نص الخطبة:
في الثالث من شعبان من السنة الرابعة للهجرة الموافق لـ 7 / 1 / 626 م كانت ولادة الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهما السلام ) في المدينة المنوّرة وكانت شهادته : في العاشر من شهر محّرم الحرام سنة 61 هجرية في كربلاء حيث مدفنه ومقامه الشامخ، وبذلك تكون مدّة عمره : 56 عاماً و خمسة أشهر تقريبا .و هو ثالث الأئمة الاثنى عشر من أئمة أهل البيت ( عليهم السلام )، وخامس أصحاب الكساء ، و كذلك خامس المعصومين الأربعة عشر.
ألقابه : سيد الشهداء ، ثار الله ، الوتر الموتور ، أبو الأحرار.
كنيته : أبو عبد الله ، سبط رسول الله.
أبوه : الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام).
أُمه : سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء ( عليها السَّلام ) بنت رسول الله ( صلى الله عليه و آله).
وجده رسول الله محمد بن عبد الله( صلى الله عليه و آله).
لقد عاش الحسين في كنف جده المصطفى ست سنوات، وكانت هذه السنوات على قلتها حافلة بالوقائع والمواقف والكلمات التي عبر فيها رسول الله(ص) عن حبه وتعلقه ورعايته الخاصة بالحسين وأخيه الحسن، كما كانت كافية ليكشف فيها رسول الله عن مكانة الحسين وأخيه الحسن(ع) ومنزلتهما وعلو مقامهما وإمامتهما للمسلمين.
وقد ورد في كتب السنة والشيعة العديد من النصوص والروايات التي بيّن فيها النبي(ص) مكانة الحسين ( عليه السَّلام )وموقعه في الاسلام ولدى رسول الله(ص) وفي الأمة.
1- ففي صحيح البخاري : كتاب الأدب ، في باب رحمة الولد و تقبيله و معانقته ، رَوى بسنده عن ابن أبي نعم ، قال : كنت شاهداً لإبن عمر عندما سأله رجلٌ عن دم البعوض .
فقال : ممن أنت ؟
فقال : من أهل العراق
قال : انظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوض و قد قتلوا ابن النبي صلى الله عليه ( و آله ) وسلم ، و سمعت النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم يقول : هما ريحانتاي من الدنيا.
2- وفي سنن البيهقي : 2 / 263 ، رَوى بسنده عن زر بن حبيش . قال : كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ذات يوم يصلي بالناس ، فأقبل الحسن و الحسين عليهما السلام و هما غلامان فجعلا يتوثبان على ظهره إذا سجد ، فأقبل الناس عليهما ينحونهما عن ذلك . قال : دعوهما بأبي وأمي، من أحبني فليُحبَّ هذين.
3- و في كفاية الأثر ص:36 قال(ص): الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا.
4- وفي مستدرك الصحيحين : 3 / 166 : رَوى بسنده عن سلمان .قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه ( و آله ) و سلم يقول : الحسن و الحسين ابناي ، من أحبهما أحبَّني ، و من أحبني أحبه الله ، و من أحبه الله أدخله الجنة ، و من أبغضهما أبغضني ، و من أبغضني أبغضه الله ، و من أبغضه الله أدخله النار.
قال : هذا الحديث صحيح على شرط الشيخين.
5- وفي كشف الغمة ، ج ۱ ، ص ٥۰٦.عن علي عليه السلام : دخلت يوماً منزلي فإذا رسول الله صلّى الله عليه وآله جالس والحسن عن يمينه ، والحسين عن يساره ، وفاطمة بين يديه ، وهو يقول : يا حسن ويا حسين ، أنتما كفّتا الميزان وفاطمة لسانه ، ولا تعدل الكفّتان إلّا باللسان ، ولا يقوم اللسان إلّا على الكفتين … أنتما الإمامان ولأمّكما الشفاعة (.
6- وفي صحيح الترمذي : 2 / 307 ، رَوى بسنده عن زر بن حبيش عن حذيفة قال : سألتني أمي متى عهدك ؟ تعني بالنبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم .
فقلت : ما لي به عهد منذ كذا كذا ، فنالت مني .
فقلت لها : دعيني آتي النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم فاُصلي معه المغرب وأسأله أن يستغفر لي ولك ، فأتيت النبي صلى الله عليه ( و آله ) وسلم ، فصليت معه المغرب فصلى حتى صلى العشاء ، ثم انفتل فتبعته فسمع صوتي .
فقال : من هذا ، حذيفة ؟
قلت : نعم .
قال : ما حاجتك غفر الله لك ولأمك ؟
قال : إن هذا مَلَكٌ لم ينزل الأرض قط قبل هذه الليلة استأذن ربه أن يسلم علّي و يبشرني بأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة و إن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة .
