قبل أن نزرع النواب ونحصد النوائب! – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

قبل أن نزرع النواب ونحصد النوائب!

انتخابات
أمين أبوراشد

 

أما وقد أقفلت أبواب الترشيحات على 976 مرشحاً، بينهم 111 سيدة، فإن الأمر قد تخطَّى الوفرة الى الطفرة، ومهما بلغ عدد المُنسحبين خلال المهلة القانونية، فإن المشكلة هي في كيفية إنضواء الماضِين منهم في السباق الإنتخابي ضمن لوائح، طالما أن الأحزاب المعروفة في لبنان لا يبلغ عددها أصابع اليدين، ولديها مرشَّحوها وبعضها أعلنت عن تحالفاتها، وانضمّ إليها مُستقلُّون من خطِّها السياسي.

976 مرشحاً، اغلبيتهم من المستقلِّين، المُلزمين بالإنضواء ضمن لوائح، ولا تجمع بينهم سوى الرغبة بالوصول الى ساحة النجمة – وهذا حق كل لبناني يتمتع بالأهلية – ويجمع بينهم أيضاً الخطاب الإنتخابي المُنتقِد لكل آخر، والبرامج الكلامية التي اعتاد عليها اللبنانيون في كل موسم انتخابات.

لبعض هؤلاء المُستقلِّين الطامحين، الذين يَعِدون اللبنانيين بالمَنّ والسلوى، نروي حكاية مغترب لبناني بقاعي، أعلن ترشيحه للإنتخابات في فترة السبعينات، ووزَّع في القرى وعلى أبواب الدكاكين برنامجه الإنتخابي من أربعة عشر بنداً، تتضمن رغباته الإصلاحية في مجالات الزراعة والمياه والكهرباء والطرقات، إضافة الى الإستشفاء والطبابة والتعليم وخلق فُرص العمل، وأنهى برنامجه بالفقرة التالية:
“وإذا حَنَثتُ يا أهلي بوعودي، فارجموني حتى الموت في إحدى ساحات قُرانا الحبيبة”!

ومنذ ما قبل السبعينات، واللبنانيون “على الوعد يا كمُّون”، لكنهم ما رجموا نائباً ولا قاطعوا انتخابات، رغم أن البنود الأربعة عشر التي نادى بها ذلك المغترب، هي هي، تتكرر برتابة على أفواه وصوليين مستقلِّين ونحن نعيش في عالمٍ يجب أن يُطوَّر نفسه من التبعيَّة للفرد والعشيرة والزعيم الى الحياة الحزبية والبرامج الوطنية والسياسية والتنموية.

وأمام واقع هذا “الإستقتال” غير المسبوق في تاريخ لبنان للوصول الى مقعدٍ نيابي، نتناول فقط جزئيتين: الخطاب الإنتخابي، وكيفية التحالف.

– في الخطاب الإنتخابي، حقُّ المواطن اللبناني على كل مرشَّح، أن يلتزم الحدّ الأدنى من أدبيات مُحاكاة العقول والقلوب، دون تجريحٍ بالآخر ودون مُزايدة على أحد، ودون بيع كلامٍ معلوك، ولتأخذ العملية الإنتخابية مجراها الحضاري، لأننا خلال الأيام التي تفصلنا عن يوم الإقتراع في السادس من أيار، نريد أن نعيش معاً، وبعد صدور النتائج باقون معاُ، ولسنا على استعداد بأن نقبل أن تكون قناعاتنا الوطنية ضحية لمرحلة إنتخابية هي وسيلة لتثبيت خيارات، وليست غاية لإيصال نائبٍ من جماعة “كيفما كان”، وسيرة ومسيرة كل جماعة حزبية هي التي ستكون الحافز لكل من يعتبر نفسه مواطناً مسؤولاً ذا قيمة، وأنه أكبر من “بون البنزين” وورقة “الأخضر الأميركي”.

– في التحالف، نعم لأي تحالف على مستوى الأحزاب التي تجمع بينها الرؤى الوطنية والسياسية، وهو القاعدة البنيوية للحفاظ على وطن متنوِّع الإنتماءات والمشارب، لكن هذا التحالف إن لم يحصل في لحظة إنتخابية آنية، لا يعني أنه من المسموح للتكتيك الإنتخابي أن يخدش الإستراتيجية الوطنية الواحدة، الجامعة لشرائح شعبية لا يعنيها شخص النائب بقدر ما تعنيها المؤسسة الحزبية الأكبر والأشمل من الشخصنة، فكيف سيندمج المرشحون المستقلون ضمن لوائح غير حزبية كي لا يُستبعدوا عن العملية الإنتخابية؟

مئات من المرشحين المستقلين، مع احترامنا لكامل حقوقهم بالترشُّح، ما هي الضمانة في حال فوز بعضهم أن لا يفترقوا على درج المجلس طالما أن تحالفهم فرضه الأمر الواقع وقانون اللوائح، وتحالفهم هذا، هو “رفقة طريق” تنتهي بنهاية العملية الإنتخابية، ومن الآن وحتى يوم الإنتخاب، سنعتبر أن مئاتٍ منهم قد ينسحبون، ولكن سيبقى مئات، والمطلوب منهم استخدام الخطاب الإيجابي الراقي والإبتعاد عن انتقاد الآخرين واعتماد أسلوب يحترم الذات ويحترم الآخرين، لأن “رمي الحرام” على الخصم لن تكون نتائجه إيجابية في قلوب وعقول الناخبين.

نقول هذا لأننا غير مطمئنين الى بعض الطارئين على الحياة السياسية، وأن دخولهم يجب أن يكون من الباب وليس من الطاقة، وبدايتنا معهم ليست مُشَجِّعة لأن حملاتهم أشبه بنفث السموم، ومردودها لن يكون وفق أوهامهم، ولعل أخطر المرشحين على الجو العام في المرحلة التي تفصلنا عن الإنتخابات، هم أصحاب الجيوب العامرة بالأخضر الأميركي لشراء الذمم الذليلة، وأصحاب الألسن السليطة التي تنفث السموم من أجل مقعدٍ نيابي، والشعب اللبناني يمتلك من الوعي الكافي برفض الفئتين، ولن يزرع نواباً ويحصد النوائب في نهاية الموسم…

 

المصدر: موقع المنار