المرحلة. هذه المرة كانت دولة قطر هي الورقة. أعطت الولايات المتحدة الأميركية قطر مؤخراً دوراً محورياً في الملف اليمني. وترجم هذا الدور في التدخلات الكبيرة والمؤثرة في مفاوضات الكويت ومحاولة افشالها وإفشال دور الكويت في السعي إلى حلول حقيقية كما أعطتها بعضاً من النفوذ في جنوب اليمن من خلال تشكيل مجموعات مسلحة لها هناك وتقاسم النفوذ الأمني مع الإمارات.
ولعبت منظمة الأمم المتحدة دوراً داعماً وبشكل رئيسي لقطر، حيث زار أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون قطر وعقد جلسة مغلقة مع أمير قطر و الرئيس اليمني المستقيل عبدربه منصور هادي.
ورغم محاولات إفشال محادثات الكويت، قدم الوفد الوطني اليمني سلسلة مقترحات وحلول منطقية وعادلة لوقف العدوان على اليمن، وقف وفد الرياض وخلفه السعودية والولايات المتحدة موقف العاجز عن تقديم أي رد عليها. وسرعان ما جاءت زيارة وزيري الخارجية والدفاع لبريطانيا إلى الخليج، وعقدا اجتماعات مع الرؤساء والملوك ووزراء الدفاع الخليجيين، وأيضاً مع المبعوث الأممي ولد الشيخ الذي زاره إلى الكويت لتنتج بعض الامور فيما يخص الموضوع اليمني.
وطبخت الرؤية السياسية من قبل الأميركيين والبريطانيين والسعوديين، فخرج ولد الشيخ ليقدمها على أساس أنها رؤية أممية مفروض على الوفد الوطني تحقيقها “وهي نفس أهداف العدوان السعودي المعلنة منذ بداية العدوان”. وجاء بيان القوى الوطنية في الكويت لرفض اي مبادرة خارج التوافق كضربة استباقية لإفشال مساعي العدوان بفرضها ثم تلاها مؤتمر صحفي للأحزاب السياسية في صنعاء لدعم موقف الوفد الوطني في الكويت.
في هذا الوقت كانت بريطانيا تبرم عدة صفقات مع بعض دول الخليج، والتي منها اتمام صفقة بريطانية مصرية برعاية خليجية، تسلمت بموجبها مصر بارجة حربية بحرية، وصرّح بعض الخبراء العسكريين المصريين أن مهمة هذه البارجة هو تأمين الحماية لباب المندب.
التحركات الدولية المتلاحقة، لا تنفصل عن الزيارة الأخيرة لمحمد بن سلمان إلى واشنطن. حضر الملف اليمني كملف رئيسي في الأمور التي تمت مناقشتها مع أجهزة المخابرات الأميركية والمسؤولين السياسيين في البيت الابيض، وعلى رأسهم أوباما.
بموازاة هذه الزيارة كانت الولايات المتحدة الأميركية تعلن عن قوات أميركية جديدة الى اليمن مهمتها متابعة الوضع الامني في اليمن وايجاد عملاء جدد لبلادها، وكذا دعم قوات العدوان والاشراف على تحركاتهم العسكرية ضد الجيش واللجان الشعبية في مختلف جبهات المواجهة كما تم وصول قوات احتلال اماراتية جديدة الى حضرموت.
وبعد وصول هذه القوات بيوم إلى قاعدة العند الجوية أعادت عناصر ما تسمى القاعدة وداعش انتشارها في محافظة ابين وسيطرتها على كل المؤسسات الحكومية ونصب نقاط لها هناك.
وخلال تواجد محمد بن سلمان في الولايات المتحدة، طار وزير الحرب الصهيوني أفيغدور ليبرمان إلى واشنطن للقاء الأمير السعودي، في أجواء ما تنشره صحافة العدو دورياً عن تطور العلاقة بين الجانبين. ولكن ماذا بعد زيارة ليبرمان؟
تم الإعلان عن بناء أكبر برج رصد للعدو الاسرائيلي في أرتيريا لمراقبة باب المندب والبحر الأحمر، واستعانت السعودية بشركة أمنية اسرائيلية “مجال جروب فور” لتفجير وتفخيخ الحدود بعد انسحاب القوات السعودية منها، لتشكل عائقاً أمام الجيش واللجان الشعبية في أي محاولة لتقدمهم في عمق الاراضي السعودية في أي مواجهات قادمة.
والتقى محمد بن سلمان بأمين عام الامم المتحدة بان كي مون لبحث الملف اليمني وكان الاجتماع لإصدار قرار ضد الوفد الوطني واتهامه بعرقلة الحوار أو محاولة فرض رؤية العدوان السياسية، استنادا الى افادة ولد الشيخ مؤخراً. وهنا كان الاجتماع للأحزاب السياسية في اليمن أوصلت من خلاله رسالة مفادها عدم القبول بأي رؤية تفرض وان الحسم العسكري لن يكون في صالح العدوان واليمن أقوى من أي وقت مضى.
توضح التصريحات الإسرائيلية حول العلاقة مع النظام السعودي وقبله فتح الإمارات قنصلية للعدو الصهيوني دليل على حقيقة أهداف العدوان على اليمن، وما السعودية والامارات إلا أدوات لتنفيذ المؤامرات الأميركية الإسرائيلية على المنطقة وما يحدث في اليمن جزء من شأنه أن يكشف ذلك. هذا جزء بسيط من التحركات الدولية التي تكشف حقيقة المؤامرات على اليمن في ظل ما يسمى بالتهدئة المزعومة لنبقى في حالة يقظة وحذر واستعداد دائم لأي تطورات ميدانية قد تحدث قريباً.