7- وفي كفاية الأثر: ص45 عن سلمان الفارسي أنّه قال: دخلتُ على رسولِ اللَّه وعندهُ الحسنُ والحسينُ يَتَغَذَّيَانِ والنَّبِيُّ يضعُ اللُّقْمَةَ تارَةً في فم الحسن وتارةً في فم الحسين فلمَّا فرغا من الطَّعَامِ أَخذَ رسولُ اللَّه الحسن على عاتقه والحسينَ على فخذهِ، ثُمَّ قال لي: يا سلمانُ أَتحِبُّهُمْ؟ قلت: يا رسولَ اللَّهِ كيف لا أُحِبُّهُمْ ومكانُهُمْ منكَ مكَانُهُمْ! قال: يا سلمانُ منْ أَحَبَّهُمْ فقدْ أَحبَّنِي، ومنْ أَحبَّنِي فَقَدْ أَحبَّ اللَّهَ. ثُمَّ وضعَ يدهُ على كتف الحسين فقال: إِنَّهُ الإمام ابنُ الإمام تسعةٌ من صُلْبِهِ أَئِمَّةٌ أَبرارٌ أُمناءٌ معصومُونَ والتَّاسعُ قَائِمُهُم.
8- وفي صحيح الترمذي : 2 / 307 ، في مناقب الحسن و الحسين عليهما السلام ، روى بسنده عن يعلى بن مرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه ( و آله ) و سلم : حسين مني و أنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً حسين سبط من الأسباط .
9- وفي مستدرك الصحيحين : 3 / 176 ، رَوى بسنده عن شداد ابن عبد الله عن ام الفضل بنت الحارث ، إنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه ( و آله ) و سلم فقالت : يا رسول الله إني رأيت حلماً منكراً الليلة .
قال : و ما هو ؟
قالت : إنه شديد.
قال : و ما هو ؟.
قالت : رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت ووضعت في حجري .
فقال رسول الله صلى الله عليه ( و آله ) و سلم : رأيت خيراً ، تلد فاطمة ان شاء الله غلاماً فيكون في حجرك فولدت فاطمة سلام الله عليها الحسين عليه السلام فكان في حجري كما قال رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم .
فدخلت يوماً على رسول الله صلى الله عليه ( و آله ) وسلم فوضعته في حجره ثم حانت مني التفاتة فاذا عينا رسول الله صلى الله عليه ( و آله ) وسلم تهريقان من الدموع .
قالت : فقلت : يا نبي الله بأبي انت و امي ـ ما لك ؟.
قال : أتاني جبريل فاخبرني إن امتي ستقتل ابني هذا .
فقلت : هذا ؟.
فقال : نعم ، و أتاني بتربة من تربته حمراء
قال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين
10- وفي صحيح الترمذي : 2 / 306 ، في مناقب الحسن و الحسين عليهما السلام ، رَوى بسنده عن سلمى .قالت : دخلت على ام سلمة و هي تبكي ، فقلت ما يبكيك ؟
قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه ( و آله ) و سلم ـ تعني في المنام ـ و على رأسه ولحيته التراب ، فقلت : ما لك يا رسول الله ؟
قال : شهدت قتل الحسين آنفاً
الى غير ذلك من الاحاديث والمواقف التي اطلقها النبي بحق الحسين وأخيه الحسن (ع) والتي تدل على فضلهما وإمامتهما وإمامة التسعة المعصومين من ذرية الإمام الحسين عليهم السلام .
إن هذا السلوك النبوي تجاه الحسن والحسين عليهما السلام ، وهذا التكريم الرسالي لهما ، وتلك المواقف الكبيرة بحقهما ، لم تكن بدافع القرابة والعاطفة ، ولا هي ناتجة عن مصالح وأهواء شخصية من النبي(ص) ، لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يكن ينطلق في سلوكه وفي مواقفه من منطلقات عاطفية ولا من منطلق المصالح والأهواء الشخصية وانما كان (صلى الله عليه وآله وسلم) ينطلق في ذلك كله من موقعه في هذا الدين وينظر الى مصلحة الدين ومستقبل الرسالة ومستقبل الأمة، لأن النبي(ص) كما قال تعالى في القرآن: ” وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى ” فكلماته ومواقفه كلها وحي إلهي.
إن إظهار هذه المواقف بصورة علنية وفي الوسط الإسلامي العام وحتى من على المنبر أحيانا كان له هدف أسمى وأبعد من إظهار المحبة والمودة فقط للإمامين الحسنين .
لقد كان لهذه المواقف دلالات واهداف بعيدة المدى ترتبط بمستقبل هذا الدين وبمستقبل الأمة بعد رسول صلى الله عليه وآله وسلم . ولعل من أبرز تلك الدلالات والأهداف :
أولاً : أن النبي صلى الله عليه وآله قد بثّ في الحسنين من العلوم والمعارف والأخلاق والحكمة . وربّى فيهما من المؤهلات ما يجعلهما جديرين بمقام الخلافة والقيادة وهداية الأمة بعده .
ثانياً :إعداد المسلمين نفسياً ووجدانياً لقبول إمامة الحسن والحسين عليهما السلام وسائر الأئمة عليهم السلام وإظهار أحقيتهم في خلافة النبي وقيادة الأمة من بعده مهما كانت الظروف .
ثالثاً : إيجاد المناخ النفسي الملائم لدى الأمة من أجل أن لا تستسلم أمام محاولات الابتزاز لحقها المشروع في الاحتفاظ بقيادتها الإلهية التي فرضها الله لها ، أو على الأقل أن لا تتأثر بعمليات التشويه التي قد تتعرض لها القيادة الشرعية بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
رابعاً : بيان حجم الجريمة التي سترتكب بحق الحسين وأنها جريمة كبيرة لا تمس الحسين وأهلبيته وأصحابه وحدهم وانما هي جريمة بحق النبي نفسه وفيها هتك وتطاول على حرمة النبي نفسه.
وخامسا: توجيه الأمة للارتباط بالحسن والحسين وسائر الأئمة عليهم السلام ، ارتباطاً عقيدياً وليس مجرد ارتباط عاطفي أو نفسي او قلبي . أي أن يكون ارتباطنا بهم ارتباط الولاء لهم ، وارتباط الطاعة وارتباط الاتباع والعمل والقيادة ، أن يكونوا قدوة وأسوة لنا نهتدي بهم ونتعلم منهم قضايا الفكر والعقيدة والتشريع والأخلاق وكل المعاني السامية التي عاشوا من أجلها وضحوا واستشهدوا في سبيلها .
علينا ان تكون شخصيتنا كشخصيتهم وإيماننا كإيمانهم وعبادتنا كعبادتهم وأخلاقنا كأخلاقهم وسلوكنا كسلوكهم وجهادنا كجهادهم نتحمل مسؤوليتنا في كل الظروف وفي مواجهة كل التحديات التي تفرض علينا ولا نخاف في الله لومة لائم.
الانتصار الكبير الذي حققه الجيش السوري وحلفاؤه في الغوطة الشرقية أشعر الولايات المتحدة ومعها السعودية بالفشل والخسارة والهزيمة؛ لأن جيش الاسلام الذي اندحر في الغوطة هو صنيعة سعودية أمريكية وكانوا يراهنون عليه في تطويق العاصمة دمشق وتهديد النظام بشكل مباشر.
ولأنهم لم يقدروا على تحمل هذه الخسارة الكبيرة والهزائم المتتالية التي مني بها مشروعهم في المنطقة هو قاموا بالعدوان الثلاثي على سوريا بتمويل سعودي وتحريض إسرائيلي، والهدف الأساسي هو عرقلة أي تقدم للجيش السوري، وإعطاء جرعة معنوية للمسلحين، ومنع المزيد من الانهيارات في صفوفهم.
ولكن هذا العدوان فشل في تحقيق هذا الهدف وغيره من الأهداف، فالانهيارات في صفوف الارهابيين تتالى في القلمون الشرقي واليرموك وغيرها.. وفشل العدوان عسكرياً وسياسياً، فهو على المستوى العسكري نتيجته صفر، وعلى المستوى السياسي عقّد مسار الحل السياسي ومسار جنيف الذي يطالبون به.
بل إن العدوان جاء بنتائج عكسية عما كان يريده الأمريكي، حيث عزز شعبية النظام السوري وأظهر ضعف الولايات المتحدة وعجزها عن خوض حرب كبيرة في سوريا لأن أي حرب في المنطقة ستكون كلفتها باهظة وستعرض كل الوجود الأمريكي في المنطقة لأخطار حقيقية.
ولذلك بلع ترامب كل عنترياته وتغريداته وتهديداته بعدما انكشف له أن أقصى ما يمكن أن يقوم به هو أن يحفظ هيبة أميركا وماء وجهه بعدوان استعراضي لا يغير في المعادلات الميدانية ولا في موازين القوى.
واليوم بعدما فشلوا في العدوان وفي مشروع تطويق العاصمة، وبعدما بات الجيش السوري يتقدم على أكثر من محور انتقلوا إلى مخططات جديدة حيث يجري الحديث اليوم عن محاولة السيطرة على منطقة الجنوب وإقامة حكم ذاتي فيها للارهابيين، وربما يكون الهدف الرئيسي من ذلك هو تحويل هذه المنطقة الى حزام أمني لإسرائيل، اسرائيل التي تشعر اليوم بالخطر وتعيش قلقاً واستنفاراً كبيراً خوفاً من الرد الايراني على عدوانها على مطار التيفور.
أميركا لم تعد تملك حرية أن تتصرف كيفما تشاء في المنطقة وحساباتها باتت معقدة. كما ان الاسرائيلي يعرف بأن عدوانه على التيفور لن يمر بدون رد، هناك معادلات ميدانية وسياسية باتت تحكم سوريا والمنطقة ولم يعد باستطاعة الأميركي والاسرائيلي والسعودي كسرها أو تجاوزها..
المصدر: موقع المنار